الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأهل نجد قرن فاستبن
عرق العراق يلملم اليمن
والشام جحفة إن مررت بها
ذو طوى: مذكور في باب دخول مكة من الروضة وغيرها هو بفتح الطاء على الأفصح، ويجوز ضمها وكسرها وبفتح الواو المخففة، ويصرف ولا يصرف لغتان قرىء بهما في السبع، موضع عند باب مكة بأسفل مكة في صوب طريق العمرة المعتادة ومستجاب عائشة، ويعرف اليوم بأبار الزاهر يستحب لمن دخل مكة أن يغتسل به بنية غسل دخول مكة أي: داخل كان ممن يصح إحرامه بحج أو عمرة حتى الحائض والنفساء والصبي هذا إن مر به وإلا اغتسل في غيره.
ذو مرخ: بميم ثم راء مفتوحتين، ثم خاء معجمة، المذكور في شعر الحطيئة في كتاب الأقضية من المهذب وسيأتي بيانه في حرف الميم. إن شاء الله تعالى
حرف الراء
ربب: قول الله تبارك وتعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} (النساء: من الآية23) قال الإمام أبو إسحاق بن إبراهيم السري الزجاج في كتابه معاني القرآن: قال أبو العباس محمد بن يزيد: {اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} نعت للنساء اللواتي هن أمهات الربائب دون غير. قال أبو العباس: والدليل على ذلك أن إجماع الناس أن الربيبة تحل إذا لم يدخل بأمها، وأن من أجاز أن يكون قوله:{مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} هو لأمهات نسائكم يكون معناه: وأمهات نسائكم اللاتي دخلتم بهن، فيخرج أن يكون اللاتي دخلتم بهن الربائب.
قال الزجاج: والدليل على أن ما قاله أبو العباس هو الصحيح أن الجزء من الخبرين إذا اختلفا لم يكن نعتهما واحدا، لا يجوز النحويون مررت بنسائك وهربت من نساء زيد الظريفات على أن تكون الظريفات نعتا لهؤلاء النساء، ولهؤلاء النساء قال: والذين جعلوا أمهات نسائكم بمنزلة قوله: {مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} إنما يجوز لهم أن يكون منصوبا على أعني، فيكون المعنى اللاتي دخلتم بهن. قال: وأن يكون {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} من تمام تلك التحريمات المبهمات في أول الآية، وتكون الربائب هن اللاتي يحللن إذا لم يدخل
بأمهاتهن فقط ودون أمهات نسائكم هو الجيد البالغ، فأما الربيبة فهي بنت امرأة الرجل من غيره، ومعناها مربوية؛ لأن الرجل هو يربيها. قال: ويجوز أن تسمى ربيبة؛ لأنه تولى تربيتها وكانت في حجره، أو لم تكن تربت في حجره لأن الرجل إذا تزوج بأمها سمي ربيبها، والعرب تسمي الفاعلين والمفعولين بما يقع بهم ويوقعونه. فيقال: هذا مقتول أي: قد وقع به القتل، وهذا قاتل أي: قد قتل، هذا آخر كلام الزجاج رحمه الله تعالى.
وقال غيره: الدليل على أنه لا يجوز عود قوله تعالى: {اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} إلى أمهات النساء، بل يختص بأمهات الربائب، أن النساء في الموضعين يختلف موجب إعرابهما وجرهما ولا يجوز وصفهما بلفظ واحد.
ربط: قال أهل اللغة: يقال: ربط الشيء أي: شده يربطه، ويربطه بكسر الباء في المضارع وضمها، وممن حكاهما الأخفش والجوهري. والموضع مربط، ومربط: بفتح الباء وكسرها، والرباط المرابطة بالثغر، وأيضًا واحد الرباطات وهي الأبنية المعروفة، ورباط الخيل مرابطتها، والرباط ما تشد به القربة والدابة وغيرهما، وفلان رابط الجاش وربيط الجاش أي: شديد القلب.
قال الجوهري: كأنه يربط نفسه عن الفرار. وقول الغزالي في مواضع من الوسيط والوجيز: في الرابطة قيود، مراده بالرابطة الضابط الذي ذكره النحويون، ولعله مأخوذ مما حكاه أهل اللغة عن العرب، قالوا: جيش رابطة، ورابطة من الخيل أي: جماعة.
ربع: الربع من العدد معروف، وهو جزء من أربعة، يقال: ربع، وربع بإسكان الباء وضمها، وربيع بفتح الراء وكسر الباء، وبعدها ياء ثلاث لغات ذكرها في المحكم. قال: ويطرد ذلك في هذه الكسور عند بعضهم، قال: والجمع أرباع وربوع. ويوم الأربعاء معروف، وفيه ثلاث لغات ذكرها صاحب المحكم أربِعًا وأربَعًا وأربُعًا بكسر الباء وفتحها وضمها، والأشهر والأجود الكسر.
قال صاحب المحكم: هذا اليوم الرابع من الأسبوع؛ لأن أول الأيام عندهم الأحد بدليل هذه التسمية، ثم الاثنان ثم الثلاثاء ثم الأربعاء. قال: ولكنهم اختصوه بهذا البناء يعني: اختصوا أيام الأسبوع كما اختصوا الدبران والسماك لما ذهبوا إليه من الفرق.
قال اللحياني: كان أبو زياد يقول: مضى الأربعاء بما فيه فيفرده ويذكره. وكان أبو إسحاق الزجاج
يقول: مضت الأربعاء بما فيهن فيؤنث ويجمع يخرجه مخرج العدد. وحكي عن ثعلب: في جمعه أرابع، ولست من هذا على ثقة. وحكي أيضا عنه عن ابن الأعرابي لا شك أربعاويًا أي: ممن يصوم الأربعاء وحده، هذا ما ذكره في المحكم، ويسمى يوم الأربعاء دبارًا بضم الدال وتخفيف الباء الموحدة، ويجمع أربعاوات قولهم في كتاب الزكاة في المائتين هي أربع خمسينات وخمس أربعينات، هذا قد أنكره بعض أهل العربية، قال: ولا يجوز جمع الخمسين والأربعين ونحوهما، وهذا الإنكار ضعيف، والصواب جوازه، وقد حكاه ابن بري وغيره عن سيبويه. قال: كل مذكر لم يجمع جمع تكسير يجوز جمعه بالألف والتاء قياسًا كحمام وحمامات، فيجوز أربعينات ونحوها، وفي الحديث: “لم أجد إلا جملا رباعيًا” ذكره في باب القرض من المهذب: هو بفتح الراء وكسر العين وتخفيف الياء، وهو الفتي من الإبل، يقال: هذا جمل باع، ومررت برباع، ورأيت رباعيًا مثل قاض سواء، والرباعية من الأسنان بتخفيف الياء.
قوله في الزكاة من المهذب: ابن الشظاظان وابن المربعة هي بكسر الميم وإسكان الراء، ويقال فيها المربع أيضًا، وهي عصى يأخذ الرجلان بطرفيها ليحملا الحمل ويضعاه على ظهر البعير، ويقال منه ربعت البعير، واليربوع بفتح الباء حيوان معروف، أكبر من كبار الفار قريب الشبه منه، والياء زائدة وجمعه يرابيع.
ربو: الربا مقصورة، وأصله الزيادة. قال الإمام الثعلبي رحمه الله تعالى: الربا زيادة على أصل المال من غير بيع، يقال: ربا الشيء إذا زاد، ويقال: الربا والرما. وقال عمر رضي الله تعالى عنه: إني أخاف عليكم الرما يعني: الربا، قال: وقياس كتابته بالياء لكسر أوله، وقد كتبوه في القرآن بالواو.
قال الفراء: إنما كتبوه كذلك؛ لأن أهل الحجاز تعلموا الكتابة من الحيرة، ولغتهم الربو، فعلموهم صورة الحرف على لغتهم، وكذلك قرأها أبو سماك العدوي بالواو. وقرأ حمزة والكسائى بالإمالة لمكان الكسرة بالراء، وقرأ الباقون بالتفخيم بفتحة الباء، فأما اليوم فأنت فيه بالخيار، إن شئت كتبت بالياء، أو على ما في المصاحف، أو بالألف، هذا ما ذكره الثعلبي.
وقال الجوهري: ربا الشيء يربو ربوا أي: زاد، قال: والربا في البيع ويثنى ربوان وربيان، وقد أربا الرجل، والربية مخففة لغة في الربا، قال: والرماء
بالمد الربا، وارما فلان أي: أربا. قال الإمام الواحدي: الربا في اللغة الزيادة، يقال: ربا الشيء يربو ربوا، وأربا الرجل إذا عامل في الربا، قال: والربا في الشرع اسم للزيادة على أصل المال من غير بيع. وقال أبو البقاء العكبري: لام الربا واو؛ لأنه من ربا يربو وتثنيته ربوان. قال: ويكتب بالألف، وأجاز الكوفيون كتبه وتثنيته بالياء، قالوا: لأجل الكسرة التي في أوله، قال: وهو خطأ عندنا، وذكر في المهذب قول الله تعالى:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (البقرة: من الآية275) . قال الواحدي: معنى يأكلون الربا يعاملون، وخص الأكل معظم الأمر، كما قال الله تعالى:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً} (النساء: من الآية10) وكما لا يجوز أكل مال اليتيم لا يجوز إتلافه، ولكنه نبه بالأكل على ما سواه، وقوله تعالى:{لا يَقُومُونَ} (البقرة: من الآية275) يعني: يوم القيامة من قبورهم، وقوله تعالى:{إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (البقرة: من الآية275) التخبط معناه: الضرب على غير استواء، وخبط البعير وتخبطه إذا مسه بخبل أو جنون؛ لأنه كالضرب على غير استواء في الادهاش، وتسمى إصابة الشيطان بالجنون أو الخبل خبطة،
ويقال به خبطة من جنون والمس الجنون، يقال: مس الرجل وبه مسيس، وأصله من المس باليد كأن الشيطان يمس الإنسان فيجنه ثم سمي الجنون مسا، كما أن الشيطان يتخبطه ويطأه برجله، فيخبله فيسمى الجنون خبطة، فالتخبط بالرجل والمس باليد.
فأما التفسير فقال قتادة: إن أكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونًا، وذلك علم لأكلة الربا يعرفهم بهم أهل الموقف يعلم أنهم أكلة الربا في الدنيا. قال الزجاج: لا يقومون في الآخرة إلا كما يقوم المجنون من حال جنونه، فعلى هذا معنى الآية: يقومون مجانين كمن أصابه الشيطان بجنون. قال ابن قتيبة: يريد أنه إذا بعث الناس من قبورهم خرجوا مسرعين، لقوله تعالى:{يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً} (المعارج: من الآية43) إلا أكلة الربا فإنهم يقومون ويسقطون كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان ويسقط؛ لأنهم أكلوا الربا في الدنيا فأرباه الله تعالى في بطونهم يوم القيامة حتى أثقلهم، فهم ينهضون ويسقطون ويريدون الإسراع فلا يقدرون. قال: وهذا المعنى غير الأول يريد أن أكلة الربا لا يمكنهم الإسراع في المشي كالذى
خبله الشيطان فأصابه بخبل في أعضائه من عرج أو زمانة فهو يقوم ويسقط، وهذا ليس من الجنون في شيء والأول قول أهل التفسير.
ويؤكد هذا الثاني ما روي في قصة الإسراء: أن النبي صلى الله عليه وسلم “إنطلق به جبريل إلى رجال كثير كل رجل منهم بطنه مثل البيت الضخم يقوم أحدهم فتميل به بطنه فيصرع، قال: قلت: يا جبريل من هؤلاء، قال: الذي يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس” هذا ما ذكره الواحدي، وقال الماوردي: قوله تعالى: {يَأْكُلُونَ الرِّبا} (البقرة: من الآية275) يعني: يأخذون الربا، فعبر عن الأخذ بالأكل؛ لأن الأخذ إنما يراد للأكل.
رتت: الأرت المذكور في صفة الأئمة، وهو بفتح الراء وتشديد التاء المثناة من فوق، قال صاحب البيان: قال أصحابنا: هو الذي يدغم حرفا في حرف، يعني: على خلاف الإدغام الجائز في العربية، وأما أهل اللغة: فقالوا: الأرت الذي في كلامه عجمة، وهي الرتة بضم الراء.
رجف: قولهم في كتاب الجهاد: لا يأذن الإمام لمرجف. قال الواحدي في سورة الأحزاب: الارجاف إشاعة الباطل للاغتمام به.
رجل: قول الله تبارك وتعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} (البقرة: من الآية239) قال الإمام الواحدي رحمه الله تعالى: أراد فإن خفتم عدوا فحذف المفعول لإحاطة العلم به. قال: والرجال جمع راجل مثل تاجر وتجار وصاحب وصحاب، والراجل هو الكائن على رجله ماشيا كان أو واقفا، ويقال في جمع راجل مثل راحل رجل ورجالة ورجالة ورجال ورجال.
والركبان: جمع راكب مثل فارس وفرسان، ومعنى الآية: فإن لم يمكنكم أن تصلوا قائمين موفين للصلاة حقوقها فصلوا مشاة على أرجلكم وركبانا على ظهور دوابكم فإن ذلكم يجزيكم. قال المفسرون: هذا في حال المسابقة والمطاردة يكبر الرجل مستقبل القبلة إن أمكنه وإن لم يمكنه غير مستقبل القبلة ثم يقرأ ويومىء للركوع والسجود. قال ابن عمر في تفسير هذه الآية: مستقبلي القبلة وغير مستقبليها، هذا ما ذكره الواحدي.
وقد ذكر في المهذب قول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عقب الآية: وكان بعض شيوخنا يذهب إلى أنه تفسير، كما قال الواحدي، وبعضهم يقول: ليس بتفسير بل هو بيان حكم من أحكام صلاة الخوف، وجاء عن نافع مولى ابن عمر رضي الله
تعالى عنهم أنه قال: لا أرى عبد الله بن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله تعالى أعلم بالصواب.
رحب: الإبل الأرحبية مذكورة في زكاة الوسيط والروضة بفتح الهمزة، والحاء منسوبة إلى أرحب بطن من همدان القبيلة المعروفة.
ردب: الأردب بكسر الهمزة وإسكان الراء، وفتح الدال المهملة مكيال لأهل مصر معروف. قال الروياني في البحر: الأردب أربعة وعشرون صاعا وهو أربعة وستون منا.
رسغ: قال الأزهري في كتاب الجنايات من شرح المختصر: الرسغ مفصل ما بين الكف والساعد. وقال صاحب الصحاح: الرسغ من الدواب الموضع المستدق الذي بين الحافر وموصل للوظيف من اليد والرجل، يقال: رسغ ورسغ مثل عشر وعشر. قال ابن دريد في الجمهرة: الرسغ موضع الكف في الذراع، وموصل القدم في الساق، ومن ذوات الحافر موصل وظيفي اليدين والرجلين في الحافر ومن الإبل موصل الأوظفة في الأخفاف. قال: وجمع الرسغ أرساغ، ويقال: رصغ بالصاد.
وفيه حديث: “في كم قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرصغ”، في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وذكرته في آخر باب الجوع من الرياض، وفيه حديث في صفة الصلاة: “فوضع يده اليمنى على كف اليسرى والرسغ والساعد”، هكذا هو في سنن أبي داود والبيهي وغيرهما من رواية وائل بن حجر، وهو حديث صحيح.
رسل: الرسول واحد رسل الله سبحانه وتعالى صلوات الله عليهم أجمعين. قال الإمام أبو منصور الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: الرسول هو الذي يبلغ أخبار من بعثه أخذا من قولهم جاءت الإبل رسلاً أي: متتابعة.
قال الواحدي: في قول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} (الحج: من الآية52) الرسول: الذي أرسل إلى الخلق بإرسال جبريل عليه الصلاة والسلام إليه عيانا وحاوره شفاها، والنبي: الذي تكون نبوته إلهاما أو منامًا فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولاً.
قال الواحدي: وهذا معنى قول الفراء الرسول النبي، والجواب: والنبي المحدث الذي لم يرسل، هذا كلام الواحدي وفيه نقص في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ظاهره أن النبوة المجردة
لا تكون برسالة ملك بذلك، وليس هو كذلك، وكلام الفراء الذي استشهد به يرد عليه وجمع الرسول رسل بضم السين وإسكانها على التخفيف.
قال الهروي وغيره: يطلق لفظ الرسول على الواحد والاثنين والجمع، ومنه قوله تعالى:{فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الشعراء:16) على أحد الأقوال، وقول الله تعالى:{وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً} (المرسلات:1) قولان مشهوران، أحدهما: الملائكة، والثاني: الرياح. وحكى الماوردي صاحب الحاوي في تفسيره عن أبي صالح، قال: هي الرسل. قوله في الوسيط في كتاب الطلاق: فروع متفرقة نذكرها أرسالا معناه متتابعة، وهو بفتح أوله، وقولهم: أرسل الصيد والبهيمة ونحوهما أي: أطلقه وخلاه، وراسل صديقه وغيره كتب إليه رسالة. قوله في آخر كتاب المسابقة من المهذب: إذا اختلف الرامي ورسيله هو بفتح الراء وكسر السين ومعناه: مراسله أي: مسابقه.
قال أهل اللغة: رسيل الرجل هو الذي يراسله في نضال أو غيره، وراسله مراسلة فهو مراسل ورسيل واسترسل الشعر نزل، وقوله في صفة الوضوء في المهذب: اللحية المسترسلة هي بكسر السين، يقال: افعل كذا على رسلك أي: بتؤدة وتأن وهو بكسر الراء وفتحها لغتان الكسر أشهر، وقوله في مختصر المزني والمهذب: يستحب أن يترسل في أذانه.
قال الأزهري: معناه يتمهل فيه ويبين كلامه تبينًا يفهمه من سمعه، قال: وهو من قولك: جاء فلان على رسله أي: على هينته غير عجل ولا متعب نفسه، والمرسل من الحديث هو الذي انقطع إسناده وسقط بعض رواته، هذا معناه عند الفقهاء وأصحاب الأصول والخطيب البغدادي وغيره من المحدثين. وقال جماعات من أهل الحديث أو أكثرهم: هو الذي سقط فيه الصحابي وحده، ولا يحتج به عندنا إلا بشروط مشهورة، وقد ذكرته مبينًا في كتاب الإرشاد مع فصل حسن في مرسل سعيد بن المسيب وغيره، وقد يكون الرسول من رسل الله تعالى ملكًا وقد يكون آدميًا، قال الله تعالى:{اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ} (الحج: من الآية75) وقد يكون نبيا وقد لا يكون ولا يكون النبي إلا آدميًا.
رشا: الرشاء بكسر الراء وبالمد هو الحبل، وجمعه بتغريب سقاء، وأسقية على القاضي وغيره من الولاة معروفة، وهي بضم الراء وكسرها
لغتان فصيحتان مشهورتان، وجمعهما رشا بضم الراء وكسرها، ويقال: منها رشاه يرشوه رشوا إذا اعطاه، وارتشى أخذها، واسترشاه طلب الرشوة.
قال بعض العلماء: الرشوة مأخوذة من الرشا لأنه يتوصل بها إلى مطلوبه كالحبل، ولهذا قيل الرشوة رشا الحاجة، ثم الرشوة محرمة على القاضي وغيره من الولاة مطلقًا؛ لأنها تدفع إليه ليحكم بحق أو ليمتنع من ظلم، وكلاهما واجب عليه، فلا يجوز أخذ العوض عليه، وأما دافع الرشوة فإن توصل بها إلى باطل فحرام عليه، وهو المراد بالراشي الملعون، وإن توصل بها إلى تحصيل حق، ودفع ظلم فليس بحرام، ويختلف الحال في جوازه ووجوبه باختلاف المواضع.
رشد: في الحديث: “أرشد الله الأئمة” قال صاحب المحكم: الرشد والرشد والرشاد نقيض الغي رشد يرشد رشدا ورشدا ورشاداً، وهو راشد ورشيد ورشد أمره رشد فيه، وقيل: إنما ينصب على توهم رشده أمره وإن لم يستعمل هكذا، وأرشده إلى الأمر ورشده هداه واسترشده طلب منه الرشد.
قال الهروي: الرشد والرشد، والرشاد الهدي والاستقامة، يقال: رشد يرشد رشدًا، ورشد يرشد رشدًا لغة فيه. قال الجوهري: رشد يرشد رشدا ورشدا بالكسر يرشد رشدا لغة فيه وقال الواحدي: الرشد في اللغة إصابة الخير، وهو نقيض الغي وحب الرشاد نبت يقال له الثفاء، قاله في المحكم.
رشش: قال الجوهري: الرش الماء والدمع والدم، وقد رششت المكان رشا، وترشش عليه الماء، قال: والرشاش بالفتح ما ترشش من الدم والدمع يعني: الماء ونحوها.
رطب: قال أهل اللغة: الرطب بفتح الراء خلاف اليابس، تقول: منه رطب الشيء بضم الطاء يرطب رطوبة، فهو رطب ورطيب ورطبته ترطيبًا، وغصن رطيب ناعم، والمرطوب صاحب الرطوبة، والرطب بضم الراء وإسكان الطاء الكلأ، ويقال: بضم الطاء أيضًا كعسر وعسر، والرطبة بفتح الراء القضيب.
قال الجوهري: هي القضيب ما دام رطبا والجمع رطاب، تقول: منه رطبت الفرس رطبا ورطوبًا، والرطب بضم الراء وفتح الطاء، رطب التمر الواحدة رطبة، والجمع رطاب وأرطاب، وجمع الرطبة رطبات ورطب، وأرطب البسر صار رطبا، ورطبت القوم ترطيبًا أطعمتهم الرطب، وأرض مرطبة كثيرة الكلأ.
وقوله في المهذب في باب من يصح لعانه في الحديث “من حلف على يمين ولو بسواك من رطب” هو بضم الراء وإسكان الطاء.
رطل: الرطل بكسر الراء وفتحها لغتان مشهورتان، الكسر أجود وغالب استعماله يراد به الوزن. وقال الأزهري في شرح ألفاظ المختصر في أول كتاب البيع: الرطل يكون وزنًا ويكون كيلا، وقوله في باب الزنا من المختصر والوسيط والوجيز.
راطل مائة دينار كأنه معناه وازن وأعلم أن الرطل متى أطلقوه في هذه الكتب ونحوها أرادوا به رطل بغداد، وقد يصرحون به وقد لا يصرحون لشهرته والعلم به، ومن أهم ما ينبغي أن يعرف ضبط رطل بغداد، فإنه يترتب عليه أحكام كثيرة في الزكاة والكفارات وغيرهما مما هو معروف، وهو مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم فإنه تسعون مثقالا وكل مثقال درهم وثلاثة أسباع درهم، وقيل: مائة وثمانية وعشرون فقط، وقيل: مائة وثلاثون، وبهذا جزم الغزالي في الوسيط والوجيز والرافعي ولكنه ضعيف، والأظهر الأول، وقد أوضحت اعتبار هذا التقدير هل هو بالوزن أم بالكيل في الروضة في بابي زكاة المعشرات وزكاة الفطر.
رعع: قال صاحب المحكم: رعاع الناس سقاطهم وسفلتهم، والرعرعة حسن شباب الغلام وتحركه، وشاب رعرع ورعرعة ورعرع ورعراع أي: مراهق، وقيل: محتلم، وقيل: قد تحرك وكبر، وقد ترعرع ورعرعه الله تعالى. وقال الأزهري: رعرعت سنه وترعرعت إذا تحركت.
رغس: قوله في أول حد الزنا في الجارية التي زنت مرغوس بدرهمين، هو بالغين المعجمة والسين المهملة، هكذا نص عليه القاضي عياض في كتابه التنبيهات، وكذا رأيته مضبوطا في نسخة معتمدة من كتاب آداب الفقيه، والمتفقه تصنيف الخطيب البغدادي. قال الأزهري: رجل مرغوس أي: كثير الخير. وقال صاحب المحكم: الرغس النماء والبركة والكثرة، وقد رغسه الله تعالى رغسًا، ووجه مرغوس طلق مبارك مرزوق، ورغسه الله تعالى مالا وولدا أعطاه كثيرا منه، وامرأة مرغوثة ولود، وشاة مرغوثة كثيرة الولد، والرغس النكاح.
وقال الأزهري: امرأة مرغوث أي ولود، كذا قال: مرغوس بلا هاء.
قلت: وهذا الحرف الذي في المهذب يقوله الفقهاء بالعين المهملة والشين المعجمة وليس كذلك.
رفع: قوله في المهذب في باب الأذان: لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا “يؤذن لكم خياركم” فقوله: مرفوعا يعني: مضافا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “يؤذن لكم خياركم”.
قال الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى: المرفوع ما أخبر فيه الصحابي عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو فعله، وأما هذا الحديث فقد أخرجه الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي في السنن الكبير، وأخرجه أيضًا ابن ماجة في سننه.
رفق: المرفق مرفق اليد فيه لغتان مشهورتان، كسر الميم مع فتح الفاء، وعكسه فتح الميم مع كسر الفاء. قال الواحدي: قال الفراء: أكثر العرب على كسر الفاء. وقال الأصمعي: لا أعرف إلا الكسر، وذكر قطرب وغيره اللغتين، والرفق ضد العنف، فيقال: منه رفق به يرفق، وحكى أبو زيد رفقت به وأرفقته وترفقت بمعنى، والرفيق ضد الأخرق، ويقال: أرفقته أي: نفعته، والرفقة بضم الراء وكسرها، الجماعة يترافقون في السفر، والجمع رفاقة، تقول: رافقته فترافقنا، وهو رفيقي ومرافقي وجمع رفيق رفقاء.
قال الأزهري في شرح ألفاظ المختصر: سموا رفقة؛ لأنهم يترافقون فينزلون معا ويحملون معا، ويرتفق بعضهم ببعض، ومرافق الدار كمصب الماء ونحوه، واحدها مرفق.
رقب: الرقبى بضم الباء نوع من الهبة، وكذلك العمري، ولهما ثلاث صور مذكورة في هذه الكتب وغيرها، وهي مشتقة من الرقوب؛ لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه، وكانت الجاهلية تسميها هذين الإسمين.
رقع: في الحديث: “لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة” ذكره في المهذب في كتاب السير. قال الهروي: سبعة أرقعة يعني: طباق السماء كل سماء منها رقعت التي تليها كما يرقع الثوب بالرقعة، قال: ويقال الرقيع: اسم لسماء الدنيا؛ لأنها رقعت بالأنوار التي فيها.
وقال الأزهري في تهذيب اللغة مثل ما ذكره الهروي: قال صاحب المحكم: الأرقع والرقيع إسمان للسماء الدنيا سميت بذلك؛ لأنها مرقوعة بالنجوم والله تعالى أعلم. قال: وقيل: كل واحدة من السموات رقيع للأخرى، والجمع أرقعة، وفي الحديث سبعة أرقعة على التذكير ذهب إلى معنى السقف، وكذا قال الجوهري الرقيع سماء الدنيا، وكذلك سائر
السموات، وذكر في معنى تذكير سبعة أرقعة، كما قال في المحكم. قال الأزهري: قالوا: الرقيع الرجل الأحمق سمي رقيعًا؛ لأن عقله كأنه أخلق فاسترم فاحتاج إلى أن يرقع، ورجل مرقعان وامرأة مرقعانة، وقد رقع يرقع رقاعة، ورقعت الثوب، ورقعته ورقعني فما ارتقعت به أي: لم أكترث به، ورقع الغرض بسهمه أصابه وكل إصابة رقع، ورقعه رقعًا قبيحًا إذا شتمه وهجاه، ورقع ذنبه بسوط ضربه به وبالبعير رقعة، ونقبة من جرب وهو أول الجرب، هذا آخر كلام الأزهري.
وقال صاحب المحكم: رقع الثوب، والأديم يرقعه رقعًا، ورقعه ألحم خرقه وفيه مترقع لمن يصلحه أي: موضع ترقيع، وكل ما سددت من خلله فقد رقعته ورقعته، وقد تجاوزوا بذلك إلى ما ليس بعين، فقالوا: أجد فيك مرقعًا للكلام، وشاعر مرقع يصل الكلام فيرقع بعضه ببعض، والرقعة ما رقع به، وجمعها رقع ورقاع، والرقعاء من النساء دقيقة الساقين، ويقال للمرأة الحمقاء رقعاء مولدة، هذا آخر كلام المحكم.
ركب: قال الله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} (البقرة: من الآية239) تقدم تفسيره في فصل الراء مع الجيم، قوله في أواخر كتاب الديات من الوسيط: لو قال: أنا ضامنون كذا وقع في النسخ ركبان بالنون في آخره، وهو منكر، والمعروف في اللغة أن يقال فيهم ركاب السفينة، قاله أهل اللغة، والركبان راكبو الإبل خاصة، وبعضهم يقول: راكبو الدواب.
ركد: قال أهل اللغة: ركد الماء يركد بضم الكاف ركودا أي: سكن، وكذلك السفينة والريح، وركدت الشمس إذا قام قائم الظهيرة، وكل ثابت في مكان فهو راكد وركد القوم هدؤا، والمراكد المواضع التي يركد فيها الإنسان وغيره. قال الجوهري: جفنة ركود أي: مملوءة.
ركع: قال الإمام أبو منصور الأزهري: صلاة الصبح ركعتان، وصلاة الظهر أربع ركعات، وكل قومة يتلوها الركوع والسجدتان من الصلوات كلها فهي ركعة، ويقال: ركع المصلي ركعة وركعتين وثلاث ركعات، وأما الركوع فهو أن يخفض المصلي رأسه بعد القومة التي فيها القراءة حتى يطمئن ظهره راكعًا، يقال: ركع ركوعًا والأول تقول فيه ركع ركعة، وكل شيء ينكب لوجهه ويمس بركبتيه الأرض أو لا يمسها بعد أن يخفض رأسه فهو راكع، وجمع الراكع ركع وركوع، وهذا ما ذكره
الأزهري في تهذيب اللغة. وقال في شرح ألفاظ المختصر: الركوع الانحناء.
ركن: أما الفرق بين الركن والشرط، فقال الرافعي في أول صفة الصلاة: الركن والشرط يشتركان في أنه لابد منهما، وكيف يفترقان، قيل: كافتراق العام والخاص والشرط ما لا بد منه، فعلى هذا كل ركن شرط ولا ينعكس، قلت: وبهذا جزم الشيخ أبو حامد الإسفرايني في تعليقه في أول باب ما يجزي من الصلاة، وقال الأكثرون: يفترقان افتراق الخاص قوم الشرط يما يتقدم على الصلاة كالطهارة، وستر العورة، والأركان بما تشتمل عليه الصلاة، قال: وذلك أن تفرق بينهما بعبارتين إحداهما: أن تقول: الأركان هي المفروضات المتلاحقة التي أولها التكبير وآخرها التسليم، ولا يلزم التروك؛ لأنها دائمة تلحق ولا تلحق، ويعنى بالشروط ما يعتبر في الصلاة بحيث يقارن كل معتبر سواه، والركن ما يعتبر لا على هذ الوجه مثاله الطهارة تعتبر مقارنتها للركوع والسجود.
رمض: الصوم والصيام في اللغة هو الإمساك عن الشيء، وفي الشريعة إمساك عن أشياء مخصوصة في وقت مخصوص من شخص مخصوص، قولهم: شهر رمضان، أما الشهر فقال أهل اللغة: هو مأخوذ من الشهرة، يقال: شهر الشيء يشهره شهرا إذا أظهره، فسمي الشهر شهرًا لشهرة أمره في حوائج الناس إليه في معاملتهم ومناسكهم من حجهم وصومهم وغير ذلك من أمورهم.
وأما رمضان فاختلفوا في اشتقاقه على أقوال حكاها الواحدي المفسر، أحدها: أنه مأخوذ من الرمض، وهو حر الحجارة من شدة حر الشمس، فسمى هذا الشهر رمضان؛ لأن وجوب صومه صادف شدة الحر، وهذا القول حكاه الأصمعي عن أبي عمرو. والقول الثاني: وهو قول الخليل: أنه مأخوذ من الرميض، وهو من السحاب والمطر ما كان في آخر القيظ وأول الخريف، سمي رميضًا؛ لأنه يدرأ سخونة الشمس، فسمي هذا الشهر رمضان؛ لأنه يغسل الأبدان من الآثام. والقول الثالث: أنه من قولهم: رمضت النصل أرمضه رمضا، إذا دققته بين حجرين ليرق، فسمي هذا الشهر رمضان؛ لأنهم كانوا يرمضون أسلحتهم فيه ليقضوا منها أوطارهم في شوال قبل دخول الأشهر الحرم، قال: وهذا القول يحكى عن الأزهري.
قال الواحدي: فعلى قول الأزهري: الاسم جاهلي، وعلى
القولين الأولين يكون الاسم إسلاميًا، وقيل: الإسلام لا يكون له هذا الاسم. قال الواحدي: وروى سلمة عن الفراء: أنه يقال هذا شهر رمضان، وهذا شهر ربيع، ولا يذكر الشهور مع أسماء سائر الشهورة العربية ويجمع رمضان رمضانات، هذا آخر كلام أهل اللغة، وقد اختلف العلماء في أنه هل يكره أن يقال رمضان من غير ذكر الشهر فذهب بعض المتقدمين إلى كراهته، قال أصحابنا: يكره أن يقال جاء رمضان من غير ذكر الشهر، وكذلك دخل رمضان وحضر رمضان وما أشبه ذلك مما لا قرينة فيه تدل على أن المراد الشهر، فإن ذكر معه قرينة تدل على أنه الشهر كقولك صمت رمضان وجاء رمضان الشهر المبارك وما أشبه ذلك لم يكره، هكذا قاله أصحابنا. ونقله صاحب الحاوي وصاحب البيان وجماعة آخرون عن الأصحاب، واحتج الأصحاب في ذلك بما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تقولوا رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى، ولكن قولوا شهر رمضان” وهذا الحديث رواه البيهقي وضعفه، والضعف بين عليه، وروى الكراهة في ذلك عن مجاهد والحسن البصري.
قال البيهقي: والطريق إليهما في ذلك ضعيف، والصحيح والله تعالى أعلم ما ذهب إليه الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه، وجماعات من المحققين: أنه لا كراهة في ذلك مطلقًا كيفما قيل؛ لأن الكراهة لا تثبت إلا بالشرع، ولم يثبت في ذلك شيء، وقد صنف جماعة لا يحصون في أسماء الله تعالى مصنفات مبسوطة فلم يثبتوا هذا الاسم، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة جواز ذلك، وذلك مشهور في الصحيحين وغيرهما، ولو قصدت جمع ذلك رجوت أن تزيد أحاديثه على مائتين، لكن الغرض الإشارة إلى حديث منها، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا جاء رمضان حسنة أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين” وفي بعض الروايات “إذا دخل رمضان” وفي رواية لمسلم “إذا كان رمضان” وفي الصحيح حديث: “بني الإسلام على خمس منها” و“صوم رمضان”.
رمل: الرمل معروف، وجمعه رمال. قال الجوهري: والرملة أخص منه، وأما الرمل في الطواف فهو بفتح الراء
والميم، وهو إسراع المشي مع تقارب الخطى دون الوثوب، والعدو وهو الخبب. قال الشافعي رضي الله تعالى عنه في مختصر المزني رضي الله عنه: الرمل هو الخبب. قال الإمام الرافعي: وقد غلط من الأئمة من جعله دون الخبب.
قلت: قال أهل اللغة: الرمل والرملان الهرولة، ويقال منه رمل بفتح الميم يرمل بضمها. قال الجوهري: وغيره من أهل اللغة: الأرمل من الرجال من لا زوجة له، والأرملة التي لا زوج لها، وقد أرملت المرأة إذا مات عنها زوجها. وأنشد:
فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر
هذي الأرامل قد قضيت حاجتها
وقال ابن فارس: أرمل الرجل إذا لم يكن معه زاد، ثم أنشد هذا البيت، فذهب في معناه إلى غير ما ذهب إليه غيره.
رمن: الرمان معروف، ونونه أصلية لقولهم مرمنة للمكان الذي يكثر فيه، والواحدة رمانة، وهو من الفاكهة باتفاق أهل اللغة، وسيأتي في فصل الفاكهة بيان ذلك إن شاء الله تعالى.
رنب: الأرنب، قال الجوهري: هي واحدة الأرانب. قال صاحب المحكم: الأرنب معروف، يكون للذكر والأنثى، وقيل: الأرنب الأنثى، والخزز الذكر، والجمع أرانب وأران عن اللحياني، فأما سيبويه فلم يجز أران إلا في الشعر.
رنج: الرانج المذكور في بيع الأصول والثمار، ضبطناه بكسر النون، وكذلك وجدته في نسخة معتمدة من صحاح الجوهري مضبوطًا بالكسر، ورأيته في نسخة من المحكم مفتوح النون. قال الجوهري: هو الجوز الهندي، قال: وما أظنه عربيًا. وقال صاحب المحكم: هو النارجيل، وهو جوز الهند، حكاه أبو حنيفة. وقال: أحسبه معربًا.
روح: قوله: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، قيل: الروح جبريل عليه السلام، وقيل: ملك عظيم أعظم الملائكة خلقا، وقيل: أشرف الملائكة، وقيل: خلق كهيئة الناس، وقيل: أرواح بني آدم، حكى هذه الأقوال الماوردي في تفسيره قوله في الوسيط في كتاب الديات: لو أوقد نارا على السطح في يوم ريح، الصواب فيه إسكان الياء من ريح وإضافة يوم إليه، ومعناه: في يوم ذي ريح، ومراده ريح شديدة، ولو قال: في يوم راح لكان أولى، أو قال في يوم ريح شديدة، وأما ما قاله بعضهم: أن صوابه
ريح بفتح الراء وكسر الياء المشددة فليس بصحيح، فإن الريح طيب الريح، ومراد المصنف ريح شديدة فيفسد المعنى.
رود: قال أهل اللغة: الإرادة المشيئة. قال الجوهري: أصلها الواو، ومذهب أهل السنة: أن الله تعالى مريد بإرادة قديمة، وهي صفة من صفات الذات، ولم يزل مريدًا. قال الإمام أبو بكر بن الباقلاني في كتابه هداية المسترشدين: فإن قيل: يلزم على قولكم أنه لم يزل مريدًا إنه لم يزل راضيًا ومحبًا وقاصدًا ومختارًا ومواليًا ومعاديًا وغضبان وساخطًا وكارهًا ورحمانًا ورحيمًا، قلنا: كذلك نقول لأن جميع هذه الأسماء والصفات راجعة إلى الإرادة فقط.
روق: في حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها: “أن امرأة كانت تهراق الدم” حديثها مشهور، وهو حديث صحيح، رواه مالك في الموطأ وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي، وغيرهم بإسناد صحيح، على شرط البخاري ومسلم.
وتهراق بضم التاء وفتح الهاء والدم منصوب على التشبيه بالمفعول به أو على التمييز على مذهب الكوفيين هرقت الماء وأهرقته.
ذهب بعض اللغويين: إلى أن هرقت فعلت وأهرقت أفعلت، وأنهما بمعنى واحد، وهذا قول من لا يحسن التصريف؛ لأنه يوهم أن الهاء أصل، وهو غلط، بل هما فعلان رباعيان معتلان بالعين أصلهما أرقت، فالهاء بدل من همزة أفعلت في هرقت كأرحت الماشية وهرحتها وأبرت الثوب وهبرته، والهاء في أهرقت عوض من ذهاب حركة عين الفعل عنها، ونقلها إلى الياء؛ لأن أصله أريقت أو أروقت على اختلاف فيه، فنقلت حركة الواو والياء إلى الراء فانقلب حرف العلة ألفا لانفتاح ما قبله الآن، وتحركه في الأصل ثم حذفت الألف لسكونها وسكون القاف، والساقط إن كان واوًا فهو من راق الشيء يروق، وإن كان ياء فقد حكى راق الماء يريق إذا انصب.
والدليل على أن الهاء فيهما ليست فاء الفعل كما توهم: أنها لو كانت لزم جرى هرقت في تصريفه كضربت، فيقال: هرقت أهرق هرقا كضربت أضرب ضربًا، أو مجرى غيره من الثلاثية التي مضارعها بضم العين، ويجيء مصادرها مختلفة، ويلزم جرى أهرقت كأكرمت أكرم أكرامًا، ولم تقل العرب شيئًا من
ذلك، بل يقولون في مضارع هرقت أهريق بضم الهمزة وفتح الهاء، فضمها يدل على أنه رباعي أعني: هرقت لا ثلاثي، واسم فاعله مهريق، واسم مفعوله مهراق، فيفتحون الهاء؛ لأنها بدل من همزة، ولو يثبت على تصريف الفعل لفتحت، فتقول: في أرقت إذا لم تحذف همزته يوريق، وفي اسم فاعله موريق، وفي مفعوله موراق، وقالوا: في مصدره هراقة كأراقة وإذا صرفوا أهرقت بسكون الهاء، فمضارعة أهريق، واسم فاعله مهريق، ومفعوله مهراق، ومصدره إهراقة، فأسكنوا الهاء في الجميع، فدل على أنه رباعي معتل، وليس بفعل صحيح، وأن هاءه بدل من همزة أرقت أو عوض كما سبق، والشاهد على سكون هاء مهريق قول العديل بن الفرخ العجلي:
لرقارق آل فوق رابية جلد
فكنت كمهريق الذي في سقائه
والشاهد على سكون إهراقه قول ذي الرمة:
لأعزلة عنها وفي النفس أن أثنى
فلما دنت إهراقة الماء أنصتت
روم: الروم جيل من الناس معروف، كالعرب والفرس والزنج وغيرهم، والروم: الذين تسميهم أهل هذه البلاد الإفرنج. قال الإمام الواحدي رحمه الله تعالى: هم جيل من ولد روم بن عيصو بن إسحاق غلب اسم أبيهم عليهم فصار كالاسم للقبيلة، قال: وإن شئت هو جمع رومي منسوب إلى روم بن عيصو، كما يقال زنجي وزنج ونحو ذلك. قال أهل اللغة: رام فلان الشيء يرومه روما أي: طلبه، والمرام بفتح الميم المطلب. قال ابن الأعرابي: يقال رومت فلانا ورومت بفلان إذا جعلته يطلب الشيء.
روى: يقال: رويت من الماء واللبن ونحوهما، أروى ريا وريا بكسر الراء وفتحها وروى مثل رضا ثلاث لغات حكاهن الجوهري، وارتويت وترويت بمعنى رويت ويوم التروية بفتح التاء وإسكان الراء، ذكره في المهذب في صفة الحج: هو اليوم الثامن من ذي الحجة سمي يوم التروية؛ لأنهم كانوا يرتوون فيه الماء ويحملونه معهم في ذهابهم من مكة إلى عرفات. ويقال: رويت الحديث والشعر رواية فأنا راو، والجمع رواة، ويقال: رويت القوم أرويهم أي: استقيت لهم، ورويته الحديث والشعر إي: حملته إياه وجعلته راويا له.
قال الجوهري: ويقال أيضًا أرويته إياه والمصدر تروية، ويقال: فلان رواية للشعر إذا وصف بكثرة روايته، والهاء للمبالغة والراية العلم، وجمعه رايات، والراوية البعير أو البغل أو الحمار الذي يستقى عليه، هذا أصلها، ثم استعملت مجازا