المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فوصلت إليهم، فلبثت فيهم سنين، و (الفاء): في {فَلَبِثْتَ} تدل - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ١٧

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌78

- ‌79

- ‌80

- ‌81

- ‌82

- ‌83

- ‌84

- ‌85

- ‌86

- ‌87

- ‌88

- ‌89

- ‌90

- ‌91

- ‌92

- ‌93

- ‌94

- ‌95

- ‌96

- ‌97

- ‌98

- ‌99

- ‌100

- ‌101

- ‌102

- ‌103

- ‌104

- ‌105

- ‌106

- ‌107

- ‌108

- ‌109

- ‌110

- ‌سورة مريم

- ‌1

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌ 13

- ‌ 14

- ‌15)}

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌ 30

- ‌ 31

- ‌ 32

- ‌ 33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌ 55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌63

- ‌64

- ‌65

- ‌66

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌70

- ‌71

- ‌72

- ‌73

- ‌74

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌78

- ‌79

- ‌80

- ‌81

- ‌82

- ‌83

- ‌84

- ‌85

- ‌86

- ‌87

- ‌88

- ‌89

- ‌90

- ‌91

- ‌92

- ‌93

- ‌94

- ‌95

- ‌96

- ‌97

- ‌98

- ‌سورة طه

- ‌1

- ‌2)}

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌ 38

- ‌39

- ‌ 40

- ‌ 41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌63

- ‌64

- ‌65

- ‌66

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌70

- ‌71

- ‌72

- ‌73

- ‌74

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌78

- ‌79

- ‌80

- ‌81

- ‌82

- ‌83

- ‌84

- ‌85

- ‌86

- ‌87

- ‌88

- ‌89

- ‌90

- ‌91

- ‌92

- ‌93

- ‌94

- ‌95

- ‌96

- ‌97

- ‌98

- ‌99

- ‌100

- ‌101

- ‌102

- ‌103

- ‌104

- ‌105

- ‌106

- ‌107

- ‌108

- ‌109

- ‌110

- ‌111

- ‌112

- ‌113

- ‌114

- ‌115

- ‌116

- ‌117

- ‌118

- ‌119

- ‌120

- ‌121

- ‌122

- ‌123

- ‌124

- ‌125

- ‌126

- ‌127

- ‌128

- ‌129

- ‌130

- ‌131

- ‌132

- ‌133

- ‌134

- ‌135

الفصل: فوصلت إليهم، فلبثت فيهم سنين، و (الفاء): في {فَلَبِثْتَ} تدل

فوصلت إليهم، فلبثت فيهم سنين، و (الفاء): في {فَلَبِثْتَ} تدل على أن المراد بالفتن المذكورة هى ما كان قبل لبثه في أهل مدين، ومدين: كانت على ثماني مراحل من مصر {ثُمَّ} بعدما لبثت عشر سنين في أهل مدين، توجهت إلى مصر لزيارة أمك وأخيك و {جِئْتَ}؛ أي: وصلت في مسيرك هذا إلى المكان الذي ناجيتك فيه، وكلمتك واستنبأتك فيه، وهو الوادي المقدس {عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى}؛ أي: في وقتٍ معين قدرته لمناجاتك، لم تتقدمه ولم تتأخر عنه، أو على مقدار من السن يوحى فيه إلى الأنبياء، وهو رأس أربعين سنة، قال الشاعر:

نال الخلافة إذ جاءت على قدرٍ

كما أتى ربَّه موسى على قدرِ

وكرر قوله (1): {يَا مُوسَى} تشريفًا له عليه السلام وتنبيهًا على انتهاء الحكاية التي هي تفصيل المرة الأخرى، التي وقعت قبل المرة المحكية.

والمعنى: أي جئت لميقات قدرته لمجيئك قبل خلقك، وكان على رأس أريعين سنة، وهو الوقت الذي يوحى فيه إلى الأنبياء، هذا قول الأكثرين، وقال الفراء؛ أي: على ما أراد الله به من تكليمه.

8 -

‌ 41

{وَاصْطَنَعْتُكَ} ؛ أي: اخترتك من بين الناس {لِنَفْسِي} ؛ أي: لأداء أوامري، وإقامة حججي، وتبليغ رسالتي، فحركاتك وسكناتك لي، لا لنفسك، ولا لأحد غيرك، والاصطناع: افتعال من الصنع بالضم، وهو مصدر قولك: صنع إليه معروفًا، واصطناع فلان: اتخاذه صنيعًا محسنًا إليه، بتقريبه وتخصيصه بالتكريم والإجلال؛ أي: اصطفيتك واختصصتك باصطناعى وإحساني إليك بالمعروف.

وخلاصة ذلك (2): أني جعلتك من خواصي، واصطفيتك برسالاتي وبكلامي، فصرت بما آتيتك من كرامة النبوة، وجليل النعمة بالمكالمة أشبه بمن يراه الملك أهلًا لكرامته، فيقربه إليه، ويجعله من خواصه وندمائه، ويصطنعه بالإحسان إليه في الحين بعد الحين، والفينة بعد الفينة.

(1) روح البيان.

(2)

المراغي.

ص: 285

الإعراب

{طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3)} .

{طه (1)} : إن قلنا إن الحروف المقطعة مما استأثر الله بعلمها، فلا محل لها من الإعراب، أي: لا توصف بإعرابٍ ولا بناءٍ؛ لأن الحكم بالإعراب والبناء، على الكلمة، فرع عن إدراك معناها، وإن قلنا إنها اسم للسورة، فهو إما: خبر لمبتدأ محذوف؛ أي هذه سورة طه، أو مبتدأ خبره محذوف تقديره: سورة طه هذا محله، والجملة الاسمية: مستأنفة استئنافًا نحويًا، وقيل: إن {طه (1)} اسم محمد، حذف منه حرف النداء. {مَا}: نافية {أَنْزَلْنَا} : فعل وفاعل {عَلَيْكَ} : متعلق بـ {أَنْزَلْنَا} {الْقُرْآنَ} : مفعول به {لِتَشْقَى} (اللام): حرف جر وتعليل {تشقى} : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، وفاعله ضمير يعود على محمد، والجملة الفعلية مع أن المضمرة: في تأويل مصدر مجرور باللام، تقديره: لشقائك، الجار والمجرور متعلق بـ {أَنْزَلْنَا} {إِلَّا} أداة استثناء منقطع {تَذْكِرَةً}: مفعول لأجله لفعل محذوف، دل عليه المذكور تقديره: ما أنزلناه {إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3)} قال أبو البقاء: ولا يجوز أن يكون مفعولًا لأجله {لأنزلنا} المذكور؛ لأنها قد تعدت إلى مفعول له، وهو {لِتَشْقَى} فلا تتعدى لآخر من جنسه، ولا يصح أن يعمل فيها {لِتَشْقَى} لفساد المعنى، وقيل:{تَذْكِرَةً} : مصدر في موضع الحال، واختار الزمخشري أن تكون تذكرةً: مفعولًا لأجله، قال: وكل واحد من {لِتَشْقَى} و {تَذْكِرَةً} : علة للفعل، إلا أن الأول: وجب مجيئه مع اللام؛ لأنه ليس لفاعل الفعل المعلل، ففاتته شريطة الانتصاب على المفعولية، والثاني: جاز قطع اللام عنه، ونصبه لاستجماع الشرائط، وعلى هذا جرى معظم المعربين والمفسرين، وقال الكرخي: إن الاستثناء في قوله: {إِلَّا تَذْكِرَةً} : منقطع وإن {تَذْكِرَةً} : مفعول من أجله، والعامل أنزلناه المقدر لا المذكور، وكل واحد من {لِتَشْقَى} و {تَذْكِرَةً}: علة لقوله: {مَا أَنْزَلْنَا} وتعدى في {لِتَشْقَى} بـ (اللام) لاختلاف العامل؛ لأن ضمير {أَنْزَلْنَا} لله وضمير {لِتَشْقَى} للنبي، فلم يتحد الفاعل، واتحد في {تَذْكِرَةً} لأن المذكر هو الله تعالى، وهو المنزل فنصب بغير لام. {لِمَنْ يَخْشَى} {لِمَنْ}: جار

ص: 286

ومجرور متعلق بـ {تَذْكِرَةً} {يَخْشَى} : فعل مضارع، وفاعله: ضمير يعود على {من} والجملة: صلة الموصول.

{تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} .

{تَنْزِيلًا} : مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره: نزلناه {تَنْزِيلًا} فحذف وجوبًا على حد قول ابن مالك.

والحذف حتم مع آيات بدلًا

من فعله كندلاً اللذ كأندلا

والجملة المحذوفة: مستأنفة {مِمَّنْ} : جار ومجرور متعلق بـ {تَنْزِيلًا} {خَلَقَ الْأَرْضَ} : فعل وفاعل مستتر ومفعول به، والجملة: صلة الموصول {وَالسَّمَاوَاتِ} : معطوف على {الْأَرْضَ} . {الْعُلَى} : صفة لـ {لسماوات} {الرَّحْمَنُ} خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هو الرحمن، أو مبتدأ {عَلَى الْعَرْشِ}: متعلق بـ {اسْتَوَى} وجملة: {اسْتَوَى} : خبر ثان لـ هو المقدرة، أو خبر {الرَّحْمَنُ} والجملة الاسمية: مستأنفة.

{لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6)} .

{لَهُ} : خبر مقدم {مَا} مبتدأ مؤخر، والجملة: مستأنفة {فِي السَّمَاوَاتِ} : جار ومجرور صلة لـ {مَا} الموصولة {وَمَا فِي الْأَرْضِ} : معطوف على {مَا فِي السَّمَاوَاتِ} . {وَمَا بَيْنَهُمَا} : معطوف على {مَا فِي السَّمَاوَاتِ} أيضًا {وَمَا} : معطوف على {مَا فِي السَّمَاوَاتِ} {تَحْتَ الثَّرَى} : ظرف ومضاف إليه متعلق بمحذوف صلة لـ {مَا} .

{وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7)} .

{وَإِنْ} الواو: استئنافية {إِنْ} : حرف شرط {تَجْهَرْ} : فعل مضارع مجزوم، وفاعله: ضمير يعود على محمد، أو على أي مخاطب {بِالْقَوْلِ}: متعلق به {فَإِنَّهُ} الفاء: رابطة لجواب {إِنْ} الشرطية وجوبًا {إنه} : ناصب واسمه {يَعْلَمُ السِّرَّ} : فعل ومفعول، وفاعله: ضمير يعود على الله، والجملة الفعلية: في محل الرفع خبر {إن} وجملة: {إن} في محل الجزم بـ {إن} الشرطية على

ص: 287

كونها جوابًا لها، وجملة {إنْ} الشرطية: مستأنفة. {وَأَخْفَى} : معطوف على {السِّرَّ} ؛ أي: {أخفى} منه، وتنكيره للمبالغة في الخفاء، فهو: اسم تفضيل من خفي بمعنى: استتر وغاب، وأجاز بعضهم: أن يكون فعلًا ماضيًا؛ أي: وأخفى الله عن عباده غيبه، وعندنا أن ذلك غير جائز؛ لأنه من جهة اللفظ يلزم منه عطف الفعلية على الاسمية، إن كان المعطوف عليه الجملة الكبرى، أو عطف الماضي على المضارع، إن كان المعطوف عليه الجملة الصغرى، وكلاهما دون الأحسن، ومن جهة المعنى، واضح أن المقصود: الحض على ترك الجهر بإسقاط فائدته، من حيث: إن الله يعلم السر وما هو أخفى منه، فكيف يبقى للجهر فائدة، وكلاهما على هذا التأويل مناسبة لترك الجهر، وأما إذا جُعل فعلًا فيخرج عن مقصود السياق، واعلم: أنهم قد يحذفون (من) من أفعل، إذا أريد به التفضيل، ومعنى الفعل، وهم يريدونها فتكون كالمنطوق بها، نحو زيد أكرم وأفضل.

{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8)} .

{اللَّهُ} : مبتدأ {لَا} : نافية {إِلَهَ} : في محل النصب اسمها، مبني على الفتح، وخبر {لَا}: محذوف جوازًا، تقديره: موجود {إِلَّا} : أداة استثناء مفرغ {هُوَ} : ضمير للمفرد المنزّه عن المذكورة والأنوثة والغيبة، في محل الرفع بدل من الضمير المستتر فيخبر {لَا} وجملة {لَا}: في محل الرفع خبر أول للمبتدأ، والجملة الاسمية: مستأنفة {لَهُ} جار ومجرور، خبر مقدم {الْأَسْمَاءُ}: مبتدأ مؤخر {الْحُسْنَى} : صفة لـ {الْأَسْمَاءُ} ومعلوم أن جمع التكسير في غير العقلاء، يعامل معاملة المفردة المؤنثة، والجملة الاسمية: في محل الرفع خبر ثان للمبتدأ.

{وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10)} .

{وَهَلْ} الواو: استئنافية {وَهَلْ} : حرف للاستفهام التقريري، ومعناه: أليس قد أتاك حديث موسى، وقيل: معناه: قد أتاك {أَتَاكَ} : فعل ومفعول به {حَدِيثُ مُوسَى} فاعل ومضاف إليه، والجملة: مستأنفة مسوقة لتقرير أمر التوحيد، الذي انتهى إليه مساق الحديث، وبيان أنه أمر مستمر فيما بين الأنبياء، كابرًا عن

ص: 288

كابرٍ، وقد خوطب به موسى عليه السلام حيث قيل له: إنني أنا الله لا إله إلا أنا، وبه ختم موسى عليه السلام مقالته، قال إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو. اهـ "أبو السعود". {إِذْ}: ظرف لما مضى من الزمان متعلق بـ {حَدِيثُ}

{رَأَى} : فعل ماض وهي بصرية، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة: في محل الجر مضاف إليه لـ {إِذْ} . {نَارًا} : مفعول به {فَقَالَ} الفاء: حرف عطف وتعقيب، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة: في محل الجر معطوفة على جملة {رَأَى} . {لِأَهْلِهِ} : جار ومجرور متعلق بـ {قَالَ} . {امْكُثُوا} : فعل وفاعل، والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} . {إِنِّي} ناصب واسمه {آنَسْتُ نَارًا} : فعل وفاعل ومفعول، والجملة الفعلية: في محل الرفع خبر {إن} وجملة {إن} : في محل النصب مقول {قَالَ} : مسوقة لتعليل ما قبلها {لَعَلِّي} : ناصب واسمه {آتِيكُمْ} : فعل ومفعول وفاعله ضمير يعود على {مُوسَى} . {مِنْهَا} : جار ومجرور حال من {قبس} لأنه صفة نكرة، قدمت عليها {بِقَبَسٍ}: متعلق بـ {أتيكم} والجملة الفعلية: في محل الرفع خبر لـ {لعل} وجملة {لعل} : في محل النصب مقول {قَالَ} . {أَوْ} : حرف عطفٍ وتنويعٍ {أَجِدُ} : فعل مضارع، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} . {عَلَى النَّارِ} : متعلق بـ {أَجِدُ} . {هُدًى} : مفعول به {لأجد} فهو يتعدى لمفعولٍ واحدٍ؛ لأنه من وجد الضالة، وجملة:{أَجِدُ} : في محل الرفع معطوفة على جملة {آتِيكُمْ} : على كونها خبر {لعل} .

{فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11)} .

{فَلَمَّا أَتَاهَا} الفاء: عاطفة على محذوف تقديره: فيمم شطر النار، فلما أتاها {لما}: اسم شرط غير جازم في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بجوابه {أَتَاهَا} : فعل ومفعول، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة: فعل شرط لـ {لما} في محل الجر بإضافة {لما} إليها {نُودِيَ} : فعل ماض مغير الصيغة، ونائب فاعله: ضمير يعود على {موسى} والجملة: جواب {لما} لا محل لها من الإعراب، وجملة {لما}: معطوفة على الجملة المحذوفة المذكورة آنفًا {يَا مُوسَى} : منادى مفرد العلم، وجملة النداء: في محل الرفع نائب فاعل لقول محذوف، تقديره:{نُودِيَ} وقيل له {يَا مُوسَى} .

ص: 289

{إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13)} .

{إِنِّي} : ناصب واسمه {أَنَا} : تأكيد للضمير، أو مبتدأ {رَبُّكَ}: خبر {إن} أو خبر {أَنَا} والجملة: خبر {إن} والأول أولى، وجملة {إن}: في محل الرفع نائب فاعل للقول المحذوف، على كونها جواب النداء {فَاخْلَعْ} الفاء: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت أني أنا ربك، وأردت بيان الأدب لك .. فأقول لك:{اخلع} . {اخلع} : فعل أمر وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} . {نَعْلَيْكَ} : مفعول به منصوب بالياء، والجملة الفعلية: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة في محل الرفع نائب فاعل للقول المحذوف، ويصح كون الفاء: تفريعية {إِنَّكَ} ناصب واسمه {بِالْوَادِ} الباء: حرف جر {الواد} : مجرور بالباء، وعلامة جره كسرة مقدرة على الياء المحذوفة، للتخلص من التقاء الساكنين لفظًا، المحذوفة خطاً أيضًا، تبعًا للفظ، على قاعدة رسم المصحف العثماني، الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر {إن} أي: إنك كائن {بِالْوَادِ} . {الْمُقَدَّسِ} : صفة للوادي {طُوًى} : بدل من الوادي، أو عطف بيان عنه، ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث المعنوي، على إرادة البقعة، أو مصروف على إرادة معنى الموضع، وجملة {إن} في محل الرفع نائب فاعل للقول المحذوف على أنها معللة لما قبلها، {وَأَنَا} الواو: عاطفة {أَنَا} : مبتدأ {اخْتَرْتُكَ} : فعل وفاعل ومفعول، والجملة الفعلية، في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: معطوفة على جملة {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} . {فَاسْتَمِعْ} الفاء: عاطفة تفريعية {استمع} فعل أمر وفاعل مستتر معطوف على {اخْتَرْتُكَ} {لِمَا} جار ومجرور متعلق بـ {استمع} {يُوحَى} : فعل مضارع مغير الصيغة، ونائب فاعله: ضمير يعود على {ما} ، والجملة صلة لـ {ما} أو صفة لها.

{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)} .

{إِنَّنِي} : ناصب واسمه ونون وقاية {أَنَا} : تأكيد للضمير المنصوب، أو

ص: 290

مبتدأ {اللَّهُ} : خبر {إن} أو خبر {أَنَا} والجملة: خبر {إن} وجملة {إن} : في محل الجر بدل من {ما} في قوله: {لِمَا يُوحَى} {لَا} : نافية {إِلَهَ} في محل النصب اسمها، وخبر {لَا}: محذوف تقديره: موجود {إِلَّا} : أداة استثناء مفرغ {أَنَا} : بدل من الضمير المستتر في خبر {لَا} وجملة {لَا} : في محل الرفع خبر ثان لـ {إن} {فَاعْبُدْنِي} (الفاء) فاء الفصيحة، لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت أنني أنا الله، لا إله إلا أنا، وأردت بيان ما هو اللازم لك .. فأقول لك {فَاعْبُدْنِي}. {اعبدني}: فعل أمر وفاعل مستتر، ونون وقاية، ومفعول به، والجملة الفعلية: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة: نائب فاعل للقول المحذوف، المذكور سابقًا {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ}: فعل وفاعل مستتر ومفعول معطوف على {فَاعْبُدْنِي} {لِذِكْرِي} جار ومجرور متعلق بـ {أقم} وهو مصدر مضاف للمفعول؛ أي: لتذكرني فيها، أو مضاف للفاعل، أي: لذكري إياك.

{إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16)} .

{إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ} : ناصب واسمه وخبره، والجملة: مستأنفة {أَكَادُ} : فعل مضارع ناقص، من أفعال المقاربة، واسمها: ضمير مستتر فيها يعود على الله {أُخْفِيهَا} : فعل مضارع وفاعل مستتر يعود على الله، ومفعول به، والجملة الفعلية: في محل النصب خبر {أَكَادُ} وجملة: {أَكَادُ} : في محل الرفع خبر ثان لـ {إن} . {لِتُجْزَى} (اللام) حرف جر وتعليل {تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ} : فعل مغير ونائب فاعل، منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، والجملة الفعلية، مع أن المضمرة: في تأويل مصدر مجرور باللام تقديره: لجزاء كل نفس {بِمَا تَسْعَى} : الجار والمجرور متعلق بـ {أُخْفِيهَا} أو بـ {أتية} و {أَكَادُ أُخْفِيهَا} : جملة اعتراض بينهما، لا نعت لـ {أتية} حتى يلزم إعمال اسم الفاعل الموصوف، فإن عمل ثم وصف جاز. اهـ "كرخي" {بِمَا تَسْعَى} (الباء) حرف جر {ما} مصدرية أو موصولة اسمية {تَسْعَى}: فعل مضارع، وفاعله: ضمير يعود على النفس،

ص: 291

والجملة الاسمية: صلة لـ {ما} المصدرية؛ أي: بسعيها أو لـ {ما} الموصولة، أي: بما سعته، ولكنه على تقدير مضاف؛ أي: بعقاب سعيها، أو بعقاب ما سعته. {فَلَا يَصُدَّنَّكَ} (الفاء) فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت ما ذكرته لك، وأردت بيان ما هو اللازم لك .. فأقول لك {لا يصدنك} {لا} ناهية جازمة {يصدن} فعل مضارع في محل الجزم، مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، و (الكاف): مفعول به {عَنْهَا} : متعلق به {مَنْ} : اسم موصول في محل الرفع فاعل، والجملة: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة {لَا} نافية {يُؤْمِنُ} : فعل مضارع وفاعله ضمير يجود على {مَنْ} . {بِهَا} : متعلق به، والجملة: صلة {مَنْ} الموصولة {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} : فعل وفاعل مستتر ومفعول به، والجملة: معطوفة على جملة {لَا يُؤْمِنُ} على كونها صلة {مَنْ} الموصولة {فَتَرْدَى} (الفاء): عاطفة سببية {تردى} : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد الفاء السببية، الواقعة في جواب النهي، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} أو على أيّ مخاطب، والجملة الفعلية، مع أن المضمرة: في تأويل مصدر معطوف على مصدر متصيد من الجملة التي قبلها من غير سابك، لإصلاح المعنى، تقديره: فلا يكن صد من لا يؤمن بها إياك عنها فرداك.

{وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18)} .

{وَمَا} الواو: استئنافية {مَا} استفهامية للاستفهام التقريري، في محل الرفع مبتدأ {تِلْكَ}: اسم إشارة في محل الرفع خبر، والجملة: مستأنفة {بِيَمِينِكَ} : جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من اسم الإشارة، والعامل في الحال المقدرة: ما في الإشارة من معنى الفعل {يَا مُوسَى} : منادى مفرد {قَالَ} : فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة: مستأنفة {هِيَ عَصَايَ} : مبتدأ وخبر، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ}. {أَتَوَكَّأُ}: فعل مضارع وفاعل مستتر {عَلَيْهَا} : متعلق بـ {أَتَوَكَّأُ} والجملة: في محل النصب حال من {عَصَايَ} أو من ياء المتكلم. {وَأَهُشُّ} : فعل مضارع وفاعل مستتر {بِهَا} :

ص: 292

متعلق به، والجملة: في محل النصب معطوفة على جملة {أَتَوَكَّأُ} . {عَلَى غَنَمِي} : متعلق بـ {أهش} أيضًا {وَلِيَ} الواو: عاطفة {لِيَ} جار ومجرور، خبر مقدم {فِيهَا} حال من {مَآرِبُ}. {مَآرِبُ}: مبتدأ مؤخر {أُخْرَى} : صفة لـ {مَآرِبُ} والجملة: في محل النصب معطوفة على جملة {أَتَوَكَّأُ} .

{قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21)} .

{قَالَ} : فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على الله، والجملة: مستأنفة {أَلْقِهَا} : فعل وفاعل مستتر ومفعول به، والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} . {يَا مُوسَى} : منادى مفرد العلم، وجملة النداء: في محل النصب مقول {قَالَ} . {فَأَلْقَاهَا} (الفاء): حرف عطف وتفريع {ألقاها} فعل ومفعول، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة: معطوفة مفرعة على جملة {قَالَ} {فَإِذَا} (الفاء): عاطفة {إذا} : فجائية {هِيَ حَيَّةٌ} : مبتدأ وخبر، وجملة {تَسْعَى}: يجوز أن تكون خبرًا ثانيًا، وأن تكون حالًا كما ذكره أبو البقاء، والجملة الاسمية: معطوفة على جملة {فَأَلْقَاهَا} ، {قَالَ}: فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على الله، والجملة: مستأنفة {خُذْهَا} : فعل ومفعول، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} . {وَلَا} (الواو): عاطفة {لَا} : ناهية جازمة {تَخَفْ} فعل مضارع مجزوم بـ {لا} الناهية، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة: في محل النصب معطوفة على جملة {خُذْهَا} . {سَنُعِيدُهَا} : فعل ومفعول به، وفاعله: ضمير يعود على الله {سِيرَتَهَا} منصوب بنزع الخافض؛ أي: إلى {سِيرَتَهَا} والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} . {الْأُولَى} : صفة للسيرة.

{وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (22) لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (23) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24)} .

{وَاضْمُمْ يَدَكَ} : فعل ومفعول، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة: في محل النصب معطوفة على {أَلْقَاهَا} على كونها مقول {قَالَ} . {إِلَى}

ص: 293

{جَنَاحِكَ} : متعلق بـ {اضمم} . {تَخْرُجْ} : فعل مضارع مجزوم بالطلب السابق، وفاعله: ضمير يعود على اليد {بَيْضَاءَ} : حال من فاعل {تَخْرُجْ} {مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} : متعلق بـ {بَيْضَاءَ} لما فيها من معنى الفعل، أو متعلق بـ {تخرج}. {آيَةً}: حال ثانية من فاعل {تَخْرُجْ} أيضًا {أُخْرَى} : صفة {آيَةً} {لِنُرِيَكَ} (اللام): حرف جر وتعليل {نريك} فعل ومفعول أول منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، وفاعله: ضمير يعود على الله {مِنْ آيَاتِنَا} : حال من {الْكُبْرَى} . {الْكُبْرَى} : صفة للمفعول الثاني المحذوف، تقديره: لنريك الآية الكبرى حالة كونها من آياتنا، وجملة {نريك} مع أن المضمرة: في تأويل مصدر مجرور باللام، تقديره: لإراءتنا إياك الآية الكبرى من آياتنا، الجار والمجرور متعلق بمحذوف، تقديره: أمرناك بما ذكرنا لإرائتنا إياك، والجملة المحذوفة مستأنفة. {اذْهَبْ} فعل أمر وفاعل مستتر، يعود على {موسى} والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} {إِلَى فِرْعَوْنَ} متعلق بـ {اذْهَبْ} {إِنَّهُ} ناصب واسمه وجملة: {طَغَى} في محل الرفع خبر {إن} وجملة: {إن} مسوقة لتعليل ما قبلها على أنها مقول قال.

{قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30)} .

{قَالَ} فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة: مستأنفة {رَبِّ} : منادى مضاف، حذف منه حرف النداء، وجملة النداء: في محل النصب مقول {قَالَ} {اشْرَحْ} فعل دعاء، وفاعله: ضمير يعود على الله، والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها جواب النداء {لِي} متعلق بـ {اشْرَحْ} {صَدْرِي} : مفعول به ومضاف إليه {وَيَسِّرْ} : فعل دعاء معطوف على {اشْرَحْ} وفاعله: ضمير يعود على الله {لِي} متعلق به {أَمْرِي} : مفعول به ومضاف إليه {وَاحْلُلْ} : فعل دعاء معطوف على {اشْرَحْ} . {عُقْدَةً} : مفعول به {مِنْ لِسَانِي} : جار ومجرور صفة لـ {عُقْدَةً} . {يَفْقَهُوا قَوْلِي (28)} : فعل وفاعل ومفعول مجزوم بالطلب السابق، وعلامة جزمه حذف النون {وَاجْعَلْ} فعل دعاء، وفاعل مستتر معطوف على {اشْرَحْ} {لِي}: متعلق به على كونه مفعولًا ثانيًا له {وَزِيرًا} : مفعول

ص: 294

أول {مِنْ أَهْلِي} صفة لـ {وَزِيرًا} {هَارُونَ} : بدل من {وَزِيرًا} {أَخِي} بدل من {هَارُونَ} ويجوز أن يكون {وَزِيرًا} مفعولًا ثانيًا و {هَارُونَ} مفعولًا أول، وقدم الثاني عليه اعتناءً بأمر الوزارة {لِي} متعلق بمحذوف حال من {وَزِيرًا} أو متعلق بنفس {اجعل} و {مِنْ أَهْلِي}: صفة {وَزِيرًا} ويجوز أن يكون {وَزِيرًا} هو المفعول الأول و {مِنْ أَهْلِي} هو الثاني، وجميع هذه الأوجه متساوية الرجحان.

{اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35)} .

{اشْدُدْ} : فعل دعاء وفاعله ضمير مستتر يعود على الله تقديره: أنت {بِهِ} متعلق به {أَزْرِي} : مفعول به، والجملة: معطوفة على {اشْرَحْ} بعاطف مقدر {وَأَشْرِكْهُ} : فعل دعاء وفاعل مستتر ومفعول به معطوف على {اشْرَحْ} . {فِي أَمْرِي} : متعلق بـ {أشركه} وقرىء {اشْدُدْ} {وَأَشْرِكْهُ} : مضارعين مجزومين بالطلب السابق، {كَيْ}: حرف نصب ومصدر {نُسَبِّحَكَ} : فعل ومفعول منصوب بـ {كَيْ} : وفاعله ضمير مستتر فيه يعود على {مُوسَى} و {هَارُونَ} تقديره: نحن {كَثِيرًا} : صفة لمصدر محذوف تقديره: تسبيحًا كثيرًا. أو صفة لزمان محذوف تقديره: زمانا كثيرا فهو مفعول مطلق، أو مفعول فيه، والجملة الفعلية: صلة {كَيْ} المصدرية {كَيْ} مع صلتها: في تأويل مصدر مجرور بلام التعليل، علل بها لكل من الأفعال الثلاثة الأخيرة {وَاجْعَلْ} و {اشْدُدْ} و {أشرك} تقديره: اجعله وزيرًا لي {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32)} لتسبيحنا إياك تسبيحاً كثيرًا أو زمانًا كثيرًا {وَنَذْكُرَكَ} : فعل ومفعول وفاعل مستتر معطوف على {نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا} : صفة مصدر محذوف؛ أي: ذكراً كثيرًا أو زمانًا كثيرا {إِنَّكَ} : ناصب واسمه {كُنْتَ} : فعل ناقص واسمه {بِنَا} : متعلق بـ {بَصِيرًا} {بَصِيرًا} خبر {كان} وجملة {كان} في محل الرفع خبر {إن} وجملة {إن} : مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها.

{قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ} .

ص: 295

{قَالَ} : فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على الله، والجملة: مستأنفة {قَدْ أُوتِيتَ} إلى قوله: {قَالَا رَبَّنَا} مقول محكي، وإن شئت قلت: قد حرف تحقيق {أُوتِيتَ} : فعل ماض مغير الصيغة، ونائب فاعل {سُؤْلَكَ} مفعول ثان لـ {أُوتِيتَ} والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} . {يَا مُوسَى} : منادى مفرد العلم مبني بضم مقدر، وجملة النداء: في محل النصب مقول {قَالَ} . {وَلَقَدْ} (الواو) استئنافية و (اللام) موطئة للقسم {قد} : حرف تحقيق {مَنَنَّا} : فعل وفاعل {عَلَيْكَ} : متعلق به {مَرَّةً} : ظرف أو مفعول مطلق {أُخْرَى} صفة لـ {مَرَّةً} والجملة: جواب القسم لا محل لها من الإعراب، وجملة القسم: مستأنفة على كونها مقولًا لـ {قَالَ} مسوقة لتقرير ما قبلها، ولزيادة توطين نفس موسى بإجابة مسؤوله {إِذْ}: ظرف لما مضى من الزمان مفيد للتعليل متعلق بـ {مَنَنَّا} . {أَوْحَيْنَا} : فعل وفاعل {إِلَى أُمِّكَ} : متعلق به والجملة: في محل الجر مضاف إليه لـ {إِذْ} . {مَآ} : اسم موصول في محل النصب مفعول {أَوْحَيْنَا} . {يُوحَى} : فعل مضارع مغير الصيغة، ونائب فاعل مستتر صلة لـ {مَا} الموصولة وهي تفيد الإبهام، ويصح كون {مَا} مصدرية {أَنِ}: مفسرة بمعنى، أي:{اقْذِفِيهِ} : فعل أمر وفاعل ومفعول به {فِي التَّابُوتِ} : متعلق به، والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} {فَاقْذِفِيهِ} (الفاء): عاطفة {اقْذِفِيهِ} : فعل وفاعل ومفعول به، والجملة: في محل النصب معطوفة على جملة {اقْذِفِيهِ} {فِي الْيَمِّ} : متعلق بـ {اقذفيه} ولم تختلف الضمائر؛ لأن المقذوف هو موسى عليه السلام. {فَلْيُلْقِهِ} الفاء: عاطفة و {اللام} لام الأمر {يلق} : فعل مضارع مجزوم بلام الأمر، و {الهاء}: مفعول به. {الْيَمُّ} : فاعل، والجملة: معطوفة على جملة {فَاقْذِفِيهِ} وهذا أمر معناه الخبر، ولكونه أمرًا لفظًا جزم جوابه في قوله:{يَأْخُذْهُ} . {بِالسَّاحِلِ} : متعلق بـ {يلقه} . {يَأْخُذْهُ} : فعل ومفعول به مجزوم بالطلب السابق {عَدُوٌّ} فاعل {لِي} صفة له {لَهُ} {وَعَدُوٌّ لَهُ} معطوف على {عَدُوٌّ لِي} .

{وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ} .

{وَأَلْقَيْتُ} : فعل وفاعل معطوف على {مَنَنَّا} . {عَلَيْكَ} : متعلق به

ص: 296

{مَحَبَّةً} : مفعول به {مِنِّي} صفة لـ {مَحَبَّةً} ؛ أي: محبةً عظيمةً كائنةً منى {وَلِتُصْنَعَ} (الواو): عاطفة (اللام): حرف جر وتعليل {تصنع} : فعل مضارع مغير الصيغة، منصوب بأن مضمرة بعد (اللام): ونائب فاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} ؛ أي: ولتربَّى {عَلَى عَيْنِي} : جار ومجرور حال من الضمير المستتر في {تصنع} والجملة الفعلية: معطوفة على علة مقدرة قبلها، وتلك العلة المقدرة متعلقة بـ {ألقيت}؛ أي: وألقيت عليك محبة منى ليعطف عليك {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} . {إِذْ} : ظرف لما مضى من الزمان متعلق بـ {ألقيت} أو بـ {تصنع} أو بمحذوف تقديره: أذكر {تَمْشِي أُخْتُكَ} : فعل وفاعل والجملة في محل الجر مضاف إليه، لـ {إِذْ} {فَتَقُولُ}: فعل مضارع معطوف على {تَمْشِي} : وفاعله ضمير يعود على الأخت {هَلْ} : حرف للاستفهام الاستخباري {أَدُلُّكُمْ} : فعل ومفعول به، وفاعله: ضمير يعود على الأخت. والجملة الفعلية: في محل النصب مقول {تَقُولُ} . {عَلَى مَنْ} جار ومجرور متعلق بـ {أَدُلُّكُمْ} . {يَكْفُلُهُ} : فعل وفاعل مستتر ومفعول به، والجملة صلة الموصول.

{فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41)} .

{فَرَجَعْنَاكَ} الفاء: عاطفة على محذوف تقديره: فقالوا دلينا عليه فجاءت بأمِّكَ، فَقَبلْتَ ثديها {فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ}. {رجعناك} فعل وفاعل ومفعول به {إِلَى أُمِّكَ}: متعلق به والجملة: معطوفة، على تلك المحذوفة {كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا} ناصب وفعل وفاعل، والجملة: في تأويل مصدر مجرور بلام التعليل المقدرة، تقديره: لقرة عينها {وَلَا تَحْزَنَ} معطوف على {كَيْ تَقَرَّ} . {وَقَتَلْتَ نَفْسًا} : فعل وفاعل ومفعول به معطوف على {أَوْحَيْنَا} {فَنَجَّيْنَاكَ} : فعل وفاعل ومفعول به معطوف على {قَتَلْتَ} {مِنَ الْغَمِّ} متعلق بـ {نجيناك} . {وَفَتَنَّاكَ} : فعل وفاعل ومفعول به معطوف على {أَوْحَيْنَا} . {فُتُونًا} : مفعول مطلق إذا كان مصدرًا، وهو الأرجح، كالقعود والجلوس، أو منصوب بنزع الخافض، إذا كان جمع فتنة، أي: بضروب من الفتن والمعنى: ابتليناك وامتحناك بأنواع من الشدائد {فَلَبِثْتَ} :

ص: 297

فعل وفاعل معطوف على {وَفَتَنَّاكَ} {سِنِينَ} : ظرف زمان متعلق بـ {لبثت} . {فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} : جار ومجرور متعلق بـ {لبثت} . {مَدْيَنَ} مضاف إليه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث المعنوي {ثُمَّ} حرف عطف {جِئْتَ} : فعل وفاعل معطوف على {لبثت} . {عَلَى قَدَرٍ} : جار ومجرور حال من فاعل {جِئْتَ} أي: حالة كونك موافقاً لما قدر لك، أو مستقرًا على قدر معين {يَا مُوسَى}: منادى مفرد العلم {وَاصْطَنَعْتُكَ} فعل وفاعل ومفعول به {لِنَفْسِي} متعلق به، والجملة: مستأنفة.

التصريف ومفردات اللغة

{لِتَشْقَى} ؛ أي: لتتعب نفسك، من شقي يشقى من باب رضي {إِلَّا تَذْكِرَةً}؛ أي: تذكيرًا وعظةً، مصدر: ذكر يذكر، من باب فعل المضعف تذكيرًا وتذكرة، ولكن الأول قياسي، والثاني سماعي، إلا في المعتل، كزكى تزكيةً {يَخْشَى}؛ أي: يخاف الله؛ أي: لمن علم الله أنه يخشى بالتخويف منه {الْعُلَى} : جمع العليا، مؤنث الأعلى، كالكبرى مؤنث الأكبر، يجمع على كبر، ويجوز كتابتها بالياء والألف؛ لأن الفعل علا يعلو، وعلى يعلى، وهي المرتبة والرفعة، وقال السيوطي، وأبو البقاء: هي جمع عليا ككبرى وكبر، فكتبت بالياء {الثَّرَى} في "المصباح" الثرى وزان الحصى، ندى الأرض وأثرت الأرض بالألف كثر ثراها، والثرى: أيضًا التراب الندي، فإن لم يكن نديًا فهو تراب، ولا يقال له حينئذٍ: ثرى. اهـ.

وفي "اللسان": وثرى المطر التراب يثريه، وهو مثوى، وثري التراب: فهو ثر، وثريت التراب: نديته، وثريت السويق: كذلك {فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} قال ابن عباس: السر: ما حدث به الإنسان غيره في خفاء، وأخفى منه ما أضمره في نفسه، مما لم يحدث به غيره {الْحُسْنَى} مؤنث الأحسن، فهي اسم تفضيل يوصف به الواحد من المؤنث، والجمع من المذكر. اهـ "أبو السعود" وفي "السمين": والحسنى تأنيث الأحسن، وقد تقدم غير مرة أن جمع التكسير في غير العقلاء، يعامل معاملة المؤنثة الواحدة.

ص: 298

{حَدِيثُ مُوسَى} : الحديث: كل كلام يبلغ الإنسان من جهة السمع، أو الوحي في يقظته أو في منامه {لِأَهْلِهِ}؛ أي: لامرأته، وهي بنت شعيب، واسمها صفوراء، وقيل: صفورياء، وقيل: صفورة، واسم أختها ليل، وقيل شرفا، وقيل عبدا {امْكُثُوا} المكث: الإقامة {آنَسْتُ نَارًا} ؛ أي: أبصرت إبصارًا بينًا، لا شبهة فيه. اهـ "أبو السعود" والإيناس: الإبصار البين، ومنه إنسان العين، لأنه يبصر به الأشياء، والإنس لظهورهم، كما قيل: الجن لاستتارهم، وقيل: هو الوجدان، وقيل: الإحساس، فهو أعم من الإبصار اهـ "سمين" {بِقَبَسٍ}: عبارة "السمين": القبس: الجذوة من النار، وهي الشعلة في رأس عود، أو قصبة ونحوهما، وهو فَعَل بمعنى مفعول، كالقبض والنفض، بمعنى المقبوض والمنفوض، ويقال: أقبست الرجل علمًا وقبسته نارًا، ففرقوا بينهما، هذا قول المبرد، وقال الكسائي: إن فعل وأفعل يقالان في المعنيين، فيقال: قبسته نارًا وعلمًا، وأقبسته أيضًا نارًا وعلمًا {عَلَى النَّارِ هُدًى}؛ أي: هاديًا يدلني على الطريق، فهو: مصدر بمعنى اسم الفاعل.

{إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ} قال في "القاموس": الوادي: مفرج بين جبال أو تلال أو آكام {طُوًى} : اسم علم للوادي، ويقرأ بغير تنوين، على أنه معرفة: علم مؤنث للبقعة، وقيل: هو معدول، وإن لم يعرف لفظ المعدول عنه، فكأنه أصله: طاوي، فهو في ذلك كجمع وكتع، وقال في "القاموس"، وطوى: بالضم والكسر وينون: واد بالشام، وقال علماء النحو: وأما طوى فمن منع صرفه، فالمعتبر فيه التأنيث، باعتبار البقعة لا العدل عن طاو؛ لأنه؛ أي: العدل قد أمكن غيره، وهو: التأنيث فلا وجه لتكلف العدل {فَتَرْدَى} وفي "المختار": ردى من باب صدي؛ أي: هلك وأرداه غيره، وردي في البئر. يردي بالكسر: من باب رمى، وتردى: إذا سقط فيها، أو تهور من جبل. اهـ.

{أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا} ؛ أي: أعتمد عليها في المشي، وحين الوقوف على رأس القطيع في المرعى، {وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} يقال: هش الورق يهشه ويهشه: خبطه بعصا ليتحات؛ أي: ضربه ضربًا شديدًا ليسقط، والمعنى: أخبط بها الورق على رأس غنمي لتأكله، وفي "المصباح": هش الرجل هشًا: من باب رد صال

ص: 299

بعصاه، وفي التنزيل {وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} وهش الشجرة هشًا أيضًا: ضربها ليتساقط ورقها، وهش الشيء يَهَش، من باب تعب هشاشةً: إذا لان واسترخى، فهو هش، وهش العود يهش أيضًا هشوشًا: صار هشًا؛ أي: سريع الكسر، وهش الرجل هشاشةً: إذا تبسم وارتاح، من بابي تعب وضرب اهـ.

{مَآرِبُ} : جمع مأربةٍ، مثلثة الراء، وهي الحاجة {فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى}: الحية تطلق على الصغير والكبير، والذكر والأنثى من هذا النوع، والثعبان: العظيم من الحياة، والجان: الصغير منها {سِيرَتَهَا الْأُولَى} ؛ أي: حالتها الأولى، وهي كونها عصا، يقال لكل من كان على أمر فتركه، وتحول عنه ثم راجعه، عاد فلان سيرته الأولى {مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى}: اسم تفضيل مؤنث الأكبر؛ أي: التي هي أكبر من غيرها، حتى من العصا، وذلك لأن المراد الكبرى في الإعجاز، واليد كذلك، فإنها أكبر آيات موسى، كما نقله الخازن عن ابن عباس.

{وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي} والوزير: قيل: مشتق من الوزر وهو: الثقل، وسمي بذلك لأنه يتحمل أعباء الملك ومؤنه، فهو معين على أمو الملك، وقائم بأموه، وقيل: بل هو من الوزر، وهو: الملجأ، ومنه قوله تعالى:{كَلَّا لَا وَزَرَ (11)} وقيل: من الموازرة وهي: المعاونة، نقله الزمخشري عن الأصمعي، قال: وكان القياس أزيراً يعني: بالهمزة؛ لأن المادة كذلك اهـ "سمين" وفي "القاموس": الأزر: الإحاطة والقوة، والضعف: ضد التقوية والظهر. اهـ يقال: آزره إذا قواه وأعانه. {سُؤْلَكَ} ؛ أي: مسؤولك، ففُعل بمعنى المفعول، كالخبز والأكل، بمعنى المخبوز والمأكول. {مَرَّةً أُخْرَى}؛ أي: في وقت ذي مر وذهاب؛ أي: وقتًا غير هذا الوقت، فإن أخرى: تأنيث آخر، بمعنى غير، والمرة في الأصل: اسم للمر الواحد، الذي هو مصدر. مر يمر مرًا ومرورًا؛ أي: ذهب، ثم أطلق على فعلة واحدة من الفعلات، متعديةً كانت أو لازمة، ثم شاع في كل فرد واحد من أفراد ماله أفراد متحدة، فصار علمًا في ذلك، حتى جُعِل معيارًا لما في معناه من سائر الأشياء، فقيل: هذا بناء المرة، ويقرب منها الكرة والتارة والدفعة، والمراد به هاهنا: الوقت الممتد، الذي وقع فيه ما سيأتي ذكره، من المنن العظيمة الكثيرة. اهـ "روح البيان" {بِالسَّاحِلِ} والساحل: فاعل بمعنى مفعول، من

ص: 300

السحل؛ لأنه يسحل الماء؛ أي: يقشره ويسلخه، وينزع عنه ما هو بمنزلة القشر على ظاهره، يقال: قشرت العود نزعت عنه قشره. {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41)} ؛ أي: اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي، من الاصطناع، وهو: افتعال من الصنع بالضم، وهو مصدر قولك: صنع إليه معروفًا كما مر، وعن القفال: اصطنعتك أصله من قولهم: اصطنع فلان فلانًا، إذا أحسن إليه، حتى يضاف إليه، فيقال: هذا صنع فلان، كما يقال: هذا جريح فلان، وفي "القاموس" {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41)}: إخترتك لخاصة أمرٍ أستكفيكه. انتهى.

{فُتُونًا} ، فيه وجهان:

أحدهما: أنه مصدر على فعول كالقعود والجلوس، إلا أن فعولًا قليل في المتعدي، ومنه الشكور والكفور والثبور واللزوم، قال تعالى:{لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} .

والثاني: أنه جمع فتن أو فتنة، على ترك الاعتداد بتاء التأنيث، كحجوز وبدور، في حجزة وبدرة؛ أي: فتناك ضروبًا من الفتن. اهـ "سمين".

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: التشويق والحث على الإصغاء في قوله: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9)} .

ومنها: فن الإبهام في قوله: {لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} وهو فن رفيع ينطوي على الكثير من جلائل المعاني ودقائقها، وهو ضد الإيجاز، وضد الإطناب، وحدُّه، أن يأتي المتكلم إلى المعنى الواحد الذي يمكنه الدلالة عليه باللفظ القليل، فيدل عليه باللفظ الكثير، لا لقصد إفهام البليد، وسماع البعيد، ولا للتقرير والتوكيد، بل للإتيان بمعنى يتشعب إلى عدة أمور، كل واحد منها مستقل المفهومية، فقد قال:{لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ} ولم يبت في الأمر،

ص: 301

لئلا يعد ما ليس بمستيقن من الوفاء به، وما أجملها حكمةً تكون درسًا، لمن يكيلون الوعود جزافًا ولا يفكرون في الوفاء بها.

ومنها: المبالغة في قوله: {هُدًى} حيث أطلق المصدر، وأراد اسم الفاعل؛ أي: هاديًا.

ومنها: التهويل والتعظيم في قوله: {أَكَادُ أُخْفِيهَا} .

ومنها: التأكيد بدلالة إنّ، واسمية الجملة فقط في قوله:{إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ} هنا وفي سورة الحج بحذف لام التأكيد، وأثبتها في سورة غافر حيث قال:{إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ} لأنها إنما تزاد لتأكيد الخبر، وتأكيده: إنما يحتاج إليه إذا كان المخبر به شاكًا في الخبر، والمخاطبون في غافرهم: الكفار، فأكدها باللام بخلاف تينك.

ومنها: الإطناب في قوله: {قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} وكان يكفي أن يقول: هي عصاي، ولكنه توسع في الجواب تلذذاً بالخطاب.

ومنها: الإجمال في قوله: {وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} بعد التفصيل.

ومنها: الاستعارة التصريحية الأصلية في قوله: {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ} أصل الجناح: للطائر، ثم استُعير لجنب الإنسان؛ لأن كل جنب للإنسان في موضع الجناح للطائر، فسميت الجهتان جناحين بطريق الاستعارة.

ومنها: الاحتراس في قوله: {بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} وهو عند علماء البيان: أن يؤتى بشيء يرفع توهم غير المراد، وذلك أن البياض قد يراد به البرص والبهق، فلو اقتصر على قوله:{بَيْضَاءَ} لأوهم أن ذلك من برص أو بهق، ولذلك احترس بقوله:{مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} .

ومنها: المجاز المرسل في قوله: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} فالعين هنا: بمعنى الرعاية، مجازًا مرسلًا، من إطلاق السبب وهو العين؛ أي: نظرها على المسبب، وهو الحفظ والرعاية، وفيه أيضًا الاستعارة التمثيلية: شبه شدة الرعاية

ص: 302

وفرط الحفظ والكلأة، بمن يصنع بمرأى من الناظر؛ لأن الحافظ للشيء في الغالب يديم النظر إليه، فمثل لذلك بمن يصنع على عين الآخر.

ومنها: زيادة {لِي} في قوله: {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26)} لإفادة أن منفعة شرح الصدر، وتيسير الأمر، راجعة إليه، وعائدة عليه، فإن الله عز وجل لا ينتفع بإرساله، ولا يستعين بشرح صدره - تعالى وتقدس -.

ومنها: التنكير في قوله: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27)} دلالةً على أنه لم يسأله حل جميع عقد لسانه، بل حل بعضها الذي يمنع الإفهام، بدليل قوله:{يَفْقَهُوا قَوْلِي (28)} .

ومنها: التفسير بعد الإبهام في قوله: {قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ} فأبهم الكلام وأتى به مجملًا، ليتعلق الذهن، ويتطلع ما عسى أن يكون السؤل، وما هي المنة الأخرى.

ومنها: الإبهام المجرد في قوله: {مَا يُوحَى} .

ومنها: المجاز العقلي في قوله: {فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ} حيث أسند الإلقاء إلى اليم، وهو لا يعقل، من إسناد الشيء إلى السبب.

ومنها: التنكير في قوله: {مَحَبَّةً مِنِّي} للتفخيم والتعظيم.

ومنها: حكاية الحال الماضية في قوله: {إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ} حيث عبر في الفعلين بالمضارع، والأصل: إذ مشت أختك فقالت.

ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية، حيث استعير القر بمعنى البرد، للسرور.

ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *

ص: 303

قال الله سبحانه جلَّ وعلا:

{اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (48) قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (54) مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55) وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (56) قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58) قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (60) قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (61) فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62) قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (64) قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70)} .

المناسبة

قوله تعالى: {اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي

} الآية، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما عدد (1) المنن الثمانية بإزاء ما طلبه موسى من المطالب

(1) المراغي.

ص: 304

الثمان .. شرع يذكر الأوامر والنواهي التي طلب إليه أن يقوم بتنفيذها وأداءها على النهج الذي أمره به.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (56)

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر سؤال فرعون عن رب موسى .. قفى على ذلك ببيان أنه بصره بالآيات الدالة على توحيد الله، كقوله:{رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} وقوله: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا} والدالة على نبوته، كإلقاء العصا وصيرورتها ثعبانًا، ونزع يده من تحت جناحه فتخرج بيضاء من غير سوء، فعلم كل هذا، وكذب به كفرًا وعنادًا، كما قال:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} الآية.

قوله تعالى: {فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (60)

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها (1): أن الله سبحانه لما ذكر أن موسى وفرعون، اتفقا على موعد يجتمعان فيه، وهو يوم عيد لهم .. أردف ذلك بذكر ما دبره فرعون بعد انصرافه عن المجلس، من أمر السحرة، وآلات السحر، وأتى بجميع ذلك، ثم ذكر أن موسى أوعدهم وحذرهم من عذاب لا قبل لهم به إن أقدموا على ما هم عازمون عليه، ثم بين أن السحرة حين سمعوا كلام موسى، تنازعوا أمرهم وتشاوروا ماذا يفعلون، بالغوا في إخفاء ما يريدون، وقالوا: ما موسى وهارون إلا ساحران، يريدان أن يغلباكم ويخرجاكم من دياركم، ويرجوان أن تتركوا دينكم، وهو أمثل الأديان وأفضلها، لتعتنقوا دينهما، فحذار أن تفعلوا ذلك، ولا يتخلفن أحد منكم، وائتوا صفًا واحدًا، وقد فاز بالمطلوب من غلب.

قوله تعالى: {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65)

} مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر الموعد، وهو يوم الزينة، وذكر أنهم قالوا: ائتوا صفًا .. ذكر هنا أنهم بعد أن أتوا خيروه بين أن يبدأ بإلقاء ما معه، وأن يبدؤوا هم، فاختار الثانية، وحين بدؤوا فألقوا حبالهم

(1) المراغي.

ص: 305