المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حرف الذال المعجمة - تهذيب الأسماء واللغات - جـ ٣

[النووي]

الفصل: ‌حرف الذال المعجمة

الحديث يفتحونهما. وقال ابن دريد: الصواب ضم. قال: وأخطأ المحدثون في الفتح.

قال صاحب المطالع: ويقال فيها: دوما، حكاه عن الواقدي. قال صاحب المطالع وهي بقرب تبوك. وقال الحازمي: هي أرض بالشام بينها وبين دمشق خمس ليال، وبينها وبين المدينة خمس عشرة ليلة، وهذان القولان ليسا بجيدين، والصواب ما نقله الإمام الحافظ أبو القاسم بن عساكر في تاريخ دمشق عن الواقدي، قال: كانت غزوة دومة الجندل أول غزوات الشام، وهي من المدينة على ثلاث عشرة مرحلة، ومن الكوفة على عشر مراحل، ومن دمشق على عشر مراحل في برية، وهي أرض نخل وزرع يسقون على النواضح، وحولها عيون قليلة، وزرعهم الشعير، وهي مدينة عليها سور، ولها حصن عادي مشهور في العرب، هذا آخر حكاية الحافظ، لم ينكر منها شيئا، ومحله من الاتقان والمعرفة بأرفع الغايات.

ويقاربه ما قاله الإمام أبو الفتح الهمداني في كتاب الاشتقاق قال: دومة الجندل قرية على عشر مراحل من الكوفة، وثمان من دمشق، وثنتي عشر من مصر، وعشر من المدينة، وفيها اجتمع الحكمان. قال: والدومة مجتمع الشيء ومستداره، فكأنما سميت دومة؛ لأن مكانها مستدار الجندل.

‌حرف الذال المعجمة

ذبب: الذباب معروف، واحدته ذبابة، وجمعه في القلة أذبة، وفي الكثرة ذبان بكسر الذال وتشديد الباء كغراب وأغربة وغربان، وقراد وأقردة وقردان.

قال الجوهري: قال أبو عبيد: يقال: أرض مذبة يعني بفتح الميم والذال، أي: ذات ذباب. وقال الفراء: أرض مذبومة كما يقال أرض موحوشة أي: ذات وحش. قال الواحدي: قال الزجاجي: سمي هذا الطائر ذبابًا لكثرة حركته، واضطرابه. وقال غير الواحدي سمي بذلك؛ لأنه يذب أي: يدفع، والذب المنع والدفع.

ذرع: الذراع ذراع اليد فيه لغتان التذكير والتأنيث، والذراع الذي يذرع به يقال منه ذرعت الثوب، وغيره أذرعه ذرعا، وجمع الذراع أذرع وذرعان،

ص: 109

الأول جمع قلة، والثاني كثرة، وقد ذرعه القيء أي: غلبه وسبقه، وضاق بالأمر ذرعا، إذا لم يطقه، ولم يقو عليه.

قال الإمام أبو منصور الأزهري: الذرع يوضع موضع الطاقة، قال: والأصل فيه أن يذرع البعير بيديه في سيره ذرعا على قدر سعة خطوته، فإذا حمل عليه أكثر من طاقته ضاق ذرعه عن ذلك فضعف ومد عنقه، فجعل ضيق الذرع عبارة عن ضيق الوسع والطاقة، فيقال: ما لي ذرع ولا ذراع أي: مالي طاقة، والدليل على صحة هذا: أنهم يجعلون الذراع موضع الذرع، فيقولون: ضقت به ذرعا.

قال الواحدي: لم أجد أحدا ذكر في أصل الذرع أحسن ما ذكره الأزهري، قال: وذكر ابن الانبارى فيه قولين: أحدهما: أن أصله من ذرع فلانا القيء إذا غلبه وسبقه فمعنى ضاق ذرعه أي: ضاق عن حبس المكروه في نفسه. والثاني: قريب من معنى قول الأزهري، وقول الأزهري أبين وأحسن، والذريعة بفتح الذال الوسيلة، وتذرع بذريعة أي: توسل بوسيلة، وجمعها ذرائع، والقتل الذريع السريع، وأذرعات بفتح الهمزة وكسر الراء، كذا قيدها صاحب الصحاح، وهي بلدة معروفة بالشام حماها الله تعالى بينها وبين دمشق مرحلتان، وإلى بصرى دون مرحلة، وإلى القدس نحو أربع مراحل، والنسبة إليها أذرعي بفتح الراء.

قال أبو الفتح الهمداني في اشتقاق البلدان: أذرعات جمع للسابع، وأذرعة جمع ذراع في لغة من ذكر، قال: وكأنها سميت بذلك؛ لأنها كانت صغيرة متقاربة الأقطار متدانية البيوت، ثم أدنى بعضها شيئًا فشيئًا ليصح خروجهم من الواحد إلى الجمع، ثم جمع الجمع قوله في المهذب في باب المسابقة، قال الشاعر:

كالبغل يعجز عن شوط المحاضير

إن المذرع لا تغنى خؤولته

المذرع: بضم الميم وفتح الذال المعجمة وفتح الراء، هو الذي أمه أشرف من أبيه كذا قاله الجمهور. وقال ابن فارس في المجمل: المذرع من الرجال هو الذي أمه عربية وأبوه خسيس غير عربي. قال ابن فارس وغيره: سمي بذلك للرقمتين اللتين في ذراع البغل؛ لأنهما أتيا من ناحية الحمار، ومعنى هذا البيت أن الشاعر هجا آل ذي الجدين حيث زوجوا سليما مولى زياد بعض بناتهم؛ لأنه ليس كفؤا، وشبهه بإتيان الحمار الفرس. فقوله: لا تغني خؤولته أي: لا تكفي فضيلة نسب أمه وكرم أخواله وكونهم عربا، والمحاضير الخيل الجياد الشديدة العدو مأخوذ من الحضر،

ص: 110

وهو العدو، فمعناه: المذرع ناقص، ولا يرفعه شرف خاله، كما أن البغل لا يرفعه شرف خاله، وهو الفرس، ولهذا تراه يعجز عن شوط الفرس.

ذرق: ذرق الطائر معروف، وهو منه كالروث من الفرس، والحمار وهو بفتح الذال المعجمة وإسكان الراء، وفعله ذرق يذرق، ويذرق بضم الراء وكسرها في المضارع، حكاهما الجوهري.

ذكر: قد تكرر في الكتب قولهم: ذكر الله سبحانه وتعالى. قال الإمام أبو الحسن الواحدي: أصل الذكر في اللغة: التنبيه على الشيء، ومن ذكرك شيئا فقد نبهك عليه، وإذا ذكرته فقد نبهته عليه، قال: ومعنى الذكر حضور المعنى في النفس، ثم يكون تارة بالفعل، وتارة بالقول، وليس بشرط أن يكون بعد نسيان، هذا كلام الواحدي. وقد اتفق العلماء: على أن الذكر على ضربين: ذكر القلب، وذكر اللسان، قالوا: وذكر اللسان يتوصل به إلى إدامة ذكر القلب، قالوا: وذكر القلب أفضل من ذكر اللسان، وإذا ذكر بالقلب واللسان معا فهو الذكر الكامل.

وفي حديث الزكاة: “ابن لبون ذكرا” اختلف العلماء في الحكمة في قوله صلى الله عليه وسلم: “ذكرا” مع أن ابن اللبون لا يكون إلا ذكرا، فقيل: هو تأكيد ونفي لغلط يتطرق إلى ذلك، فإن أسنان الزكاة كلها مؤنثة، وهذا وحده مذكر فحسن تأكيده بذكر الذكر، وقيل: هو تنبيه على العلة كأن المعنى لا تستكثره أيها الدافع لكبر سنه، فإنه ناقص لكونه ذكرا، ولا تستقله أيها الأحد فإنه وإن كان ذكرا أسن من بنت المخاض. قال الجوهري: الذكر خلاف الأنثى، والجمع ذكور وذكران وذكارة كحجر وحجارة، والذكر المعروف، والجمع مذاكير على غير قياس، كأنهم فرقوا بين الذكر الذي هو الفحل، وبين الذكر الذي هو العضو في الجمع.

قال الأخفش: هو من الجمع الذي لا واحد له، والذكر والذكر بالكسر خلاف النسيان وكذا التذكرة، وقولهم: اجعله منك على ذكر، وذكر بمعنى الذكر الصيت والغناء، وذكرت الشيء بعد النسيان، وذكرته بلساني وبقلبي، وتذكرته وأذكرته غيري، وذكرته بمعنى، والتذكرة ما تستذكر به الحاجة، وأذكرت المرأة ولدت ذكرا، والمذكار التي عادتها تلد الذكور.

ذكى: في الحديث: “ذكاة الجنين ذكاة أمه” وهو حديث حسن، رواه أبو

ص: 111

داود وغيره، والرواية المشهورة: “ذكاة أمه” برفع ذكاة، وبعض الناس ينصبها، ويجعلها بالنصب دليلا لأصحاب أبي حنيفة رحمه الله تعالى في أنه لا يحل إلا بذكاة، ويقولون: تقديره كذكاة أمه، حذفت الكاف فانتصب، وهذا ليس بشيء؛ لأن الرواية المعروفة بالرفع.

وكذا نقله الإمام أبو سليمان الخطابي وغيره وتقديره: على الرفع يحتمل أوجها، أحسنها أن ذكاة الجنين خبر مقدم، وذكاة أمه مبتدأ، والتقدير: ذكاة أم الجنين ذكاة له. كقول الشاعر:

بنونا بنو أبنائنا

ونظائره وذلك لأن الخبر ما حصلت به الفائدة، ولا تحصل إلا بما ذكرناه، وأما رواية النصب على تقدير صحتها، فتقديرها: ذكاة الجنين حاصلة وقت ذكاة أمه، وأما قولهم: تقديره كذكاة أمه فلا يصح عند النحويين بل هو لحن، وإنما جاء النصب بإسقاط الحرف في مواضع معروفة عند الكوفيين بشرط ليس موجودا ههنا. والله تعالى أعلم.

ذمم: قولهم: ثبت المال في ذمته، وتعلق بذمته، وبرئت ذمته، واشتغلت ذمته مرادهم بالذمة الذات، والذمة في اللغة: تكون للعهد، وتكون للأمانة، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: “يسعى بذمتهم أدناهم ومن صلى الصبح فهو في ذمة الله عز وجل”، ولهم ذمة الله ورسوله فاصطلح الفقهاء على استعمال لفظ الذمة موضع الذات والنفس، فقولهم: وجب في ذمته أي: في ذاته ونفسه؛ لأن الذمة العهد والأمانة حملهما النفس والذات، فسمى محلها باسمها.

ذنب: قوله في باب السلم من المهذب: إذا أسلم في الرطب لا يلزمه قبول المذنب، المذنب بضم الميم وفتح الذال المعجمة وكسر النون المشددة، وهو البسر الذي بدأ فيه الأرطاب من قبل ذنبه فحسب. قال الجوهري: وقد ذنبت البسرة فهي مذنبة.

ذوق: يقال: ذقت الشيء أذوقه ذوقا وذواقا ومذاقا ومذاقة وما ذقت ذواقا: أي شيئًا وذقت ما عند فلان أي: خيرته، وذقت القوس أي: جذبت وترها لأنظر ما شدتها وأذاقه الله وبال أمره، وتذوقته أي ذقته شيئًا بعد شيء، وأمر مستذاق أي: مجرب معلوم والذواق الملول. قوله في باب الديات من المهذب: وإن جنى على لسانه فذهب ذوقه، ولم يحس بشيء من المذاق، وهي الخمسة الحلاوة، والمرارة، والحموضة، والملوحة والعذوبة، المذاق: بفتح

ص: 112