الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 -
14
{و} كان {بَرًّا بِوَالِدَيْهِ} عطف على تقيًا؛ أي: برًا بهما، لطيفًا بهما، محسنًا إليهما، والمعنى؛ أي: كان كثير البر بهما، والإحسان إليهما، والحدب عليهما، بعيدًا عن عقوقهما قولًا وفعلًا، وقد جعل الله طاعة الوالدين في المرتبة التي تلي مرتبة طاعته فقال:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} وقرأ (1) الحسن، وأبو جعفر في رواية، وأبو نهيك، وأبو مجلز:{وبراً} في الموضعين بكسر الباء؛ أي: وذا برّ.
6 -
{وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا} ؛ أي: ولم يكن يحيى متكبرًا على الناس، بل كان لين الجانب، متواضعًا لهم، وقد أمر الله سبحانه نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بمثل هذا في قوله: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2
15)}
ووصفه بقوله: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} ومن ثم لما تجبر إبليس وتمرد .. صار مبعدًا من رحمة ربه، وقال في "بحر العلوم (2) ": الجبار المتكبر، وقيل: هو الذي يضرب ويقتل على الغضب، لا ينظر في العواقب وقيل: هو المتعظم الذي لا يتواضع لأمر الله. اهـ.
7 -
ولم يكن: {عَصِيًّا} ؛ أي: عاصيًا لربه، مخالفًا له فيما أمر به ونهى عنه، عاقًا بوالديه
15 -
ثم ذكر سبحانه جزاءه على ما قدم من عمل صالح، وأسلف من طاعة ربه، فقال:{سَلَامٌ} ؛ أي: سلامة من الله تعالى وأمان {عَلَيْهِ} ؛ أي: على يحيى، أصله (3): وسلمنا عليه في هذه الأحوال الثلاثة، وهي أوحش المواطن، لكن نقل إلى الجملة الاسمية، للدلالة على ثبات السلام واستقراره، فإن وحشتها لا تكاد تزول إلا بثبات السلام فيها ودوامه {يَوْمَ وُلِدَ} وخرج من رحم أمه، من طعن الشيطان كما يطعن سائر بني آدم {وَيَوْمَ يَمُوتُ} بموت الطبيعي، من هول الموت وما بعده من فتنة القبر وعذابه {وَيَوْمَ يُبْعَثُ} من القبر حال كونه {حَيًّا} من هول القيامة وعذاب النار، والمعنى (4): وتحية من الله عليه أول ما يرى
(1) البحر المحيط.
(2)
السمرقندي.
(3)
روح البيان.
(4)
المراغي.