الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{أجوج} بهمزة بدل الياء، وقرأ الحسن، وا لأعمش، وطلحة، وخلف، وابن سعدان، وابن عيسى الأصبهاني، وابن جبير الأنطاكي، ومن السبعة حمزة والكسائي {خراجا} بألف هنا وفي حرفي قد أفلح، وسكن ابن عامر الراء فيها، وقرأ باقي السبعة {خَرْجًا} فيهما بسكون الراء، فخراج بالألف والخرج بمعنى واحد، كالنول والنوال، وقرأ نافع، وابن عامر، وأبو بكر {سُدًّا} بضم السين، وابن محيصن، وحميد، والزهري، والأعمش، وطلحة، ويعقوب في رواية ابن عيسى الأصبهاني، وابن جرير، وباقي السبعة بفتحها.
95
- {قَالَ} ذو القرنين جوابًا لهم {مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي} ؛ أي: ما بسطه الله لي، وجعلني فيه مكينًا قادرًا، من الملك والمال، وسائر الأسباب {خَيْرٌ} مما تريدون أن تبذلوه إلى من الخراج، فلا حاجة لي إليه، ومثله قول سليمان عليه السلام {أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ} ومن هذا يؤخذ أنّ الدول القوية يجب أن تحافظ على الدول الضعيفة، ولا تأخذ منها مالًا، ما دامت قادرة على إغاثتها.
وخلاصة ذلك: ما أنا فيه خير مما تبذلونه، وقرأ ابن كثير وحميد {مَا مَكَّنَنِي} بنونين متحركتين، وباقي السبعة؛ بإدغام نون مكني في نون الوقاية، ثم طلب منهم المعاونة له فقال:{فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ} ؛ أي: بعملة وصناع يحسنون البناء والعمل وبآلات لا بد منها في البناء {أَجْعَلْ} جواب الأمر {بَيْنَكُمْ} أيها القوم {وَبَيْنَهُمْ} ؛ أي: وبين يأجوج ومأجوج {رَدْمًا} ؛ أي: حاجزًا حصينًا، وحجابًا عظيمًا، وهو أكبر من السد، وأوثق منه (1)، إذ السد كل ما يسد به، والردم وضع الشيء على الشيء، من حجارة، أو تراب، أو نحوهما، حتى يقوم من ذلك حجاب منيع، ومنه ردم ثوبه إذا رقعه برقاع متكاثفة بعضها فوق بعض.
96
- وقوله: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} ؛ أي: أعطوني وناولوني زبر الحديد، تفسير للقوة، فيكون المراد بها ترتيب الآلات، وهذا لا ينافي رد خراجهم، لأن المأمور به الإيتاء بالثمن والمناولة، ولأن إيتاء الآلة من قبيل الإعانة بالقوة دون
(1) الشوكاني.
الخراج على العمل، وقال الفراء معنى:{آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} إئتوني بها، فلما ألقيت الياء .. زيدت ألفًا، وعلى هذا فانتصاب زبر بنزع الخافض، والزبر (1): جمع زبرة، كغرف جمع غرفة، وهي القطعة الكبيرة، قال في "القصص" قالوا: من أين لنا من الحديد ما يسع هذا العمل، فدلهم على معدن الحديد والنحاس، ولعل تخصيص الأمر بالإيتاء بها دون سائر الآلات من الصخور ونحوها، لما أن الحاجة إليها أمس، إذ هي الركن في السد، وفي "القصص": قاس ما بين الصدفين، فوجده ثلاثة أميال.
وقال بعضهم (2): حفر ما بين السدين، وهو مئة فرسخ حتى بلغ الماء، وجعل الأساس من الصخر والنحاس المذاب بدل الطين لها والبنيان من زبر الحديد، بين كل زبرتين الحطب والفحم، وقرأ الجمهور (3):{آتُونِي} وقرأ أبو بكر عن عاصم، {إئتوني}؛ أي: جيئوني، وانتصب زبر بإيتوني على إسقاط حرف الجر؛ أي: جيئوني بزبر الحديد، وقرأ الجمهور:{زُبَرَ} بفتح الباء، والحسن بضمها، وعبارة "المراح" هنا: وقرأ حمزة {ائتوني} بوصل الهمزة في الموضعين، ووافقه أبو بكر هنا، وخالفه في الموضع الثاني، انتهى.
وقوله: {حَتَّى إِذَا سَاوَى} معطوف على محذوف، تقديره فأتوه بها، فأمر برص بعضها فوق بعض، فرصوا حتى إذا ساوى {بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ}؛ أي: بين طرفي الجبلين بالبناء، والصدف (4): منقطع الجبل، أو ناحيته، وبين: مفعول به، كبين السدين؛ أي: إنهم (5) جاؤوا ذا القرنين بزبر الحديد، فشرع يبني شيئًا فشيئًا، حتى إذا جعل ما بين ناحيتي الجبلين من البنيان مساويًا لهما في السمك، يعني: ملأ ما بينهما إلى أعلاهما، وكان ارتفاعه مئتي ذراع، وعرضه خمسين ذراعًا، ووضع المنافخ والنار حول ذلك {قَالَ} للعملة {انْفُخُوا} بالكير؛ أي: في الحديد
(1) روح البيان.
(2)
روح البيان.
(3)
البحر المحيط.
(4)
روح البيان.
(5)
المراح.