المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

رب يسر ولا تعسر يا كريم   ‌ ‌القسم الثاني [في اللغات] ‌ ‌حرف الألف إبط: - تهذيب الأسماء واللغات - جـ ٣

[النووي]

الفصل: رب يسر ولا تعسر يا كريم   ‌ ‌القسم الثاني [في اللغات] ‌ ‌حرف الألف إبط:

رب يسر ولا تعسر يا كريم

‌القسم الثاني [في اللغات]

‌حرف الألف

إبط: الإبط معروف بكسر الهمزة وإسكان الباء وفيه لغتان التأنيث والتذكير، حكاهما أهل اللغة أرجحهما التذكير. قال ابن السكيت: الإبط مذكر وقد يؤنث.

أبو: يطلق الأب على زوج الأم مجازًا، ومن ذلك ما رويناه في مسند أبي عوانة في حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه:"لما صنعت أم سليم الطعام وبعثه أبو طلحة زوج أمه أم سليم ليدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أنس: فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعانا أبوك؟ قلت: نعم". وفي رواية: "أرسلك أبوك؟ قال: نعم". وفي روايات: "قال أنس: يا رسول الله إن أبي يدعوك"، وفي رواية:"قال أنس: فلما رجعت قلت: يا أبتاه قد قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ". وفي رواية: "يا أبت".

أثل: قوله في كتاب السير من "المهذب" في فصل السلب: في حديث أبي قتادة رضي الله تعالى عنه: "وأنه لأول مال تأثلته في الإسلام" هو: بهمزة مفتوحة بعد التاء وبعدها ثاء مثلثة مشددة معناه

ص: 3

اتخذته أصلاً، وهو مأخوذ من الأثلة بفتح الهمزة وإسكان الثاء، هي أصل الشيء والتأثيل التأصيل، يقال: مجد مؤثل، وأثيل.

أثم: في سنن أبي داود في باب ما قيل في الخلفاء: عن سعيد بن زيد أحد العشرة رضي الله تعالى عنهم أجمعين قال: أشهد على التسعة أنهم في الجنة ولو شهدت على العاشر لم إيثم. قال الخطابي: إيثم لغة لبعض العرب، تقول: إيثم مكان آثم وله نظائر في كلامهم.

أجر: قال الواحدي: قال الأخفش: من العرب من يقول أجرت غلامي أجرًا فهو مأجور، وآجرته إيجارًا فهو مؤجر، وآجرته على فاعلته فهو مؤاجر. قال: وقال المبرد: يقال أجرت داري ممدود وآجرته ممدود، والأول أكثر إيجارًا وإيجارة، هذا كلام الواحدي.

قال الأزهري في “شرح المختصر”: الأجر أصله الثواب، يقال: أجرت فلانًا من عمله كذا أي أثبته منه، والله تعالى يأجر العبد أي يثيبه، والثواب العوض من ثاب يثوب أي رجع، كأن المثيب يعوضه مثل ما أسدي إليه. قلت: والمشهور فيه الإجارة بكسر الهمزة. قال أبو القاسم الرافعي، وحكى الجياني في “الشامل” فيها أيضًا ضم الهمزة.

أجص: الإجاص بكسر الهمز وتشديد الجيم نون بينهما: ثمر معروف، وهو الذي تسميه أهل دمشق الخوخ، الواحدة إجاصة. قال الجوهري: هو دخيل، يعني ليس عربيًا لأن الجيم والصاد لا يجتمعان في كلمة واحدة في كلام العرب.

أجل: قد تكرر في “المهذب والتنبيه” قوله: إذا اختلف التعاقدان في تعجيل العوض أو تأجيله قد ينكر عليه جمعه بينهما. ويقال: ما اختلفا في أحدهما فقد اختلفا في الآخر، فلا فائدة في جمعه بينهما، فيجاب بأنهما صورتان، وليس فيه تكرار فاختلافهما في تعجيله أن يقول أحدهما هو حال، ويقول الآخر هو مؤجل، واختلافهما في تأجيله أن يقول أحدهما هو مؤجل إلى شهر، فيقول الآخر إلى شهرين.

أجن: الإجانة بكسر الهمزة وتشديد الجيم وجمعها إجاجين، هو الإناء الذي تغسل فيه الثياب. قال الجوهري: ولا يقال إيجانة، وقوله في باب المساقاة: يجب على العامل

ص: 4

إصلاح الأجاجين، هي ما حول المغارس محوط عليه تشبه الأجانة التي يغسل فيها.

أخر: ولا يشترط في الآخر إلا يبقى بعده شيء، فيقول في الثلاثة: أما الأول فقام، وأما الآخر فصلى، وأما الأخر فذهب. ومنه حديث الثلاثة: “أما أحدهم فأوى إلى الله تعالى، وأما الآخر

”الخ. روياه في صحيحيهما، واستعمله في “الوسيط” في الثاني من الحيض، والآخر من أسماء الله تعالى. قال الله تعالى:{هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ} (الحديد: من الآية3) .

قال الإمام أبو بكر الباقلاني في كتاب “هداية المسترشدين” في علم الكلام: المراد بالآخر أنه سبحانه وتعال عالم قادر وعلى صفاته التي كان عليها في الأزل، وأنه يكون كذلك بعد موت الخلق، وبطلان علومهم وحواسهم وقدرهم وانتقاض أجسامهم وصورهم، وتعلقت المعتزلة بهذا الاسم واحتجوا به في فناء الأجسام وذهابها بالكلية، ومذهب أهل الحق خلاف ذلك، وحملت المعتزلة الآخر على أنه الآخر بعد فناء خلقه.

وأجاب الباقلاني بما سبق: أن المراد بالآخر بصفاته بعد موتهم إلى آخر ما سبق – قال: ولهذا يقال آخر مَن بقي مِن بني فلان فلان، يُراد حياته ولا يُراد فناء جواهر موتاهم وعدمها واستمرار وجود أجزائها، فإن هذا مما لا يخطر على بال، فبطل تعلقهم بالآخر.

أخو: قال الإمام أبو الحسن أحمد بن فارس اللغوي النحوي في كتابه “المجمل” تأخيت الشي مثل تحريته. قال: قال بعض أهل العلم: سمي الأخوان لتآخي كل واحد منهما بالآخر ما تأخاه الآخر. قال: ولعل الأخوة مشتقة من هذا، والإخاء ما يكون بين الإخوان. قال: وذكر أن الإخوة للولادة والإخوان للأصدقاء، والنسبة إلى الأخت أخوي، يعني: بضم الهمزة، وإلى الأخ أخوي يعني بفتحها، هذا آخر ما ذكر ابن فارس.

وقال الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي رحمه الله تعالى في كتابه “البسيط في تفسير القرآن العزيز”: {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} [آل عمران: من الآية103) . قال: قال الزجاج أصل الأخ في اللغة من التوخي، وهو الطلب، فالأخ مقصده مقصد أخيه، فكذلك هو في الصداقة أن يكون إرادة كل واحد من الإخوان موافقة لما يريد صاحبه.

قال الواحدي: قال أبو حاتم: قال أهل البصرة الإخوة في النسب والإخوان في الصداقة. قال أبو حاتم: وهذا غلط يقال للأصدقاء والأنسباء: أخوة

ص: 5

وإخوان قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: من الآية10) لم يعين النسب، وقال عز وجل:{أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ} (النور: من الآية61) وهذا في النسب والله تعالى أعلم.

قلت: ومما جاء في الإخوان في النسب قوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} إلى قوله: {أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ} (النور: من الآية31) .

وذكر ابن السكيت وغيره أنه يقال في جمع الأخ إخوة وأخوة بكسر الهمزة وضمها لغتان.

أذن: الأذان الإعلام، وأذان الصلاة معروف، ويقال فيه الأذان والأذين والإيذان قاله الهروي. قال: وقال شيخي: الأذين هو المؤذن المُعْلِم بأوقات الصلاة فعيل بمعنى مفعل. وقال الأزهري في “شرح ألفاظ المختصر”: الأذان إسم من قولك آذنت فلانًا بكذا أوذنه إيذانًا أي أعلمته إعلامًا إعلام الصلاة، ويقال: أذن المؤذن تأذينًا وأذانًا، أي أعلم الناس بوقت الصلاة، فوضع الاسم موضع المصدر. قال: وأصل هذا من الأذن، كأنه يلقي في آذان الناس بصوته ما إذا سمعوه علموا أنهم قد ندبوا إلى الصلاة.

وقوله صلى الله عليه وسلم: “ما أذن الله تعالى لشيء كأذنه لنبي”، فقوله: “أذن” بكسر الذال، وقوله: “كأذنه” بفتح الذال. قال الهروي معناه ما استمع والله تعالى لا يشغله سمع عن سمع، والأُذُن بضم الهمزة وبضم الذال وسكونها أذن الحيوان مؤنثة وتصغيرها أذينة.

وفي الحديث: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر فقال: أينقص الرطب إذا يبس؟ فقيل: نعم، فقال: فلا إذن. فقوله: إذن حرف مكافأة وجواب يكتب بالنون، فإذا وقفت على إذن، قلت: إذا كما تقول رأيت زيدا، قاله الجوهري.

أرب: قوله في “التنبيه”: ولا يجوز بيع الأَرْبُون فيه لغات كثيرة حاصلها: ست أربون وأربون وأربان، وعربون وعربون وعربان، ذكره ابن قتيبة في موضعين من “أدب الكاتب” أحدهما في باب “ما ينقص منه ويزاد فيه” والآخر في باب ما جاء فيه أربع لغات: أربان، وأربون، وعربان، وعربون، الأولى بضم الهمزة وسكون الراء، وضم الباء، والثانية بفتح الهمزة وسكون الباء وهذه المذكورة في التنبيه، والثالثة والرابعة على

ص: 6

مثال الأولى والثانية إلا أنهما بالعين بدل الهمزة، هذا ما ذكره ابن قتيبة وذكر صاحب “المحكم” عربان وعربون بالضم كما تقدم، وزاد ثالثة عربون بفتح العين والراء، قال: والأربان يعني بالضم لغة في العربان.

قال ابن الجواليقي في كتابه “المعرب” الأربان والأربون عجمي يعني معربًا، وأما معناه فقال صاحب “الحاوي” فيه: روى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربان، وروي عن بيع الأربون قال مالك: وهو أن يشتري الرجل العبد أويتكارى الدابة ثم يقول: أعطيك دينارًا على أني إن رجعت عن البيع فما أعطيتك لك، وهذا بيع باطل للنهي عنه، وللشرط فيه، ولأن معنى القمار قد تضمنه، والله تعالى أعلم. هذا ما ذكره في “الحاوي”.

وهذا الحديث رويناه في “موطأ مالك” رضي الله عنه، عن مالك، عن الثقة عنده، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العربان. قال مالك: وذكر فيما نرى - والله أعلم - أن يشتري الرجل العبد أو الوليدة أو تكارى الدابة، ثم يقول للذي اشترى منه أو تكارى منه أنا أعطيك دينارًا أو درهما أو أكثر من ذلك أو أقل على أني إن أخذت السلعة أو ركبت ما تكاريت منك، فالذي أعطيك هو من ثمن السلعة أو من كراء الدابة، وإن تركت السلعة فما أعطيتك فهو لك باطل بغير شيء، هذا ما رويناه في الموطأ، وهذا الشرط إنما يبطل البيع على مذهبنا إذا كان في نفس عقد البيع لا سابقًا ولا متأخرًا، فإن سبق أو تأخر فلا تأثير، وهو لغو لا يلزم به شيء والله أعلم.

قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله في كتابه “معالم السنن” وهو شرح سنن أبي داود، قال بعد أن ذكر الحديث: وتفسير مالك هذا تفسير بيع العربان، قال: وقد اختلف الناس في جواز هذا البيع فأبطله مالك والشافعي للخبر، ولما فيه من الشرط الفاسد والغرر، ويدخل ذلك في أكل المال بالباطل، وأبطله أصحاب الرأي.

وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه أجاز هذا البيع، ويروى ذلك أيضًا عن عمر، ومال أحمد بن حنبل إلى القول بإجازته، وقال: أي شيء أقدر أن أقول، وهذا عمر رضي الله عنه، يعني أجازه وضعف الحديث فيه لأنه منقطع، وكانت رواية مالك فيه عن بلاغ، هذا ما ذكره

ص: 7

الخطابي.

أرف: ذكر في الشفعة “من المهذب” قول عثمان بن عفان رضي الله عنه، والأرف يقطع كل شفعة، الأرف بضم الهمزة وفتح الراء جمع أرفة بضم الهمزة وإسكان الراء كغرفة وغرف، وهي معالم الحدود بين الأرضين، ويقال: أرف على الأرض بضم الهمزة وكسر الراء المشددة إذا جعلت لها حدود.

أرك: الأراك مذكور في السواك من التنبيه، وإحياء الموات من “المهذب” والحج من “الوسيط” وهو بفتح الهمزة، وهو شجر معروف من الحمض، الواحدة أراكة.

أزر: قوله في “الوجيز” الاضطباع أن يجعل وسط إزاره في أبطه هذا مما ينكر عليه، فإن لفظ الشافعي والأصحاب رضي الله تعالى عنهم أن يجعل وسط ردائه لأوسط إزاره، والرداء هنا أليق، وقد أشار الإمام الرافعي إلى إنكاره عليه قول المزني في باب صفة الحج الشاذروان عندي تأزير البيت، هو بزاي ثم راء بينهما ياء. قال الرافعي: سمي بذلك لأنه كالإزار له، قال: وقد يقال التأزيز بزاءين وهو التأسيس، وسيأتي بيان حقيقة الشاذروان في حرف الشين إن شاء الله تعالى.

أسا: في حديث الوضوء: “فمن زاد على الثلاثة أو نقص فقد أساء وظلم”. قيل: أساء في النقص وظلم في الزيادة، فإن الظلم وضع الشيء موضعه ومجاوزة الحد، وقيل عكسه، فإن الظلم قد استعمل في النقص. قال الله تعالى:{آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً} (الكهف: من الآية33) وقيل: أساء فيهما وظلم فيهما، وهذه الإساءة والظلم للكراهة، ولا تقتضي إثما وقد أوضحت كل هذا في “شرح المهذب”

إسك: قولهم وفي إسكتي المرأة الدية، هما بكسر الهمزة وفتح الكاف هكذا ذكره الجوهري في صحاحه، وأهل اللغة مطلقا، قال الأزهري: هما حرفا فرجها. قال: ويفترق الاسكتان والشفران بان الاسكتين ناحيتا الفرج، والشفرين طرفا الناحيتين. وكذا قال الجوهري: الاسكتان بكسر الهمزة جانبا الفرج وهما قذتاه والمأسوكة هي التي أخطأت خافضتها موضع الخفض. وأما قول أبي المجد إسماعيل بن أبي البركات ابن أبي الرضا بن هبة الله ابن محمد المعروف بابن باطيش الموصلي في كتابه “شرح

ص: 8

ألفاظ المهذب”: أن الأسكتين بفتح الهمزة، وأن الجوهري نص عليهما بالفتح فغلط صريح، وجهل قبيح، جمع فيه باطلين، أحدهما زعمه الفتح، والثاني نسبته ذلك إلى الجوهري، وهو بريء منه، فقد صرح في صحاحه بكسر الهمزة، وراجعته نسخة مرات، والله يغفر لنا أجمعين.

إصطبل: بكسر الهمزة وهي همزة أصلية فكل حروف الكلمة أصول، وهو عجمي معرب، وهو بيت الخيل ونحوها.

أفف: قولهم أف فيها عشر لغات، حكاهن القاضي عياض وآخرون: ضم الهمزة مع ضم الفاء وكسرها وفتحها بلا تنوين وبالتنوين فهذه ست، وأف بضم الهمزة وإسكان الفاء وإف بكسر الهمزة وفتح الفاء، وأفى وأفه بضم همزتيهما، قالوا: وأصل الأف والتف وسخ الأظفار، وتستعمل هذه الكلمة في كل ما يستقذر، وهي إسم فعل يستعمل في الواحد والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ واحد، قال الله تعالى:{فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} (الاسراء: من الآية23) .

قال الهروي: يقال لكل ما يضجر منه ويستثقل: أف له، وقيل: معناه الاحتقار مأخوذ من الأفف وهو القليل.

أفق: قال أهل اللغة: الآفاق النواحي، الواحد: أُفُق بضم الهمزة والفاء، وأُفْق بإسكان الفاء، قالوا: إن النسبة إليه أُفُقي بضم الهمزة والفاء وبفتحهما لغتان مشهورتان، وأما قول الغزالي وغيره في كتاب “الحج”: الحاج الأفاقي فمنكر، فإن الجمع إذا لم يسم به لا ينسب إليه، وإنما ينسب إلى واحده.

أفن: الأفيون، بفتح الهمزة وإسكان الياء المثناة من تحت، ذكره في “الروضة” في أول كتاب البيع في بيع ما ينتفع به وهو من العقاقير التي تقتل، ويصح بيعه لأنه ينتفع به.

إلى: قول الله تبارك وتعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (المائدة: من الآية6) قال الأزهري في “تهذيب اللغة”: جعل أبو العباس وجماعة من النحويين “إلى” بمعنى مع ههنا، وأوجبوا غسل المرافق والكعبين. قال: وقال المبرد: وهو قول الزجاج: اليد من أطراف الأصابع إلى الكتف، والرجل من الأصابع إلى أصل الفخذين، فلما كانت المرافق والكعبان داخلة في تحديد اليد والرجل كانت داخلة فيما يغسل وخارجة مما لا يغسل، ولو كان المعنى مع المرافق لم يكن في المرافق فائدة، وكانت اليد كلها يجب أن تغسل، ولكنه

ص: 9

لما قيل إلى المرافق اقتطعت في الغسل من حد المرفق. قال الأزهري: وقد أشبعت هذا بأكثر من هذا الشرح في تفسير الحروف التي فسرتها من كتب الشافعي، فانظر فيها إن أردت ازديادًا في البيان قول الغزالي وغيره حد الوجه من مبتدأ سطح الجبهة إلى منتهى الذقن طولاً ومن الأذن إلى الأذن عرضًا. قال الإمام أبو القاسم الرافعي: أعلم أن كلمتي “من” و“إلى” إذا دخلتا في مثل هذا الكلام قد يُراد بهما دخول ماوردتا عليه في الحد، وقد يراد خروجه، مثال الأول: حضر القوم من فلان إلى فلان، ومثال الثاني: من هذه الشجرة إلى هذه الشجرة عشرة أذرع، وهما في قوله من مبتدأ سطح الجبهة إلى منتهى الذقن بالمعنى الأول، إذ لا يريد بمبتدأ السطح إلا أوله، وبمنتهى الذقن إلا آخره، ومعلوم أنهما داخلان في الوجه، وفي قوله: من الأذن إلى الأذن مستعملاً في المعنى الثاني؛ لأن الأذنين ليستا من الوجه، وقول الله عز وجل:{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} (النساء: من الآية2) “إلى” بمعنى “مع” قال الأزهري: العرب تقول: إليك عني، أي: أمسك وكف، وتقول: إليك كذا وكذا، أي خذه، وإذا قالوا: اذهب إليك، فمعناه اشتغل بنفسك وأقبل عليها.

والإيلاء في اللغة: الحلف، تقول آلى يولي إيلاء وتألى تأليا، والألية: اليمين، والجمع ألايا، كعطية وعطايا، والإيلاء في الشرع الحلف على ترك وطء الزوجة في القبل مطلقًا أومدة تزيد على أربعة أشهر، وكان الإيلاء طلاقًا في الجاهلية، فغير الشرع حكمه. قال أصحابنا: وكان الإيلاء والظهار طلاقًا في الجاهلية. وذكر صاحب “الحاوي والبيان” خلافا لأصحابنا أنه هل عُمل بهما في أول الإسلام أولاً. قال صاحب “الحاوي”: قال جمهور أصحابنا: لم يعمل به. وقال بعضهم: عمل به. قال صاحب “البيان”: الأصح أنه لم يعمل به. قال صاحب “الحاوي”: وكان طلاقًا لا رجعة فيه.

والألية: بفتح الهمزة وجمعها: أليات بفتح الهمزة واللام، والتثنية أليان بياء واحدة هذه اللغة المشهورة، وفيه لغة أخرى أليتان بياء مثناة تحت ثم تاء مثناة فوق. وثبت في “صحيح البخاري” وغيره في حديث سهل بن سعد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث عويمر العجلاني في اللعان: “فإن جاءت به عظيم الأليتين”. وفي حديث ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: “سابغ الأليتين” بتاء بعد الياء، هكذا هو في جميع النسخ.

ص: 10

أمس: قال الجوهري: أمس إسم حرك آخره لالتقاء الساكنين، واختلف العرب فيه فأكثرهم يبنيه على الكسر معرفة، ومنهم من يعربه معرفة، وكلهم يعربه إذا دخل عليه الألف واللام أو صيره نكرة أو إضافة، يقول: مضى الأمس المبارك، ومضى أمسنا، وكل غد صائر أمسًا. وقال سيبويه قد جاء في ضرورة الشعر: مذ أمس بالفتح، قال: ولا يصغر أمس كما لا يصغر غد، والبارحة، وكيف، وأين، ومتى، وأى، وما، وعند، وأسماء الشهور والأسبوع غير الجمعة، هذا ما ذكره الجوهري.

قال الأزهري: قال الفراء: ومن العرب من يخفض الأمس وإن أدخل عليه الألف واللام. وقال أبو سعيد: تقول جاءني أمس فإذا نسبت شيئًا إليه كسرت الهمزة، فقلت: إمس على غير القياس. وقال ابن السكيت: تقول ما رأيته إمس، فإن لم تره يومًا قبل ذلك قلت: ما رأيته مذ أول من أمس، فإن لم تره من يومين قبل ذلك قلت: ما رأيته مذ أو من أول من أمس.

وقال الإمام أبو الحسن بن خروف في كتابه “شرح الجمل”: للعرب في أمس لغات، أهل الحجاز يبنونه على الكسر في كل حال، ولا علة لبنائه إلا إرادة التخفيف، تشبيها بالأصوات كنعاق لصوت الغراب، وبنو تميم يبنونه على الكسر في الجر والنصب ويعربونه في الرفع من غير صرف، ومنهم من يعربه في كل حال ولا يصرفه، وعليه قوله: مذ أمسا. قال: ووهم أبو القاسم صاحب “الجمل” في قوله، ومن العرب من يبنيه على الفتح، والذي أوقعه في ذلك قول سيبويه، وقد فتح قوم “أمس” في “مذ” لما رفعوا.

أمم: لفظة “الأمة” تُطلق على معان منها من صدق النبي صلى الله عليه وسلم وآمن بما جاء به، وتبعه فيه، وهذا هو الذي جاء مدحه في الكتاب والسنة كقوله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} (البقرة: من الآية143) . {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} (آل عمران:110) .

وكقوله صلى الله عليه وسلم: “شفاعتي لأمتي” وقوله: “تأتي أمتي غرا محجلين” وغير ذلك. ومنها مَن بعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم من مسلم وكافر، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: “والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودى ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار” رواه مسلم في صحيحه في كتاب “الإيمان”.

أمن: قال الجوهري، وجمهور

ص: 11

أهل اللغة: آمين في الدعاء يُمد ويَقصر، قالوا: وتشديد الميم خطأ، وهو مبني على الفتح مثل: أين، وكيف، لاجتماع الساكنين وتقول: أمن تأمينا.

قال الإمام الواحدي في تفسيره “البسيط”: وأما معناه فقال الإمام الثعلبي: قال ابن عباس: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن معنى آمين فقال: “افعل”. وقال قتادة: كذلك يكون، وقال هلال بن يساف، ومجاهد: “آمين” اسم من أسماء الله تعالى. وقال سهل: معناه: لا يقدر على هذا أحد سواك، وقال الترمذي: معناه لا تخيب رجاءنا. وقال عطية العوفي: آمين كلمة عبرانية أو سريانية، وليست عربية. وقال عبد الرحمن بن زيد: “آمين” كنز من كنوز العرش لا يعلم أحد تأويله إلا الله تعالى. وقال أبو بكر الوراق: آمين قوة للدعاء، واستنزال للرحمة. قال الضحاك: “آمين” أربعة أحرف مقطعة من أسماء الله عز وجل، وهي خاتم رب العالمين يختم به براءة أهل الجنة، وبراءة أهل النار، دليله ما روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “آمين خاتم رب العالمين على عباده المؤمنين”. وقال عطاء: “آمين” دعاء. وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما حسدكم اليهود على شيء ما حسدوكم على آمين، وتسليم بعضكم على بعض”. وقال وهب بن منبه: “آمين أربعة أحرف يخلق الله عز وجل من كل حرف ملكًا يقول: اللهم اغفر لمن قال آمين. هذا ما ذكره الثعلبي رحمه الله تعالى.

قال الإمام المتبحر الواحدي رحمه الله تعالى في كتابه “البسيط”: في آمين لغات، المد: وهو المستحب، لما روي عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قال ولا الضالين قال: “آمين” يمد بها صوته، والقصر: كما قال: “آمين” فزاد الله ما بيننا بعدًا، والإمالة مع المد، روي ذلك عن حمزة والكسائى، والتشديد مع المد، روي ذلك عن الحسن والحسين بن الفضل، ويحقق ذلك: ما ورى عن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال في تأويله: قاصدين نحوك، وأنت أكرم من أن تُخَيِّب قاصدًا. قال: وقال أبو إسحاق: معناها اللهم استجب، وهي موضوعة في موضع إسم الاستجابة، كما أن: “صه” موضوع موضع سكوتًا، وحقها من الإعراب الوقف لأنها بمنزلة الأصوات إذ كان غير مشتق من فعل، إلا أن النون حسنة فيها لالتقاء الساكنين، ولم تكسر لثقل الكسرة بعد الياء، كما فتحوا أين وكيف، هذا ما ذكره الواحدي.

وفيه فوائد: من أحسنها إثبات لغة التشديد في آمين التي لم يذكرها الجمهور،

ص: 12

بل أنكروها، وجعلوها من قول العامة.

وقال الإمام أبو منصور الأزهري في كتابه شرح ألفاظ “المختصر” للمزني قولين آمين استجابة للدعاء وفيه لغتان: قصر الألف ومدها والميم مخففة في اللغتين يوضعان موضع الاستجابة للدعاء، كما أن “صه” و“مه” يوضع للإسكات وحقهما من الإعراب الوقف لأنهما بمنزلة الأصوات، فإن حركتهما تحرك بفتح النون، كقوله: آمين فزاد الله ما بيننا بعدا.

وقال القاضي الإمام أبو الفضل عياض المغربي السبتي في كتابه “الإكمال في شرح صحيح مسلم”: معنى آمين استجب لنا، وقيل: معناه كذلك نسأل لنا، والمعروف فيها المد وتخفيف الميم وحكى ثعلب فيها القصر، وأنكره غيره، وقال: إنما جاء مقصورًا في ضرورة الشعر، وقيل: هي كلمة عبرانية مبنية على الفتح، وقيل: بل هو إسم من أسماء الله تعالى، وقيل: معناه “يا آمين” استجب لنا والمدة همزة النداء، وعوض عن الياء.

قال: وحكى الداوودي تشديد الميم مع المد، وقال: هي لغة شاذة ولم يعرفها غيره، وخطأ ثعلب قائلها، هذا ما ذكره القاضي عياض.

وقال ابن قرقول - بضم القافين - وهو أبو إسحاق صاحب “مطالع الأنوار”: آمين مطولة ومقصورة ومخففة، وأنكر أكثر العلماء تشديد الميم، وأنكر ثعلب قصر الهمزة إلا في الشعر، وصححه يعقوب في الشعر وغيره، والنون مفتوحة أبدًا مثل: أين، وكيف، واختلف في معناه، قيل: كذلك يكون، وقيل: هو اسم من أسماء الله تعالى أصله القصر، فأدخلت عليه همزة النداء، قال: وهذا لا يصح؛ لأنه ليس في أسماء الله تعالى اسم مبني ولاغير معرب، مع أن أسماء الله تعالى لا تثبت إلا بقرآن أو سنة متواترة، وقد عدم الطريقان في آمين، وقيل: آمين درجة في الجنة تجب لقائلها، وقيل: هو طابع الله على عباده يدفع به عنهم الآفات، وقيل: معناه اللهم أمنا بخير، هذا ما ذكره صاحب “المطالع”.

وقال الإمام أبو عبد الله صاحب “التحرير في شرح صحيح مسلم”: في آمين لغتان فتح الألف من غير مد، والثانية بالمد وهي مبنية. قال بعضهم: بنيت لأنها ليست عربية، أو أنها إسم فعل كصه ومه، ألا ترى أن معناها: اللهم استجب وأعطنا ما سألناك. وقالوا: إن مجيء آمين دليل على أنها ليست عربية، إذ ليس في كلام العرب فاعيل، فأما آرى فليس بفاعيل، بل هو عند جماعة فاعول، وعند بعضهم فاعلى، وعند بعضهم

ص: 13

فاعى بالنقصان. وقد قال جماعة إن آمين - يعني المقصورة - لم يجىء عن العرب، والبيت الذي ينشد: آمين فزاد الله ما بيننا بعدا. لا يصح على هذا الوجه، وإنما هو: فآمين زاد الله ما بيننا بعدا. قال: وكثير من العامة يشددون الميم منها وهو خطأ لا وجه له. هذا آخر كلام صاحب “التحرير”

أنم: قال الإمام الزبيدي: الأنام: الخلق، قال: ويجوز الأنيم، وقال الإمام الواحدي: قال الليث: الأنام ما على ظهر الأرض من جميع الخلق. قال: واختلف المفسرون في قوله تعالى: {وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ} (الرحمن:10) فقال ابن عباس: هم الناس. وعن مجاهد، وقتادة، والضحاك: الخلق والخلائق. وعن عطاء: لجميع الخلق. وقال الكلبى: للخلق كلهم الذين بثهم فيها. قال الواحدي: وهذه الأقوال تدل على أن المراد بالأنام كل ذي روح، وهو قول الشعبي. وقال الحسن: للجن والإنس، وهو اختيار الزجاج

أنى: قولهم باب الآنية. قال الجوهري في “الصحاح” الإناء معروف، وجمعه: آنية، وجمع الآنية الأواني مثل: سقاء، وأسقية، وأساقي. وقوله في “المهذب” في باب بيع المصراة: فإن كان المبيع إناء من فضة وزنه ألف وقيمته ألفان فكسره ثم علم به عينًا، هذا تفريع على قولنا يجوز اتخاذ الآنية فتكون الصنعة محترمة لها قيمة. والصحيح أنه لا يجوز اتخاذها. وقوله في “الوسيط” في باب زكاة النقدين: ولو كانت له آنية من الذهب والفضة مختلطًا وزنه ألف هذه العبارة رديئة، فإنه استعمل لفظ الآنية في الواحد، وذلك لا يجوز عند أهل اللغة، فإن الآنية جمع إناء كما تقدم، والله أعلم

أهل: قوله في باب الوديعة من “الوسيط”: لو نقل الوديعة من قرية آهلة إلى قرية غير آهلة يجوز أن تقرأ قرية آهلة بتنوين قرية، ومد الألف أي قرية عامرة، ويجوز قرية أهله بإضافة قرية إلى أهله أي أهل المودع، وهذا أشبه بمراد الغزالي هنا، والأول موافق للفظ الشافعي رضي الله عنه.

أول: قال الواحدي في تفسير قول الله عز وجل: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ} (آل عمران: من الآية96) قال الزجاج: معنى الأول في اللغة ابتداء الشيء. قال الزجاج: ثم يجوز أن يكون له ثان، ويجوز ألا يكون، كما تقول هذا أول ما كسبته جائز أن يكون بعده كسب، وجائز ألا يكون، ومرادك هذا ابتداء كسى. قلت: ومما

ص: 14

يستدل به على أن لفظة أول لا يشترط أن يكون له ثان قول الله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلا مَوْتَتُنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ} (الدخان:35) وهم كانوا يعتقدون أنه ليس لهم موتة بعدها. قال الواحدي في تفسير قول الله عز وجل: {وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} (البقرة: من الآية41) وقد قال الشيخ أبو علي السنجي: الذي محله من الإتقان ما سبق ذكره في ترجمته إذا قال لزوجته: إن كان أول ولد تلدينه من هذا الحمل ذكرًا فأنت طالق، فولدت ذكرًا، ولم يكن غيره. قال أبو علي: اتفق أصحابنا على أنه يقع الطلاق، وليس من شرط كونه أولا أن تلد بعده آخرًا إنما الشرط ألا يتقدم عليه غيره، وحكى المتولي وجهًا أنه لا يقع الطلاق في هذه المسألة. قال: لأن الأول يقتضي آخرًا، كما أن الآخر يقتضي أولاً، وهو شاذ ضعيف مردود، وقد ذكرت المسألة في “الروضة” مطلب في معنى التأويل والتفسير، أما التأويل: فقال العلماء: هو صرف الكلام عن ظاهره إلى وجه يحتمله أوجبه برهان قطعي في القطعيات، وظني في الظنيات، وقيل هو التصرف في اللفظ بما يكشف عن مقصوده، وأما التفسير فهو بيان معنى اللفظة القريبة أو الخفية، والأيل في أواخر باب الربا من “الروضة” وهو بفتح الياء المثناة من تحت المشددة وقبلها همزة تضم وتكسر لغتان حكاهما الجوهري وأرجحهما الضم، وهو ذكر الوعول، ورأيته في المجمل مضبوطًا بكسر الهمزة فقط.

أون: قال أبو البقاء في قول الله تعالى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} (البقرة: من الآية187) حقيقة الآن الوقت الذي أنت فيه، وقد يقع على الماضي القريب منك، وعلى المستقبل القريب وقوعه تنزيلاً للقريب منزلة الحاضر، وهو المراد هنا؛ لأن قوله تعالى:{فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} أي: فالوقت الذي كان يحرم عليكم الجماع فيه من الليل قد أبحناه لكم فيه، فعلى هذا الآن ظرف لباشروهن؛ وقيل الكلام محمول على المعنى تقديره: فالآن أبحنا لكم أن تباشروهن، ودل على المحذوف لفظ الأمر الذي يراد به الإباحة، فعلى هذا الآن على حقيقته، وقال أبو البقاء قبل هذا في قوله تعالى:{قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقّ} ِ (البقرة: من الآية71) في الآن أربعة أوجه: أحدها تحقيق الهمزة وهو الأصل، والثاني إلقاء حركة الهمزة على اللام وحذفها وحذف ألف اللام في هذين الوجهين لسكونها وسكون اللام في الأصل لأن حركة اللام هنا عارضة، والثالث

ص: 15

كذلك، إلا أنهم حذفوا ألف اللام لما تحركت اللام، فظهرت الواو في قالوا، والرابع: إثبات الواو في اللفظ وقطع ألف اللام وهو بعيد.

قال الإمام الواحدي: الآن هو الوقت الذي أنت فيه، وهو حد الزمانين حد الماضي من آخره وحد المستقبل من أوله. قال: وذكر الفراء في أصله قولين: أحدهما: أن أصله أوان حذفت منه الألف وغيرت واوه إلى الألف، ثم أدخلت عليه الألف واللام والألف واللام له ملازمة غير مفارقة، والثاني: أصله آن ماضي يأين بني إسمًا لحاضر الوقت ثم ألحق به الألف واللام، وترك على بنائه.

وقال أبو على الفارسى: “الآن” مبني لما فيه من مضارعة الحرف، وهو تضمنه معناه، وهو تضمنه معنى التعريف. قال: والألف واللام زائدتان، ولا توحش من قولنا، فقد قال بزيادته سيبويه والخليل في قولهم: مررت بهم الجم الغفير نصبه على نية إلغاء الألف واللام، نحو طرا وقاطبة. وقال به أبو الحسن الأخفش في قولهم: مررت بالرجل خير منك، ومررت بالرجل مثلك، أن اللام زائدة. قال أبو علي: والقولان اللذن قالهما الفراء لا يجوز واحد منهما.

أوى: يقال أوى زيد - بالقصر - إذا كان فعلاً لازمًا، وآوى غيره بالمد إذا كان متعديًا، وقد جاء القرآن العزيز بهما قال الله تعالى في اللازم:{أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ} (الكهف: من الآية63) وقوله تعالى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} (الكهف: من الآية10) وقال في المتعدي: {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} (المؤمنون: من الآية50) . وقال تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى} (الضحى:6) هذا هو الفصيح المشهور في المسألتين، وقيل: يقال في كل وحد بالمد والقصر، لكن القصر في اللازم أفصح، والمد في المتعدي أفصح وأكثر، وممن حكى هذا القول القاضي عياض في “شرح مسلم” في آخر كتاب الحج في حرم المدينة، وفي كتاب الأدب: في حديث “الثلاثة الذين جاؤوا إلى الحلقة ووجد أحدهم فرجة”، وأما قول الله تعالى:{قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} (هود:80) قال صاحب “المطالع”: أو إذا كانت للتقرير، أو التوبيخ، أو الرد، أو الإنكار، أو الاستفهام كانت مفتوحة الواو، وإذا جاءت للشك، أو التقسيم، أو الإبهام، أو التسوية، أو التخيير، أو بمعنى الواو على رأي بعضهم، أو بمعنى حتى، أو بمعنى بل، أو بمعنى إلى، وكيف كانت عاطفة، فهي ساكنة الواو. قال: فمن ذلك أو فعلموها على التوبيخ.

قولهم: لزمه أكثر الأمرين

ص: 16