الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجلد الثالث
الباب الرابع: الإتجاه الأدبي في التفسير
تمهيد
…
الباب الرابع: الإتجاه الأدبي في التفسير
تمهيد:
لا أخفي أبدًا أني قد كنت ممن التبست عليهم معالم هذا الاتجاه في التفسير واختلطت عندهم خطوطه وحدوده.
وحتى بعد أن قرأت فيه كثيرا من الكتب، بل زادته بعض هذه المؤلفات لبسا إلى لبسه وغموضًا إلى غموضه. وليس أدل على ذلك من أن بعض المؤلفين ينكرون كل تأليف قديم فيه ويزعمون اتجاهًا جديدًا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى؟! وزعم آخرون أنه قديم قدم التفسير، زد على هذا اختلافهم في مدلوله وتعريفه و
…
و
…
وما زالت أقرأ وأتأمل حتى ظهر لي ما أحسبه الحقيقة وقد ظهرت لغيري من قبل. وحين تظهر الحقيقة فإنها توجب على صاحبها إظهارها وإلا كانت حقيقة مكتومة يبوء صاحبها بإثم كتمانها.
كنت أعتقد أن الاتجاه الأدبي في التفسير يشمل مناهج ثلاثة:
أولا: النهج البياني.
ثانيهما: المنهج الموضوعي.
ثالثها: منهج التذوق الأدبي.
كنت أحسبه كذلك فإذا به غير ما ظننت، وقع الخلط بين أولها وثانيها ما حدود المنهج البياني وما حدود المنهج الموضوعي وهل بينهما من صلة أو هما اسمان لمسمى واحد؟!
وإذا بالحقيقة غير ذلك كله، فليست الموضوعية في التفسير منهجا؟! حتى وإن وصفها كثيرون بذلك؛ إذ هي ليست إلا أسلوبا من أساليب التفسير ووسيلة من وسائله ومركبا من مراكبه.
وأساليبه محدودة ومعلومة قسمها العلماء إلى:
1-
التفسير التحليلي.
2-
التفسير الإجمالي.
3-
التفسير المقارن.
4-
التفسير الموضوعي.
أما التفسير التحليلي فهو أن يلتزم المفسر تسلسل النظم القرآني والسير معه سورةً سورةً وآيةً آيةً. وهو النمط الذي سلكه سائر المفسرين القدامى إلا القليل النادر.
وأما التفسير الإجمالي فهو أن يلتزم المفسر تسلسل النظم القرآني أيضا سورةً سورةً، إلا أنه يقسم السورة إلى مجموعات من الآيات يتناول كل مجموعة بتفسير معانيها إجمالا، مبرزا مقاصدها موضحا معانيا مظهرا مراميها، ويجعل بعض "ألفاظ" الآيات رابطا بين النص وبين تفسيره، فيورد بين الفينة والأخرى لفظا من ألفاظ النص القرآني لإشعار القارئ أو السامع بأنه لم يبعد في تفسيره عن سياق النص القرآني ولم يجانب ألفاظه وعباراته ومشعرًا بما انتهى إليه في تفسيره من النص.
وأما التفسير المقارن فهو أن يعمد المفسر إلى جملة من الآيات في موضع واحد في سورة واحدة يورد أقوال المفسرين السابقين لا ويوازن بينهما ويقارن، وينقد الضعيف ويؤيد الصحيح.
وأما التفسير الموضوعي فهو أن يلتزم المفسر موضوعا قرآنيا واحدا يجمع الآيات الواردة فيه؛ ليتناولها بالتفسير مجتمعة ليصل بعد ذلك -حسب جهده- إلى حكم القرآن النهائي في موضوعه الذي يتناوله.
وإذا كانت هذه هي أساليب التفسير في القرآن الكريم وليست مناهجه، بدليل أنه يصح أن يتناول بكل أسلوب منها كل مناهج التفسير فليس الأسلوب إلا مطية، وليس المنهج إلا طريقا للهدف.
فيصح أن يسلك بالتفسير التحليلي منهج أهل السنة والجماعة ويصح أن يسلك به منهج الشيعة، بل يصح أن يسلك به الاتجاه العلمي بمناهجه والعقلي وحتى الإلحادي. وكل هذه الاتجاهات موجودة في تفاسير العلماء السابقين، هي من هذا الأسلوب في التفسير وكذا التفسير الإجمالي والمقارن.
ويصح أن يسلك بالتفسير الموضوعي الاتجاه العقدي فيكتب عن "آيات الإيمان بالله" وعن "آيات الإيمان بالآخرة"، وعن "آيات الحجة على المشركين بالله"1، وعن "قضايا العقيدة في ضوء سورة ق"2، وعن "سورة الواقعة ومنهجها في العقائد"3، وعن "تصور الألوهية كما تعرضه سورة الأنعام"4، وعن "صراع المذهب والعقيدة في القرآن"5، وعن "المصطلحات الأربعة في القرآن: الإله، الرب، العبادة، الدين"6، وعن "مع الإيمان في رحاب القرآن"7، وعن "الأنبياء في القرآن"8، وعن "النبوة والأنبياء في ضوء القرآن الكريم"9، وعن "رسول الله في القرآن الكريم"10، وعن "نبوة محمد
1 وكلها مؤلفات للأساذ عبد المنعم أحمد تعيلب.
2 للأستاذ كمال محمد عيسى.
3 للأستاذ محمود محمد غريب.
4 للأستاذ إبراهيم الكيلاني.
5 للأستاذ عبد الكريم غلاب.
6 للأستاذ أبي الأعلى المودودي.
7 للأساذ محمد محمد خليفة.
8 للاستاذ سعد صادق محمد.
9 للأستاذ أبي الحسن الندوي.
10 للأستاذ حسن الملطاوي.
صلى الله عليه وسلم في القرآن"1، وعن "اليهود في القرآن الكريم"2، وعن "المسيح في القرآن"3، وعن "بنو إسرائيل في القرآن"4، وعن "رحلة الآخرة في القرآن الكريم"5، وعن "القرآن والشيطان"6، وعن "أفعال العباد في القرآن الكريم"7.
وكل هذا تفسير موضوعي، وكله من المنهج العقدي في التفسير.
ويصح أن يسلك بالتفسير الموضوعي الاتجاه العلمي بمنهجه الفقهي،
والعلمي التجريبي، أما الفقهي فكله لا أستثني منه شيئا من التفسير الموضوعي، ذلكم أن صاحبه يتجه إلى آيات الأحكام في القرآن الكريم، فيفردها بالحديث ويقتصر عليها بالتفسير والبيان وهذا أُسُّ التفسير الموضوعي. وقد يقتصر على موضوع واحد فقهي.
فيفسر الآيات التي تناولته فيكتب مثلا عن "آيات الجهاد في القرآن الكريم"8، وعن "المال في القرآن"9، وعن "أحكام الحجاب في القرآن"10، وعن "تفسير آيات الربا"11 وكلها تفسير موضوعي من المنهج الفقهي.
ويصح أن يسلك بالتفسير الموضوعي الاتجاه العلمي بمنهجه العلمي التجريبي فيتناول بالتفسير الآيات العلمية عامة أو طائفة معينة ذات موضوع واحد منها فيكتب في علم الفلك مثلا: "ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة
1 للأستاذ حسن ضياء الدين عتر.
2 للأستاذ محمد حزة دروزة.
3 للأستاذ عبد الكريم الخطيب.
4 للأستاذ السيد رزق الطويل.
5 للأستاذ عبد العزيز خطاب.
6 للأستاذ فارس محمد ثابت.
7 للأستاذ محمد المجذوب.
8 للأستاذ كامل سلامة الدقس.
9 للأستاذ محمود غريب.
10 للأستاذ أمين أحسن الإصلاحي.
11 للأستاذ سيد قطب.
الجديدة"1، أو "التفسير العلمي للآيات الكونية في القرآن"2، أو "تفسير الآيات الكونية"3. وفي علم الطب مثلا: "القرآن والطب"4، أو "مع الطب في القرآن الكريم"5، وغير ذلك من العلوم التجريبية، وكل هذا تفسير موضوعي من المنهج العلمي التجريبي.
ويصح أن يسلك بالتفسير الموضوعي الاتجاه الاجتماعي فيكتب عن "دستور الأخلاق في القرآن"6، وعن "المجتمع الإسلامي كما تنظمه سورة النساء"7، وعن "الفلسفة التربوية في القرآن"8، وعن "التربية في كتاب الله"9، وعن "الأمة الإسلامية كما يريدها القرآن"10، وعن "القرآن والمبادئ الإنسانية"11، وعن "وصايا لقمان في القرآن الكريم"12، وعن "فقه الكلمة ومسئوليتها في القرآن والسنة"13، وعن "منزلة الأم في القرآن الكريم14، وعن "الأم في القرآن الكريم"15، وعن "المرأة من خلال الآيات القرآنية"16، وعن
1 للأستاذ محمود شكري الألوسي.
2 للأستاذ حنفي أحمد.
3 للأستاذ عبد الله شحاتة.
4 للأستاذ محمد وصفي.
5 للأستاذين عبد الحميد دياب وأحمد قرقوز.
6 للأستاذ محمد عبد الله دراز.
7 للأستاذ محمد محمد المدني.
8 للأستاذ محمد فاضل الجمالي.
9 للأستاذ محمود عبد الوهاب.
10 للأستاذ محمد الصادق عرجون.
11 للأستاذ محمد عبد الله السمان.
12 للأستاذ محمد محمود مصطفى عمير.
13 للأستاذ محمد عبد الرحمن عوض.
14 للأستاذ عبد المعز خطاب.
15 للأستاذ أحمد عبد الهادي.
16 للأستاذ عصمة الدين كركر.
"القرآن والمرأة"1، وعن "القرآن والمجتمع"2، وعن "منهج القرآن في تطوير المجتمع"2، وكل هذا تفسير موضوعي من منهج الإصلاح الاجتماعي.
فهل يصح أن تسلك هذه المؤلفات كلها على مختلف مواضيعها واتجاهاتها في منهج واحد من مناهج التفسير؟! لا أحسب هذا يقبله ذو علم.
فلا شك إذًا أن التفسير الموضوعي ليس منهجا مستقلا عما سواه من المناهج، بل لا يصح أن يوصف بالمنهجية وشأنه كذلك. فهو ليس إلا وسيلة من وسائل التفسير يتناول بواسطته كل المناهج التفسيرية.
ولذا فلا يصح أن يعد منهجا وإنما هو أسلوب من أساليب التفسير، وحين ينحصر هذا الجزء من المناهج الثلاثة التي حسبتها تكون الاتجاه الأدبي في التفسير ويبقى المنهجان:
1-
المنهج البياني.
2-
منهج التذوق الأدبي.
يزول اللبس وتظهر المعالم وتنجلي الحقيقة. ولست أزعم لنفسي كشفها، ولست ممن يضع في إحدى أذنيه قطنا وفي الأخرى عجينا -كما يقولون- فلا يسمع رأيا ولا يقبل قولا وقد يكشف له حقائق كانت عن بصره مستورة أو يجلو غشاوة في بصره كانت تعميه، وما زلت أطلب الحقيقة فهي ضالتي وأحسبني والحمد لله قد وصلت إليها.
وعلى هذا فسأقتصر في حديثي عن هذا الاتجاه على المنهجين السابقين:
1-
المنهج البياني.
2-
منهج التذوق الأدبي.
1 للأستاذ محمود شلتوت.
2 للأستاذ محمد البهي.