الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي: بعد ما أصابني الكبر والهرم، وقرأ الأعرج:{بشرتموني} بغير همزة الاستفهام، وقرأ ابن محيصن {الكُبْر} بضم الكاف وسكون الباء؛ أي: بشرتموني بذلك مع مس الكبر وتأثيره فيَّ، وتلك حال تنافي هذه البشرى، وقوله:{فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} استفهام تعجيب واستبعاد مؤكد للأول، وكأنه لم يعلم أنهم ملائكة رسل الله إليه، فلذلك استفهم، واستنكر أن يولد له، ولو علم أنهم رسل الله
…
ما تعجب ولا استنكر، ولا سيما قد رأى من آيات الله عيانًا كيف أحيى الموتى؛ أي فبأي (1) أعجوبة تبشرون إذ لا سبيل في العادة إلى مثل ذلك، وكأنه عليه السلام أراد أن يعرف أيعطى هذا الولد مع بقائه على حاله من الشيخوخة التامة، أو يرجع شابًّا ثم يعطي الولد، لما جرت به العادة من أن الولد لا يكون إلا حين الشباب، و {ما} في قوله:{فَبِمَ} هي ما الاستفهامية، دخلها معنى التعجب، حذفت ألفها في حالة الجر فرقًا بينها وبين ما الموصولة؛ وقرأ (2) الحسن:{تُبَشِّرُونِّي} بنون مشددة وياء المتكلم، أدغم نون الرفع في نون الوقاية، وابن كثير بشدها مكسورة دون ياء، ونافع بكسرها مخففة، وغلطه أبو حاتم، وقال: هذا يكون في الشعر اضطرارًا، وخرجت على أنه حذف نون الوقاية، وكسر نون الرفع للياء، ثم حذفت الياء لدلالة الكسرة عليها، وقرأ باقي السبعة بفتح النون، وهي علامة الرفع، قال الحسن: فبم تبشرون على وجه الاحتقار وعدم المبالاة بالمبشرات، لمضي العمر واستيلاء الكبر، وقال مجاهد: عجب من كبره وكبر امرأته، فأجابوه مؤكدين ما بشروه به، تحقيقًا لما قالوا، وليكون بشارة بعد بشارة بما بينه سبحانه.
55
- {قَالُوا} ؛ أي: قال ضيف إبراهيم له {بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ} ؛ أي: بشرناك بما يكون حقًّا لا محالة فيه، وإنَّا لنعلم أن الله قد وهب لك غلامًا، {فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ}؛ أي: فلا تكن يا إبراهيم من الآيسين، الذين يقنطون وييئسون من فضل الله ورحمته، فييأسوا من خرق العادة، بل أبشر بما بشرناك به، واقبل البشرى.
(1) المراغي.
(2)
البحر المحيط.