المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خطورة التعطيل وبطلانه: - حقيقة المثل الأعلى وآثاره

[عيسى السعدي]

فهرس الكتاب

- ‌ملخص البحث

- ‌حقيقة المثل الأعلى

- ‌المقدمة

- ‌المبحث الأولمعنى المثل الأعلى

- ‌معنى المثل لغة:

- ‌المراد بالمثل الأعلى:

- ‌المبحث الثانيمدلولات المثل الأعلى

- ‌توطئة

- ‌أولا: إمكان وجود الصفة:

- ‌ثانيا: ثبوت الكمال المطلق:

- ‌ثالثا: التنزيه عن النقص النسبي:

- ‌رابعا: التنزيه عن السلب المحض:

- ‌خامسا: التنزيه عن النقائص المطلقة:

- ‌سادسا: التنزيه عن المثل:

- ‌الخاتمة

- ‌آثار المثل الأعلى

- ‌ملخص البحث

- ‌المقدمة

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأولمعرفة الرب وعبادته

- ‌فطرة المعرفة والتوحيد:

- ‌أدلة وجود الله وتوحيده:

- ‌دلالة المثل الأعلى على وجود الله وتوحيده:

- ‌ثمرات المثل الأعلى الخاصة:

- ‌براهين التوحيد:

- ‌جناية التعطيل:

- ‌المطلب الثانيقياس الأولى

- ‌معنى القياس وإطلاقاته:

- ‌استعمال القياس بين صفات الله تعالى:

- ‌حكم القياس بين صفات الخالق والمخلوق:

- ‌تطبيق قياس الأولى:

- ‌الخاتمة

- ‌نبذة في معنى التعطيل وأنواعه

- ‌معنى التعطيل

- ‌تعطيل الجهمية الأولى:

- ‌تعطيل المعتزلة:

- ‌تعطيل الكلابية:

- ‌خطورة التعطيل وبطلانه:

- ‌مراجع البحث

الفصل: ‌خطورة التعطيل وبطلانه:

‌خطورة التعطيل وبطلانه:

مقالات الجهمية المعطلة من غلاة ومعتزلة وكلابية وأشعرية تغلط من أربعة أوجه:

الأول: أن النصوص المخالفة لأقوالهم كثيرة مستفيضة، وإنما يردونها بمثل تأويلات المريسي وابن فورك والرازي وغيرهم!.

الثاني: أن مقالاتهم تؤول إلى تعطيل الخالق وجحده بالكلية، وإن كان كثير منهم لا يعلم لازم قوله، ولهذا قال علماء السلف: إن حقيقة قولهم تعطيل الصانع، وسموهم معطلة لذلك، واتفقوا على ذمهم، والإنكار عليهم وعلى الممثلة، وكثر كلامهم في ذلك، وقالوا: إن مرض التعطيل أعظم من مرض التشبيه، لأن المشبه يعبد صنما، والمعطل يعبد عدما. يقول ابن تيمية: "لما كان مرض التعطيل أعظم كانت عناية الكتب الإلهية بالرد على أهل التعطيل أعظم، وكانت الكتب الإلهية قد جاءت بإثبات صفات الكمال على وجه التفصيل مع تنزيهه عن أن يكون له فيها مثيل، بل يثبتون له الأسماء والصفات، وينفون عنه مماثلة المخلوقات، ويأتون بإثبات مفصل ونفي مجمل، فيثبتون أن الله حي عليم قدير سميع بصير غفور رحيم ودود إلى غير ذلك من الصفات. ويثبتون مع ذلك أنه لا ند له ولا مثل ولا كفو له ولا سمي له، ويقول الله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]. ففي قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} رد على أهل التمثيل، وفي قوله: {وَهُوَ

ص: 137

السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} رد على أهل التعطيل، ولهذا قيل: الممثل يعبد صنما، والمعطل يعبد عدما" (1).

الثالث: أنهم يخالفون ما اتفقت عليه الملل وأهل الفطر السليمة، لكن مع هذا تخفى مقالاتهم على كثير من أهل الإيمان، لكثرة ما يوردونه من الشبهات حتى رأينا رجلا مثل المقريزي يقف أمام كثرة نصوص الصفات، وإجماع السلف على روايتها، وإثباتها بلا تمثيل، ثم لا يرى فائدة لذلك كله إلا تمكين إثبات مطلق الوجود، والرد على طوائف الملاحدة من أهل الطبائع وعباد العلل (2).

الرابع: أنهم يعتقدون فيما يضاف للخالق والمخلوق من الصفات أنها حقيقية في المخلوق، مجاز في الخالق، ولهذا زعموا: أن ظاهر نصوص الصفات إنما يدل على ما يختص بالمخلوق، ومن ثم أوجبوا تأويل الظاهر أو تفويضه، لأنه إنما يدل على التمثيل الباطل بنصوص التنزيه!.

وهذا الاعتقاد مبني على أصل جهم بن صفوان في الأسماء التي تقال على الرب وعلى العبد، فقد زعم أنها مجاز في الخالق حقيقة في المخلوق، وهو من أفسد الأقوال، لأنه يعني صحة نفي أسماء الله وصفاته، ويستلزم أن تكون في العبد أكمل وأتم منها في

(1) درء التعارض 6/ 348، وانظر: منهاج السنة النبوية 2/ 522، 523، 526، 598، 599، 608، بدائع الفوائد لابن القيم 1/ 165، 166، 170، شرح الطحاوية ص60، 61.

(2)

الخطط للمقريزي 2/ 361، وانظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية 3/ 354، 355، الرسالة التدمرية لابن تيمية ص126، 127.

ص: 138

الرب، إذ إطلاقها على الرب مجرد تمثيل لما هو حقيقة في العبد! وهذا من أعظم الباطل!.

والصواب أن الألفاظ التي تطلق على الرب والعبد حقيقة فيهما، واختلاف الحقيقتين لا يخرجها عن كونها حقيقة فيهما، لأنها من الألفاظ المتواطئة أو المشككة، وهي موضوعة للقدر المشترك، والخصائص لا تدخل في مسماها عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة، فإذا أضيفت لأحدهما دخلت الخصائص، وكان ظاهر ما أضيف للرب إنما يدل على ما يليق، ويختص به، وظاهر ما أضيف للمخلوق إنما يدل على ما يليق ويختص به، خلافا لما توهمته المعطلة من أن ظاهرها إنما يدل بإطلاق على ما يفهم من صفات المخلوقين ويختص بهم، وقد ترتب على هذا الوهم ثلاثة محاذير:

أ - الجناية على نصوص الصفات، وسوء الظن بكلام الله ورسوله، حتى زعم كثير منهم أن ظاهر القرآن والحديث كله تشبيه وتمثيل، ومن ثم نشأت عندهم الحاجة للتأويل حتى أصبح أصلا من أصول مذاهبهم!.

ب - تعطيل نصوص الإثبات عما دلت عليه من الصفات اللائقة بجلال الله توهما أنها معارضة بنصوص التنزيه عن المثل والكفء والند والسمي!.

ج - تعطيل الخالق عما يستحقه من صفات الكمال، ووصفه بدلا عنها بالصفات السلبية المحضة تفصيلا حتى آل أمرهم إلى الوقوع في أعظم مما فروا منه، وذلك بتشبيهه بالمنقوصات والمعدومات. يقول الإمام البخاري: "قال بعض أهل

ص: 139

العلم: إن الجهمية هم المشبهة، لأنهم شبهوا ربهم بالصنم والأصم والأبكم الذي لا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم ولا يخلق" (1).

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(1) خلق أفعال العباد ص134 [ضمن عقائد السلف]، وانظر: الرسالة التدمرية لابن تيمية ص69 - 90، الصواعق المرسلة لابن القيم 4/ 1511 - 1515.

ص: 140