المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

والأعمش، وطلحة، وابن أبي ليلى، وابن عيسى، وابن جبير، وابن - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ١٧

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌78

- ‌79

- ‌80

- ‌81

- ‌82

- ‌83

- ‌84

- ‌85

- ‌86

- ‌87

- ‌88

- ‌89

- ‌90

- ‌91

- ‌92

- ‌93

- ‌94

- ‌95

- ‌96

- ‌97

- ‌98

- ‌99

- ‌100

- ‌101

- ‌102

- ‌103

- ‌104

- ‌105

- ‌106

- ‌107

- ‌108

- ‌109

- ‌110

- ‌سورة مريم

- ‌1

- ‌2

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌ 13

- ‌ 14

- ‌15)}

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌ 30

- ‌ 31

- ‌ 32

- ‌ 33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌ 55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌63

- ‌64

- ‌65

- ‌66

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌70

- ‌71

- ‌72

- ‌73

- ‌74

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌78

- ‌79

- ‌80

- ‌81

- ‌82

- ‌83

- ‌84

- ‌85

- ‌86

- ‌87

- ‌88

- ‌89

- ‌90

- ‌91

- ‌92

- ‌93

- ‌94

- ‌95

- ‌96

- ‌97

- ‌98

- ‌سورة طه

- ‌1

- ‌2)}

- ‌3

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌19

- ‌20

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌ 38

- ‌39

- ‌ 40

- ‌ 41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌48

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌63

- ‌64

- ‌65

- ‌66

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌70

- ‌71

- ‌72

- ‌73

- ‌74

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌78

- ‌79

- ‌80

- ‌81

- ‌82

- ‌83

- ‌84

- ‌85

- ‌86

- ‌87

- ‌88

- ‌89

- ‌90

- ‌91

- ‌92

- ‌93

- ‌94

- ‌95

- ‌96

- ‌97

- ‌98

- ‌99

- ‌100

- ‌101

- ‌102

- ‌103

- ‌104

- ‌105

- ‌106

- ‌107

- ‌108

- ‌109

- ‌110

- ‌111

- ‌112

- ‌113

- ‌114

- ‌115

- ‌116

- ‌117

- ‌118

- ‌119

- ‌120

- ‌121

- ‌122

- ‌123

- ‌124

- ‌125

- ‌126

- ‌127

- ‌128

- ‌129

- ‌130

- ‌131

- ‌132

- ‌133

- ‌134

- ‌135

الفصل: والأعمش، وطلحة، وابن أبي ليلى، وابن عيسى، وابن جبير، وابن

والأعمش، وطلحة، وابن أبي ليلى، وابن عيسى، وابن جبير، وابن جريز:{كيد سحر} بكسر السين وسكون الحاء، وإضافة الكيد إلى السحر على الاتساع، من غير تقدير، أو بتقدير: ذي سحر، أو ذوي سحر أو هم لمشغولهم في سحرهم، كأنهم السحر بعينه وبذاته، أو بيِّن الكيد؛ لأنه يكون سحرًا وغير سحر، نظير علم فقه، وعلم نحو.

وقرأ الباقون: {كيد ساحر} بألف اسم فاعل من سحر، وأفرد {ساحر} من حيث إن فعل الجميع نوع واحد من السحر تلك الحبال والعصي، فكأنه صدر من ساحر واحد، لعدم اختلاف أنواعه، وقرأت فرقة:{أين أتى} ؛ أي: لا يظفر ببغيته حيث توجه وسلك.

‌70

- قوله: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ} معطوف على جمل محذوفة، والتقدير: فزال إيجاس الخليفة، وألقى ما في يمينه، وتلقفت حبالهم وعصيهم، ثم انقلبت عصا، وفقدوا الحبال والعصي، وعلموا أن ذلك معجز ليس في طوق البشر {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ}؛ أي (1): فألقى ذلك الأمر الذي شاهدوه من موسى، من اليد والعصا، السحرةَ على الأرض، حالة كونهم {سُجَّدًا}؛ أي: ساجدين لله تعالى، وجاء التركيب {فألقى السحرة} ولم يأت فسجدوا، كأنه جاءهم أمر وأزعجهم وأخذهم، فصنع بهم ذلك، وهو عبارة عن سرعة ما تأثروا لذلك الخارق العظيم، فلم يتمالكوا أن وقعوا ساجدين لله. وقوله:{قَالُوا} مستأنف استئنافًا بيانيًا، كانه قيل: ماذا قالوا في سجودهم، فقيل: قالوا أي: قالت السحرة في سجودهم: {آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} هو وقال رئيسهم: كنا نغالب الناس بالسحر، وكانت الآلات تبقى علينا لو غُلبنا، فلو كان هذا سحرًا، فأين ما ألقيناه!؟ وإنما (2) قدم هارون على موسى هنا في حكاية كلامهم، رعاية لفواصل الآي وعنايةً بتوافق رؤوسها، أو لأن فرعون ربَّى موسى من صغره، فلو اقتصر على موسى أو قدم ذكره، فربما توهم أن المراد بالرب فرعون، وذكر هارون على الاستتباع، أو قدم هارون لأنه كان أكبر

(1) الشوكاني.

(2)

الخازن.

ص: 336

من موسى سنًا، وقدم موسى على سقط من الطب فألحقه هارون في الأعراف، لأجل الفواصل أيضًا، ولكون موسى هو المنسوب إليه العصا التي ظهر فيها ما ظهر من الإعجاز.

ومعنى إضافة الرب إليهما، أنه هو الذي يدعوان إليه، وأجرى ما أجرى على يديهما، وقالوا (1) رب هارون وموسى، ولم يكتفوا بقولهم: رب العالمين، للنص على أنهم آمنوا برب هذين، وكان فيما قيل: يزعم أنه رب العالمين، كما قال:{أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} روي أن رئيسهم قال: كنا نغلب الناس، وكانت الآلات تبقى علينا، فلو كان هذا سحرًا، فأين ما ألقيناه من الآلات، فاستدل بتغير أحوال الأجسام على الصانع العالم القادر، وبظهور ذلك على يد موسى على صحة رسالته، فتابوا وأتوا بنهاية الخضوع، وهو السجود، قال (2) جار الله: ما أعجب أمرهم: ألقوا حبالهم وعصيهم للكفر والجحود، ثم ألقوا رؤوسهم للشكر والسجود، فما أعظم الفرق بين الإلقاءين. اهـ روي عن ابن عباس أنه قال: كانوا أول النهار سحرةً، وفي آخره شهداء بررةً، وروى عنه عكرمة: أنه قال: كان السحرة سبعين رجلًا، أصبحوا سحرةً، وأمسوا شهداء.

الإعراب

{اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)} .

{اذْهَبْ} : فعل أمر، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} . {أَنْتَ} : ضمير منفصل مؤكد لضمير الفاعل المستتر {وَأَخُوكَ} : معطوف على ضمير الفاعل المستتر في الفعل، وعلامة رفعه (الواو) والجملة: مستأنفة، مسوقة لتقرير المراد بالاصطناع {بِآيَاتِي}: جار ومجرور، حال من ضمير الفاعل وما عطف عليه و (الباء): للمصاحبة؛ أي: حالة كونكما مصحوبين {بِآيَاتِي} : ومعتصمين بها، وليست الباء للتعدية؛ لأن المراد إظهار الآيات للناس، لا مجرد الذهاب إلى

(1) روح البيان.

(2)

الكشاف.

ص: 337

فرعون {وَلَا} (الواو): عاطفة {لَا} ناهية {تَنِيَا} فعل وفاعل مجزوم بـ {لا} الناهية، والجملة: معطوفة على جملة {اذْهَبْ} {فِي ذِكْرِي} : متعلق به {اذْهَبَا} : فعل أمر وفاعل مبني على حذف النون، والجملة: مستأنفة {إِلَى فِرْعَوْنَ} متعلق بـ {اذْهَبَا} . {إِنَّهُ} : ناصب واسمه، وجملة {طَغَى} خبره، وجملة {إن}: مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها {فَقُولَا} (الفاء) عاطفة {قَوْلًا} : فعل وفاعل، والجملة: معطوفة على جملة {اذْهَبَا} . {لَهُ} متعلق بـ {قَوْلًا} . {قَوْلًا} : مفعول مطلق {لَيِّنًا} : صفة له {لَعَلَّهُ} ناصب واسمه، وجملة {يَتَذَكَّرُ}: خبره {أَوْ يَخْشَى} : معطوفة على {يَتَذَكَّرُ} وجملة {لعل} : مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها، و {لعل} هنا للتعليل كما قاله الفراء، فهي بمثابة كي التعليلية، نظير قولك: اعمل لعلك تأخذ أجرك؛ أي: كي تأخذ أجرك.

{قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45)} .

{قَالَا} : فعل وفاعل، والجملة: مستأنفة {رَبَّنَا

} إلى آخر الآية: مقول محكي، وإن شئت قلت:{رَبَّنَا} : منادى مضاف، وجملة النداء في محل النصب مقول {قَالَا}. {إِنَّنَا}: ناصب واسمه، وجملة {نَخَافُ}: خبره، وجملة {أَنْ} في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها جواب النداء {أَنْ}: حرف نصب ومصدر {يَفْرُطَ} فعل مضارع منصوب بـ {أَن} المصدرية، وفاعله: ضمير يعود على {فِرْعَوْنَ} . {عَلَيْنَا} : متعلق به و {أَن} وما في حيّزها: مفعول {نَخَافُ} {أَوْ} : حرف عطف {أَنْ} : حرف نصب ومصدر {يَطْغَى} فعل مضارع منصوب بـ {أَنْ} المصدرية و {أَنْ} وما في حيزها: معطوف على {أَنْ يَفْرُطَ} والتقدير: إننا نخاف فرطه علينا أو طغيانه.

{قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47)} .

{قَالَ} فعل ماض وفاعله: ضمير يعود على الله، والجملة: مستأنفة {لَا} : ناهية {تَخَافَا} : فعل مضارع مجزوم بـ {لَا} الناهية والألف فاعل، والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} . {إِنَّنِي} : ناصب ونون وقاية، واسمه {مَعَكُمَا}:

ص: 338

ظرف ومضاف إليه، متعلق بمحذوف خبر {إن}. {أَسْمَعُ}: فعل مضارع وفاعله ضمير يعود على الله وجملة {أَسْمَعُ} في محل الرفع خبر ثان، لـ {إن} أو في محل النصب حال من الضمير المستكن في خبر {إن}. {وَأَرَى}: معطوف على {أَسْمَعُ} وجملة {إن} في محل النصب مقول {قَالَ} : مسوقة لتعليل ما قبلها: {فَأْتِيَاهُ} (الفاء): عاطفة كما في "الجمل"{أتياه} : فعل أمر وفاعل ومفعول به، مبني على حذف النون، والجملة: معطوفة على جملة قوله: {لَا تَخَافَا} {فَقُولَا} (الفاء): عاطفة {قَوْلًا} : فعل وفاعل مبني على حذف النون، والجملة: معطوفة على جملة {اتياه} . {إِنَّا} : ناسب واسمه {رَسُولَا رَبِّكَ} : خبره ومضاف إليه، وجملة:{إن} في محل النصب مقول {قولًا} . {فَأَرْسِلْ} (الفاء): حرف عطف وتفريع {أرسل} : فعل أمر وفاعله ضمير يعود على {فِرْعَوْنَ} . {مَعَنَا} : ظرف ومضاف إليه، متعلق بـ {أرسل} وجملة:{أرسل} : معطوفة مفرعة على جملة قوله: {إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ} . {بَنِي إِسْرَائِيلَ} : مفعول به ومضاف إليه {وَلَا تُعَذِّبْهُمْ} {لَا} : ناهية جازمة {تُعَذِّبْهُمْ} : فعل مضارع ومفعول مجزوم بـ {لا} الناهية، وفاعله: ضمير يعود على {فِرْعَوْنَ} والجملة: معطوفة على جملة {أرسل} . {قَدْ} : حرف تحقيق {جِئْنَاكَ} : فعل وفاعل ومفعول به {بِآيَةٍ} متعلق بـ {جِئْنَاكَ} . {مِنْ رَبِّكَ} صفة لـ {آيَةٍ} والجملة الفعلية: في محل النصب حال من اسم {إن} في قوله: {إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ} ، جرت مجرى التفسير والبيان والجملة {إن} لأن دعوى الرسالة لا تثبت إلا مدعومةً بالآيات والدلائل الظاهرة الدالة عليها {وَالسَّلَامُ} (الواو) استئنافية {السلام}: مبتدأ {عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} : جار ومجرور خبره، والجملة: مستأنفة على كونها مقول {قَوْلًا} . {اتَّبَعَ الْهُدَى} فعل وفاعل مستتر، ومفعول به صلة الموصول.

{إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (48)} .

{إِنَّا} ناصب واسمه {قَدْ} : حرف تحقيق {أُوحِيَ} : فعل ماض مغير الصيغة {إِلَيْنَا} : جار ومجرور متعلق به {أَنَّ الْعَذَابَ} : ناصب واسمه {عَلَى مَن} : جار ومجرور خبره {كَذَّبَ} : فعل ماض وفاعل مستتر، والجملة: صلة

ص: 339

{مَنْ} الموصولة {وَتَوَلَّى} : معطوف على {كَذَّبَ} وجملة {أَنَّ} في تأويل مصدر مرفوع، على كونه نائب فاعل لـ {أُوحِيَ}؛ أي:{أُوحِيَ إِلَيْنَا} كون العذاب على من كذب وتولى. وجملة {أُوحِيَ} : في محل الرفع خبر {إن} الأولى وجملة {إن} : في محل النصب مقول {قولًا} .

{قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51)} .

{قَالَ} : فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على {فرعون} والجملة: مستأنفة. {فَمَنْ} الفاء: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا قلتما إنا رسولاً ربكما .. {فَمَنْ رَبُّكُمَا} . {مَنْ} : اسم استفهام للاستفهام التعجبي، في محل الرفع مبتدأ {رَبُّكُمَا}: خبر ومضاف إليه، والجملة: في محل النصب مقول، لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة في محل النصب مقول {قَالَ} ، {يَا مُوسَى} منادى مفرد العلم، وجملة النداء: في محل النصب مقول {قَالَ} {قَالَ} : فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة: مستأنفة {رَبُّنَا الَّذِي} : مبتدأ وخبر، والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} {أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ} : فعل ومفعول أول، وفاعله: ضمير يعود على الموصول، والجملة: صلة الموصول {خَلْقَهُ} : مفعول ثان، وقيل:{خَلْقَهُ} أول مفعولي {أَعْطَى} و {كُلَّ شَيْءٍ} ثانيهما وقدم للاهتمام؛ أي: أعطى خليقته وهو: جميع الخلائق كل شيء يحتاجون إليه، وقرىء {خلقه}: على أنه فعل ماض، والمفعول الثاني محذوف للعلم به {ثُمَّ هَدَى}: معطوف على {أَعْطَى} وفاعله: ضمير يعود على الله، والمفعول: محذوف تقديره: ثم هدى كل شيء {قَالَ} : فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على {فِرْعَوْنَ} ، والجملة مستأنفة. {قَالَ} الفاء: فاء الفصيحة، لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا قلتما إنا رسولاً ربكما .. فأقول لكما: {مَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى} {مَا} : اسم استفهام للاستفهام التعجيزي في محل الرفع مبتدأ {بَالُ الْقُرُونِ} : خبر ومضاف إليه {الْأُولَى} صفة لـ {الْقُرُونِ} والجملة الاسمية: في محل النصب، مقول لجواب إذا المقدرة،

ص: 340

وجملة: إذا المقدرة، في محل النصب مقول {قَالَ} .

{قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا} .

{قَالَ} : فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة: مستأنفة {عِلْمُهَا} : مبتدأ ومضاف إليه {عِنْدَ رَبِّي} : ظرف ومضاف إليه، متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} . {فِي كِتَابٍ} : جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من ضمير {عِلْمُهَا} ؛ أي: حالة كونها مكتوبةً {فِي كِتَابٍ} أو {فِي كِتَابٍ} : هو الخبر و {عِنْدَ رَبِّي} : حال أو هما خبر {إن} أو هما خبر واحد على حد قولك الرمان حلو حامض؛ أي: مز {لَا يَضِلُّ رَبِّي} : فعل وفاعل، والجملة: مستأنفة على كونها مقول {قَالَ} . {وَلَا يَنْسَى} معطوف على {يَضِلُّ} . {الَّذِي} : خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: هو {الَّذِي} والجملة: مستأنفة {جَعَلَ} : فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على الموصول، والجملة: صلة الموصول {لَكُمُ} : جار ومجرور حال من {مَهْدًا} ؛ لأنه صفة نكرة قدمت عليها {الْأَرْضَ} : مفعول أول لـ {جَعَلَ} . {مَهْدًا} مفعول ثان له {وَسَلَكَ} : فعل ماض، وفاعله: ضمير يعود على الموصول، والجملة: معطوفة على جملة {جَعَلَ} . {لَكُمُ} حال من {سُبُلًا} لأنه صفة نكرة قدمت عليها {فِيهَا} : متعلق بـ {سلك} . {سُبُلًا} : مفعول به.

{وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (54) مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55)} .

{وَأَنْزَلَ} فعل ماض وفاعل مستتر، معطوف على {جَعَلَ}. {مِنَ السَّمَاءِ}: متعلق بـ {أنزل} . {مَاءً} : مفعول به {فَأَخْرَجْنَا} (الفاء): عاطفة {أخرجنا} : فعل وفاعل معطوف على {وَأَنْزَلَ} . {بِهِ} : متعلق بـ {أخرجنا} . {أَزْوَاجًا} : مفعول به {مِنْ نَبَاتٍ} : صفة أولى لـ {أَزْوَاجًا} ، {شَتَّى}: صفة ثانية له، أو حال منه؛ لأنه وصف، وأجاز الزمخشري: أن يكون صفة للنبات {كُلُوا} : فعل أمر وفاعل،

ص: 341

والجملة، في محل النصب مقول لقول محذوف: حال من فاعل {أخرجنا} ؛ أي: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى} حالة كوننا قائلين لكم {كُلُوا} منها. {وَارْعَوْا} : فعل وفاعل معطوف على {كُلُوا} . {أَنْعَامَكُمْ} : مفعول به {إِنَّ} : حرف نصب {فِي ذَلِكَ} : جار ومجرور خبر مقدم لـ {إِنَّ} . {لَآيَاتٍ} (اللام): حرف ابتداء {آيات} : اسم {إِنَّ} : مؤخر {لِأُولِي} : جار ومجرور صفة لـ {آيات} . {النُّهَى} مضاف إليه، وهي جمع نهية، وقيل: اسم مفرد، وجملة {إِنَّ}: مستأنفة {مِنْهَا} متعلق بـ {خلقنا} . {خَلَقْنَاكُمْ} : فعل وفاعل ومفعول، والجملة: مستأنفة {وَفِيهَا} : متعلق بـ {نعيد} . {نُعِيدُكُمْ} : فعل وفاعل مستتر ومفعول به، معطوف على {خَلَقْنَاكُمْ}. {وَمِنْهَا}: متعلق بـ {نُخْرِجُكُمْ} {نُخْرِجُكُمْ} : فعل وفاعل مستتر ومفعول به، معطوف على {خَلَقْنَاكُمْ}. {تَارَةً}: ظرف زمان متعلق بـ {نُخْرِجُكُمْ} {أُخْرَى} : صفة لـ {تَارَةً} .

{وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (56) قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58)} .

{وَلَقَدْ} {الواو} : استئنافية (واللام): موطئة للقسم {قد} : حرف تحقيق {أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا} : فعل وفاعل، ومفعولان من رأى البصرية، ولكنها تعدت إلى اثنين لدخول همزة النقل عليها {كُلَّهَا}: تأكيد لـ {آيَاتِنَا} والجملة الفعلية: جواب القسم، وجملة القسم: مستأنفة {فَكَذَّبَ} (الفاء): عاطفة {كذب} : فعل ماض وفاعله: ضمير يعود على فرعون، والجملة: معطوفة على جملة {أَرَيْنَاهُ} . {وَأَبَى} : فعل ماض وفاعل مستتر معطوف على {كذب} . {قَالَ} : فعل ماض وفاعله: ضمير يعود على فرعون، والجملة: مستأنفة {أَجِئْتَنَا} (الهمزة): للاستفهام الإنكاري {جئتنا} : فعل وفاعل ومفعول والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} . {لِتُخْرِجَنَا} (اللام): حرف جر وتعليل {تخرجنا} : فعل ومفعول وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} . {مِنْ أَرْضِنَا} : متعلق بـ {تخرجنا} . {بِسِحْرِكَ} : متعلق به أيضًا {يَا مُوسَى} : منادى مفرد العلم، والجملة الفعلية مع أن

ص: 342

المضمرة: في تأويل مصدر مجرور باللام، تقديره: لإخراجك إيانا {مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ} : الجار والمجرور متعلق بـ {جئتنا} . {فَلَنَأْتِيَنَّكَ} (الفاء): فاء الفصيحة، لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا كان الأمر كذلك .. فأقول لك: {لنأتينك} و (اللام): موطئة للقسم {نأتينك} : فعل مضارع في محل الرفع، لتجرده عن الناصب والجازم، مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة و (الكاف): مفعول به، وفاعله: ضمير يعود على فرعون وقومه {بِسِحْرٍ} : متعلق بـ {نأتين} . {مِثْلِهِ} : صفة لـ {سحر} ويجوز أن يتعلق {بِسِحْرٍ} بمحذوف حال، أي: متلبسين {بِسِحْرٍ} والجملة الفعلية: جواب القسم لا محل لها من الإعراب، وجملة القسم: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة: مستأنفة {فَاجْعَلْ} (الفاء): عاطفة {اجعل} : أمر وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة: معطوفة على جملة {نأتينك} {بَيْنَنَا} : ظرف ومضاف إليه، متعلق بمحذوف مفعول ثان لجعل {وَبَيْنَكَ}: معطوف على {بَيْنَنَا} {مَوْعِدًا} : مصدر ميمي مفعول أول لجعل، وجملة {لَا نُخْلِفُهُ}: صفة لـ {مَوْعِدًا} {نَحْنُ} : تأكيد للضمير في نخلفه {وَلَا} (الواو): عاطفة {لَا} نافية {أَنْتَ} معطوف على الضمير المستتر في {نُخْلِفُهُ} {مَكَانًا} بدل من {مَوْعِدًا} بتقدير مضاف؛ أي: مكان موعد، أو منصوب بفعل دل عليه المصدر، تقديره: عدلنا مكانًا {سُوًى} . {سُوًى} : صفة لـ {مَكَانًا} ؛ أي: {مَكَانًا} وسطًا.

{قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (60) قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (61)} .

{قَالَ} : فعل ماض وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة: مستأنفة {مَوْعِدُكُمْ} : مبتدأ ومضاف إليه {يَوْمُ الزِّينَةِ} : خبر له والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} . {وَأَنْ يُحْشَرَ} (الواو): عاطفة {أَنْ} : حرف نصب ومصدر {يُحْشَرَ النَّاسُ} : فعل مضارع مغير الصيغة، ونائب فاعل منصوب بـ {أن} المصدرية {ضُحًى}: منصوب على الظرفية متعلق بـ {يُحْشَرَ} والجملة الفعلية مع أن

ص: 343

المصدرية: في تأويل مصدر مرفوع، معطوف على {يَوْمُ الزِّينَةِ} تقديره:{مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ} وحشر {النَّاسُ ضُحًى} أو مجرور معطوف على {الزِّينَةِ} تقديره {يَوْمُ الزِّينَةِ} ويوم حشر {النَّاسُ ضُحًى} . {فَتَوَلَّى} (الفاء): عاطفة {تولى فرعون} : فعل وفاعل معطوف على {قَالَ} . {فَجَمَعَ} (الفاء): عاطفة {جمع كيده} : فعل وفاعل مستتر ومفعول به معطوف على {تولى} . {ثُمَّ} : حرف عطف وتراخ {أَتَى} : فعل ماض وفاعله ضمير يعود على فرعون، والجملة: معطوفة على {جمع} . {قَالَ} : فعل ماض {لَهُمْ} متعلق به {مُوسَى} فاعل، والجملة: مستأنفة {وَيْلَكُمْ} : مصدر للدعاء، أمات العرب فعله، منصوب بفعل محذوف وجوبًا، لجريانه مجرى المثل، تقديره: ألزمكم الله {وَيْلَكُمْ} وهو مضاف، و (الكاف): مضاف إليه، والجملة المحذوفة: في محل النصب مقول {قَالَ} {لَا} ناهية جازمة {تَفْتَرُوا} : فعل وفاعل مجزوم بـ {لَا} الناهية {عَلَى اللَّهِ} : متعلق به {كَذِبًا} : مفعول به، والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} {فَيُسْحِتَكُمْ} (الفاء): عاطفة سببية {يسحتكم} : فعل ومفعول به وفاعل مستتر يعود على الله، منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد (الفاء) السببية الواقعة في جواب النهي {بِعَذَابٍ}: متعلق بـ {يسحتكم} والجملة الفعلية مع أن المضمرة: في تأويل مصدر معطوف على مصدر متصيد من الجملة التي قبلها، من غير سابك، لإصلاح المعنى، تقديره: لا يكن افتراؤكم على الله كذبًا فإسحاته إياكم {بِعَذَابٍ} . {وَقَدْ} (الواو): حالية {قد} حرف تحقيق {خَابَ مَنِ} : فعل وفاعل، والجملة: في محل النصب حال من الجلالة، والرابط محذوف، والتقدير: لا تفتروا على الله كذبًا، والحال أنه قد خاب وخسر من افترى عليه كذبًا {افْتَرَى}: فعل وفاعل مستتر صلة من الموصولة.

{فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62) قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63)} .

{فَتَنَازَعُوا} الفاء: عاطفة {تنازعوا} :فعل وفاعل معطوف على {قَالَ لَهُمْ مُوسَى} . {أَمْرَهُمْ} : مفعول به، أو منصوب ينزع الخافض {بَيْنَهُمْ}: ظرف

ص: 344

متعلق بمحذوف حال من {أَمْرَهُمْ} . {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى} : فعل وفاعل ومفعول معطوف على {تنازعوا} . {قَالُوا} : فعل وفاعل، والجملة: مستأنفة مسوقة لبيان ما أسروا {إن} : مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن، أو مهملة {هَذَانِ}: مبتدأ في محل الرفع، مبني على الألف {لَسَاحِرَانِ} (اللام): حرف ابتداء {ساحران} : خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: في محل الرفع خبر {إن} المخففة، وجملة {إنَّ} المخففة: في محل النصب مقول {قَالُوا} . {يُرِيدَانِ} : فعل وفاعل، والجملة الفعلية: في محل الرفع صفة {لَسَاحِرَانِ} . {أَنْ} : حرف نصب {يُخْرِجَاكُمْ} : فعل وفاعل ومفعول منصوب بـ {أن} . {مِنْ أَرْضِكُمْ} : متعلق به {بِسِحْرِهِمَا} : جار ومجرور حال من فاعل {يُخْرِجَاكُمْ} ؛ أي: حالة كونهما متلبسين {بِسِحْرِهِمَا} والجملة الفعلية، مع أن المصدرية: في تأويل مصدر منصوب على المفعولية لـ {يُرِيدَانِ} تقديره: يريدان إخراجهما إياكم من أرضكم بسحرهما {وَيَذْهَبَا} : فعل وفاعل معطوف على {يُخْرِجَاكُمْ} . {بِطَرِيقَتِكُمُ} : متعلق بـ {يذهبا} . {الْمُثْلَى} صفة لـ {طريقتكم} .

{فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (64)} .

{فَأَجْمِعُوا} الفاء: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا كان الأمر كما ذكر من كونهما ساحرين

الخ وأردتم بيان ما هو اللازم لكم .. فأقول لكم: {أجمعوا كيدكم} : فعل وفاعل ومفعول، والجملة: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة: مستأنفة على كونها مقول {قَالُوا} . {ثُمَّ ائْتُوا} : فعل وفاعل معطوف على {أجمعوا} . {صَفًّا} : حال من فاعل {ائْتُوا} ؛ أي: حالة كونكم مصطفين. {وَقَدْ} (الواو): حالية {قَدْ} : حرف تحقيق {أَفْلَحَ} : فعل ماض {الْيَوْمَ} ظرف متعلق به {مَن} اسم موصول في محل الرفع فاعل {أَفْلَحَ} والجملة: في محل النصب حال ثانية من فاعل {ائْتُوا} والرابط: محذوف تقديره: {ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا} والحال أنه {قد أفلح اليوم من استعلى} منكم وجملة {اسْتَعْلَى} صلة الموصول.

{قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ

ص: 345

وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66)}.

{قَالُوا} : فعل وفاعل والجملة: مستأنفة {يَا مُوسَى} : منادى مفرد العلم، وجملة النداء: في محل النصب مقول {قَالُوا} . {إِمَّا} : حرف تفصيل وتخيير {أَنْ} : حرف نصب {تُلْقِيَ} فعل مضارع منصوب بـ {أَنْ} وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة الفعلية، مع أن المصدرية: في تأويل مصدر منصوب على المفعولية لفعل محذوف، تقديره: اختر إما إلقاءك أولًا، والجملة المحذوفة: في محل النصب مقول {قَالُوا} . {وَإِمَّا} (الواو): عاطفة {إِمَّا} على {إِمَّا} الأولى. {إِمَّا} الثانية: عاطفة ما بعدها على قبلها {أن} : حرف نصب ومصدر {نَكُونَ} : فعل مضارع ناقص منصوب بـ {أن} واسمها ضمير يعود على السحرة {أَوَّلَ} : خبر {نَكُونَ} وهو مضاف {مَنْ} اسم موصول في محل الجر مضاف إليه، وجملة {أَلْقَى}: صلة {مَنْ} الموصولة، وجملة {نَكُونَ} مع {أَنْ} المصدرية: في تأويل مصدر معطوف على مصدر منسبك من الجملة التي قبلها، على كونه مفعولًا لفعل محذوف، والتقدير: يا موسى اختر إما إلقاءك أولًا، وإما كوننا أول من ألقى {قَالَ}: فعل ماض وفاعله: ضمير يعود على موسى، والجملة: مستأنفة {بَلْ} حرف إضراب إضراباً إبطالياً وابتداء {أَلْقُوا} : فعل وفاعل والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} . {فَإِذَا} (الفاء): عاطفة على محذوف تقديره فألقوا {إذا} : فجائية في محل النصب على الظرفية الزمانية، أو حرف لا محل لها من الإعراب {حِبَالُهُمْ}: مبتدأ {وَعِصِيُّهُمْ} : معطوف عليه {يُخَيَّلُ} : فعل مضارع مغير الصيغة {إِلَيْهِ} : متعلق به {مِنْ سِحْرِهِمْ} متعلق بـ {يُخَيَّلُ} أيضًا {أَنَّهَا} : ناصب واسمه وجملة {تَسْعَى} : خبر {أن} وجملة {أن} من اسمها وخبرها، في تأويل مصدر مرفوع، على كونه نائب فاعل لـ {يُخَيَّلُ} والتقدير: يخيل إليه سعيها من أجل سحرهم، والجملة الفعلية: في محل الرفع خبر المبتدأ، تقديره: فإذا حبالهم وعصيهم مخيل إليه سعيها من سحرهم، ولكنه خبر سببي، والجملة الاسمية: في محل الجر مضاف إليه، لـ {إذا} الفجائية، والظرف متعلق بفعل محذوف معطوف على محذوف، والتقدير: فألقوا ففاجأ موسى وقت تخييل سعى حبالهم وعصيهم، والمعنى: على مفاجأته حبالهم وعصيهم مخيلةً إليه السعي، أو فاجأ موسى تخييل

ص: 346

سعي حبالهم وعصيهم.

{فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68)} .

{فَأَوْجَسَ} الفاء: عاطفة {أوجس} : فعل ماض {فِي نَفْسِهِ} : متعلق به {خِيفَةً} مفعول به {مُوسَى} : فاعل والجملة: معطوف على جملة المفاجاة المقدرة {قُلْنَا} : فعل وفاعل، والجملة: مستأنفة {لَا تَخَفْ} : جازم وفعل مجزوم، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة: في محل النصب مقول {قُلْنَا} . {إِنَّكَ} : ناصب واسمه {أَنْتَ} ضمير فصل أو تأكيد {الْأَعْلَى} : خبر {إن} وجملة: {إن} في محل النصب مقول {قُلْنَا} مسوقة لتعليل النهي المذكور قبله.

{وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70)} .

{وَأَلْقِ} الواو: عاطفة {ألق} : فعل أمر مبني على حذف حرف العلة، وفاعله: ضمير يعود على {مُوسَى} والجملة: معطوفة على جملة {لَا تَخَفْ} {مَا} اسم موصول في محل النصب مفعول {ألق} . {فِي يَمِينِكَ} : جار ومجرور صلة لـ {مَا} أو صفة لها {تَلْقَفْ} : فعل مضارع مجزوم بالطلب السابق، وفاعله: ضمير يعود على عصاه {مَا} : مفعول به لـ {تَلْقَفْ} . {صَنَعُوا} : فعل وفاعل صلة الموصول، والعائد: محذوف تقديره: ما صنعوه {إِنَّمَا} {إن} : حرف نصب وتوكيد {ما} اسم موصول في محل النصب اسمها {صَنَعُوا} : فعل وفاعل صلة الموصول، والعائد: محذوف تقديره: إن الذي صنعوه {كَيْدُ سَاحِرٍ} : خبر {إن} وجملة {إن} في محل النصب مقول {قُلْنَا} : مسوقة لتعليل قوله: {تَلْقَفْ} . {وَلَا} (الواو): حالية أو عاطفة {لَا} نافية {يُفْلِحُ السَّاحِرُ} : فعل وفاعل، والجملة: في محل النصب حال من {سَاحِرٍ} لأن المقصود منه الجنس، والتقدير: حالة كون جنس الساحر غير مفلح، أو معطوفة على جملة {إِنَّمَا صَنَعُوا}. {حَيْثُ}: في محل النصب على الظرفية المكانية، مبني على الضم متعلق

ص: 347

بـ {يُفْلِحُ} وجملة {أَتَى} في محل الجر مضاف إليه لـ {حَيْثُ} . {فَأُلْقِيَ} (الفاء) عاطفة على محذوف، تقديره: فألقى موسى عصاه فتلقفت كل ما صنعوه {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ} {ألقي السحرة} : فعل ونائب فاعل معطوف علي ذلك المحذوف {سُجَّدًا} : حال من {السَّحَرَةُ} . {قَالُوا} : فعل وفاعل، والجملة: في محل النصب حال ثانية من {السَّحَرَةُ} ؛ أي: حالة كونكم ساجدين قائلين {آمَنَّا} فعل وفاعل، والجملة: في محل النصب مقول {قَالُوا} . {بِرَبِّ} : متعلق بـ {آمَنَّا} {هَارُونَ} : مضاف إليه {وَمُوسَى} : معطوف على {هَارُونَ} والله أعلم.

التصريف ومفردات اللغة

{اذْهَبْ} أنت يا موسى، والذهاب: المضي، يقال: ذهب بالشيء وأذهبه، ويسشعمل ذلك في الأعيان والمعاني {وَأَخُوكَ} والأخوة: المشاركة في الولادة من الطرفين، أو من أحدهما، أو من الرضاع، ويستعار الأخ لكل مشارك لغيره، في القبلة، أو في الدين، أو في صنعة، أو في معاملة، أو في مودة، أو في غير ذلك من المناسبات كما مر {بِآيَاتِي} هي المعجزات، والمراد بها: العصا، واليد البيضاء، والمراد بالجمع: ما فوق الواحد {وَلَا تَنِيَا} ؛ أي: ولا تفترا ولا تقصرا في ذكري، أي: في تبليغ رسالتي، فالذكر: يطلق على كل العبادات، وتبليغ الرسالة من أعظمها، من الونى: وهي الفتور والتقصير، يقال: وني يني ونيًا، كوعد يعد وعدًا: إذا فتر، والاسم الوني وهو: الفتور: وونى فعل لازم لا يتعدى، وزعم بعض النحاة أنه يكون من أخوات زال وانفك، فيعمل عملهما بشرط النفي، يقال ما وفي زيد قائمًا؛ أي: ما زال زيدٌ قائمًا، وفي "المصباح": وني في الأمر ونيًا: من باب تعب ووعد: ضعف وفتر، فهو وانٍ وفي التنزيل {وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي} وتوانى في الأمر توانيًا: لم يبادر إلى ضبطه، ولم يهتم به، فهو متوان؛ أي: غير مهتمٍ ولا محتفل، وهو في الآية من باب وعد، لأجل كسر النون، إذ لو كان من باب تعب لكان بفتحها {طَغَى} أي تجاوز الحد {يَفْرُطَ} يقال: فرط يفرط: من باب قعد علينا فلان: إذا عجل بمكروه {قَوْلًا لَيِّنًا} ؛ أي: لا عنف فيه ولا غلظة {يَتَذَكَّرُ} ؛ في: يتأمل فيذعن للحق ويؤمن

ص: 348

{أَوْ يَخْشَى} ؛ أي: يخاف من بطش الله وعذابه {أَنَّ الْعَذَابَ} والعذاب (1): هو الإيحاء الشديد، وقد عذبه تعذيبًا؛ أي: أكثر حبسه في العذاب، وأصله: من قولهم عذب الرجل: إذا ترك الماكل والنوم، فهو عاذب وعذوب، فالتعذيب في الأصل: هو حمل الإنسان على أن يعذب؛ أي: يجوع ويسهر، وقيل: أصله: من العذب، فعذبته: أزلت عذب حياته، على بناء مرضته وقويته، وقيل: أصل التعذيب: إكثار الضرب بعذبة السوط؛ أي: طرفه {وَالسَّلَامُ} (اللام) لتعريف الماهية، والسلامة: التعري من الآفات الظاهرة والباطنة، والمراد هنا: إما التحية، فالمعنى: والتحية المستتبعة بسلامة الدارين من الله والملائكة؛ أي: خزنة الجنة وغيرهم من المسلمين {كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ} ؛ أي: أعطى كل نوع صورته وشكله، الذي يشاكل ما نيط به من الخواص والمنافع {ثُمَّ هَدَى}؛ أي: ثم عرّفه كيف يرتفق بما أُعطي له.

{فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى} والبال: الحال التي يكترث ويعتنى بها {مَهْدًا} قال الإِمام الراغب: المهد: ما يهيأ للصبي، والمهد والمهاد: المكان الممهد الموطأ {وَسَلَكَ} السلوك: النفاذ في الطريق، وصلك لازم ومتعد، يقال: سلكت الشيء في الشيء: أدخلته، والسبل: جمع سبيل، وهو من الطرق ما هو معتاد السلوك {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} والماء: هو جسم سيّال قد أحاط حول الأرض والمراد هنا: المطر {أَزْوَاجًا} ؛ أي: أصنافًا {مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى} جمع شتيت كمريض ومرضى؛ أي: مختلفة النفع والطعم واللون والشكل، والأزواج: جمع زوج، سميت الأصناف بذلك لازدواجها، واقتران بعضها ببعض؛ لأنه يقال: لكل ما يقترن بآخر مماثلًا له، أو مضادًا: زوج، ولكل قرينين من الذكر والأنثى في الحيوانات المتزاوجة زوج، ولكل قرينين فيها وفي غيرها زوج، كالخف والنعل، قال الراغب: النبت والنبات: ما يخرج من الأرض من الناميات، سواء كان له ساق كالشجر، أو لم يكن له ساق كالنجم، لكن اختص في التعارف بما لا ساق له، بل قد اختص عند العامة بما تأكله الحيوانات، ومتى اعتبرت الحقائق .. فإنه

(1) الفتوحات.

ص: 349

يُستعمل في كل نام، نباتاً كان، أو حيوانًا، أو إنسانًا. انتهى.

{شَتَّى} بوزن فعلى وألفه للتأنيث، وهو جمع شتيت نحو مريض ومرضى، وجريح وجرحى، وقتيل وقتلى، يقال: ست الأمر يشت شاتًا، فهو شت؛ أي: تفرق وشتان: اسم فعل ماض، بمعنى: افترق، ولذلك لا يكتفي بواحد {وَارْعَوْا} الرعي: في الأصل: حفظ الحيوان، إما بغذائه الحافظ لحياته، أو بذب العدو عنه {لِأُولِي النُّهَى}: جمع نهية بالضم، وهي: العقل، سمي بها العقل لأنه ينهى صاحبه عن ارتكاب القبائح، وقيل: إنه اسم مفرد، وهو مصدر كالهدى والسرعة، قاله أبو علي اهـ "سمين" {لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ} يقال: أخلف وعده: إذا خالف في الميعاد.

{فَيُسْحِتَكُمْ} ؛ أي: يهلككم من أسحت الرباعي، وهي لغة نجد وتميم، أي: أهلك، ويقال: سحت وهي لغة الحجاز، وأصل هذه المادة تدل على الاستقصاء والنفاد، ومنه سحت الحالق الشعر؛ أي: استقصاه فلم يترك منه شيئًا، ويُستعمل في الإهلاك والإذهاب، وفي "القاموس": سحت يسحت من باب فتح، وسحت بالتشديد: اكتسب السحت؛ أي: المال الحرام، وسحته أهلكه واستأصله وذبحه، وسحت الشحم عن اللحم: قشره، ويسحت وجه الأرض: محاه، وأسحت: أفسده وأهلكه واستأصله {الْمُثْلَى} : مؤنث أمثل، بمعنى أشرف، وإنما أُنِّث باعتبار التعبير بالطريقة، وإلا فباعتبار المعنى كأن يقال: أماثل. اهـ. شيخنا. {فَأَجْمِعُوا} ؛ أي: أزمعوا كيدكم واجعلوه مجمعًا عليه، حتى لا تختلفوا، كالمسألة المجمع عليها، ويقال: أجمعوا الأمر وأجمعوا عليه، وفلانة بجمع، أي: عذراء، وضربه بجمع كفه {فَأَوْجَسَ} الإيجاس: الإضمار، وإيجاس الخوف: إضمار شيء منه {فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ} ، والحبال: جمع حبل، وهو: الرسن، والعصي: جمع عصا، أصله: عصوو، بوزن: فلوس، قلبت الواو الثانية ياءً، ثم الأولى لاجتماعها ساكنة مع الياء، وكسرت الصاد لتصح الياء، وكسرت العين اتباعًا للصاد {خِيفَةً} أصله: خوفاً، قلبت الواو ياء لكسر ما قبلها {تَلْقَفْ}: تبتلع، وأصله: التناول بسرعة، قال في "القاموس": لقف يلقف، من

ص: 350

باب تعب لقفًا، والتقف الشيء: تناوله بسرعة {صَنَعُوا} ؛ أي: زوّروا وافتعلوا {كَيْدُ سَاحِرٍ} ؛ أي: كيد سحري لا حقيقة له ولا ثبات.

فصل في بيان السحر

{السِّحْرَ} في اللغة: كل ما لطف ودق، ومنه السحر للصبح الكاذب، وقوله عليه السلام:"إن من البيان لسحرا" وبابه: منع وفي العرف: إراءة الباطل في صورة الحق، وهو عندنا أمر ثابت، لقوله صلى الله عليه وسلم:"السحر حق، والعين حق" وفي "شرح الأمالي" السحر من سحر يسحر سحرًا: إذا خدع أحدًا، وجعله مدهوشًا متحيرًا، وهذا إنما يكون بأن يفعل الساحر شيئًا يعجز عن فعله، وإدراكه المسحور عليه، وفي كتاب "أختلاف الأئمة" السحر: رقىً وعزائم وعقد، تؤثر في الأبدان والقلوب، فيمرض ويقتل، ويفرق بين المرء وزوجه، وله حقيقة عند الأئمة الثلاثة، وقال الإِمام أبو حنيفة رحمه الله: لا حقيقة له، ولا تأثير له في الجسم، وبه قال أبو جعفر الإسترابادي من الشافعية، وفي "شرح المقاصد": السحر إظهار أمرٍ خارقٍ للعادة، من نفس شريرة خبيثة، بمباشرة أعمال مخصوصة، يجري فيها التعلم والتعليم، وبهذين الاعتبارين، يفارق المعجزة والكرامة، وبأنه لا يكون بحسب اقتراح المقترحين، وبأنه يخص الأزمنة أو الأمكنة أو الشرائط، وبأنه قد يتصدى لمعارضته، ويبذل الجهد في الإتيان بمثله، وبأن صاحبه ربما يعلن بالفسق، ويتصف بالرجس في الظاهر والباطن، والخزي في الدنيا والآخرة، وهو؛ أي: السحر عند أهل الحق: جائز عقلًا، ثابت سمعًا، وكذا الإصابة بالعين، وقال المعتزلة: بل هو مجرد إراءة ما لا حقيقة له، بمنزلة الشعوذة التى سببها خفة حركات اليد، أو إخفاء وجه الحيلة، ويقال لها: الشعبذة، معرب شعباذة، اسم رجل ينسب إليه هذا العلم، وهي خيالات مبنية على خفة اليد، وأخذ البصر في تقليب الأشياء، كالمشي على الأرسال، واللعب بالمهارق والحقات وغير ذلك، وللسحر: خمسة أنواع على المشهور:

منها: الطلسم، قيل: هو مقلوب المسلط، وهو جمع الآثار السماوية، مع عقاقير الأرض ليظهر منها أمر عجيب.

ص: 351

ومنها: النيرنج: وهو التمويه والتخييل، قالوا: ذلك تمزيج قوى جواهر الأرض، ليحدُثَ منها أمر عجيب.

منها: الرقية: وهو النفث في الماء، وسمي به لأنهم ينفثون في الماء، ثم يشربونه، أو يصبون عليه، وإنما سميت رقية؛ لأنها كلمات رقيت من صدر الراقي، فبعضها فهوية، وبعضها قبطية، وبعضها بلا معنى، يزعمون أنها مسموعة من الجن، أو في المنام.

ومنها: الخلفطيرات، وهي: خطوط عقدت عليها حروف وأشكال؛ أي: خلق ودوائر، يزعمون أن لها تاثيرات بالخاصية.

ومنها: الشعبذة المارة، والمذهب: أن التأثير الحاصل عقيب الكل، هو فعل الله تعالى، على وفق إجراء عادته، ووجه الحكمة فيه، لا يعلمه إلا هو سبحانه. انتهى من "روح البيان".

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: جناس الاشتقاق في قوله: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا} ، وفي قوله:{إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا} .

ومنها: الإيجاز في قوله: {ثُمَّ هَدَى} ففيه إيجاز بليغ؛ لأنه حذف جملًا لا يقع عليها الحصر؛ لأنه ليس بالمتاح إحصاء المخلوقات الحية وغير الحية، العاقلة وغير العاقلة، التي خلقها الله تعالى، ولكل منها عمله الميسر له، على حد قوله صلى الله عليه وسلم:"كل ميسر لما خلق له".

ومنها: الالتفات من الغيبة إلى لفظ التكلم في قوله: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا

} الخ. وقوله: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا

} إلخ.

ومنها: المقابلة اللطيفة في قوله: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} حيث قابل بين

ص: 352

{مِنْهَا} و {فِيهَا} ، وبين الخلق والإعادة، وهذا من المحسنات البديعية.

ومنها: رد العجز على الصدر في قوله: {لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} وسماه المتأخرون التصدير، وهو أخف على السمع، وأليق بالمقام، وهو توافق كلمة في الصدر، مع كلمة في الآخر، وله أقسام مذكور في محله.

ومنها: الإيجاز بالحذف في قوله: {بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ} ؛ أي: فالقوا فإذا حبالهم، حذف لدلالة المعنى عليه، ومثله {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا} بعد قوله:{وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ} حذف منه كلام طويل، وهو فألقى موسى عصاه فتلقفت ما صنعوا من السحر {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا} إنما حسن الحذف لدلالة المعنى عليه، ويسمى: ايجاز حذف.

ومنها: استدراج الخصم لموسى حيث قال: {فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى} ثقةً منهم بأنهم فائزون عليه، حيث، فوَّضوا ضرب الموعد إليه، ولكن موسى استدرجهم بإلهام من الله عز وجل، أن يجعل موعدهم يوم زينتهم وعيدهم، ليكون الحق أبلج على رؤوس الأشهاد، فيكون أفضح بكيدهم، وأهتك لسترهم، ولما استدرجوه بالتخيير في الإلقاء، أيكون هو البادىء، أم يكونون هم البادئين .. أستدرجهم هو إلى أن يجعلهم مبتدئين، بما معهم، ليكون إلقاؤه العصا بعد قذفاً بالحق على الباطل، فيدمغه فإذا هو زاهق، فما أروع هذا الكلام.

ومنها: التأكيد في قوله: {وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ} بالضميرين اللذين هما: {نَكُونَ} و {نَحْنُ} دل ذلك على أنهم يريدون التقدم عليه، والإلقاء قبله.

ومنها: التأكيد في قوله: {إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} فتوكيد الضميرين هاهنا في قوله: {إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} أنفى للخوف من قلب موسى، وأثبت للغلبة والقهر، ولو قال لا تخف إنك الأعلى .. لم يكن فيه من التقرير والإثبات لنفي الخوف، ما لقوله {إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} .

ص: 353

ومنها: الإبهام في قوله: {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ} لتفخيم شأنها، والإيذان بأنها ليست من جنس العصي المعهودة؛ لأنها مستتبعة لآثار غريبة.

ومنها: في قوله {إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} ست فوائد من البلاغة:

1 -

{إِنَّ} المشددة التي من شأنها الإثبات لما يأتي بعدها وتأكيده، وقد نص علماء المعاني، على أن الخبر يكون مع {إِنَّ} طلبيًا، أو إنكاريًا لا ابتدائيًا، كقولك: زيد قائم، ثم تقول: إن زيدًا قائم، ففي قولك: إن زيدًا قائم من الإثبات لقيام زيد، ما ليس في قولك: زيد قائم.

2 -

تكرير الضمير في قوله: {إِنَّكَ أَنْتَ} ولو اقتصر على أحد الضميرين .. لما كان بهذه المثابة في التقرير، لغلبة موسى والإثبات.

3 -

لام التعريف في قوله: {الْأَعْلَى} ولم يقل أعلى أو عال؛ لأنه لو قال ذلك .. لكان قد نكَّره، وكان صالحًا لكل واحد من جنس، كقولك: رجل فإنه يصلح أن يقع على كل واحد من الرجال، وإذا قلت الرجل .. فقد خصصته من بين الرجال بالتعريف، وجعلته علمًا فيهم، وكذلك جاء قوله:{إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} ؛ أي: دون غيرك.

4 -

لفظ أفعل الذي من شأنه التفضيل، ولم يقل: العالي فهو أعلى من كل عال.

5 -

لفظ العلو الدال على أن الغلبة ثابتة له من جهة العلو، ومعلوم أن الغرض من قوله:{الْأَعْلَى} : الغلبة، إلا أن في {الْأَعْلَى} زيادةً، وهي كونها صادرةً من مكان عال.

6 -

الاستئناف وهو قوله تعالى: {لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} ولم يقل لأنك أنت الأعلى، فكان ذلك أبلغ في إيقان موسى عليه السلام بالغلبة والاستعلاء، وأثبت ذلك في قرارة نفسه، بما لا يدع أيّ: مجال للشك.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *

ص: 354

قال الله سبحانه جلَّ وعلا:

{قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76) وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79) يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (80) كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82) وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86) قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88) أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89)} .

المناسبة

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر (1) قصص موسى مع سحرة فرعون، وأنه تم له الغلب عليهم، وأن السحرة آمنوا، وأن فرعون أبى أن يذعن

(1) المراغي.

ص: 355

للحق، وتمادى هو وقومه في العناد والإعراض عن سبيل الرشاد

أردف ذلك بذكر ما آل إليه أمر فرعون وقومه، من الغرق في البحر، حين تبعوا موسى للحاق به، لما خرج من مصر ذاهباً إلى الطور، وطوى في البين ذكر ما جرى على فرعون وقومه بعد أن غُلبت السحرة من الآيات المفصلة، التي حدثت على يد موسى في مدة عشرين سنة، بحسب ما فصِّل في سورة الأعراف، وكان فرعون كلما جاءته آية عذاب .. وعد أن يُرسل بني إسرائيل حين ينكشف عنه العذاب، فإذا هو انكشف .. نكص على عقبيه، ونكث في عهده، حتى أمر الله موسى بالهجرة والخروج ليلًا من مصر، ثم عدد بعدئذٍ نعمه الدينية والدنيوية على بني إسرائيل، فذكر أنه أنجاهم من عدوهم، وقد كان ينزل بهم ضروبًا من الظلم، من قتل وإذلال، وتعبٍ في الأعمال، وأنه ذكر أنه أنزل عليهم كتابًا فيه بيان دينهم، وتفصيل شريعتهم، وأنه أنزل لهم المن والسلوى، وأنه أمرهم بأكل الطيبات من الرزق، وزجرهم عن العصيان، وأن من عصى ثم تاب .. كانت توبته مقبولةً عند ربه.

قوله تعالى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83)

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى، لما ذكر أنه أوحى (1) إلى موسى أن يخرج هو وقومه من مصر ليلًا، ويخترق بهم البحر، ولا يخشى غرقًا ولا دركًا من فرعون وجنده، وأن البحر أغرق فرعون وقومه جميعًا، حينما أرادوا اللحاق ببني إسرائيل، ثم عدد نعمه عليهم، من إنجائهم من عدوهم، وإنزال المن والسلوى عليهم، ثم أمرهم بأكل الطيبات من الرزق، ونهاهم عن الطغيان، ثم ذكر أنه غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحًا .. أعقب هذا بما جرى بينه سبحانه وبين موسى من الكلام، حين موافاته الميقات بحسب المواعدة التي ذُكرت آنفًا، وبما حدث من فتنة السامري لبني إسرائيل، ورجوع موسى إليهم غضبانَ أسفًا، ثم معاقبته لهم على ما صنعوا، ثم ذكر الحيلة التي فعلها السامري حين أخرج لهم من حليّهم عجلًا جسدًا له خوار، فقالوا: هذا إلهكم وإله موسى، فرد الله عليهم،

(1) المراغي.

ص: 356