المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

جيحان، هكذا أخبرت الثقاة الذين شاهدوهما، وغلط الجوهري في قوله - تهذيب الأسماء واللغات - جـ ٣

[النووي]

الفصل: جيحان، هكذا أخبرت الثقاة الذين شاهدوهما، وغلط الجوهري في قوله

جيحان، هكذا أخبرت الثقاة الذين شاهدوهما، وغلط الجوهري في قوله جيحان نهر بالشام.

‌حرف الحاء

حبر: الحبر الذي يكتب به مكسور الحاء، وأما العالم فيقال: بفتح الحاء وكسرها لغتان مشهورتان، والمحبرة وعاء الحبر، وفيها لغتان فتح الميم وكسرها، وممن ذكر اللغتين فيها شيخنا جمال الدين بن مالك رضي الله تعالى عنهما في كتابه المثلث قوله: برد حبرة هو بكسر الحاء وفتح الباء كعنبة وهي مفردة، والجع حبر وحبرات كعنبة وعنب وعنبات، ويقال: برد حبرة على الوصف، وبرد حبرة على الإضافة، وهو أكثر في استعمالهم، ويقال: برد حبير على الوصف، وهو ثوب يمان يكون من قطن أو كتان مخطط، محبر أي: مزين، والتحبير التزيين والتحسين.

حبس: قال الجوهري: الحبس ضد التخلية، وحبسته واحتبسته بمعنى، واحتبس أيضا بنفسه يتعدى ولا يتعدى، وتحبس على كذا أي حبس نفسه على ذلك، والحبسة بالضم الاسم من الاحتباس، ويقال للصمت حبسه، واحتبست فرسا في سبيل الله تعالى أي: وقفت، فهو محتبس وحبيس، والحبس بالضم ما وقف، والحبس بالكسر خشب أو حجارة تبنى في مجرى الماء لتحبس الماء، فيشرب منه القوم، ويسقوا أموالهم، والجمع أحباس، ويسمى مصنعة الماء حبسا.

حبل: في الصحيح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع حبل الحبلة، وهو بفتح الحاء والباء في حبل وفي الحبلة.

قال القاضي عياض: ورواه بعضهم بإسكان الباء في الأول وهو قوله حبل وهذا غلط، والصواب الفتح. قال أهل اللغة: الحبلة هنا جمع حابل كظالم وظلمة، وفاجر وفجرة، وكاتب وكتبة. قال الأخفش: يقال حبلت المرأة فهي حابل، ونسوة حبلة. قال ابن الأنبارى وغيره: الهاء في الحبلة للمبالغة، واتفق أهل اللغة: على أن الحبل مختص بالآدميات، وإنما يقال في غيرهن الحمل، يقال: حبلت المرأة ولدا وحبلت بولد وحبلت من زوجها وحملت الشاة والبقرة والناقة ونحوها، ولا يقال: حبلت.

قال أبو عبيدة: لا يقال لشيء من الحيوان حبل إلا ما جاء في هذا الحديث، واختلفوا في المراد بالنهي عن بيع الحبل الحبلة، فقيل: هو البيع بثمن مؤجل إلى أن

ص: 61

تلد الناقة ويلد ولدها، وهذا تفسير ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ومالك والشافعي وغيرهم رحمهم الله تعالى.

وقيل: هو بيع ولد ولد الناقة الحامل في الحال، قاله أبو عبيدة وأبو عبيد وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، وهو أقرب إلى اللغة، لكن الأول أقوى؛ لأنه تفسير الراوي وهو أعرف، والبيع باطل على التقديرين.

حتت: في الحديث "حتيه ثم اقرضيه" قالوا: الحت هو الحك، والقرض هو تقطيعه، وقلعه بالظفر. قال الأزهري: في باب العين والتاء. قرأ ابن مسعود "عتى حين" في موضع حتى.

حجن: قوله في المهذب في الطواف: استلم الركن بمحجن هو بميم مكسورة وحاء مهملة ساكنة ثم جيم مفتوحة ثم نون، وهي عصا معقفة الرأس كالصولجان جمعه محاجين.

حدق: قال أهل اللغة: الحدقة سواد العين وجمعها حداق وحدق. قال ابن فارس: يقال للحدقة الحنديقة يعني بكسر الحاء ونون بعدها. ويقال: حدق القوم بالرجل وأحدقوا به أي أطافوا به وأحاطوا. قالوا: والتحديق والحداقة شدة النظر.

وفي الحديث: "فحدقني القوم بأبصارهم" ذكره في باب ما يفسد الصلاة من المهذب هو بفتح الحاء والدال المهملتين والدال مخففة، هكذا الرواية فيه. وجاء في صحيح مسلم وسنن أبي داود "فرماني"، وهذا ظاهر المعنى، وأما رواية "حدقني" فرويناها في مسند أبي عوانة الاسفراييني كما ذكرها في المهذب. وكذا رواه الخطيب البغدادي في كتاب الفقيه والمتفقه وهي مشكلة، ولم يذكر أهل اللغة في هذه الكتب المشهورة "حدقني" بمعنى نظر، وإنما ذكروا حدق بالتشديد إذا نظر نظرًا شديدًا لكنه لازم غير متعد. يقال: حدق إليه.

وذكر جماعة من المتأخرين: أن معنى حدقني رموني بأحداقهم والمعروف في نحو هذا حدقني أصاب حدقتي، ولكن قد جوز هذا هنا شيخنا جمال الدين بن مالك رضي الله تعالى عنه، وهو إمام أهل اللغة والأدب في هذه الاعصار بلا مدافعة، قال: ومثله قولهم عنته أصبته بالعين وركبه البعير أصابه بركبته ونظائره.

وأما الحديقة فاختلف أهل اللغة فيها، فقال الليث: الحديقة أرض ذات شجر مثمر. وقال أبو عبيدة معمر: الحديقة الحائظ يعني البستان، وقال الفراء: إنما يقال حديقة لكل بستان، فإن لم يكن لا يقال حديقة.

حدم: قولهم في باب الحيض دم

ص: 62

الحيض هو المحتدم القاني المحتدم بالحاء والدال المهملتين والدال مكسورة.

قال أصحابنا: هو اللذاع للبشرة بحدته، قالوا: وهو مأخوذ من احتدام النهار وهو اشتداد حره، وقال أهل اللغة: هو الذي اشتدت حمرته حتى أسود والفعل منه احتدم.

حذف: قوله في باب صدقة التطوع من المهذب: أن رجلا جاء بمثل البيضة من الذهب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هاتها مغضبا" فحذفه بها حذفة لو أصابه لأوجعه أوعقره. قوله: حذفه هو بالحاء المهملة والذال المعجمة، هكذا ضبطناه في كتب الحديث كسنن أبي داود وغيره وفي المهذب، وكذا هو في النسخ، وكذا قيده كل من تكلم على ألفاظ المهذب ومعناه رماه بها، قالوا: وهو مجاز، فإن الحذف يكون بالعصا ونحوها، والقذف يكون بالحصاة ونحوها، فالحاذف هو النبي صلى الله عليه وسلم كذا جاء في الحديث بيانه.

حذم: قوله في باب الأذان من المهذب لما روي عن ابن الزبير مؤذن بيت المقدس قال: قال لي عمر رضي الله تعالى عنه: "إذا أذنت فترسل، وإذا أقمت فاحذم" هذا الحديث، رويناه في كتاب السنن الكبير للبيهقي رحمه الله تعالى قوله: فأحذم هو بالحاء المهملة، وكسر الذال المعجمة، والهمزة في أوله همزة وصل يقال حذم يحذم حذما.

قال الأصمعي وغيره: الحذم والحذر قطع التطويل. قال ابن فارس: كل شيء أشرعت فيه فقد حذمته، هذا الذي ذكرناه هو الصواب المشهور. ونقل بعض الأئمة: أنه رأى هذا بخط المصنف. ورأيت في كتاب الشيخ أبي القاسم بن البرزي أنه قال: روي فاجذم بالجيم، قال: وروي بالخاء المعجمة، قال: والذي ذكره شيخنا بالخاء المعجمة وهو من الخذم وهو السرعة.

قلت: وقد ذكره غيره بالأوجه الثلاثة الجيم والحاء والخاء والذال المعجمة فيها كلها مكسورة، وفسروا رواية الجيم بالقطع أي: قطع التطويل، وهذان الوجهان صحيحان في اللغة، ولكن المعروف ما قدمته، وقد ذكره أبو القاسم الزمخشري في الخاء المعجمة، وقال هو اختيار أبي عبيد.

حرص: قال صاحب المحكم: الحرص شدة الأرادة، والشره إلى المطلوب، وقد حرص عليه يحرص، ويحرص حرصا وحرصا، ورجل حريص من قوم حرصاء وحراص، وامرأة حريصة في نسوة حراص وحرائص، وحرص الثوب يحرصه حرصا خرقه.

وقيل: هو أن يدقه حتى يجعل فيه ثقبا

ص: 63

وشقوقا، والحرصة من الشجاج التي حرصت من وراء الجلد ولم تخرقه، والحارصة والحريصة أول الشجاج، وهي التي تحرص الجلد تشقه قليلا، وحرص القصار الثوب شقه، والحارصة السحابة التي تحرص وجه الأرض أي: تقشره من شدة وقعها.

وقال الهروي في الغريبين في الشجاج: الحارصة وهي التي تحرص الجلد أي: تشقه وكذا. قال القزاز في جامعه: حرصت رأسه أحرصه يعني بكسر الراء حرصا إذا قشرت الجلد عن عظمه، وكذا ذكر حرصت رأسه أحرصه بكسر الراء في المضارع غير واحد منهم صاحب المحكم والهروي والقزاز في جامعه، والجوهري في صحاحه.

حرم: قوله في الوجيز في فصل الطواف فرع لو طاف المحرم بالصبي الذي أحرم عنه أجزأ عن الصبي. قال الإمام الرافعي: الأولى أن يقرأ أحرم بضم الهمزة وكسر الراء إذ لا فرق بين أن يكون الحامل وليه الذي أحرم عنه أو غيره.

حسر: قال الشافعي رضي الله عنه في كتاب المزارعة: وإن تكاراها والماء قائم عليها وقد ينحسر يعني الماء. قال البيهقي في كتابه: رد الانتقاد على ألفاظ الشافعي رضي الله عنه، قال المعترض: لا تقول العرب انحسر الماء عن شيء، وإنما تقول حسر الماء عن كذا، قاله الخليل في كتاب العين. قال: وجوابه: أن أبا العباس كوشاذ الأديب قال: يقال: حسر الماء وانحسر لغتان.

حس: قوله في المهذب في باب الآنية: ويقبل قول الأعمى يعني في تنجيس الماء؛ لأن له طريقا إلى العلم به بالحس والخبر، هكذا ضبطناه بالحاء، وهو الصواب، وكذلك وجدناه في نسخ قوبلت أو قرئت على المصنف رحمه الله تعالى، وليس هو بالجيم لأن الحس بالحاء أعم، والله تعالى أعلم.

حسن: قول الله تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} (الإسراء: من الآية23) ذكره في المهذب في أول باب نفقة الأقارب.

قال المفسرون وأصحاب المعاني والإعراب: معناه وأوصى بالوالدين إحسانا، وبعضهم يقول: أمر بالوالدين إحسانا، ومعناه أمر أن تحسنوا إليهما بالبر لهما والعطف عليهما.

قال الفراء: تقول العرب: آمرك به خيرا، وأوصيك به خيرا، قال: وكأن معناه أوصيك أن تفعل به خيرا، ثم تحذف أن فتنصب خيرا بالأمر والوصية.

حشر: قال أهل اللغة: الحشر،

ص: 64

وقال الأصمعي: الحشمة الغضب والاستحياء، واحشمة واحتشمت منه بمعنى. قال الكميت:

ورأيت الشريف في أعين الناس وضيعا وقل منه احتشامي

ورجل حشم أي: محتشم لغرابة الرجل خدمه، ومن يغضب له سموا بذلك؛ لأنهم يغضبون له.

حشو: قوله في مختصر المزني: إذا لم يمكنه الرمل أحببت أن يصير في حاشية الطواف، قال الأزهري في تفسير هذا اللفظ: الحاشية الناحية، وحاشية الثوب وكل شيء ناحيته، وحاشية كل شيء طرفه الأقصى، وكذا حشى كل شيء ناحيته، ومنه قولهم: حاشى الله، وكذا قولهم في الاستثناء حاشى من الحشى، وهوالناحية، وإذا استثنى شيئا فقد نحاه عما حلف عليه، قاله ابن الأعرابي وابن الأنبارى، هذا كلام الأزهري.

حصب: الحصباء بفتح الحاء وإسكان الصاد وبالمد الحصى الصغار مذكور في المهذب في الدفن: والحصبة بفتح الحاء وبفتح الصاد وكسرها وإسكانها ثلاث لغات الإسكان أفصح، وأشهر، ولم يذكر كثيرون أو الأكثرون سواه، وممن حكى الثلاث صاحب نهاية الغريب، والحصبة بثر تخرج في الجسد تقول منه حصب جلده بكسر الصاد يحصب.

حصر: قولهم: لو اختلط عدد محصور بعدد محصور أو بغير محصور، هذا اللفظ مما تكرر في أبواب من هذه الكتب، وقل من بين حقيقة الفرق بينهما، وقد نقلت في الروضة في أواخر باب الصيد والذبائح فيه كلام الغزالي.

قال الإمام الغزالي: إن قلت: كل عدد فهو محصور في علم الله تعالى، ولو أراد إنسان حصر أهل بلد لعذر عليه، إن تمكن منهم، فاعلم أن تحديد أمثال هذه الامور غير ممكن، وإنما يضبط بالتقريب، فنقول: كل عدد لو اجتمع في صعيد واحد لعسر على الناظر عده بمجرد النظر كالألف ونحوه فهو غير محصور، وما سهل كالعشرة والعشرين فهو محصور، وبين الطرفين أوساط متشابهة تلحق بأحد الطرفين بالظن، وما وقع الشك فيه استفتى فيه القلب، هذا كلام الغزالي.

حصن: الإحصان في الشرع خمسة أقسام: أحدها الإحصان في الزنا الذي يوجب الرجم على الزاني، وهو الوطء بنكاح، والثاني: الإحصان في المقذوف، وهو العفة، وهو الذي يوجب على قاذفه ثمانين جلدة، والثالث: الإحصان بمعنى الحرية، والرابع: الإحصان بمعنى التزويج، والخامس: الإحصان بمعنى الإسلام، فأما الإحصان في الزنا فليس

ص: 65

له ذكر في القرآن العزيز إلا في قوله تعالى: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} (النساء: من الآية24) قالوا: معناه مصيبين بالنكاح لا بالزنا، وأما الأربعة الباقية فمذكورة في الكتاب العزيز، فأما الإحصان في المقذوف فهو المراد بقول الله عز وجل:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} (النور: من الآية4) وفي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} (النور: من الآية23) الإحصان بمعنى الحرية فهو المراد بقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (المائدة: من الآية5) وفي قوله تعالى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} (النساء: من الآية25) أما الإحصان بمعنى التزويج فهو المراد بقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} إلى قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (النساء: من الآية24) وأما الإحصان بمعنى الإسلام فهو المراد بقوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} (النساء: من الآية25) .

واختلف العلماء في المراد بأحصن هذا، فقيل: أسلمن، وقيل: تزوجن، وقد قرىء بفتح الهمزة وضمها قراءتان في السبع. قال الواحدي: من ضمها فمعناه أحصن بالآزواج أي: تزوجن، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة رحمهم الله تعالى. ومن فتحها فمعناه أسلمن كذا، قاله ابن عمر وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم والشعبي وإبراهيم والسدي رحمهم الله تعالى.

فأما شرط المحصن الذي يرجم في الزنا: فهو البالغ العاقل الحر الواطىء في نكاح صحيح في حال تكليفه وحريته، وأما المحصن الذي يجلد قاذفه ثمانين جلدة: فهو البالغ العاقل الحر المسلم العفيف، وإن شئت قلت في الموضعين: المكلف بدلا عن البالغ العاقل، والأول أولى لئلا يخرج السكران والنائم فإنهما ليسا مكلفين.

قال الإمام الواحدي: الإحصان في اللغة أصله المنع، وكذلك الحصانة، ومنه مدينة حصينة، ودرع حصينة أي: تمنع صاحبها من الجرح، والحصن الموضع الحصين لمنعه، والحصان بكسر الحاء الفرس لمنعه لصاحبه من الهلاك، والحصان بفتح الحاء المرأة العفيفة لمنعها فرجها من الفساد، وحصنت المرة تحصن حصنا فهي حصان، مثل جبنت تجبن جبنا فهي جبان.

وقال سيوبيه: وقالوا أيضا: حصنا. قال أبو عبيد: والكسائى والزجاج حصانة. وقال شمر: امرأة حصان وحاصن: هي العفيفة، فحصل من هذا أنه يقال امرأة حصان وحاصن بينة الحصن، فالحصن والحصانة ثلاثة مصادر. قال الزجاج: يقال: امرأة حصان بينة التحصين، وفرس حصان بين التحصن والتحصين، وبناء حصين بين الحصانة، ولو

ص: 66

قيل في هذا كله الحصانة لجاز بإجماع.

قال الواحدي: وأما الإحصان فيقع على معان ترجع إلى معنى واحد منها الحرية والعفاف، وكون المرأة ذات زوج، فالإحصان هو أن يحمي الشيء ويمنع، والحرة تحصن نفسها وتحصن هي أيضا، والعفة مانعة من الزنا، والعفيفة تمنع نفسها من الزنا، والإسلام مانع من الفواحش، والمحصنة المزوجة لأن الزوج يمنعها.

قال الواحدي: واختلف القراء في قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ} فقرأوا بفتح الصاد وكسرها في جميع القرآن، إلا الحرف الأول في النساء {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} (النساء: من الآية24) فإنهم أجمعوا على فتحه، قاله أبو عبيدة، هذا آخر كلام الواحدي.

حفل: في الحديث: "من ابتاع محفلة" مذكور في باب المصراة من المهذب: المحفلة بضم الميم وفتح الحاء المهملة وفتح الفاء.

قال الهروي رحمه الله تعالى: المحفلة الشاة، أو البقرة، أو الناقة لا يحلبها صاحبها أياما ليجتمع لبنها في ضرعها، فإذا احتلبها المشتري حسبها عزيرة فزاد في ثمنها، فإذا حلبها بعد ذلك وجدها ناقصة اللبن عما حلبها أيام تحفيلها. وقال صاحب المحكم: حفل اللبن في الضرع يحفل حفلا وحفولا وتحفل، واحتفل اجتمع، وحفله هو، وضرع حافل، والجمع حفل، وناقة حافلة، وحفول، وشاة حافل.

وقال الجوهري: التحفيل مثل التصرية، وهو ألا تحلب الشاة أياما ليجتمع اللبن في ضرعها للبيع، والشاة محفلة، ومصراة، وكذا قال الأزهري وغيره. المحفلة معناها: المصراة، وقال غيره: هي مأخوذة من الاحتفال وهو الاجتماع. قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى في حديث المحفلة: ليس إسناده بذاك، وكذا قال الإمام البيهقي في معرفة السنن والآثار: هذه الرواية غير قوية، يعني حديث ابن عمر في المحفلة.

حقب: قال الهروي الحاقب الذي احتاج إلى الخلاء فلم يتبرز، وحصر غائطه شبه بالبعير، الحقب الذي دنا الحقب من ثيله فمنعه من أن يبول.

حقد: قولهم "حقد المعدن" أي: امتنع خروج النيل منه، وأصل الحقد المنع. تقول العرب: حقد المعدن منع نيله، وحقدت السماء منعت قطرها، وحقد فلان على فلان منعه بره ولطفه.

حقق: قولهم: يقول إذا رفع رأسه من الركوع: أهل الثناء والمجد حق ما قاله العبد كلنا لك عبد، هكذا هو في كتب الفقه، والذي في صحيح مسلم وسنن أبي داود وسائر،

ص: 67

وهذا هو الصواب، وتقديره: أحق ما قال العبد لا مانع لما أعطيت إلى آخره، واعترض بينهما قوله وكلنا لك عبد، وهذا الاعتراض كثير في القرآن والسنة وفي كلام العرب، وقد جمعت جملة منه في آخر صفة الوضوء من شرح المهذب، ومنه قوله تعالى:{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} (الروم:17) اعترض قوله: {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (الروم: من الآية18) وأمثاله كثيرة، وقولهم فلان أحق بكذا وكذا، وصار المتحجر أحق به وأشباهه، وفي الحديث:"الأيم أحق بنفسها".

قال الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: لفظ أحق في كلام العرب له معنيان: أحدهما: استيعاب الحق كله كقولك فلان أحق بماله أي: لا حق لأحد فيه غيره، والثاني: على ترجيح الحق وإن كان للآخر فيه نصيب، كقولك فلان أحسن وجها من فلان لا تريد به نفي الحسن عن الأول بل تريد الترجيح، قال: وهذا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الأيم أحق بنفسها من وليها" أي: لا يفتات عليها، فيزوجها بغير إذنها، ولم يرد إبطال حق الولي فإنه هو الذي يعقد عليها وينظر لها.

حقل: في حديث جابر رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة"، وفسره في الحديث في المهذب:"أن يبيع الرجل الزرع بمائة فرق حنطة".

حقن: قال الهروي: الحاقن للبول كالحاقب بالغائط. قال شمر: الحقن والحاقن الذي حقن بوله.

حكر: الاحتكار بكسر التاء، قال الجوهري: احتكار الطعام جمعه وحبسه يتربص به الغلاء، قال: وهو الحكرة بالضم.

حكك: قوله في المهذب في باب طهارة البدن؛ لأن الإنسان لا يخلو من بثرة وحكة، الحكة: بكسر الحاء وهي الجرب، قاله الجوهري.

حكم: قوله نجاسة حكمية وعينية، فالحكمية: هي التي لا يحس لها طعم ولا لون ولا ريح، والعينية نقيضها.

حلب: المحلب المذكور في زكاة الخلطة هو بفتح الميم، وهو موضع المحلب، وهذا يشترط الاتحاد فيه في ثبوت الخلطة بلا خلاف، وأما الحلب بكسر الميم: فهو الإناء الذي يحلب فيه، وفي اشتراط الاتحاد فيه لثبوت الخلطة وجهان، أصحهما لا يشترط، وكذا الوجهان في اشتراط اتحاد الحالب، والأصح أنه لا يشترط أيضًا، وهذا الذي ذكرته هنا من النفائس المغتنمة.

ص: 68

حلقم: الحلقوم بضم الحاء والقاف، قال الجوهري: هو الحلق، وقد أوضحه الشيخ أبو إسحاق في المهذب، فقال في باب الصيد والذبائح: الحلقوم: مجرى النفس، والمريء مجرى الطعام، وقد ذكرت في الروضة: أن الحلقوم مجرى النفس خروجا ودخولا، والمريء مجرى الطعام والشراب وهو تحت الحلقوم، ويقال لهما: مع الودجين الأوداج.

حلل: قوله في باب ستر العورة من المهذب وعن ابن مسعود: أنه رأى أعرابيا عليه شملة قد ذيلها وهو يصلي، قال: إن الذي يجر ثوبه من الخيلاء في الصلاة ليس من الله عز وجل في حل ولا حرام، هكذا ذكره المصنف موقوفا على ابن مسعود من قوله، وذكر البغوي صاحب التهذيب في شرح السنة: أن بعضهم وقفه على ابن مسعود، وبعضهم رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله:"ليس من الله عز وجل في حل ولا حرام" معناه أنه بعيد عن رضا الله عز وجل. قال القلعي: معناه ليس من الله تعالى في شيء، قال الواحدي: الإمام المفسر في قول الله سبحانه وتعالى: {فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} (آل عمران: من الآية28) أي: ليس من دين الله في شيء فحذف الدين اكتفاء بالمضاف إليه، والمعنى: أنه قد برىء من الله تعالى، والجواب دينه.

وقال بعض من شرح أحاديث المهذب: في قول ابن مسعود معناه: لا يؤمن بحلال الله تعالى وحرامه، وقوله ذيلها جعل لها ذيلاً، والشملة والخيلاء تأتي في بابها إن شاء الله تعالى، وأما تسمية الزوج حليلاً والمرأة حليلة، فقيل: لأن كل واحد منهما تحل مباشرته لصاحبه، وقيل: لأنهما يحلان بمكان واحد، وقيل: لأن كل وحد منهما يحل إزار صاحبه، وقيل: لأنه يحال صاحبه أي: ينازله.

قوله في المهذب: وإن أدخل في إحليله مسبارا الإحليل بكسر الهمزة واللام. قال أهل اللغة: هو الثقب الذي في رأس الذكر يخرج منه البول، وجمعه كصيحاني الحلة ثوبان. عند جمهور أهل اللغة: لا تكون إلا ثوبين سميت به؛ لأن أحدهما يحل فوق الآخر، قيل: ويقال للثوب الواحد الجديد قريب العهد حلة؛ لأنه يحل من طيه، حكاه عياض في شرح مسلم في مناقب سعد بن معاذ.

حلو: في حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن حلوان الكاهن"، وهو حديث صحيح متفق على صحته، أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو بضم الحاء وسكون اللام. قال الإمام أبو سليمان

ص: 69

الخطابي رحمه الله تعالى: حلوان الكاهن هو ما يأخذه المتكهن على كهانته وهو محرم، وفعله باطل، يقال: حلوت الرجل شيئًا يعني رشوته، قال: وحلوان العراف حرام كذلك، وذكر الفرق بين الكاهن والعراف وهو مذكور في حرف الكاف.

قال: قال ابن الأعرابي: ويقال: مطلقتي الكاهن الشيع والصهميم، قال الهروي: الحلوان ما يعطاه الكاهن على كهانته، يقال: حلوته أحلوه حلوانا، قال: وقال بعضهم: أحيله من الحلاوة شبه بالشيء الحلو، يقال: حلوت فلانا إذا أطعمته الحلوى، كما يقال عسلته وتمرته. قال أبو عبيد: ويطلق الحلوان أيضا على غير هذا، وهو أن يأخذ الرجل مهر ابنته لنفسه، وذلك عيب عند النساء، قالت امرأة تمدح زوجها:

لا يأخذ الحلوان عن بناتنا

حمد: الحمد هو الثناء على المحمود بجميل صفاته، وأفعاله، والشكر الثناء عليه بإنعامه على الشاكر، ونقيض الحمد الذم، ونقيض الشكر الكفر، والحمد أعم، ويقال: حمده بكسر الميم يحمده بفتحها، وفي الحديث الحسن في سنن أبي داود وابن ماجه ومسند أبي عوانة المخرج على شرط مسلم عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع"، وفي رواية:"كل كلام لا يبدأ فيه الحمد لله فهو أجذم"، وفي رواية "بسم الله الرحمن الرحيم".

وقد أوضحت روايته، وطرقه، ومعناه في شرح المهذب ولهذا الحديث بدا العلماء في أوائل كتبهم بالحمد لله، ومعنى أقطع ناقص قليل البركة واجذم بمعناه، وهو بالجيم وذال معجمة.

قال الإمام الواحدي: الألف واللام في الحمد يحتمل كونها للجنس أي: جميع المحامد لله تعالى؛ لأنه الموصوف بصفات الكمال في نعوته، وأفعاله الحميدة، ويحتمل كونها للعهد أي: الحمد لله الذي حمد به نفسه، وحمدته أولياؤه، واللام في لله لام الإضافة، ولها معنيان الملك والاختصاص.

قال ابن فارس: سمي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم محمدا لكثرة خصاله المحمودة يعني: ألهم الله تعالى أهله تسميته بذلك لما علم من خصاله الحميدة، قال أهل اللغة: رجل محمد ومحمود أي: كثير الخصال المحمودة: وأنشد الجوهري وغيره:

إلى الماجد القرم الجواد المحمد

إليك أبيت اللعن كان كلالها

القرم السيد.

حمر: في الحديث المتفق على ضعفه في أول المهذب: أن النبي - صلّى الله

ص: 70

عليه وسلم - قال لعائشة: "يا حميراء لا تفعلي هذا فإنه يورث البرص"، قال المتكلمون على هذا الحديث من الطوائف: المراد بالحميراء هنا البيضاء.

قال أهل اللغة: تقول العرب لشديد البياض أحمر. ومنه الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعثت إلى الأسود والأحمر" والمراد بالأحمر العجم وهم بيض. وقيل: المراد بهم الجن، والتصغير في الحميراء هنا تصغير تحبيب، كقولهم يا بني ويا أخي، قولهم حمار قبان هو دويبة تشبه الخنفساء تحمل العذرة. ونحوها قوله في الوسيط في استيفاء القصاص: له القصاص في حمارة القيظ، هو بفتح الحاء المهملة وتخفيف الميم وتشديد الراء وهو شدة حره. قال الجوهري: وربما خففت الراء في الشعر للضرورة. قال: والجمع حمار.

حمص: الحمص: هو الحب المعروف، هو بكسر الحاء بلا خلاف، وفي الميم لغتان الفتح والكسر، الكوفيون بالفتح، والبصريون بالكسر.

حمق: نص الشافعي والأصحاب رحمهم الله تعالى: على أنه يجزىء عتق الأحمق في كفارة الظهار وغيرها، فيحتاج إلى ضبطه. وقد ذكرته في أواخر باب تعليق الطلاق من الروضة: فيما إذا قالت له زوجته: أنت أحمق، فقال: إن كنت أحمق فأنت طالق.

واختلفت عبارة الأصحاب في ضبطه، وذكروه في باب كفارة الظهار ففي المهذب والتهذيب: أنه من يفعل الشيء فى غير موضعه مع علمه بقبحه. وفي التتمة والبيان: أنه من يفعل مع علمه بقبحه. وفي الحاوي: أنه الذي يضع كلامه فى غير موضعه فيأتي بالحسن في موضع القبيح وعكسه.

وقال أبو العباس الروياني من أصحابنا: الأحمق من نقصت مرتبة أموره وأحواله عن مراتب أمثاله نقصا بينا بلا مرض ولا سبب. وقال أبو عمر الزاهد في شرح الفصيح: سئل أبو العباس ثعلب عن الأحمق، فقال: هو الكاسد العقل لا ينتفع بعقله. قال ابن الأعرابي: انحمقت النوق إذا كسدت. قال الجوهري: الحمق، والحمق قلة العقل، وقد حمق الرجل بالضم حماقة، فهو أحمق. ويقال أيضا: حمق بالكسر يحمق حمقا مثل غنم يغنم غنما، فهو حمق، وامرأة حمقاء، وقوم ونسوة حمق وحمقى وحماقى، وحمقت النوق بالضم كسدت، واحمقت المرأة جاءت بولد أحمق فهي محمق ومحمقة، فإن كان عداتها أن تلد الحمقى فهي محماق. ويقال: أحمقت الرجل إذا وجدته أحمق، وحمقته نسبته إلى الحمق، وحامقته ساعدته على حمقه، واستحمقته عددته أحمق،

ص: 71

وتحامق تكلف الحماقة، وانحمقت النوق كسدت، وانحمق الثوب أخلق.

حمم: قول الله عز وجل: {حم} جاء ذكره في المهذب في سجود التلاوة، وقال الأزهري: قال بعضهم: معناه قضى ما هو كائن. وذكر الماوردي فيه خمس تأويلات، أحدها: أنه اسم من أسماء الله تعالى أقسم به قاله ابن عباس رضي الله عنهما، والثاني: أنه اسم من أسماء القرآن قاله قتادة، والثالث: أنها حروف مقطعة من أسماء الله تعالى الذي هو الرحمن الرحيم، الرابع: هو محمد قاله جعفر بن محمد، والخامس: هو فواتح السور قاله مجاهد، والله أعلم.

ذكر في باب العاقلة في المهذب أبياتا من الشعر فيها يناشدني "حم" قيل: معناه القرآن أي: يستجير مني بالقرآن. وفي الحديث: "شعاركم حم لا ينصرون".

قال الأزهري: سئل أبو العباس عن قوله "حم لا ينصرون" فقال: معناه والله لا ينصرون، الكلام خبر ليس بدعاء رأيته في فصل م ح.

وقال أبو سليمان الخطابي في معالم السنن في كتاب الجهاد عن أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب، قال: معناه الخبر، ولو الدعاء لكان مجزوما أي: لا ينصروا، وإنما هو إخبار، كأنه قال: والله لا ينصرون. وقد روي عن ابن عباس رحمهما الله أنه قال: حم، اسم من أسماء الله تعالى. قوله صلى الله عليه وسلم:"لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يغتسل فيه فإن عامة الوسواس منه" ذكره في المهذب، هو بضم الميم، وفتح الحاء، أخرجه أبو داود في سننه، والترمذي في جامعه وغيرهما.

قال الترمذي: هو حديث غريب. قال الخطابي رحمه الله تعالى: المستحم المغتسل سمي باسم الحميم، وهو الماء الحار الذي يغتسل به. قال: وإنما ينهى عن ذلك إذا لم يكن المكان جلدا صلبا، أو مبلطا، أو لم يكن له مسلك ينفذ فيه البول، ويسيل فيه الماء، فيتوهم المغتسل أنه أصابه شيء من قطره، ورشاشه فيورثه الوسواس.

وقال أبو عيسى الترمذي: قد كره قوم من أهل العلم البول في المغتسل، ورخص فيه آخرون منهم ابن سيرين، فقيل له: إنه يقال: إن عامة الوسواس منه، فقال: ربنا الله لا نشرك به شيئا. وقال ابن المبارك: وقد وسع في البول في المغتسل إذا جرى فيه الماء، والحمام بالتشديد معروف.

قال الأزهري: قال الليث: الحميم الماء الحار، والحمام مشتق من الحميم يذكره العرب. قال: ويقال: طاب حميمك وحمتك للذي يخرج من الحمام أي: طاب عرفك، والحمى معروفة وحم الرجل واحمه الله تعالى فهو محموم ذكره الأزهري

ص: 72

وغيره.

والحممة المذكورة في باب الاستطابة بضم الحاء وفتح الميمين وتخفيفهما، قال الأزهري: قال الليث: الحمم الفحم البارد الواحدة حممة قوله في المهذب روى ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الاستنجاء بالحممة"، هذا بعض حديث أخرجه أبو داود في سننه، ولفظه عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه. قال:"قدم وفد الجن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد أنه أمتك أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حممة، فإن الله تعالى جعل لنا فيها رزقا، قال: فنهى النبي صلى الله عليه وسلم "، فالحممة بضم الحاء وفتح الميمين وتخفيفهما.

قال الأمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى: الحمم الفحم، وما أحرق من الخشب، والعظام ونحوهما، والاستنجاء به منهي عنه؛ لأنه جعل رزقا للجن، فلا يجوز إفساده عليهم، قال: وفيه أيضًا أنه إذا مس ذلك المكان، وناله أدنى غمز وضغط تفتت لرخاوته، فعلق به شيء متلوثا بما يلقاه من تلك النجاسة. قال: وفي معناه الاستنجاء بالتراب وفتات المدر ونحوهما. وذكر البغوي رحمه الله تعالى في شرح السنة هذا الحديث، ثم قال: فقد قيل: كلها طعام الجن والاستنجاء منهي عنه، وقيل المراد منها: العظم المحترق، والله تعالى أعلم.

الحمام: الطير المعروف، قال أهل اللغة: الحمام عند العرب ذوات الأطواق نحو الفواخت والقمارى والقطا والوراشين وأشباهها. قالوا: والحمامة تقع على الذكر والأنثى، وجمع الحمامة: البغوي، وحمامات، وحمائم. وقد ذكره في الوسيط مجموعا في كتاب الوقف في قوله: وإن وقف على حمامات مكة. والله أعلم.

حنا: الحناء الذي يخضب به معروف، وهو بكسر الحاء، وتشديد النون، وبالمد، وأصله الهمز. يقال: حنأت لحيته تحنئة، وتحنينا إذا خضبتها، والحناء جمع الحناءة. كذا قاله ابن ولاد في المقصور والممدود له. وقال الجوهري: الحناءة أخص من الحناء.

حنت: الحانوت معروف يذكر ويؤنث لغتان، وهو الدكان. قال الجوهري: الحانوت معروف يذكر ويؤنث لغتان، وأصله حانوه مثل ترقوه، فلما سكنت الواو انقلبت هاء التأنيث تاء، وجمعها حوانيت لأن الرابع منه حرف لين، وإنما يرد الاسم الذي جاوز أربعة أحرف إلى الرباعي في الجمع والتصغير، إذا لم يكن الرابع منه حرف لين، هذا كلام الجوهري.

وذكر هذا الحرف في فصل حين؛ لأنه أصله، وإنما ذكرته هنا أنا لأن المتفقهين وأكثر من يطالع هذا الكتاب لا يعرفون له مظنة

ص: 73

غير هذا الفصل، فأردت التسهيل عليهم كما سبق التزامه في الخطبة، وقد نبهت على أصله، فحصل الجمع بين الغرضين، وأما قوله في الوجيز في أول الباب الثالث من كتاب الإجارة: استأجر دكانا أو حانوتا فهو مما أنكر عليه، وصوابه حذف أحدهما، فإن الدكان هو الحانوت كذا قاله الجوهري وغيره، وسيأتي بيانه في حرف الدال، إن شاء الله تعالى، وقد سبق إنكاره للإمام الرافعي.

حنط: الحنوط المذكور في طيب الميت هو بفتح النون، ويقال: الحناط بكسر الحاء. قال الازهري: يدخل في الحنوط الكافور، وذريرة القصب، والصندل الأحمر والأبيض. قال غيره: الحنوط كل شيء خلط من الطيب للميت خاصة، وقد حنط الميت تحنيطا، وتحنط الرجل بالحنوط، إذا استعمله متأهبا للموت، وكان هذا عادة لجماعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم في الغزوات، والحنطة بكسر الحاء البر والقمح. قال الجوهري: جمعها حنط.

حنك: قوله في المهذب في العقيقة: "يستحب أن يحنك المولود بالتمر"، واستند بحديث أنس رضي الله تعالى عنه في ذلك، وهو حديث صحيح. قال صاحب المطالع: التحنيك هو أن تمضغ التمرة، وتجعلها في في الصبي، ويحك بها حنكه بسبابته حتى تتحلل في حلقه، والحنك أعلى داخل الفم. والله تعالى أعلم. قال الهروي: يقال: حنكه وحنكه يعني بتخفيف النون وتشديدها.

حوذ: في الحديث: "ما من ثلاثة في قرية أو بدو لا تقام فيهم الجماعة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان" ذكره في باب صلاة الجماعة من المهذب، ومعنى استحوذ: استولى وغلب وتمكن منهم.

حول: قال صاحب المحكم: الحول سنة بأسرها، والجمع أحوال وحؤول، وحال الحول حولا تم، وأحاله الله علينا أتمه، وحال عليه الحول حولا وحؤولا أتى، وأحال الشيء واحتال أتى عليه حول كامل، وأحول الصبي أتى عليه حول من مولده، وأحال الحول بلغه، والحول والحيل والحيلة والحويل والمحالة والاحتيال والتحول والتحيل كل ذلك الحذق وجودة النظر والقدرة على دقة التصرف، ورجل حول وحولة وحول وحوالي وحوالي وحولول شديد الاحتيال، وما أحوله وأحيله وهو أحول منك وأحيل ولا محالة من ذلك أي: لا بد، والمحال من الكلام ما عدل به عن وجهه، وحوله جعله

ص: 74

محالا، وأحال أتى بمحال، ورجل محوال كثير الكلام، وكلام مستحيل محال، وحاول الشيء محاولة وحوالا رامه، وكلما حجز بين شيئين فقد حال بينهما حولا، واسم ذلك الشيء الحوال، وتحول عن الشيء زال عنه إلى غيره، وحوله إليه أزاله، والاسم الحول، والحويل، وفي التنزيل لا يبغون عنها حولا، وحال الشيء حولا وحؤولا يحول قوله لا حول ولا قوة إلا بالله.

قال الهروي: قال أبو الهيثم: الحول الحركة، يقال: أحال الشخص إذا تحرك، ويقال: استحل هذ الشخص أي: أنظر هل يتحرك أم لا، وكأن القائل يقول: لا حرك ولا استطاعة إلا بمشيئة الله عز وجل. وكذا قاله أبو عمر في الشرح عن أبي العباس قال: معناه لا حول في دفع شر، ولا قوة في درك خير إلا بالله. وقيل: لا حول عن معصية الله تعالى إلا بعصمته، ولا قوة على طاعة الله إلا بعونه. ويحكى هذا عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، ويقال عن قولهم: لا حول ولا قوة إلا بالله.

الحوقلة بفتح الحاء وإسكان الواو بعدها قاف ثم لام، كذا قالها الأزهري في التهذيب والأكثرون من العلماء، وقال الجوهري في صحاحه: هي الحولقة بتقديم اللام على القاف، والمعروف المشهور هو الأول. قال ابن الأثير رحمه الله تعالى في شرح مسند الشافعي رضي الله تعالى عنه على الأول: تكون الحاء من الحول، والقاف من القوة، واللام من الله تعالى، وعلى الثاني: الحاء والواو واللام من الحول، والقاف، قال: والأول أولى، ومثل الحوقلة الحيعلة والحمدلة والبسملة والهيللة والسبحلة، وسيأتي بيان ذلك في فصل الحيعلة إن شاء الله تعالى.

والحيلة: بكسر الحاء الاسم من الاحتيال. قال الجوهري: وكذلك الحول والحيل، يقال: لا حيل ولا قوة في حول. قال الفراء: يقال: هو أحيل منك وأحول أي: أكثر حيلة، وما أحيله لغة في ما أحوله. قال أبو زيد: يقال: ماله حيلة، ولا محالة، ولا احتيال ولا محال بمعنى واحد. وقولهم: لا محالة أي: لا بد. يقال: الموت آت لا محالة، والحوالة بفتح الحاء. يقال: احتال عليه بالدين حوالة، واحتال من الحيلة، وحوله عن القبلة أي: أداره عنها فتحول.

قال الجوهري: وحول أيضا بنفسه يتعدى، ولا يتعدى قوله في باب الأذان عقب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"الأئمة ضمناء، والمؤذنون أمناء، والأمين أحسن حالا من الضمين" فسره المحاملي في التجريد، فقال: لأن الأمين متطوع بما يفعله، والضامن يفعل

ص: 75

ما يجب عليه. قوله في أول كتاب الرهن من المهذب: لأن الحاجة تدعو إلى شرط الرهن بعد ثبوت الدين، وحال ثبوته. فقوله: حال منصوب على الظرف.

حيض: قال أهل اللغة: يقال: حاضت المرأة تحيض حيضا ومحيضا فهي حائض بغير هاء لأن هذه صفة لا تكون للمذكر، فلم يحتج إلى إلحاق الهاء فيه للفرق، بخلاف مسلمة وقائمة. وحكى الجوهري عن الفراء: أنه يقال أيضًا: حائضة بالهاء. وأنشد:

كحائضة يزني بها غير طاهر

قال أهل اللغة: عركت بفتح العين والراء، تعرك عروكا كقعدت تقعد قعودا أي: حاضت. قال الهروي في الغريبين: يقال: حاضت المرأة، وتحيضت ودرست وعركت وطمثت تحيض حيضا ومحيضا ومحاضا إذا سال دمها في أوانه، فإذا سال فى غير أوقاته المعلومة فهي المستحاضة.

قال أهل اللغة: ويقال: نساء حيض وحوائض، والحيضة بفتح الحاء المرة الواحدة من الحيض، والحيضة بكسر الحاء اسم للحالة والهيئة. وفي الحديث:"خذي ثياب حيضتك" هذا بالكسر، وفي الحديث الآخر:"إذا أقبلت الحيضة".

قال الخطابي: المحدثون يقولونها بالفتح وهو خطأ، والصواب الكسر؛ لأن المراد الحالة.

ورد القاضي عياض وغيره قول الخطابي، وقالوا: الأظهر الفتح؛ لأن المراد إذا أقبل الحيض. وفي الحديث "تحيضي في علم الله تعالى" أي: التزمي أحكام الحيض، وافعلي فعلهن، وكل هذه الأحاديث صحيحة، وفي الحديث الآخر:"لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" المراد: بالحائض البالغة هنا كما في الحديث الآخر: "غسل الجمعة واجب على كل محتلم" وليس للتقييد بالحائض هنا مفهوم يعمل عليه، فيكون دليلا على أن غير البالغة من المميزات تقبل صلاتها بغير خمار، بل هذا من التقييد الخارج على سبب لكونه الغالب، كما في قوله تعالى:{وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ} (النساء: من الآية23) وقوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} (الإسراء: من الآية31) وقوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (البقرة: من الآية229) وقوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (النساء: من الآية101) وقوله تعالى: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً} (النور: من الآية33) ومن زعم أن هذه الآية ليست مما نحن فيه فهو جاهل، أولم يفكر، والله تعالى أعلم.

قال أهل اللغة: والحيضة بالكسر أيضًا اسم للخرقة التي تستثفر بها المرأة.

ص: 76

قال الجوهري: ومنه قول عائشة رضي الله تعالى عنها: "ليتني كنت حيضة ملقاة" قال: وكذلك المحيضة، وجمعها محائض، هذا ما يتعلق بتصريف الكلمة.

وأما أصلها فقال الإمام أبو منصور الأزهري في كتابه شرح ألفاظ مختصر المزني رحمهما الله تعالى: الحيض دم يرخيه رحم المرأة بعد بلوغها في أوقات معتادة، وأصله من حاض السيل وفاض إذا سال يسمى حيضًا لسيلان الدم في الأوقات المعتادة. قال: والاستحاضة أن يسيل الدم فى غير أوقاته المعتادة. قال: ودم الحيض يخرج من قعر الرحم، ويكون أسود محتدما أي: حارا كأنه محترق، وأما دم الاستحاضة فيسيل من العاذل، وهو عرق فمه الذي يسيل منه في أدنى الرحم دون قعره. قال: وذكر ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما هذا كلام الأزهري، وقوله: العادل هو بالعين المهملة وكسر الدال المعجمة وباللام.

وقال الهروي: قال ابن عرفة: الحيض والمحيض اجتماع الدم إلى ذلك المكان، وبه سمي الحوض لاجتماع الماء فيه. ثم ذكر: أن الحيض هو سيلان الدم في أوقاته المعتادة.

فقد اتفق الهروي وشيخه الأزهري: على أن الاستحاضة عبارة عن جريان الدم فى غير أوقاته. وقد اختلف أصحابنا في حقيقة الاستحاضة، فذهب جماعة إلى أن الاستحاضة لا تكون إلا دما متصلاً بالحيض، ليس بحيض أن ترى الدم في زمن الحيض، ويجاوز خمسة عشر يومًا متصلاً، فأما إذا رأت الدم قبل تسع سنين، أو رأت بعد تسع متصل بالحيض، فإن رأت دون أقل الحيض فليس هذا باستحاضة بل يسمى دم فساد.

وذهب جماعة من أصحابنا إلى أن الجميع يسمى استحاضة، فممن قال بالأول صاحب الحاوي، فقال قال الشافعي رضي الله عنه: لو رأت الدم قبل استكمال تسع سنين فهو دم فساد، لا يقال له يحض ولا استحاضة؛ لأن الاستحاضة لا تكون على أثر حيض. ثم قال بعد هذا بأسطر: النساء أضرب: طاهر وحائض ومستحاضة وذات فساد، فالطاهر ذات النقاء، والحائض من ترى الدم في أوانه، والمستحاضة من ترى الدم على أثر الحيض على صفة لا يكون حيضا، وذات الفساد من يبتدىء بها دم لا يكون حيضًا. هذا آخر كلام صاحب الحاوي.

وقد أشار كثير من أصحابنا أو أكثرهم إلى معنى ما قال، وهو أن الاستحاضة الدم المتصل بدم الحيض، فإن لم يتصل فدم فساد. وصرح أبو عبد الله الزبيري في كتابه الكافي والقاضي حسين وصاحبه صاحب

ص: 77

التتمة وصاحب العدة وغيرهم بخلاف هذا، فقالوا: دم الاستحاضة ضربان: متصل بدم الحيض، وغير متصل، فالمتصل: أن ترى البالغة الدم، وتجاوز خمسة عشر، وغير المتصل: التي لها دون تسع سنين إذا رأت الدم، والكبيرة إذا رأته وانقطع لدون يوم وليلة.

وهذا الذي قاله هؤلاء صحيح مليح موافق لما قدمته عن إمامي اللغة الأزهري والهروي، وقد استعمل في المهذب والتنبيه الاستحاضة بهذا المعنى، فقال في المهذب في فصل النفاس: فإن أدر الدم قبل الولادة خمسة أيام، فمن أصحابنا من قال: هو استحاضة، وقال في التنبيه: وفي الدم الذي تراه الحامل قولان: أصحهما أنه حيض، والثاني: أنه استحاضة، والله تعالى أعلم.

وذكر أصحابنا اختلاف العلماء في المحيض المذكور في القرآن العزيز، قالوا: مذهبنا أن الحيض والمحيض بمعنى الحيض، كما قدمناه. وقال بعض العلماء: هو زمن الحيض. وقال بعضهم: مكان الحيض هو نفس الفرج. وقد أوضحت هذا كله بأدلته في شرح المهذب.

قال صاحب الحاوي: وللحيض خمسة أسماء أخر الطمث، ويقال: امرأة طامث، والعراك: ويقال: امرأة عارك ونسوة عوارك، والضحك: وامرأة ضاحك ونسوة ضواحك، والاكبار: والمرأة مكبر، والاعصار: والمرأة المعصر، وأنشد في كل هذا أبياتا أوضحتها في شرح المهذب.

قال: قال الجاحظ في كتاب الحيوان: والذي يحيض من الحيوان أربع: المرأة والأرنب والخفاش والضبع. وروينا في سنن الإمام البيهقي رحمه الله تعالى: أنه قيل لعائشة رضي الله عنها: ما تقولين في العراك، قالت: الحيض تعنون، قالوا: نعم، قالت: سموه كما سماه الله عز وجل. وثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال في الحيض: "هذا شيء كتبه الله تعالى على بنات آدم فظاهره أنه لم يزل فيهن".

وحكى أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رضي الله عنه في صحيحه عن بعض العلماء: أنه قال: كان أول ما أرسل الحيض على بني إسرائيل. قال البخاري: وحديث النبي صلى الله عليه وسلم أكثر يعني أنه عام في جميع بنات آدم. وحكى صاحب الحاوي وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما في سبب ابتداء الحيض: أن الله عز وجل قال: يا آدم ما حملك على أكل الشجرة، قال: زينته لي حواء، قال: إني عاقبتها لا تحمل إلا كرها، ولا تضع إلا كرها، ودميتها، والله تعالى أعلم.

وأعلم: أن باب الحيض من الأبواب العويصة، وقد اعتنى أصحابنا رحمهم الله تعالى بإيضاحه، فبينوه أحسن بيان، وبسطوه

ص: 78

أوضح بسط، وقد جمع فيه إمام الحرمين نحو نصف مجلدة في النهاية، وجمع غيره نحوه، ولم يكن فيه أعظم تصنيفا من كتاب أبي الفرج الدارمي من أصحابنا العراقيين في طبقة القاضي أبي الطيب الطبري، فجمع مجلدة ضخمة في مسألة المستحاصة المتحيرة وحدها، لم يخلط معها غيرها، وقد جمعت أنا فيه في شرح المهذب جملة مستكثرة نحو مجلدة، مع أني حرصت على ترك الإطالة. ونسأل الله تعالى التوفيق.

حيعل: قوله في باب الأذان: يقول بعد الحيعلة: هي بفتح الحاء وإسكان الياء وفتح العين. قال الإمام أبو منصور الأزهري في أول كتابه تهذيب اللغة بعد أن فرغ من مقدمة الكتاب وشرع في الأبواب.

قال الليث: قال الخليل بن أحمد رحمه الله تعالى: العين والحاء لا يلتقيان في كلمة واحدة أصلية الحروف لقرب مخرجيهما إلا أن يؤلف فعل من جمع بين كلمتين مثل حي على فيقال منه حيعل. قال الأزهري: وهو كما قال الخليل رحمه الله تعالى: وأنشده غيره:

إلى أن دعا داعي الصلاة بحيعلا

ألا رب طيف منك بات معانقي

ومعنى حي على الصلاة: أسرعوا إليها وهلموا إليها واقبلوا. ومثله في الحديث: "إذا ذكر الصالحون فحي هلا بعمر" معناه: أقبلوا على ذكره. وقيل: أسرعوا إلى ذكره، ومثل الحيعلة عبارة عن حي على كذا، قولهم: الحمدلة، والبسملة، والهيللة، والسبحلة، إشارة إلى الحمد لله، وبسم الله، ولا إله إلا الله، وسبحان الله، ومثله قولهم: ولا حول ولا قوة إلى بالله الحوقلة والحولقة، كما قدمناه في فصلها.

حين: قال البخاري في صحيحه في أول تفسير سورة الأعراف: الحين عند العرب من ساعة إلى ما لا يحصى عدده.

حيي: الحياء: ممدود، وهو خصلة من خصال الإيمان، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"الحياء من الإيمان" وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الحياء خير كله".

قال الواحدي: قال أهل اللغة: أصل الاستحياء من الحياة، واستحيا الرجل من قوة الحياة فيه لشدة علمه بمواقع العيب، فالحياء من قوة الحس، ولطفه، وقوة الحياة. وقال مجد الدين ابن الأثير في باب ما ينقض الوضوء من مسند الشافعي رضي الله عنه: الحياء تغير، وانكسار يعرض للإنسان من تخوف ما يعاب به، ويذم عليه، واشتقاقه من الحياة

ص: 79