الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
فقد تمدح الرب تبارك وتعالى بتفرده بالمثل الأعلى في السماوات والأرض، وجعله أساسا لما يجب له من الإثبات والتنزيه، قال تعالى:{لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} [النحل: 60]، وقال:{وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ ......} الآيتان [الروم: 27 - 28]، والمثل الأعلى ينتظم جميع معاني الكمال المطلق التي يستحيل معها الاتصاف بالنقص أو وجود المثل، ويستلزم إفراد الرب وحده بجميع العبادات الظاهرة والباطنة، ولهذا فسره علماء السلف بالصفة العليا، أو بانتفاء المثل، وفسروه أيضا بكلمة التوحيد، أو بما يدل عليها من البراهين، أو بما تدل عليه من الإخلاص ومعاني الإيمان!.
وللتفرد بالمثل الأعلى أهمية بالغة في معرفة الرب وعبادته، فهو الأساس في معرفة ما ينفى عن الرب ويجب له من الصفات، وهو البرهان الجامع لصور الأدلة على استحقاق الله وحده للعبادة!.
وقد انحرف بعض المتأثرين بالمناهج الكلامية عن هذه الحقيقة، واستشكلوا ما أثر عن السلف في تفسير المثل الأعلى، وخرَّجوا عباراتهم على ما يوافق مذهب الخلف في التعطيل،
واعتبار وحدانية الأفعال مناط النجاة! وتبعا لذلك فقد أعرضوا عن مناط التنزيه الذي جاءت به النصوص، وجعلوا القاعدة في ذلك دليل الأجسام فكانت العاقبة تناقض التطبيق، ومخالفة العقل والنقل جزاء فساد التأصيل ومخالفة الوحي. ومن هنا تبرز أهمية تحرير معنى المثل الأعلى وفق المأثور عن علماء السلف ووفق قواعدهم المعروفة، ومن ثم بيان مدلولاته وآثاره في الإثبات والتنزيه وفق المنهج السلفي المحكم في أصله وفرعه، لأنه مستمد من القرآن المنزه عن الاختلاف، كما قال الله تعالى:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82].
وهذه الدراسة عبارة عن خطوة في سبيل تحقيق هذه الغاية، أردت منها بيان مضامين عبارات السلف في معنى المثل الأعلى، وبخاصة في جانب التنزيه، لكثرة تلبيس المتكلمين في هذا الجانب حتى راجت أباطيلهم على كثير من المسلمين تحت شعار التنزيه عن النقص والمثل!.
وقد راعيت فيها قواعد البحث العلمي المتعارف عليها في مجال الدراسات الإسلامية، فوثقت القضايا العلمية من مصادرها الأصلية، وأوضحت ما تدعو حاجة البحث إلى إيضاحه، وعرضت قضاياه بأسلوب واضح ومحدد قدر المستطاع إلى غير ذلك مما هو معروف لدى الباحثين.
وقد جاءت الدراسة في مبحثين وخاتمة:
* المبحث الأول: في معنى المثل الأعلى، ويشتمل على أمرين:
أحدهما: في بيان معنى المثل لغة واستعمالاته.
والثاني: في ذكر أقوال علماء السلف في بيان المراد بالمثل الأعلى، وكيفية الجمع بينها، والرد على من حاول الخروج بعباراتهم عن أصول عقيدتهم.
* المبحث الثاني: في بيان مدلولات المثل الأعلى، ويشتمل على الأمور التالية:
الأول: في دوران الكمال مع الإمكان.
الثاني: في دلالة المثل الأعلى على الكمال المطلق.
الثالث: في دلالته على التنزيه عن النقص النسبي.
الرابع: في دلالته على التنزيه عن السلب المحض.
الخامس: في دلالته على التنزيه عن النقائص المطلقة.
السادس: في دلالته على التنزيه عن المثل.
* أما الخاتمة فإجمال لأهم نتائج الدراسة.