الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وأمَّا حديث صهيب: فرواهُ مسلم في "صحيحه"
(1)
من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أهل الجنَّة الجنَّةَ قال: يقول اللَّه عز وجل: تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تُبيِّض وجوهنا، ألم تدخلنا الجنَّة وتنجِّنا من النَّارِ؟ قال: فيكشفُ الحجابَ، فما أُعطوا شيئًا أحبَّ إليهم من النظرِ إلى ربِّهم عز وجل، ثمَّ تلا هذه الآية: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] ".
وهذا حديثٌ رواه الأئمة عن حمَّاد وتلقوه عن نبيِّهم بالقبول والتصديق.
فصل
وأمَّا حديث عبد اللَّه بن مسعود: فقال الطبراني: حدثنا محمد بن النضر الأزدي وعبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، والحضرمي قالوا: حدثنا إسماعيل بن عُبيد بن أبي كريمة الحرَّاني، حدثنا محمد بن سلمة الحرَّاني عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن المِنْهَال بن عمرو عن أبي عبيدة عن عبد اللَّه عن مسروق بن الأجدع، حدثنا عبد اللَّه بن مسعود قال: "يجمع اللَّه الأوَّلين والآخرين لميقات يومٍ معلوم، قيامًا أربعين سنة شاخصة أبصارهم إلى السماءِ ينتظرون فصل القضاء، قال: وينزل اللَّه عز وجل في ظُلَلٍ من الغمام من العرش إلى الكرسي، ثمَّ ينادي منادٍ: أيها النَّاسُ ألم ترضوا من ربكم الَّذي خلقكم
(1)
رقم (181)، وسيأتي بيان الاختلاف فيه ص (693).
ورزقكم، وأمركم أنْ تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا أن يولي كلَّ أناسٍ منكم ما كانوا يتولون ويعبدون في الدنيا، أليس ذلك عدلًا من ربكم؟ قالوا: بلى، قال: فينطلق كلُّ قومٍ إلى ما كانوا يعبدون ويتولون في الدنيا، قال: فينطلقون، ويمثَّل لهم أشباه ما كانوا يعبدون، فمنهم من ينطلق إلى الشمس، ومنهم من ينطلق إلى القمر، وإلى الأوثان من الحجارة وأشباه ما كانوا يعبدون، قال: ويمثَّل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى، ويمثَّل لمن كان يعبد عُزَيرًا شيطان عزير، ويبقى محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، فيأتيهم الربُّ عز وجل فيقول: ما لكم لا تنطلقون كما انطلق النَّاسُ؟ قال: فيقولون: إنَّ لنا إلهًا ما رأيناهُ بَعْدُ، فيقول: هل تعرفونه إنْ رأيتموه؟ فيقولون: إنَّ بيننا وبينه علامة إذا رأيناه عرفناها، قال: فيقول ما هي؟ فيقولون: يكشف عن ساقه، فعند ذلك يكشف عن ساقٍ فيخرُّون له سُجَّدًا، ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر يريدون السجود فلا يستطيعون، وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون، ثمَّ يقول: ارفعوا رؤوسكم فيرفعون رؤوسهم فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يُعْطى نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين يديه، ومنهم من يُعطى نورًا أصغر من ذلك، ومنهم من يُعْطى نورًا مثل النخلة بيمينه، ومنهم من يعطى نورًا أصغر من ذلك حتَّى يكون آخرهم رجلًا يعطى نوره على إبهام قدمه يضيء مرَّة، ويطفأ مرَّة، فإذا أضاء قدَّم قَدَمه فمشى، وإذا طفيء قام، والربُّ تبارك وتعالى أمامهم حتَّى يمر في النَّارِ فيبقى أثره كحدِّ السيف دحض مزلة، قال: ويقول: مرُّوا فيمرون على قدر نورهم، منهم من يمر كطرف العين، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالسحاب، ومنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم
من يمر كالريح، ومنهم من يمرُّ كشد الفرس، ومنهم من يَمُرُّ كشدِّ الرجل، حتَّى يمر الَّذي أُعطي نوره على إبهام قدمه، يحبو على وجهه ويديه ورجليه تخِرُّ يدٌّ، وتعلق يدٌ، وتخِرُّ رجلٌ، وتعلق رجلٌ، وتصيب جوانبه النار، فلا يزال كذلك حتى يخلص، فإذا خلص وقف عليها، ثمَّ قال: الحمد للَّه لقد أعطاني اللَّه ما لم يُعْطِ أحدًا، إذ نجاني منها بعد إذ رأيتها، قال: فينطلق به إلى غدير عند باب الجنَّة فيغتسل فيعود إليه ريح أهل الجنَّة وألوانهم، فيرى ما في الجنَّة من خلال البابِ، فيقول: ربِّ أدخلني الجنَّة، فيقول اللَّه تبارك وتعالى له: أتسأل الجنَّةَ وقد نجيتك من النار؟! فيقول: رب اجعل بيني وبينها حجابًا، لا أسمع حسيسها. قال: فيدخل الجنَّة، قال: ويرى أو يرفع له منزلٌ أمام ذلك، كأنَّما الَّذي هو فيه إليه حلم، فيقول: رب أعطني ذلك المنزل، فيقول: فلعلك إنْ أعطيتكه تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزَّتك، لا أسألك غيره، وأي منزلٍ يكون أحسن منه؟ قال: فيعطاهُ فينزله، ويرى أمام ذلك منزلًا
(1)
، كأنَّما الَّذي هو فيه إليه حلم، قال: أي رب أعطني ذلك المنزل، فيقول اللَّه عز وجل، فلعلك إنْ أعطيتكه تسأل غيره، فيقول: لا وعزتك لا أسأل غيره، وأي منزل يكون أحسن منه، قال: فيعطى فينزله، قال: ويرى أو يرفع أمام ذلك منزل آخر، كأنَّما هو إليه حلم، فيقول: أعطني ذلك المنزل، فيقول اللَّه جل جلاله: فلعلك إنْ أعطيتكه تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزَّتك لا أسأل غيره، وأي منزلٍ - يكون أحسن منه، قال: فيعطاه فينزله، ثمَّ يسكت، فيقول اللَّه
(1)
قوله "ذلك منزلًا": في نسخة على حاشية "أ": "ذلك المنزل منزلًا".
عزَّ وجلَّ: مالك لا تسأل؟ فيقول له: ربِّ لقد سألتك حتَّى استحييتك، وأقسمت لك حتَّى استحييتك، فيقول اللَّه عز وجل: ألا ترضى أن أعطيك مثل الدنيا منذ يوم خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافها؟ فيقول: أتستهزئُ بي وأنت رب العزَّة، فيضحك الرب عز وجل من قوله - قال: فرأيتُ عبد اللَّه بن مسعود إذا بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، قد سمعتك تحدث هذا الحديث مرارًا، كلَّما بلغتَ هذا المكان ضحكت، فقال: إنِّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحدث هذا الحديث مرارًا؛ كلَّما بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك، حتَّى تبدو أضراسه -. قال: فيقول اللَّه عز وجل: لا ولكنِّي على ذلك قادرٌ، سل. فيقول: ألحقني بالنَّاسِ، فيقول: الحق بالنَّاس، قال: فينطلق يرمل في الجنَّة، حتَّى إذا دنى من النَّاسِ رُفِعَ له قصرٌ من درَّةٍ، فيخر ساجدًا، فيقال له: ارفع رأسك مالك؟ فيقول: رأيتُ ربِّي أو تراءى لي ربِّي، فيقال له: إنَّما هو منزلٌ من منازلك، قال: ثمَّ يلقى رجلًا، فيتهيأ للسجود، فيقال له: مه، مالك؟ فيقول: رأيتُ أنَّك ملكٌ من الملائكة، فيقول: إنَّما أنا خازنٌ من خُزَّانك، عبدٌ من عبيدك، تحت يديَّ ألف قهرمان، على مثل ما أنا عليه، قال: فينطلق أمامه حتَّى يفتح له القصر، قال: وهو في دُرَّةٍ مجوَّفة، شقائقها
(1)
، وأبوابها وأغلاقها ومفاتيحها منها، يستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء كل جوهرة تفضي إلى جوهرة فيها سبعون بابًا، كلُّ بابٍ يفضي إلى جوهرة خضراء مبطنة بحمراء، كل جوهرة تفضي
(1)
في "ب، ج، د، هـ": "سقائفها".
إلى جوهرة
(1)
على غير لون الآخرى، في كلُّ جوهرة سررٌ وأزواج، ووصائف أدناهنَّ حوراء عيناء، عليها سبعون حلَّة، يُرى مُخ ساقها من وراء حللها، كبدها مرآته وكبده مرآتها، إذا أعرض عنها إعراضةً ازدادت في عينه سبعون ضعفًا، عمَّا كانت قبل ذلك، فيقول لها: واللَّه لقد ازددت في عيني سبعين [182/ ب] ضعفًا، وتقول له: واللَّه وأنت لقد ازددت في عيني سبعين ضعفًا، فيقال له: أَشْرِف، قال: فيشرف فيقال له: ملكك مسيرة مئة عام ينفذه بصره، قال فقال: عمر: ألا تسمع ما يحدثنا ابن أُمِّ عبدٍ يا كعب، عن أدنى أهل الجنَّة منزلًا، فكيف أعلاهم؟
قال كعب: يا أمير المؤمنين ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت، إنَّ اللَّه عز وجل جعل دارًا فيها ما شاء من الأزواج والثمرات والأشربة، ثمَّ أطبقها فلم يرها أحدٌ من خلقه لا جبريل ولا غيره من الملائكة، ثمَّ قرأ كعب:{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) } [السجدة: 17]، قال: وخلق دون ذلك جنتين، وزينهما بما شاء وأراهما من شاء من خلقه، ثمَّ قال: من كان كتابه في عِلِّيين نزل تلك الدَّار التي لم يرها أحد حتَّى إنَّ الرجل من أهل عليين ليخرج فيسير في ملكه فما تبقى خيمةٌ من خيم الجنَّة إلَّا دخلها من ضوء وجهه فيستبشرون بريحه فيقولون: واهًا لهذه الرِّيح، هذا رجلٌ من أهل عِلِّيَّين قد خرج ليسير في ملكه، فقال: ويحك يا كعب، هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها، فقال كعب: والَّذي نفسي بيده إنَّ لجهنَّم يوم القيامة لزفرة ما يبقى من ملكٍ مقرَّب، ولا نبي مرسل إِلَّا خرَّ لركبتيه حتَّى إنَّ إبراهيم خليل اللَّه
(1)
من قوله "فيها سبعون بابًا" إلى "جوهرة" من "ب، ج، د، هـ".
يقول: ربِّ
(1)
نفسي نفسي، حتَّى لو كان لك عمل سبعين نبيًّا إلى عملك لظننتَ أنَّك لا تنجو"
(2)
.
هذا حديثٌ كبيرٌ حسن، رواه المصنفون في السنَّة كعبد اللَّه بن أحمد والطبراني والدَّارقطني في كتاب "الرؤية"
(3)
، رواه عن ابن صاعد،
(1)
في نسخة على حاشية "أ""يا رب".
(2)
أخرجه عبد اللَّه في السنة رقم (1203) وابن أبي الدنيا في صفة الجنة رقم (31)، والشاشي في مسنده رقم (410)، والطبراني في الكبير رقم (9763)، والآجري في الشريعة رقم (160)، والدارقطني في الرؤية رقم (162) والحاكم في المستدرك (2/ 408) رقم (3424) وقال:"صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه" والبيهقي في البعث رقم (479).
من طريق أبي خالد الدالاني وزيد بن أبي أنيسة كلاهما عن المنهال بن عمرو به.
قال الذهبي: "ما أنكره حديثًا على جودة إسناده، وأبو خالد شيعي منحرف".
- ورواه الأعمش وإدريس الأودي كلاهما عن المنهال عن قيس بن السكن عن عبد اللَّه بن مسعود موقوفًا.
بلفظ (إن الرجل من أهل الجنة ليؤتى بالكأس وهو جالس مع زوجته فيشربها، يلتفت إلى زوجته فيقول: قد ازددت في عيني سبعين ضعفًا حسنًا).
أخرجه ابن أبي شيبة (7/ 57) رقم (33982)، وذكره الدارقطني في العلل (5/ 244)، وفي الرؤية رقم (164) وابن منده في الإيمان (2/ 820).
قال الدارقطني في العلل: "والصحيح حديث أبي خالد الدالاني وزيد بن أبي أنيسة عن المنهال .. . . ".
وقال ابن منده في الإيمان (2/ 820): في حديث زيد بن أبي أنيسة - وهذا إسناد صحيح، أخرجه النسائي ا. هـ
قلت: الموقوف أصح إسنادًا واللَّه أعلم.
(3)
برقم (160).
وفيه كرز بن وبرة عابد زاهد، وكان ابن شبرمة كثير المدح له، وذكره ابن =