الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والخلاصة: أنا لو أهلكنا هؤلاء المكذبين قبل أن نرسل إليهم هذا الرسول الكريم، وننزل عليهم الكتاب العظيم .. لقالوا: ربنا هلا أرسلت إلينا رسولًا قبل أن تُهلكنا حتى نؤمن به ونتبعه، لكنا لم نهلكهم قبله، فانقطعت معذرتهم،
135
- {قُلْ} يا محمد لأولئك الكفرة المتمردين {كُلٌّ} ؛ أي: كل واحد منا ومنكم {مُتَرَبِّصٌ} أي: منتظر لما يؤول إليه أمرنا وأمركم:
قال في "الكبير" كل (1) منا ومنكم منتظر عاقبة أمره، إما قبل الموت بسبب الجهاد وظهور الدولة والقوة، أو بعد الموت بالثواب والعقاب، وبما يظهر على المحق من أنواع كرامة الله، وعلى المبطل من أنواع إهانته، وروي: أن المشركين قالوا: نتربص بمحمد حوادث الدهر، فإذا مات .. تخلصنا {فَتَرَبَّصُوا}؛ أي: فانتظروا أنتم عاقبة أمرنا، ونحن نتربص عاقبة أمركم {فَسَتَعْلَمُونَ} أيها الكفرة عن قريب، إذا جاء أمر الله ونصره {مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ}؛ أي: جواب من أصحاب الصراط المستقيم، والأصحاب جمع صاحب: بمعنى الملازم، والصراط: من السبيل ما لا التواء فيه؛ أي: لا إعوجاج فيه، بل يكون على سبيل القصد {وَمَنِ اهْتَدَى}؛ أي: وجواب. اهتدى من الضلال؛ أي: أنحن أم أنتم، كما قال بعضهم:
سَوْفَ تَرَى إِذَا انْجَلَى الْغُبَارُ
…
افَرَسٌ تَحْتَكَ أَمْ حِمَارُ
وفيه تهديد شديد لهم.
واعلم: أن الله سبحانه قطع المعذرة بالإمهال والإرشاد ذلك الحجة البالغة، وقرأ الجمهور (2):{السَّوِيِّ} : على وزن فعيل؛ أي: المستوي وقرأ أبو مجلز، وعمران بن حدير:{السواء} ؛ أي: الوسط، وقرأ الجحدري، وابن يعمر {السوأى} على وزن فعلى، أنث لتأنيث {الصِّرَاطِ} وهو مما يذكر ويؤنث تأنيث الأسوء، وقرىء {السوي} بضم السين وفتح الواو وشد الياء: تصغير السوء، قاله الزمخشري، وليس بجيّد، إذ لو كان تصغير سوءٍ .. لثبتت همزته في
(1) روح البيان.
(2)
البحر المحيط.
التصغير، فكنت تقول: سؤيي، والأجود أن يكون تصغير سواءٍ، كما قالوا في عطاءٍ عطي، ومن قرأ {السوأى} أو {السوء} كان في ذلك مقابلةً لقوله:{وَمَنِ اهْتَدَى} وعلى قراءة الجمهور لم تراع المقابلة في الاستفهام.
والمعنى (1): قل أيها الرسول الكريم لهؤلاء المشركين بالله: كلنا منتظر لمن يكون الفلاح له، وإلام أمرنا وأمركم فتربصوا وارتقبوا، فستعلمون من أهل الطريق المستقيم الذي لا اعوجاج فيه، إذا جاء أمر الله وقامت القيامة، أنحن أم أنتم، وستعلمون من المهتدي الذي هو على سنن الطريق المقاصد، ونحو الآية قوله تعالى:{وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا} وقوله: {سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (26)} ولا يخفى ما بين بداية السورة وخاتمتها من المناسبة، فإنها بُدئت ببيان أن القرآن قد أنزل لتحمل تعب الإبلاغ، وحيث قد بلغت فلا عليك، وختمت بطلب الإقبال على طاعة الله سبحانه وتعالى قدر الطاقة، وأمر أهله بالصلاة، وترك الذين لا يُنجح فيهم الإنذار، فإنه تذكره لمن يخشى، ويندم المخالف حيث لا ينفع الندم.
الإعراب
{وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115)} .
{وَلَقَدْ} الواو: استئنافية و (اللام): موطئة للقسم {قد} : حرف تحقيق {عَهِدْنَا} : فعل وفاعل {إِلَى آدَمَ} : متعلق به {مِنْ قَبْلُ} : جار ومجرور ومتعلق بـ {عَهِدْنَا} أيضًا، أو حال من {آدَمَ} والجملة الفعلية: جواب القسم، وجملة القسم: مستأنفة مسوقة لتقرير مساوىء النسيان، الذي هو صنو الجهل، وقرينه، ولذلك يجب التحوط عنه، والدعاء دائمًا، لقوله تعالى:{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} {فَنَسِيَ} (الفاء) عاطفة {نسي} : فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على {آدَمَ} والجملة: معطوفة على جملة {عَهِدْنَا} {وَلَمْ نَجِدْ} (الواو): عاطفة {لم نجد} : جازم ومجزوم، وفاعله: ضمير يعود على الله، تقديره: نحن {لَهُ} : جار
(1) المراغي.
ومجرور في محل المفعول الثاني {عَزْمًا} : مفعول أول لـ {نَجِدْ} إن (1) كان من الوجدان بمعنى العلم، فينصب مفعولين، ويحتمل كونه من الوجود ضد العدم، فينصب مفعولًا واحدًا وهو {عَزْمًا} و {لَهُ}: حال منه، أو متعلق بـ {نَجِدْ} اهـ "بيضاوي".
{وَإِذْ} الواو: استئنافية {إِذْ} ظرف لما مضى من الزمان، متعلق بمحذوف تقديره: واذكر يا محمد قصة {إذ قلنا للملائكة} {قُلْنَا} : فعل وفاعل {لِلْمَلَائِكَةِ} : متعلق به، والجملة: في محل الجر مضاف إليه لـ {إذ} {اسْجُدُوا} : فعل أمر وفاعل {لِآدَمَ} : متعلق به، والجملة: في محل النصب مقول {قُلْنَا} . {فَسَجَدُوا} الفاء: عاطفة {سجدوا} : فعل وفاعل، والجملة: في محل الجر معطوفة على جملة {قُلْنَا} . {إِلَّا} أداة استثناء {إِبْلِيسَ} : منصوب على الاستثناء، ولا تنس اختلاف العلماء في اتصال الاستثناء وانقطاعه {أَبَى}: فعل ماض وفاعل مستتر يعود على {إِبْلِيسَ} والجملة: في محل النصب حال من {إِبْلِيسَ} {فَقُلْنَا} (الفاء): عاطفة {قُلْنَا} : فعل وفاعل معطوف على {اسْجُدُوا} . {يَا آدَمُ} : منادى مفرد العلم، وجملة النداء: في محل النصب مقول {قُلْنَا} . {إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ} : ناصب واسمه وخبره {لَكَ} : متعلق بـ {عَدُوٌّ} أو صفة له {وَلِزَوْجِكَ} : معطوف على {لَكَ} وجملة {إِنَّ} في محل النصب مقول {قُلْنَا} على كونه جواب النداء {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا} (الفاء): عاطفة {لا} ناهية جازمة {يخرجن} فعل مضارع في محل الجزم بـ {لا} الناهية مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، وفاعله: ضمير يعود على {إِبْلِيسَ} و (الكاف): ضمير للمثنى المخاطب، في محل النصب مفعول به، والجملة الفعلية: في محل النصب معطوفة على جملة {إِنَّ} . {مِنَ الْجَنَّةِ} : متعلق بـ {يخرج} . {فَتَشْقَى} (الفاء):
(1) الفتوحات.
عاطفة سببية {تشقى} : فعل مضارع منصوب بأن مضمر وجوبًا بعد (الفاء) السببية الواقعة في جواب النهي، وفاعله: ضمير يعود على {آدَمُ} والجملة الفعلية: صلة أن المضمرة الواقعة في جواب النهي، أن مع صلتها: في تأويل مصدر معطوف على مصدر متصيد من الجملة التي قبلها من غير سابك لإصلاح المعنى، تقديره: لا يكن إخراجه إياكما فشقاؤكما، وأفرد الضمير في {تشقى} لأن آدم هو المخاطب من أول القصة، فهو المقصود، وإلا فمقتضى السياق أن يقال فتشقيا كما مر في مبحث التفسير.
{إِنَّ} حرف نصب {لَكَ} : جار ومجرور خبر مقدم لـ {أَلَّا} {أن} حرف نصب ومصدر {لا} : نافية {تَجُوعَ} فعل مضارع منصوب بـ {أن} وفاعله: ضمير يعود على {آدَمُ} . {فِيهَا} : متعلق بـ {تجوع} . {وَلَا تَعْرَى} : معطوف على {تَجُوعَ} وجملة {تَجُوعَ} : صلة {أنْ} المصدرية {أنْ} مع صلتها: في تأويل مصدر منصوب على كونه اسم {إِنَّ} مؤخرًا، تقديره: إن عدم الجوع والعرى كائن لك، وجملة {إِنَّ} في محل النصب مقول {قُلْنَا}. {وَأَنَّكَ} (الواو): عاطفة {أنك} : ناصب واسمه {لَا تَظْمَأُ} : فعل مضارع وفاعل مستتر {فِيهَا} : متعلق بـ {تَظْمَأُ} {وَلَا تَضْحَى} : معطوف على {لَا تَظْمَأُ} وجملة {لَا تَظْمَأُ} : في محل الرفع خبر {أن} والتقدير: وأنك عادم الظمأ فيها، وعادم الضحو، وجملة {أن} المشددة: في تأويل مصدر معطوف على مصدر منسبك من {أنْ} المصدرية في قوله: {أَلَّا تَجُوعَ} : عطف مفرد على مفرد، على كونه اسم {إِنَّ} المكسورة، والتقدير: إن لك عدم الجوع، وعدم العربي، وعدم الظمأ والضحو، وجاز أن تكون {إِن} بالفتح اسمًا، لـ {إِنَّ} بالكسر للفصل بينهما، ولولا ذلك لم يجز، حتى لو قلت: إن أن زيدًا قائم لم يجز، فلما فُصل بينهما جاز، فتقول إن عندي أن زيدًا قائم، فعندي: هو الخبر قدم على الاسم، وهو أن وما في حيزها ،لكونه ظرفًا، والآية من هذا القبيل، إذ التقدير: وإن لك أنك لا
تظمأ اهـ من "السمين". {فَوَسْوَسَ} (الفاء): عاطفة {وسوس} : فعل ماض {إِلَيْهِ} متعلق به {الشَّيْطَانُ} : فاعل، والجملة: معطوفة على جملة {قُلْنَا} . {قَالَ} : فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على {الشَّيْطَانُ} والجملة بدل من جملة {وسوس} {يَا آدَمُ} : منادى مفرد العلم، وجملة النداء: في محل النصب مقول {قَالَ} . {هل} حرف للاستفهام الاستنصاحي {أَدُلُّكَ} : فعل ومفعول، وفاعله: ضمير يعود على {الشَّيْطَانُ} ، {عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ} جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بـ {أَدُلُّكَ} والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} . {وَمُلْكٍ} معطوف على {شَجَرَةِ} وجملة {لَا يَبْلَى} : صفة لـ {ملك} .
{فَأَكَلَا} الفاء: عاطفة {أكلا} : فعل وفاعل، والجملة: معطوفة على جملة {وسوس} . {مِنْهَا} : متعلق بـ {أكلا} . {فَبَدَتْ} (الفاء): عاطفة {بدت} : فعل ماض {لهما} متعلق به {سَوْآتُهُمَا} : فاعل ومضاف إليه والجملة: معطوفة على جملة {أكلا} . {وَطَفِقَا} : فعل ناقص واسمه؛ لأنه من أفعال الشروع، تعمل عمل كان وجملة {يَخْصِفَانِ}: في محل النصب خبر {طفقا} وجملة {طفقا} : معطوفة على جملة {بدت} . {عَلَيْهِمَا} متعلق بـ {يَخْصِفَانِ} ؛ أي: لأجل ستر سوءتيهما فـ {على} تعليلية {مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} : جار ومجرور ومضاف إليه صفة لموصوف محذوف هو المفعول به؛ أي: ورقًا كائنًا {مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} . {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ} : فعل وفاعل ومفعول به، والجملة: معطوفة على جملة قوله: {فَبَدَتْ لَهُمَا} {فَغَوَى} : فعل وفاعل مستتر معطوف على {وَعَصَى} {ثُمَّ} : حرف عطف {اجْتَبَاهُ} : فعل ومفعول به {رَبُّهُ} فاعل، والجملة: معطوفة على جملة {غوى} . {فَتَابَ} : فعل وفاعل مستتر يعود على الرب {عَلَيْهِ} : متعلق بـ {تاب} والجملة: معطوفة على جملة {اجْتَبَاهُ} . {وَهَدَى} : فعل وفاعل مستتر معطوف على {تَابَ} .
{قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ
هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)}.
{قَالَ} : فعل ماض، والفاعل: مستتر يعود على الله، والجملة: مستأنفة {اهْبِطَا} : فعل أمر وفاعل يعود على آدم وحواء، والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} . {مِنْهَا} : متعلق بـ {اهْبِطَا} . {جَمِيعًا} : حال من فاعل {اهْبِطَا} {بَعْضُكُمْ} : مبتدأ {لِبَعْضٍ} : حال من {عَدُوٌّ} لأنه كان صفة له، أو متعلق به {عَدُوٌّ}: خبر المبتدأ والجملة الاسمية: في محل النصب حال من فاعل {اهْبِطَا} . {فَإِمَّا} (الفاء): عاطفة {إما} {إن} : حرف شرط جازم {ما} زائدة {يَأْتِيَنَّكُمْ} : فعل مضارع ومفعول به في محل الجزم بـ {إن} الشرطية مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد {مِنِّي} : متعلق به {هُدًى} : فاعل {فَمَن} (الفاء): رابطة لجواب {إن} الشرطية وجوبًا لكون الجواب جملة اسمية {مَنْ} اسم شرط جازم في محل الرفع مبتدأ، والخبر: جملة الشرط أو الجواب أو هما {اتَّبَعَ} : فعل ماض في محل الجزم بـ {من} على كونه فعل شرط لها، وفاعله: ضمير يعود على {مِنْ} . {هَدَى} : مفعول به ومضاف إليه {فَلَا} الفاء: رابطة لجواب {من} الشرطية لاقترانه بـ {لا} . {لا} : نافية {يَضِلُّ} : فعل مضارع، وفاعل، يعود على {مَن}. {وَلَا يَشْقَى}: معطوف عليه، وجملة {يَضِلُّ}: في محل الجزم بـ {من} على كونها جوابًا لها، وجملة {مَن}: الشرطية: جواب {إن} الشرطية وجملة {إن} : الشرطية معطوفة على {اهْبِطَا} : على كونها مقول {قَالَ} .
{وَمَنْ} الواو: عاطفة {مَنْ} : اسم شرط في محل رفع مبتدأ، والخبر: جملة الشرط أو الجواب أو هما {أَعْرَضَ} : فعل ماض في محل الجزم بـ {من} على كونه فعل شرط لها وفاعله: ضمير يعود على {مَنْ} . {عَنْ ذِكْرِي} : جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بـ {أَعْرَضَ}. {فَإِنَّ} الفاء رابطة لجواب {مَنْ}: الشرطية وجوبًا لكون الجواب جملة اسمية {إن} حرف نصب وتوكيد {لَهُ} :
جار ومجرور خبر مقدم لـ {إنَّ} . {مَعِيشَةً} اسمها مؤخر وجملة {إن} : في محل الجزم بـ {من} الشرطية، على كونها جوابًا لها، وجملة {مَن} الشرطية في محل الجزم معطوفة على جملة {مَن} الأولى على كونها جوابًا لـ {إنَّ} الشرطية {ضَنْكًا} مصدر بمعنى ضيقةً صفة لـ {مَعِيشَةً} فلهذا لم يؤنث بأن يقال: ضنكةً، فهذا من قبيل القاعدة التي ذكرها ابن مالك بقوله في الخلاصة:
وَنَعَتُوْا بِمَصْدَرٍ كَثِيْرَا
…
فَالْتَزَمُوْا الإِفْرَادَ وَالتَّذْكِيْرَا
{وَنَحْشُرُهُ} : فعل ومفعول وفاعل مستتر يعود على الله {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} : ظرف متعلق به {أَعْمَى} حال من ضمير المفعول في {نحشره} ؛ أي: فاقد البصر، والجملة الفعلية: في محل الجزم معطوفة على جملة {إن} على كونها جوابًا لـ {من} الشرطية وقد قرىء {وَنَحْشُرُهُ} بالجزم عطفًا على محل {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} . {قَالَ} : فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على المعرض، والجملة: مستأنفة {لِمَ} {اللام} حرف جر {م} اسم استفهام في محل الجر باللام، مبني بسكون على الألف المحذوفة فرقًا بينها وبين ما الموصولة، الجار والمجرور متعلق بـ {حَشَرْتَنِي}. {حَشَرْتَنِي}: فعل وفاعل ومفعول ونون وقاية {أَعْمَى} : حال من ياء المتكلم، والجملة الفعلية: في محل النصب مقول {قَالَ} {وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا} : فعل ناقص واسمه وخبره، والجملة: في محل النصب حال ثانية من ياء المتكلم، وعبارة القرطبي {أَعْمَى}؛ أي: في حال بصيرًا؛ أي: في حال انتهى.
{قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126)} .
{كَذَلِكَ} : جار ومجرور صفة لمصدر محذوف تقديره: حشرناك حشراً مثل ذلك الحشر، يعني:{أَعْمَى} أو فعلنا بك مثل ذلك، أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره: الأمر {كَذَلِكَ} والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} {أَتَتْكَ} : فعل ومفعول {آيَاتُنَا} : فاعل ومضاف إليه، والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} . {فَنَسِيتَهَا} (الفاء): عاطفة {نسيتها} : فعل وفاعل ومفعول والجملة: في محل النصب معطوفة على جملة {أَتَتْكَ} . {وَكَذَلِكَ} (الواو): عاطفة {كَذَلِكَ} :
صفة لمصدر محذوف تقديره: ومثل ذلك النسيان الذي كنت فعلته في الدنيا {الْيَوْمَ} : ظرف متعلق بـ {تُنْسَى} . {تُنْسَى} فعل مضارع مغير الصيغة، ونائب فاعله: ضمير يعود على المعرض، والتقدير: وتنسى اليوم نسياناً مثل نسيانك في الدنيا، والجملة الفعلية: في محل النصب معطوفة على جملة {نسيتها} على كونها مقول {قَالَ} .
{وَكَذَلِكَ} الواو: عاطفة {كَذَلِكَ} صفة لمحذوف {نَجْزِي} : فعل مضارع وفاعل مستتر يعود على الله {مَنْ} : اسم موصول في محل النصب مفعول {نَجْزِي} . {أَسْرَفَ} : فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على {مَنْ} والجملة الفعلية: صفة {مَنْ} الموصولة، والتقدير: ونجزي من أسرف وجاوز الحد جزاءً مئل جزاء المعرض عن آياتنا في حشره أعمى، والجملة: في محل النصب معطوفة على جملة قوله: {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا} : على كونها مقول {قَالَ} . {وَلَمْ يُؤْمِنْ} جازم ومجزوم وفاعل مستتر يعود على {مَنْ} {بِآيَاتِ رَبِّهِ} جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بـ {يُؤْمِنْ}: وجملة {يُؤْمِنْ} : معطوفة على جملة {أَسْرَفَ} على كونها صلة {مَنْ} الموصولة {وَلَعَذَابُ} (الواو): عاطفة و (اللام): حرف ابتداء {عذاب الآخرة} : مبتدأ ومضاف إليه {أَشَدُّ} : خبر {وَأَبْقَى} : معطوف عليه، والجملة: معطوفة على جملة {نَجْزِي} أو مستأنفة.
{أَفَلَمْ} الهمزة: للاستفهام الإنكاري التوبيخي، داخلة على محذوف و (الفاء): عاطفة على ذلك المحذوف {لم} : حرف نفي وجزم {يَهْدِ} : فعل مضارع مجزوم بـ {لم} . {لَهُمْ} : متعلق به {كَمْ} خبرية بمعنى عدد كثير، في محل النصب مفعول مقدم لـ {أَهْلَكْنَا}. {أَهْلَكْنَا}: فعل وفاعل {قَبْلَهُمْ} : متعلق بـ {أَهْلَكْنَا} {مِنَ الْقُرُونِ} : جار ومجرور صفة لتمييز {كَمْ} المحذوف تقديره: كم أهلكنا قبلهم قرنًا كائنًا من القرون، وجملة {يَمْشُونَ} في محل النصب حال من
مفعول {أَهْلَكْنَا} أو من الضمير في {لَهُمْ} . {فِي مَسَاكِنِهِمْ} : متعلق بـ {يَمْشُونَ} والضمير يعود على المهلكين بفتح اللام، وجملة {أَهْلَكْنَا} من الفعل والفاعل: في تأويل مصدر من غير سابك لإصلاح المعنى، مرفوع على الفاعلية لـ {يَهْدِ} والتقدير: أغفل هؤلاء المشركون فلم يهد لهم إهلاكنا كثيرًا من القرون قبلهم، حالة كونهم ماشين في مساكن المهلكين، في أسفارهم إلى الشام، وجملة {يَهْدِ}: من الفعل والفاعل معطوفة على تلك الجملة المحذوفة، والجملة المحذوفة مستأنفة {إِنَّ}: حرف نصب {فِي ذَلِكَ} جار ومجرور خبر مقدم لـ {إنَّ} . {لَآيَاتٍ} (اللام): حرف ابتداء {آيات} : اسم {إنَّ} : مؤخر {لأولي النهى} جار ومجرور صفة {لَآيَاتٍ} والتقدير: إن آيات لأولى النهى لكائنة في ذلك، وجملة {إنَّ} مستأنفة.
{وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129)} .
{وَلَوْلَا} الواو: استئنافية {لَوْلَا} : حرف امتناع لوجود {كَلِمَةٌ} : مبتدأ وجملة {سَبَقَتْ} : صفة لـ {كَلِمَةٌ} {مِنْ رَبِّكَ} : متعلق بـ {سَبَقَتْ} وخبر المبتدأ محذوف وجوبًا تقديره: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ} سابقة {مِنْ رَبِّكَ} موجودة {لَكَانَ} (اللام) رابطة لجواب {لَوْلَا} كان: فعل ماض ناقص، واسمها: ضمير يعود على الإهلاك {لِزَامًا} خبر {كان} والتقدير: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ} بتأخير العذاب عنهم {لَكَانَ} الإهلاك العاجل لازما لهم {وَأَجَلٌ} : معطوف على {كَلِمَةٌ} . {مُسَمًّى} : صفة له، والتقدير: ولولا أجل مسمى لإهلاكهم لكان الإهلاك العاجل لازمًا لهم. ويجوز كما قال الزمخشري، وأبو البقاء: أن يكون {أجل} معطوفًا على الضمير المستتر في {كان} وقام الفصل بخبرها مقام التأكيد بالضمير المنفصل، فيكون من قبيل قول ابن مالك: أو فاصلٍ ما؛ أي: لكان الإهلاك العاجل، وأجل مسمى لازمين لهم، كما كانا لازمين لعادٍ وثمودٍ.
{فَاصْبِرْ} (الفاء) فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر،
تقديره: إذا كان الأمر على ما ذكر، من أن تأخير عذابهم ليس بإهمال بل إمهال، وهو واقع بهم، وآتٍ عليهم، وأردت ما هو اللازم لك .. فأقول لك {اصبر}: فعل أمر، وفاعله: ضمير يعود على محمد {عَلَى مَا} : جار ومجرور متعلق به، وجملة {يَقُولُونَ}: صلة لـ {ما} والعائد محذوف، تقديره: على ما يقولونه، وجملة {اصبر}: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة: إذا المقدرة: مستأنفة {وَسَبِّحْ} : فعل وفاعل مستتر معطوف على {اصبر} {بِحَمْدِ رَبِّك} : جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بمحذوف حال من فاعل {سبح}؛ أي: حالة كونك متلبسًا {بِحَمْدِ رَبِّك} . {قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ} : ظرف ومضاف إليه، متعلق بـ {سبح}. {وَقَبْلَ غُرُوبِهَا}: ظرف ومضاف إليه معطوف على {قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ} . {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ} : الواو عاطفة {من آناء الليل} : جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بـ {سبح} المذكور بعده {فَسَبِّحْ} الفاء: زائدة {سبح} : فعل أمر وفاعل مستتر، والجملة: معطوفة على جملة {سبح} الأول، وقال في "الشهاب" في هذه الفاء ثلاثة أوجه: إما عاطفة على مقدر، أو واقعة في جواب شرط مقدر، أو زائدة. انتهى. {وَأَطْرَافَ النَّهَارِ}: معطوف على محل {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ} المنصوب بـ {سبح} المقرون بـ {الفاء} الزائدة؛ أي: صل في أطراف النهار، وعبارة "السمين": قوله: {وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} : العامة على نصبه، وفيه وجهان:
أحدهما: أنه عطف على محل {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ} .
والثاني: أنه عطف على {قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ} . انتهى.
{لَعَلَّكَ} {لعل} : حرف نصب وترج و (الكاف): اسمها وجملة {تَرْضَى} : خبرها، ومتعلق {تَرْضَى}: محذوف مفهوم من السياق؛ أي: بما تعطاه من الثواب، وجملة {لعل} في محل النصب حال من فاعل {سبح}؛ أي: صلِّ حال كونك راجيًا في أن الله تعالى يرضيك بما يعطيه من الثواب.
{وَلَا تَمُدَّنَّ} {الواو} عاطفة {لَا} : ناهية جازمة {تَمُدَّنَّ} : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، وفاعله: ضمير يعود على محمد {عَيْنَيْكَ} مفعول به {إِلَى مَا} متعلق بـ {تَمُدَّنَّ} . {مَتَّعْنَا} فعل وفاعل {بِهِ} متعلق به، وهو العائد على {مَا} الموصولة، والجملة: صلة لـ {ما} وجملة {تَمُدَّنَّ} : معطوفة على جملة قوله: {فَاصْبِرْ} . {أَزْوَاجًا} مفعول {مَتَّعْنَا} . {مِنْهُمْ} صفة {أَزْوَاجًا} ويجوز أن يُنصب {أَزْوَاجًا} على الحال من الهاء في {بِهِ} راعى لفظ {ما} مرةً، ومعناها أخرى، فلذلك جمع. اهـ "سمين". فيكون منهم متعلقاٌ بـ {مَتَّعْنَا} {زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} في نصبه تسعة أوجه:
الأول: أن يكون مفعولًا ثانيًا لـ {مَتَّعْنَا} إذا أعربنا {أَزْوَاجًا} على أنه مفعول أول لأنه ضمَّن {مَتَّعْنَا} معنى: أعطينا فـ {أَزْوَاجًا} مفعول أول، و {زَهْرَةَ}: مفعول ثان.
الثاني: أن يكون بدلًا من {أَزْوَاجًا} وذلك إما على حذف مضاف؛ أي ذوي زهرة، وإما على المبالغة، كأنهم نفس الزهرة.
الثالث: أن يكون منصوبًا لفعل مضمر، دل عليه {مَتَّعْنَا} تقديره: جعلنا لهم {زَهْرَةَ} .
الرابع: نصبه على الذم؛ أي: أذم {زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} .
الخامس: أن يكون بدلًا من موضع الموصول.
السادس: أن ينتصب بدلًا من محل {بِهِ} .
السابع: أن ينتصب حالًا من {مَا} الموصولة.
الثامن: أنه حال من الهاء في {بِهِ} وهو ضمير الموصول، وهذا كالذي قبله في المعنى.
التاسع: أنه تمييز لـ {ما} أو للهاء في {بِهِ} قاله الفراء. اهـ "سمين"{زَهْرَةَ} : مضاف {الْحَيَاةِ} : مضاف إليه {الدُّنْيَا} صفة لـ {حياة} . {لِنَفْتِنَهُمْ} : اللام: للتعليل {نفتن} فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، وفاعله:
ضمير يعود على الله والهاء: مفعول به الجار والمجرور متعلق بـ {مَتَّعْنَا} . {فِيهِ} متعلق بـ {نفتنهم} . {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ} مبتدأ وخبر {وَأَبْقَى} : معطوف على {خَيْرٌ} والجملة الاسمية: في محل النصب حال من فاعل {تَمُدَّنَّ} .
{وَأْمُرْ} {الواو} : استئنافية أو عاطفة {أمر أهلك} : فعل وفاعل مستتر ومفعول به {بِالصَّلَاةِ} متعلق به، والجملة: مستأنفة أو معطوفة على جملة قوله: {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} . {وَاصْطَبِرْ} : فعل أمر، وفاعل: مستتر معطوف على ما قبله {عَلَيْهَا} : متعلق به {لَا} نافية {نَسْأَلُكَ رِزْقًا} : فعل وفاعل مستتر ومفعولان، والجملة: مستأنفة {نَحْنُ} : مبتدأ {نَرْزُقُكَ} : فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به، والجملة الفعلية: في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: مستأنفة {وَالْعَاقِبَةُ} (الواو): استئنافية {العاقبة} : مبتدأ {لِلتَّقْوَى} : خبر المبتدأ، ولكنه على تقدير مضاف؛ أي: لأهل التقوى، والجملة: مستأنفة.
{وَقَالُوا} : فعل وفاعل، والجملة: مستأنفة {لَوْلَا} حرف تحضيض بمعنى هلا {يَأْتِينَا} : فعل ومفعول به وفاعله: ضمير يعود على محمد {بِآيَةٍ} : متعلق به. {مِنْ رَبِّهِ} : صفة لـ {آية} والجملة الفعلية: في محل النصب مقول {قَالُوا} {أَوَلَمْ} (الهمزة): للاستفهام التقريري، داخلة على محذوف و (الواو): عاطفة على ذلك المحذوف {لَمْ} : حرف جزم {تَأْتِهِمْ} : فعل ومفعول ومجزوم بـ {لم} . {بَيِّنَةُ مَا} فاعل ومضاف إليه {فِي الصُّحُفِ} : جار ومجرور صلة لـ {ما} . {الْأُولَى} صفة لـ {الصُّحُفِ} والجملة الفعلية: معطوفة على تلك المحذوفة، والتقدير: ألم يأتهم سائر الآيات ولم يأتهم بيان {مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى} والجملة الفعلية: معطوفة على تلك المحذوفة، والجمله المحذوفة: مستأنفة.
{وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ
آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134)}.
{وَلَوْ أَنَّا} الواو: استئنافية {لو} : حرف شرط {أَنَّا} : ناصب واسمه {أَهْلَكْنَاهُمْ} : فعل وفاعل ومفعول به {بِعَذَابٍ} متعلق بـ {أهلكنا} {مِنْ قَبْلِهِ} : جار ومجرور صفة لـ {عذاب} أو متعلق بـ {أهلكنا} والجملة الفعلية: في محل الرفع خبر {أن} وجملة {أن} : في تأويل مصدر مرفوع بفعل محذوف هو فعل شرط لـ {لو} تقديره: ولو ثبت إهلاكنا إياهم بعذاب من قبله {لَقَالُوا} (اللام): رابطة لجواب {لو} الشرطية {قَالُوا} : فعل وفاعل {رَبَّنَا لَوْلَا} إلى آخر الآية مقول محكي، والجملة الفعلية: جواب {لو} : لا محل لها من الإعراب، وجملة {لو} الشرطية: مستأنفة، وإن شئت قلت:{رَبَّنَا} منادى مضاف، وجملة النداء: في محل النصب مقول {قَالُوا} . {لَوْلَا} : حرف تحضيض بمعنى هلا {أَرْسَلْتَ} : فعل وفاعل {إِلَيْنَا} : متعلق بـ {أَرْسَلْتَ} {رَسُولًا} : مفعول به، والجملة الفعلية: في محل النصب مقول {قَالُوا} . {فَنَتَّبِعَ} {الفاء} : عاطفة سببية {نتبع} : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد {الفاء} السببية الواقعة في جواب التحضيض، وفاعله: ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: نحن يعود على الكفرة {آيَاتِكَ} : مفعول به ومضاف إليه {مِنْ قَبْلِ} : جار ومجرور متعلق بـ {نتبع} والجملة الفعلية: صلة أن المضمرة، أن مع صلتها: في تأويل مصدر معطوف على مصدر متصيد من الجملة التي قبلها من غير سابك لإصلاح المعنى، تقديره: هلا إرسالك إلينا رسولًا فاتباعنا آياتك {أَنْ} : حرف مصدر {نَذِلَّ} : فعل مضارع، وفاعل: مستتر منصوب بـ {أَنْ} المصدرية {وَنَخْزَى} معطوف عليه، والجملة الفعلية: في تأويل مصدر مجرور بضافة الظرف إليه، تقديره:{مِنْ قَبْلِ} ذلنا وخزينا.
{قُلْ} : فعل أمر، وفاعله: ضمير يعود على محمد، والجملة: مستأنفة {كُلٌّ} : مبتدأ وسوّغ الابتداء بالنكرة قصد العموم {مُتَرَبِّصٌ} : خبر والجملة في
محل النصب مقول {قُلْ} . {فَتَرَبَّصُوا} الفاء: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفتم أن كلاً منا ومنكم متربص، وأردتم بيان مقتضى ذلك .. فأقول لكم {تربصوا} ، {تربصوا}: فعل وفاعل، والجملة: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة: في محل النصب مقول {قُلْ} . {فَسَتَعْلَمُونَ} (الفاء) استئنافية {ستعلمون} : فعل وفاعل، والجملة: مستأنفة {مَنْ} : اسم استفهام في محل الرفع مبتدأ {أَصْحَابُ الصِّرَاطِ} : خبر ومضاف إليه والجملة الاستفهامية في محل النصب سادة مسد مفعولي علم، والكلام: على حذف مضاف؛ أي: فستعلمون جواب من أصحاب الصراط السوي؛ أي: فستعلمون جواب هذا السؤال وهو أنه هم المؤمنون {السَّوِيِّ} مضاف إليه {وَمَنِ اهْتَدَى} الواو: عاطفة {مَنِ} اسم استفهام مبتدأ {اهْتَدَى} : فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على {مَنِ} والجملة الفعلية: في محل الرفع خبر المبتدأ؛ أي: ومن المهتدي؛ أي: وجواب من المهتدي منا ومنكم، والجملة الاستفهامية: في محل النصب معطوفة على جملة {مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ} على كونها سادة مسد مفعولي علم.
التصريف ومفردات اللغة
{وَلَقَدْ عَهِدْنَا} والعهد: حفظ الشيء ومراعاته حالًا بعد حال، كما مر، والوصية: يقال عهد إليه الملك بكذا، وتقدم إليه بكذا: إذا أمره وأوصاه.
{مِنْ قَبْلُ} ؛ أي: من قبل وجود هؤلاء المخالفين.
{عَزْمًا} والعزم على الشيء: تصميم الرأي، والثبات عليه.
{وَلَا تَضْحَى} يقال: ضحى كسعى، وضحي كرضي: إذا أصابته الشمس بحرها اللافح، وفي "القاموس": وضحا يضحو، كغزا يغزو، ضحوًا: إذا برز للشمس، وكسعى ورضي، ضحوًا وضحيًا: أصابته الشمس. انتهى.
{شَجَرَةِ الْخُلْدِ} ؛ أي: الشجرة التي إذا أكل منها الإنسان .. خلد ولم يمت.
{فَوَسْوَسَ} يقال: وسوس إليه؛ أي: أنهى إليه الوسوسة، وأما وسوس له، فمعناه: وسوس لأجله، وقال أبو البقاء: عُدي وسوس بـ {إلى} ؛ لأنه بمعنى أسَرَّ، وعُدِّي في موضع آخر باللام، لكونه بمعنى ذكر له، ويكون بمعنى لأجله. اهـ "سمين" وسوسة الشيطان: كولولة الثكلى، ووعوعة الذئب في أنها حكايات للأصوات، وسنتحدث عن أسماء الأصوات وحكايتها في فصل مستقل، في آخر مباحث الصرف إن شاء الله تعالى.
وفي "القاموس" وسوس الشيطان له، وإليه وسواسًا ووسوسةً: إذا حدَّثه بشر أو بما لا نفع فيه ولا خير، ووسوس الرجل: أصيب في عقله، وتكلم بغير نظام، وأصابته الوساوس: فهو موسوس، وتكلم بكلام خفي، والوسواس: صوت الحلي كما مر، ووُسْوِس الرجل كلامًا خفيًا، ووسوس به، بالبناء للمجهول: اختلط كلامه ودهش، والوسواس الاسم من وسوس، والوسواس الشيطان، والوسواس مرض يحدث من غلبة السوداء، ويختلط معه الذهن، ويقال، لما يخطر بالقلب من شر أو لما لا خير فيه: وسواس وجمعه: وساوس.
{يَخْصِفَانِ} في "القاموس": خصف النعل يخصفها: خرزها، والورق على بدنه: ألزقها وأطبقها عليه ورقةً ورقةً، ويقال: خصف ورق الشجرة بعضه ببعض، حتى يصير عريضًا صالحًا للاستتار.
{وَعَصَى آدَمُ} يقال: عصى عصياناً: إذا خرج عن الطاعة، وأصله: أن يمتنع بعصاه.
{فَغَوَى} ؛ أي: ضل عن الرشد، حيث اغتر بقول عدوه.
و {اجْتَبَاهُ} ؛ أي: اصطفاه وقربه بالحمل على التوبة، والتوفيق لها، من جبى إلى كذا فاجتبيته، مثل جليت على العروس فاجتليتها، وأصل الكلمة: الجمع. اهـ "بيضاوي".
فالمجتبى: كأنه في الأصل مَنْ جُمِعَتْ فيه المحاسن، حتى اختاره غيره. انتهى "شهاب". {اهْبِطَا مِنْهَا} يقال: هبط هبوطًا إلى نزل، قال الراغب:
الهبوط الإنحدار على سبيل القهر، كهبوط الحجر، قال تعالى:{وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} وإذا استعمل في الإنسان الهبوط، فعلى سبيل الاستخفاف، بخلاف الإنزال، فإن الإنزال ذكره الله في الأشياء التي نبه على شرفها، كإنزال القرآن، والملائكة، والمطر، وغير ذلك، والهبوط: ذكره حيث نبه على البعض، نحو {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} .
{عَنْ ذِكْرِي} ؛ أي: عن الهداية بكتبي السماوية.
{ضَنْكًا} والضَّنْك: الضيق الشديد في كل شيء، يقال للذكر والأنثى: ضَنُكَ ككرم ضنكًا وضناكةً وضنوكة: إذا ضاق. اهـ "قاموس" وفي "السمين": قوله {ضَنْكًا} : صفة لمعيشة، وأصله المصدر، ولذلك لم يؤنث كما مر، ويقع للمفرد والمثنى والمجموع بلفظ واحد، وقرىء:{ضنكى} بألف كسكرى، وفي هذه الألف احتمالان:
أحدهما: أنها بدل من التنوين، وإنما أُجري الوصل مجرى الوقف.
والثاني: أن تكون ألف التأنيث، بُنِي المصدر على فعلى نحو دعوى، والضَّنْك: الضيق والشدة، يقال منه: ضَنُك عيشه، يَضْنُك ضناكةً وضنكًا، وامرأة ضَنَّاك كثيرة لحم البدن، كأنهم تخيلوا ضيق جلدها به. اهـ "سمين".
{أَعْمَى} ؛ أي: عن النظر في الحجج والبراهين الإلهية.
{أَسْرَفَ} ؛ أي: انهمك في الشهوات، واسترسل فيها.
{أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} ؛ أي: لم يهتد لهم، فهو لازم فمعناه يتبين.
{الْقُرُونِ} : جمع قرن، وهو: القوم المقترنون في زمن واحد كما مر.
{يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ} قال الراغب: المشي: الانتقال من مكان إلى مكان بإرادة، والسكون: ثبوت الشيء بعد تحرك، ويستعمل في الاستيطان، نحو سكن فلان مكان كذا؛ أي: استوطنه، واسم المكان: مسكن، والجمع: مساكن.
{لِأُولِي النُّهَى} ؛ أي: لأصحاب العقول الراجحة، جمع نهية، وهو: العقل.
{لِزَامًا} ؛ أي: لازمًا لهم، لا يتأخر عنهم، وهو في الأصل: مصدر لازم، بوزن فاعل، وإن كان هنا بمعنى اسم الفاعل.
{فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} قال الراغب: الصبر: حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع، أو عما يقتضيان حبسها عنه، فالصبر: لفظ عام، وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه، فإن كان حبس النفس لمصيبة .. يسمى صبرًا لا غير، ويضاده الجزع، وإن كان في محاربةٍ .. سمي: شجاعةً، ويضاده الجبن، لان كان في نائبةٍ .. سمي: رحب الصدر، ويضاده الضمير، وإن كان في إمساك الكلام .. سمي كتمانًا، ويضاده البذل، وقد سمي الله تعالى كل ذلك، ونبه عليه بقوله:{وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ} وقال تعالى: {وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ} {وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ} وسمى الصوم: صبرًا لكونه كالنوع منه.
{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} ؛ أي: اشتغل بتنزيه الله وتعظيمه.
{آنَاءِ اللَّيْلِ} ؛ أي: في ساعات الليل. و {مِنْ} بمعنى في، والآناء جمع إنىً بكسر الهمزة وبالقصر، كمعًى بكسر الميم جمعه: أمعاء، وهو محذوف اللام، فوزنه فِعَى بكسر الفاء.
{وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} المراد بالجمع: ما فوق الواحد؛ لأن المراد بالأطراف الزمن، الذي هو آخر النصف الأول، وأول النصف الثاني فهما طرفان؛ أي: آخر الأول، وأول الثاني طرفان للنهار؛ أي: طرفان لنصفيه، كل واحد منهما طرف لنصف، وإن كانا متصلين. اهـ شيخنا.
{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} أصل المد: الجر، ومنه المدة للوقت الممتد، وأكثر ما جاء الإمداد في المحبوب، والمد في المكروه، ونحو {وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ} وقوله:{وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا} والعين: الجارحة بخلاف البصر.
{إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا} ؛ أي: لذَّذْنَا به؛ أي: فالإمتاع والتمتع معناه: الإيقاع في اللذة. اهـ شيخنا. وفي "الكبير": ألذذنا به، والإمتاع الإلذاذ بما يدرك من المناظر الحسنة، ويُسمع من الأصوات المطربة، ويشم من الريح الطيبة، وغير ذلك من الملابس والمناكح.
{مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} قال الراغب: الدل: ما كان من قهر، والذَّل: ما كان بعد تصعب وشماس من غير قهر، وقال الراغب أيضًا، خزي الرجل: لحقه انكسار، إما من نفسه، وإما من غيره، فالذي يلحقه من نفسه، هو: الحياء المفرط، ومصدره: الخزاية، والذي يلحقه من غيره، يقال: هو ضرب من الاستحقاق، ومصدره: الخزي.
فصل في أسماء الأصوات
وعدناك ببحث أسماء الأصوات، ونرى أن نتوسع فيها قليلًا؛ لأن كتب النحو قلما تهتم لها، فهي تجري مجرى أسماء الأفعال؛ لأنها متواخية معها، وهي مبنية، وتنقسم إلى قسمين:
الأول: منهما: ما خوطب به ما لا يعقل، مما يشبه اسم الفعل في الاكتفاء به، ولكن اسم الفعل مركب، واسم الصوت مفرد، لعدم تحمله الضمير، كقولهم في دعاء الإبل لتشرب: جىء جىء بكسر الجيم فيهما، مكررين مهموزين، وفي "المحكم": أنهما أمر للإبل بورود الماء، يقال: جأجأت الإبل: إذا دعوتها لتشرب الماء، فقلت: جىء جىء، نقله الجوهري عن الأموي، وكقولهم في دعاء الضأن: حاحا، وفي دعاء المعز: عاعا غير مهموزين، والفعل منهما: حاحيت وعاعيت، قال سيبويه: وأبدلوا الألف من الياء لشبهها بها؛ لأن قولك: حاحيت، إنما هو صوت بنيت منه فعلًا، وليست فاعلت، وكقولهم في زجر البغل:
عَدَسْ مَا لِعَبَّادٍ عَلَيْكِ إِمَارَةٌ
…
نَجَوْتِ وَهَذَا تَحْمِلِيْنَ طَلِيْقُ
فعدس: يزجر به البغل، وقد سمي البغل به، والتقدير: على التسمية به: يا عدس، فحذف حرف النداء، وإمارة بكسر الهمزة؛ أي: حكم.
والثاني: منهما: ما حكي به صوت مسموع، والمحكي صوته قسمان: حيوان، وغيره.
والأول: كغاق بالغين المعجمة، والقاف لصوت الغراب.
والثاني: نحو طاق، حكايةً لصوت الضرب، وطق بفتح الطاء، حكايةً لصوت وقع الحجارة بعضها على بعضٍ هذا.
نبذة في تعداد أسماء الأصوات
الصرير: صوت القلم والسرير والباب والطست والنعل، والنشيش: صوت غليان القدر بالشراب، الرنين: صوت الثكلى والقوس، القصيف: صوت الرعد والبحر وهدير الفحل، النقيق: صوت الدجاج والضفدع، القعقعة: صوت السلاح والجلد اليابس والقرطاس، الغرغرة: صوت غليان القدر وتردد النفس في صدر المحتضر، العجيج: صوت الرعد والنساء والشاء، الزفير: صوت النار والحمار، والمكروب إذا امتلأ صدره غمًا، فزفر به، الخشخشة، والشحشحة: صوت حركة القرطاس والثوب الجديد والدرع، الجلجلة: صوت السبع وحركة الجلاجل، الحفيف: صوت حركة الأغصان وجناح الطائر وحركة الحية، الصليل، والصلصلة: صوت الحديد واللجام والسيف والدراهم والمسامير، الطنين: صوت البعوض والذباب والطنبور، والأطيط: صوت الناقة والمحمل والرحل - إذا أثقله ما عليه - الصرصرة: صوت البازي والبط، الدوي: صوت النحل والأذن والمطر والرعد، الأنقاض: صوت الدجاجة والفروخ، التغريد: صوت المغني والحادي والطائر، وكل صائت طرب الصوت فهو كرد، الزمزمة، والزهزمة: صوت الرعد ولهب النار وحكاية صوت المجوسي إذا تكلم الكلام وهو مطبق فمه. انتهى من "إعراب القرآن".
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الجناس المماثل في قوله: {اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا} .
ومنها: إضافة السبب إلى المسبب في قوله: {عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ} .
ومنها: الاستخدام في قوله: {فَأَكَلَا مِنْهَا} ؛ أي: من ثمرتها، وهو ذكر
الشيء بمعنى، وإعادة الضمير عليه بمعنى آخر.
ومنها: المقابلة بين قوله: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ} وقوله: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي} .
ومنها: الطباق بين {أَعْمَى} و {بَصِيرًا} .
ومنها: التشبيه المجمل المرسل في قوله: {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا} .
ومنها: التكرار في قوله: {وَكَذَلِكَ} {وَكَذَلِكَ} .
ومنها: الاستفهام الإنكاري التوبخي في قوله: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ} .
ومنها: المجاز المرسل في قوله: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّك} من إطلاق الجزء، وإرادة الكل؛ لأنه بمعنى صل.
ومنا: الطباق في قوله: {قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} وبين الليل والنهار في قوله: {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} .
ومنها: التشبيه التمثيلي في قوله: {زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} مثل لنعم الدنيا بالزهر، وهو: النور؛ لأن الزهر له منظر حسن، ثم يذبل ويضمحل، وكذلك نعيم الدنيا.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: {لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ} .
ومنها: التحضيض في قوله: {لَوْلَا أَرْسَلْتَ} .
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: {أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا} ، وفي قوله:{كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا} .
ومنها: الوعيد والتهديد في قوله: {فَتَرَبَّصُوا} .
ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
خلاصة ما تضمنته هذه السورة
1 -
أن القرآن أُنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم تذكرةً لمن يخشى، أنزله من خلق الأرض والسموات العلى.
2 -
قصص موسى عليه السلام وتكليمه ربه في الطور، وحديث العصا واليد البيضاء من غير سوء، وطلبه من ربه أن يجعل له أخاه هارون وزيرًا، وإجابة سؤاله في ذلك، وامتنانه عليه بما حدث له حين وضع في التابوت، وألقي في اليم، وقص أخته ورجوعه إلى أمه، ثم طلب ربه منه أن يُبلغ فرعون دعوته، وينصح له في قبول دينه، وإقامة شعائره، وإجابة فرعون له بأنه ساحر كذاب، وأنه سيجمع له السحرة، فتوعدهم فرعون بالعذاب، فلم يأبهوا له، واستمر فرعون في غيّه حتى أوحى الله إلى موسى أن يخرج من مصر، فأتبعه هو وجنوده فأُغرقوا.
3 -
حديث السامري، وإضلاله بني إسرائيل، باتخاذه عجلًا جسدًا له خوار، حين كان موسى بالطور، وحين رجع ورأى ذلك هاله الأمر، وغضب من أخيه هارون، وأخذ يجره من رأسه، ثم إغلاظه القول للسامري، ودعوته عليه بأنه يعيش طريدًا في الحياة، وسيعذبه الله في الآخرة أشد العذاب، ثم نسف إلهه وإلقاؤه في اليم.
4 -
بيان أن من أعرض عن القرآن .. فإنه سيلقى الجزاء والوبال يوم القيامة.
5 -
ذكر أوصاف المجرمين حينئذٍ، وأنهم يختلفون في مدة لبثهم في الدنيا.
6 -
سؤال المشركين عن حال الجبال يوم القيامة، وأن الأصوات حينئذٍ تخشع للرحمن، فلا تسمع إلا همسًا، وأن الوجوه تخضع لربها القائم بأمرها.
7 -
وصف القرآن الكريم بأنه عربي مبين، أنزل تذكرة للناس، وأن الله سيعصم رسوله من نسيانه، فلا ينبغي أن يعجل بتلاوته قبل أن يتم تبليغ جبريل له.
8 -
قصص آدم عليه السلام مع إبليس وترك آدم للعهد الذي وصاه به ربه، وقبول نصيحة إبليس، مما كان سببًا في إخراجه من الجنة.
9 -
بيان أن من أعرض عن ذكر ربه .. عاش في الدنيا عيشةً ضنكًا، وعمي في الآخرة عن الحجة التي تنقذه من العذاب؛ لأنه قد كان في الدنيا أعمى عنها، تاركًا لها فتركه ربه من إنعامه.
10 -
بيان أن في المثلات التى سلفت للأمم قبلهم، ممن يقرون على ديارهم مصبحين، وبالليل، كعادٍ وثمود، ما ينبغي أن يكون رادعًا لهم، وزاجرًا لو تدبروا وعقلوا.
11 -
إن كلمة الله قد سبقت بأنه سيؤخر عذاب المشركين إلى أجل مسمى وهو يوم القيامة.
12 -
طلبه من رسوله تنزيهه، والثناء عليه آناء الليل وأطراف النهار، رجاء أن يعطيه ما يرضيه.
13 -
أمر رسوله أن يأمر أهله بالصلاة، ويصطبر هو عليها، وهي لا تكون شاغلًا لهم عن الرزق.
14 -
طلب المشركين من الرسول أن ياتيهم بآية من نوع ما أوتي الرسل الأولون.
15 -
إن إنزال القرآن على رسوله، ليزيح العلة، ويمنع المعذرة، يوم القيامة، فلا يقولون: لولا أرسلت إلينا رسولًا، وأتينا بكتاب نتبعه.
16 -
وعيد المشركين بأنهم يتربصون، وسيعلمون يوم القيامة لمن يكون له حسن العاقبة.
* * *
ربنا إنك رؤوف بعبادك، رحيم بهم، ربنا اجعلنا ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه (1).
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
(1) تمت تفاسير سورة طه، في الليلة السابعة عشرة من شهر جمادى الأولى، من شهور سنة اثنتي عشرة وأربع مئة وألف، من هجرة من له العز والشرف، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، آمين.
وكان الفراغ من مسودة هذا المجلد السابع عشر، أوائل الليلة السابعة عشرة ليلة السبت المبارك، من شهر الجمادي الأولى، من شهور سنة ألف وأربع مئة واثنتي عشرة، سنة 17/ 5/ 1412 من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة، وأزكى التحية.
بحول أن سبحانه وتيسيره، ونسأله الإعانة على التمام والإكمال، كما أعان على الابتداء والافتتاح، والحمد لله أولًا وآخرًا، وصلى الله على سيدنا محمد، خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلم تسليماً كثيرًا، دائمًا إلى يوم الدين. آمين.
بورك تفسير الروح والريحان
…
كما بورك جنا الزيتون والرمان