الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تُجْزَوْنَ
الخطاب فيه إما على طريقة الالتفات وإما على سبيل الحكاية بإضمار القول أي يقال لهم عند الكب هذا القول. ثم ختم السورة بخلاصة ما أمر به رسوله وذلك أشياء منها:
عبادة الرب سبحانه. ثم وصف الرب بأمرين احترازا من أرباب أهل الشرك أولهما كونه ربا لما هو أقرب في نظر قريش وهو بلدة مكة حرسها الله. وفيه نوع منة عليهم كقوله حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ [العنكبوت: 67] وثانيهما عام وهو قوله وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ ومنها أمره بالإسلام وهو الإذعان الكلي لأوامر الله بجميع أعضائه وجوارحه. ومنها أمره بتلاوة القرآن أي بتلوّه أي أتباعه وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل ما أمر به أتم قيام حتى خوطب بقوله ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى [طه: 2] ثم لما بين سيرته ذكر أن نفع الاهتداء ووبال الضلال لا يعود إلا إلى المكلف أو عليه وليس على الرسول إلا البلاغ والإنذار. ثم جعل ختم الخاتمة الأمر بالحمد كما هو صفة أهل الجنة وبعد أمره بالحمد على نعمة النبوة والرسالة هدّد أعداءه بما سيريهم في الآخرة من الآيات الملجئة إلى الإقرار وذلك حين لا ينفعهم الإيمان. قاله الحسن. وعن الكلبي: هي الدخان وانشقاق القمر وما حل بهم من العقوبات في الدنيا. وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ولكنه من وراء جزاء العاملين.
التأويل:
قُلْ سِيرُوا في أرض البشرية فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ لأن خواص نفوسهم أنموذج من جهنم كما أن خواص أهل القلوب أنموذج من الجنة وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ لأنه خمر طينة آدم بيديه أربعين صباحا ونفخ فيه من روحه فهو مطلع على قالبه وعلى قلبه ولهذا قال وَما مِنْ غائِبَةٍ من الخواص في سماء القلب وأرض القالب إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ وهو علم الله تعالى أن هذا القرآن يقص لأن كل كتاب كان مشتملا على شرح مقام ذلك النبي ولم يكن لنبي مقام في القرب مثل نبينا، فلا جرم لم يكن في كتبهم من الحقائق مثل ما في القرآن ولهذا قال إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ أي بين هذه الأمة وبين أمة كل نبي بحكمه أي بحكمته بأن يبلغ متابعي كل نبي إلى مقام نبيهم ويبلغ متابعي نبينا صلى الله عليه وسلم إلى مقام المحبة. فاتبعوني يحببكم الله وَهُوَ الْعَزِيزُ الذي لعزته لا يهدي كل مثمن إلى مقام حبيبه الْعَلِيمُ بمن يستحق هذا المقام. فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ في دعوة الخلق إلى الله وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ وذلك بعد البلوغ ومضى زمان الرعي في مراتع البهيمية أَخْرَجْنا لَهُمْ من تحت أرض البشرية دَابَّةً تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ وهي النفس الناطقة فإنها إلى الآن كانت موصوفة بصفة الصمم والبكم بتبعية النفس الأمارة التي لا توقن هي وصفاتها بالدلائل. وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ
كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ
من كلامه وهي صفات الروح والقلب وذلك بعد التصفية والمداومة على الذكر والفكر، حتى إذا رجعوا إلى الحضرة قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ بعد أن كنتم مصدقيها عند خطاب أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ [الأعراف: 172] وهذا خطاب فيه استبطاء وعتاب وقع قول يحبهم عليه بدل ما ظلموا فهم لا ينطقون
كقوله «من عرف الله كل لسانه»
أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً جعلنا ليل البشرية سببا لاستجمام القلب ونهار الروحانية بتجلي شمس الربوبية مبصرا يبصر به الحق من الباطل. وَيَوْمَ يُنْفَخُ إسرافيل المحبة في صور القلب فَفَزِعَ من في سموات الروح من الصفات الروحانية ومن في أرض البشرية من الصفات النفسانية إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ من أهل البقاء الذين أحيوا بحياته وأفاقوا بعد صعقة الفناء وهي النفخة الأولى في بداية تأثير العناية للهداية وإلقاء المحبة التي تظهر القيامة في شخص المحب. وفزع الصفات هيجانها للطلب بتهييج أنوار المحبة إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ وهو الخفي وهي لطيفة في الروح بالقوة وإنما تصير بالفعل عند طلوع شموع الشواهد وآثار التجلي فلا يصيبه الفزع بالنفخة الأولى ولا تدركه الصعقة بالنفخة الثانية وَتَرَى جبال الأشخاص جامِدَةً على حالها وَهِيَ تَمُرُّ بالسير في الصفات وتبديل الأخلاق مَرَّ السَّحابِ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ وهي القلب والرب هو الله كما أن رب بلدة القالب هو النفس الأمارة وأنه تعالى حرم بلدة القلب على الشيطان كما قال يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ [الناس: 5] دون أن يقول «في قلوب الناس» سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها فيه إذا لم ير الآيات لم يمكن عرفانها اللهم اجعلنا من العارفين واكشف عنا غطاءنا بحق محمد وآله صلى الله وسلم عليهم.