الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو يوم لا ريب فيه، ولا وجه لإنكاره، فإن إعادة الإنسان أهون من بدئه، ثم ذكر ما يلقاه الكافرون يومئذٍ من الذل والهوان، ثم أردف ذلك ببيان أن جميع الخلائق ترد على النار، ولا ينجو منها إلا من اتقى ربه وأخلص عمله.
أسباب النزول
قوله تعالى: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ
…
} الآية، سبب نزول هذه الآية (1): ما أخرجه البخاري عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: "ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا" فنزلت {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} . وأخرج ابن أبي حاتم، عن عكرمة قال: أبطأ جبريل في النزول أربعين يومًا، فذكر نحوه. وأخرج ابن مردويه عن أنس قال: سأل النبي صلى الله عليه وسلم جبريل: "أي البقاع أحب إلى الله، وأي البقاع أبغض إلى الله فقال: ما أدري حتى أسال، فنزل جبريل وكان قد أبطأ عليه، فقال: "لقد أبطأت على حتى ظننتُ أن بربي عليَّ موجدةً، فقال:{وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ ....} الآية.
وأخرج ابن أبي إسحاق عن ابن عباس أن قريشاً سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة أصحاب الكهف، وذي القرنين، والروح، ولم يدر كيف يجيب، فحزن واشتد عليه ذلك، وقال المشركون: إن ربه ودَّعه وقلاه، ومكث خمس عشرة ليلة لا يحدث الله له في ذلك وحيًّا، فنزل جبريل فقال له:"يا جبريل احتبست عني حتى ساء ظني واشتقت إليك" فقال: إني إليك لأشوق ولكني عبد مأمور، إذا بعثت .. نزلت، وإذا حبست .. احتبست، فأنزل الله هذه الآية.
قوله تعالى: {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ
…
} الآية، روى الكلبي (2): أنها نزلت في أبيّ بن خلف، أخذ عظمًا باليًا، فجعل يفته بيده، ويذريه في الريح، ويقول: زعم فلان أنّا نبعث بعد أن نموت، ونكون مثل هذا! إن هذا لن يكون أبدًا!!
التفسير وأوجه القراءة
51
- ولما فرغ سبحانه عن قصة إبراهيم .. أردفه بقصة موسى لأنه يتلوه في
(1) لباب النقول.
(2)
المراغي.
الشرف والفضل وقدم موسى على إسماعيل لئلا يفصل بينه وبين ذكر يعقوب، فقال:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى} ؛ أي: واتل يا محمد على قومك، وعلى سائر الناس في القرآن، أو في هذه السورة قصة موسى بن عمران عليه السلام {إِنَّهُ} أي: موسى عليه السلام {كَانَ مُخْلَصًا} قرأ أهل الكوفة: عاصم، وحمزة، والكسائي، وكذا أبو رزين، ويحيى، وقتادة: بفتح اللام؛ أي: مصطفًى مختارًا، اختاره الله تعالى (1) ثم استخلصه واصطفاه على عالمي زمانه لرسالة رب العالمين، وكلامه، وقرأ الباقون: بكسر اللام؛ أي: مخلصًا في طاعته وعبادته لله تعالى، ولم يراء ولم يشرك، أو أخلص نفسه وأسلم وجهه لله.
والمعنى (2): واتل أيها الرسول على قومك ما اتصف به موسى عليه السلام من صفات الجلال والكمال، التى سأقصها عليك، ليستبين لك علو قدره، وعظيم شأنه، وتلك الأوصاف:
أولها: ما ذكره بقوله: {إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا} ؛ أي: إن الله تعالى أخلصه واصطفاه، وأبعد عنه الرجس وطهره من الذنوب والآثام، كما جاء في الآية الأخرى {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} .
وثانيها وثالثها: ما ذكره بقوله: {كَانَ} موسى عليه السلام {رَسُولًا} أرسله الله سبحانه إلى الخلق داعيًا ومبشرًا ونذيرًا، والرسول: هو من أرسله الله إلى الناس، ومعه كتاب فيه شريعته التي أرسله بها، كموسى وعيسى ومحمد - عليهم الصلاة والسلام - وقيل: الرسول إنسان أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه إلى الخلق، كهؤلاء المذكورين، وارتضى هذا القول بعضهم، وكان موسى عليه السلام {نَبِيًّا} فأنبأهم عن الله، ولذلك قدم {رَسُولًا} مع كونه أخص وأعلى، وقال بعضهم: تأخير {نَبِيًّا} لأجل رعاية الفواصل، والشعبي هو الذي ينبىء عن الله، ويخبر قومه عنه، وليس معه كتاب كيوشع عليه السلام وقيل: النبي: إنسان أوحي إليه بشرع يعمل به في حق نفسه، ولم يؤمر بتبليغه، كالخضر - عليه
(1) الخازن.
(2)
المراغي.