الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} ؛ أي: فسر بأهلك، ابنتيك، أو هما وامرأتك الصالحة، على الخلاف فيه في بقيةٍ من الليل، {وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ}؛ أي: وكن وراء أهلك الذين تسري بهم وعلى أثرهم لتذود عنهم، وتسرع بهم، وتراقب أحوالهم، حتى لا يتخلف منهم أحد لغرض فيصيبه عذاب.
{وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ} فيرى ما ينزل بقومه فيرق قلبه لهم، وليوطن نفسه على الهجرة، ويطيب نفسًا بالانتقال إلى المسكن الجديد، ثم أكدوا هذا النهي بقولهم:{وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} ؛ أي: واذهبوا حيث يأمركم ربكم، غير ملتفتين إلى ما ورائكم، كالذي يتحسر على مفارقة وطنه، فلا يزال يلوي له أخاديده.
والخلاصة: أنهم أمروا بمواصلة السير، ونهوا عن التواني والتوقف، ليكون ذلك أقطع للعوائق وأحق بالإسراع للوصول إلى المقصد الحقيقيّ، وهو بلاد الشام.
ثم بين العلة في الأمر بالإسراع السريع فقال: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ} ؛ أي: وأوحينا إليه أن ذلك الأمر مقضي مبتوت فيه، ثم فصل ذلك فقال:{أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ} ؛ أي: إن آخر قومك وأولهم مجذوذ مستأصل صباح ليلتهم، ولا يبقى منهم أحدٌ، ونحو الآية:{فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا}
67
- ثم شرع يذكر ما صدر من القوم حين علموا بقدوم الأضياف، وما ترتب عليه مما أشير إليه أولًا على سبيل الإجمال فقال:{وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ} ؛ أي؛ أهل مدينة لوط المسماة بسذوم - بسين مهملة فذال معجمة، وأخطأ (1) من قال بمهملة - وهي التي ضرب بقاضيها المثل في الجور، ومدائن قوم لوط كانت أربعًا، وقيل سبعًا، وأعظمها سذوم، وفي "درياق الذنوب" لابن الجوزي: كانت خمسين قرية؛ أي: جاء أهل مدينة سذوم إلى منزل لوط حالة كونهم {يَسْتَبْشِرُونَ} ؛ أي: يبشر (2) بعضهم بعضًا بأضياف لوط، والاستبشار إظهار الفرح والسرور؛ أي: يظهرون الفرح والسرور بأضياف لوط طمعًا في ارتكاب الفاحشة منهم، وقالوا: نزل بلوط
(1) الفتوحات.
(2)
الخازن.