المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ترك الاستدلال بكلام الله ورسوله على الأمور العلمية، والمطالب الخيرية، - درء تعارض العقل والنقل - جـ ٥

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌الوجه العشرون

- ‌متابعة الملاحدة للنفاة في إنكار النصوص وتأويلها

- ‌كلام الأشعري في الإبانة عن متابعته للإمام أحمد

- ‌كلام ابن سينا في الرسالة الأضحوية

- ‌كلام أبي الحسين البصري في عيون الأدلة

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام أبي الحسن التميمي في جامع الأصول

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام ابن سينا في الرسالة الأضحوية في مسألة الصفات وتعليق ابن تيمية عليه

- ‌فصل

- ‌كلام ابن سينا عن الصفات الذاتية والعرضية تعليق ابن تيمية عليه

- ‌تابع كلام ابن سينا وتعليق ابن تيمية عليه

- ‌قول الآمدي في الحقائق

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌قول الآمدي في الإحكام

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌قول ابن سينا في الإشارات عن الكليات

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌عدم فصل الرازي العلة من الشرط

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌كلام الإمام أحمد عن تعلق الصفات بذت الله تعالى

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌فصل

- ‌تابع كلام الإمام أحمد

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌تابع كلام الإمام أحمد

- ‌كلام الجويني عن صفات الله تعالى

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌تابع كلام الجويني

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌الوجه الحادي والعشرون

- ‌الوجه الثاني والعشرون

- ‌الوجه الثالث والعشرون

- ‌الوجه الرابع والعشرون

- ‌الوجه الخامس والعشرون

- ‌الوجه السادس والعشرون

- ‌الوجه السابع والعشرون

- ‌الوجه الثامن والعشرون

- ‌الوجه التاسع والعشرون

- ‌الوجه الثلاثون

- ‌الوجه الواحد والثلاثون

- ‌اعتراض: إن عارضت الدليل العقلي الذي يعرف صحة الشرع

- ‌الجواب عنه من وجوه: الوجه الأول

- ‌الوجه الثاني

- ‌الوجه الثالث

- ‌الوجه الرابع

- ‌الوجه الخامس

- ‌الوجه السادس

- ‌كلام الدارمي في كتاب الرد على الجهمية

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌تابع كلام الدارمي

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌الوجه السابع

- ‌الوجه الثامن

- ‌الوجه التاسع

- ‌الوجه العاشر

- ‌الوجه الثاني والثلاثون

- ‌كلام الرازي في نهاية المعقول عن الأدلة السمعية

- ‌تعليق ابن تيمية

- ‌الوجه الثالث والثلاثون

- ‌الوجه الرابع والثلاثون

- ‌الوجه الخامس والثلاثون

- ‌الوجه السادس والثلاثون

- ‌فصل: كلام الغزالي عن التأويل وتعليق ابن تيمية عليه

- ‌الوجه السابع والثلاثون

- ‌الوجه الثامن والثلاثون

- ‌الوجه التاسع والثلاثون

- ‌الوجه الأربعون

- ‌الوجه الحادي والأربعون

- ‌الوجه الثاني والأربعون

الفصل: ترك الاستدلال بكلام الله ورسوله على الأمور العلمية، والمطالب الخيرية،

ترك الاستدلال بكلام الله ورسوله على الأمور العلمية، والمطالب الخيرية، والمعارف الإلهية.

‌الوجه الأربعون

أن يقال: كل عاقل يعلم بالضرورة أن من خاطب الناس في الطب أو الحساب أو النحو أو السياسة والأخلاق أو الهيئة أو غير ذلك من الأمور، بكلام عظم قدره وكبر أمره، وذكر انه بين لهم به وعلم، وهدى به وأفهم، ولم يكن في ذلك الكلام بيان تلك المعلومات، ولا معرفة لتلك المطلوبات، بل كانت دلالة الكلام على نقيض الحق أكمل، وهي على غير العلم أدل- كان هذا: إما مفرطا في الجهل والضلالة أو الكذب والشيطنة والنذالة، فكيف إذا كان قد تكلم في الأمر الإلهية، والحقائق الربانية، التي هي أجل المطالب العالية، وأعظم المقاصد السامية، بكلام فضله على كل كلام، ونسبه إلى خالق الأنام، وجعل من خالفه شبيهاً بالأنعام، وجعلهم من شر الجهلة الضلال الكفار الطغام، وذلك الكلام لم يدل على الحق في الأمور الإلهية، ولا أفاد علماً في مثل هذه القضية، بل دلالته ظاهرة في نقيض الحق والعلم والعرفان، مفهمة لضد التوحيد والتحقيق الذي يرجح إليه ذوو الإيقان، فهل يكون مثل هذا المتكلم إلا في غاية الجهل والضلال، أو في غاية الإفك والبهتان والإضلال.

ص: 370

فهذا حقيقة قول هؤلاء الملاحدة في رسل الله، الذين هم أفضل الخلق وأعلمهم بالله، وأعظمهم هدى لخلق الله، لا سيما خاتم الأنبياء وسيد ولد آدم، الذي هو اعلم الخلق بالله، وأنصح الخلق لعباد الله، وأفصح الخلق في بيان هدى الله، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.

ومن المعلوم أن من وصف الأمر على خلاف ما هو عليه، فإما أن يكون قد أتي من علمه أو قصده أو عجزه، فإنه قد يكون جاهلاً، بالحق، وقد لا يكون جاهلاً به، بل ليس مراده تعليم المخاطبين وهداهم وبيان الأمر لهم، كما يقصده أهل الكيد والخداع والنفاق وأمثالهم، وإما أن يكون علمه تاماً وقصده البيان، لكنه عجز عن البيان والإفصاح، لقصور عبادته، وعجزه عن كمال البيان والإيضاح.

فإن الفعل يتعذر لعدم العلم، أو لعدم القدرة، أو لعدم الإرادة، فأما إذا كان الفاعل له مريداً له، وهو قادر عليه وعالم بما يريده، لزم حصول مطلوبه.

ومن المعلوم أن محمداً صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بالله وتوحيده وأسمائه وصفاته وملائكته ومعاده، وأمثال ذلك من الغيب،، وهو أحرص الخلق على تعليم الناس وهدايتهم.

كما قال تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} [التوبة: 128] .

ولهذا كان من شدة حرصه على هداهم يحصل له ألم عظيم إذا لم

ص: 371

يهتدوا، حتى يسليه ربه ويعزيه، كقوله تعالى:{إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل} [النحل: 37] .

وقال تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} [القصص: 56] .

وقال تعالى: {لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين} [الشعراء: 3] .

وقال تعالى: {وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين} [الأنعام: 35] .

ثم إنه سبحانه وتعالى أمره بالبلاغ المبين، فقال تعالى:{قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين} [النور: 54] .

وقال تعالى: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين} [المائدة: 92] .

وقال تعالى: {وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين} [النحل: 35] .

ص: 372

ومعلوم انه كان من افصح الناس وأحسنهم بياناً، واللغة التي خاطب بها أتم اللغات وأكملها بيانا، وقد امتن الله عليهم بذلك، كما في قوله تعالى:{الر تلك آيات الكتاب المبين * إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} [يوسف: 1-2] .

وقال تعالى: {إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} [الزخرف: 3] .

وقال تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} [إبراهيم: 4] .

وقال تعالى: {نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين} [الشعراء: 193 - 195] .

وقال تعالى: {لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين} [النحل: 103] ، وأمثال ذلك.

فإذا كان المخاطب أعلم الخلق بما يخبر به عنه، ويصفه ويخبر به، وأحرص الخلق على تفهيم المخاطبين وتعريفهم، وتعليمهم وهداهم، وأقدر الخلق على البيان والتعريف لما يقصده ويريده، كان من الممتنع بالضرورة أن لا يكون كلامه مبنياً للعلم والهدى والحق، فيما خاطب به، وأخبر عنه، وبينه ووصفه، بل وجب أن يكون كلامه أحق الكلام بأن يكون دالاً على العلم والحق والهدى، وأن يكون ما ناقض كلامه من الكلام، أحق الكلام بأن يكون جهلاً وكذباً وباطلاً.

ص: 373