الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 -
كتاب الشريعة ، للإمام أبي بكر الآجري. (انظر: ص 580).
المطلب السابع: تقويم الكتاب:
إذا كان كل إنسان يؤخذ من كلامه ويرد إلا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ، فإن المصنف مع إمامته وسعة علمه وطول باعه لم يخل كتابه هذا من بعض ما يخالف فيه الأولى مما قد يعرض لأي عالم أو باحث ، فلذا لا يأخذني الإعجاب بالمصنف رحمه الله فأثبت له كل حسن وأنفي عنه كل ما يخالف ذلك رغم قصر باعي وقلة اطلاعي ، وقديماً قيل:
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها
…
كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه
فمما خالف فيه الأولى ما يلي:
1 -
ذكره لمسائل معتمدها أحاديث موضوعة: وهو وإن كان قد نبه في آخر الكتاب على منهجه في ذكر الأحاديث الضعيفة بقوله: "كلما في هذا الكتاب من حديث فيه ضعف أو وهن فالعمدة إنما هي على ما ثبت من جنسه من آيةٍ أو خبر ، وإنما ذكرناه لما عساه يكون فيه من فائدة إما توضيح معنى أو زيادة بيان كما يذكره أهل الحديث من الشواهد والمُتابَعات ، أو كما يقول الفقهاء في مثله: هذا سند الدليل"، إلا أن هذه الأغراض التي ذكرها لا تدخل في الأحاديث المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ ومن أمثلة هذه المسائل: تولد النور من عرقه صلى الله عليه وسلم (1) ، وكسوة نور وجه النبي صلى الله عليه وسلم من نور العرش (2) ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لا ظل له (3)؛ وهي قليلة -والحمد لله- موازنة بين مجمل مسائل الكتاب؛ إضافة إلى أن ذكر الأحاديث الموضوعة لم تكن منهجاً للسرمري في الكتاب، يدل على ذلك تعليقه على حديث قتال علي بن أبي طالب رضي الله عنه للجنّ بقوله: "وإن صح حديث قتال علي بن أبي طالب رضي الله عنه للجنّ في بئر ذات العلم كان
غاية في هذا
(1) انظر: ص 478.
(2)
انظر: ص 478.
(3)
انظر: ص 477.
الموضع، وقد رواه من الحفاظ أبو الفضل ابن ناصر شيخ ابن الجوزي ولكن ردّه غيره وقالوا الحديث فيه موضوع فالله أعلم" (1) ، ويدل عليه أيضاً نقده لكتاب الخصائص لابن سبع بقوله: " وفي الحديث طُولٌ ذكَره أبو الربيع سليمان بن سبع السبتي في كتاب الخصائص له والله أعلم بحال هذا الحديث ، وفي كتابه هذا أحاديث فيها ما فيها" (2).
2 -
إكثاره من رواية الأحاديث بالمعنى: هذا وإن كان جائزاً من عالمٍ وعارف بما يحيل من المعاني كالسرمري رحمه الله ، إلا أنه لا خلاف بين أهل العلم أن رواية الحديث بلفظه المسموع منه صلى الله عليه وسلم هو الأصل الذي ينبغي لكل راوٍ وناقل أن يلتزمه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
3 -
وقوع بعض الأوهام في الكتاب: وهي قليلة -والحمد لله- ، فمن ذلك ما ذكره في قصة العلاء بن الحضرمي وأن الراوي لها (منجاب)، والصواب أن الراوي لها هو ابنه (سهم بن منجاب)؛ ومن ذلك أيضاً: ما ذكره في قصة فتح كسرى وأنه صاحب الأقباض هو (قيس بن سعد رضي الله عنه) ، والصواب أنه (عامر بن عبدقيس -التابعي-).
ولكن مع هذا ففي الكتاب إضافة علمية كبيرة ، فهو فريد في بابه كما تقدم ، كما قد جمع فيه فضائل للنبي صلى الله عليه وسلم كثيرة من معجزاته وما آتاه الله تعالى من الكرامات والمزايا الكريمة والعطايا العظيمة مالم تجمع في غيره؛ بل الكتاب فيه فوائد مستنبطة من السرمري نفسه لا توجد في غيره ، وقد سبق بيانها في أهمية الكتاب وقيمته العليمة.
(1)[ق 43/ظ].
(2)
[ق 86/ظ]