المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الشيطان لكفار قريش، فيكون الضمير في {وليهم} لكفار قريش؛ أي - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ١٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌سورة الحجر

- ‌(1):

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌63

- ‌64

- ‌65

- ‌66

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌70

- ‌71

- ‌72

- ‌73

- ‌74

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌78

- ‌79

- ‌80

- ‌81

- ‌82

- ‌83

- ‌84

- ‌85

- ‌86

- ‌87

- ‌88

- ‌89

- ‌90

- ‌91

- ‌92

- ‌93

- ‌94

- ‌95

- ‌96

- ‌97

- ‌98

- ‌99

- ‌سورة النحل

- ‌1

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌(5

- ‌6

- ‌7

- ‌(8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌ 33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌63

- ‌ 64

- ‌65

- ‌66

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌70

- ‌71

- ‌72

- ‌73

- ‌74

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌78

- ‌79

- ‌80

- ‌81

- ‌82

- ‌83

- ‌84

- ‌85

- ‌86

- ‌87

- ‌88

- ‌89

- ‌90

- ‌91

- ‌92

- ‌93

- ‌94

- ‌95

- ‌96

- ‌97

- ‌98

- ‌99

- ‌100

- ‌101

- ‌102

- ‌103

- ‌104

- ‌105

- ‌106

- ‌107

- ‌108

- ‌109

- ‌110

- ‌111

- ‌112

- ‌113

- ‌114

- ‌115

- ‌116

- ‌117

- ‌118

- ‌119

- ‌120

- ‌121

- ‌122

- ‌123

- ‌124

- ‌125

- ‌126

- ‌127

- ‌128

الفصل: الشيطان لكفار قريش، فيكون الضمير في {وليهم} لكفار قريش؛ أي

الشيطان لكفار قريش، فيكون الضمير في {وليهم} لكفار قريش؛ أي فهو ولي هؤلاء اليوم، أو على حذف. (*)

الإعراب

{وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42)} .

{وَالَّذِينَ} : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {هَاجَرُوا} : فعل وفاعل، وجملة {هَاجَرُوا} صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. {فِي اللَّهِ}: جار ومجرور متعلقان بالفعل {هَاجَرُوا} وحرف الجر {فِي} للتعليل؛ أي: لإقامة دين الله {مِنْ بَعْدِ} : جار ومجرور متعلقان بحال {مَا} مصدرية. {ظُلِمُوا} : فعل وفاعل و {مَا} المصدرية مؤولة مع مدخولها بمصدر مضاف إلى بعد؛ أي: من بعد ظلمهم بالأذى من أهل مكة {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ} اللام: موطئة للقسم {نبوئنهم} : فعل ومفعول به، وجملة {نبوئنهم} خبر اسم الموصول {وَالَّذِينَ}. {فِي الدُّنْيَا}: جار ومجرور متعلقان بحال {حَسَنَةً} : صفة لمصدر محذوف؛ أي: ثبوته حسنة، فهي نائب مفعول مطلق، ولك أن تقربها مفعولًا ثانيًا لـ {نبوئنهم} لتضمن معناه نعطينهم، فتكون صفة لمحذوف، أي: دارًا حسنة {وَلَأَجْرُ} : {الواو} حالية، و {اللام} للابتداء {أجر}: مبتدأ {الْآخِرَةِ} : مضاف إليه {أَكْبَرُ} : خبر {لَوْ} شرطية {كَانُوا} ماض ناقص، والواو اسمها وجملة {يَعْلَمُونَ} خبره، وجملة {كان} فعل شرط لـ {لَوْ} ، وجواب {لَوْ} محذوف، تقديره: لوافقوهم في الدين، وجملة {لَوْ} مستأنفة. {الَّذِينَ}: خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هم الذين، والجملة مستأنفة، وجملة {صَبَرُوا} صلة الموصول، {وَعَلَى رَبِّهِمْ}: متعلق بما بعده، وجملة {يَتَوَكَّلُونَ} معطوف على {صَبَرُوا} .

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)} .

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: تفسير آية رقم‌

‌ 64

غير موجود بالمطبوع

ص: 261

{وَمَا أَرْسَلْنَا} {الواو} : استئنافية، {ما}: نافية، {أَرْسَلْنَا}: فعل وفاعل، {مِنْ قَبْلِكَ}: متعلق بـ {أَرْسَلْنَا} ، {إِلَّا}: أداة استثناء مفرغ، {رِجَالًا}: مفعول به، والجملة الفعلية مستأنفة، {نُوحِي}: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {اللهِ}. {إِلَيْهِمْ}: متعلق به، وجملة {نُوحِي} صفة لـ {رِجَالًا}. {فَاسْأَلُوا} {الفاء}: واقعة في جواب شرط مقدر، تقديره: إن شككتم فيما ذكر .. فاسألوا أهل الذكر، {اسألوا أهل الذكر}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة الفعلية في محل الجزم بالشرط، وجملة الشرط المقدر مستأنفة. {إِن}: حرف شرط، {كُنْتُمْ}: فعل ناقص واسمه، وجملة {لَا تَعْلَمُونَ} خبره، وجملة {كان} في محل الجزم بـ {أن} الشرطية، على كونها فعل شرط لها، وجواب {إِنْ} الشرطية محذوف تقديره: إن كنتم لا تعلمون ذلك فإنهم يعلمونه، وجملة {إِنْ} الشرطية مستأنفة.

{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)} .

{بِالْبَيِّنَاتِ} : جار ومجرور صفة لـ {رِجَالًا} {وَالزُّبُرِ} : معطوف على البينات؛ أي: رجالًا متلبسين بالبينات الزبر، وهذا أحسن الأعاريب فيه، السالم من الاعتراض كما ذكره الزمخشري، {وَأَنْزَلْنَا}: فعل وفاعل، {إِلَيْكَ}: متعلق به، {الذِّكْرَ} مفعول به، والجملة معطوفة على جملة قوله:{وَمَا أَرْسَلْنَا} {لِتُبَيِّنَ} {اللام} : حرف جر وتعليل، {تبين}: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، وفاعله ضمير يعود على محمَّد. {لِلنَّاسِ}: متعلق به، {مَا}: موصولة أو موصوفة في محل النصب مفعول به، وجملة {تبين} مع أن المضمرة في تأويل مصدر مجرور باللام، تقديره: لتَبِيينِكَ للناس، الجار والمجرور متعلق بـ {أنزلنا} {نُزِّلَ}: فعل ماض مغير الصيغة، ونائب فاعله ضمير يعود على {مَا} ، {إِلَيْهِمْ}: متعلق بـ {نُزِّلَ} ، وجملة {نُزِّلَ} صلةٌ لـ {مَا} أو صفة لها، {وَلَعَلَّهُمْ} ناصب واسمه، وجملة {يَتَفَكَّرُونَ} خبره، وجملة {لعل} في محل جر بلام التعليل المقدرة، تقديره: ولإرادة تفكرهم فيه؛ لأن

ص: 262

لعلَّ مستعارة هنا لمعنى الإرادة، والجار المقدر معطوف على الجار والمجرور في قوله:{لِتُبَيِّنَ} والتقدير: وأنزلنا إليك الذكر لتبيينك لهم ولإرادة تفكرهم فيه.

{أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (45)} .

{أَفَأَمِنَ} {الهمزة} : للاستفهام التوبيخي المضمن للإنكار داخلة على محذوف، و {الفاء} عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: ألم يتفكروا في الذكر فَأَمِنَ الذين مكروا السيئات إلخ، {أمن الذين}: فعل وفاعل، والجملة معطوفة على الجملة المحذوفة، {مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة صلة الموصول، {أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ}: ناصب وفعل وفاعل {بِهِمُ} : متعلق به، {الْأَرْضَ}: مفعول به، والجملة الفعلية مع {أَن} المصدرية في تأويل مصدر منصوب على كونه مفعولًا به لأمن؛ أي: أفامنوا خسف الله تعالى بهم الأرض، {أَوْ}: حرف عطف وتنويع {يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ} : فعل ومفعول وفاعل معطوف على {يَخْسِفَ} والتقدير: أو إتيان العذاب إياهم. {مِنْ حَيْثُ} : جار ومجرور متعلق بـ {يَأْتِيَهُمُ} {حَيْثُ} مضاف وجملة {لَا يَشْعُرُونَ} في محل الجر مضاف إليه لحيث.

{أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (46) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (47)} .

{أَوْ يَأْخُذَهُمْ} : فعل ومفعول معطوف على {يَخسِفَ} ، وفاعله ضمير يعود على {الْعَذَابُ} ، {فِي تَقَلُّبِهِمْ}: جار ومجرور، حال من ضمير المفعول؛ أي: أو يأخذهم حال كونهم متقلبين في أسفارهم {فَمَا} : {الفاء} : واقعة في جواب شرط مقدر، تقديره: فإذا أخذهم بالعقوبة بأي سبب {ما} : حجازية، {هُم}: اسمها، {بِمُعْجِزِينَ}: خبرها، والجملة الاسمية جواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة. {أَوْ يَأْخُذَهُمْ}: فعل ومفعول معطوف على {يَخسِفَ} ، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهُ} {عَلَى تَخَوُّفٍ}: جار ومجرور، حال من ضمير المفعول، تقديره: حالة كونهم خائفين، {فَإِنَّ رَبَّكُمْ} {الفاء}: تعليلية لمحذوف تقديره:

ص: 263

إنما لم يعاجلكم الله بهذه العقوبات لأن ربكم إلخ، {إن ربكم لرؤوف}: ناصب واسمه وخبره و {اللام} حرف ابتداء، {رَحِيمٌ}: صفة {رؤوف} ، أو خبر ثان لـ {إنَّ} وجملة {إن} مستأنفة مسوقة لتعليل ذلك المحذوف.

{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (48)} .

{أَوَلَمْ} {الهمزة} : للاستفهام التوبيخي المضمن للإنكار داخلة على محذوف، و {الواو} عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: ألم يتفكروا ولم يروا، والجملة المحذوفة مستأنفة {لم يروا}: فعل وفاعل مجزوم بـ {لم} ، {إِلَى مَا}: جار ومجرور متعلق به، ضمنه معنى نظر فعداه بـ {إِلَى} {خَلَقَ اللَّهُ}: فعل وفاعل، والجملة صلة لـ {مَا} أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف تقديره: إلى ما خلقه الله، {مِنْ شَيْءٍ}: جار ومجرور، حال من {مَا} أو من الضمير المحذوف، {يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ}: فعل وفاعل، والجملة صفة لـ {شَيْءٍ} ، {عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ}: متعلق بـ {يَتَفَيَّأُ} {سُجَّدًا} : حال من الظلال، {لِلَّهِ}: متعلق بـ {سُجَّدًا} {وَهُمْ دَاخِرُونَ} : مبتدأ وخبر، والجملة في محل النصب حال من الضمير المستتر في {سُجَّدًا} ، فهي حال متداخلة.

{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (49) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50)} .

{وَلِلَّهِ} الواو: استئنافية، {لله}: جار ومجرور متعلق بـ {يَسْجُدُ} {يَسْجُدُ مَا} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة، {فِي السَّمَاوَاتِ}: جار ومجرور، صلة لـ {مَا} أو صفة لها، {وَمَا فِي الْأَرْضِ}: معطوف على {مَا فِي السَّمَاوَاتِ} ، {مِنْ دَابَّةٍ}: حال من {وَمَا فِي الْأَرْضِ} {وَالْمَلَائِكَةُ} : معطوف على {مَا فِي السَّمَاوَاتِ} عطف خاص على عام، {وَهُمْ}: مبتدأ، وجملة {لَا يَسْتَكْبِرُونَ} خبره، والجملة الاسمية في محل النصب حال من {الْمَلَائِكَةُ}. {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل النصب حال من ضمير {يَسْتَكْبِرُونَ} {مِنْ

ص: 264

فَوْقِهِمْ}: جار ومجرور، حال من {رَبَّهُمْ} ، {وَيَفْعَلُونَ مَا}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {يَخَافُونَ} ، {يُؤْمَرُونَ}: فعل ونائب فاعل، والجملة صلة لـ {مَا} أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف تقديره: ما يؤمرون به.

{* وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51) وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52)} .

{وَقَالَ اللَّهُ} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة، {لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ}: إلى آخر الآيات مقول محكي، وإن شئت قلت:{لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ} : جازم وفعل وفاعل ومفعول، واتخذ هنا يتعدى إلى مفعول واحد، لأنه بمعنى لا تعبدوا، {اثْنَيْنِ}: صفة مؤكدة لـ {إِلَهَيْنِ} ، والجملة في محل النصب مقول {قال} ، {إِنَّمَا}: أداة حصر، {هُوَ إِلَهٌ}: مبتدأ وخبر، {وَاحِدٌ}: صفة {إِلَهٌ} ، والجملة في محل النصب مقول {قال} {فَإِيَّايَ} {الفاء}: واقعة في جواب شرط محذوف تقديره: إن كنتم راهبين شيئًا فإياي فارهبون، {إياي}: ضمير نصب منفصل في محل النصب بفعل محذوف وجوبًا يفسره المذكور بعده، تقديره: فإياي ارهبوا، والجملة المحذوفة جواب الشرط المحذوف، وجملة الشرط المحذوف في محل النصب مقول {قال} {فَارْهَبُونِ}: فعل أمر مبني على حذف النون، و {الواو}: فاعل، و {النون}: نون الوقاية، وياء المتكلم المحذوفة اجتزاء عنها بكسرة نون الوقاية في محل النصب مفعول به، والجملة الفعلية جملة مفسرة لا محل لها من الإعراب، {وَلَهُ}: جار ومجرور خبر مقدم، {مَا}: موصولة أو موصوفة في محل الرفع مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية في محل النصب معطوفة على جملة {لَا تَتَّخِذُوا} على كونها مقول {قال} ، {فِي السَّمَاوَاتِ}: جار ومجرور صلة {مَا} الموصولة، {وَالْأَرْضِ}: معطوف على {السَّمَاوَاتِ} ، و {وَلَهُ الدِّينُ}: خبر مقدم ومبتدأ مؤخر، والجملة في محل النصب معطوفة على ما قبلها على كونها مقول {قال} ، {وَاصِبًا}: حال من {الدِّينُ} {أَفَغَيْرَ اللَّهِ} {الهمزة} : فيه للاستفهام التوبيخي المضمن للإنكار داخلة على محذوف، و {الفاء}: عاطفة على ذلك المحذوف،

ص: 265

والتقدير: أبعد العلم بما ذكر من التوحيد غير الله تطيعون فتتقون، {تَتَّقُونَ}: فعل وفاعل مرفوع بثبات النون، والجملة الفعلية معطوفة على تلك المحذوفة، وتلك المحذوفة في محل النصب مقول {قال} .

{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53)} .

{وَمَا} {الواو} عاطفة، {ما} اسم موصول في محل الرفع مبتدأ، {بِكُم}: جار ومجرور صلة {ما} الموصولة؛ أي: وما وصل بكم، {مِنْ نِعْمَةٍ}: جار ومجرور حال من {ما} أو من الضمير المُسْتَكِنِ في الظرف، {فَمِنَ اللَّهِ} {الفاء}: زائدة في الخبر لشبه المبتدأ بأسماء الشروط في العموم {من الله} : جار ومجرور خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل النصب معطوفة على الجمل التي قبلها، على كونها مقول {قال} {ثُمَّ}: حرف عطف وتراخ، {إِذَا}: ظرف لما يستقبل من الزمان، {مَسَّكُمُ الضُّرُّ}: فعل ومفعول وفاعل، والجملة في محل الخفض فعل شرط لـ {إذا} ، والظرف متعلق بالجواب الآتي، {فَإِلَيْهِ} {الفاء}: رابطة لجواب {إِذَا} جوازًا، {إليه}: متعلق بما بعده، وجملة {تَجْأَرُونَ} جواب {إِذَا} ، وجملة {إِذَا} في محل النصب معطوفة على الجملة التي قبلها على كونها مقول {قال} .

{ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54)} .

{ثُمَّ} : حرف عطف وترتيب، {إذَا}: ظرف لما يستقبل من الزمان، {كَشَفَ الضُّرَّ}: فعل وفاعل مستتر ومفعول به {عَنْكُمْ} : متعلق به، والجملة في محل الخفض بإضافة {إذَا} إليها، والظرف متعلق بالجواب الآتي، ولكن ما بعد {إِذَا} الفجائية لا يعمل فيما قبلها، وفي "السمين": وفي الآية دليل على أن إذا الشرطية لا تكون معمولة لجوابها، لأن ما بعد إذا الفجائية لا يعمل فيما قبلها اهـ. {إذَا}: حرف فجأة رابطة الجواب بالشرط وجوبًا، {فَرِيقٌ}: مبتدأ، {مِنْكُمْ}: صفته، {بِرَبِّهِمْ}: متعلق بما بعده، وجملة {يُشْرِكُونَ} في محل الرفع خبر المبتدأ والجملة الاسمية جواب {إِذَا} لا محل لها من الإعراب، وجملة {إِذَا} في محل النصب معطوفة على الجملة التي قبلها، على كونها مقول

ص: 266

{قال} .

{لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (55)} .

{لِيَكفُرُوا} {اللام} : لام كي، {يكفروا}: فعل وفاعل منصوب بأن مضمرة جوازًا بعد لام كي، {بِمَا}: جار ومجرور متعلق به، والجملة الفعلية مع أن المضمرة في تأويل مصدر مجرور باللام، تقديره: لكفرانهم بما أعطيناهم، الجار والمجرور متعلق بـ {يُشْرِكُونَ} {آتَيْنَاهُمْ}: فعل وفاعل ومفعول أول، والثاني محذوف تقديره: إياه، والجملة صلة لـ {ما} أو صفة لها، {فَتَمَتَّعُوا} {الفاء}: رابطة لجواب إذا المقدرة، تقديره: إذا عرفت يا محمَّد حالهم هذا وأردت بيان ما تقول لهم .. فأقول لك قل لهم تمتعوا إلخ {تمتعوا} : فعل وفاعل، والجملة في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة، {فَسَوْفَ} {الفاء}: عاطفة، {سوف}: حرف استقبال وتنفيس، {تَعْلَمُونَ}: فعل وفاعل، ومفعوله محذوف تقديره: عاقبة ما تصيرون إليه، والجملة الفعلية في محل النصب معطوفة على جملة {تمتعوا} .

{وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57)} .

{وَيَجْعَلُونَ} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة، وفي "أبي السعود": لعلها معطوفة على ما سبق بحسب المعنى: يفعلون ما يفعلون من اللجوء إلى الله تعالى عند مس الضر، ومن الإشراك به عندك كشفه ويجعلون إلخ اهـ، {لِمَا}: جار ومجرور متعلق بـ {يجعلون} ، {لَا يَعْلَمُونَ}: فعل وفاعل، والمفعول محذوف تقديره: للأصنام التي لا تعلم عبادتهم إياها، والجملة الفعلية صلة لـ {ما} أو صفة لها، {نَصِيبًا}: مفعول {يجعلون} ، {مِمَّا}: جار ومجرور، صفة لـ {نَصِيبًا} ، {رَزَقْنَاهُمْ}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة صلة لـ {ما} أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف تقديره: مما رزقناهم إياه، {تَاللَّهِ}: جار ومجرور، متعلق بفعل قسم محذوف تقديره: أقسم بالله، وجملة القسم المحذوف مستأنفة، {لَتُسْأَلُنَّ} {اللام}: موطئة للقسم، {تسألن}: فعل مضارع مغير الصيغة مرفوع

ص: 267

وعلامة رفعه ثبات النون المحذوفة لتوالي الأمثال، أصله: لتسألونن، و {واو} الجماعة المحذوفة لالتقاء الساكنين في محل الرفع نائب فاعل، والجملة الفعلية جواب القسم لا محل لها من الإعراب، {عَمَّا}: جار ومجرور، متعلق بـ {تسألن} على كونه مفعولًا ثانيًا لسأل، {كُنْتُمْ}: فعل ناقص واسمه، وجملة {تَفتَرُونَ} خبره، وجملة كان صلة لـ {ما} أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف تقديره: عما كنتم تفترونه، {وَيَجْعَلُونَ}: فعل وفاعل معطوف على {يجعلون} الأول، {لِلَّهِ}: متعلق به، {الْبَنَاتِ} مفعول {يجعلون} ، {سُبْحَانَهُ}: منصوب على المفعولية المطلقة بفعل محذوف وجوبًا تقديره: أسبِّحُ الله سبحانًا، وجملة التسبيح جملة معترضة، {وَلَهُم}: جار ومجرور خبر مقدم، {مَّا}: موصولة أو موصوفة في محل الرفع مبتدأ مؤخر، وجملة {يَشْتَهُونَ} صلة لـ {مَّا} أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف تقديره: ما يشتهونه، والجملة الاسمية في محل النصب حال من واو {يجعلون} .

{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58)} .

{وَإِذَا} {الواو} : استئنافية، {إذا}: ظرف لما يستقبل من الزمان، {بُشِّرَ أَحَدُهُمْ}: فعل ونائب فاعل، والجملة فعل شرط لـ {إذا} ، {بِالْأُنْثَى} متعلق بـ {بُشِّرَ} ، {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} فعل ناقص واسمه وخبره، {وَهُوَ كَظِيمٌ}: مبتدأ وخبر، والجملة في محل النصب حال من ضمير {وَجْهُهُ} ، وجملة {ظَلَّ} جواب {إذا} وجملة {إذا} مستأنفة.

{يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60)} .

{يَتَوَارَى} : فعل مضارع وفاعله ضمير يعود على {أَحَدُهُمْ} ، والجملة مستأنفة، أو في حل النصب حال من ضمير {وَجْهُهُ} ، {مِنَ الْقَوْمِ}: جار ومجرور متعلق بـ {يَتَوَارَى} ، وكذا يتعلق به قوله:{مِنْ سُوءِ} فلا يعترض بامتناع تعلق حرفي جر متحدي اللفظ بعامل واحد لاختلاف معناهما، فإن الأولى

ص: 268

للابتداء، والثانية للعلة؛ أي: من أجل سوء ما بشر به اهـ "سمين"، {سُوءِ}: مضاف، {مَا}: موصولة أو موصوفة في محل الجر مضاف إليه، {بُشِّرَ}: فعل ماض مغير الصيغة، ونائب فاعله ضمير يعود على {أَحَدُهُمْ}. {بِهِ}: متعلق به، والجملة الفعلية صلة لـ {مَا} أو صفة لها، {أَيُمْسِكُهُ} {الهمزة}: حرف استفهام يطلب بها وبأم تعيين أحد الأمرين، {يمسكه}: فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {أَحَدُهُمْ} {عَلَى هُونٍ}: جار ومجرور، إما حال من فاعل {يمسكه}؛ أي: حالة كون الأحد متلبسًا بهون نفسه وذلها، أو حال من الفعول؛ أي: حالة كون الأنثى متلبسة بهون وذل، وجملة {يمسكه} في محل النصب معمول لمحذوف حال من فاعل {يَتَوَارَى} ، والتقدير: يتوارى ذلك الأحد من الناس حالة كونه مفكرًا، أيمسكه على هون أم يدسه في التراب، {أَمْ}: عاطفة متصلة، {يَدُسُّهُ}: فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {أحد}. {فِي التُّرَابِ}: متعلق به، والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {أيُمْسِكُهُ}. {أَلَا}: حرف تنبيه، {سَاءَ} . فعل ماض لإنشاء الذم، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا يعود على شيء تقديره: ساء الشيء، {مَا}: نكرة موصوفة في محل النصب تمييز لفاعل {ساء} ، وجملة {يحكمونَ} صفة لـ {مَا} ، والرابط محذوف تقديره: ساء الشيء شيئًا يحكمونه، وجملة {سَاءَ} في محل الرفع خبر للمخصوص بالذم المحذوف وجوبًا تقديره: حكمهم هذا، والجملة الاسمية جملة إنشائية لا محل لها من الإعراب، {لِلَّذِينَ}: جار ومجرور خبر مقدم، وجملة {لَا يُؤْمِنُونَ} صلة الموصول، {بِالْآخِرَةِ}: متعلق بـ {يُؤْمِنُونَ} . {مَثَلُ السَّوْءِ} : مبتدأ مؤخر ومضاف إليه، والجملة الاسمية مستأنفة، {وَلِلَّهِ}: جار ومجرور خبر مقدم، {الْمَثَلُ}: مبتدأ مؤخر، {الْأَعْلَى}: صفة لـ {الْمَثَلُ} ، والجملة معطوفة على الجملة التي قبلها، {وَهُوَ الْعَزِيزُ}: مبتدأ وخبر، والجملة مستأنفة {الْحَكِيمُ}: صفة أو خبر ثان.

{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} .

{وَلَوْ} {الواو} : استئنافية {لو} : حرف شرط، {يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ} فعل وفاعل ومفعول، {بِظُلْمِهِمْ}: متعلق به، والجملة فعل شرط لـ {لَوْ} ، {مَّا}:

ص: 269

نافية، {تَرَكَ}: فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهُ} ، {عَلَيْهَا}: متعلق به، {مِنْ دَابَّةٍ}: مفعول به لـ {تَرَكَ} و {مِنْ} زائدة، والجملة الفعلية جواب {لو} الشرطية، وجملة {لو} مستأنفة، {وَلَكِنْ} حرف استدراك، {يُؤَخِّرُهُمْ}: فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهُ} ، {إِلَى أَجَلٍ}: متعلق به، {مُسَمًّى}: صفة {أَجَلٍ} ، والجملة الاستدراكية معطوفة على جملة {لو} الشرطية.

{فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} .

{فَإِذَا} {الفاء} : فاء الفصيحة، لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت أنه يؤخرهم إلى أجل مسمى وأردت بيان حالهم وقت مجيء الأجل .. فأقول لك إذا جاء أجلهم، {إذا}: ظرف لما يستقبل من الزمان، {جَاءَ أَجَلُهُمْ}: فعل وفاعل، والجملة في محل الخفض بإضافة {إذا} إليها، على كونها فعل شرط لها، والظرف متعلق بالجواب، {لَا يَسْتَأْخِرُونَ}: فعل وفاعل، والجملة جواب {إذا} ، وجملة {إذا} في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة، {سَاعَةً} منصوب على الظرفية متعلق بـ {يَسْتَأْخِرُونَ} ، وجملة {وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} معطوفة على جملة {لَا يَسْتَأْخِرُونَ} .

{وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (62)} .

{وَيَجْعَلُونَ} : فعل وفاعل، والجملة مستأنفة، {لِلَّهِ}: متعلق به، وهو في محل المفعول الثاني لـ {جعل} {مَا}: موصولة أو موصوفة في محل النصب مفعول أول لـ {جعل} ، وجملة {يَكْرَهُونَ} صلة لـ {مَا} أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف تقديره: يكرهونه، {وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ}: فعل وفاعل، {الْكَذِبَ}: مفعول به، والجملة معطوفة على جملة {يجعلون} ، {أَنَّ}: حرف نصب، {لَهُمُ}: خبرها مقدم، {الْحُسْنَى}: اسمها مؤخر، وجملة {أَنَّ} في تأويل مصدر منصوب على كونه بدلًا من المفعول أعني {الْكَذِبَ}؛ أي: وتصف ألسنتهم الكذب كون الحسنى لهم، أو مرفوع على كونه خبرًا لمبتدأ محذوف؛ أي: وهو كون الحسنى لهم، {لَا جَرَمَ}: مركب مزجي بمعنى حق كما في

ص: 270

"الفتوحات"، {أَنَّ}: حرف نصب، {لَهُمُ}: خبرها مقدم، {النَّارَ}: اسمها مؤخر، وجملة {أَنَّ}: في تأويل مصدر مرفوع على كونه فاعلًا لـ {جَرَمَ} ، والتقدير: حق كون النار لهم، والجملة الفعلية مستأنفة، {وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ}: ناصب واسمه وخبره، والجملة معطوفة على الجملة التي قبلها.

{تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} ،

{تَاللَّهِ} : جار ومجرور متعلق بفعل قسم محذوف، وجملة القسم مستأنفة، {لَقَدْ} {اللام}: موطئة لقسم، {قد}: حرف تحقيق، {أَرْسَلْنَا}: فعل وفاعل، والجملة جواب القسم، {إِلَى أُمَمٍ}: متعلق بـ {أَرْسَلْنَا} ، {مِنْ قَبْلِكَ}: جار ومجرور صفة لـ {أُمَمٍ} ، {فَزَيَّنَ} {الفاء}: عاطفة {زين} : فعل ماض، {لَهُمُ}: متعلق به، {الشَّيْطَانُ}: فاعل، {أَعْمَالَهُمْ}: مفعول به، والجملة معطوفة على جملة {أَرْسَلْنَا} ، {فَهُوَ وَلِيُّهُمُ}: مبتدأ وخبر، والجملة معطوفة مفرَّعة على جملة {زيّن} ، {الْيَوْمَ}: ظرف متعلق بـ {وَلَهُمْ} ، {وَلَهُمْ عَذَابٌ}: خبر ومبتدأ، {أَلِيمٌ}: صفة {عَذَابٌ} ، والجملة الاسمية معطوفة على الجملة التي قبلها.

{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64)} .

{وَمَا} {الواو} : استئنافية، {ما}: نافية، {أَنْزَلْنَا}: فعل وفاعل، {عَلَيْكَ}: متعلق به، {الْكِتَابَ}: مفعول به، والجملة مستأنفة. {إِلَّا}: أداة استثناء من أعم العلل، {لِتُبَيِّنَ} {اللام} لام كي، {تبين}: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، وفاعله ضمير يعود على محمَّد، {لَهُمُ}: متعلق به، {الَّذِي}: مفعول به، والجملة في تأويل مصدر مجرور باللام، والتقدير: وما أنزلنا عليك الكتاب لعلة من العلل إلا لتبيينك لهم الذي اختلفوا فيه، {اخْتَلَفُوا}: فعل وفاعل صلة الموصول، {فِيهِ}: متعلق به، {وَهُدًى وَرَحْمَةً}: معطوفان على محل {لِتُبَيِنَ} ، {لِقَوْمٍ}: تنازع فيه {هدى ورحمة} ، وجملة {يُؤْمِنُونَ} صفة لـ {قومٍ} .

ص: 271

التصريف ومفردات اللغة

{لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} ؛ أي: لننزلنهم (1) في الدنيا مباءة حسنة، وهي المدينة المنورة، يقال بوأه منزلًا أنزله فيه، والمباءة المنزل، فهي منصوبة على الظرفية، أو على أنها مفعول ثان إن كان لنبوأنهم في معنى لنعطينهم، {أَهْلَ الذِّكْرِ}؛ أي: علماء أهل الكتاب {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} البينات جمع بينة، وهي المعجزات الدالة على صدق الرسول، والزبر جمع زبور بمعنى مزبور؛ أي: مكتوب، كرسل جمع رسول، وهي كتب الشرائع والتكاليف التي يبلغها الرسل إلى العباد، {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ}؛ أي: القرآن سمي به لأنه تذكير وتنبيه للغافلين، {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}؛ أي: لتوضح لهم ما خفي عليهم من أسرار التشريع بيانًا شافيًا، وصيغة التفعيل في الفعلين يدل على تكرار البيان والنزول كما هو كذلك، {وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} والتفكر تصرف القلب في معاني الأشياء لدرك المطلوب.

{أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ} والمكر السعي بالفساد خفية، والسيئات جمع سيئة، وهي الأعمال التي تسوؤهم عاقبتها، {يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ}؛ أي: يغورها ويزيلها من الوجود وهم على سطحها، يقال: خسف (2) المكان يخسف خسوفًا ذهب في الأرض، وخسف الله به الأرض خسوفًا؛ أي: غاب به فيها، ومنه قوله:{فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} ، وخسف هو في الأرض وخسف به، {تَقَلُّبِهِمْ}؛ أي: في أسفارهم وسيرهم في البلاد البعيدة، للسعي في أرزاقهم، كما قال:{لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196)} وفي "القاموس": تقلب في الأمور تصرف كيف شاء انتهى، {بِمُعْجِزِينَ}؛ أي: بفائتين الله تعالى بالهرب والفرار، {عَلَى تَخَوُّفٍ} والتخوف التنقص، من قولهم: تخوفت الشيء إذا تنقصته، والمراد أنه ينقص أموالهم وأنفسهم قليلًا حتى يأتي عليها الفناء جميعًا، قال في "القاموس" تخوف الشيء تنقصه، ومنه {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى

(1) روح البيان.

(2)

الشوكاني.

ص: 272

تَخَوُّفٍ} انتهى، وقال لبيد:

تَخَوَفَّهَا نُزوْليْ وَارْتِحَالِيْ

أي: تَنَقَّص لحمَها وشحمَها.

ولقي رجل أعرابيًّا فقال: يا فلان ما فعل دَينك؟ فقال: تخوفته، يعني تنقصته.

{يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ} ؛ أي: ينتقل من جانب إلى آخر، وفي "السمين": والتفيُّؤ (1) تفعل من فاء يفيء إذا رجع، وفاء قاصر فإذا أريد تعديته عدي بالهمزة، كقوله تعالى:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} أو بالتضعيف نحو فيأ الله الظل فتفيأ، وتفيأ مطاوع فيَّأ، فهو لازمٌ، واختلف في الفيء، فقيل هو مطلق الظل سواء كان قبل الزوال أو بعده، وهو الموافق لمعنى الآية هنا، وقيل ما كان قبل الزوال فهو ظلٌ فقط، وما كان بعده فهو ظل وفيء، فالظل أعم، وقيل بل يختص الظل بما كان قبل الزوال، والفيء بما بعده، فالفيء لا يكون إلا بالعشي، وهو ما انصرفت عنه الشمس، والظل ما يكون بالغداة، وهو ما لم تنله اهـ.

{عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ} واليمين والشمائل جانبا الشيء الكثيف من الجبال والأشجار وغيرها، والشمائل جمع شمال بالكسر ضد اليمين، وبالفتح الريح التي مهبها بين مطلع الشمس وبنات نعش، أو من مطلع الشمس إلى مسقط النسر الطائر، كما في "القاموس".

{سُجَّدًا لِلَّهِ} جمع ساجد كشاهد وشهد وراكع وركع، وفي المختار": سجد إذا خضع، ومنه سجود الصلاة، وهو وضع الجبهة على الأرض، وبابه دخل اهـ، والمراد بالسجود هنا الانقياد والخضوع، من قولهم: سجدت النخلة إذا مالت لكثرة الحمل، ومنه قوله:

وَاسْجُدْ لِقِرْدِ السُّوْءِ في زَمَانِهِ

(1) الفتوحات.

ص: 273

{وَهُمْ دَاخِرُونَ} ؛ أي: صاغرون منقادون، واحدهم داخرٌ، وهو الذي يفعل ما تأمره به شاء أو أبي، يقال دخر كمنع وفرح دخورًا ودخرًا إذا صغر وذل وأدخره كما في "القاموس". {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ}؛ أي: عقابه {مِنْ فَوْقِهِمْ} ؛ أي: بالقهر والغلبة، كما قال:{وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} .

{وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} ؛ أي: ثابتًا واجبًا دائمًا لا يزول، والدين هو الطاعة والإخلاص وقال الفراء:{وَاصِبًا} معناه دائمًا، ومنه قول الدُّؤلي:

لَا أَبْتَغِيْ الْحَمْدَ الْقَلِيلَ بَقَاؤُهُ

بِذَمٍّ يَكُوْنُ الدَّهْرَ أجْمَعَ وَاصِبَا

يقال: وصب الشيء يصب وصوبًا فهو واصب إذا دام، ووصب الرجل على الأمر إذا واظب عليه، وقيل الوصب التعب والإعياء، وفي "المصباح": وصب الشيء بالفتح وصوبًا دام، ووصب الدين وجب، وفي "القاموس": ووصب بالفتح يصب بالكسر وصوبًا دام وثبت كأوصب، وعلى الأمر.

{ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ} والضر المرض والبلاء والحاجة والقحط، وكل ما يتضرر به الإنسان، {تَجْأَرُونَ} من جأر يجأر جؤارًا، وأصل الجؤار صياح الوحش، ثم استعمل في رفع الصوت بالدعاء والاستغاثة، وفي "الفتوحات": الجؤار بوزن زكام رفع الصوت بالدعاء في كشف المضار، وفي "القاموس": جأر - كمنع - جأرًا وجؤارًا بوزن غراب، رفع صوته بالدعاء، وتضرع واستغاث، والبقرة والثور صاحا، والنبات جؤارًا طال، والأرض طال نبتها اهـ.

{ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} ؛ أي: صار من الظلول بمعنى الصيرورة، كما يستعمل أكثر الأفعال الناقصة بمعناها، أو هو بمعناه يقال ظل يفعل كذا إذا فعله نهارًا؛ أي: دام النهار كله مسودًّا؛ لأن أكثر الوضع يتفق بالليل، ويتأخر إخبار المولود إلى النهار، وخصوصًا بالأنثى، فيظل نهاره مسودًّا، واسوداد الوجه كناية عن الاغتمام والتشوير.

{وَهُوَ كَظِيمٌ} في "المصباح": كظمت الغيظ كظمًا - من باب ضرب - وكظومًا، إذا أمسكت على ما في نفسك منه على صفح أو غيظ، وفي التنزيل:

ص: 274

{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} وربما قيل: كظمت على الغيظ، وكظمني الغيظ فأنا كظيم ومكظوم، وكظم البعير كظومًا لم يجتر، وقال الأخفش: الكظيم هو الذي يكظم غيظه ولا يظهره، وقيل: إنه المغموم الذي يطبق فاه من الغم، مأخوذ من الكظامة، وهو سد فم البئر، قاله علي بن عيسى.

{يَتَوَارَى} ؛ أي: يختفي ويتغيب، وقد كان من عادتهم في الجاهلية أن يتوارى الرجل حين ظهور آثار الطلق بامرأته، فإن أخبر بذكر .. ابتهج، وإن أخبر بأنثى .. حزن وبقي متواريًا أيامًا يدبر فيها ما يصنع، {هُونٍ}؛ أي: يحفظه ويحبسه، كقوله:{أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} ، {هُونٍ} الهون الهوان والذل بلغة قريش، وحكي عن الكسائي: أنه البلاء والشدة، قالت الخنساء:

نُهِيْنُ النُّفُوْسَ وَهَوْنُ النُّفُوْسِ

يَوْمَ الْكَرِيهَةِ أبْقَى لَهَا

{أَمْ يَدُسُّهُ} يقال: دس الشيء في الشيء إذا أخفاه، {مَثَلُ السَّوءِ}؛ أي: الصفة السوىء، وهي احتياجهم إلى الولد وكراهتهم للبنات، خوف الفقر والعار، والمثل بمعنى الصفة، والسوء بمعنى السؤى، بوزن موسى، وهو من إضافة الموصوف إلى صفته.

{وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} ؛ أي: الصفة العليا، وهي أنه لا إله إلا هو، وأن له جميع صفات الجلال والكمال، {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ} فاعل هنا بمعنى فعل الثلاثي؛ أي: أخذ، {لَا يَسْتَأْخِرُونَ}؛ أي: لا يتأخرون، وصيغة الاستفعال للإشعار بعجزهم عنه مع طلبهم له، {سَاعَةً}؛ أي: أقصر وقت، وهي مثل في قلة المدة كما مر، {لَا جَرَمَ}: تركيب مزجي من {لا} و {جَرَم} ، ومعناه الفعل؛ أي: حق وثبت، {وَأَنَهُم مُفْرَطُونَ}؛ أي: مقدمون إلى النار معجلون إليها، من أفرطته إذا قدمته في طلب الماء، أو متروكون في النار، من أفرطت فلانًا خلفي إذا خلفته ونسيته خلفك، والفارط هو الذي يتقدم إلى الماء، والفُرَّاط المتقدمون في طلب الماء، والوُرَّاد المتأخرون، ومنه صلى الله عليه وسلم:"أنا فرطكم على الحوض"؛ أي: متقدَّمكم، قال القطاميُّ:

فَاسْتَعْجَلُوْنَا وَكَانُوْا مِنْ صحَابَتِنَا

كَمَا تَعجَّلَ فُرَّاطٌ لِوُرَّادِ

ص: 275

وفي "المختار": وفرط القوم سبقهم إلى الماء، فهو فارط، والجمع فراط بوزن كُتَّان، وبابه نصر، وأفرطه إذا تركه، ومنه قوله تعالى:{وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ} ؛ أي: متروكون في النار منسيون، وأفرط في الأمر؛ أي: جاوز فيه الحدَّ. اهـ، وفي "القاموس": وأفرط فلانًا تركه وتقدمه، وجاوز الحد، وأعجل بالأمر، {وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ}؛ أي: منسيون متروكون في النار، أو مقدّمون معجلون إليها، وقرىء بكسر الراء؛ أي: مجاوزون لما حد لهم اهـ، {فَهُوَ وَلِيُّهُمُ}؛ أي: ناصرهم ومساعدهم {الْيَوْمَ} ؛ وفي "الفتوحات": لفظ اليوم المعرف بأل إنما يستعمل حقيقة في الزمان الحاضر المقارن للتكلم، كالآن وحينئذٍ، فلفظ اليوم في الآية يحتمل أنه إشارةٌ إلى وقت تزيين الشيطان الأعمال للأمم الماضية، فيحتاج لتأويل، بأن يقال: إنه على حكاية الحال الماضية، حيث عبر عن الزمان الماضي بلفظ اليوم الموضوع للزمن الحاضر، ويحتمل أنه إشارةٌ إلى يوم القيامة، فيحتاج إلى التأويل أيضًا، بأن يقال: إنه على حكاية الحال الآتية حيث عبر عن الزمان الذي سيحصل بما هو موضوع للحاضر المقارن، ويحتمل أن يشار إلى مدة الدنيا من حيث هي، وعلى هذا لا حاجة إلى تأويل أصلًا؛ لأنّ مدة الدنيا كالوقت الحاضر، بالنسبة للآخرة، فتلخص أن الاحتمالات ثلاثة، وأنه يحتاج إلى التأويل على الأول والثاني دون الثالث، وفي "أبي السعود":{فَهُوَ وَلِيُّهُمُ} ؛ أي: قرينهم اليوم؛ أي: يوم زين لهم الشيطان أعمالهم فيه، على طريقة حكاية الحال الماضية، أو في الدنيا، أو يوم القيامة على طريقة حكاية الحال الآتية، وهي حال كونهم معذّبين في النار اهـ. ومثله في "البيضاوي".

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: التعبير عن الماضي بصيغة المضارع في قوله: {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} لاستحضار صورة توكلهم البديعة، وفيه ترغيب لغيرهم في طاعة الله عز وجل.

ص: 276

ومنها: صيغة المبالغة في قوله: {لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} لأن فعولًا وفعيلًا من صيغ المبالغة.

ومنها: الطباق في قوله: {عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ} .

ومنها: قصر القلب أو الإفراد في قوله: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ} ؛ أي: له تعالى وحده لا لغيره استقلالًا واشتراكًا.

ومنها: ذكر الخاص بعد العام في قوله: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} و {وَالْمَلَائِكَةُ} زيادة في التعظيم والتبجيل للملائكة الأطهار.

ومنها: الالتفات من الغيبة في قوله {وَقَالَ اللَّهُ} إلى التكلم في قوله: {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} لتربية المهابة والرهبة في القلوب مع إفادة القصر؛ أي: لا تخافوا غيري؛ لأنه أبلغ في الرغبة من قوله: فإيّاه فارهبوه، فإن الترهيب في التكلم المنتقل إليه أزيد، ثم التفت من التكلم إلى ضمير الغيبة في قوله: {وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ

} إلخ كما في "الكرخي".

ومنها: إيراد الصيغة الخاصة بالعقلاء في غيرهم في قوله: {وَهُمْ دَاخِرُونَ} لأن الدخور من خصائصهم تنزيلًا له منزلتهم.

ومنها: الطباق في قوله: {يَسْتَقْدِمُونَ} و {يَسْتَأْخِرُونَ} .

ومنها: الاعتراض في قوله: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57)} فلفظة سبحانه معترضة لتعجيب الخلق من هذا الجهل القبيح.

ومنها: التهديد والوعيد في قوله: {فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} .

ومنها: الكناية في قوله: {وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ} لأنه كناية عن كونها كاذبة، قال الشهاب: وهذا من بليغ الكلام وبديعه؛ أي: ألسنتهم كاذبة كقولهم: عينها تصف السحر؛ أي: ساحرة، وقدها يصف الهيف؛ أي: هيفاء.

ومنها: صيغة المبالغة في قوله: {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .

ومنها: التأكيد في قوله: {إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ} فإن لفظ اثنين تأكيد لما فهم من

ص: 277

إلهين من التثنية.

ومنها: الحصر في قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا} .

ومنها: الاستعارة في قوله: {وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} لأن لعل هنا مستعارٌ لمعنى الإرادة.

ومنها: الاستفهام التوبيخي في قوله: {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ} ، وفي قوله:{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} .

ومنها: الطباق بين النعمة والضر في قوله: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ} .

ومنها: التأكيد بالقسم في قوله: {تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ} .

ومنها: الكناية في قوله: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} لأن اسوداد الوجه كناية عن شدة الاغتمام.

ومنها: إضافة الموصوف إلى صفته في قوله: {مَثَلُ السَّوْءِ} ، لأن معناه الصفة السؤى.

ومنها: الإظهار في مقام الإضمار في قوله: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ} .

ومنها: حكاية الحال الماضية في قوله: {فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ} إن أريد باليوم زمن تزيين الأعمال للأمم الماضية، حيث عبر عن الزمن الماضي بلفظ اليوم الموضوع للزمن الحاضر، ويمكن كونه من حكاية الحال الآتية كما مَرَّ في مبحث التصريف.

ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *

ص: 278

قال الله سبحانه جلَّ وعلا:

{وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67) وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70) وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (71) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ (73) فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (74) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (77) وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78) أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (79)} .

المناسبة

قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما وعد (1) المؤمنين بجنات تجري من تحتها

(1) المراغي.

ص: 279

الأنهار، وأوعد الكافرين بنار تلظى جزاء ما دنسوا به أنفسهم من الإشراك بربهم، ونسبة البنات إليه، وافترائهم عليه ما لم ينزّل به سلطانًا .. عاد إلى ذكر دلائل التوحيد من قبل أنه قطب الرحى في الدين الإِسلامي، وفي كل دين سماوي؛ ويليه إثبات النبوّات والبعث والجزاء، فبين أنه أنزل المطر من السماء لتحيا به الأرض بعد موتها، وثنى بإخراج اللبن عن الأنعام، وثلث باتخاذ الخمر لخلٍّ، والدبس من الأعناب والنخيل، وربع بإخراج العسل من النحل وفيه شفاء للناس، وقد بين ذلك كيف ألهم النحل بناء البيوت والبحث عن أرزاقها من كل فجٍّ.

وقال ابن عطية: مناسبتها لما قبلها: أنه سبحانه وتعالى لما أمره بتبيين (1) ما اختلف فيه .. قص العبر المؤدية إلى بيان أمر الربوبية، فبدأ بنعمة المطر التي هي أبين العبر، وهي ملاك الحياة، وهي في غاية الظهور، ولا يختلف فيها عاقل انتهى.

وقال أبو حيان: مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه سبحانه وتعالى لما ذكر (2) إنزال الكتاب للتبيين كان القرآن حياة الأرواح وشفاء لما في الصدور من علل العقائد، ولذلك ختم بقوله:{لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} ؛ أي: يصدقون، والتصديق محله القلب، فكذا إنزال المطر الذي هو حياة الأجسام وسببٌ لبقائها، ثم أشار بإحياء الأرض بعد موتها إلى إحياء القلوب بالقرآن كما قال تعالى:{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} فكما تصير الأرض خضرة بالنبات نضرة بعد همودها، كذلك القلب يحيا بالقرآن بعد أن كان ميتًا بالجهل، وكذلك ختم بقوله:{يَسْمَعُونَ} هذا التشبيه المشار إليه والمعنى سماع إنصاف وتدبر، ولملاحظة هذا المعنى والله أعلم لم يختم بقوم يبصرون وإن كان إنزال المطر مما يبصر ويشاهد.

ولمَّا ذكر إحياء الأرض بعد موتها .. ذكر ما ينشأ عن المطر، وهو حياة الأنعام التي هي مألوف العرب بما يتناوله من النبات الناشىء عن المطر، ونبَّه على العبرة العظيمة، وهو خروج البن من بين فرث ودم.

(1) ابن عطية.

(2)

البحر المحيط.

ص: 280

قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لمَّا ذكر (1) عجائب أحوال الحيوان وما فيها من نعمةٍ للإنسان، كالأنعام التي يتخذ من ضرعها اللبن، والنحل التي يشتار منها العسل، ويؤخذ منها الشمع للإضاءة .. أردف ذلك بيان أحوال الناس، فذكر مراتب أعمارهم، وأن منهم من يموت وهو صغير، ومنهم من يعمر حتى يصل إلى أرذل العمر، ويصير نسَّاء لا يحفظ شيئًا، وفي ذلك دليل على كمال قدرته تعالى ووحدانيته، ثم ثنى بذكر أعمال أخرى لهم، وهي تفضيل بعضهم على بعض في الرزق، فقد يرى أكيس الناس وأكثرهم عقلًا وفهمًا يفني عمره في طلب القليل من الدنيا وقيل أن يتيسر له، بينا يرى أقل الناس علمًا وفهمًا تتفتح له أبواب السماء، ويأتيه الرزق من كل صوب، وذلك دليل على أن الأرزاق قد قسمها الخلاق العليم، كما قال:{نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وقال الشافعي رحمه الله تعالى:

ومِن الدَّليلِ على القَضَاءِ وكَوْنِه

بُؤْسُ اللَّبِيب وطِيْبُ عَيْشِ الأحْمِق

ثم ثلث بذكر نعمةٍ ثالثةٍ عليهم إذ جعل لهم أزواجًا من جنسهم، وجعل لم من هذه الأزواج بنين وحفدة، ورزقهم المطعومات الطيبة من النبات، كالثمار والحبوب والأشربة، أو من الحيوان على اختلاف أنواعها، وقال أبو حيان: مناسبة هذه الآية لما قبلها: لما ذكر تعالى تلك الآيات التي في الأنعام والثمرات والنحل .. ذكر ما نبَّهنا به على قدرته التّامة وعلمه الواسع ولذلك ختم بقوله: {عَلِيمٌ قَدِيرٌ} .

قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنه سبحانه وتعالى لمَّا (2) بين دلائل التوحيد البيان الشافي فيما سلف. أردف ذلك الرد على عابدي

(1) المراغي.

(2)

المراغي.

ص: 281

الأوثان والأصنام، فضرب لذلك مثلين يؤكد بهما إبطال عبادتها:

أوَّلهما: العبد المملوك الذي لا يقدر على شيء، والحر الكريم الغني الكثير الإنفاق سرًّا وجهرًا، ولفت النظر إلى أنهما هل يكونان في نظر العقل سواء مع تساويهما في الخلق والصورة البشرية، وإذا امتنع ذلك فكيف ينبغي أن يسوى بين القادر على الرزق والإفضال والأصنام التي لا تملك ولا تقدر على النفع والضر.

والثاني: مثل رجلين أحدهما: أبكم عاجز لا يقدر على تحصيل خير وهو عبءٌ ثقيلٌ على سيده، وثانيهما: حول قلب ناطق كامل القدرة، أيستويان لدى أرباب الفكر أو استوائهما في البشرية، وإذًا فكيف يدور بخلد عاقل مساواة الجماد برب العالمين في الألوهية والعبادة.

وقال أبو حيان: مناسبة ضرب هذا المثل (1): أنه لما بين تعالى ضلالهم في إشراكهم بالله تعالى غيره، وهو لا يجلب نفعًا ولا ضرًّا لنفسه ولا لعابده .. ضرب لهم مثلًا قصة عبدٍ في ملك غيره عاجز عن التصرف، وحر غني متصرف فيما آتاه الله، فإذا كان هذان لا يستويان عندكم، مع كونهما من جنس واحد ومشتركين في الإنسانية، فكيف تشركون بالله وتسوون به من هو مخلوق له مقهور بقدرته من آدمي وغيره، مع تباين الأوصاف، وأن موجد الوجود لا يمكن أن يشبهه شيء من خلقه، ولا يمكن لعاقل أن يشبِّه به غيره.

قوله تعالى: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله (2) سبحانه وتعالى لمَّا مثل نفسه عز وجل بمن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم، ومستحيل أن يكون كذلك إلَّا إذا كان كامل العلم والقدرة .. أردف ذلك بما يدل على كمال علمه، فأبان أن العلم بغيوب السموات والأرض ليس إلا له، وبما يدل على كمال قدرته، فذكر أن قيام الساعة في السرعة كلمح البصر أو أقرب، ثم عاد إلى ذكر الدلائل على توحيده، وأنه الفاعل المختار، فذكر منها خلق الإنسان في أطواره المختلفة، ثم الطير المسخّر بين

(1) البحر المحيط.

(2)

المراغي.

ص: 282