الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من اعتقد الحلال حراماً أو بالعكس فإنه يكفر، إذا كان الحرام حراماً لعينه قد حرمه الإسلام من أول الأمر كالزنا والسرقة وبيع الميتة وتزوج المحارم، فإن الإسلام قد حرم ذلك ابتداءً لما فيه من المفاسد والمضار.
أما إذا كان الحرام حراماً لغيره، وهو ما يكون مشروعاً في الأصل ولكن اقترن به عارض اقتضى تحريمه كالبيع إذا اشتمل على الربا، أو الصوم إذا كان يوم العيد، فإن الصوم في ذاته مشروع ولكنه لما اقترن بيوم العيد المحرم صيامه، صار حراماً لهذا العارض، وكذلك البيع، فهو حلال، ولكن لما خالطه الربا صار حراماً، وهكذا.
ومنكر الحرام لغيره يكفر، كمنكر الحرام لذاته إذا ثبتت الحرمة بدليل قطعي الثبوت كالقرآن والسنة المتواترة والمشهورة، وقطعي الدلالة، بحيث لا يحتمل تأويلاً آخر.
أما إذا كان الدليل ظني الثبوت، كسنة الآحاد، وظني الدلالة يحتمل معنى آخر، فإنه يكون محلاً لاختلاف المجتهدين.
3 - أهمية طلب الحلال في حياة المسلم:
ولتحري طلب الحلال، واجتناب الحرام، واتقاء الشبهات، في حياة المسلم، أهمية قصوى، حيث يتوقف على ذلك شرعية منهاجه، وسلوكه في الدنيا، ومصيره في الآخرة، ويتجلى مظهر الامتثال لأوامر الله تعالى ورسوله، والانتهاء عما نهى الله تعالى عنه ورسوله، في الاقتصار على الحلال دون الحرام والشبهات، والرغبة في الخير دون الشر، وذلك في شتى الميادين، وجميع المجالات: في المأكل والمشرب، والملبس، والعمل، والمعاملات، والكسب، والبيع والشراء، ومجال الغريزة، والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية، وكذا العلاقات العامة
…
إلخ.
وهذا شأن المؤمن الملتزم: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور: 51].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحدَّ حدودًا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تقربوها، وترك أشياء عن غير نسيان فلا تبحثوا عنها» (1).
وعن أبي الدرداء مرفوعاً: «ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله تعالى لم يكن لينسى شيئاً، ثم تلا صلى الله عليه وسلم هذه الآية:{وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64](2).
ويحتل الحلال والحرام من النصوص الشرعية ومن الأحكام الفقهية في الإسلام مساحة عريضة، نظراً لأهميتهما في حياة المسلم وتناولهما شتى شؤون الحياة، بما يصلح للمرء دنياه وأخراه، في مجال العقيدة والعبادة والاقتصاد والسياسة والشؤون الخاصة والعامة والعلاقات مع النفس ومع غيرهما.
وسوف نتناول ما يتعلق بطلب الرزق من وجوهه المشروعة مما أحله الإسلام، ونحذر من الوقوع في الحرام بكسب المال من طرق غير مشروعة، وما ينبغي اتقاؤه في هذا الباب بترك الشبهات.
(1) رواه أبو ثعلبة الخشني، وأخرجه الدارقطني في سننه، وهو من رواية مكحول عن أبي ثعلبة، وفيه انقطاع، وله شاهد بمعناه أخرجه البزار والحاكم وصححه وغيرهما من حديث أبي الدرداء مرفوعاً، وحسنه النووي والسمعاني، راجع تخريج الحديث لعبد القادر الأرناؤوط في جامع الأصول في أحاديث الرسول لابن الأثير طبعة دمشق 1390 هـ ج 5 ص 59 رقم 3070 وانظر الهيثمي في مجمع الزوائد ج 1 ص 171.
(2)
أخرجه البزار والحاكم بإسناد صحيح.