المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل وأما حديث أنس بن مالك: ففي "الصحيحين" (1) من حديث سعيد - حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - ط عطاءات العلم - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل: في المنقول عن الأئمة الأربعة، ونظرائهم وشيوخهم وأتباعهم على طريقتهم ومنهاجهم

- ‌ذكرُ قول إمام دار الهجرة مالك بن أنس:

- ‌ذكر قول ابن الماجشون:

- ‌ذكر قول الأوزاعي:

- ‌ذكر قول الليث بن سعد:

- ‌قول سفيان بن عيينة:

- ‌قول جرير بن عبد الحميد:

- ‌قول عبد اللَّه بن المبارك:

- ‌قول وكيع بن الجراح:

- ‌قول قتيبة بن سعيد:

- ‌قول أبي عبيد القاسم بن سلَّام:

- ‌قول أسود بن سالم شيخ الإمام أحمد:

- ‌قول محمد بن إدريس الشافعي:

- ‌قول إمام السنَّة أحمد بن حنبل:

- ‌قول إسحاق بن راهويه:

- ‌قول جميع أهل الإيمان:

- ‌قول المزني:

- ‌قول جميع أهل اللغة:

- ‌فصل: في وعيد منكر(2)الرؤية

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في لسان أهل الجنَّة

- ‌فصل في احتجاج الجنَّة والنَّارِ

- ‌فصل: في أنَّ الجنَّة يبقى فيها فضل فينشئ اللَّه لها خلقًا دون النَّار

- ‌فصل: في امتناع النوم على أهل الجنَّة

- ‌فصل: في ارتقاء العبد وهو في الجنة من درجةٍ إلى درجةٍ أعلى منها

- ‌فصل: في إلحاق ذُرِّية المؤمن به في الدَّرجة وإنْ لم يعملوا عمله

- ‌فصل: في أن الجنة تتكلم

- ‌فصل: في أن الجنة تزداد حُسْنًا على الدوام

- ‌فصل: في أن الحور العين يطلبن أزواجَهن أكثر مما يطلبهنَّ أزواجُهنّ

- ‌فصل: في ذبح الموت بين الجنة والنار

- ‌فصل: في ارتفاع العبادات في الجنَّة إلا عبادة الذكر فهي دائمة

- ‌فصل: في تذاكر أهل الجنَّة ما كان بينهم في دار الدنيا

- ‌فصل: ونختم هذا الكتاب بما ابتدأناه به أوَّلا، وهو خاتمة دعوى أهل الجنَّة

- ‌فهرس المراجع والمصادر

الفصل: ‌ ‌فصل وأما حديث أنس بن مالك: ففي "الصحيحين" (1) من حديث سعيد

‌فصل

وأما حديث أنس بن مالك: ففي "الصحيحين"

(1)

من حديث سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يجمع اللَّه الناس يوم القيامة فيهتمُّون لذلك - وفي لفظ: فيُلْهمون لذلك - فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا؟ فيأتون آدم، فيقولون: أنت آدم أبو الخلق، خلقك اللَّه بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا عند ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيقول: لست هناكم، فيذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها، ولكن ائتوا نوحًا أوَّل رسول بعثه اللَّه عز وجل، قال: فيأتون نوحًا فيقول: لست هناكم، فيذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها، ولكن ائتوا إبراهيم الذي اتخذه اللَّه خليلًا، فيأتون إبراهيم فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها، ولكن ائتوا موسى الذي كلمه اللَّه وأعطاه التوراة، فيأتون موسى فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب، فيستحيي ربه منها، ولكن ائتوا عيسى روح اللَّه وكلمته، فيأتون عيسى روح اللَّه وكلمته فيقول: لست هناكم، ولكن ائتوا محمدًا صلى الله عليه وسلم، عبدًا قد غفر اللَّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: فيأتوني فأستأذن على ربي فيؤذَنُ لي، فإذا أنا رأيته فأقع ساجدًا فَيَدَعَني ما شاء اللَّه أن يدعني، فيقال: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يُسمع، وسل تعط، واشفع تشفَّع. فأرفع رأسي، فأحمد

(1)

البخاري رقم (6975 و 7002)، ومسلم رقم (193).

ص: 648

ربي بتحميد يعلِّمنيه ربي، فأشفع فيحد لي حدًّا، فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة، ثم أعود، فأقع ساجدًا، فيدعني ما شاء اللَّه أن يدعني، ثم يقال: ارفع رأسك يا محمد، قل يسمع، وسل تعط، واشفع تشفَّع، فأرفع رأسي، فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه ربي، ثم أشفع: فيحد لي حدًّا فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة. قال: فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة، قال: فأقول: يا رب، ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن". أي: وجب عليه الخلود.

وذكر ابن خزيمة: عن ابن عبد الحكم، عن أبيه وشعيب بن الليث، عن الليث

(1)

، حدثنا معتمر بن سليمان، عن حميد، عن أنس قال:"يلقى الناس في القيامة ما شاء اللَّه أن يلقوه من الحبس، فيقولون: انطلقوا بنا إلى آدم فيشفع لنا إلى ربنا -فذكر الحديث إلى أن قال:- فينطلقون إلى محمد صلى الله عليه وسلم فأقول: أنا لها، فانطلق حتى أستفتح باب الجنة فيفتح في فأدخل وربي على عرشه فأخر ساجدًا" وذكر الحديث

(2)

.

وقال أبو عوانة، وابن أبي عروبة، وهمام، وغيرهم: عن أنس

(3)

في هذا الحديث: "فأستأذن على ربي فإذا رأيته وقعت ساجدًا".

(1)

كذا في النسخ وفيه سقط، ولعلَّ تتمَّته (عن ابن الهاد عن عمرو - وهو ابن أبي عمرو - عن أنس. وحدثنا الحسين بن الحسن حدثنا المعتمر بن سليمان).

انظر التوحيد لابن خزيمة (2/ 710 و 716).

(2)

التوحيد لابن خزيمة رقم (358).

(3)

كذا في النسخ، وصوابه "وغيرهم عن قتادة عن أنس".

انظر التوحيد لابن خزيمة رقم (354).

ص: 649

وقال عفان، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس:"فآتي ربي وهو على سريره، أو كرسيه فأخر له ساجدًا".

وساقه ابن خزيمة بسياق طويل، وقال فيه:"فأستفتح فإذا نظرت إلى الرحمن وقعت له ساجدًا"

(1)

.

ورؤية النَّبي صلى الله عليه وسلم لربه في هذا المقام ثابته عنه ثبوتًا يقطع به أهل العلم بالحديث والسنة، وفي حديث أبي هريرة:"أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر، وأنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأنا صاحب لواء الحمد ولا فخر، وأنا أول من يدخل الجنة ولا فخر، آخذ بحلقة باب الجنة، فيؤذن لي، فيستقبلني وجه الجبار جل جلاله، فأخر له ساجدًا"

(2)

.

وقال الدارقطني: حدثنا محمد بن إبراهيم النسائي المعدل بمصر، حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن جعفر القاضي، حدثنا أبو بكر إبراهيم بن محمد، حدثنا الخليل بن عمر حدثنا [عمر بن سعيد الأبح]

(3)

، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}

(1)

التوحيد لابن خزيمة رقم (358).

(2)

تقدم في ص (122).

(3)

ما بين المعكوفتين من مصدر التخريج، ووقع في جميع النسخ بدله:"الأشج" وهو خطأ.

ص: 650

[يونس: 26] قال: "النظر إلى وجه اللَّه عز وجل"

(1)

.

حدثنا أبو صالح عبد الرحمن بن سعيد بن هارون الأصبهاني، ومحمد بن جعفر بن أحمد المَطِيْري

(2)

، ومحمد بن علي ابن إسماعيل الأيلي، قالوا: حدثنا عبد اللَّه بن روح المدائني، حدثنا سلام بن سليمان، حدثنا ورقاء، وإسرائيل، وشعبة، وجرير بن عبد الحميد كلهم قالوا: حدثنا ليث عن عثمان بن أبي حميد، عن أنس ابن مالك، قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "أتاني جبريل وفي كفه كالمرآة البيضاء يحملها، فيها كالنكتة السوداء، فقلت: ما هذه التي في يدك يا جبريل؟ فقال: هذه الجمعة، قلت: وما الجمعة، قال: لكم فيها خير كثير، قلت: وما يكون لنا فيها؟ قال: يكون عيدًا لك ولقومك من بعدك، وتكون اليهود والنصارى تبعًا لكم، قلت: وما لنا فيها؟ قال: لكم فيها ساعة لا يسأل اللَّه عبدٌ فيها شيئًا هو له قِسْمٌ إلا أعطاه إياه، أوْ ليس له بقسم إلا ذُخر له في آخرته ما هو أعظم منه، قلت: ما هذه النكتة التي هي فيها؟ قال: هي الساعة ونحن ندعوه يوم المزيد، قلت: وما ذاك يا جبريل؟ قال إن ربك اتخذ في الجنة واديًا، فيه كثبان من مسك أبيض، فإذا كان يوم الجمعة هبط من عِلَّيين على كرسيه، فيحف

(1)

أخرجه الدارقطني في الرؤية رقم (48).

وفيه عمر بن سعيد الأبح: قال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم الرازي: ليس بقوي.

انظر الجرح والتعديل (6/ 111)، ولسان الميزان (4/ 352).

(2)

في جميع النسخ: "الطبري" وهو خطأ. تاريخ بغداد (2/ 143).

ص: 651

الكرسيَّ، بكراسي من نور، فيجئ النَّبيون حتى يجلسوا على تلك الكراسي، وتحف الكراسي بمنابر من نور، ومن ذهب مكللة بالجوهر، ثم يجيء الصديقون والشهداء حتى يجلسوا على تلك المنابر، ثم ينزل أهل الغرف من غرفهم، حتى يجلسوا على تلك الكثبان، ثم يتجلى لهم عز وجل فيقول: أنا الذي صدقتكم وعدي، وأتممت عليكم نعمتي، وهذا محل كرامتي فسلوني، فيسألونه حتى تنتهي رغبتهم، فيفتح لهم في ذلك ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وذلك بمقدار منصرفكم من الجمعة، ثم يرتفع على كُرْسِيِّهِ عز وجل، ويرتفع معه النَّبيون والصديقون، ويرجع أهل الغرف إلى غرفهم وهي: لؤلؤة بيضاء، أو زبرجدة خضراء، أو ياقوتة حمراء، غرفها وأبوابها فيها، أنهارها مطردة فيها، وأزواجها وخدامها، وثمارها متدلية فيها، فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى يوم الجمعة، ليزدادوا نظرًا إلى ربهم ويزدادوا منه كرامة"

(1)

.

(1)

أخرجه الدارقطني في الرؤية (59) بسنده ومتنه. وعنه الخطيب في الموضح (2/ 264).

وأخرجه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في العرش رقم (88).

- وقال ليث مرة: عن عثمان بن عمير عن أنس.

أخرجه ابن منده في الرد على الجهمية رقم (92).

- ورواه أبو طيبة وعنبسة ومحمد بن إسحاق كلهم عن ليث عن عثمان بن عمير عن أنس.

أخرجه الآجري في الشريعة رقم (612)، وابن منده (92)، والدارقطني في الرؤية (62، 60)، والخطيب في الموضح (2/ 266).

والحديث مداره على عثمان بن أبي حميد -وهو ابن عمير أبو اليقظان =

ص: 652

هذا حديث كبير عظيم الشأن، رواه أئمة السنة وتلقوه بالقبول، وجَمَّل به الشافعي "مسنده"، فرواه عن إبراهيم بن محمد، قال: حدثني موسى بن عبيدة، قال: حدثني أبو الأزهر، عن عبد اللَّه بن عبيد بن عمير أنه سمع أنس بن مالك، فذكره بنحوه، وقد تقدم لفظه

(1)

.

ثم قال الشافعي: أنبأنا إبراهيم قال: حدثني أبو عمران إبراهيم بن الجعد، عن أنسٍ شبيهًا به وزاد فيه أشياء

(2)

.

ورواه محمد بن إسحاق، قال: حدثني ليث بن أبي سليم، عن عثمان بن عمير، عن أنس به، وقال فيه:"ثم يتجلى لهم ربهم عز وجل، حتى ينظروا إلى وجهه الكريم. . . " وذكر باقي الحديث.

ورواه عمرو بن أبي قيس، عن أبي ظبية

(3)

، عن عاصم، عن عثمان بن عمير أبي اليقظان، عن أنس وجوَّدهُ، وفيه: "فإذا كان يوم الجمعة نزل على كرسيه، ثم حف الكرسي بمنابر من نور، فيجيء النَّبيون حتى يجلسوا عليها، ويجيء أهل الغرف حتى يجلسوا على الكُثُب، قال: ثم يتجلى لهم ربهم تبارك وتعالى، فينظرون إليه

= الكوفي - ضعفه بعضهم، وقال فيه بعضهم: منكر الحديث، وقال آخرون: متروك، وهو لم يسمع من أنس، وفيه أيضًا ليث بن أبي سليم.

فالحديث ضعيف جدًّا.

(1)

في الباب (61) ص (576).

(2)

مسند الشافعي رقم (375).

وفيه إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي: متروك الحديث.

(3)

في "أ": "طيبة"، والمثبت هو الصواب.

ص: 653

فيقول: أنا الذي صَدَقْتكم وعدي، وأتممت عليكم نعمتي، وهذا محل كرامتي = سلوني، فيسألونه الرضى، قال: رضاي أنزلكم داري، وأنا لكم كرامتي سلوني، فيسألونه الرضى، فيشهدهم بالرضى، ثم يسألونه حتى تنتهي رغبتهم"

(1)

. وذكر الحديث.

ورواهُ علي بن حرب، حدثنا إسحاق بن سليمان حدثنا عنبسة بن سعيد عن عثمان بن عمير.

ورواهُ الحسن بن عَرَفة حدثنا عمَّار بن محمد: ابن أخت سفيان الثوري، عن ليث بن أبي سليم، عن عثمان وقال فيه:"ثُمَّ يرتفع على كرسيِّه، ويرتفع معه النَّبيُّون والصِّديقون والشهداء، ويرجعُ أهل الغرفِ إلى غرفهم"

(2)

.

ورواه الدَّارقطني من طريقٍ أُخرى من حديث قتادة عن أنس قال: سمعته يقول: "بينا نحنُ حولَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذ قال: "أتاني جبريلُ في يده كالمرآة البيضاء في وسطها كالنكتة السوداء، قلتُ: يا جبريلُ، ما هذا؟ قال: هذا يوم الجمعة، يعرضه عليك ربك ليكون لك عيدًا ولأمتك من بعدك، قال: قلتُ: يا جبريل، ما هذا النكتة السوداء؟ قال: هذه الساعة وهي تقوم يوم الجمعة، وهو سيِّد أيام الدنيا، ونحن ندعوه في الجنَّة يوم المزيد، قال: قلتُ: يا جبريل ولمَ تدعونه يوم

(1)

أخرجه الدارقطني في الرؤية رقم (61)، والخطيب في الموضح (2/ 268) وغيرهما.

(2)

أخرجه الدارقطني في الرؤية رقم (63).

ومداره كما تقدم على عثمان بن عمير أو ابن أبي حميد.

ص: 654

المزيد؟ قال: إنَّ اللَّه اتَّخذَ في الجنَّة واديًا أفيح من مسكٍ أبيض، فإذا كان يوم الجمعة نزل ربنا عز وجل على كرسيِّه إلى ذلك الوادي، وقد حُفَّ العرشُ بمنابر من ذهبٍ مكلَّلةٍ بالجوهرِ، وقد حُفَّت تلك المنابر بكراسي من نورٍ، ثمَّ يؤذن لأهل الغرف فيقبلون يخوضون كثبان المسك إلى الرُّكَب، عليهم أسورة الذهب والفضة وثياب السندس والحرير، حتَّى ينتهوا إلى ذلك الوادي، فإذا اطمأنُّوا فيه جلوسًا بعث اللَّه عليهم ريحًا يُقال لها: المثيرة، فثارت عليهم ينابيع المسك الأبيض في وجوههم وثيابهم، وهم يومئذٍ جُرْدٌ مردٌ مكحلون أبناء ثلاث وثلاثين على صورة آدم يوم خلقه اللَّه عز وجل، فينادي رب العزة تبارك وتعالى رضوان وهو خازن الجنة، فيقول: يا رضوان، ارفع الحجب بيني وبين عبادي وزُوَّارِي، فإذا رفع الحجب بينه وبينهم فرأوا بهاءه ونوره هَبُّوا له بالسجود، فيناديهم تبارك وتعالى بصوته: ارفعوا رؤوسكم فإنما كانت العبادة في الدنيا، وأنتم اليوم في دار الجزاء، سلوني ما شئتم فأنا ربكم الذي صدقتكم وعدي، وأتممت عليكم نعمتي، فهذا محل كرامتي فسلوني ما شئتم، فيقولون: ربنا وأي خير لم تفعله بنا، ألستَ الذي أعنتنا على سكرات الموت، وآنست منا الوحشة في ظلمة القبور، وآمنت روعتنا عند النفخة في الصور؟ ألستَ أقلتنا عثراتنا، وسترت علينا القبيح من فعلنا، وثَبَّتَّ على جسر جهنَّم أقدامنا؟ ألستَ الَّذي أدنيتنا من جوارك وأسمعتنا لذاذة منطقك، وتجليت لنا بنورك فأيُّ خيرٍ لم تفعله بنا؟ فيعودُ اللَّهُ عز وجل، فيناديهم بصوته فيقول: أنا ربُّكم الَّذي صدقتكم وعدي، وأتممتُ عليكم نعمتي فسلوني، فيقولون: نسألك رضاك، فيقول: برضائي عنكم

ص: 655

أقلْتُكُم عثراتكم، وسترتُ عليكم القبيح من أموركم، وأدنيتُ منِّي جواركم، وأسمعتكم لذاذة مَنْطقي، وتجليت لكم بنوري، فهذا محل كرامتي فسلوني، فيسألونه حتى تنتهي مسألتهم، ثمَّ يقول اللَّه عز وجل: سلوني فيسألونه حتَّى تنتهي رغبتهم، ثمَّ يقول اللَّه عز وجل: سلوني، فيقولون: رضينا ربنا وسلمنا، فيريهم من مشهد فضله وكرامته، ما لا عينٌ رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ويكون ذلك بمقدار تفرقهم من الجمعة، قال أنس: فقلتُ: بأبي أنت وأُمِّي يا رسول اللَّه وما مقدار تفرقهم؟ قال: كقدر الجمعة إلى الجمعة، قال: ثمَّ يحمل عرش ربنا تبارك وتعالى معهم الملائكة والنَّبيون ثمَّ يؤذن لأهل الغرفات فيعودون إلى غرفهم وهما: غرفتان من زمردتين خضراوين، وليسوا إلى شيءٍ أشوق منهم إلى الجمعة لينظروا إلى ربِّهم عز وجل، وليزيدهم من مزيد فضله وكرامته". قال أنس: سمعته من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وليس بيني وبينه أحد

(1)

.

ورواهُ الدَّارقطني أيضًا: عن أبي بكر النيسابوري، قال: أخبرني العباس بن الوليد بن مزيد قال: أخبرني محمد بن شعيب قال: أخبرني

(1)

أخرجه الدارقطني في الرؤية رقم (64)، والعقيلي في الضعفاء الكبير (1/ 292 - 293).

قال العقيلي في ترجمة حمزة بن واصل المنقري عن قتادة: "مجهول في الرواية، وحديثه غير محفوظ".

ثم ساق العقيلي هذا الحديث بطوله ثم قال: "ليس له من حديث قتادة أصل، هذا حديث عثمان بن عمير أبو اليقظان عن أنس. . . . ".

وعليه فالحديث منكر من هذا الطريق غير محفوظ.

ص: 656

عمر مولى غُفْرة عن أنس

(1)

.

ورواهُ محمد بن خالد بن خُلَي، حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع، حدثنا صفوان قال: قال أنس: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

ورواهُ أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الرحمن بن محمد، عن ليث، عن أبي عثمان، عن أنس

(2)

.

ورواهُ إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن زهير بن حرب، حدثنا جرير، عن ليث، عن عثمان بن أبي حميد، عن أنس.

ورواهُ عن الأسود بن عامر قال: ذُكِر لي عن شريك، عن أبي اليقظان، عن أنس

(3)

.

ورواهُ ابن بطَّة في "الإبانة"

(4)

من حديث الأعمش عن أبي وائل عن

(1)

أخرجه الدارقطني في الرؤية رقم (65)، والدارمي في الرد على الجهمية رقم (144).

وسنده ضعيف فيه عمر مولى غفرة لم يلق أنس بن مالك، كما قال ابن معين وأبو حاتم الرازي. انظر المراسيل رقم (496).

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 477 - 478) رقم (5516)، وابن بطة في الإبانة (المختار) -الرد على الجهمية- (3/ 24 - 29) رقم (24).

(3)

أخرجه الدارمي في الرد على الجهمية رقم (198) عن شيخ من أهل بغداد عن شريك به.

وكذا رواه يحيى بن يمان عن شريك به موقوفًا كما سيأتي عند المصنف ص (412).

والأثر مداره على أبي اليقظان وقد تقدم الكلام عليه.

(4)

كما في (المختار) - الرد على الجهمية (3/ 32 - 36) رقم (26)، وسيأتي =

ص: 657