الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القراآت:
لتنبيه على الجمع المخاطب وهكذا لتقولن: حمزة وعلي وخلف.
الباقون بالنون فيهما على التكلم مهلك بفتح الميم واللام: أبوبكر غير البرجمي وحماد والمفضل. وقرأ حفص بفتح الميم وكسر اللام. الباقون بضم الميم وفتح اللام والكل يحتمل المصدر والمكان والزمان أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وأن الناس بالفتح فيهما: عاصم وحمزة وعلي وخلف وسهل ورويس أَإِنَّكُمْ مذكور في «الأنعام» يُشْرِكُونَ بياء الغيبة:
أبو عمرو وسهل ويعقوب وعاصم أَإِلهٌ مثل أَإِنَّكُمْ الريح على التوحيد: ابن كثير وحمزة وعلي وخلف يذكرون بياء الغيبة: أبو عمرو وهشام. الآخرون بتاء الخطاب بل أدرك بقطع الهمزة وسكون الدال: ابن كثير وأبو عمرو وسهل ويعقوب ويزيد المفضل بل ادّرك بهمزة موصولة ودال مشددة: الشموني. الباقون مثله ولكن بألف بعد الدال.
الوقوف:
يَخْتَصِمُونَ هـ الْحَسَنَةِ ج لابتداء استفهام آخر مع اتحاد القائل.
تُرْحَمُونَ هـ مَعَكَ ط تُفْتَنُونَ هـ وَلا يُصْلِحُونَ هـ لَصادِقُونَ هـ لا يَشْعُرُونَ هـ مَكْرِهِمْ ط لمن قرأ. «إنا» بكسر الألف على الاستئناف. أَجْمَعِينَ هـ ظَلَمُوا ط يَعْلَمُونَ هـ يَتَّقُونَ هـ تُبْصِرُونَ هـ النِّساءِ ط تَجْهَلُونَ هـ قَرْيَتِكُمْ ج لاحتمال تقدير لام التعليل يَتَطَهَّرُونَ هـ إِلَّا امْرَأَتَهُ ز لاحتمال أن ما بعده مستأنف والأظهر أنه حال تقديره استثناء امرأته مقدرة في الْغابِرِينَ هـ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ هـ اصْطَفى ط يُشْرِكُونَ هـ ط لأن ما بعده استفهام مستأنف و «أم» منقطعة تقديره بل أمن خلق السموات خير أمّا يشركون وكذلك نظائره ماءً ج للعدول مع اتحاد المقول بَهْجَةٍ ط ولاحتمال الحال أي وقد رد خَيْراً ط الْقِتالُ ط عَزِيزاً هـ ج للآية والعطف فَرِيقاً هـ ج لاحتمال أن يكون ما بعده استئنافا أو حالا تَطَؤُها ط قَدِيراً هـ جَمِيلًا هـ عَظِيماً هـ ضِعْفَيْنِ ط يَسِيراً هـ مرتين لا لأن التقدير وقد أعتدنا كَرِيماً هـ مَعْرُوفاً ج للعطف وَرَسُولِهِ ط تَطْهِيراً هـ لوقوع العوارض بين المعطوفين وَالْحِكْمَةَ ط خَبِيراً هـ عَظِيماً هـ مِنْ أَمْرِهِمْ ط مُبِيناً هـ النَّاسِ ج لاحتمال ما بعده الاستئناف والحال تَخْشاهُ ط مِنْهُنَّ وَطَراً ط مَفْعُولًا هـ لَهُ ط مِنْ قَبْلُ لا مَقْدُوراً هـ لا بناء على أن الَّذِينَ وصف أو بدل إِلَّا اللَّهَ ط حَسِيباً هـ النَّبِيِّينَ ط عَلِيماً هـ.
التفسير:
القصة الرابعة قصة ثمود، والفريقان المؤمن والكافر. وقيل: صالح وقومه قبل أن يؤمن منهم أحد. والاختصام قول كل فريق الحق معي، وفيه دليل على أن الجدال
في باب الدين حق. ومعنى استعجالهم بالسيئة قبل الحسنة أنه تعالى قد مكنهم من التوصل إلى رحمة الله وثوابه فعدلوا إلى استعجال عذابه. وقال جار الله: خاطبهم صالح على حسب اعتقادهم وذلك أنهم قدروا في أنفسهم إن التوبة مقبولة عند رؤية العذاب فقالوا: متى وقعت العقوبة تبنا حينئذ، فالسيئة العقوبة، والحسنة التوبة، و «لولا» للتحضيض أي هلا تستغفرون قبل عيان عذابه لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ بأن يكشف العذاب عنكم. والحاصل أن التوبة يجب أن تقدم على رؤية العذاب ولا يجوز أن تؤخر، وفيه تنبيه على خطئهم وتجهيل لهم قالُوا اطَّيَّرْنا أي تشاء منا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ وكانوا قد قحطوا قالَ طائِرُكُمْ أي سببكم الذي يجيء منه خيركم وشركم عِنْدَ اللَّهِ وهو قضاؤه وقدره أو أراد عملكم مكتوب عنده ومنه ينزل بكم العذاب. ومعنى التطير والطائر قد مر في «الأعراف» وفي «سبحان» . ثم جزم بنزول العذاب بقوله بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ أي تعذبون أو تختبرون أو يفتنكم الشيطان بوسوسة الطيرة. ثم حكى سوء معاملتهم مع نبيهم بقوله وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ يعنى منزلهم المسمى بالحجر وكان بين المدينة والشام تِسْعَةُ رَهْطٍ لم يجمع المميز لأن الرهط في معنى الجمع وهو من الثلاثة إلى العشرة، أو من السبعة إلى العشرة. والتقاسم التحالف فإن كان أمرا فظاهر وإن كان خبرا فمحله نصب بإضمار «قد» أي قالوا متقاسمين. والتبييت العزم على إهلاك العدوّ ليلا. وأشير على الإسكندر بالبيات فقال: ليس من آيين الملوك استراق الظفر. قال في الكشاف: كأنهم اعتقدوا أنهم إذا بيتوا صالحا وبيتوا أهله فجمعوا بين البياتين. ثم قالوا لولاة دمه: ما شهدنا مهلك أهله فإذا ذكروا أحدهما كانوا صادقين لأنهم فعلوا البياتين جميعا لا أحدهما. قلت: إنما ارتكب هذا التكلف لأنه استقبح أن يأتي العاقل بالخبر على خلاف المخبر عنه.
يروى أنه كان لصالح مسجد في الحجر في شعب يصلي فيه فقالوا: زعم صالح أنه يفرغ منا إلى ثلاث، فنحن نفرغ منه ومن أهله قبل الثلاث، فخرجوا إلى الشعب مبادرين وقالوا: إذا جاء يصلي قتلناه ثم رجعنا إلى أهله فقتلناهم فهذا مكرهم، فبعث الله صخرة فطبقت عليهم فم الشعب فلم يدر قومهم أين هم ولم يدروا ما فعل بقومهم، وعذب الله كلا في مكانه ونجى صالحا ومن معه وهذا مكر الله.
وقيل: جاؤا بالليل شاهري سيوفهم وقد أرسل الله الملائكة فدمغوهم بالحجارة يرون الحجارة ولا يرون راميا. من قرأ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ بالفتح فمرفوع المحل بدلا من العاقبة أو خبرا لمحذوف أي هي تدميرهم، أو منصوب على أنه خبر «كان» أي كان عاقبة مكرهم الدمار، أو مجرور تقديره: لأنا وجوز في الكشاف على هذا التقدير أن يكون منصوبا بنزع الخافض. وانتصب خاوِيَةً على الحال والعامل معنى الإشارة في تلك. وإنما قال في هذه السورة وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا موافقة لما بعده فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ وَأَمْطَرْنا وكله على «أفعل» . وقال في «حم السجدة» وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ [فصلت: 18] موافقة لما قبله وما بعده وزينا وقيضنا والله أعلم.
القصة الخامسة قصة لوط وَانتصب لُوطاً بإضمار «اذكر» أو بما دل عليه وَلَقَدْ أَرْسَلْنا و «إذ» بدل على الأول بمعنى مجرد الوقت ظرف على الثاني، ويبصرون إما من بصر الحاسة فكأنهم كانوا معلنين بتلك المعصية في ناديهم، أو أراد ترون آثار العصاة قبلكم، أو من بصر القلب والمراد تعلمون أنها فاحشة لم تسبقوا بمثلها، وعلى هذا فمعنى قوله بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ أنكم تفعلون فعل الجاهلين بأنها فاحشة مع علمكم بذلك، أو أراد جهلهم بالعاقبة، أو أراد بالجهل السفاهة والمجانة التي كانوا عليها. أو الخطاب في قوله تَجْهَلُونَ تغليب ولو قرىء بياء الغيبة نظرا إلى الموصوف وهو قوم لجاز من حيث العربية، وباقي القصة مذكور في «الأعراف» قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ قيل: هو خطاب للوط عليه السلام أن يحمد الله على هلاك كفار قومه ويسلم على من اصطفاه بالعصمة من الذنوب وبالنجاة من العذاب. وقيل: أمر لنبينا صلى الله عليه وسلم بالتحميد على الهالكين من كفار الأمم وبالتسليم على الأنبياء وأشياعهم الناجين، والأكثرون على أنه خطاب مستأنف لأنه صلى الله عليه وسلم كان كالمخالف لمن تقدمه من الأنبياء من حيث إن عذاب الاستئصال مرتفع عن قومه، فأمره الله سبحانه بأن يشكر ربه على هذه النعمة ويسلم على الأنبياء الذين صبروا على مشاق الرسالة. ثم شرع في الدلالة على الوحدانية والرد على عبدة الأوثان، وفيه توقيف على أدب حسن وبعث على التيمن بالحمد والصلاة قبل الشروع في كل كلام يعتد به، ولذا توارثه العلماء خلفا عن سلف فافتتحوا بهما أمام كل كتاب وخطبة، وعند التكلم بكل أمر له شأن. قال جار الله:
معنى الاستفهام «وأم» المتصلة في قوله آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ إلزام وتبكيت وتهكم بحالهم وتنبيه على الخطأ المفرط والجهل المفرط فمن المعلوم أنه لا خير فيما أشركوه أصلا حتى يوازن بينه وبين من هو خالق كل خير ومالكه. قلت: يحمل أن يكون هذا من قبيل الكلام المنصف.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قرأها قال: بل الله خير وأبقى وأجل وأكرم.
ثم عدل عن الاستفهام بذكر الذات إلى الاستفهام بذكر الصفات مبتدئا بما هو أبين الحسيات فقال: أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وإنما قال هاهنا وَأَنْزَلَ لَكُمْ واقتصر في إبراهيم على قوله وَأَنْزَلَ [إبراهيم: 32] لأن لفظة لَكُمْ وردت هناك بالآخرة، وليس قوله ما كانَ لَكُمْ مغنيا عن ذكره لأنه نفي لا يفيد معنى الأول. ومعنى الالتفات من الغيبة إلى التكلم في قوله فَأَنْبَتْنا تأكيد معنى اختصاص الإنبات بذاته لأن الإنسان قد يتوهم أن له مدخلا في ذلك من حيث الغرس والسقي. والحدائق جمع حديقة البستان عليه حائط من الإحداق والإحاطة. والبهجة الحسن والنضارة لأن الناظر يبتهج به. وإنما لم يقل ذوات بهجة على الجمع لأن المعنى جماعة حدائق كما يقال: النساء ذهبت. ومعنى أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ أغيره يقرن به ويجعل شريكا له. قال في الكشاف: قوله بَلْ هُمْ بعد الخطاب أبلغ في
تخطئة رأيهم. قلت: إنما تعين الغيبة هاهنا لأن الخطاب في قوله ما كانَ لَكُمْ إنما هو لجميع الناس أي ما صح وما ينبغي للإنسان أن يتأتى منه الإنبات. ولو قال بعد ذلك بل أنتم لزم أن يكون كل الناس مشركين وليس كذلك. وقوله يَعْدِلُونَ من العدل أو من العدول أي يعدلون به غيره أو يعدلون عن الحق الذي هو التوحيد.
ثم شرع في الاستدلال بأحوال الأرض وما عليها. والقرار المستقر أي دحاها وسواها بحيث يمكن الاستقرار عليها. والحاجز البرزخ كما في «الفرقان» . ثم استدل بحاجة الإنسان إليه على العموم. والمضطر الذي عراه ضر من فقر أو مرض فألجأه إلى التضرع إلى الله سبحانه، وإنه افتعال من الضر. وعن ابن عباس: هو المجهود. وعن السدي: الذي لا حول له ولا قوة. وقيل: هو المذنب ودعاؤه استغفاره. والمضطر اسم جنس يصلح للكل وللبعض فلا يلزم من الآية إجابة جميع المضطرين، نعم يلزم الإجابة بشرائط الدعاء كما مر في «البقرة» وفي ادعوني وقوله وَيَكْشِفُ السُّوءَ كالبيان لقوله يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ والخلافة في الأرض إما بتوارث السكنى وإما بالملك والتسلط وقد مر في آخر «الأنعام» .
وقوله قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ معناه تذكرون تذكرا قليلا، ويجوز أن يراد بالقلة العدم. ثم استدل لحاجة الناس وخصوصا الهداية في البر والبحر بالعلامات وبالنجوم، ثم استدل بأحوال المبدأ والمعاد وما بينهما وذلك أنهم كانوا معترفين بالإبداء ودلالة الإبداء على الإعادة دلالة ظاهرة فكأنهم كانوا مقرين بالإعادة أيضا، فاحتج عليهم بذلك لذلك. والرزق من السماء الماء ومن الأرض النبات. واعلم أن الله سبحانه ذكر قوله أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ في خمس آيات على التوالي وختم الأولى بقوله بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ثم بقوله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ثم بقوله قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ ثم بقوله تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ثم هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ والسر فيه أن أول الذنوب العدول عن الحق، ثم لم يعلموا ولو علموا ما عدلوا، ثم لم يتذكروا فيعلموا بالنظر والاستدلال فأشركوا من غير حجة وبرهان.
قل لهم يا محمد: هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين أن مع الله إلها آخر. وحين بين اختصاصه بكمال القدرة أراد أن يبين اختصاصه بعلم الغيب. قال في الكشاف: هذا على لغة بني تميم يرفعون المستثنى المنقطع على البدل إذا كان المبدل منه مرفوعا يقولون: ما في الدار أحد إلا حمار كأن أحدا لم يذكر كقوله:
وبلدة ليس بها أنيس
…
إلا اليعافير وإلا العيس
والمعنى إن كان الله ممن في السموات والأرض فهم يعلمون الغيب كما أن معنى البيت إن كانت اليعافير أنيسا ففيها أنيس بتا للقول بخلوها عن الأنيس. قلت: لقائل أن يقول: إن
استثناء نقيض المقدم غير منتج فلا يلزم من استحالة كون الله سبحانه في كل مكان ممن في السموات والأرض أنهم لا يعلمون الغيب، ولا من امتناع كون اليعافير أنيسا القطع بخلوّ البلدة عن الأنيس. وقال غيره: إن الاستثناء متصل لأن الله سبحانه في كل مكان بالعلم فيصح الرفع عند الحجازيين أيضا. وزيفه في الكشاف بأن كونه في السموات والأرض بالعلم مجاز، وكون الخلق فيهن حقيقة من حيث حصول ذواتهم في تلك الأحياز، ولا يصح أن يريد المتكلم بلفظ واحد حقيقة ومجازا معا. وأجيب بأنا نحمل كون الخلق فيهن على المعنى المجازي أيضا لأنهم أيضا عالمون بتلك الأماكن لا أقل من العلم الإجمالي.
وضعفه في الكشاف بأن فيه إيهام تسوية بين الله وبين العبد في العلم وهو خروج عن الأدب. ومن هنا
قال صلى الله عليه وسلم: بئس خطيب القوم أنت.
لمن قال: ومن يعصهما فقد غوى.
والحق أن وقوع اللفظ على الواجب وعلى الممكن بمعنى واحد لا بد أن يكون بالتشكيك إذ هو في الواجب أدل وأولى لا محالة، فهذا الوهم مدفوع عند العاقل ولا يلزم منه سوء الأدب، ولهذا جاز إطلاق العالم والرحيم والكريم ونحوهما على الواجب وعلى الممكن معا من غير محذور شرعي ولا عقلي، وليس هذا كالجمع بين الضميرين إذا كان يمكن للقائل أن يفرق بينهما فيزداد الكلام جزالة وفخامة. عن عائشة: من زعم أنه يعلم ما في غد فقد أعظم على الله الفرية والله تعالى يقول قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وعن بعضهم: أخفى غيبه عن الخلق ولم يطلع عليه أحدا لئلا يأمن الخلق مكره.
قال المفسرون: سأل المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الساعة فنزلت.
وأيان بمعنى متى. إلا أنه لا يسأل به إلا عن أمر ذي بال وهو «فعال» من آن يئين فلو سمي به لانصرف، وحين ذكر أن العباد لا يعلمون الغيب ولا يشعرون البعث الكائن ووقته بين أن عندهم عجزا آخر أبلغ منه وهو أنهم ينكرون الأمر الكائن مع أن عندهم أسباب معرفته فقال بَلِ ادَّارَكَ أي تدارك. ومن قرأ بغير الألف فهو «افتعل» من الدرك أي تتابع واستحكم. ومعنى أدرك بقطع الهمزة انتهى وتكامل علمهم في الآخرة أي في شأنها ومعناها، ويمكن أن يكون وصفهم باستحكام العلم وتكامله تهكما بهم كما يقول لأجهل الناس: ما أعلمك. وإذا لم يعرفوا نفس البعث يقينا فلأن لا يعرفوا وقته أولى. ويحتمل أن تكون أدرك بمعنى انتهى وفني من قولهم «أدركت الثمرة» لأن تلك غايتها التي عندها تعدم. وقد فسره الحسن باضمحل علمهم وتدارك من تدارك بنو فلان إذا تتابعوا في الهلاك، وصفهم أوّلا بأنهم لا يشعرون وقت البعث ثم أضرب عن ذلك قائلا إنهم لا يعلمون القيامة فضلا عن وقتها ثم إن عدم العلم قد يكون مع الغفلة الكلية فأضرب عن ذلك قائلا إنهم ليسوا غافلين بالكلية ولكنهم في شك ومرية، ثم إن الشك قد يكون بسبب عدم الدليل فأضرب عن ذلك قائلا إنهم عمون