الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: اللون اللامنهجي في التفسير
تمهيد:
نحمد الله بادئ ذي بدء أن أصحاب هذا اللون من التفسير أقل من القلة، وما كنت لأعرض لهؤلاء لولا أني حرصت على استقصاء اتجاهات التفسير وألوانه في العصر الحديث.
والذي لا أدريه حقا وما زال يحيرني ويلح في طلب الجواب هل هؤلاء أصحاب هذا اللون من التفسير مجانين حقا؟! أم أنهم عقلاء كتبوا كما يكتب أولئك، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا فعلوا هذا؟ وهل يعتقد أحد منهم -حقا- أن تفسيره هذا سيلاقي القبول ولو من شخص واحد وإذا كان الجواب بالنفي فلماذا كتب؟! هذه الأسئلة وغيرها تترى على ذهني من غير أن أجد لها جوابا.
أحب هنا أن أذكر مثالا واحدا لا أزيد عليه من تفاسيرهم ولا أود -أيضا- أن أذكر أكثر من مثال واحد لمؤلفاتهم.
أما المثال من التفسير فتفسير حديث لسورة الإخلاص نشر في جريدة السياسة الكويتية، رد عليه مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته السادسة، ووصف هذا التفسير بأنه لا يدل على شيء سوى الاختلاط العقلي، ويرى أنه من المختلين عقليا وأنه هذيان لا يبلغه هذيان المحمومين وأنه عبث بآيات الله في كتابه.
وما علي أن أستطرد وقرار المجمع بين يدي فيه عرض للتفسير والجواب الكافي فلأنقله بحذافيره ففيه الغناء:
"الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته السادسة المنعقدة بمقر الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في الفترة ما بين 9-16/ 4/ 1403هـ الموافق 23- 30/ 1/ 1983م قد أطلع في جلسته الثانية صباح يوم الاثنين 10/ 4/ 1403 على ما نشرته جريدته السياسية الكويتية في عددها ذي الرقم "4776" الصادر يوم الخميس 17 ذي الحجة 1401 الموافق 15/ 10/ 1981م من كلام غريب مستنكر تحت عنوان بارز خداع جاء فيه "معنى التوحيد: تفسير منطوق لسورة الإخلاص وترجمته الانجليزية" موقع باسم شخص سمي: "محمد أحمد الشمالي" يجترئ فيه على التلاعب بمعاني القرآن العظيم، ويأتي فيه بلون عجيب من الخلط والأوهام والجهل والتصورات الخيالية المتفككة والملتبكة لا تدل على شيء سوى الاختلاط العقلي.
ويعلن على المسلمين أنه تفسير لسورة الإخلاص.
وقد استهل هذا المفسر الجديد تفسيره هذا لسورة الإخلاص
بقوله: "قل: خبر مقدم بمعنى فرد لا أحد له فيقال مثلا: رجل، قل: "هو ضمير مبتدأ مؤخر خبره "قل" وهو أيضا في مقام مفعول به للجملة الفعلية التي تليه، الله أحد: أي أن الله أحده بمعنى جعله واحدا أو بمعنى جعله حدا، أو بمعنى جعله حادا.
وهكذا يسير هذا الرجل المختلط في تفسير بقية آيات سورة الإخلاص إلى أن يقول: ولم يكن له كفوا أحد، "ما كان لهذا الشخص أكفاء في الماضي؛ ولكن هذا لا يمنع ظهور أكفاء له فيما بعد؛ وإلا لتعذر عليه ذاته الظهور ثانية على وجه الأرض بعد المرة الأولى، وانقطعت رسله".
هذا ويرى المجمع الفقهي أنه ليس مستغربا أن يوجد في المختلين عقليا من يتصور نفسه عالما محققا متعمقا، أو فيلسوفا مدققا؛ فهذا مرض من الأمراض، ولكن الغريب كل الغريب أن تنشر صحيفة عربية مشهورة في بلد عربي إسلامي مثل هذا الهذيان الذي لا يبلغه هذيان المحمومين تحت عنوان بارز بأن هذا هو معنى التوحيد المستفاد من سورة الإخلاص تلك السورة القصيرة العظيمة التي عبرت
عن حقيقة التوحيد بكلمات قليلة محكمة كانت وستبقى على مدى الحياة أعظم من الجبال الشامخات بلاغة ورسوخا وتحديا لعواطف الأفكار الزائغة والتيارات الزائفة والشرك والإلحاد اللذين هما ضلال وانحطاط في بعض العقول البشرية بعوامل مختلفة.
فإذا كان ذلك الهذيان تفسيرا منطوقا لسورة الإخلاص العظيمة فماذا ترك صاحبه للفرق الباطنية الهدامة التي تتلاعب بآيات الله في كتابه العربي المبين كما تشاء لها غاياتها الخبيثة ضلالا وتضليلا؟
فمثل هذا العمل هو إجرام وعبث بآيات الله، ورده عن الإسلام؛ فكيف يسوغ لصحيفة عربية صاحبها ينتسب للإسلام في بلد إسلامي أن تجعل من صفحاتها منبرا لأمثال ذلك؟ وكيف تنجو هي والكاتب المستهزئ بآيات القرآن العظيم من المسئولية التي تقتضيها نصوص الدساتير وقوانين العقوبات والمطبوعات في بلدها وسائر البلاد العربية؟
ولذلك ولخطورة هذه السلوك غير المسؤل في الصحافة والنشر فيما يجترأ به على العقائد والمقدسات الإسلامية.
قرر مجلس المجمع الفقهي لفت أنظار المسئولين الذين تقع على عاتق سلطاتهم حماية جميع تلك المقدسات من العبث بها وإحالة هذا القرار إلى الأمانة العامة لرابطة العالم إسلامي لتقوم بإرساله إلى المسئولين في دولة الكويت وسواها ليقوموا بواجبهم فيما يوجبه عليهم دينهم وحقوق شعوبهم عليهم نحو كتاب ربهم وسنة رسولهم صلى الله عليه وسلم من صيانة حرماته وحمايتها من أن تكون ألعوبة في يد من يشاء تضليل الأفكار وتزييغ الناشئة بسوء استعمال حرية النشر، والله ولي التوفيق وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم"1.
أما مثال مؤلفاتهم في التفسير فنضرب له مثلا برسالة سماها صاحبها "رسالة الفتح" وهذا أوان الحديث عنها:
1 جريدة المدينة المنورة العدد 6088 في 23 صفر 1404.