الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} و (اللام) في {لَسَاحِرَانِ} : داخلة على خبر المبتدأ، وضعف هذا القول: بأن حذف هذا الضمير لا يجيء إلا في الشعر، وبأن دخول اللام في الخبر شاذ، وقيل: إن {إن} بمعنى نعم.
وقرأ أبو بحرية (1)، وأبو حيوة، والزهري، وابن محيصن، وحميد، وابن سعدان، وحفص، وابن كثير:{إن} بتخفيف النون {هَذَانِ} بالألف، وشدد ابن كثير نون {هذان} وتخريج هذه القراءة واضح، وهو: على أن {إِنْ} هي المخففة من الثقيلة، و {هَذَانِ}: مبتدأ و {لَسَاحِرَانِ} الخبر و (اللام) للفرق بين إن النافية، وإن المخففة من الثقيلة، على رأي البصريين، والكوفيون يزعمون: أن إن نافية، واللام بمعنى إلا، وقرأت فرقة:{إن ذان لساحران} وتخريجها كتخريج القراءة التي قبلها، وقرأت عائشة، والحسن، والنخعي، والجحدري، والأعمش، وابن جبير، وابن عبيد، وأبو عمرو:{إن هذين} بتشديد نون {إن} وبالياء في {هذين} بدل الألف رفعًا، والياء نصبًا وجرا، وقال الزجاج: لا أجيز قراءة أبي عمرو؛ لأنها خلاف المصحف، وقرأ عبد الله {إن ذان إلا ساحران} قاله ابن خالويه، وعزاها الزمخشري لأبيّ، وقال ابن مسعود:{أنَّ هذان ساحران} بفتح أن وبغير لام بدل من النجوى. انتهى وقرأت فرقة {ما هذان إلّا ساحران} .
64
- ثم بيَّن السحرة ما يجب لمقابلة هذا الخطر الداهم، والبلاء المقبل، فقالوا:{فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ} و (الفاء) فيه فاء (2) الفصيحة، وأجمعوا من الإجماع، يقال: أجمع الأمر إذا أحكمه وعزم عليه، وحقيقته: جمع رأيه عليه، وأجمع المسلمون كذا: اجتمعت آراؤهم عليه، وأكثر ما يقال فيما يكون جمعًا يتوصل إليه بالتدبير والفكرة.
والمعنى: إذا كان الأمر كما ذكر، من كونهما ساحرين، يريدان بكم ما ذُكر من الإخراج والإذهاب، فأزمعوا مكركم وحيلكم في رفع هذا المزاحم، واجعلوه
(1) البحر المحيط.
(2)
روح البيان.
مجمعًا عليه، بحيث لا يتخلف عنه واحد منكم، وأرموا عن قوس واحدة، ولا تدعوا شيئًا من كيدكم إلا جئتم به {ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا}؛ أي: مصطفين في الموعد ومجتمعين، ليكون أشد لهيبتكم، وأنظم لأمركم، فجاؤوا في سبعين صفًا، كل صف ألف، وألقوا ما في أيديهم دفعةً واحدةً، ليبهروا الأبصار، وتعظم هيبتهم في هذا المشهد الحافل، والصف: أن يجعل الشيء على خط مستوٍ، كالناس والأشجار ونحو ذلك، وقد يجعل بمعنى الصاف.
وقرأ الجمهور (1): {فَأَجْمِعُوا} بقطع الهمزة وكسر الميم، من أجمع رباعيًا، أي: اعزموا واجعلوه مجمعًا عليه، حتى لا تختلفوا، ولا يتخلف واحد منكم عن المسألة المجمع عليها، وقرأ الزهري، وابن محيصن، وأبو عمرو، ويعقوب في روايةٍ، وأبو حاتم: بوصل الألف وفتح الميم موافقاً لقوله: {فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ} وتقدم الكلام في جمع وأجمع في سورة يونس، في قصة نوح عليه السلام.
وقرأ شبل بن عباد (2)، وابن كثير في رواية شبل عنه:{ثم ايتوا} بكسر الميم وإبدال الهمزة ياءً تخفيفًا، قال أبو علي: وهذا غلط ولا وجه لكسر الميم من {ثُمَّ} وقال صاحب "اللوامح" وذلك لالتقاء الساكنين، كما كانت الفتحة في العامة كذلك.
{وَقَدْ أَفْلَحَ} وفاز وظفر {الْيَوْمَ} بالمطلوب {مَنِ اسْتَعْلَى} ؛ أي: من غلب منا ونال علو المرتبة بين الناس، أما نحن فقد وُعدنا بالعطاء الجزيل، والقرب من الملك {قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (42)} وأما هو فسينال الرياسة، وما مقصدهم من ذلك إلا تشديد العزائم، وحفز الهمم، ليبذلوا أقصى الجهد للفوز، والفلج بالمطلوب.
والفلاح (3): الظفر وإدراك البغية، والاستعلاء: قد يكون طلب العلو
(1) البحر المحيط.
(2)
البحر المحيط.
(3)
روح البيان.