المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الحفياء: مذكورة في باب المسابقة من المهذب، وهي: بحاء مهملة - تهذيب الأسماء واللغات - جـ ٣

[النووي]

الفصل: الحفياء: مذكورة في باب المسابقة من المهذب، وهي: بحاء مهملة

الحفياء: مذكورة في باب المسابقة من المهذب، وهي: بحاء مهملة مفتوحة، ثم فاء ساكنة، ثم ياء مثناة من تحت، ثم ألف ممدود وهذا هو الأشهر، ويقال: بالقصر.

قال صاحب المطالع: الحفيا تمد وتقصر، قال: وضبطه بعضهم بضم الحاء وهو خطأ. قلت: وذكر الإمام الحافظ أبو بكر الحازمي في كتابه المختلف والمؤتلف في أسماء الأماكن أنه يقال فيها أيضًا: الحيفا، بتقديم الياء على الفاء، ذكره في حرف الحاء. قال: والأشهر تقديم الفاء، والله تعالى أعلم.

حلوان: مذكور في حد سواد العراق، هو بضم الحاء وإسكان اللام، قال الإمام الحازمي في المؤتلف والمختلف: حلوان البلد المعروف، وهو: آخر مما يلي المشرق، نسب إلى حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة؛ لأنه بناه.

حمص: مدينة معروفة من مشارق الشام، لا ينصرف للعجمة والعلمية، والتأنيث كماه وجوز، وهي من المدن الفاضلة، وفي حديث ضعيف: “أنها مدن الجنة”، وكانت في أول الأمر أشهر بالفضل من دمشق. وذكر الثعلبي في العرائس في فضل الشام: أنه نزل حمص تسعمائة رجل من الصحابة.

حنين: تكرر ذكره في كتاب السير من المهذب وهو واد بين مكة والطائف وراء عرفات، بينه وبين مكة بضعة عشر ميلاً، وهو مصروف كما نطق به القرآن العظيم.

الحيرة: مذكورة في استطاعة المرأة في كتاب الحج من المهذب حديثها في صحيح البخاري رحمه الله، وهي بكسر الحاء وإسكان الياء المثناة من تحت بعدها راء ثم هاء وهي مدينة معروفة عند الكوفة، وهي مدينة النعمان، فهذه هي المذكورة في الحديث في كتب المذهب، وليست بالحيرة المحلة المعروفة بنيسابور، والله تعالى أعلم.

‌حرف الخاء

خبث: قوله عند دخول الخلاء: "اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث" حديثه في الصحيحين من رواية أنس، وهو بضم الباء، ويجوز تخفيفها بإسكانها كما في نظائره ككتب ورسل وعنق وأذن ونحوها، هذا هو الصواب.

وأما قول الإمام أبي سليمان الخطابي: أن المحدثين يروونه بإسكان الباء، وأنه خطأ منهم، فليس بصواب منه؛ لأن إسكان الباء في هذا الباب، وهو باب فعل بضمتين جائز بلا خلاف بين أهل اللغة والتصريف والنحو،

ص: 86

وهو أجل من أن ينكر هذا، ولعله أراد الإنكار على من يقول أصله الإسكان، وأما الإسكان على سبيل التخفيف، فلا يمنعه أحد، ومع هذا فعبارته مشكلة.

وأما معناه فقال الخطابي: الخبث جمع خبيث، والمراد: ذكور الشياطين، والخبائث جمع خبيثة، والمراد: أناث الشياطين. وقال غيره: الخبث بالإسكان الشر، وقيل: الكفر، وقيل: الشيطان والخبائث المعاصي. قال أهل اللغة: أصل الخبث في كلام العرب المذموم، والمكروه، والقبيح من قول أو فعل أو مال أو طعام أو شراب أو شخص أو حال. وقال أبو عمر المزاهد: قال ابن الأعرابي: الخبث في كلام العرب المكروه، فإن كان من الكلام فهو الشتم، وإن كان من الملل فهو الكفر، وإن كان من الطعام فهو الحرام، وإن كان من الشراب فهو الضار.

خبر: وأما المخابرة، فقال أبو عبيد، والأكثرون من أهل اللغة، والفقهاء: هي مأخوذة من الخبير، وهو: الأكار بتشديد الكاف وهو الفلاح الحراث. وقال آخرون: من الخبار، وهي: الأرض اللينة، والمزارعة قريب من المخابرة، وقيل: من الخبر بضم الخاء، وهو: النصيب.

قال الجوهري: قال أبو عبيد: هو النصيب من سمك أو لحم. قال: ويقال: تخبروا خبرة إذا اشتروا شاة فذبحوها واقتسموا لحمها. وقال ابن الأعرابي: هي مشتقة من خيبر؛ لأن أول هذه المعاملة كان فيها من النبي صلى الله عليه وسلم، واختلف أصحابنا فيهما هل هما بمعنى أم لا، فقال بعضهم: هما بمعنى واحد، وادعى صاحب البيان: أن هذا قول أكثر أصحابنا، وليس كما قاله، بل الصحيح الذي ذهب إليه جمهورهم، ونص عليه الشافعي رضي الله عنه، ونقله صاحب الشامل، والمحققون عن الجمهور: أنهما مختلفان، والمخابرة: هي المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها، ويكون البذر من العامل، والمزارعة مثلها، إلا أن البذر من مالك الأرض.

قال الرافعي: وقد يقال: المخابرة اكتراء الأرض ببعض ما يخرج منها، والمزارعة اكتراء العامل ليزرع الأرض ببعض ما يخرج منها، ولا يختلف المعنى بهذا الاختلاف.

وأعلم أن المشهور من مذهبنا إبطال المخابرة، والمزارعة جميعًا، وهو نص الشافعي والأصحاب رضي الله عنهم، وذهب جماعة من محققي أصحابنا إلى صحتهما، وهو قول ابن سريج وابن خزيمة، واختاره أيضا الخطابي، وقد أوضحته في الروضة، ولله الحمد. وممن قال من أهل اللغة: أن المخابرة والمزارعة بمعنى واحد صاحب

ص: 87

الصحاح، وقاله أيضًا الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى في معالم السنن. قال الخطابي: الخبر النصيب.

خبل: قوله في المهذب في أول صفة الصلاة: وإن كان بلسانه خبل، هو بفتح الخاء المعجمة وإسكان الباء الموحدة، وهو فساد فيه. قال ابن السكيت: الخبل فساد، قال الجوهري: الخبل بالتسكين الفساد، وجمعه خبول. وقال الهروي: الخبل فساد الأعضاء، ورجل خبل ومختبل. قال: قال شمر: الخبال والخبل الفساد.

ختم: الخاتم والخاتم بفتح التاء وكسرها، والخيتام والخاتام كله بمعنى، والجمع خواتيم هذه اللغات الأربع مشهورة.

خدع: قال الإمام أبو منصور الأزهري: قال أبو عبيد: قال أبو زيد: يقال خدعته خدعا وخديعة، وأجاز غيره خدعا بالفتح، ويقال: رجل خداع وخدوع وخدعة وإذا كان خداعا، والخدعة ماخدع به. وقال أبو عبيد: سمعت الكسائى يقول: الحرب خدعة يعني بضم الخاء وفتح الدال، قال: وقال أبو زيد مثله، ورجل خدعة إذا كان يخدع، وروي في الحديث: “الحرب خدعة” أي: ينقضي أمرها بخدعة واحدة، وقيل: الحرب خدعة ثلاث لغات، وأجودها ما قال الكسائى وأبو زيد خدعة.

قال الإمام الواحدي في البسيط من التفسير: اختلف أهل اللغة في أصل الخداع، فقام قوم أصله من إخفاء الشيء. قال الليث: أخدعت الشيء أي: أخفيته. وقال آخرون: أصل اخداع والخدع الفساد. قال ابن الأعرابي: الخادع الفاسد من الطعام. وغيره قوله في الوسيط في كتاب شرب الخمر: ويتقي يعني: الجلاد المقاتل كالقرط والأخدع، فالأخدع بفتح الهمزة على وزن الأحمر. قال الإمام الأزهري: الأخدعان عرقان في صفحتي العنق قد خفيا وبطنا، والأخادع الجمع، ورجل مخدوع قد أصيب أخدعه. وقال صاحب المحكم: وقيل: الأخدعان الودجان، قال: وخدعه يخدعه خدعا قطع أخدعه. قوله في الوسيط والله تعالى لا يخادع في العزائم، ذكره في كتاب السير في مسألة الهزيمة معناه، والله أعلم لا يخفى عليه شيء كما تقدم في معنى الخداع.

قال الواحدي: قال اللحياني وأبو عبيدة خادعت الرجل بمعنى خدعته. قال الأزهري: والمخدع والمخدع الخزانة، قال: وأخدعت الشيء أخفيته، وقال صاحب المحكم: الخدع إظهار خلاف ما يخفيه خدعه يخدعه خدعا وخدعا وخديعة وخدعة وخداعا وخدعه واختدعه.

وقيل:

ص: 88

الخدع والخدع والخداع الآسم، وتخادع القوم خدع بعضهم بعضا، وانخدع أرى أنه قد خدع، والخدع ما يخدع به، ورجل خدعة يخدع كثيرا، وخدعة يخدع الناس كثيرًا، ورجل خداع وخدع وخيدع وخدوع كثير الخداع، وكذلك المرأة بغير هاء، وخادعت فلانًا رمت خدعه، وخدعته ظفرت به.

وقال: الحرب خدعة وخِدْعة وخُدَعة، فمن قال: خدعة فمعناه من خدع فيها خدعة فزلقت قدمه وعطب فليس لها إقالة. ومن قال: خدعة أراد أنها تخدع، كما يقال رجل لعنة يلعن كثيرًا، وإذا خدع أحد صليت صاحبه في الحرب، فإنما خدعت هي. ومن قال: خدعة أراد أنها تخدع أهلها، ورجل مخدع خدع في الحرب مرة بعد مرة، والخيدع الذي لا يوثق بمودته، والخيدع السراب لذلك، وطريق خيدع وخادع جائر مخالف للقصد لا يفطن به، وخدعت الشيء وأخدعته كتمته وأخفيته، والمخدع الخزانة.

قال سيبويه: لم يأت مفعل اسما إلا المخدع، وما سواه صفة، والمخدع والمخدع لغة في المخدع.

خدم: وروينا في صحيح البخاري في كتاب النكاح في باب النقيع والشراب الذي لا يسكر في العرس. عن سهل بن سعد: أن امرأة أبي سعد كانت خادمتهم في عرسهم هكذا هو في معظم الأصول خادمتهم بالتاء.

خرج: وأما قول الغزالي رحمه الله تعالى وغيره من الأصحاب رحمهم الله تعالى في المسألة قولان: بالنقل والتخريج. فقال الإمام أبو القاسم الرافعي في كتاب التيمم معناه: أنه إذا ورد نصان عن صاحب المذهب مختلفان في صورتين متشابهتين، ولم يظهر بينهما ما يصلح فارقا، فالأصحاب يخرجون نصه في الصورة الأخرى لاشتراكهما في المعنى، فيجعل في كل واحدة من الصورتين قولان: منصوص ومخرج. المنصوص في هذه هو المخرج في تلك، والمنصوص في تلك هو المخرج في هذه، فيقولون فيهما قولان: بالنقل والتخريج أي: نقل المنصوص من هذ الصورة إلى تلك الصورة، وخرج منها، وكذلك بالعكس. ويجوز أن يراد بالنقل الرواية، ويكون المعنى في كل واحدة من الصورتين قول منقول أي: مروي عنه وآخر مخرج، ثم الغالب في مثل هذا: عدم إطباق الأصحاب على هذا التصرف، بل ينقسمون غالبا

ص: 89

فريقين منهم من يقول، ومنهم من يمتنع، ويستخرج فارقا بين الصورتين يستند إليه افتراق النصين، هذا كلام الرافعي. وقد اختلف أصحابنا في القول المخرج هل ينسب إلى الشافعي رضي الله تعالى عنه؟ فمنهم من قال: ينسب، والصحيح الذي قاله المحققون: لا ينسب؛ لأنه لم يقله، ولعله لو روجع ذكر فارقًا ظاهرًا، قوله في المهذب في باب الكفن، ويجعل الحنوط على خراج نافذ، إذا كان الخراج بضم الخاء المعجمة وتخفيف الراء، وهو القرحة في الجسد.

خرع: قولهم: اخترع الدليل أو الحكم، وما أشبهه. فمعناه ارتجله وابتكره، ولم يسبق إليه. قال الأزهري: اخترعه أي: اخترقه. قال: والخرع الشق، يقال: خرعته فانخرع أي: شققته فانشق، وانخرعت القناة إذا انشقت. قال صاحب المحكم: اخترع الشيء ارتجله، والاسم الخرعة.

خسف: يقال: خسف القمر، وخسفت الشمس، وكسف وكسفت، وانخسف وانخسفت، وانكسف وانكسفت، وخسفا وكسفا، كلها لغات صحيحة، وصحت وثبتت كلها في صحيح البخاري، ومسلم من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم. قال الأزهري في باب العين والخاء والشين: قال أبو زيد: يقال: خسفت الشمس وكسفت وخسفت بمعنى واحد.

خشع: قال الإمام الأزهري: التخشع لله تعالى الإخبات والتذلل. وقال الليث: خشع الرجل يخشع خوشعا، إذا رمى ببصره إلى الأرض، والخشوع قريب من الخضوع، إلا أن الخضوع في البدن، وهو الإقرار بالأستخذاء، والخشوع في البدن والصوت والبصر، هذا كلام الأزهري.

وقال صاحب المحكم: خشع واختشع وتخشع رمى ببصره نحو الأرض، وخفض صوته، وقوم خشع متخشعون. وقال الواحدي: الخشوع في اللغة السكون، قال: وعلى هذا يدور كلام المفسرين في تفسير الخشوع في الصلاة. قال الأزهري: هو سكون المرء في صلاته. وقال السدي: خاشعون متواضعون. وقال مجاهد: ساكنون. وقال عمرو بن دينار: هو السكوت وحسن الهيئة.

خصر: قولهم في التنبيه: هذا كتاب مختصر، اختلفت عبارات العلماء في معنى المختصر. فقال الشيخ أبو حامد الإسفرايني شيخ أصحاب العراقيين في تعليقه حقيقة الاختصار: ضم بعض الشيء إلى بعض، قال: ومعناه عند الفقهاء رد الكثير إلى القليل، وفي القليل معنى الكثير، قال: وقيل: هو إيجاز اللفظ مع

ص: 90

استيفاء المعنى، ولم يذكر صاحب الشامل غير هذا الثاني، وذكرهما جميعًا المحاملي في المجموع. وقال صاحب الحاوي: قال الخليل بن أحمد: هو ما دل قليله على كثيره، سمي اختصارا لاجتماعه، كما سميت المخصرة مخصرة لاجتماع السيور، ومخصر الإنسان لاجتماعه ودقته.

خضر: قوله في المهذب في باب السير: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخضراء كتيبة فيها المهاجرون والأنصار لا يرى منهم إلا الحقد. قال الأصمعي: الخضراء: اسم من أسماء الكتيبة، والكتيبة الخيل المجتمعة، وقيل: سميت خضراء لكثرة الحديد فيها، والعرب تسمي أخضر. قال الجوهري: يقال: كتيبة خضراء للتي يعلوها سواد الحديد.

خضع: قال الأزهري: خضع في كلام العرب يكون لازمًا ومتعديا، تقول: خضعته فخضع، وخضع الرجل رقبته فاختضعت. وقال صاحب المحكم: خضع يخضع خضعا وخضوعا واختضع ذل، ورجل خيضع واخضع وخضيع ألان كلامه للمرأة، خضعه الكبر يخضعه خضعًا وخضوعا وأخضعه حناه وخضع هو وأخضع انحنى.

خطأ: قال الجوهري رحمه الله تعالى: الخطأ: نقيض الصواب، وقد يمد، وقرىء بهما في قول الله تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلا خَطَأً} (النساء: من الآية92) تقول منه أخطأت وتخطأت بمعنى واحد، ولا تقل أخطيت، وبعضهم يقوله، والخطأ الذنب من قول الله تعالى:{إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً} (الاسراء: من الآية31) أي: إثما، تقول منه خطىء يخطأ خطأ، وخطئة على فعلة، والاسم الخطيئة على فعيلة، ولك أن تشدد الياء؛ لأن كل ياء ساكنة قبلها كسرة أو واو ساكنة قبلها ضمة، وهما زائدتان للمد لا للإلحاق، ولا هما من نفس الكلمة، فإنك تقلب الهمزة بعد الواو واوا، وبعد الياء ياء، وتدغم، فتقول: في مقروء مقرو، وفي خبيء خبي بتشديد الواو والياء.

قال أبو عبيدة: خطىء وأخطأ بمعنى واحد لغتان، قال: وفي المثل مع الخواطىء سهم صائب يضرب للذي يكثر منه الخطأ، ويأتي في الأحيان بالصواب. قال الأموي: المخطىء من أراد شيئا فصار إلى غيره، والخاطىء من تعمد لما لا ينبغي، وتقول: خطأته تخطئة وتخطيئا، إذا قلت له أخطأت، وتخطأت له في المسألة أي: أخطأت، وجمع الخطيئة خطايا، وكان الأصل خطائي على وزن فعائل، فلما اجتمعت الهمزتان قلبت الثانية ياء؛ لأن قبلها كسرة، ثم استثقلت والجمع ثقيل، وهو معتل مع

ص: 91

ذلك، فقلبت الياء ألفًا، ثم قلبت الهمزة الأولى ياء لخفائها ما بين الألفين، هذا آخر كلام الجوهري.

وفي مسند أبي عوانة وأبي يعلى الموصلي عن سيعد بن جبير قال: خرجت مع ابن عمر فمررنا بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، ورويناه بهذه الحروف في صحيحي البخاري ومسلم. وفي حديث أبي ذر أحد قواعد الإسلام: “يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، يا عبادي إنكم تخطؤون بالليل والنهار” ولم يقل تخطأون.

خطب: قال الإمام أبو منصور الأزهري: قال الليث: الخطب سبب الأمر، تقول: ما خطبك أي: ما أمرك، وتقول: هذا خطب جليل، وخطب يسير، وجمعه خطوب، والخطبة مصدر الخطيب، وهو يخطب المرأة، ويختطبها خطبة، وخطبني. وقال الفراء في قول الله تعالى:{مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} (البقرة: من الآية235) الخطبة: مصدر الخطب، وهو بمنزلة قولك: أنه لحسن القعدة والجلسة، قال: والخطبة مثل الرسالة التي لها أول وآخر. قال الأزهري: والذي قال الليث: أن الخطبة مصدر الخطيب، لا يجوز إلا على وجه، وهو أن الخطبة اسم للكلام الذي يتكلم به الخطيب فيوضع، والعرب تقول: فلان خطب فلانة إذا كان يخطبها. وقال الليث: الخطاب مراجعة الكلام، وخطب الخاطب على المنبر يخطب خطابة، واسم الكلام الخطبة. وقال الزجاج أيضًا في معاني القرآن: الخطبة بالضم ما له أول وآخر نحو الرسالة، وجمع الخطيب خطباء، وجمع الخاطب خطاب، هذا ما ذكره الأزهري.

وقال صاحب المحكم: الخطب الشأن، أو الأمر صغر أو كبر، وخطب المرأة يخطبها خطبا، وخطبة الأولى عن اللحياني، واختطبها وخطبها عليه وهي خطبة، والجمع أخطاب، وكذلك خطبة وخطبة الضم عن كراع، وخطبا وخطيبة وهو خطبها، والجمع كالجمع، وكذلك هو خطيبها، والجمع خطيبون، ولا يكسر، ورجل خطاب كثير التصرف في الخطبة، واختطب القوم فلانًا دعوه إلى تزويج صاحبتهم، والخطاب والمخاطبة مراجعة الكلام، وخطب الخاطب على المنبر يخطب خطابة، واسم الكلام الخطبة.

وقال ثعلب: خطب على القوم خطبة فجعلها مصدرا، ولا أدري كيف ذلك إلا أن يكون وضع الاسم. وذهب أبو إسحاق: إلى أن الخطبة عند العرب الكلام المنثور المسجع ونحوه، ورجل خطيب حسن الخطبة. قال الجوهري:

ص: 92

خطب على المنبر خطبة بالضم، وخطبت المرأة خطبة بالكسر، واختطبت فيهما، والخطيب الخاطب، والخطيب الخطبة، والخطابية من الرافضة ينسبون إلى أبي الخطاب، وكان يأمر أصحابه أن يشهدوا على من خالفهم بالزور، وقد خطب الرجل بالضم، خطابة بالفتح صار خطيبا.

وقال أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي الفقيه الشافعي صاحب الحاوي من أصحابنا في كتابه التفسير: الخطبة بكسر الخاء، هي: طلب النكاح، والخطبة بالضم تأليف كلام يتضمن وعظا وإبلاغا، وهذا الذي قاله حسن مفصح عن معنى اللفظة، والله تعالى أعلم.

وأعلم: أن الخطب المشهورة ثلاث عشرة خطبة: خطبتان للجمعة، وخطبتان للعيد، وخطبتان للكسوف، وخطبتان للاستسقاء، وخمس خطب في الحج، وواحدة في اليوم السابع من ذي الحجة بمكة عند الكعبة بعد صلاة الظهر، وثنتان بعرفات في مسجد إبراهيم عليه السلام بعد الزوال وقبل صلاة الظهر، وخطبة بعد صلاة الظهر بمنى يوم النحر، والصلاة أفراد إلا التي عند عرفات فإنها خطبتان وقبل صلاة الظهر. قال الماوردي في الأحكام السلطانية في باب ولاية الحج: جميع الخطب مشروعة بعد الصلاة إلا خطبتي الجمعة ملكا والتى بعرفات. الخطابية: الطائفة المبتدعة من الرافضة نسبوا إلى أبي الخطاب الكوفي، حكاه ابن الصباغ.

خطر: قال الإمام أبو منصور الأزهري رحمه الله تعالى: قال الليث: الخطر ارتفاع المكانة والمنزلة والمال والشرف، ويقال للرجل الشريف: هو عظيم الخطر. وقال ابن السكيت: الخطر والسبق والندب واحد، وهو كله الذي يوضع في النضال والرهان، فمن سبق أخذه، ويقال فيه: كل فعل مشددا إذا أخذه.

قال الليث: والأشراف على شفا هلكة هو الخطر، والإنسان يخاطر بنفسه إذا أشفى بها على خطر ملك، أو نيل ملك، ويقول: خطر ببالي وعلى بالي كذا وكذا يخطر خطورا، إذا وقع ذلك في بالك وهمك. قال الفراء: يقال: أنه لعظيم الخطر وصغير الخطر في حسن فعاله، وشرفه، وسوء فعاله، ولؤمه، والخاطر: ما يخطر في القلب من تدبير أو أمر، هذا ما نقلته من كتاب الأزهري، وقال صاحب المحكم: الخاطر الهاجس، والجمع الخواطر، وقد خطر بباله وعليه يخطِر ويخطُر الأخيرة

ص: 93

عن ابن جني خطورًا إذا ذكره بعد نسيان.

خطط: قال الإمام أبو منصور الأزهري رحمه الله تعالى: قال الليث: الخط الكتابة ونحوه مما يخط، والخطة الأرض التي يختطها الرجل لم تكن له، قال: وإنما كسرت الخاء لأنها أخرجت على مصدر أفعل، وقال في موضع أخر من الفصل: اختط فلان خطة إذا تحجر موضعًا، وخط عليه بجدار، وجمعها الخطط.

قال صاحب المحكم: خط الشيء يخطه خطا كتبه بقلم أو غيره، والتخطيط التسطير، والماشي يخط برجله الأرض على التشبيه بذلك، وثوب مخطط فيه خطوط، وكذلك تمر مخطط، وخط وجهه واختط صارت فيه خطوط، والخطة كالخط كأنها اسم للطريقة، والخط والخطة الأرض تترك من غير أن ينزلها نازل قبل ذلك، وقد خطها لنفسه خطا واختطها، وكلما خططته فقد خططت عليه.

قال الجوهري: الخطة بالكسر الأرض يختطها الرجل لنفسه، وهو أن يعلم عليها علامة بالخط ليعلم أنه قد أحتازها ليبنيها إذا أراد، ومنه خطط الكوفة والبصرة، والخطة بالضم القصة والأمر، وفي رأسه خطة إذا جاء وفي نفسه حاجة قد عزم عليها، والعامة تقول: خطية، وقولهم: خطة نائية أي مقصد بعيد، وقولهم: خذ خطة أي: خذ خطة الانتصاف، ومعناه انتصف، والخطة من الخطط كالنقطة من النقط، واختط الغلام نبت عذاره، والله تعالى أعلم.

وقول الغزالي في كتاب الجمعة: خطة البلد. وفي باب الوقف خطة الإسلام، وأشباه هذا كله بكسر الخاء على ما تقدم قوله في الجنين: إن بدا فيه التخطيط وجبت فيه الغرة وانقضت العدة. قال الرافعي في باب دية الجنين: التخطيط: قد يفسر بصورة الأعضاء من اليد والأصابع وغيرهما، وقد يفسر بالشكل والتقطيع الكلي، قبل تبيين آحاد أعضائه وهيئآتها، وهي الأكثر. قال أبو الفتح الهمداني في كتاب الآشتقاق: الخط: قرية ينسب إليها الرماح، يقال: رماح خطية بفتح الخاء، قال: ومنهم من يكسرها، وقيل لها ذلك؛ لأنها على ساحل البحر، والساحل يقال له الخط؛ لأنه فاصل بين الماء والتراب، هذا كلام أبي الفتح. واقتصر الجمهور على أن الرمح الخطي بفتح الخاء، وقل من ذكر الكسر.

خطف: قال الأزهري: يقال: خطفت الشيء واختطفته، إذا اجتذبته بسرعة، والخطاف طائر معروف، وجمعه خطاطيف. قال الأصمعي: الخطاف هو

ص: 94

الذي يجري في البكرة إذا كان من حديد، فإن كان من خشب فهو القعو. قال أبو الخطاب: وخطفت السفينة وخطفت أي: سارت. وقال صاحب المحكم: الخطف الأخذ بسرعة واستلاب خطفه، وخطفه يخطفه واختطفه وتخطفه. قال سيبويه: خطفه واختطفه كما قالوا نزعه وانتزعه، ورجل خيطف خاطف وسيف مخطف يخطف البصر بلمعه، وخطف البرق البصر، وخطفه يخطف ذهب به، وخطف واختطفه استرقه، والخطاف العصفور الأسود وهو الذي تدعوه العامة عصفور الجنة، هذا كلام صاحب المحكم. والخطاف المذكور في كتاب الأطعمة، قال أصحابنا: لا يحل أكله، هذا هو الذي ذكره الأزهري، وصاحب المحكم: وهو هذا الذي يأوي إلى البيوت عند ارتفاع البرد، وإقبال الربيع، وهو بضم الخاء وتشديد الطاء.

خفر: قوله: أن تجد طريقا آمنا خفارة، يقال: بضم الخاء وفتحها وكسرها ثلاث لغات حكاها صاحب المحكم، قال: وهي جعل الخفير، قال: وقد خفر الرجل وخفر به وعليه يخفره خفرا أجاره ومنعه وأمنه، وكذلك يخفر به فلان خفيري أي: الذي أجيره، والخفير المجير كل واحد منهما خفير لصاحبه، والاسم من ذلك كله الخفرة والخفارة، وقيل: الخفرة والخفارة، والخفارة الأمانة وهو من ذلك الأول، والخفرة أيضًا الخفير الذي هو المجير، والخفارة أيضًا جعل الخفير، قال: وخفرته خفرا، وأخفره نقض عهده وغدره، وأخفر الذمة لم يف بها، هذا كله كلام صاحب المحكم.

وقال الجوهري: خفرت بالرجل أخفر بالكسر خفرا إذا أجرته وتخفرت بفلان إذا استجرت به وسألته أن يكون لك خفيرا، وأخفرته نقضت عهده، ويقال أيضا: أخفرته إذا بعثت معه خفيرا، والاسم الخفرة بالضم، وهي الذمة، يقال: وقت خفرتك.

خفش: قال أهل اللغة: الخفاش طائر معروف يطير بالليل، وجمعه خفافيش، وأما الرجل الأخفش المذكور في الديات، وذكره في الروضة في عيوب البيع فهو نوعان، ذكرهما الجوهري وغيره، أحدهما: أن يكون ضعيف البصر من أصل الخلقة. والثاني: يكون لعلة، وهو الذي يبصر بالليل دون النهار، وفي الغيم دون الصحو.

خلب: في الحديث: “نهى عن كل ذي مخلب من الطير” هو بكسر الميم وإسكان الخاء المعجمة وفتح اللام. قال

ص: 95

أهل اللغة والفقه وغيرهم: المخلب للطير كالظفر للآدمي، وفي الحديث: “قل لا خلابة” هي بكسر الخاء وتخفيف اللام والباء وهي الخديعة، يقال منه خلبه يخلبه بضم اللام، واختلبه مثله.

خلع: قال الإمام أبو منصور الأزهري: يقال: خلع الرجل ثوبه وخلع امرأته وخالعها إذا افتدت منه بمالها فطلقها، وأبانها من نفسه، قال: وسمي ذلك الفراق خلعا؛ لأن الله عز وجل جعل النساء لباسا للرجال والرجال لباسا لهن، فقال:{هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} (البقرة: من الآية187) وهي ضجيعه وضجيعته، فإذا افتدت منه بمال تعطيه ليبينها منه فأجابها إلى ذلك، فقد بانت منه وخلع كل واحد منهما لباس صاحبه، قال: والاسم من ذلك الخلع والمصدر الخلع، وقد اختلعت المرأة منه اختلاعا، إذا افتدت بمالها، فهذا معنى الخلع عند الفقهاء قال: وخلعة المال وخلعته خياره يعني بضم الخاء وكسرها، قال: وقال أبو سعيد: سمي خيار المال خلعة؛ لأنه لم يخلع قلب الناظر إليه، قال: والخلعة يعني بالكسر من الثياب ما خلعته فطرحته على آخر أو لم تطرحه، قال: والخلع كالنزع إلا أن فيه مهلة، قال: وأصابه في بعض أعضائه خلع وهو زوال المفاصل من غير بينونة، ويقال للشاطر من الفتيان خليع؛ لأنه خلع رسنه، وتخلع الرجل في الشراب شربه بالليل والنهار، والخليع الذي خلعه أهله وتبرؤا منه، وخلع من الدين والحياء، وقوم خلعاء مبينو الخلاعة، هذا آخر كلام الأزهري رحمه الله تعالى.

وفي كتاب المثلث لشيخنا جمال الدين بن مالك رضي الله عنه: الخلعة بالضم لغة في الخلع، وهو مصدر خلع المرأة، قوله في دعاء القنوت من المهذب: ونخلع من يفجرك أي: نترك ونهجر من يعصيك، قوله في أخر باب الخلع من المهذب: وإن قال أحدهما: خالعتني على ألف درهم، وقال الآخر: بل ألف مطلق تخالعا، قوله: خالعتني هو بفتح التاء خطاب للمذكر، ومراده: قال أحد الزوجين أو أحد الشخصين أو أحد الإنسانين فيكونان مذكرين. قال الجوهري: خلع الوالي عزل، وخالعت المرأة بعلها فهي خالع، والاسم الخلعة، وقال صاحب المحكم: خلع الشيء يخلعه خلعا، واختلعه كنزعه، إلا أن في الخلع مهلة، وسوى بعضهم بين الخلع والنزع: وخلع الربقة من عنقه نقض عهده، وتخالع القوم نقضوا العهد، وخلع دابته يخلعها خلعا وخلعا أطلقها من قيدها، وخلع عذاره ألقاه عن نفسه فعدا بشر

ص: 96

وهو على المثل، وخلع امرأته خلعا وخلاعا فاختلعت أزالها عن نفسه وطلقها، أنشد ابن الأعرابي:

مال أردن منك انخلاعا

مولعات بهات هات وأن شفر

شفر مال قل، وخلعه عن النسب أزاله، وخلع الرجل خلاعة فهو خليع تباعد، والخليع الشاطر منه، والأنثى خليعة بالهاء، وتخلع في مشيته هز منكبيه وأشار بيديه، والخلع والخلع زوال المفصل من اليد أو الرجل من غير بينونة، وخلع أوصالها أزالها، وثوب خليع خليق، هذا آخر كلام صاحب المحكم.

خلف: وفي الحديث: “أربعون خلفة في بطونها أولادها” هذا مما يسألون عنه، فيقال: الخلفة التي ولدها، فما حكمة قوله في بطونها أولادها؟ وجوابه من خمسة أوجه: أحدها: أنه توكيد وأيضاح. والثاني: أنه تفسير لها لا قيد. والثالث: أنه نفي لوهم متوهم يتوهم أنه يكفي في الخلفة أن تكون حملت في وقت ما، ولا يشترط حملها حالة دفعها في الدية. والرابع: أنه إيضاح لحكمها، وأن يشترط في نفس الأمر أن تكون حاملاً، ولا يكفي قول أهل الخبرة: أنها خلفة إذا تبينا أنه لم يكن ولد. والخامس: ذكره الرافعي أنه قبل أن الخلفة تطلق أيضا على التي ولدت وولدها يتبعها.

خلق: قولهم في السجود: فتبارك الله أحسن الخلقين، معناه: أحسن المصورين والمقدرين.

خلل: تكرر في الأحاديث في المهذب ذكر الخليل في حديث “هذا وضوئي ووضوء خليلي إبراهيم” وقوله: “أوصاني خليلي بثلاث”. قال الإمام أبو الحسن الواحدي في قول الله عز وجل: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} (النساء: من الآية125) قال أبو بكر ابن الأنبارى: الخليل معناه المحب الكامل المحبة، والمحبوب الموفى بحقيقة المحبة اللذان ليس في حبهما نقص، ولا خلل، قال: فتأويل قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} اتخذا الله إبراهيم محبا له خالص الحب، ومحبوبا له، وشرفه بلزوم هذا الاسم له، الذي لا يستحق مثله إلا أنبياؤه ومن شرفه الله تعالى ورفع قدره.

قال ابن الأنبارى: وقال بعض أهل العلم: معناه واتخذ الله إبراهيم فقيرا إليه، لا يجعل فقره وفاقته إلى غيره، ولا ينزل حوائجه بسواه، فالخليل

ص: 97

على هذا القول فعيل من الخلة بمعنى الفقير. ونحو هذا قال الزجاج: الخليل المحب الذي ليس في محبته خلل، فجائز أن يكون إبراهيم سمي خليلاً؛ لأنه الذي أحبه الله تعالى محبة تامة، وأحب الله هو محبة تامة، قال: وقيل: الخليل الفقير. قال الواحدي: فهذان القولان ذكرهما جميع أهل المعاني، والاختيار هو الأول؛ لأن الله عز وجل خليل وإبراهيم خليل الله عز وجل، ولا يجوز أن يقال الله تعالى خليل إبراهيم من الخلة التي هي الحاجة، هذا آخر كلام الواحدي.

وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى: أصل الخلة الاختصاص والاستصفاء، وقيل: أصلها الانقطاع إلى من خاللت، وقيل: الخلة صفاء المودة، وقيل: هي المحبة والألطاف.

خلو: قوله: إذا أراد دخول الخلاء أي: موضع التغوط، يقال له: الخلاء، والمذهب، والمرفق، والمرحاض، وأصله الخلوة؛ لأنه شيء يستخلي به قوله في الوجيز في باب الصيد والذبائح لو رمى سهما في خلوة ولا يرجو صيدا حرم. قال الإمام الرافعي: ذكر الخلوة لا معنى له في هذا المعنى، إلا أن يريد في موضع خال عن الصيد.

خمر: الخمر: هي الشراب المعروف، وهي مؤنثة في اللغة الفصيحة المشهورة، وذكر أبو حاتم السجستاني في كتابه المذكر والمؤنث في موضعين منه: أن قوما فصحاء يذكرونها، قال: سمعت ذلك ممن أثق به منهم، وذكرها أيضًا ابن قتيبة في أدب الكاتب فيما جاء فيه لغتان التذكير والتأنيث، ولا يقال: خمرة بالهاء في اللغة الفصيحة، وقد تكرر استعمالها بالهاء في الوسيط، وهي لغة ولا إنكار عليه، وقد روينا في الجعديات الكتاب المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “الشيطان يحب الخمرة” هكذا هو في الرواية بالهاء، وكذا ذكر هذه اللغة الجوهري وغيره. قال الجوهري: خمرة وخمر وخمور كتمرة وتمر وتمور. وذكر أبو حاتم أنه يقال: خمرة، كما قالوا: دقيقة وسويقة وذهبة وعسلة.

قال شيخنا جمال الدين بن مالك في كتابه المثلث: الخمرة هي الخمر.

قال الإمام أبو الحسن الواحدي: الخمر عند أهل اللغة: سميت خمرا لسترها العقل. قال الليث: اختمار الخمر إدراكها وغليانها، ومخمرها متخذها، وخمرت الدابة أخمرها سقيتها الخمر. قال الكسائى: يقال: اختمرت خمرا، ولا يقال: أخمرتها، وأصل هذا الحرف التغطية، وقيل: سميت خمرا؛

ص: 98

لأنها تغطى حتى تدرك.

وقال ابن الأنبارى: سميت خمرًا؛ لأنها تخامر العقل أي: تخالطه، هذا كلام أهل اللغة في هذا الحرف، وأما حدها فقد اختلف العلماء فيه، فقال سفيان الثوري وأبو حنيفة وأهل الرأي: الخمر ما اعتصر من العنب والنخلة، فيغلى بطبعه دون عمل النار، وما سوى ذلك ليس بخمر. وقال مالك والشافعي وأحمد وأهل الأثر رضي الله عنهم: إن الخمر كل شراب مسكر، فسواء كان عصيرا أو نقيعا مطبوخا كان أونيئا، واللغة تشهد لهذا. قال الزجاج: القياس إن ما عمل عمل الخمر يقال له خمر، وأن يكون في التحريم بمنزلتها، هذا آخر كلام الواحدي.

خمس: قوله في المختصر في باب السلم يقال في العبد: أنه خماسي أو سداسي، وأنه يصف سنه. قال الرافعي: واختلفوا في تفسيره، فقيل: المراد بالخماسي والسداسي التعرض للقدر يعني: خمسة أشبار أو ستة، وقيل: المراد السن يعني: ابن خمس أو ست، ومن قال بالأول حمل قوله يصف سنه على المعنى الثاني، ومن قال بالثاني حمل قوله يصف سنه على الأسنان المعروفة، وأنه يذكر أنه مفلج الأسنان أو غيره، وذلك من طريق الأولى دون الاشتراط.

وحكى المسعودي: أن الخماسي والسداسي صنفان من عبيد النوبة معروفان عنده. قلت: قال البيهقي في كتابه رد الانتقاد على ألفاظ الشافعي رضي الله عنهما: قد اعترض الشافعي رضي الله عنه في هذا، فقيل: إن أهل اللغة يقولون: عبد خماسي، ولا يقولون: عبد سداسي ولا سباعي. قال: وجوابه أن الأزهري قال: الخماسي الذي يكون خمسة أشبار، وإنما يقال: خماسي ورباعي فيمن يزداد طولاً، ويقال في الثوب سباعي.

قال الأزهري: والسداسي في الرقيق والوصائف أيضًا جائز أيضا عندي. قال البيهقي: وقال أبو منصور الخمشادي في كتابه: اختلفت العرب في السداسي، فمنهم من ينكره ومنهم من يجوزه كالخماسي. قال البيهقي: وبلغني أن ذلك لغة هذيل، ثم روى البيهقي في ذلك حديثا من حديث عبد الله بن عتبة بن مسعود ابن أخي عبد الله بن مسعود، قال: “أذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذني وأنا خماسي أوسداسي، فأجلسني في حجره، ومسح رأسي ودعا لي، وأدركتني البركة”.

خمع: قال صاحب المحكم: خمعت الضبع تخمع خمعا وخموعا وخماعا عرجت، وكذلك كل ذي عرج وبنو خماعة بطن.

خنث: المخنث بكسر النون

ص: 99

وفتحها والكسر أفصح، والفتح أشهر، وهو الذي خلقه خلق النساء في حركاته وهيئته وكلامه ونحو ذلك، وهو ضربان، أحدهما: من يكون ذلك خلقة له لا يتكلفه ولا صنع له فيه، فهذا لا إثم عليه ولا ذم ولا عيب، إذ لا فعل له ولا كسب. والثاني: من يتكلف ذلك فليس ذلك هو بخلقة فيه، فهذا هو المذموم الآثم الذي جاءت الأحاديث بلعنه، قوله صلى الله عليه وسلم: “لعن الله المخنثين، ولعن المتشبهين بالنساء من الرجال” سمي مخنثا؛ لانكسار كلامه ولينه، يقال: خنثت الشيء إذا عطفته.

أما الخنثى فضربان: أشهرهما من له فرج النساء وذكر الرجال، والثاني: من ليس له واحد منهما، وإنما له خرق يخرج منه البول وغيره لا يشبه واحدا منهما، وهذا الثاني ذكره البغوي والماوردي وغيرهما، وقد وقع هذا الخنثى في البقر، فجاءني جماعة أثق بهم يوم عرفة سنة أربع وسبعين وستمائة، قالوا: إن عندهم بقرة هي خنثى ليس له فرج الأنثى ولا ذكر الثور، وإنما لها خرق عند ضرعها يخرج منه البول، وسألوا عن جواز التضحية بها، فقلت لهم تجزئ لأنها ذكر أو أنثى، وكلاهما مجزىء، وليس فيه ما ينقص اللحم واستثبتهم فيه، فقال صاحب التتمة في أول كتاب الزكاة: يقال: ليس فيه شيء من الحيوانات خنثى إلا في الآدمي والإبل، قلت: وتكون في البقر كما حكيته.

خندق: الخندق معروف مفتوح الخاء والدال، ذكره ابن قتيبة في باب ما يتكلم به العرب من الكلام الأعجمي.

خنزير: الخنزير هو بكسر الخاء وهو معروف. قال أبو البقاء العكبري في كتاب إعراب القرآن في سورة البقرة: النون في الخنزير أصل، وهو على مثال عزبيب، قال: وقيل: هي زائدة مأخوذة من الخزر.

خوف: في أبيات المرأة التي أنشدت الشعر في باب الإيلاء من المهذب: مخافة ربي، يجوز في مخافة الرفع والنصب، والرفع أجود.

خير: الخير ضد الشر، تقول: منه خرت يا رجل فأنت خائر، وخار الله تعالى لك، والخيار خلاف الأشرار، والخيار الاسم من الاختيار، والخيار القثاء، وليس بعربي، قال هذه الجملة الجوهري، قال: والاستخارة طلب الخير وخيرته بين الشيئين أي: فوضت إليه الخيار، وفلانة خير الناس ولا تقل خيرة الناس، وفلان خير الناس ولا تقل أخير. لا يثنى ولا يجمع؛ لأنه في معنى

ص: 100

افعل، ورجل خير وخير مشدد ومخفف، وكذلك امرأة خيرة وخيرة، هذا كلام الجوهري.

وقال الفراء رحمه الله تعالى: يقال لامرأة خير وخيرة، وخيرة: ثلاثة أوجه وكذلك الجمع. قال المبرد: والفاضلة قوله في الحديث: “لم أجد إلا جملا خيارًا” ذكره في باب القرض من المهذب: هو بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الياء أي: جيدا مختارا، يقال: جمل خيار، وإبل خيار، وناقة خيار بلفظ واحد، ذكره صاحب مطالع الأنوار. قوله في المهذب في آخر الخلع: فإن قال: طلقتك بعوض، فقالت: طلقتني بعد مضي الخيار، بانت بإقراره، والقول في العوض قولها. معنى قولها بعد مضي الخيار: إني التمست منك الطلاق على العوض فلم تطلقني عقيب سؤالي بحيث يصلح أن يكون جوابا بل طلقتني بعد ذلك طلاقا مستأنفا، والله تعالى أعلم.

وقولهم: وصلاته على محمد خير خلقه، وهو صلى الله عليه وسلم خير الخلق، ودلائله واضحة، وثبت في صحيح البخاري في باب قول الله عز وجل:{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ} (البقرة: من الآية30) عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قالت اليهود في عبد الله بن سلام: أعلمنا وابن أعلمنا وأخيرنا وابن أخيرنا، كذا هو في الأصول أخيرنا بالألف فيهما.

خيل: الخيل والخيلاء تكرر ذكرهما، قال الإمام الواحدي في أول سورة آل عمران الخيل، جمع لا واحد له من لفظه كالقوم والرهط والنساء. قال: سميت خيلا لاختيالها في مشيتها بطول أذنابها، والإختلال مأخذ من التخيل وهو التشبه بالشيء فالمختال يتخيل في صورة من هو أعظم منه كبرا، والخيال صورة الشيء، والأخيل الشقراق؛ لأنه يتخيل مرة أحمر ومرة أخضر، هذا آخر كلام الواحدي.

وكذا قال جمهور الأئمة: إن الخيل لا واحد له من لفظه. وقال أبو البقاء في إعرابه مثل ما قال الجمهور: قال: وقيل: واحده خائل مثل طائر وطير وواحد الخيل عند الجمهور فرس، والفرس: اسم للذكر والأنثى. قال أبو حاتم السجستاني في كتابه المذكر والمؤنث: الخيل: مؤنثة، وتجمع على خيول، وتصغير الخيل خييل، قال: وقولهم يا خيل الله اركبي معناه: يا أصحاب الله خيل الله اركبوا.

خيم: قوله في المهذب في باب قسم الصدقات: وإن كان من الخيم هو بفتح الخاء وإسكان الياء، ويجوز كسر الخاء وفتح الياء، يقال في الواحدة خيمة،

ص: 101