المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

سر من رأى: المدينة المشهورة بالعراق. قال أبو الفتح الهمداني: - تهذيب الأسماء واللغات - جـ ٣

[النووي]

الفصل: سر من رأى: المدينة المشهورة بالعراق. قال أبو الفتح الهمداني:

سر من رأى: المدينة المشهورة بالعراق. قال أبو الفتح الهمداني: يقال: بضم السين وبفتحها.

سقاية العباس: رضي الله تعالى عنه موضع بالمسجد الحرام، زاده الله تعالى شرفا، يستقى فيها الماء ليشربه الناس، وبينها وبين زمزم أربعون ذراعا. حكى الأزرقي في كتابه تاريخ مكة وغيره من العلماء: أن السقاية حياض من أدم، كانت على عهد قصي بن كلاب توضع بفناء الكعبة، ويستقى فيها الماء العذب من الآبار على الإبل، ويسقاه الحاج، فجعل قصي عند موته أمر السقاية لابنه عبد مناف، ولم تزل مع عبد مناف يقوم بها، فكان يسقي الماء من بئر كرادم وغيره إلى أن مات، ومن حصون خيبر.

السلالم: جاء ذكره في سنن أبي داود وغيره، هو بضم السين وتخفيف اللام، كذا قاله أبو الفتح وغيره.

السماوة: مذكورة في حد جزيرة العرب من باب عقد الذمة من المهذب: هي بفتح السين وتخفيف الميم، قيل: هي أرض لبني كلب لها طول ولا عرض لها، تأخذ من ظهر الكوفة إلى جهة مصر. قال أبوالفتح الهمداني: سميت بذلك لعلوها وارتفاعها.

سواد العراق: اختلف في وجه تسميته سوادًا. فالمشهور أنه سمي سوادًا لسواده بالزرع والأشجار؛ لأن الخضرة ترى من البعد سوداء، وقيل: إن المسلمين الذين قدموا العراق للفتح رضي الله تعالى عنهم لما أقبلوا قالوا: ما هذا السواد فسمي به. وقيل: سمي سوادًا لكثرته من الأعظم، وهذا منقول عن الأصمعي.

‌حرف الشين

شبب: قال الحافظ أبوبكر الحازمي في كتابه المؤتلف والمختلف: ذو الشب شق في أعلى جبل جهينة، يستخرج من أرضه الشب.

شدخ: قوله في المهذب في باب السلم: إذا أسلم في الرطب، لا يلزمه قبول المشدخ، المشدخ: بضم الميم وفتح الشين المعجمة وفتح الدال المهملة وآخره خاء معجمة. قال الجوهري: المشدخ البسر يغمر حتى ينشدخ.

شذا: قوله في المهذب في باب المسابقة: اختلفوا في المسابقة على سفن

ص: 160

الحرب كالذباذب، والشذوات: هي بفتح الشين وتخفيف الذال المعجمتين، وهو نوع من سفن الحرب، ويقال في واحدتها شذاة، ويجمع أيضا على الشذا بالقصر بحذف الهاء، وهي لفظة عربية صحيحة.

شرب: قول الغزالي في كتاب الشهادات: وما هو من شعار الشرب. قال الرافعي: يجوز فيه فتح الشين على أنه جمع شارب كصاحب وصحب، ويجوز ضمها أي: شعار شرب الخمر.

شرج: في الحديث “شِراج الحرة” مذكور في إحياء الموات، هو بكسر الشين وتخفيف الراء، وهو جمع شرجة بفتح الشين والراء، وهي مسيل الماء. قوله في المهذب في باب السرقة: إذا سرق اللبن من الحائط المشرج. التشريج: التنضيج، وإضافة بعضه إلى بعض واتصاله، وقوله: في مسح الخف لبس خفا له شرج، وهو بفتح الشين والراء له عرى.

شرر: وفي أواخر كتاب النكاح من صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن من أشر الناس عند الله تعالى يوم القيامة، الرجل الذي يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها وتنشر سره” كذا في الأصول المعتمدة وغيرها أشر بالألف.

شرط: قد قدمنا في فصل ركن بيان الفرق بين الركن والشرط وحقيقة الشرط، وأما قول الغزالي وغيره: إذا صلى بنجاسة ناسيًا ففي وجوب الإعادة قولان: بناء على أن إزالة النجاسة شرط أم منهي عنه. فقال الرافعي: معناه أن خطاب الشرع قسمان: خطاب تكليف بالأمر والنهي، وهذا يؤثر فيه النسيان، ولهذا لا يأثم الناس بترك المأمور به، ولا بفعل المنهي عنه؛ لأنه لم يبق مكلفا عند النسيان بل التحق بالمجنون وغيره ممن لا يخاطب. والقسم الثاني: خطاب الاخبار، وهو ربط الأحكام بالأسباب، وجعل الشيء شرطا هو من هذا القبيل؛ لأن معناه إذا لم يوجد كذا في كذا فهو غير معتد به، والنسيان لا يؤثر في هذا القسم، ولهذا يجب الضمان على من أتلف مال غيره ناسيًا.

شرع: الشريعة ما شرع الله تعالى لعباده من الدين، وقد شرع لهم شرعا أي: سن. قال الهروي: قال ابن عرفة: الشرعة والشريعة سواء، وهو الظاهر المستقيم من

ص: 161

المذهب، يقال: شرع الله تعالى هذا أي: جعله مذهبًا ظاهرًا، قلت: قد ذكر الواحدي وغيره عن أهل اللغة في قول الله عز وجل {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ} (الجاثية: من الآية18) أقوالا، فقالوا: الشريعة الدين، والملة، والمنهاج، والطريقة، والسنة، والقصد. قالوا: وبذلك سميت شريعة النهر؛ لأنه يوصل منها إلى الانتفاع، والشرائع في الدين المذاهب التي شرعها الله تعالى لخلقه.

شرك: في الحديث: “وقت الظهر والفيء مثل الشراك” هو بكسر الشين، وهو أحد سيور النعل التي تكون على وجهها، وتقديره هنا ليس للتحديد والاشتراط، ولكن الزوال لا يتبين بأقل منه.

شزن: روي في المهذب في باب سجود التلاوة، حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: “خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فقرأ صلى الله عليه وسلم فلما مر بالسجود تشزنا للسجود” إلى آخر الحديث، هذا حديث صحيح رواه أبو داود في سننه والبيهقي وغيرهما. قال البيهقي: هو حديث حسن الإسناد صحيح، وقوله: تشزنا كذا وقع في المهذب وفي سنن أبي داود أيضًا، وغيره بتاء في أوله ثم شين معجمة مفتوحة، ثم زاي معجمة مشددة، ثم نون مشددة ثم ألف.

قال الإمام أبو سليمان الخطابي: معناه استوفزنا للسجود وتهيأنا له. قال: وأصله من الشزن وهو القلق، يقال: بات فلان على شزن إذا بات قلقا يتقلب من جنب إلى جنب.

قلت: وجاء في رواية البيهقي في السنن الكبير: تهيأ الناس للسجود، وفي معرفة السنن والآثار للبيهقي: تيسرنا بالسين والراء المهملتين وبزيادة بعد التاء من التيسير. قال: وقال بعضهم: تشزنا يعني كما ذكره أبو داود وصاحب المهذب.

شسع: قال أهل اللغة: شسع النعل بشين معجمة مكسورة ثم سين مهملة ساكنة، وهو أحد سيور النعل الذي يدخل بين الأصبعين، ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل المشدودة في الزمام، هو السير الذي يعقد فيه الشسع جمعه شسوع.

شعر: والشعار الثوب الذي يلي الجسد، والدثار فوقه، قالوا: سمي شعارا؛ لأنه يلي شعر البدن، وأما إشعار الهدي فهو من الأعلام، وهو أن يضرب صفحة سنامها اليمنى بحديدة، وهي مستقبلة القبلة فيدميها، ويلطخها بالدم ليعلم أنها هدي، وقد ذكرت في الروضة وغيرها اختلاف أصحابنا في أنه يقدم التقليد على الاشعار أم يؤخره

ص: 162

وتقديمه هو المنصوص. وذكرت أيضا قول صاحب البحر أنه إن قرن هديين في حبل أشعر أحدهما في الصفحة اليمنى والآخر في اليسرى ليشاهدا.

وأعلم أن الإشعار سنة للأحاديث الصحيحة، ولا نظر إلى ما فيه من الإيلام؛ لأنه لا منع إلا ما منعه الشرع، وهذا الإيلام شبيه بالوسم والكي.

وذكر أصحابنا للإشعار فوائد: منها إذا اختلطت بغيرها تميزت. ومنها إذا ضلت عرفت، ومنها أن السارق ربما ارتدع فتركها، ومنها أنها قد تعطب فتنحر، فإذا رأى المساكين عليها العلامة أكلوها، ومنها أن المساكين يتبعونها إلى المنحر لينالوا منها، ومنها إظهار هذا الشعار العظيم، وفيه حث لغيره على التشبه به.

قوله في الوسيط والوجيز في أول الحج في ركوب البحر: لا يلزم المستشعر هو الجبان، وهو بسكون الشين قبل العين وكسر العين. وقوله في الوجيز: يلزم غير المستشعر دون الجبان، هو مما أنكره عليه الإمام الرافعي، فقال: الجبان والمستشعر هنا بمعنى. قال: ولو قال: لم يلزم غير المستشعر دون المستشعر، أو غير الجبان دون الجبان، لكان أحسن وأقرب إلى الأفهام. وقد استعمل في الوسيط حسنا، فقال: المستشعر وغير المستشعر.

قال الإمام أبو القاسم علي بن جعفر بن علي السعدي الصقلي المعروف بابن القطاع في كتابه الشافي في علم القوافي: قد رأى قوم منهم الأخفش وهو شيخ هذه الصناعة بعد الخليل: أن مشطور الرجز ومنهوكه، ومشطور السريع ومنهوك المنسرح ليس بشعر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “الله مولانا ولا مولى لكم” وقوله صلى الله عليه وسلم: “هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت” وقوله صلى الله عليه وسلم: “أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب” وقوله صلى الله عليه وسلم: “لا هم إن الدار دار الآخرة” وقوله صلى الله عليه وسلم: “الجار قبل الدار” قال ابن القطاع: وهذا الذي زعمه الأخفش وغيره غلط بين، وذلك أن الشاعر إنما سمي شاعرًا لوجوه: منها أنه شعر القول وقصده وأراده واهتدى إليه وأتى به كلاما مزونا على طريقة الضرب مقفى.

فأما إذا خلا من هذه الأوصاف أو بعضها فلا يستحق أن يسمى شاعرًا ولا قوله شعرًا، بدليل أنه لو قال كلامًا موزونًا إنه لم يقصد به الشعر، ولم يقفه لم يسم ذلك الكلام شعرًا ولا قائله شاعرًا بإجماع

ص: 163

العلماء والشعراء، وكذلك لو قفاه وقصد به الشعر غير أنه لم يأت به موزونًا، وكذلك لو أتى به موزونًا مقفى غير أنه لم يقصد به الشعر ولا أراده لم يستحق ذلك، بدليل أن كثيرا من الناس يأتون بكلام موزون مقفى غير أنهم ما شعروا به ولا قصدوه ولا أرادوه، فلا يستحقون التسمية بذلك، وإذا تفقد ذلك وجد في كلام الناس كثيرًا، كما قال بعض السؤال اختموا صلاتكم بالدعاء والصدقة في أمثال لهذا كثيرة.

وبدليل أن الكلام لا يكون شعرًا ولا صاحبه شاعرًا إلا بالأوصاف التي ذكرناها، وهي الوزن على طريقة العرب والتقفية مع القصد والإرادة من الشاعر، فإذا خلا من هذه الأوصاف أو من بعضها فليس بشعر البتة ولا قائله شاعر.

والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد بكلامه ذلك الشعر ولا شعر له ولا أراده ولا يعد ما وافق الموزون شعرًا لذلك، وإن كان كلامًا موزونًا. ألا ترى أنه جاء في كتاب الله تعالى من هذا شيء كثير، فهو جار مجراه فموافقة الإنسان الشعر في الوزن مع عدم القصد من قائله والإرادة له، فلا حكم له، فهذا مختصر ما ذكره ابن القطاع، وقد بسطه بسطًا كثيرًا في آخر كتابه المذكور وبه ختم كتابه.

شعع: قال أهل اللغة: شعاع الشمس بضم الشين، وهو ما يرى من ضوئها عند ذروها مثل الحبال والقضبان مقبلة إليك إذا نظرت إليها. قال صاحب المحكم بعد أن ذكر هذا المشهور، وقيل: هذا الذي تراه ممتدًا كالرماح بعد الطلوع، قال: وقيل: هو انتشار ضوئها، والجمع أشعة وشعع بضم الشينوالعين وأشعت الشمس نشرت شعاعها. قال الأزهري: قال أبو عمرو: والشعشع بضم الشين هو الغلام الحسن الوجه الخفيف الروح، وقوله في المهذب في فصل جواز قتل دواب الكفار في باب السير في بيت الشعر:

بضربة مثل شعاع الشمس

لأحمين صاحبي ونفسي

أراد به حصول واضحة عظيمة بينة، وكذا قوله في شعر الآخر في باب الأقضية من المهذب:

الأمر أضوأ من شعاع الشمس

معناه: براءتي مما رميت به واضحة جلية لا خفاء بها.

شفف: قال أهل اللغة: الشف بفتح الشين ستر رقيق. قال الجوهري: قال أبو نصر: هو ستر أحمر رقيق من صوف يستشف، ما وراءه الشف بكسرها الفضل، والريح

ص: 164

تقول: منه شف يشف شفًا بكسرها في المضارع والمصدر. قال ابن السكيت: والشف أيضا النقصان وهو من الأضداد، وشف عليه ثوبه يشف شفوفا وشففًا أي: رق حتى يرى ما خلفه وثوب شف.

وشف أي: رقيق وشف جسمه ويشف شفوفا أي: نحل وأشففت بعض ولدي على بعض أي: فضلتهم والشفيف لذع البرد. قوله في الروضة الشفان مطر وزيادة، هكذا ذكره الرافعي تقليدًا لصاحب التقريب، فهو الذي ذكره منفردًا به عن الأصحاب، وهو بفتح الشين المعجمة وتشديد الفاء وآخره نون. قال أهل اللغة: الشفان برد ريح فيها نداوة. قال صاحب المجمل: ويقال: الشفيف أيضًا، فهذا قول أهل اللغة فيه، وهو تصريح بأنه ليس بمطر فضلا عن كونه مطرًا وزيادة، فقوله مطر وزيادة تساهل وإطلاق فاسد، وصوابه: أن يقال الشفان له حكم المطر، لتضمنه القدر المبيح من المطر؛ لأن المبيح من المطر هو ما يبل الثوب، وهذا موجود في الشفان، فصار كالثلج الذي يبل.

شفق: أجمع العلماء على أن وقت صلاة العشاء يدخل بغيبوبة الشفق. والأحاديث الصحيحة مشهورة بذلك. ولكن اختلفوا في الشفق المراد به هل هو الأحمر أو الأبيض، والأحمر يتقدم والأبيض يتأخر، فذهب الشافعي والجمهور رضي الله تعالى عنهم إلى أنه الحمرة، وذهب أبو حنيفة وآخرون: إلى أنه البياض. وروى البيهقي بإسناده الصحيح، عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، أنه قال: الشفق الحمرة. ورواه البيهقي أيضًا عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس وأبي هريرة وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس رضي الله تعالى عنهم. ورواه عن مكحول وسفيان الثوري ورواه مرفوعًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بثابت عنه صلى الله عليه وسلم.

وحكى ابن المنذر في الأشراف أنه الحمرة عن ابن أبي ليلى ومالك والثوري وأحمد وإسحاق وأبي يوسف ومحمد بن الحسن، قال: وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس وعن ابن عباس أيضًا أنه البياض. قال: وروينا عن أنس وأبي هريرة وعمر بن عبد العزيز: ما يدل على أنه البياض، وبه قال أبو حنيفة، قال ابن المنذر: الشفق البياض، وحكى القاضي أبو الطيب عن أبي ثور وداود: أنه الحمرة، وعن زفر والمزني: أنه البياض، وحكاه غيره عن معاذ بن جبل الصحابي. ونقل البغوي عن أكثر أهل العلم: أنه الحمرة. واستدل أصحابنا للحمرة بأشياء من الحديث والمعنى لا يظهر

ص: 165

منها دلالة محققة، والذي ينبغي أن يعتمد أن المعروف عند العرب: أن الشفق الحمرة، وذلك مشهور في شعرهم ونثرهم، ويدل عليه نقل أئمة اللغة.

قال الإمام أبو منصور الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: الشفق عند العرب الحمرة. روى سلمة عن الفراء قال: سمعت بعض العرب يقول: عليه ثوب مصبوغ كأنه الشفق وكان أحمر. وقال ابن فارس في المجمل: قال ابن دريد: الشفق الحمرة. قال ابن فارس: وقال أيضا الخليل: الشفق الحمرة التي من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة، وذكر قول الفراء ولم يذكر ابن فارس غير هذا.

وقال الزبيدي في مختصر العين: الشفق الحمرة بعد غروب الشمس. وقال الخطابي في معالم السنن حكي عن الفراء: أنه الحمرة. قال: وأخبرني أبو عمر عن ثعلب: أن الشفق البياض. قال الخطابي: وقال بعضهم: الشفق اسم للحمرة والبياض، إلا أنه إنما يطلق على أحمر ليس بقاني، وأبيض ليس بناصع، وإنما يعلم المراد به بالأدلة لا بنفس الاسم كالقر، وغيره من الأسماء للشتاء.

شقص: الشقص المذكور في باب الشفعة هو بكسر الشين وإسكان القاف، وهو القطعة من الأرض والطائفة من الشيء، قاله أهل اللغة كلهم، والشقص هو الشريك.

شكر: الشكر هو الثناء على المشكور بإنعامه على الشاكر، وقد سبق في فصل حمد ذكر الشكر، والحمد ونقيضهما، ويقال: شكرته وشكرت له. قال الجوهري وغيره: وباللام أفصح وبه جاء القرآن. والشكران بمعنى الشكر وتشكرت له.

شكك: أعلم أن الشك عند الأصوليين هو تردد الذهن بين أمرين على حد السواء، قالوا: التردد بين الطرفين إن كان على السواء فهو الشك، وإلا فالراجح ظن والمرجوح وهم. قال الإمام الغزالي في أوائل باب الحلال والحرام من الإحياء: الشك عبارة عن اعتقادين متقابلين نشأ عن سببين، فما لا سبب له لا يثبت عقده في النفس حتى يساوي العقد المقابل له فيصر شكا، فلهذا يقول: من شك هل صلى ثلاثًا أم أربعًا أخذ بالثلاث؛ لأن الأصل عدم الزيادة، ولو سئل الإنسان أن صلاة الظهر التي صلاها من عشر سنين كانت ثلاثًا أم أربعًا لم يتحقق قطعًا أنها أربع، لجواز أن تكون ثلاثًا، فهذا التجويز لا يكون شكا إذ لم يحضره سبب أوجب اعتقاد كونها ثلاثًا، فاحفظ حقيقته حتى لا يشتبه بالوهم والتجويز لغير سبب.

قلت:

ص: 166

وأعلم أن الفقهاء يطلقون في كثير من كتب الفقه لفظ الشك على التردد بين الطرفين، مستويا كان أو راجحا، كقولهم شك في الحديث، أو في النجاسة، أو في صلاته، أو في طوفه، ونيته، وطلاقه وغير ذلك، وقد أوضحت ذلك في مواضع من شرح المهذب.

شهد: الشهيد المقتول في سبيل الله تعالى اختلف في تسميته شهيدًا، فقال النضر بن شميل سمي بذلك؛ لأنه حي، فإن أرواحهم شهدت وحضرت دار السلام، وأرواح غيرهم إنما تشهدها يوم القيامة. وقال ابن الأنبارى: لأن الله تعالى وملائكته عليهم السلام يشهدون لهم بالجنة. وقيل: لأنه يشهد عند خروج روحه ما أعد الله تعالى له من الثواب والكرامة. وقيل: لأن ملائكة الرحمة يشهدونه فيأخذون روحه. وقيل: لأنه شهد له بالإيمان وخاتمة الخير بظاهر حاله. وقيل: لأن عليه شاهدًا شهد بكونه شهيدًا وهو الدم، فإنه يبعث يوم القيامة وأوداجه تشخب دما. وحكى الأزهري وغيره قولا آخر: أنه سمي شهيدًا؛ لأنه ممن يشهد على الأمم يوم القيامة، وعلى هذا القول لا اختصاص له بهذا السبب.

وأعلم أن الشهيد ثلاثة أقسام، أحدها: المقتول في حرب الكفار بسبب قتالهم فهذا له حكم الشهداء في ثواب الآخرة وفي أحكام الدنيا، وهو أنه لا يغسل ولا يصلى عليه. والثاني: شهيد في الثواب دون أحكام الدنيا، وهو المبطون والمطعون وصاحب الهدم والغريق، والمرأة التي تموت في نفاسها، والمقتول دون ماله وغيرهم ممن وردت الأحاديث الصحيحة بتسميته شهيدًا فهذا يغسل ويصلى عليه وله ثواب الشهداء، ولا يلزم أن يكون ثوابهم مثل ثواب الأول.

والثالث من غل في الغنيمة، وشبهه ممن وردت الآثار بنفي تسميته شهيدًا، إذا قتل في حرب الكفار فهذا له حكم الشهداء في الدنيا، فلا يغسل ولا يصلى عليه، وليس له ثوابهم الكامل في الآخرة.

شهر: الشهر واحد الشهور، وهو مأخوذ من الشهرة، يقال: شهرت الشيء أشهره شهرة وشهرًا أظهرته هذه اللغة المشهورة. ويقال أيضا: أشهرته حكاها الزبيدي في مختصر العين إذا أظهرته وأعلنته واشتهر أي: ظهر وشهرته تشهيرًا وشهر سيفه أي: سله، فسمي الشهر شهرا لشهرة أمره لحاجات الناس إليه في عباداتهم ومعاملاتهم وغيرها، ويقال: أشهرنا دخلنا في الشهر.

وقوله في

ص: 167

باب السلم من المهذب: الأجل المعلوم كشهور العرب والفرس والروم الشهور عند الجميع اثنا عشر شهرًا، كما أخبر الله سبحانه وتعالى بقول الله تعالى:{إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموت والأرض منها أربعة حرم} فأما شهور المسلمين فمنها أربعة حرم، كما قال الله عز وجل، واتفق العلماء على أنها ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، واختلفوا في كيفية عدها على قولين: حكاهما أبو جعفر النحاس في كتابه صناعة الكتاب. قال: ذهب الكوفيون إلى أنه يقال المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة. قال: والكتاب يميلون إلى هذا القول ليأتوا بهن من سنة واحدة. قال: وأهل المدينة يقولون: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب وقوم ينكرون هذا، ويقولون: جاءوا بها من سنتين.

قال النحاس: وهذا غلط بين وجهل باللغة؛ لأنه قد علم المراد، وأن المقصود ذكرهما، وأنها في كل سنة فكيف يتوهم أنها من سنتين، قالوا: والأولى والاختيار ما قاله أهل المدينة؛ لأن الأخبار قد تظاهرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قالوا من رواية ابن عمر وأبي هريرة وأبي بكرة رضي الله تعالى عنهم قالوا: وهذا أيضًا قول أكثر أهل التأويل، قالوا: وأدخلت الألف واللام في المحرم دون غيره. قال: وجاء من الشهور ثلاثة مضافة شهر رمضان وشهرا هذه الشهور. واشتقاقها مذكور في تراجمها من الكتاب.

وأما شهور الفرس فأيلول وتشرين الأول والثاني، وهذه الثلاثة فصل الخريف وكانون الأول وكانون الثاني وسباط بالسين المهملة، وهذه الثلاثة فصل الشتاء وآذار بالذال المعجمة ونيسان وأيار وحزيران وتموز وآب وهذه الستة فصل الصيف. وفي الحديث في خروج النساء يوم العيد “ولا يلبسن الشهرة من الثياب” هو بضم الشين ومعناه: الثياب الفاخرة التي تشتهر بها عن غيرها لحسنها.

شوب: قال أهل اللغة: الشوب الخلط، وقد شبت الشيء بضم الشين أشوبه، فهو مشوب إذا خلطته.

شوش: قوله: يشوش على الناس، ويشوش القواعد، وما أشبهه هذا قد استعمله الغزالي رحمه الله تعالى في مواضع كثيرة، واستعمله صاحب المهذب في باب صلاة الجماعة وفي آخر باب المسابقة: وهو غلط عند أهل اللغة، عده ابن الجواليقي

ص: 168

وجماعة من العلماء في لحن العوام، وقالوا: الصواب يهوش بضم الياء وفتح الهاء وكسر الواو، ومعناه الخلط واللبس.

وقال أهل اللغة: الهوشة الاضطراب، وقد هوش القوم، قالوا: وكل شيء خلطته فقد هوشته، وقد أجاز الجوهري في صحاحه التشويش، وقال: التشويش التخليط، وقد تشوش عليه الأمر. وقال ابن الجواليقي في كتابه لحن العوام: تقول: هوشت الشيء إذا خلطته، ولا تقل شوشته. فقد أجمع أهل اللغة: على أن التشويش لا أصل له في اللغة، وأنه من كلام المولدين، قال: وخطأوا الليث فيه.

شوط: قال أهل اللغة: الشوط بفتح الشين هو الطلق بفتح الطاء واللام، يقال: جرى شوطا. قال الزبيدي: الشوط جرى مرة إلى الغاية وجمعه أشواط. وأما قول الغزالي في الوسيط والوجيز في مسائل الطواف: لم يعتد بذلك الشوط، فهذا من قد ينكر عليه؛ لأن الشافعي رضي الله تعالى عنه نص على كراهة تسمية الطواف شوطًا أو دورا.

ورواه عن مجاهد رضي الله تعالى عنهما، وإنما تسمى المرة طوفة، والمرتان طوفتان، والمرات طوفات، والمجموع طواف. فإن قيل: ذكر الجوهري في صحاح اللغة أنه يقال: طاف بالبيت سبعة أشواط، من الحجر إلى الحجر شوط، وهذا يدل على صحة استعماله، فجوابه: أن الجوهري يتكلم فيما كانت العرب تستعمله، وهذا لا ينكره، وإنما يقول الشافعي رضي الله تعالى عنه: أنه مكروه في الشرع، وقد ثبت في صحيحي البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط، قال: ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها، إلا الإبقاء عليهم.

شوه: قال ثعلب: قال ابن الأعرابي: المرأة الشوهاء تطلق على القبيحة وعلى الحسنة فهو من الأضداد.

شيأ: الشيء الجزء الصغير شيىء بضم الشين وكسرها لغتان، قالوا: ولا يقال شوى، وجمعه أشياء غير مصروف، ولأهل النحو والتصريف في عدم صرفه وتحقيق أصله كلام طويل لا يحتاج إليه الفقهاء. وتصغير أشياء على أشياء بتشديد الياء ويجمع على أشاوي بكسر الواو وتشديد الياء. وأشاوى مثل الصحارى. قال أهل اللغة: والمشيئة الإرادة، وقد شئت الشيء أشاوة. ويقال كل شيء بشيئة الله تعالى

ص: 169

بكسر الشين على وزن شيعة أي: بمشيئته، وفرق أصحابنا بين المحبة والمشيئة، قالوا: ولهذا يقال الإنسان يشاء دخول الدار ولا يحبه ويحب ولده ولا يسوغ فيه المشيئة، وقد ذكرت هذا في الروضة في تعليق الطلاق بالمشيئة قوله صلى الله عليه وسلم: “إن في أعين الأنصار شيئا” مذكور في نكاح المهذب، وهو حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه من رواية أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وهكذا ضبطناه في صحيح مسلم شيئا بهمز بعد الياء، وهذا هو الصواب، وهكذا وجد بخط المصنف، وهكذا هو في النسخ المعتمدة من المهذب. وروي شينًا بالنون بدل الهمز.

وعلى الأول اختلفوا في المراد بالشيء، فقيل: عمش. وقيل: زرقة. وقيل: بنو. وقيل: ضعف في الأجفان. وقيل: بياض في الأجفان. وفي الحديث: “أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء” ذكره في باب ما يلحق من النسب أي: ليست من دين الله تعالى في شيء، ومعناه ليست مرتبطة بدينه وليست في ذمته، بل هي في معنى المتبرىء منه سبحانه وتعالى. عافانا الله تعالى.

واعلم: أن مذهب أهل السنة أن المعدوم لا يسمى شيئا، وقالت المعتزلة: يسمى شيئا ووافقوا على أن المحال لا يسمى شيئا، فلا يكون داخلا في قول الله عز وجل:{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (البقرة: من الآية284) .

قال أصحابنا وغيرهم من المتكلمين: لا يوصف الله سبحانه وتعالى بالقدرة على المستحيل، واستدل أصحابنا على أن المعدوم لا يسمى شيئا بقول الله عز وجل:{وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً} (مريم: من الآية9) وأما قول الله تعالى: {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} (الحج: من الآية1) . فقال أصحابنا: سماها شيئا لتحقق وقوعها فسماها باسم الواقع، كما قال تعالى:{هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ} (الصافات: من الآية21)، {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} (الأعراف: من الآية44) ، {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ} (الأعراف: من الآية50) ونحو ذلك.

شيخ: الشيخ من الآدميين، يقال في جمعه شيوخ ومشيخة وشيخة ومشيوخاء، حكاه أبو عمرو عن ابن الأعرابي، وذكر في المهذب في أول كتاب الحدود الحديث المشهور:"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" المراد: بالشيخ والشيخة الرجل والمرأة المحصنين، وليس معناه أنه لا يرجم أحدهما إلا إذا زنا بمحصن بل ذلك من التقييد الذي لا مفهوم له، فلو زنى محصن ببكر رجم المحصن وجلد البكر، ومعنى البتة هنا رجما لا بد منه ولا مندوحة عنه.

ص: 170