الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بلا والدٍ طبيعي، من طعن الشيطان {وَ} السلام علي {يَوْمَ أَمُوتُ} من شدائد الموت وضغطة القبر {وَ} السلام علي {يَوْمَ أُبْعَثُ} من القبر حالة كوني {حَيًّا} من هول القيامة وعذاب النار، وإنما خص هذه المواضع الثلاثة لكونها أخوف من غيرها، وإنما عرَّف السلام هنا بإدخال الألف واللام عليه، بخلافه في يحيى، لأنه (1) قد تقدم لفظه في قوله:{وَسَلَامٌ عَلَيْهِ} فهو نظير قوله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} ؛ أي: ذلك السلام الموجه إلى يحيى، موجه {إلى} وهذا على أن التعريف للعهد، والأظهر (2) على أنه للجنس والتعريف باللعن علي أعدائه، فإن إثبات جنس السلام لنفسه، تعريض لإثبات ضده لأضداده، كما قوله تعالى:{وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} فإنه تعريض بأن العذاب على من كذب وتولى، فلما كلمهم عيسى بهذا الكلام .. أيقنوا ببراءة أمه، وأنها من أهل العصمة والبعد من الريبة، ولم يتكلم بعد حتى بلغ سن الكلام.
والمعنى: أي والأمنة من الله عليّ فلا يقدر أحد على ضري في هذه المواطن الثلاثة، التي هي أشق ما تهون على العباد، وقرأ (3) زيد بن علي:{يَوْمَ وُلِدْتُ} ؛ أي: يوم ولدتني، جعله ماضيًا لحقته تاء التأنيث، ورجح {وَسَلَامٌ} على {وَالسَّلَامُ} لكونه من الله تعالى، وهذا من قول عيسى عليه السلام، وقيل: سلام عيسى أرجح؛ لأنه تعالى أقامه في ذلك مقام نفسه، فسلم نائباً عن الله.
34
- {ذَلِكَ} المذكور الذي فصلنا خصاله الحميدة هو {عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} فكذلك (4) اعتقدوه، لا كما تقول اليهود إنه لغير رشيدة، وإنه ابن يوسف النجَّار، ولا كما قالت النصارى، إنه الإله أو ابن الإله {قَوْلُ الْحَقِّ} بالرفع، قال الكسائي: نعت لعيسى؛ أي: ذلك المذكور هو عيسى ابن مريم قول الله الحق؛ أي: الثابت الوجود، وكلمته، وسمي قول الحق، كما سمي كلمة الله، لوقوعه بكلمة كن بلا وساطة أبٍ، والقول والقيل والمقال والقال والقول: بمعنى واحد،
(1) الفتوحات
(2)
روح البيان.
(3)
البحر المحيط.
(4)
القرطبي.
وقوله: {الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ} صفة لعيسى أيضًا؛ أي: ذلك عيسى ابن مريم {الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ} قول الحق وكلمته، ومعنى {يَمْتَرُونَ}: يختلفون، على أنه من المماراة، أو يشكون، على أنه من المرية، وقد وقع الاختلاف في عيسى، فقالت اليهود: هو ساحر، وقالت النصارى: هو ابن الله، وكذا وقع الشك فيه من النصارى، هل هو ابن الله، أو كلمته ألقاها إلى مريم؟.
وقيل: يحتمل الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: قوله السابق من الصفات الثمانية القول الحق؛ أي: الصدق الذي فيه يمترون، والحق بمعنى الصدق، وإضافة القول إليه من إضافة الموصوف إلى الصفة، مثل حقّ اليقين، والموصول على هذا صفة للقول.
وعلى قراءة نصب القول يكون القول مفعولًا مطلقًا، لقوله:{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} وقوله: {ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} اعتراض؛ أي: قال: إني عبد الله قول الحق؛ أي: القول الصدق الذي فيه يمترون.
وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ونافع، وحمزة، والكسائي:{قول الحق} برفع اللام، وقرأ زيد بن علي، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، وابن أبي إسحاق، والحسن، ويعقوب {قَوْلَ الْحَقِّ} بنصب اللام، وانتصابه على أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة، وقرأ (1) ابن مسعود والأعمش:{قال} بألف ورفع اللام وقرأ الحسن: {قول} بضم القاف ورفع اللام، وهي مصادر كالرهب والرهب والرهب، وقرأ طلبة، والأعمش في رواية زائدة:{قال} بألف جعله فعلًا ماضيًا {الحق} برفع القاف على الفاعلية، والمعنى: قال الحق وهو الله ذلك الناطق الموصوف بتلك الأوصاف هو عيسى ابن مريم، و {الَّذِي}: على هذا خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو {الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ} ، وقرأ علي - كرم الله وجهه - وأبو مجلز، ومعاذ القارىء، وابن يعمر، وأبو رجاء، والسلمي، وداود بن أبي هند، ونافع في روايةٍ، والكسائي وفي رواية:{تمترون} بتاء الخطاب، والجمهور:
(1) البحر المحيط.
(2)
البحر المحيط.