المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بالعهود والمواثيق {أَجْرَهُمْ} الخاص بهم بمقابلة صبرهم على الأمور المذكورة، - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ١٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌سورة الحجر

- ‌(1):

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌63

- ‌64

- ‌65

- ‌66

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌70

- ‌71

- ‌72

- ‌73

- ‌74

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌78

- ‌79

- ‌80

- ‌81

- ‌82

- ‌83

- ‌84

- ‌85

- ‌86

- ‌87

- ‌88

- ‌89

- ‌90

- ‌91

- ‌92

- ‌93

- ‌94

- ‌95

- ‌96

- ‌97

- ‌98

- ‌99

- ‌سورة النحل

- ‌1

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌(5

- ‌6

- ‌7

- ‌(8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌ 33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌63

- ‌ 64

- ‌65

- ‌66

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌70

- ‌71

- ‌72

- ‌73

- ‌74

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌78

- ‌79

- ‌80

- ‌81

- ‌82

- ‌83

- ‌84

- ‌85

- ‌86

- ‌87

- ‌88

- ‌89

- ‌90

- ‌91

- ‌92

- ‌93

- ‌94

- ‌95

- ‌96

- ‌97

- ‌98

- ‌99

- ‌100

- ‌101

- ‌102

- ‌103

- ‌104

- ‌105

- ‌106

- ‌107

- ‌108

- ‌109

- ‌110

- ‌111

- ‌112

- ‌113

- ‌114

- ‌115

- ‌116

- ‌117

- ‌118

- ‌119

- ‌120

- ‌121

- ‌122

- ‌123

- ‌124

- ‌125

- ‌126

- ‌127

- ‌128

الفصل: بالعهود والمواثيق {أَجْرَهُمْ} الخاص بهم بمقابلة صبرهم على الأمور المذكورة،

بالعهود والمواثيق {أَجْرَهُمْ} الخاص بهم بمقابلة صبرهم على الأمور المذكورة، وهو مفعول ثان لنجزين {بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}؛ أي (1): لنجزينهم بسبب صبرهم على ما نالهم من مشاق التكليف وجهاد الكافرين، والصبر على ما ينالهم منهم من الإيذاء، بأحسن ما كانوا يعملون من الطاعات، قيل: وإنما خصّ أحسن أعمالهم لأن ما عداه وهو الحسن مباح، والجزاء إنما يكون على الطاعة، وقيل: المعنى ولنجزينهم بجزاءٍ أشرف وأوفر من عملهم، كقوله:{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} أو لنجزينهم بحسب أحسن أفراد أعمالهم، على معنى لنعطينهم بمقابلة الفرد الأدنى من أعمالهم المذكورة ما نعطيهم بمقابلة الفرد الأعلى منها، من الجزاء الجزيل لا أنا نعطي الأجر بحسب أفرادها المتفاوتة في مراتب الحسن، بأن نجزي الحسن منها بالأجر الحسن، والأحسن بالأحسن كذا قيل، قال أبو حيان: والذي (2) يظهر أن المراد بالأحسن هنا الصبر؛ أي: ولنجزين الذين صبروا بصبرهم؛ أي: بجزاء صبرهم، وجعل الصبر أحسن الأعمال، لاحتياج جميع التكاليف إليه، وهو أس الأعمال الصالحة ورأسها، فكان الأحسن لذلك، وقرأ عاصم وابن كثير:{ولنجزين} بالنون وباقي السبعة بالياء.

وفي الآية (3): عدةٌ جميلةٌ باغتفار ما عسى أن يكون قد فرط منهم أثناء ذلك من جزع يعتريهم بحسب الطبيعة البشرية.

‌97

- ثم رغبهم في المثابرة على أداء الطاعات وعمل الواجبات الدينية فقال: {مَنْ عَمِلَ} عملًا {صَالِحًا} أيَّ عمل كان قوليًّا أو فعليًّا، وهو ما كان لوجه الله تعالى ورضاه، ليس فيه هوى ولا رياء، والفرق بينهما أن الهوى بالنسبة إلى النفس والرياء بالنسبة إلى الخلق، حال كون ذلك العامل {مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى}؛ أي: من رجل أو امرأة، بينه (4) بالنوعين ليعمُّهما الوعد الآتي، ولا يتوهم التخصيص بالذكور بناء على كثرة استعمال لفظ {مِنْ} فيهم، وأن الإناث لا

(1) الشوكاني.

(2)

البحر المحيط.

(3)

المراغي.

(4)

روح البيان.

ص: 355

يدخلن في أكثر الأحكام والمحاورات إلا بطريق التغليب أو التبعية {وَهُوَ} ؛ أي: والحال أن ذلك العامل {مُؤْمِنٌ} مخلص، قيده به إذ لا اعتداد بأعمال الكفرة في استحقاق الثواب، وإنما المتوقع عليها تخفيف العذاب {فَلَنُحْيِيَنَّهُ} في الدنيا {حَيَاةً طَيِّبَةً} فيعيش عيشًا طيبًا لأنه إن كان موسرًا فظاهر، وإن كان معسرًا يطيب عيشه بالقناعة والرضا بالقسمة، وتوقع الأجر العظيم في الآخرة، كالصائم يطيب نهاره بملاحظة نعيم ليله، بخلاف الفاجر فإنه إن كان معسرًا فلا يدعه الحرص وخوف القوت أن يتهنأ بعيشه، واللام في قوله:{فَلَنُحْيِيَنَّهُ} لام قسم، وكذا في قوله:{وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ} ؛ أي: ونعطين أولئك العاملين في الآخرة {أَجْرَهُمْ} الخاص بهم وثوابهم الجزيل {بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ؛ أي: بما كانوا يعملون من الصالحات، وإنما أضيف (1) إليه الأحسن للإشعار بكمال حسنه، وقد قدَّمْنا قريبًا تفسير الجزاء بالأحسن في حق الصابرين فراجعه، ووحَّد (2) الضمير في {لنحيينه} وجمعه في {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ} حملًا على لفظ {مِنْ} وعلى معناه، وروي (3) عن نافع:{وليجزينهم} بالياء بدل النون التفت من ضمير المتكلم إلى ضمير الغيبة.

والمعنى: أي (4) من عمل صالح الأعمال، وأدى فرائض الله التي أوجبها عليه، وهو مصدق بثوابه الذي وعد به أهل طاعته، وبعقاب أهل المعصية على عصيانهم .. فلنحيينه حياة طيبة تصحبها القناعة بما قسم الله له، والرضا بما قدره وقضاه، إذ هو يعلم أن رزقه إنما حصل بتدبيره، والله محسن كريم لا يفعل إلَّا ما فيه المصلحة، ويعلم أن خيرات الدنيا سريعة الزوال فلا يقيم لها في نفسه وزنًا، فلا يعظم فرحه بوجدانها، ولا غمه بفقدانها، ثم هو بعد ذلك يجزى في الآخرة أحسن الجزاء، ويثاب أجمل الثواب، جزاء ما قدم من عمل صالح، وتحلى به من إيمان صادق، أما من أعرض عن ذكر الله تعالى، فلم يؤمن ولم يعمل صالحًا .. فهو في عناء ونكد، إذ يكون شديد الحرص والطمع في الحصول على

(1) روح البيان.

(2)

الشوكاني.

(3)

البحر المحيط.

(4)

المراغي.

ص: 356

لذات الدنيا، فإن أصابته محنة أو بلاءٌ .. استعظم أمره، وعظمت أحزانه، وكثر غمه وكدره، وإذا فاته شيء من خيراتها .. عبس وبسر، وامتلأ قلبه أسى وحسرةً، لأنه يظن أن السعادة كل السعادة في الحصول على زخرف هذه الحياة والتمتع بمتاعها، فإذا هو لم ينل منه ما يريد .. فقد حرم كل ما يحلم به ويقدِّره من وافر السعادة وعظيم الخير، والإنسان بطبعه جزوعٌ هلوع منوعٌ {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22)} .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول: "اللهم قنعني بما رزقتني، وبارك لي فيه، واخلف عليَّ كل غائبة لي بخير".

وأخرج الترمذي والنسائي من حديث فضالة بن عبيد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قد أفلح من هدي إلى الإِسلام وكان عيشه كفافًا وقنع به".

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قد أفلح من أسلم، ورزق كفافًا وقنعه الله بما آتاه"، والله سبحانه وتعالى أعلم.

الإعراب

{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (80)} .

{وَاللَّهُ} : مبتدأ، {جَعَلَ} فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {الله} ، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة {لَكُمْ} جار ومجرور متعلق بـ {جَعَلَ} ، {مِنْ بُيُوتِكُمْ}: جار ومجرور متعلق به أيضًا، وهو في محل المفعول الثاني، أو حال من {سَكَنًا}؛ لأنه صفة نكرةٍ قدمت عليه {سَكَنًا}: مفعول أول وفي "الفتوحات": قوله {سَكَنًا} يجوز (1) أن يكون مفعولًا أول على أن الجعل بمعنى التصيير، والمفعول الثاني أحد الجارين قبله، ويجوز أن يكون الجعل بمعنى الخلق فيتعدى لواحد انتهى، {وَجَعَلَ}: فعل ماض

(1) الفتوحات.

ص: 357

معطوف على {جَعَلَ} الأول، وفاعله ضمير يعود على {الله} ، {لَكُمْ}: متعلق به على كونه مفعولًا ثانيًا له، {مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ}: متعلق به أيضًا، {بُيُوتًا}: مفعول أول، أو مفعول به إن كان {جَعَلَ} بمعنى خلق، {تَسْتَخِفُّونَهَا}: فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل النصب صفة لـ {بُيُوتًا} ، {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ}: ظرف ومضاف إليه متعلق بـ {تستخفون} ، {وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ}: ظرف ومضاف إليه، معطوف على الظرف الأول، {وَمِنْ أَصْوَافِهَا} جار ومجرور متعلق بـ {جَعَلَ} المقدر {وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا} معطوف على {أَصْوَافِهَا} ، {أَثَاثًا} معطوف على {سَكَنًا} ، وقد فصل (1) بينه وبين حرف العطف بالجار والمجرور وهو قوله:{وَمِنْ أَصْوَافِهَا} ، وليس بفصل مستقبح كما زعم في "الإيضاح" لأنَّ الجار والمجرور مفعول، وتقديم مفعول على مفعول قياسي، {وَمَتَاعًا} معطوف على {أَثَاثًا} {إِلَى حِينٍ}: جار ومجرور صفة لـ {أَثَاثًا وَمَتَاعًا} ؛ أي؛ منتفعين بهما إلى حين انقضاء الحاجة إليهما.

{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} .

{وَاللَّهُ} : مبتدأ، وجملة {جَعَلَ} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، {لَكُمْ}: متعلق بـ {جعل} ، {مِمَّا}: جار ومجرور في محل المفعول الثاني، {خَلَقَ}: فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {الله} ، والجملة صلة لـ {ما} أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف تقديره: مما خلقه، {ظِلَالًا}: مفعول {جَعَلَ} . {وَجَعَلَ} : معطوف على {جَعَلَ} قبله، {لَكُمْ}: متعلق به، {مِنَ الْجِبَالِ}: متعلق به أيضًا، وهو في محل المفعول الثاني لجعل، {أَكْنَانًا}: مفعول أول لـ {جعل} ، {وَجَعَلَ}: معطوف على {وَجَعَلَ} أيضًا، {لَكُمْ}: متعلق به، {سَرَابِيلَ}: مفعول أول لـ {جَعَلَ} ، {تَقِيكُمُ الْحَرَّ}: فعل ومفعولان، وفاعله ضمير يعود على {سَرَابِيلَ} ، والجملة صفة لـ {سَرَابِيلَ} ، {سَرَابِيلَ} معطوف على {سَرَابِيلَ} الأولى، {تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ}: فعل ومفعولان، وفاعله ضمير يعود على {سَرَابِيلَ} ، والجملة صفة لـ {سَرَابِيلَ} .

(1) العكبري.

ص: 358

{كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ} .

{كَذَلِكَ} صفة لمصدر محذوف، {يُتِمُّ نِعْمَتَهُ}: فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {الله} {عَلَيْكُمْ}: متعلق به، والجملة مستأنفة، والتقدير: يتم نعمته عليكم إتمامًا مثل إتمامه عليكم النعمة المذكورة، {لَعَلَّكُمْ}: ناصب واسمه، وجملة {تُسْلِمُونَ} خبره، وجملة {لَعَلَّ} مستأنفةٌ مسوقةً لتعليل ما قبلها.

{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (82) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (83)} .

{فإن} {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا بلَّغتهم ما أرسلت به إليهم، وأردت بيان حكم ما إذا أعرضوا عنه .. فأقول لك {إِنْ تَوَلَّوْا} {إن} حرف شرط، {تَوَلَّوْا}: فعل وفاعل، والجملة في محل الجزم بـ {إن} على كونها فعل شرط لها، وجواب الشرط محذوف، تقديره: فلا تَبْخَع نَفَسَك حسراتٍ عليهم، والجملة الشرطية في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، {فَإِنَّمَا} {الفاء}: تعليلية، {إِنَّمَا}: أداة حصر، {عَلَيْكَ}: خبر مقدم، {الْبَلَاغُ}: مبتدأ مؤخر، {الْمُبِينُ}: صفة لـ {البلاغ} ، والجملة الاسمية في محل الجر بلام التعليل المقدرة المدلول عليها بالفاء التعليلية، والتقدير: فإن تولوا فلا قصور عليك في حقهم لعدم كون غير البلاغ عليك؛ أي: ليست هدايتهم عليك. {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ} : فعل وفاعل ومفعول، والجملة مستأنفة، {ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا}: فعل وفاعل ومفعول، معطوف على {يَعْرِفُونَ} ، {وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ}: مبتدأ وخبر، والجملة مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها.

{وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (84)} .

{وَيَوْمَ} : منصوب على الظرفية متعلق بمحذوف، تقديره: واذْكُر يوم نبعث،

ص: 359

{نَبْعَثُ} : فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {الله} ، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ {يوم} {مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ}: جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بـ {نبعَثُ} ، {شَهِيدًا}: فعول به، {ثُمَّ}: حرف عطف وترتيب، {لَا}: نافية، {يُؤْذَنُ}: فعل مضارع مغير الصيغة، {لِلَّذِينَ}: جار ومجرور في محل الرفع نائب فاعل لـ {يُؤْذَنُ} ، والجملة الفعلية في محل الجر معطوفة على {نَبْعَثُ} ، {كَفَرُوا}: فعل وفاعل، صلة الموصول، {وَلَا} {الواو} عاطفة، {لا}: نافية، {هُمْ}: مبتدأ، وجملة {يُسْتَعْتَبُونَ} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل الجر معطوفة على {لَا يُؤْذَنُ} .

{وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (85)} .

{وَإِذَا} {الواو} : استئنافية، {إذا}: ظرف لما يستقبل من الزمان، {رَأَى الَّذِينَ}: فعل وفاعل، والجملة في محل الخفض بإضافة {إذا} إليها، على كونها فعل شرط لها، والظرف متعلق بالجواب الآتي، {ظَلَمُوا} فعل وفاعل صلة الموصول {الْعَذَابَ} مفعول به {فَلَا} {الفاء} وابطة لجواب {إذَا} جوازًا {لا} نافية، {يُخَفَّفُ}: فعل مضارع مغير الصيغة، {عَنْهُمْ}: متعلق به، ونائب فاعله ضمير يعود على {الْعَذَابَ} ، والجملة جواب {إذا} لا محل لها من الإعراب، وجملة {إذا} مستأنفة، {وَلَا هُمْ} مبتدأ، وجملة {لا ينُظَرُونَ} خبره، والجملة الاسمية معطوفة على جملة {لا يخفف} .

{وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ (86)} .

{وَإِذَا} : ظرف لما يستقبل، {رَأَى الَّذِينَ}: فعل وفاعل، فعل شرط لـ {إذا} {أَشْرَكُوا}: فعل وفاعل، صلة الموصول، {شُرَكَاءَهُمْ}: مفعول به لـ {رأى} لأنها بصرية، {قَالُوا}: فعل وفاعل، جواب {إذا} وجملة {إذا} معطوفة على جملة {إذا} الأولى. {رَبَّنَا}: إلى قوله: {فَأَلْقَوْا} مقول محكي، وإن شئت قلت:{رَبَّنَا} منادى مضاف، وجملة النداء في محل النصب مقول {قال} ،

ص: 360

{هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا} مبتدأ وخبر، والجملة في محل النصب مقول {قَالُوا} ، {الَّذِينَ}: صفة لـ {شُرَكَاؤُنَا} ، {كُنَّا}: فعل ناقص واسمه، وجملة {نَدْعُو} خبره، وجملة {كان} صلة الموصول، {مِنْ دُونِكَ}: جار ومجرور حال من فاعل {نَدْعُو} ؛ أي: حالة كوننا متجاوزين بعبادتنا إلى غيرك، {فَأَلْقَوْا} {الفاء}: عاطفة، {ألقوا}: فعل وفاعل، معطوف على {قَالُوا} ، {إِلَيْهِمُ}: متعلق بـ {ألقوا} {الْقَوْلَ} : مفعول به، {إِنَّكُمْ}: ناصب واسمه، {لَكَاذِبُونَ}: خبره، و {اللام}: حرف ابتداء، وجملة {إن} في محل النصب مقول لقول محذوف، تقديره: وقالوا إنكم لكاذبون.

{وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (87)} .

{وَأَلْقَوْا} : فعل وفاعل، معطوف على {فَأَلْقَوْا} ، {إلَى اَللهِ}: متعلق به، وكذا يتعلق به الظرف في قوله:{يَوْمَئِذٍ} ، {السَّلَمَ}: مفعول به، {وَضَلَّ}: فعل ماض، {عَنْهُمْ}: متعلق به، {مَا}: مصدرية، {كَانُوا}: فعل واسمه، وجملة {يَفْتَرُونَ} خبره، وجملة {كان} صلة {مَا} المصدرية، {مَا} مع صلتها في تأويل مصدر مرفوع على الفاعلية، والتقدير: وضل عنهم افتراؤهم.

{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (88)} .

{الَّذِينَ} : مبتدأ، وجملة {كَفَرُوا} صلته، {وَصَدُّوا}: فعل وفاعل، معطوف {كَفَرُوا}. {عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}: متعلق بـ {وَصَدُّوا} ، {زِدْنَاهُمْ عَذَابًا}: فعل وفاعل ومفعولان، {فَوْقَ الْعَذَابِ}: ظرف متعلق بمحذوف صفة لـ {عَذَابًا} ، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، {بِمَا} {الباء}: حرف جر وسبب، {ما}: مصدرية، {كَانُوا}: فعل ناقص واسمه، وجملة {يُفْسِدُونَ} خبره، وجملة {كان} صلة {ما} المصدرية، {ما} مع صلتها في تأويل مصدر مجرور بالباء، تقديره: بسبب إفسادهم، الجار والمجرور متعلق بـ {زِدْنَا} .

ص: 361

{وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} .

{وَيَوْمَ} : ظرف متعلق بمحذوف، تقديره: واذكر يوم، {نَبْعَثُ}: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {الله} ، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ {يوم} ، {فِي كُلِّ أُمَّةٍ}: جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بـ {نَبْعَثُ} ، {شَهِيدًا}: مفعول به، {عَلَيْهِمْ}: متعلق به، {مِنْ أَنْفُسِهِمْ}: صفة {شَهِيدًا} ، {وَجِئْنَا}: فعل وفاعل، معطوف على {نَبْعَثُ} ، {بِكَ}: جار ومجرور متعلق بـ {وَجِئْنَا} ، {شَهِيدًا}: حال من ضمير {بِكَ} ، {عَلَى هَؤُلَاءِ}: متعلق بـ {شَهِيدًا} . {وَنَزَّلْنَا} : فعل وفاعل، {عَلَيْكَ}: متعلق به، {الْكِتَابَ}: مفعول به، والجملة مستأنفة، {تِبْيَانًا}: حال من {الْكِتَابَ} أو مفعول لأجله، {لِكُلِّ شَيْءٍ}: متعلق بـ {تِبْيَانًا} ، {وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى}: معطوفات على {تِبْيَانًا} {لِلْمُسْلِمِينَ} : جار ومجرور متعلق بـ {بشرى} ، وهو متعلق من حيث المعنى بهدى ورحمة أيضًا اهـ "سمين".

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} .

{إِنَّ اللَّهَ} : ناصب واسمه، وجملة {يَأْمُرُ} خبره، وجملة {إِنَّ} مستأنفة، {بِالْعَدْلِ}: متعلق بـ {يَأْمُرُ} . {وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} : معطوفان عليه، {وَيَنْهَى}: فعل مضارع معطوف على {يَأْمُرُ} ، {عَنِ الْفَحْشَاءِ}: متعلق به، {وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ}: معطوفان على {الْفَحْشَاءِ} ، {يَعِظُكُمْ}: فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على {الله} ، والجملة الفعلية في محل النصب حال من فاعل {يَأْمُرُ} {وَيَنْهَى} ، {لَعَلَّكُمْ}: ناصب واسمه، وجملة {تَذَكَّرُونَ} خبره، وجملة {لعلَّ} في محل الجر بلام التعليل المقدرة مسوقة لتعليل ما قبلها.

{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91)} .

ص: 362

{وَأَوْفُوا} : فعل وفاعل، مستأنف، {بِعَهْدِ اللهِ}: جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق به، {إِذَا}: ظرف لما يستقبل مجرد من معنى الشرط متعلق بـ {أَوْفُوا} ، {عَاهَدْتُمْ}: فعل وفاعل، والجملة في محل الجر مضاف إليه لـ {إِذَا} ، {وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ}: فعل وفاعل ومفعول، معطوف على {أوفوا} ، {بَعْدَ تَوْكِيدِهَا}: ظرف ومضاف إليه، متعلق بـ {تَنْقُضُوا} ، {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ} فعل وفاعل ومفعول أول، {عَلَيْكُمْ}: متعلق به، {كَفِيلًا}: مفعول ثان، والجملة الفعلية في محل النصب حال من فاعل {تَنْقُضُوا} ، {إِنَّ اللهَ}: ناصب واسمه، وجملة {يَعْلَمُ} خبره، وجملة {إِنَّ} مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها، {مَا}: موصولة أو موصوفة في محل النصب مفعول {يَعْلَمُ} ، وجملة {تَفْعَلُونَ} صلة لـ {مَا} أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف تقديره: تفعلونه.

{وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ الله بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92)} .

{وَلَا تَكُونُوا} : فعل ناقص واسمه، مجزوم بـ {لا} الناهية، {كَالَّتِي}: جار ومجرور خبرها، وجملة {تَكُونُوا} معطوفة على جملة {تَنْقُضُوا} ، {نَقَضَتْ غَزْلَهَا}: فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على الموصول، والجملة صلة الموصول، {مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ}: جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بـ {نَقَضَتْ} {أَنْكَاثًا}: حال من {غَزْلَهَا} ، أو مفعول ثان لـ {نَقَضَتْ} إذا كان بمعنى صَيَّرَتْ، أو منصوب على المفعولية المطلقة لأنه موافق لعامله في المعنى، {تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا}: فعل وفاعل ومفعولان، {بَيْنَكُمْ}: ظرف متعلق بـ {دَخَلًا} ، والجملة الفعلية في محل النصب حال من واو {تَكُونُوا}؛ أي: حالة كونكم متخذين أيمانكم دخلًا بينكم، {أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ}: ناصب وفعل ناقص واسمه، {هِيَ}: مبتدأ، {أَرْبَى}: خبره، {مِنْ أُمَّةٍ}: متعلق بـ {أَرْبَى} ، والجملة الاسمية في محل النصب خبر {تَكُونَ} ، وجملة {تَكُونَ} مع {إِنَّ} المصدرية في تأويل مصدر مجرور باللام المقدرة؛ أي: لأجل كون أمة أربى

ص: 363

وأكثر من أمة، الجار والمجرور متعلق بـ {تتخذون} ، {إِنَّمَا}: أداة حصر، {يَبْلُوكُمُ اللَّهُ}: فعل ومفعول وفاعل، والجملة مستأنفة، {بِهِ}: متعلق به {وَلَيُبَيِّنَنَّ} {الواو} : استئنافية، و {اللام} موطئة للقسم، {يبينن} فعل مضارع في محل الرفع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهُ} ، {لَكُمْ} متعلق به، وكذا يتعلق به {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ، والجملة الفعلية جواب القسم لا محل لها من الإعراب، وجملة القسم مستأنفة. {مَا}: موصولة أو موصوفة في محل النصب مفعول لـ {يبين} . {كُنْتُمْ} فعل ناقص واسمه، {فِيهِ}: متعلق بما بعده، وجملة {تَخْتَلِفُونَ} خبر {كان} ، وجملة {كان} صلةٌ لـ {مَا} أو صفة لها.

{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (93)} .

{وَلَوْ} {الواو} : استئنافية، {لَوْ}: حرف شرط. {شَاءَ اللَّهُ} : فعل وفاعل، والجملة فعل شرط لـ {لَوْ} {لَجَعَلَكُمْ} {اللام}: رابطة لجواب {لَؤ} الشرطية، {جعلكم أمة}: فعل ومفعولان، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهُ} ، {وَاحِدَةً}: صفة لـ {أُمَّةً} ، والجملة الفعلية جواب لـ {لَوْ} الشرطية، وجملة {لَوْ} الشرطية مستأنفة، {وَلَكِنْ} {الواو} عاطفة، {لكن}: حرف استدارك، {يُضِلُّ}: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهُ} ، {مَنْ}: اسم موصول في محل النصب مفعول به، والجملة الاستدراكية معطوفة على جملة {ألَوْ} الشرطية، {يَشَاءُ}: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهُ} ، والجملة صلة {مَنْ} الموصولة، والعائد محذوف تقديره: من يشاء إضلاله، وجملة {وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} معطوفة على جملة {يُضِلُّ} ، {وَلَتُسْأَلُنَّ} {الواو} استئنافية، و {اللام}: موطئة للقسم، {تسألن}: فعل مضارع مغير الصيغة، مرفوع بثبات النون المحذوفة لتوالي الأمثال، و {الواو} المحذوفة لالتقاء الساكنين في محل الرفع نائب فاعل، وهو المفعول الأول لِسَأَل، لأنَّ أصله لَتُسْألُوْنَنَّ، {عَمَّا}: جار ومجرور متعلق بـ {تسألن} وهو في محل المفعول الثاني لـ {سأل} ، والجملة الفعلية جواب القسم، وجملة القسم مستأنفة، {كُنْتُمْ}: فعل ناقص

ص: 364

واسمه، وجملة {تَعْمَلُونَ} خبره، وجملة {كان} صلة لـ {ما} ، أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف تقديره: عمّا كنتم تعملونه.

{وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (94)} .

{وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا} : فعل وفاعل ومفعولان، {بَيْنَكُمْ}: متعلق بـ {دَخَلًا} ، والجملة مستأنفة، {فَتَزِلَّ} {الفاء}) عاطفة سببية {تَزِلَّ}: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد الفاء السببية الواقعة في جواب النهي، {قَدَمٌ}: فاعل، {بَعْدَ ثُبُوتِهَا}: ظرف ومضاف إليه متعلق بـ {تَزِلَّ} {وَتَذُوقُوا السُّوءَ} : فعل وفاعل ومفعول، معطوف على {تزل} ، وجملة {تزل} صلة أن المضمرة، أن مع صلتها في تأويل مصدر معطوف على مصدر مُتصيِّد من الجملة التي قبلها، من غير سابك لإصلاح المعنى، والتقدير: لا يكن اتخاذكم أيمانكم دخلًا بينكم فزلة قدم بعد ثبوتها وذوقكم السوء، {بِمَا صَدَدْتُمْ} {الباء}: حرف جر وسبب {ما} : مصدرية {صَدَدْتُمْ} : فعل وفاعل، {عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}: متعلق به، والجملة الفعلية مع {ما} المصدرية في تأويل مصدر مجرور بالباء، والتقدير: بسبب صدكم عن سبيل الله، الجار والمجرور متعلق بـ {تذوقوا} ، {وَلَكُمْ}: خبر مقدم، {عَذَابٌ}: مبتدأ مؤخر، {عَظِيمٌ}: صفة له، والجملة الاسمية في محل النصب حال من فاعل {تذوقوا} .

{وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (95)} .

{وَلَا تَشْتَرُوا} : فعل وفاعل، مجزوم بـ {لا} الناهية، والجملة معطوفة على جملة قوله:{لَا تَتَّخِذُوا} ، {بِعَهْدِ اللَّهِ}: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {تشتروا} ، {ثَمَنًا}: مفعول به، {قَلِيلًا}: صفة {ثَمَنًا} ، {إِنَّمَا} {إن}: حرف نصب، {ما}: موصولة أو موصوفة في محل النصب اسمها، {عِنْدَ اللَّهِ}: ظرف متعلق بمحذوف صلة لـ {ما} أو صفة لها، {هُوَ} ضمير فصل، {خَيْرٌ}: خبر {إنَّ} {لَكُمْ} : متعلق بـ {خَيْرٌ} وجملة {إنَّ} مستأنفة مسوقة لتعليل ما

ص: 365

قبلها، وفي رسم {إِنْ} هذه اختلاف بين المصاحف العثمانية، ففي بعضها وصلها بـ {ما} ، وفي بعضها فصلها عنها، كما ذكره ابن الجزري بقوله:

وخُلْفُ الأنفَالِ ونَحْلٍ وَقَعا

{إِنْ} : حرف شرط، {كُنْتُمْ}: فعل ناقص واسمه، في محل الجزم بـ {إِنْ} الشرطية، وجملة {تَعْلَمُونَ} في محل النصب خبر {كان} ، وجواب {إِنْ} محذوف، تقديره: إن كنتم تعلمون تفاوت ما بين العوضين فأوفوا بعهد الله واحذروا نقضه، وجملة {إِنْ} الشرطية مستأنفة.

{مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96)} .

{مَا} : مبتدأ، {عِنْدَكُمْ}: ظرف متعلق بمحذوف صله لـ {مَا} ، {يَنْفَدُ}: فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {مَا} ، وجملة {يَنْفَدُ} في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ} مبتدأ وصلته، {بَاقٍ}: خبره، والجملة معطوفة على الجملة التي قبلها، {وَلَنَجْزِيَنَّ} {الواو} ؛ استئنافية، {اللام}: موطئة للقسم، {نجزين}: فعل مضارع في محل الرفع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهِ} ، {الَّذِينَ}: مفعول به، والجملة الفعلية جواب القسم لا محل لها من الإعراب، وجملة القسم مستأنفة، {صَبَرُوا}: فعل وفاعل، صلة الموصول، {أَجْرَهُمْ}: مفعول {نجزين} ، {بِأَحْسَنِ}: جار ومجرور متعلق بـ {نجزين} و {الباء} بمعنى على، {أحسن} مضاف، {مَا}: موصولة في محل الجر مضاف إليه، {كَانُوا}: فعل ناقص واسمه، وجملة {يَعْمَلُونَ} خبره، وجملة {كان} صلة لـ {ما} أو صفة لها، والعائد أو الرابط محذوف تقديره: ما كانوا يعملونه.

{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)} .

{مَنْ} : اسم شرط جازم في محل الرفع مبتدأ، والخبر جملة الشرط أو الجواب أو هما، وجملة {مَنْ} الشرطية مستأنفة، {عَمِلَ}: فعل ماض، وفاعله

ص: 366

ضمير يعود على {مَنْ} ، {صَالِحًا}: مفعول به، والجملة الفعلية في محل الجزم بـ {مَنْ} على كونها فعل شرط لها، {مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى}: جار ومجرور، حال من فاعل {عَمِلَ} ، {وَهُوَ مُؤْمِنٌ}: مبتدأ وخبر، والجملة الاسمية في محل النصب حال من فاعل {عَمِلَ} أيضًا، {فَلَنُحْيِيَنَّهُ} {الفاء}: رابطة لجواب {مَنْ} الشرطية، و {اللام} موطئة للقسم، {نحيين}: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد، و {الهاء} مفعول به، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهِ} ، {حَيَاةً}: مفعول مطلق، {طَيِّبَةً}: صفة لـ {حَيَاةً} ، والجملة الفعلية جواب القسم، وجملة القسم جواب {مَنْ} الشرطية، {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ} {الواو} عاطفة، و {اللام}: موطئة للقسم، {نجزينهم أجرهم} فعل ومفعولان ونون توكيد، وفاعله ضمير يعود على {اللَّهِ} ، والجملة الفعلية جواب القسم، وجملة القسم معطوفة على جملة القسم الأول، على كونها جواب {مَنْ} الشرطية، {بِأَحْسَنِ}: متعلق بـ {نجزين} ، و {الباء} بمعنى على، {أحسن} مضاف، {مَا}: في محل الجر مضاف إليه، {كَانُوا} فعل ناقص واسمه وجملة {يَعْمَلُونَ} خبر {كَانَ} ، وجملة {كَانَ} صلة لـ {مَا} أو صفة لها نظير ما تقدم.

التصريف ومفردات اللغة

{سَكَنًا} ؛ أي: مسكنًا، وقال أهل اللغة: السكن فَعَلٌ بمعنى مفعول، كالقبض والنفض بمعنى المقبوض والمنفوض اهـ "سمين"؛ أي: موضعًا تسكنون فيه وقت إقامتكم.

{يَوْمَ ظَعْنِكُمْ} والظَّعْنُ بسكون العين وفتحها: السَّيْرُ في البادية لِنُجْعَةٍ أو طلب ماءٍ أو مَرْتَعٍ، والأصواف للضأن، والأوبار للإبل، والأشعار للمعز، والأثاث متاع البيت كالفرش والثياب وغيرها، ولا واحد له من لفظه، والمتاع ما يستمتع وينتفع به في المتجر والمعاش، وقال في "القاموس": الأثاث متاع البيت بلا واحد، أو المال أجمع، والواحدة أثاثة، والمتاع ما تمتعت به من الحوائج، والجمع أمتعة اهـ.

ص: 367

{إِلَى حِينٍ} ؛ أي: إلى مدة من الزمان، فإنها لصلابتها تبقى مدةً مديدةً، أو إلى انقضاء آجالكم، {ظِلَالًا} جمع ظل، وهو ما يستظل به؛ أي: أشياء تستظلون بها من الحر، كالغمام والشجر والجبل وغيرها، {أَكْنَانًا} ، جمع كن، وهو ما يستكن به؛ أي: مواضع تستكنون فيها من الكهوف والغِيران والسُّروب في الجبل، وفي "المختار": الكن: السترة، والجمع أكنان، قال تعالى:{وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا} والأكنة الأغطية، قال تعالى:{وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً} الواحد كنان، وقال الكسائي: كن الشيء ستره وبابه ردَّ اهـ، وفي "القاموس": الكِن بالكسر وقاء كل شيء وستره، كالكنة والكنان بكسرهما، والكن البيت جمعه كنان وأكنة، وكنه كنا وكنونًا، وأكنه وكننه واكتنه ستره، واستكن: استتر كاكتن، والكنة جناح يخرج من حائط، أو سقيفة فوق باب الدار، أو ظلة هنالك أو مخدع اهـ.

{سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} جمع سربال، وهو القميص من القطن والكتَّان والصوف وغيرها، {وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} وسرابيل الحرب الجواشن والدروع، والبأس الشدة في الحرب والقتل والجراحة كما في "التبيان" ويراد به هنا الحرب.

{فَإِنْ تَوَلَّوْا} فعل ماض من باب تفعل، أو مضارع حذفت منه إحدى التاءين، وفي صيغة التفعل إشارةٌ إلى أن الفطرة الأولى داعية إلى الإقبال على الله، والإعراض لا يكون إلا بنوع تكلفٍ ومعالجةٍ، ذكره في "روح البيان".

{إلَّا الْبَلَاغُ} البلاغ اسم مصدر لبلغ بمعنى التبليغ، الذي هو مصدر بلغ المضعف، {مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ} الأمة الجيل من الناس، وشهيد كل أمة نبيها، {ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا}؛ أي: إنهم يستأذنون فلا يؤذن لهم، {وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} يقال استعتبه وأعتبه إذا رضي عنه، واستعتبت فلانًا يعني أعتبته؛ أي: أزلت عتباه، واستفعل بمعنى أفعل غير مستنكر، قالوا: استدنيت فلانًا وأدنيته بمعنى واحد، وقيل: السين على بابها من الطلب بمعنى لا يطلبون عتباهم؛ أي: رجوعهم إلى الدنيا، وفي "المختار": عتب عليه وجد - وبابه ضرب ونصر -

ص: 368

ومعتبًا أيضًا بفتح التاء، والتعتب كالعتب، والاسم المعتبة بفتح التاء وكسرها، قال الخليل: العتاب مخاطبة الإدلال، ومذاكرة الموجدة، وعاتبه معاتبة وعتابًا، وأعتبه سره بعد ما ساءه، والاسم منه العتبى، ويقال استعتبه فأعتبه؛ أي: استرضاه فأرضاه انتهى.

{وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} ؛ أي: يمهلون ويؤخرون {شُرَكَاءَهُمْ} والشركاء الأصنام والأوثان والشياطين والملائكة، {نَدْعُو} نعبد، {فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ} أصله فألقيوا، لأنه من ألقى تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفًا فالتقى ساكنان الألف والواو ثم حذفت الألف فصار فألقوا، و {السَّلَمَ} الاستسلام والانقياد، {وَضَلَّ} ضاع وبطل، والمراد بهؤلاء أمته الحاضر منهم عصر التنزيل، ومن بعدهم إلى يوم القيامة.

{تِبْيَانًا} ؛ أي: بيانًا لأمور الدين إمَّا نصًّا فيها، أو ببيان الرسول واستنباط العلماء المجتهدين في كل عصر، وهو مصدر بين بيانًا وتبيينًا وتبيانًا، زيدت التاء للمبالغة، ولم يجيء من المصدر على هذه الزنة إلَّا لفظان هذا والتلقاء، وفي الأسماء كثير نحو التمساح والتمثال.

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} و {العدل} لغة المساواة في كل شيء بلا زيادة ولا نقصان فيه، والمراد به هنا المكافأة في الخير والشر، {وَالْإِحْسَانِ} مقابلة الخير بأكثر منه، والشر بالعفو عنه، {وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى}؛ أي: إعطاء الأقارب حقهم من الصلة والبر، {والفحشاء} ما قبح من القول والفعل، فيدخل فيه الزنا وشرب الخمر والحرص والطمع والسرقة ونحو ذلك من الأقوال والأفعال المذمومة، {وَالْمُنْكَرِ} ما تنكره العقول من دواعي القوة الغضبية، كالضرب الشديد والقتل، والتطاول على الناس، {وَالْبَغْيِ} الاستعلاء على الناس، والتجبر عليهم بالظلم والعدوان، والوعظ: التشبيه إلى الخير بالنصح والإرشاد، والعهد: كل ما يلتزمه الإنسان باختياره، ويدخل فيه الوعد، ونقض اليمين: الحنث فيها، وأصله فك أجزاء الجسم بعضها من بعض، و {تَوْكِيدِهَا} توثيقها، والتشديد فيها بزيادة الأسماء والصفات فيها، والتوكيد مصدر وكد يوكد

ص: 369

بالواو، وفيه لغة أخرى: أكد يؤكد بالهمزة، ومعناه التقوية، وهذا كقولهم: ورخت الكتاب وأرخته، وليست الهمزة بدلًا من واو كما زعم أبو إسحاق، لأن الاستعمالين في المادتين متساويان، فليس ادعاء كون أحدهما أصلًا أولى من الآخر، وتبع مكيُّ الزجاج في ذلك ثم قال: ولا يحسن أن يقال الواو بدل من الهمزة، كما لا يحسن أن يقال في أحد إنَّ أصله وحدٌ، فالهمزة بدل من الواو، يعني أنه لا قائل بذلك، وتبعه الزمخشري أيضًا، وتوكيدها مصدر مضاف لمفعوله اهـ "سمين"؛ أي: بعد توكيدكم لها.

{كَفِيلًا} ؛ أي: شاهدًا ورقيبًا، و {الغزل} ما غزل من صوف وقطن ونحوهما، {مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ} القوة هنا الإبرام والإحكام، {أَنْكَاثًا} والأنكاث جمع نكث بكسر النون، كأحمال وحمل، وهو ما ينكث فتله وينقض بعد غزله، وفي "المصباح": نكث الرجل العهد نكثًا - من باب قتل نقضه ونبذه - فانتكث مثل نقضه فانتقض، ونكث الكساء وغيره نقضه أيضًا، والنكث بالكسر ما نقض ليغزل ثانيًا، والجمع أنكاث مثل حمل وأحمال اهـ.

{دَخَلًا} والدَّخل بفتحتين المكر والخديعة والفساد، وقال أبو عبيدة: كل أمر لم يكن صحيحًا فهو دخل، والدخل ما يدخل في الشيء وليس منه، وأصل الدخل العيب. والعيب ليس من الشيء الذي يدخل فيه اهـ شيخنا، ويراد به هنا أن يظهر المرء الوفاء بالعهد ويبطن النقض.

{أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى} ؛ أي: أكثر وأوفر عدادا وعددًا، {فَتَزِلَّ قَدَمٌ} زلَّة القدم بعد ثبوتها: مثلٌ يقال لمن وقع في محنة بعد نعمة، وبلاءٍ بعد عافية، {بِمَا صَدَدْتُمْ} إما من صدَّ اللازم؛ أي: بامتناعكم منها، أو من صَدْ المتعدي؛ أي: بمنعكم غيركم، وفي "المصباح": صددته عن كذا صدًّا، من باب قتل، منعته وصرفته، وصددت عنه أعرضت، وصد من كذا يصد من باب ضرب وضحك اهـ.

{مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ} والنفاد الفناء والذهاب، يقال: نفد بكسر العين ينفد بفتحها نفادًا ونفودًا، وأما نفذًا بالمعجمة ففعله نفذ بالفتح، ينفذ بالضم، ويقال:

ص: 370

أنفذ القوم، إذا فني زادهم اهـ "سمين"، والحياة الطيبة: هي القناعة وعدم الحرص على لذات الدنيا لما في ذلك من الكد والعناء.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: المجاز المرسل في قوله: {مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ} إن قلنا: إن المراد بالبيوت المتخذة من جلودها الخيام المتخذة من الصوف والوبر والشعر .. فهو من إطلاق المحل وإرادة الحال، من حيث إنها نابتة على جلودها، فيصدق عليها أنها من جلودها، كما أشار إليه في "الجَمَل".

ومنها: الطباق في قوله: {يَعْرِفُونَهُ} ، وقوله:{يُنْكِرُونَهَا} ، وفي قوله:{ظَعْنِكُمْ} و {إقَامَتِكُمْ} ، وفي قوله:{يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ} {وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} .

ومنها: الاكتفاء في قوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} ؛ أي: والبرد، والاكتفاء عندهم ذكر أحد متقابلين وحذف الآخر لعلمه من المذكور.

ومنها: الحصر في قوله: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} .

ومنها: التكرار في قوله: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا} لزيادة التهديد.

ومنها: الالتفات من الخطاب إلى الغيبة في قوله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} إن قلنا: إنه ماض مسند إلى ضمير الغائب، ويصح أن يكون مضارعًا حذفت منه إحدى التاءين، وأصله تتولوا، فهو حينئذٍ على الظاهر، فلا التفات فيه.

ومنها: المقابلة اللطيفة في قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} أمر بثلاثة ونهى عن ثلاثة، وهو من المحسنات البديعية.

ومنها: ذكر الخاص بعد العام للاهتمام بشأنه في قوله: {وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} بعد لفظ الإحسان الذي هو عام فيه وفي غيره.

ص: 371

ومنها: إيثار صيغة الاستقبال في قوله: {يَأْمُرُ} {وَيَنْهَى} لإفادة التجدد والاستمرار كما ذكره "أبو السعود".

ومنها: حذف متعلقات العدل والإحسان والبغي؛ ليعم جميع ما يعدل فيه ويحسن به إليه ويُبغى فيه.

ومنها: الاستعارة التبعية في قوله: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} لأن الترجِّي والتمني ليس مرادًا من لعل، لأن ذلك محالٌ على الله سبحانه وتعالى، فوجب أن يكون معناه: أنه تعالى يعظكم لإرادة أن تذكروا طاعته اهـ "كرخي".

ومنها: التشبيه التمثيلي في قوله: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا} الآية، شبه تعالى من يحلف ثم لا يفي بعهده بالمرأة التي تغزل غزلًا ثم تنقضه، في القبح وعدم النفع بعمله.

ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا} استعار القدم للرسوخ في الدين، والتمكن فيه، لأن أصل الثبات يكون بالقدم، ولما كان الزلل عن محجة الحق يشبه زلل القدم وانزلاقها عن محلها .. عبر عنه بالإنزلاق الحسي على طريقة الاستعارة التصريحية.

ومنها: إفراد القدم وتنكيرها للإيذان بأن زلل قدم واحدة أيَّ قدم كانت عزت أو هانت محذورٌ عظيم، فكيف بأقدام كثيرة اهـ "أبو السعود".

ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *

ص: 372

قال الله سبحانه جلَّ وعلا:

{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100) وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (105) مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107) أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (108) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (109) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110) يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (111) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113) فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115) وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117) وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119)} .

ص: 373

المناسبة

قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ

} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (1): أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر أنه يجزي المؤمنين بأحسن أعمالهم .. أرشد إلى العمل الذي به تخلص أعمالهم من وساوس الشيطان.

وعبارة أبي حيان (2): مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} ، وذكر أشياء مما بيّن في الكتاب، ثم ذكر قوله:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا} ذكر ما يصون به القارئ قراءته من وسوسة الشيطان ونزغه، فخاطب السامع بالاستعاذة منه إذا أخذ في القراءة، فإن كان الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم لفظًا فالمراد أُمته، إذ كانت قراءة القرآن من أجل الأعمال الصالحة، كما ورد في الحديث:"إنَّ ثواب قراءة كل حرف عشر حسنات".

قوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما أمر (3) بالاستعاذة من وسوسة الشيطان الرجيم حين قراءة القرآن .. أردف ذلك بذكر باب من أبواب فتنته ووسوسته، بإلقاء الشبهات والشكوك لدى منكري نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر منها شبهتين:

1 -

أنه قد تنزل آية من آيات الكتاب تنسخ شريعةً ماضية، فيعيرون محمدًا بذلك.

2 -

أنهم قالوا: إنَّ ما جاء به إنما هو تعليم من البشر، من بعض أهل الكتاب، لا من الله، فأبطل هذه الشبهات بأنه كلام عربي مبين، وما نسبتم إليه تعليمه أعجمي، فكيف يعلمه الكلام العربي الفصيح، الذي أعجز العرب قاطبةً أن يأتوا بمثله.

قوله تعالى: {منْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر (4) في الآيات

(1) المراغي.

(2)

البحر المحيط.

(3)

المراغي.

(4)

المراغي.

ص: 374

السالفة أن قريشًا كفروا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولوا عليه الأقاويل، فوصفوه بأنه مفتر، وأن الكتاب الذي جاء به هو من كلام البشر لا من عند الله، ثم هدّدهم على ذلك أعظم تهديد .. أردف ذلك ببيان حال من يكفر بلسانه وقلبه مليء بالإيمان.

قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا

} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر (1) فيما سلف حال من كفر بالله من بعد إيمانه، وحكم بأنه استحق غضب الله وعذابه الأليم يوم القيامة، ثم ذكر حال من أكره على إجراء كلمة الكفر على لسانه وقلبه مليءٌ بالإيمان .. أردف ذلك بذكر طائفة من المسلمين كانوا مستضعفين بمكة مهانين في قومهم، فوافقوا المشركين على الفتنة في الدين والرجوع إلى دين أبائهم وأجدادهم، ثم فروا وتركوا بلادهم وأهليهم ابتغاء رضوان الله وطلب غفرانه، وانتظموا في سلك المسلمين وجاهدوا معهم الكافرين فحكم ربهم بقبول توبتهم، ودخولهم في زمرة الصالحين، وتمتعهم بجنات النعيم يوم العرض والحساب.

قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً

} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما هدد الكافرين بالعذاب الشديد في الآخرة .. أردف ذلك الوعيد بآفات الدنيا من جوع وفقر وخوف شديد، بعد أمن واطمئنان وعيش رغد.

قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ الله

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما بين (2) حال من كفروا بأنعم الله، وكذبوا رسوله، وأنه قد حل بهم العذاب من جوع وخوف، بسبب ظلمهم لأنفسهم، وصدهم عن سبيل الله .. قفى على ذلك بأمر المؤمنين بأكلهم من الحلال الطيب، وشكرهم لنعمة الله عليهم، وطاعتهم للرسول فيما به أمر وعنه نهى، كيلا يحل بهم مثل ما حل بمن قبلهم، ثم بين ما حرمه من المآكل، وأنَّ التحليل والتحريم لا يكونان إلا بنص من الدين، لا بالهوى

(1) المراغي.

(2)

المراغي.

ص: 375

والتشهي، لأن ذلك افتراء على الله، ومن يفتر عليه لا يفلح، وأنَّ ما حرم على اليهود قد ذكره فيما نزل عليه من قبل في سورة الأنعام، وأنَّ من يعمل السوء لعدم تدبره في العواقب كغلبة الشهوة عليه، ثم يتوب من بعد ذلك ويصلح أعماله فإن الله غفور لزلاته رحيم له، فيثيبه على طاعته.

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ

} الآية، سبب نزول هذه الآية: ما (1) أخرجه ابن جرير بسند ضعيف عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم قَينًا بمكة اسمه بَلْعَام، وكان نصرانيًّا أعجمي اللسان، وكان المشركون يرون رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل عليه ويخرج من عنده، فقالوا: إنما يعلمه بلعام، فأنزل الله سبحانه قوله: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ

} الآية، وأخرج ابن أبي حاتم من طريق حصين بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسلم الحضرمي قال: كان لنا عبدان من أهل عين التمر، أحدهما يقال له يسارٌ والآخر جبرٌ، وكانا صيقليين، فكانا يقرآن كتابهما، ويعلمان علمهما، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بهما فيستمع قراءتهما، فقالوا: إنما يتعلم منهما، فنزلت هذه الآية {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ

} الآية.

قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ

} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يهاجر إلى المدينة .. أخذ المشركون بلالًا وخبابًا وعمار بن ياسر، فأما عمار فقال لهم كلمة أعجبتهم تقية، فلما رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. حدثه، فقال:"كيف كان قلبك حين قلت، أكان منشرحًا بالذي قلت"، قال: لا، فأنزل الله سبحانه {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ

}.

وأخرج (2) عن مجاهد قال: نزلت هذه الآية في أناس من أهل مكة آمنوا، فكتب إليهم بعض الصحابة بالمدينة: أن هاجروا، فخرجوا يريدون المدينة،

(1) لباب النقول.

(2)

لباب النقول.

ص: 376