الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعدم سؤال الناس مع الحاجة يكون سبباً في ضمان دخول الجنة، وأي فوز وأي نعيم أفضل من هذا؟
روي أن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: «ينادى يوم القيامة، أين بغضاء الله في أرضه؟! فيقوم سؤال المساجد» (1). فالمساجد دور للعبادة وسؤال ما عند الله، وليس من الأدب سؤال الناس وأنت في بيت الله، فتوجه بسؤالك إلى الله، وابذل الجهد في تحصيل عيشك.
ورد أن عمر بن الخطاب سمع سائلاً يسأل بعد المغرب، فقال لرجل من قومه: عشِّ الرجل فعشاه، ثم سمعه ثانياً يسأل، فقال: ألم أقل لك: عشِّ الرجل؟ قال: عشيته، فنظر عمر فإذا تحت يده مخلاة مملوءة خبزاً، فقال: لست سائلاً ولكنك تاجر، ثم أخذ المخلاة ونثرها بين يدي إبل الصدقة، وضربه بالدرة، وقال: لا تعد ولولا أن سؤاله كان حراماً ما ضربه عمر ولا أخذ مخلاته (2).
14 - من لا تحل له الصدقة:
وكما حرم الإسلام سؤال الناس تكثرًا أو إلحافًا فإنه حرم قبول الصدقة على الغني والقوي القادر على الكسب، ولم يجزها إلا في حالات معينة كما في الحديث الآتي:
عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغاز في سبيل الله، أو العامل عليها، أو الغارم، أو لرجل اشتراها
(1) الشيخ علي محفوظ، هداية المرشدين إلى طرق الوعظ والخطابة، دار الاعتصام بالقاهرة، الطبعة التاسعة سنة 1399 ص 281 - 282.
(2)
المرجع نفسه ص 283.
بماله، أو لرجل كان له جار مسكين، فتصدق على المسكين، فأهداها المسكين للغني» (1).
والمراد بالعامل عليها: العامل على جمع الصدقة (الزكاة) المذكورة في أول الحديث، وهو من أهل مصارف الزكاة التي جاءت في قوله تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ} [التوبة: 60].
والمسألة لا تجوز كذلك لقوي قادر على الكسب، ولا لغني عنده قوت يومه.
أخرج أبو داود والنسائي عن عبيد الله بن الخيار رضي الله عنه قال: أخبرني رجلان: أنهما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم وهو في حجة الوداع، وهو يقسم الصدقة، فسألوه منها، فرفع فينا النظر وخفضه، قرآنًا جلدين، فقال:«إن شئتما أعطيتكما، ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب» (2).
وبهذا لا يدع الإسلام مجالاً للتسول والبطالة وسؤال الناس إنما يحرص على العمل ويعلم أبناءه المثابرة والجد والعزة والكرامة وعلو الهمة.
…
(1) أخرجه مالك في الموطأ مرسلاً وأبو داود بمعناه كما قال ابن الأثير جامع الأصول ج 4 ص 662 رقم 2757 قال محقق الكتاب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(2)
ابن الأثير جامع الأصول ج 4 رقم 2756 ص 662 قال الأرناؤوط: وإسناده صحيح.