المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

{فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ} ما عنده من الحلي في النار، ومعنى - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ١٧

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌78

- ‌79

- ‌80

- ‌81

- ‌82

- ‌83

- ‌84

- ‌85

- ‌86

- ‌87

- ‌88

- ‌89

- ‌90

- ‌91

- ‌92

- ‌93

- ‌94

- ‌95

- ‌96

- ‌97

- ‌98

- ‌99

- ‌100

- ‌101

- ‌102

- ‌103

- ‌104

- ‌105

- ‌106

- ‌107

- ‌108

- ‌109

- ‌110

- ‌سورة مريم

- ‌1

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌ 13

- ‌ 14

- ‌15)}

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌ 30

- ‌ 31

- ‌ 32

- ‌ 33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌ 55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌63

- ‌64

- ‌65

- ‌66

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌70

- ‌71

- ‌72

- ‌73

- ‌74

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌78

- ‌79

- ‌80

- ‌81

- ‌82

- ‌83

- ‌84

- ‌85

- ‌86

- ‌87

- ‌88

- ‌89

- ‌90

- ‌91

- ‌92

- ‌93

- ‌94

- ‌95

- ‌96

- ‌97

- ‌98

- ‌سورة طه

- ‌1

- ‌2)}

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌ 38

- ‌39

- ‌ 40

- ‌ 41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌63

- ‌64

- ‌65

- ‌66

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌70

- ‌71

- ‌72

- ‌73

- ‌74

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌78

- ‌79

- ‌80

- ‌81

- ‌82

- ‌83

- ‌84

- ‌85

- ‌86

- ‌87

- ‌88

- ‌89

- ‌90

- ‌91

- ‌92

- ‌93

- ‌94

- ‌95

- ‌96

- ‌97

- ‌98

- ‌99

- ‌100

- ‌101

- ‌102

- ‌103

- ‌104

- ‌105

- ‌106

- ‌107

- ‌108

- ‌109

- ‌110

- ‌111

- ‌112

- ‌113

- ‌114

- ‌115

- ‌116

- ‌117

- ‌118

- ‌119

- ‌120

- ‌121

- ‌122

- ‌123

- ‌124

- ‌125

- ‌126

- ‌127

- ‌128

- ‌129

- ‌130

- ‌131

- ‌132

- ‌133

- ‌134

- ‌135

الفصل: {فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ} ما عنده من الحلي في النار، ومعنى

{فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ} ما عنده من الحلي في النار، ومعنى {فَكَذَلِكَ} أي: مثل (1) قذفنا إياها ألقى السامري ما كان معه في النار، أراهم أنه يُلقي حليًا في يده مثل ما ألقوا، وإنما ألقى التربة التي أخذها من موطىء حيزوم - فرس جبريل عليه السلام أوحى إليه وليه الشيطان أنها إذا خالطت مواتًا صار حيوانًا

‌88

- {فَأَخْرَجَ لَهُمْ} ؛ أي: للقائلين، السامريُّ من الحفيرة {عِجْلًا} أي: تبيعًا خلقه الله تعالى من الحلي، التى سبكتها النار، والعجل: ولد البقرة {جَسَدًا} بدل من عجلًا؛ أي: جثةً ذا دم ولحم وعظم، أو جسدًا من ذهب لا روح له، ولا امتناع في ظهور الخارق على يد الضال {لَهُ}؛ أي: لذلك العجهل {خُوَارٌ} ؛ أي: صياح نعت {عِجْلًا} يقال: خار العجل يخور خوارًا: إذا صاح؛ أي: له صوت العجاجيل، فسجدوا له، وقيل: خواره كان بالريح؛ لأنه كان عمل فيه خروقاً، فإذا دخلت الريح في جوفه .. خار، ولم يكن فيه حياة {فَقَالُوا}؛ أي: قال السامري ومن وافقه أول ما رأوا لمن توقف من بني إسرائيل {هَذَا} العجل {إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ} ؛ أي: فضَّل (2) موسى وأخطأ، ولم يعلم مكان إلهه هذا، وذهب يطلبه في الطور، وقيل: المعنى: فنسي موسى أن يذكر لكم أن هذا إلهه وإلهكم، وقيل: الناسى السامري؛ أي: ترك السامري ما أمر به موسى من الإيمان وضل، كذا قال ابن الأعرابي، وقيل: فنسي السامري أن العجل لا يرجع إليهم قولًا، ولا يملك لهم ضرًا ولا نفعًا.

‌89

- (الهمزة) في قوله: {أَفَلَا يَرَوْنَ} للاستفهام التوبيخي: داخلة على محذوف معلوم من السياق (الفاء) عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: ألا يتفكرون فلا يرون {أَنْ} مخففة من الثقيلة؛ أي: أنه {لا يرجع} العجل {إِلَيْهِمْ قَوْلًا} ولا كلامًا ولا جوابًا؛ أي: ألا يتفكر السامري وأصحابه، فلا يعلمون أن العجل لا يرجع إليهم قولًا من الأقوال، وقرأ الجمهور: برفع {يَرْجِعُ} وقرأ أبو حيوة {أن لا يرجع} بنصب العين، ووافقه على ذلك الزعفراني، وابن صبيح، وأبان،

(1) البحر المحيط.

(2)

الشوكاني.

ص: 379

والشافعي محمد بن إدريس الإِمام المطلبي، جعلوها {أَنْ} الناصبة للمضارع، وتكون الرؤية من الإبصار؛ أي: ألا ينظرون فلا يبصرون عدم رجعه إليهم قولًا من الأقوال، فقوله (1) {يَرْجِعُ}: من المرجع المتعدي بمعنى الإعادة، لا من الرجوع اللازم بمعنى العود، والمعنى؛ أي: أفلا يعتبرون ويتفكرون في أن هذا العجلى لا يرجع إليهم قولًا؛ أي: لا يرد عليهم جوابًا، ولا يكلمهم إذا كلموه، فكيف يتوهمون أنه إله، وهو عاجز عن المكالمة.

وجملة قوله: {وَلَا يَمْلِكُ} العجل {لَهُمْ} ؛ أي: لعابديه {ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} معطوفة (2) على جملة: {أَلَّا يَرْجِعُ} ؛ أي: أفلا يرون أنه لا يقدر على أن يدفع عنهم ضرًا، ولا يجلب لهم نفعًا، فيخافوه كما يخافون فرعون، ويرجون منه كما يرجون من فرعون، فكيف يقولون ذلك، وفي الكلام (3) توبيخ لهم، إذ عبدوا ما لا يملك ضرًا من ترك عبادته، ولا ينفع من عبده، وكان العجل فتنةً من الله تعالى ابتلى به بني إسرائيل.

قال في "التأويلات النجمية"(4) فيه: إشارة إلى أن الله تعالى: إذا أراد أن يقضي قضاءً .. سلب ذوي العقول عقولهم، وأعمى أبصارهم بعد أن رأوا الآيات، وشاهدوا المعجزات، كأنهم لم يروا شيئًا فيها، فلهذا قال:{أَفَلَا يَرَوْنَ} يعني: العجل وعجزه {أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا} ؛ أي: شيئًا من القول {وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} انتهى.

قال بعضهم:

أيَا سَامِعَاً لَيْسَ السَّمَاعُ بِنَافِعٍ

إِذَا أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا أَنْتَ سَامِعُ

إِذَا كُنْتَ في الدُّنْيَا مِنَ الْخَيْرِ عَاجِزَاً

فَمَا أَنْتَ فِيْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ صَانِعُ

(1) روح البيان.

(2)

الشوكاني.

(3)

الخازن.

(4)

روح البيان.

ص: 380

الإعراب

{قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} .

{قَالَ} : فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على فرعون، والجملة: مستأنفة {آمَنْتُمْ لَهُ} إلى آخر الآية: مقول محكي، وإن شئت قلت:{آمَنْتُمْ} (الهمزة): فيه للاستفهام التوبيخي، حذفت الهمزة الأولى، وسهلت الثانية، وهو فعل وفاعل {لَهُ} متعلق به {قَبْلَ}: منصوب على الظرفية متعلق به أيضًا، والجملة الفعلية: في محل النصب مقول {قَالَ} {أَنْ} : حرف نصب ومصدر {آذَنَ} : فعل مضارع منصوب بـ {أَنْ} وفاعله ضمير يعود على فرعون {لَكُمْ} : متعلق به والمصدر المؤول من {أَنْ} في محل الجر مضاف إليه لـ {قَبْلَ} تقديره: قبل إذني {لَكُمْ} . {إِنَّهُ} : ناصب واسمه {لَكَبِيرُكُمُ} (اللام): حرف ابتداء {كبير} خبر {إن} مرفوع و (الكاف): مضاف إليه، وجملة:{إن} في محل النصب مقول {قَالَ} {الَّذِي} : اسم موصول في محل الرفع صفة {لَكَبِيرُكُمُ} {عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ} : فعل ومفعولان، وفاعله: ضمير يعود على الموصول، والجمله: صلة الموصول {فَلَأُقَطِّعَنَّ} {الفاء} فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفتم ما قلت لكم، وأردتم بيان شأني فيكم .. فأقول لكم و (اللام): موطئة للقسم {أقطعنّ} : فعل مضارع في محل الرفع مبني على الفتح، لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، وفاعله: ضمير يعود على فرعون {أَيْدِيَكُمْ} : مفعول به {وَأَرْجُلَكُمْ} : معطوف عليه {مِنْ خِلَافٍ} جار ومجرور حال من الأيدي والأرجل، أي: حالة كونها مختلفات في الاسم والصفة، والجملة الفعلية: جواب القسم، لا محل لها من الإعراب، وجملة القسم: في محل النصب مقول {قَالَ} {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ} (الواو): عاطفة و (اللام): موطئة للقسم {أصلبن} فعل مضارع مبني على الفتح، و (الكاف): مفعول به، وفاعله: ضمير يعود على فرعون، والجملة: معطوفة على جملة قوله: {لأقطعن} علي كونها جواب القسم {فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} : جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بـ {أصلبن} .

ص: 381

{وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى} .

{وَلَتَعْلَمُنَّ} (الواو): عاطفة و (اللام) موطئة للقسم {تعلمن} : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبات النون المحذوفة، لتوالي الأمثال، والواو المحذوفة لالتقاء الساكين، في محل الرفع فاعل، أصله: لتعلمونن، حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال، والواو لالتقاء الساكنين، فصار {تعلمُن} والجملة: معطوفة على جملة {لأقطعن} . {أَيُّنَا} {أي} : اسم استفهام مبتدأ مرفوع، و (نا) مضاف إليه {أَشَدُّ} خبره {عَذَابًا} تمييز محول عن المبتدأ، منصوب باسم التفضيل {وَأَبْقَى}: معطوف على {أَشَدُّ} والجملة الاسمية: في محل النصب، سادة مسد المفعولين لعلم إن كانت على بابها، أو مسد المفعول الواحد، إن كانت عرفانية؛ لأن الفعل علق بـ {أي} الاستفهامية، ويجوز (1) على جعلها عرفانية، أن تكون {أي} موصولةً بمعنى الذي، وبنيت لأنها قد أضيفت، وحذف صدر صلتها و {أَشَدُّ} خبر مبتدأ محذوف، والجملة الاسمية، صلة:{أي} الموصولة و {أي} : الموصولة في محل النصب مفعول به لعلم العرفانية، كقوله تعالى:{ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ} في أحد أوجهه، كما تقدم.

{قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)} .

{قَالُوا} : فعل وفاعل، والجملة: مستأنفة {لَنْ نُؤْثِرَكَ} إلى قوله: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا} إلى موسى مقول محكي لـ {قَالُوا} وان شئت قلت: {لَنْ نُؤْثِرَكَ} : ناصب وفعل ومفعول به، وفاعله: ضمير يعود على السحرة، والجملة: في محل النصب مقول {قَالُوا} : {عَلَى مَا} : جار ومجرور متعلق بـ {نُؤْثِرَكَ} . {جَاءَنَا} : فعل ومفعول وفاعله ضمير يعود على {مَا} والجملة: صلة الموصول {مِنَ الْبَيِّنَاتِ} : جار ومجرور حال من فاعل {جَاءَنَا} . {وَالَّذِي} : اسم موصول في محل الجر معطوف على {مَا} وأخروا ذكر الباري من باب تقديم الأدنى على الأعلى

(1) الفتوحات.

ص: 382

{فَطَرَنَا} : فعل ومفعول وفاعل مستتر، والجملة: صلة الموصول، ويحتمل أن تكون (الواو) في {وَالَّذِي} للقسم، {الَّذِي} مجرور بواو القسم، الجار والمجرور متعلق بفعل قسم محذوف تقديره نقسم {وَالَّذِي فَطَرَنَا} وجواب القسم: محذوف، تقديره: لن نؤثرك، وجملة القسم: في محل النصب مقول {قَالُوا} . {فَاقْضِ} (الفاء) فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره. إذا عرفت ما قلنا لك، وأردت بيان غاية ما نقول لك .. فنقول لك {اقض ما أنت قاض} {اقض}: فعل أمر، وفاعله: ضمير يعود على فرعون و {مَا} : مفعول به {أَنْتَ قَاضٍ} : مبتدأ وخبر، والجملة: صلة لـ {مَا} الموصولة، والعائد محذوف تقديره: ما أنت قاضيه، والجملة الفعلية: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة: مستأنفة على كونها مقولًا لـ {قَالُوا} . {إِنَّمَا} : أداة حصر {تَقْضِي} : فعل مضارع وفاعله ضمير يعود على فرعون، والجملة: في محل النصب مقول {قَالُوا} . {هَذِهِ} ظرف زمان في محل النصب على الظرفية، والظرف متعلق بـ {تَقْضِي}. {الْحَيَاةَ}: بدل من اسم الإشارة {الدُّنْيَا} صفة لـ {الْحَيَاةَ} ، ومفعول {تَقْضِي} هو محذوف تقديره، إنما تقضي غرضك في هذه الحياة الدنيا، ويجوز (1): أن تكون {الْحَيَاةَ} مفعول به على الاتساع، ويجوز أن تكون ما في {إِنَّمَا}: مصدرية، وجملة {تَقْضِي} مع {مَا} في تأويل مصدر منصوب على كونه اسم {إن} والخبر الظرف، والتقدير: إن قضاءك كائن في هذه الحياة الدنيا فقط، بمعنى إن لك الدنيا فقط، ولنا الآخرة اهـ "سمين" ويجوز كونها موصولة اسم {إن} وعائدها: محذوف؛ أي: إن الذي تقضيه كائن في الحياة الدنيا.

{إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73)} .

{إِنَّا} : ناصب واسمه {آمَنَّا} : فعل وفاعل {بِرَبِّنَا} : متعلق بـ {آمَنَّا}

(1) الفتوحات.

ص: 383

والجملة الفعلية: في محل الرفع خبر {إن} وجملة {إن} في محل النصب مقول {قَالُوا} . {لِيَغْفِرَ} (اللام) حرف جر وتعليل {يغفر} : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، وفاعله: ضمير يعود على الله {لَنَا} : متعلق بـ {يغفر} {خَطَايَانَا} مفعول به ومضاف إليه، والجملة: في تأويل مصدر مجرور باللام، تقديره: لغفرانه لنا خطايانا، الجار والمجرور متعلق بـ {آمَنَّا}. {وَمَا}: اسم موصول في محل النصب معطوف على {خَطَايَانَا} . {أَكْرَهْتَنَا} فعل وفاعل ومفعول، والجملة: صلة الموصول {عَلَيْهِ} : متعلق بـ {أَكْرَهْتَنَا} وهو العائد على {مَا} الموصولة {مِنَ السِّحْرِ} : جار ومجرور حال من الضمير في {عَلَيْهِ} أو من {مَا} الموصولة {وَاللَّهُ خَيْرٌ} : مبتدأ وخبر {وَأَبْقَى} : معطوف على {خَيْرٌ} والجملة الاسمية: في محل النصب مقول {قَالُوا} .

{إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (74)} .

{إِنَّهُ} : ناصب واسمه {مَنْ} : اسم شرط في محل الرفع مبتدأ، والخبر: جملة الجواب، أو الشرط، أو هما {يَأْتِ}: فعل مضارع مجزوم بـ {مَنْ} على كونه فعل شرط لها، وفاعله: ضمير يعود على {مَنْ} . {رَبَّهُ} : مفعول به {مُجْرِمًا} : حال من فاعل {يَأْتِ} . {فَإِنَّ} (الفاء) رابطة لجواب من الشرطية {إن} : حرف نصب وتوكيد {لَهُ} خبر {إن} مقدم على اسمها {جَهَنَّمَ} اسمها مؤخر، وجملة {إن}: في محل الجزم بـ {مَنْ} الشرطية على كونها جوابًا لها، وجملة {مَنْ} الشرطية: في محل الرفع خبر {إن} وجملة: {إن} في محل النصب مقول {قَالُوا} . {لَا يَمُوت} : ناف وفعل مضارع، وفاعله: ضمير يعود على {مَنْ} {فِيهَا} : متعلق بـ {يَمُوتُ} والجملة الفعلية: في محل النصب حال من ضمير {لَهُ} : أو من {جَهَنَّمَ} وجملة {وَلَا يَحْيَى} في محل النصب معطوفة على جملة {لَا يَمُوتُ} .

{وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (75)} .

{وَمَنْ} الواو: عاطفة {مَنْ} : اسم شرط في محل الرفع مبتدأ، والخبر: جملة الجواب، أو الشرط، أو هما {يَأْتِهِ}: فعل ومفعول مجزوم بـ {مَنْ} على

ص: 384

كونه فعل شرط لها، وفاعله: ضمير يعود على {مَنْ} . {مُؤْمِنًا} : حال من فاعل {يَأْتِ} {قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ} : فعل ومفعول، وفاعل: مستتر يعود على {مَنْ} والجملة: في محل النصب صفة لـ {مُؤْمِنًا} {فَأُولَئِكَ} (الفاء) رابطة لجواب {مَنْ} الشرطية {أولئك} : مبتدأ أول {لَهُمُ} : خبر مقدم {الدَّرَجَاتُ} : مبتدأ ثان مؤخر {الْعُلَى} صفة {الدَّرَجَاتُ} والجملة: من المبتدأ الثاني، وخبره: في محل الرفع خبر للأول، وجملة الأول وخبره: في محل الجزم بـ {مَن} الشرطية على كونها جوابًا لها، وجملة {مَن} الشرطية: في محل الرفع معطوفة على جملة {مَن} الأولى.

{جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)} .

{جَنَّاتُ عَدْنٍ} : بدل من {الدَّرَجَاتُ} أو خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: هي {جَنَّاتُ عَدْنٍ} . {تَجْرِي} : فعل مضارع {مِنْ تَحْتِهَا} متعلق به {الْأَنْهَارُ} : فاعل والجملة الفعلية: في محل الرفع صفة لـ {جَنَّاتُ عَدْنٍ} . {خَالِدِينَ} : حال من {أولئك} . {فِيهَا} : متعلق بـ {خَالِدِينَ} . {وَذَلِكَ جَزَاءُ} : مبتدأ وخبر، والجملة الاسمية: مستأنفة، في محل النصب مقول {قَالُوا}. {مِنْ}: اسم موصول في محل الجر مضاف إليه، وجملة {تَزَكَّى}: صلته.

{وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77)} .

{وَلَقَدْ} الواو: استئنافية و (اللام) موطئة للقسم {قد} : حرف تحقيق {أَوْحَيْنَا} : فعل وفاعل، والجملة الفعلية: جواب القسم، وجملة القسم: مستأنفة {إِلَى مُوسَى} : جار ومجرور متعلق بـ {أَوْحَيْنَا} {أَنْ} : مفسرة بمعنى، أي:{أَسْرِ} : فعل أمر مبني على حذف حرف العلة، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة: مفسرة لجملة {أَوْحَيْنَا} . {بِعِبَادِي} : جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بـ {أَسْرِ} {فَاضْرِبْ} (الفاء) عاطفة {اضرب}: فعل أمر، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة: معطوفة على جملة {أَسْرِ} . {لَهُمْ} متعلق بـ {اضرب} : قائم مقام المفعول الثاني؛ لأن ضرب هنا بمعنى جعل {طَرِيقًا}

ص: 385

مفعول به أول {فِي الْبَحْرِ} صفة أولى لـ {طَرِيقًا} . {يَبَسًا} : صفة ثانية له وهو وصف له بما يؤول إليه {لَا} : نافية {تَخَافُ} : فعل مضارع، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} . {دَرَكًا} مفعول به، والجملة الفعلية: في محل النصب حال من فاعل {اضرب} ؛ أي: اضرب لهم طريقًا حالة كونك غير خائف، أو صفة لـ {طَرِيقًا} والعائد: محذوف؛ أي: {لَا تَخَافُ} فيه أو هي: جملة مستأنفة، وجملة:{وَلَا تَخْشَى} معطوفة على جملة {لَا تَخَافُ} .

{فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ} .

{فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ} (الفاء): عاطفة {أتبعهم} : فعل ومفعول {فِرْعَوْنُ} فاعل {بِجُنُودِهِ} : جار ومجرور حال من فرعون؛ أي: حالة كونه متلبسًا بجنوده والجملة الفعلية: معطوفة على محذوف تقديره، ففعل موسى ما أمر به من الإسراء بهم، وضرب البحر، وسلوكه فتبعهم فرعون حالة كونه مصاحبًا بجنوده وأعوانه، حتى لحقوهم.

{فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79) يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (80)} .

{فَغَشِيَهُمْ} (الفاء): عاطفة {غَشِيَهُمْ} : فعل ومفعول {مِنَ الْيَمِّ} : جار ومجرور حال من {مَا} الموصولة المذكورة بعده {مَا} موصولة أو موصوفة في محل الرفع فاعل {غَشِيَهُمْ} : فعل ومفعول وفاعله ضمير يعود على {مَا} والجملة: صلة لـ {مَا} أو صفة لها، وجملة {غشي} الأولى: معطوفة على جملة قوله: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ} . {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ} فعل وفاعل {قَوْمَهُ} : مفعول به، والجملة: معطوفة على جملة {فَغَشِيَهُمْ} ولكن في الكلام تقديم وتأخير؛ لأن إضلاله قومه كان قبل الغرق طبعًا {وَمَا} (الواو): عاطفة {مَا} نافية {هَدَى} : فعل ماض، وفاعله، ضمير يعود على {فِرْعَوْنُ} والجملة: معطوفة على جملة {أضل} . {يَا بَنِي إِسْرَائِيل} : منادى مضاف، وجملة: النداء مقول لقول محذوف، تقديره: وقلنا لهم بعد إغراق فرعون: {يَا بَنِي إِسْرَائِيل} . {قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ} : فعل وفاعل ومفعول، والجملة: في محل النصب مقول للقول المحذوف، على كونها

ص: 386

جواب النداء {مِنْ عَدُوِّكُمْ} : متعلق بـ {أَنْجَيْنَاكُمْ} . {وَوَاعَدْنَاكُمْ} : فعل وفاعل ومفعول أول معطوف على {أَنْجَيْنَاكُمْ} {جَانِبَ الطُّورِ} : مفعول ثان ومضاف إليه، ولكنه على حذف مضاف؛ أي: إتيان جانب الطور، ولا يكون ظرفًا لأنه محدود {الْأَيْمَنَ}: صفة لـ {جَانِبَ} . {وَنَزَّلْنَا} : فعل وفاعل معطوف على {واعدنا} {عَلَيْكُمُ} : متعلق بـ {نزلنا} . {الْمَنَّ} : مفعول به {وَالسَّلْوَى} : معطوف على {الْمَنَّ} .

{كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81)} .

{كُلُوا} : فعل وفاعل {مِنْ طَيِّبَاتِ} : جار ومجرور متعلق به، والجملة في محل النصب مقول لقول محذوف، تقديره: وقلنا لهم: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} . {طَيِّبَاتِ} : مضاف {مَا} : مضاف إليه {رَزَقْنَاكُمْ} : فعل وفاعل ومفعول، والجملة: صلة لـ {مَا} الموصولة، والعائد: محذوف تقديره، ما رزقناكموه {وَلَا} (الواو): عاطفة {لَا} ناهية جازمة {تَطْغَوْا} : فعل وفاعل مجزوم بـ {لا} الناهية {فِيهِ} : متعلق به، والجملة: معطوفة على جملة {كُلُوا} {فَيَحِلَّ} (الفاء): عاطفة سببية {يَحِلَّ} : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد الفاء السببية، الواقعة في جواب النهي {عَلَيْكُمْ}: متعلق به {غَضَبِي} : فاعل ومضاف إليه، والجملة الفعلية، مع أن المضمرة: في تأويل مصدر معطوف على مصدر متصيد من الجملة التي قبلها، من غير سابك، لإصلاح المعنى، تقديره: لا يكن طغيانكم فيه فحلول غضبي عليكم {وَمَنْ يَحْلِلْ} (الواو): استئنافية {مَنْ} : اسم شرط جازم في محل الرفع مبتدأ، والخبر: جملة الجواب، أو الشرط، أو هما {يَحْلِلْ}: فعل مضارع مجزوم بـ {مَنْ} الشرطية، على كونه فعل شرط لها {عَلَيْهِ}: متعلق به {غَضَبِي} : فاعل ومضاف إليه {فَقَدْ} (الفاء): رابطة لجواب {مَنْ} الشرطية وجوبًا، لاقترانه بـ {قد}. {قد} حرف تحقيق {هَوَى}: فعل ماض في محل الجزم بـ {من} على كونه جواب شرط لها، وفاعله: ضمير يعود على {مَن} وجملة {مَن} الشرطية: مستأنفة.

{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82)} .

ص: 387

{وَإِنِّي} الواو: عاطفة {إِنِّي} : ناصب واسمه {لَغَفَّارٌ} (اللام): حرف ابتداء {غفار} خبر إن {لِمَنْ} : جار ومجرور متعلق بـ {غفار} وجملة {إن} : معطوفة على جملة {مَن} الشرطية {تَابَ} : فعل وفاعل مستتر، والجملة: صلة {مَن} الموصولة وجملة: {وآمن عمل} معطوفة على جملة {تَابَ} . {صَالِحًا} : منصوب على المفعولية المطلقة؛ لأنه صفة لمصدر محذوف؛ أي: عملًا صالحًا، أو مفعول به {ثُمَّ}: حرف عطف وترتيب {اهْتَدَى} : فعل ماض معطوف على {وَعَمِلَ} وفاعله: ضمير يعود على {مَنْ} .

{وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84)} .

{وَمَا أَعْجَلَكَ} الواو: عاطفة لقول محذوف معطوف على فعل محذوف، تقديره: فسار موسى إلى موعد الميقات مع قومه، فجاء وحده مستعجلاً، وقلنا له:{ما أعجلك} {مَا} : اسم استفهام للاستفهام التوبيخي المضمّن للإنكار، في محل الرفع مبتدأ {أَعْجَلَكَ}: فعل ماض ومفعول به، وفاعله: ضمير يعود على {مَا} . {عَنْ قَوْمِك} : متعلق به، والجملة الفعلية: في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل النصب مقول قلنا، وجملة: قلنا: معطوفة على الجملة المحذوفة التي قدرناها آنفًا {يَا مُوسَى} : منادى مفرد العلم، في محل النصب على المفعولية، وجملة النداء: في محل النصب مقول لقلنا {قَالَ} : فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على {يَا مُوسَى} والجملة: مستأنفة {هُمْ} : مبتدأ {أُولَاءِ} : خبره {عَلَى أَثَرِي} : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر ثان للمبتدأ، أو حال من الخبر، والجملة الاسمية: في محل النصب مقول {قَالَ} . {وَعَجِلْتُ} : فعل وفاعل {إِلَيْكَ} : متعلق به، والجملة الفعلية، في محل النصب معطوفة على الجملة الاسمية، على كونها مقول {قَالَ}. {رَبِّ}: منادى مضاف إلى ياء المتكلم المحذوفة، وجملة النداء: في محل النصب مقول {قَالَ} . {لِتَرْضَى} (اللام) حرف جر وتعليل، {ترضى}: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، وفاعله: ضمير يعود على الله، والجملة الفعلية، مع أن المضمرة: في تأويل

ص: 388

مصدر مجرور باللام، تقديره: لرضاك عني، الجار والمجرور متعلق بـ {عجلت} .

{قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85)} .

{قَالَ} : فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على الله، والجملة: مستأنفة استئنافًا بيانيًا {فَإِنَّا} (الفاء): فاء الفصيحة، لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت ما قلت لك، وأردت بيان حال قومك .. فأقول لك {إنا}. {إنا}: ناصب واسمه {قَدْ} : حرف تحقيق {فَتَنَّا قَوْمَك} : فعل وفاعل ومفعول {مِنْ بَعْدِكَ} : متعلق بـ {فتنا} والجملة الفعلية: في محل الرفع خبر {إن} وجملة {إن} في محل النصب. مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة: في محل النصب مقول {قَالَ} . {وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} : فعل ومفعول وفاعل، والجملة الفعلية: في محل النصب، معطوفة على جملة {إن} على كونها مقولًا لجواب إذا المقدرة.

{فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86)} .

{فَرَجَعَ} (الفاء): عاطفة مجردة عن التعقيب {رَجَعَ مُوسَى} : فعل وفاعل، والجملة: في محل النصب معطوفة على جملة {أضل} . {إِلَى قَوْمِهِ} : متعلق بـ {رجع} . {غَضْبَانَ أَسِفًا} : حالان من {مُوسَى} . {قَالَ} : فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة: مستأنفة {يَا قَوْم} : منادى مضاف، وجملة النداء: في محل النصب مقول {قَالَ} . {أَلَمْ} الهمزة، للاستفهام التقريري، وأخطأ من قال: إنها للاستفهام الإنكاري {لَمْ} : حرف جزم {يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ} : فعل مضارع ومفعول أول وفاعل، مجزوم بـ {لم} والمفعول الثاني محذوف، تقديره: إعطاء التوراة {وَعْدًا} : مفعول مطلق {حَسَنًا} صفة له، والجملة الفعلية: في محل النصب مقول {قَالَ} {أَفَطَالَ} (الهمزة) للاستفهام الإنكاري، داخلة على محذوف و (الفاء) عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: أوعدكم ربكم وعدًا حسنًا، فطال عليكم العهد {طال}: فعل ماض {عَلَيْكُمُ} : متعلق به {الْعَهْدُ} : فاعل، والجملة: معطوفة على تلك الجملة المحذوفة، والجملة

ص: 389

المحذوفة: في محل النصب مقول {قَالَ} . {أَمْ} : حرف عطف معادل للهمزة {أَرَدْتُمْ} : فعل وفاعل، والجملة: معطوفة على جملة {طال} . {أَنْ} حرف نصب {يَحِلَّ} : فعل مضارع منصوب بـ {أَنْ} {عَلَيْكُمْ} : متعلق به {غَضَبٌ} : فاعل {مِنْ رَبِّكُمْ} : صفة لـ {غَضَبٌ} والجملة الفعلية، مع أن المصدرية: في تأويل مصدر منصوب على المفعولية، تقديره: أم أردتم حلول غضب من ربكم عليكم {فَأَخْلَفْتُمْ} (الفاء): عاطفة {أخلفتم} : فعل وفاعل {مَوْعِدِي} مفعول به ومضاف إليه، والجملة: معطوفة على جملة {أَرَدْتُمْ} .

{قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87)} .

{قَالُوا} : فعل وفاعل، والجملة: مستأنفة {مَا} : نافية {أَخْلَفْنَا} : فعل وفاعل {مَوْعِدَكَ} : مفعول به، والجملة: في محل النصب مقول {قَالُوا} . {بِمَلْكِنَا} : جار ومجرور حال من فاعل {أَخْلَفْنَا} ؛ أي: ما أخلفنا موعدك حال كوننا مالكين أمرنا، ولكنا غلبنا على أمرنا، من جهة السامري وكيده، {وَلَكِنَّا} (الواو): عاطفة {لكنا} : ناصب واسمه {حُمِّلْنَا} : فعل ونائب فاعل {أَوْزَارًا} مفعول ثان {مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ} : جار ومجرور ومضاف إليه، صفة لـ {أَوْزَارًا} والجملة الاستدراكية: في محل النصب معطوفة على جملة {أَخْلَفْنَا} . {فَقَذَفْنَاهَا} (الفاء): عاطفة {قذفناها} : فعل وفاعل ومفعول، معطوف على {حُمِّلْنَا}. {فَكَذَلِكَ} (الفاء): عاطفة {كذلك} جار ومجرور صفة لمصدر محذوف {أَلْقَى السَّامِرِيُّ} : فعل وفاعل والجملة معطوفة على قذفنا والتقدير: فالقى السامري إلقاء مثل إلقائنا.

{فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88) أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89)} .

{فَأَخْرَجَ} الفاء: عاطفة {أخرج} : فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على {السَّامِرِيُّ} . {لَهُمْ} : متعلق بـ {أخرج} . {عِجْلًا} : مفعول به، والجملة: معطوفة على جملة قوله: {وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} لئلا يتوهم أنه من كلامهم، وما

ص: 390

بينهما اعتراض {جَسَدًا} : بدل من {عِجْلًا} . {لَهُ} : خبر مقدم {خُوَارٌ} : مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية: في محل النصب صفة لـ {جَسَدًا} {فَقَالُوا} (الفاء): عاطفة {قالوا} فعل وفاعل معطوف على جملة قوله: {فَأَخْرَجَ لَهُمْ} . {هَذَا} : مبتدأ {إِلَهُكُمْ} : خبر {وَإِلَهُ مُوسَى} : معطوف عليه، والجملة: في محل النصب مقول {قَالُوا} {فَنَسِيَ} (الفاء): عاطفة {نسي} فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة: في محل النصب معطوفة على جملة قوله: {هَذَا إِلَهُكُمْ} . {أَفَلَا يَرَوْنَ} (الهمزة) فيه للاستفهام التوبيخي، داخلة على محذوف، معلوم من السياق (والفاء): عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: ألا يتفكرون فلا يرون، والجملة المحذوفة: مستأنفة {لا} نافية {يَرَوْنَ} : فعل وفاعل، والجملة: معطوفة على تلك المحذوفة {أَلَّا} {أن} : مخففة من الثقيلة، واسمها: ضمير الشأن؛ أي: أنه لا يرجع: {لا} نافية {يَرْجِعُ} : فعل مضارع، وفاعله: ضمير يعود على العجل {إِلَيْهِمْ} : متعلق بـ {يَرْجِعُ} . {قَوْلًا} مفعول به، والجملة الفعلية: في محل الرفع خبر {أن} المخففة، وجملة {أن} المخففة: في تأويل مصدر منصوب على المفعولية لـ {يَرَوْنَ} إن كانت بصرية، أو ساد مسد مفعولي {يَرَوْنَ} إن كانت علمية، تقديره: أفلا يرون عدم رجوعه إليهم قولًا {وَلَا} (الواو): عاطفة {لَا} نافية {يَمْلِكُ} : فعل مضارع، وفاعله: ضمير يعود على العجل {لَهُمْ} متعلق بـ {يَمْلِكُ} . {ضَرًّا} : مفعول به {وَلَا نَفْعًا} : معطوف على {ضَرًّا} والجملة الفعلية: في محل الرفع معطوفة على جملة {لا يرجع} .

التصريف ومفردات اللغة

{قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ} أصله (1): أأمن كأكرم، قلبت الهمزة الثانية ألفًا على القاعدة في اجتماع الهمزتين، ثم أُدخلت عليه همزة الاستفهام، فصار في الكلمة همزتان: غير المنقلبة ألفًا فإما أن يقرأ بتحقيقهما، وإما أن يُقرأ بحذف الأولى، التي هي همزة الاستفهام {طَرِيقًا} والمراد بالطريق: جنسه، فإن الطريق كانت

(1) الفتوحات.

ص: 391

ثنتى عشرة، بعدد أسباط بني إسرائيل {يَبَسًا} قيل: هو في الأصل: مصدر وصف به مبالغة، أو على حذف مضاف، أو جمع: يابس كخادم وخدم، وصف به الواحد مبالغة، قال في "القاموس": يبس الشيء ييبس: من بابي علم وحسب يبسًا ويبسًا، واتبس كان رطبًا، فجف فهو: يبس ويبس ويابس ويبوس ويبيس وأبيس {دَرَكًا} بفتحتين؛ أي: أن يدركك فرعون وجنوده، والدرك بفتح الدال، وسكون الراء، وبفتحتين: اللحاق، وإدراك الحاجة، وأقصى قعر الشيء يقال: بلغ الغواص درك البحر، ويقال: فرس درك الطريدة؛ أي: يدركها، ومنه قولهم: ما لحقك من درك فعلي خلاصه.

{وَلَا تَخْشَى} (1) يقرأ إلا بإثبات الألف، وكان من حق من قرأ لا تخف جزمًا أن يقرأ {لا تخشى} بحذفها، كذا قاله بعضهم، وليس بشيءٍ لأن القراءة سنة متبعة، وفيها أوجه:

أحدها: أن يكون حالًا، وفيه إشكال وهو: أن المضارع المنفي بلا، كالمثبت في عدم مباشرة الواو له، وتأويله على حذف مبتدأ؛ أي: وأنت {لا تخشى} .

والثاني: أنه مستأنف، أخبره تعالى أنه لا يحصل له خوف.

والثالث: أنه مجزوم بحذف الحركة تقديرًا، ومثله فلا تنسى في أحد القولين، إجراءً لحرف العلة مجرى الحرف الصحيح.

والرابع: أنه مجزوم أيضًا بحذف حرف العلة، وهذه الألف ليست تلك، أعني: لام الكلمة، وإنما هي ألف إشباعٍ أتي بها موافقةً للفواصل ورؤوس الآي، فهي كالألف في قوله:{الرسولا} و {السَّبِيلَا} و {الظُّنُونَا} وهذه الأوجه إنما يحتاج إليها في قراءة جزم {لا تخف} وأما من قرأه مرفوعًا .. فهذا معطوف عليه اهـ "سمين".

(1) الفتوحات.

ص: 392

{فَأَتْبَعَهُمْ} وأتبع وتبع بمعنى واحد {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} ؛ أي: فغمرهم وعلاهم من البحر ما علاهم من الأمر الهائل، الذي لا يعلم كنهه إلا الله {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ}؛ أي: سلك بهم مسلكًا، أداهم إلى الخسران في دينهم ودنياهم، إذ أغرقوا فأدخلوا نارًا {وَمَا هَدَى}؛ أي: وما أرشدهم إلى طريق يصل إليهم إلى طريق السعادة {الْأَيْمَنَ} ؛ أي: الجانب الذي عن يمين من ينطلق من مصر إلى الشام {الْمَنَّ} : نوع من الحلوى، يسمى الترنجبين كما مر {وَالسَّلْوَى}: طائر شبيه بالسماني {وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ} ؛ أي: فلا تأخذوه من غير حاجة إليه {فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} ؛ أي: ينزل بكم سخطي {هَوَى} سقط وهلك {غفار} ؛ أي: كثير المغفرة والستر للذنوب {اهْتَدَى} ؛ أي: لزم الهداية واستقام {عَلَى أَثَرِي} يقال: جاء على أثره بفتحتين، وبكسر فسكون: إذا جاء لاحقاً به بلا تأخر، والأثر: الخبر، وبقية الشيء، والجمع: آثار وأثور، وخرج في أثره وإثره؛ أي: بعده، وائتثره وتأثره تبع أثره {قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ}؛ أي: اختبرناهم {وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} ؛ أي: أوقعهم في الضلال والخسران، والسامري: من شعب بني إسرائيل، من بطن يقال له: السامرة، واسمه موسى بن ظفر، وقيل: إنه ابن زنا رمته أمه في الجبل بعد وضعه، وقد قيل فيه وفي موسى بن عمران

وَمُوْسَى الَّذِيْ رَبَّاهُ فِرْعَوْنُ مُرْسَلٌ

وَمُوْسَى الَّذِيْ رَبَّاهُ جِبْرِيْلُ كَافِرُ

وفي "القاموس": السامري: هو الذي عبد العجل، وكان علجًا من كرمان، أو عظيمًا من بني إسرائيل، يُنسب إلى قبيلة من بني إسرائيل، يقال لها: السامرة، نسبة إلى مقاطعةٍ في فلسطين. اهـ.

والأسف: الحزين، والوعد الحسن: إعطاء التوراة التي فيها هدى ونور، والعهد: زمان الإنجاز {مَوْعِدِي} ؛ أي: وعدكم إياي بالثبات على الإيمان، وقيامكم بأداء ما أمرتم به من التكاليف {بِمَلْكِنَا}؛ أي: بقدرتنا مصدر ملك وهو مثلث الميم، وفي "القاموس" وشرحه "التاج": ملك يملك من باب تعب ملكًا وملكًا وملكًا، بفتح الميم وضمها وكسرها، وملكةً ومملكةً بفتح اللام، ومملكة وملكة بضمها: الشيء احتواه قادرًا على التصرف والاستبداد به، وملك على

ص: 393

القوم: استولى عليهم، وملك على فلان أمره: استولى عليه، وملك على نفسه: قدر على حبسها، وملك المرأة تزوجها. انتهى.

{أَوْزَارًا} ؛ أي: أثقالاً، وأرادوا بها حلي القبط التي استعاروها منهم، وأرادوا بالأوزار، أنها آثام وتبعات؛ لأنهم استعاروها منهم، وليس لهم فيها حق {خُوَارٌ} بضم الخاء: صوت البقر والعجاجيل {جَسَدًا} وفي "المصباح": الجسد جمع أجساد، وهو الجثة، وعبَّر عنه بالجسد مع أنه لا يقال الجسد إلا للحيوان العاقل، وهو الإنس والجن والملائكة، تشبيهًا له بالعاقل، كأنه غاير البقر، ولا يقال الغير الحيوان العاقل: جسد إلا للزعفران، فيقال له: جساد بفتح الجيم، وإلا للدم إذا يبس فيقال له جاسد أيضًا.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: الاستعارة المكنية التبعية في قوله: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} وتقريرها: أنه شبه استعلاء المصلوب على الجذوع، بظرفية المقبور في قبره، ثم استُعمل في المشبه {فِي} الموضوعة للمشبه به، أعني: الظرفية، فجرت الاستعارة في الاستعلاءِ، والظرفية، وبتبعيتها في لفظ على وفي وإذن، ففي على بابها من الظرفية، وهذا أصح الأقوال فيها، وقيل: إن {فِي} بمعنى على، فلا يكون في الكلام استعارة، وعبارة الدرديري في "شرحه" على "تحفة الأخواد": مثال الاستعارة في الحرف، استعارة لفظ {فِي} لمعنى على في قوله تعالى:{وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} ؛ أي: عليها، شبَّه الاستعلاء الكلي بالظرفية الكلية، بجامع التمكن في كل، واستُعير لفظ الظرفية للاستعلاء؛ أي: بقدر ذلك فسرى التشبيه من الكليات إلى الجزئيات، التي هي معاني الحروف، فاستُعير لفظ {فِي} الموضوعة لكل جزئي من الجزئيات الظرفية، لمعنى على وهو الاستعلاء الخاص؛ أي: المتعلق بالتصليب، والجذوع في هذا المثال.

ص: 394

ومنها: الطباق بين {يَمُوتُ} و {يَحْيَى} .

ومنها: المقابلة بين قوله: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا} وبين قوله: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَات

} إلخ. والمقابلة: هي أن يؤتى بمعنيين أو أكثر، ثم يؤتى بما يقابل ذلك.

ومنها: المجاز المرسل في قوله: {يَبَسًا} لأنه لم يكن حين خاطبه الله تعالى يبسًا، ولكن باعتبار ما يؤول إليه، كقوله تعالى:{إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} وقد تقدم القول فيه مفصلاً.

ومنها: الإبهام في قوله: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} للتهويل؛ أي: علاهم وغمرهم من الأمر الهائل، الذي ليس في طوقهم احتماله، مما لا يمكن إدراك كنهه، ولا سبر غوره، وهو من جوامع الكلم التي يقل لفظها، ويتشعب القول في معناها.

ومنها: الطباق بين {وَأَضَلَّ} و {هَدَى} .

ومنها: المجاز العقلي في قوله: {وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ} لأن المواعدة كانت لموسى عليه السلام لا لهم، فأضيفت إليهم لأدنى ملابسة؛ لأنه لما كانت المواعدة لإنزال كتاب بسببهم، إذ فيه صلاح دينهم ودنياهم وأخراهم .. أضيفت إليهم بهذه الملابسة، فهو من المجاز العقلي. اهـ "كرخي".

ومنها: الاستعارة في قوله: {فَقَدْ هَوَى} استعار لفظ الهوى، وهو: السقوط من علو إلى سفل، للهلاك والدمار.

ومنها: صيغة المبالغة في قوله {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ} أي كثير المغفرة للذنوب.

ومنها: الاستفهام في قوله: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83)} .

فائدة: والاستفهام من الله تعالى لا يقع لاستدعاء المعرفة، ولكنه يخرج عن معناه الأصلي لأغراض أخر، تدرك من سياق الكلام، وقد أفاد السؤال هنا أغراضًا نوجزها فيما يلي:

ص: 395

1 -

تعريف المسؤول بما يجهله من أمور، وقد أراد سبحانه تعريفه بفتنة قومه، فقد قيل: إنهم كانوا نحو ست مئة ألف نفس، ما نجا منهم من عبادة العجل إلا اثنا عشر ألفًا.

2 -

تبكيت المسؤول وتفهيمه، وتنبيهه إلى خطإ ما جاء به من ترك القوم، وإفساح المجال للسامري كي يضلهم؛ لأنه مغرق في الضلالة، وما هو في الإضلال.

3 -

تعليم المسول آداب السفر، وهي: أنه ينبغي لرئيس القوم أن يتأخر عنهم في المسير، ليكون نظره محيطًا بهم، ونافذاً فيهم، ومهيمنًا عليهم، وقاطعًا الطريق على كل فتنة قد تتسرب إلى صفوفهم.

ومنها: إطلاق الماضي على المستقبل في قوله: {فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ} على حد قوله: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} .

ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *

ص: 396

قال الله سبحانه جلَّ وعلا:

{وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (91) قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (98) كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا (101) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (103) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا (104) وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108) يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (109) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110) وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)} .

المناسبة

قوله تعالى: {وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْل

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما بيَّن أن عبادتهم للعجل مخالفة لقضية العقل؛ لأنه لا يستجيب لهم دعاة، ولا يملك لهم ضرًا ولا نفعًا .. أكد هذا وزاد عليهم في التشنيع ببيان أنهم قد عصوا الرسول الذي نبههم إلى خطإ ما

ص: 397

فعلوا، ثم حكى معاتبة موسى لهارون على سكوته على بني إسرائيل، وهو يراهم يعبدون العجل، ثم ذكر أنه اعتذر له، ولكنه لم يقبل معذرته، ثم قص علينا ما قاله السامري، وما أنَّبه به موسى، وما عاقبه الله به في الدنيا والآخرة، وما صنعه موسى بالعجل من نسفه وإلقائه في البحر، ثم بيَّن لهم أن الإله الحق هو الذي يحيط علمه بما في السموات والأرض، لا ذاك الجماد الذي لا يضر ولا ينفع، ولا يرد جوابًا، ولا يسمع خطابًا.

قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى (1) لما شرح قصص موسى عليه السلام مع فرعون أولًا، ثم مع السامري ثانيا، على نمط بديع، وأسلوب قديم .. بين لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن مثل هذا القصص عن الأمم الماضية، والقرون الغابرة، كعاد وثمود وأصحاب الأيكة، نلقيه إليك تسليةً لقلبك، وإذهابًا لحزنك، إذ به تعرف ما حدث للرسل من قبلك، من شدائد الأهوال، وتذكيرًا للمستبصرين في دينهم، وتأكيدًا للحجة على من عاند وكابر من غيرهم.

قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما حكى (2) حال يوم القيامة، وما يكون فيه من الأهوال، التي تجعل المجرمين يتخافتون في حديثهم، وينسون مقدار لبثهم في الدنيا، ويحشرون زرق الوجوه والأبدان، إلى نحو أولئك مما سلف .. قفَّى على ذلك بذكر سؤال من لم يؤمن بالحشر عن الجبال وأحوالها في ذلك اليوم، ثم الإجابة عنه، وضم إلى الجواب أمورًا أخر، تشرح شؤون هذا اليوم وأهواله، فبيَّن أن الأرض في ذلك اليوم تكون مستوية، ولا ارتفاع فيها ولا انخفاض، وأن الناس يسرعون إلى إجابة الداعي، ولا يُسمع لهم كلام إلا همس، ولا تنفعهم شفاعة الشافعين، إلا إذا أذن لهم الرحمن، ورضي للمشفوع له قولًا، ثم ذكر أن الله هو العلم بما أصابوا من خير أو شر، وهم لا يحيطون به علمًا، وفي ذلك

(1) المراغي.

(2)

المراغي.

ص: 398