المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌9 - القناعة بالرزق الحلال: - اتقاء الحرام والشبهات في طلب الرزق

[أحمد الطويل]

فهرس الكتاب

- ‌خطبة الحاجة

- ‌تمهيد

- ‌الباب الأول الحلال البين

- ‌الفصل الأولفي الكسب الحلال

- ‌1 - التعريف بالحلال:

- ‌2 - حكم معرفة الحلال والحرام:

- ‌3 - أهمية طلب الحلال في حياة المسلم:

- ‌4 - وجوب تحري الحلال في طلب الرزق:

- ‌5 - الترغيب في طلب الحلال:

- ‌أولًا: من القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: من السنة النبوية:

- ‌ثالثًا: من الآثار:

- ‌6 - طلب الرزق والعبادة:

- ‌7 - العمل والصلاة:

- ‌8 - طلب الرزق لا ينافي التوكل:

- ‌9 - القناعة بالرزق الحلال:

- ‌10 - التعفف عما في أيدي الناس:

- ‌11 - متى يجوز سؤال الناس

- ‌12 - الترهيب من سؤال الناس:

- ‌13 - الترغيب في عدم سؤال الناس:

- ‌14 - من لا تحل له الصدقة:

- ‌الفصل الثانيتيسير سبل الكسب الحلال أمام المسلم

- ‌تمهيد:

- ‌أولًا: الزراعة:

- ‌ثانيًا: إحياء الموات:

- ‌ثالثًا: الصناعة:

- ‌رابعًا: التجارة:

- ‌خامساً: الرعي:

- ‌سادسًا: حرف ومهن:

- ‌سابعًا: الوظائف العامة:

- ‌أ- إتقان العمل الوظيفي كسب حلال:

- ‌ب- خيانة الأمانة في المجال الوظيفي كسب حرام:

- ‌ج - المسؤولية الوظيفية والكسب الحلال:

- ‌الفصل الثالثالسعي على المعاش في حياة أفضل البشر

- ‌1 - مقدمة:

- ‌2 - العمل في حياة الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين:

- ‌3 - العمل في حياة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم:

- ‌الصديق:

- ‌الفاروق:

- ‌ذي النورين:

- ‌ على

- ‌4 - العمل في حياة الصحابة رضي الله عنهم:

- ‌الباب الثاني في الحرام البين

- ‌الفصل الأولفي الكسب الحرام

- ‌1 - تمهيد:

- ‌2 - التعريف بالحرام:

- ‌3 - نبذة تاريخية عن الحرام:

- ‌أ- في اليهودية:

- ‌ب- وفي النصرانية:

- ‌ج - وفي الجاهلية:

- ‌د- وفي الإسلام:

- ‌4 - التحليل والتحريم حق لله وحده:

- ‌5 - ضرورات تبيح المحظورات:

- ‌6 - حكمة وجود المحظور:

- ‌7 - الترهيب من أكل الحرام:

- ‌8 - صور من الكسب الحرام:

- ‌أولًا: صور عامة:

- ‌ثانيًا: صور خاصة:

- ‌الفصل الثانيفي آثار أكل الحرام

- ‌1 - مقدمة:

- ‌2 - أثر أكل الحرام على العقيدة:

- ‌3 - آثار الحرام على العبادات:

- ‌4 - آثار الحرام على الاقتصاد الإسلامي والتطور الحضاري:

- ‌5 - الجزاء الأخروي لآكل الحرام:

- ‌أولًا: الظلم ظلمات يوم القيامة:

- ‌ثانيًا: مصير آكل الحرام في الآخرة:

- ‌الباب الثالث في المشتبهات

- ‌1 - تمهيد:

- ‌2 - تعريف المتشابه:

- ‌3 - كمال الدين:

- ‌4 - أسباب الاشتباه:

- ‌5 - كيف تعرف الشبهة:

- ‌6 - حكم الشبهات:

- ‌7 - موقف المسلم من الشبهات:

- ‌8 - تعليل اتقاء الشبهات:

- ‌9 - أمثلة من المتشابه:

- ‌10 - أمثلة من المختلف فيه:

الفصل: ‌9 - القناعة بالرزق الحلال:

فإذا كانت الطيور تسعى لتحصيل رزقها، ولا تبقى في أوكارها تنتظر الرزق، بل تذهب وهي جائعة في الصباح تلتمس أسباب الرزق، ثم تعود في المساء وقد امتلأت حواصلها وحصَّلت رزقها، وهكذا المسلم يجب عليه أن يبذل السبب ويجتهد في ذلك، وإن غُلِّقت الأبواب أمامه من جهات معينة طرق غيرها، وإن ضاقت عليه الأسباب في بلد سافر إلى غيره، وإن لم تكفه حرفته أو وظيفته تعلم حرفة أخرى، وقام بعمل آخر إلى جوار وظيفته، وهو في ذلك كله يتوكل على ربه ويعتمد عليه.

ويعلم أن رزقه معلوم ومقدر، ولكنه لا يعلم الغيب، ومأمور أن يبذل السبب ليأتيه رزقه، والسبب والمسبَّبُ مخلوقان لله تعالى، ومرتب أحدهما على الآخر، وترك الأخذ بالأسباب تواكل وتكاسل، وهناك فرق بين التوكل والتواكل.

«لما لقي عمر بن الخطاب رضي الله عنه ناسًا من أهل اليمن، قال: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون، قال: بل أنتم المتأكلون، إنما المتوكل الذي يلقي حبة في الأرض ويتوكل على الله» (1).

فالإسلام إذن لا يعرف التواكل، وتحصيل المعاش لا بد له من الأخذ بالأسباب، والتوكل قوة دافعة إلى ذلك.

ولا تعارض بين طلب المعاش، والعمل للمعاد، فكلاهما مطلوب بمقدار.

‌9 - القناعة بالرزق الحلال:

والاكتفاء بالحلال يعني أن يقنع المسلم بما رزقه الله تعالى من الطرق المشروعة، فيعف نفسه به، ولا يطلب ما سواه من الحرام.

(1) ابن رجب الحنبلي- جامع العلوم والحكم- ص 384.

ص: 25

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة وعفة في طعمة» (1).

ومعنى عفة في طعمة: أي أن يقنع المسلم ويكتفي ويعف نفسه بالحلال عن طلب الحرام.

ومن وصايا لقمان لابنه: «يا بني استغن بالكسب الحلال، فإنه ما افتقر أحد إلا أصابه ثلاث خصال: رقة في دينه، وضعف في عقله، وذهاب مروءته، وأعظم من هذا الخصال استخفاف الناس به» (2).

والعمل الصالح سبب للحياة الطيبة وهناء العيش والقناعة بالقليل.

قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97].

جاء في تفسير المراد بالحياة الطيبة: أنها القناعة (3).

والقناعة في الجانب المالي تعني الرضا والتسليم بما رزقه الله تعالى وقسمه للإنسان ولو كان قليلاً، وتعني اليأس عما في أيدي الناس، وعدم

(1) رواه الطبراني وإسناده حسن، راجع المنذري: الترغيب والترهيب ج 4 ص 19 رقم 2518. والهيثمي، مجمع الزوائد ج 10 ص 295. وقال العلامة الألباني: وهذا سند صحيح، انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة، المجلد الثاني ص 370، 371 رقم 773.

(2)

الإمام الغزالي: إحياء علوم الدين ج 2 ص 62، وابن قدامة المقدسي، مختصر منهاج القاصدين ص 78.

(3)

انظر الشيخ محمد السفاريني الحنبلي، غذاء الألباب لشرح منظومة الآداب، دار الاتحاد العربي للطباعة بالقاهرة 1971 ج 2 ص 225. والإمام القشيري: أبا القاسم عبد الكريم بن هوازن، الرسالة القشيرية، دار الكتاب العربي ببيروت، لبنان، بدون تاريخ، ص 74.

ص: 26

التطلع إلى الحرام في قليل أو كثير. فإن من لم يرض بما قسمه الله تعالى له، وتطلع إلى الكثير فاته عز القناعة وتدنس لا محالة بالطمع، وجره هذا إلى مساوئ الخلاق وارتكاب المنكرات.

وإن الاكتفاء بالحلال بعد طلبه والقناعة به أحد أسباب ثلاثة هي مصدر السعادة والاستقرار في الدنيا.

عن عبد الله بن محصن رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها» (1).

وهي أيضًا سبب لتحقيق الفلاح في الدار الآخرة.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه» (2).

وعن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «طوبى لمن هُدِيَ للإسلام وكان عيشه كفافًا وقنع» (3).

(1) أخرجه الترمذي، ابن الأثير، جامع الأصول ج 10 ص 135 رقم 7612، انظر تخريج الأرناؤوط فيه. وقد حسنه الترمذي كما قال عبد العزيز بن رباح وأحمد يوسف الدقاق في تحقيق وتخريج أحاديث رياض الصالحين للنووي. دار المأمون للتراث دمشق الطبعة الثانية 1396 هـ ص 243 رقم 509.

(2)

أخرجه مسلم والترمذي، ابن الأثير، جامع الأصول ج 10 ص 38 رقم 7615.

(3)

أخرجه الترمذي وابن الأثير، المرجع السابق ج 10 ص 139 رقم 7616. وقال الشيخ إسماعيل العجلوني في كشف الخفاء مزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس: رواه الترمذي والحاكم، وقال الحاكم: على شرط مسلم، ج 2 ص 62 رقم 1681.

ص: 27