الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فروع الشريعة غير ضارّ ، فهكذا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كما في الحديث:«الأنبياء إخوة أولاد علّات أمهاتهم شتّى ودينهم واحد» (1) ، فأمّا [ق 59/و] وشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ناسخة لما قبلها من الشرائع فلا يمكن (هذا)(2) ، والله أعلم.
ومن خصائص محمّد صلى الله عليه وسلم أن كل معجزة لنبيّ فلَهُ من جنسِهَا مِثلُها وأعظم وأتم وأكمل ، وكل كرامة لوليّ من الأمم السالفة فلأولياء أمّته مثلها (3) وأعظم وأتمّ وأكمل كما قد أشرنا إليه ، على أن كل معجزة لنبي من الأنبياء فهي له ، لأن الله تعالى أخذ عليهم الميثاق لئن جاءهم ليؤمننّ به ولينصرنّه ، فكان (4) إيمانهم به ودعوتهم لأممهم إلى الإيمان به إن أدركوه معجزةً له خصيصةً به ، فإنهم لما التزموا الميثاق بالإيمان به وبالإتباع له وأوصَوا بذلك اتباعهم صارت المعجزة والفضيلة له عليهم ، فمهما أظهر الله تعالى على أيديهم من (5) الخوارق فهو بواسطة الإيمان (به)(6) واتباعِه ، كما أن كل كرامة لوليّ من أمّة من الأمم هي مضافة إلى معجزاتِ مَتبوعِهِ من الأنبياء كما أشرنا إليه ، فإن الكرامات (7) لا تحصل إلا بمتابعة الرسل صلى الله عليهم وسلم ، وتصديقهم ، والتزام طريقتهم.
فصل
وأمّا الخصائص التي اختصّ بها محمد صلى الله عليه وسلم دون غيره
، فإنه خصّ بواجبات ومحظورات ومباحات وتكرُّمات ، فالواجبات: السواك ، والوتر ، والأضحيّة ، وركعتا
(1) أخرجه البخاري (4/ 167) ، بنحوه في كتاب أحاديث الأنبياء ، باب قول الله:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} [مريم: من الآية 16] ، ح 3443.
(2)
"هذا" ليس في ب.
(3)
في ب "مثل ذلك".
(4)
في ب زيادة "قال" قبل "فكان".
(5)
في ب "و" ، وهو خطأ.
(6)
"به" ليس في ب.
(7)
في ب "الكرامة".
الفجر ، وفي قيام الّليل خلاف؛ وأما المحظورات: فالرَّمْزُ بالعين (1) ، وأكل الصّدقة المفروضة ، والتزوّج بالإماء ، وخَلْعُ لَأمَة الحرب إذا لبسها حتى يلقى العدو ، فأما قول الشعر والكهانة فقد يُعَدّ في المحظورات وإنّما مُنع من ذلك لا أنّه حُرّم عليه ، وأما المباحات: فمنها الوصال في الصوم وقد مَنع منه غيرَه ، وأخْذُ (الماء)(2) من العطشان ، وجعله أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وخُمسُ الخمس ، والصفيّ من المغنم ، والتزوّجُ بأيّ عددٍ شاء ، والنكاح بغير مهر ولا وليّ وبلفظ الهبة ، وأمّا التكرمات: فتحريم أزواجه على غيره في الدنيا ، وجعلهنّ (3) أزواجه في الجنة ، وبعث إلى الخلق كافّةً ، ولا نبيَّ بعده ، وخُلِدت شريعته فلم تنسخ ، وجعل مَعجِزه باقياً يُتَصفّح إلى يوم القيامة ويُتحدّى [ق 59/ظ] به ، ذكر هذا الفصل ابن الجوزي رحمه الله تعالى (4)، وروى بإسناده عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أُتِيت بمقاليد الدنيا على فرس أبلق (5) عليه قطيفة من سندس» (6)، ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم التي أكرم بها أن صلاته قاعداً ليست كصلاة غيره قاعداً لما روى مسلم في صحيحه عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: حُدِّثتُ يا رسولَ الله أنك قلت: صلاة الرجل يعني قاعداً على مثل نصف الصلاة وأنت تصلي قاعداً ، قال:«أجل ، ولكنِّي لستُ كأحدٍ منكم» (7).
(1) وهي: خائنة الأعين. انظر: كتاب المجموع شرح المهذب للشيرازي (17/ 218) ، لمحمد نجيب المطيعي ، مكتبة الإرشاد ، جدة.
(2)
"الماء" ليس في ب.
(3)
في الوفا لابن الجوزي (1/ 373): "وجعل".
(4)
الوفا بأحوال المصطفى (1/ 372 - 373).
(5)
أبلق: أي لونه مختلط ببياض وسواد. التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 64) ، لزين الدين المناوي ، الطبعة الثالثة ، 1408 ، مكتبة الإمام الشافعي ، الرياض.
(6)
أخرجه في العلل المتناهية (1/ 179)، وقال: هذا حديث لا يصح".
(7)
أخرجه مسلم (1/ 507) ، كتاب صلاة المسافرين وقصرها ، باب جواز النافلة قائماً وقاعداً ، وفعل بعض الركعة قائماً وبعضها قاعداً ، ح 735.