الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحدهما: احتمال أن يكون في هذا الأمر عناصر محرمة قطعًا فهو يقع فيها مع خليط من الحلال، وينبغي ترك الحلال المخالط للحرام براءة للذمة من الإثم والنقيصة.
ثانيهما: أن تكون الشبهة آتية من مجاورة حدود الحرام فيهون عليه القرب من الحرام والدخول فيه شيئًا فشيئًا (1).
8 - تعليل اتقاء الشبهات:
ذكر الحافظ ابن حجر أن الحلال في حد ذاته مباح، ولكن حيث يؤول فعله مطلقاً إلى مكروه أو محرم ينبغي اجتنابه كالإكثار من الطيبات، فإنه كما يقول العلماء: يحوج إلى كثرة الاكتساب الموقع في أخذ ما لا يحق، أو يفضي إلى بطر النفس، وأقل ما فيه، الاشتغال عن مواقف العبودية، وهذا أمر معلوم عند الناس جميعًا (2).
قلت: إذا كان هذا عن الحلال المباح، فإن الشبهات ينبغي اتقاؤها من باب أولى، لأن احتمال الحل قائم، واحتمال الحرمة قائم، ومن يقدم على الشبهة لا يأمن أن تكون حرامًا في نفس الأمر، فيصادف الحرام وهو لا يدري، ويعرِّض دينه وعرضه للقدح والذم.
9 - أمثلة من المتشابه:
والمسائل المشتبهة هي التي تحتاج إلى البحث والاجتهاد حتى يعلم حقيقتها، والحكم الشرعي بالنسبة لها؛ حيث إن الشبهة غامضة لا يعلم حكمها كثير من الناس، أهي من قبيل الحلال أم من الحرام، ولكن هذا
(1) عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني، الأخلاق الإسلامية وأسسها، دار القلم بدمشق الطبعة الأولى سنة 1399 هـ ج 1 ص 81.
(2)
الحافظ ابن حجر في فتح الباري ج 1 ص 127.
اللبس والاشتباه لا يخفى على بعض الناس، وهم المجتهدون، الفاهمون، الواعون، وفيما يلي أمثلة من الأمور المشتبهة والتي ينبغي اتقاؤها تعاطيًا وتعاملاً وكسباً وإعانة
…
ورعًا وزهدًا وخوفًا من الوقوع في الحرام.
ومن ذلك:
- من المطعومات: المشتبه في حلها وتحريمها: الخيل والبغال والضب (1) .. وكل طعام خالطه لحم أو شحم خنزير بحيث لم يغلب عليه، أما إذا غلب عليه فهو محرم اتفاقاً.
- ومن المشروبات: الأنبذة
…
وما خالطه شيء من الكحول. وما فتَّر البدن .. ومنها المواد التي تدخل إلى الجسم عن طريق حاسة الشم والتنفس (كالدخان وغيره).
- ومن الملبوسات: ما اختلف في إباحة لبسه: كجلود السباع ونحوها
…
والثياب يلبسها الكافر فيظن نجاستها لعدم تحرزه عن النجاسة في العادة.
- ومن المكاسب: المختلف فيها: كمسائل: العينة (2) والتورق (3) .. إلخ.
وكل مال أو كسب فيه شبهة محرمة.
(1) ابن رجب الحنبلي في المرجع السابق ص 59.
(2)
للعينة صور: أقبحها ما قاله ابن القيم: أن يتواطأ المترابيان على الربا، فيعمدان إلى رجل عنده متاع، فيشتريه منه المحتاج، ثم يبيعه للمرابي بثمن الحال ويقبضه منه، ثم يبيعه للمرابي بثمن مؤجل، وهو ما اتفقا عليه، ثم يعيد المتاع إلى صاحبه ويعطيه شيئاً ومن صورها: أن يكون عند الرجل متاع فلا يبيعه إلى نسيئة.
(3)
التورق: مثل أن ينظر في السلعة كم تساوي نقداً فيشتريها إلى أجل ثم يبيعها في السوق نقداً، راجع ابن رجب في المصدر السابق وانظر الشيخ عبد الله بن قاسم النجدي في حاشيته على الروض المربع، المطابع الأهلية، للأوفست بالرياض، الطبعة الأولى سنة 1398 هـ ص 282 وما بعدها.