الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فقد تمدح الرب تبارك وتعالى بتفرده بالمثل الأعلى في قوله: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [النحل: 60]، وقوله:{وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الروم: 27]، وجعله طريقا لمعرفته وعبادته، وبرهانا على توحيده وبطلان عبادة ما سواه، فالمعرفة المفصلة لا تحصل إلا بما جاء به الوحي من أخبار عن أسماء الله وأفعاله ومثله الأعلى الجامع لأنواع كمالاته، وتعلق القلوب برب العالمين محبة ورغبة ورهبة وتوكلا، وما يتبع ذلك من صدق العبادة والاستعانة والبراءة من الشرك بجميع أنواعه ومظاهره كل ذلك من آثار العلم بالمثل الأعلى، وصدق التحقق بمعرفة صفات الكمال. ولهذا جعل الله مثل السوء المتضمن لكل نقص وعيب للمشركين وآلهتهم المزعومة، وأخبر أن المثل الأعلى المتضمن لكل كمال لله وحده، قال تعالى:{لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} [النحل: 60]. وعلى هذا الأساس المحكم قامت براهين التوحيد، الصريح منها وما كان عن طريق التشبيه وضرب الأمثال، لأن استحقاق العبادة دائر مع صفات الكمال وجودا وعدما، فمن جمعها فهو الإله الحق الذي له المثل الأعلى، ومن تجرد عنها فهو الإله الباطل الذي له مثل السوء!.
وقد عني علماء السلف بتحديد مدلول المثل الأعلى، وتفسيره من وجوه مختلفة، فمن حيث حقيقته فسروه بصفات الكمال التي يستحيل معها وجود المثل والكفء، ومن حيث آثاره فسروه بالتوحيد وما يتضمنه من حقائق الإيمان، وهما معنيان مترابطان أحكم ترابط وأوثقه، فإن معرفة الرب وعبادته، وبراهين التوحيد وأدلته كلها مبنية على كمال العلم بما يجمعه مثل الرب الأعلى من صفات الكمال.
وعلى هذا فإن دراسة المثل الأعلى تتطلب دراسة أمرين مترابطين ومتكاملين:
أحدهما: حقيقة المثل الأعلى، وذلك ببيان معناه، وشرح مدلولاته، التي يجمعها ثبوت الكمال الوجودي المطلق المنافي لصفات النقص ووجود المثل، وقد أفردت هذا الجانب بدراسة سابقة، بعنوان:"حقيقة المثل الأعلى".
والثاني: آثار المثل الأعلى، وذلك ببيان ما يثمره صدق التحقق بمعرفة المثل الأعلى من حقائق التوحيد، وما ينبني على التفرد به من براهين الإيمان. وهذا الجانب هو موضوع هذه الدراسة، وهي في تمهيد ومطلبين وخاتمة:
فالتمهيد: في معنى المثل الأعلى.
والمطلب الأول: في معرفة الرب وعبادته، ويشتمل على المسائل الآتية:
1 -
فطرية المعرفة والتوحيد.
2 -
أدلة وجود الله وتوحيده.
3 -
دلالة المثل الأعلى على وجود الله وتوحيده.
4 -
ثمرات المثل الأعلى الخاصة.
5 -
براهين التوحيد.
6 -
جناية التعطيل.
والمطلب الثاني: في قياس الأولى، ويشتمل على المسائل الآتية:
1 -
معنى القياس وإطلاقاته.
2 -
استعمال القياس بين صفات الله تعالى.
3 -
حكم القياس بين صفات الخالق والمخلوقين.
4 -
تطبيق قياس الأولى.
5 -
أما الخاتمة فإجمال لأهم نتائج الدراسة.