الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن قبيصة بن مخارق الهلالي رضي الله عنه قال: تحملت حمالة (1)، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها، فقال:«أقم حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها، ثم قال: يا قبيصة، إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة، فحلت له المسألة حتى يصيبها، ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة (2) اجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قِواماً (3) من عيش، أو قال سداداً من عيش- ورجل أصابته فاقة، حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى (4) من قومه: لقد أصابت فلاناً فاقة، فحلت له المسألة، حتى يصيب قواماً من عيشة،- أو قال سداداً (5) من عيش-، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتاً» (6).
وفي هذا بيان أن المسلم ينبغي أن يكون عالي الهمة، كريم النفس، مترفعاً عن الدنايا، وعن مذلة سؤال الناس إلا في الحالات الثلاث التي جاءت في الحديث، وهي التي يجوز فيها سؤال الناس بمقدار الحاجة فقط، وإلا كان سحتاً يأكل به في بطنه ناراً.
12 - الترهيب من سؤال الناس:
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن المُلحِف في المسألة يأتي يوم القيامة وعليه علامات مميزة، فيها ترهيب ووعيد شديد.
(1) الحمالة: أن يقع حرب بين فريقين، فيقتل بينهم قتلى، فيلتزم رجل أن يؤدي ديات القتلى من عنده طلبا للصلح وإطفاء للفتنة.
(2)
الجائحة: الآفة التي تعرض للإنسان وتستأصل ماله.
(3)
القوام: ما يقوم به أمر الإنسان من مال ونحوه.
(4)
الحجى: العقل.
(5)
السداد بكسر السين: ما يكفي المُعوز والمقل، يقال في هذا سداد عن عوز.
(6)
راجع ابن الأثير جامع الأصول ج 10 ص 155 - 156 رقم 7640 وأبو داود: سليمان ابن الأشعث السجستاني في سننه طبعة دار الفكر بالقاهرة نشر دار إحياء السنة النبوية بدون تاريخ ج 2 ص 120 رقم 1641 وقد أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي.
فالإسلام يحرم السؤال بادئ ذي بدء، ويحرم الإلحاح في السؤال، ويحرم السؤال تكثراً.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا تزال المسألة بأحدكم، حتى يلقى الله وليس في وجهه مزعة لحم» أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية النسائي: «حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم» (1).
فالحديث يبين أن كثرة سؤال الناس للصدقات يكون سببا في تساقط لحم وجه الإنسان يوم القيامة، علامة له على أنه كان يسأل الناس الصدقة في الدنيا ويكثر من السؤال.
وتأتي المسألة مع وجود الكفاف نكتة في وجه السائل يوم القيامة.
ومن يملك خمسين درهما فهو غني لا يجوز له سؤال الناس.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل الناس، وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسألته خُموس- أو خدوش، أو كدوح- قيل: يا رسول الله، وما يغنيه؟ قال: خمسون درهماً، أو قيمتها من الذهب» (2) والخمسون درهماً تعدل خمسة دنانير والدينار يعدل مثقالاً، والمثقال يعدل اثنين وعشرين جراماً.
ويحرم الإسلام كذلك السؤال بقصد الاستزادة من المال ويبين أن السائل لا يستكثر مالاً، وإنما يستكثر بسؤاله الناس من جمر جهنم والعياذ بالله.
(1) ابن الأثير، جامع الأصول، ج 10 ص 144 رقم 7623 ومحمد فؤاد عبد الباقي، اللؤلؤ والمرجان ج 1 ص 219 رقم 167.
(2)
أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي كما قال ابن الأثير في المصدر السابق ص 151 رقم 7634 قال الأرناؤوط، بعد تحقيقه في الهامش: وإسناده صحيح.