الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 -
ومنها ما يكون فيه أمر أو نهي، فتختلف العلماء في حمل الأمر على الوجوب أو الندب، وفي حمل النهي على التحريم أو التنزيه وغير ذلك من أسباب الاختلاف.
غير أنه لا بد أن يكون في الأمة علماء راسخون يوافق أقوالهم الحقيقة، فيكونوا علماء بهذا الحكم .. وهم الراسخون في العلم، ويكون مشتبهاً على غيرهم (1).
- وعلى هذا فإن اختلاف العلماء في الحكم ينشأ من تعارض الأدلة، ويجتذبه جانبًا الفعل والترك، فيتردد بين الحلال والحرام، فيقال فيه بالكراهة أو الإباحة.
وقسمت الكراهة إلى كراهة تنزيه، وكراهة تحريم، فيكون الحكم أقرب إلى الحل أو الحرمة، وذلك بسبب اختلاط الحلال بالحرام، وعدم ثبوت أي منهما بالدليل القاطع.
5 - كيف تعرف الشبهة:
أخرج أحمد والطبراني عن وابصة بن معبد الأسدي قال «جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا لا أريد أن أدع من البر والإثم شيئاً، إلا سألته عنه، فأتبعه، وهو في عصابة من المسلمين حوله، فجعلت أتخطاهم لأدنو منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوا واصبة، أدن مني يا واصبة، فأدناني حيث كنت بين يديه. فقال: أتسألني أم أخبرك؟ فقلت: نعم، فجمع أنامله فجعل ينكث بهن صدري،
(1) نقلاً عن ابن الحنبلي، جامع العلوم والحكم ص 59، 60 والمعنى نفسه للشيخ منصور على ناصف على هامش التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول والمسمى: غاية المأمول شرح التاج الجامع للأصول الطبعة الرابعة سنة 1395 هـ دار الفكر بالقاهرة ج 2 ص 192.
وقال: البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد، وإن أفتاك الناس وأفتوك» (1).
فالحلال البين لا يحصل منه في قلب المؤمن ريبة، والحرام البين لا يرتاب قلب المؤمن في حرمته؛ أما ما فيه شبهة وشك، فإن القلب يضطرب ويتردد في حكمه، وعلامة صدق الإيمان أن يترك المسلم ما يضطرب منه القلب، فيما لو خلي بينه وبين نفسه، بحيث لا يراه أحد من الخلق، فضلاً عما يطلع عليه الناس، وهذا هو الإثم الذي يحيك في الصدر، ويخاف الإنسان أن يطلع عليه الناس.
وأخرج مسلم بسنده عن النواس بن سمعان قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم، فقال:«البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطَّلع عليه الناس» (2).
ولذا فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «دع ما يريبك إلا ما لا يريبك» (3).
(1) قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه الطبراني وأحمد باختصار عنه، ورجال أحمد إسنادي، والطبراني ثقات، انظر ج 10 ص 294. وعلي المتقي في كنز العمال ج 3 ص 432 رقم 7312 وقال المنذري في الترغيب والترهيب بعد أن ذكره، رواه أحمد بإسناد حسن ج 4 ص 26، 27، رقم 2541، وراجع الدارمي: الإمام أبو محمد عبد الله ابن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام، سنن الدارمي، دار إحياء السنة النبوية، طبع بعناية محمد أحمد دهمان بدون تاريخ ج 2 ص 246.
(2)
مسلم ج 4 ص 1980 رقم 2553.
(3)
رواه النسائي والترمذي عن الحسن بن علي رضي الله عنهما، وقال: حسن صحيح، وأخرجه أيضا أحمد وابن حبان في صحيحه والحاكم والطبراني كما قال ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم ص 93 وصححه الألباني عن أنس عند أحمد وعن الحسن عن النسائي وعن وابصة عند الطبراني في الكبير وعن ابن عمر عند الخطيب في التاريخ، انظر صحيح الجامع الصغير ج 3 ص 144 رقم 3372.