الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جعلها مضغة مخلقة بعد أربعين اخرى اى قطعة لحم قابل لتفريق الأعضاء وتمييز بعضها من بعض وجعل المضغة عظاما تتميز بها الأعضاء بأن صلبها فكسا العظام لحما يحسن به خلقه وتصويره ويستعد لافاضة القوى ونفخ الروح فَسَوَّى فعدله وكمن نشأته (قال الكاشفى) پس راست كرد صورت وأندام او را وروح در دميد. وفى المفردات جعل خلقه على ما اقتضته الحكمة الالهية اى جعله معادلا لما تقتضيه الحكمة وقال بعضهم معنى النسوية والتعديل جعل كل عضو من أعضائه الزوج معادلا لزوجه فَجَعَلَ مِنْهُ اى من الإنسان باعتبار الجنس او من المنى وجعل بمعنى خلق ولذا اكتفى بمفعول واحد وهو قوله الزَّوْجَيْنِ اى الصنفين الذَّكَرَ وَالْأُنْثى بدل من الزوجين ويجوز أن يكونا منصوبين بإضمار أعنى ولا يخفى ان الفاء تفيد التعقيب فلا بد من مغايرة بين المتعاقبين فلعل قوله فخلق فسوى محمول على مقدار مقدر من الخلق يصلح به للتفرقة بين الزوجين وقوله فجعل منه الزوجين على التفرقة الواقعة أَلَيْسَ ذلِكَ العظيم الشان الذي انشأ هذا الإنشاء البديع بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى وهو أهون من البدء فى قياس العقل لوجود المادة وهو عجب الذنب والعناصر الاصلية (روى) ان النبي عليه السلام كان إذا قرأها قال سبحانك اللهم بلى تنزيها له تعالى عن عدم القدرة على الاحياء واثباتا لوقوعها عليه وفى رواية بلى والله بلى والله وقال ابن عباس رضى الله عنهما من قرأ سبح اسم ربك الأعلى اماما كان او غيره فليقل سبحان ربى الأعلى ومن قرأ لا اقسم بيوم القيامة فاذا انتهى الى آخرها فليقل سبحانك اللهم بلى اماما كان او غيره وفى الحديث (من قرأ منكم والتين والزيتون فانتهى الى آخرها أليس الله بأحكم الحاكمين فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ومن قرأ لا اقسم بيوم القيامة فانتهى الى أليس ذلك بقادر على ان يحيى الموتى فليقل سبحانك بلى ومن قرأ والمرسلات عرفا فبلغ فبأى حديث بعد، يؤمنون فليقل آمنا بالله) وفى الآية اشارة الى ان الله يحيى موتى اهل الدنيا بالاعراض عنها والإقبال على الآخرة والمولى وايضا يحيى موتى النفوس بسطوع أنوار القلوب عليها وايضا يحيى موتى القلوب تحت ظلمة النفوس الكافرة الظالمة بنور الروح والسر والخفي ومن أسند العجز الى الله فقد كفر بالله نسأل الله تعالى العصمة وحسن الخاتمة تمت سورة القيامة بعون من له الرحمة العامة فى الحادي والعشرين من ذى الحجة من سنة ست عشرة ومائة وألف
تفسير سورة الإنسان
احدى وثلاثون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم
هَلْ أَتى استفهام تقرير ونقريب فان هل بمعنى قد والأصل أهل أتى اى قد أتى وبالفارسية آيا آمد يعنى بدرستى كه آمد. تركوا الالف قبل هل لانها لا تقع الا فى الاستفهام وانما لزوم اداة الاستفهام ملفوظة او مقدرة إذا كان بمعنى قد ليستفاد التقرير من همزة الاستفهام والتقريب من قد فانها موضوعة لتقريب الماضي الى الحال والدليل على ان الاستفهام غير مراد
ان الاستفهام على الله محال فلا بد من حمله على الخبر تقول هل وعظتك ومقصودك أن تحمله على الإقرار بأنك قد وعظته وقد يجيئ بمعنى الجحد تقول وهل يقدر أحد على مثل هذا فتحمله على أن يقول لا يقدر أحد غيرك عَلَى الْإِنْسانِ قبل زمان قريب المراد جنس الإنسان لقوله من نطفة لان آدم لم يخلق منها ثم المراد بالجنس بنوا آدم او ما يعمه وبنيه على التغليب او نسبة حال البعض الى الكل للملابسة على المجاز حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ الحين زمان مطلق ووقت مبهم يصلح لجميع الأزمان طال او قصر وفى المفردات الحين وقت بلوغ الشيء وحصوله وهو مبهم ويتخصص بالمضاف اليه نحو ولات حين مناص ومن قال حين على أوجه للاجل والمنية وللساعة وللزمان المطلق انما فسر ذلك بحسب ما وجده قد علق به والدهر الزمان الطويل والمعنى طائفة محدودة كائنه من الزمن الممتد وهى مدة لبثه فى بطن امه تسعة أشهر او بأن صار شيأ مذكورا على ما ذهب اليه ابن عباس رضى الله عنهما لَمْ يَكُنْ فيه فالجملة صفة اخرى لحين بحذف الضمير شَيْئاً مَذْكُوراً بل كان شيأ منسيا غير مذكور بالانسانية أصلا نطفة فى الأصلاب فما بين كونه نطفة وكونه شيأ مذكورا بالانسانية مقدار محدود من الزمان وتقدم عالم الأرواح لا يوجب كونه شيأ مذكورا عند الخلق ما لم يتعلق بالبدن ولم يخرج الى عالم الأجسام (روى) ان الصديق او عمر رضى الله عنهما كما فى عين المعاني لما سمع رجلا يقرأ هذه الآية بكى وقال ليتها تمت فلا شىء أراد ليت تلك تمت وهى كونه شيأ غير مذكور ولم يخلق ولم يكلف ومعنى الاستفهام التقريرى فى الآية أن يحمل من ينكر البعث على الإقرار بأنه نعم أتى عليه فى زمان قريب من زمان الحال حين من الدهر لم يكن فيه شيأ مذكورا فيقال له من أحدثه بعد أن لم يكن كيف يمتنع عليه بعثه وإحياؤه بعد موته وقال القاشاني اى كان شيأ فى علم الله بل فى نفس الأمر لقدم روحه ولكنه لم يذكر فيما بين الناس لكونه فى عالم الغيب وعدم شعور من فى عالم الشهادة به وفى التأويلات النجمية اعلم ان للانسان صورة علمية غيبية وصورة عينية شهادية وهو من حيث كلتا الصورتين مذكور عند الله ازلا وابدا لا يعزب عن علمه مثقال ذرة لعلمه الأزلي الابدى بالأشياء قبل إيجاد الأشياء وقبل وجودها خلق الخلق وهم معدومون فى كتم العدم وعلمه بنفسه يستلزم علمه بأعيان الأشياء لان الأشياء مظاهر أسمائه وصفاته وهى عين ذاته فافهم اى ما أتى على الإنسان حين من الأحيان وهو كان منسيا فيه بالنسبة الى الحق وكيف وهو مخلوق على صورته وصورته حاضرة له مشهودة عنده وهل للاستفهام الإنكاري بخلاف المحجوبين عن علم المعرفة والحكمة الالهية وقال جعفر الصادق رضى الله عنه هل أتى عليك يا انسان وقت لم يكن الله ذاكرا لك فيه إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ اى خلقناه يعنى جسمه والإظهار لزيادة التقرير مِنْ نُطْفَةٍ حتى كان علقة فى أربعين يوما ومضغة فى ثمانين ومنفوخا فيه الروح فى مائة وعشرين يوما كما كان أبوهم آدم خلق من طين فألقى بين مكة والطائف فأقام أربعين سنة ثم من حمأمسنون فأقام أربعين سنة اخرى ثم من صلصال فأقام أربعين سنة اخرى فتم خلقه فى مائة وعشرين سنة فنفخ فيه الروح على ما جاء فى رواية الضحاك عن ابن عباس رضى الله عنهما فما كان
سنين فى آدم كان أياما فى أولاده وحمل بعضهم الإنسان الاول على آدم والثاني على أولاده على أن يكون الحين هو الزمن الطويل الممتد الذي لا يعرف مقداره والاول وهو حمله فى كلا الموضعين على الجنس اظهر لان المقصود تذكير الإنسان كيفية الخلق بعد أن لم يكن ليتذكر أول امره من عدم كونه شيأ مذكورا او آخر أمره من كونه شيأ مذكورا مخلوقا من ماء حقير فلا يستبعد البعث كما سبق أَمْشاجٍ اخلاط بالفارسية آميختها. جمع مشج كسبب او كتف على لغتيه او مشيج من مشجت الشيء إذا خلطته وصف النطفة بالجمع مع افرادها لما ان المراد بها مجموع الماءين يختلطان فى الرحم ولكل منهما أوصاف مختلفة من اللون والرقة والغلظ وخواص متباينة فان ماء الرجل ابيض غليظ فيه قوة العقد وماء المرأة اصفر
رقيق فيه قوة الانعقاد فيخلق منهما الولد فأيهما علا صاحبه كان الشبه له وما كان من عصب وعظم وقوة فمن ماء الرجل وما كان من لحم ودم وشعر فمن ماء المرأة على ما روى فى المرفوع وفى الخبر ما من مولود الا وقد ذر على نطفته من تربة حفرته كل واحد منهما مشيج بالآخر وقال الحسن رحمه الله نطفة مشيجة بدم وهو دم الحيض فاذا حبلت ارتفع الحيض واليه ذهب صاحب القاموس حيث قال ونطفة أمشاج مختلطة بماء المرأة ودمها انتهى فيكون النطفتان ودمها جمعا وقال الراغب هو عبارة عما جعل الله بالنطفة من القوى المختلفة المشار إليها بقوله ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة فى قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة الآية انتهى فيكون معنى أمشاج ألوان وأطوار على ما قال قتادة وفى التأويلات النجمية اى من نطفة قوة القابلية الممتشجة المختلطة بنطفة قوة الفاعلية اى خلقناه من نطفة الفيض الأقدس المتعلق بالفاعل ونطفة الفيض المقدس المتعلق بالقابل فالفيض الأقدس الذاتي بمنزلة ماء الرجل والفيض المقدس الاسمائى بمنزلة ماء المرأة نَبْتَلِيهِ حال مقدرة من فاعل خلقنا اى مريدين ابتلاءه واختباره بالتكليف فيما سيأتى ليتعلق علمنا بأحواله تفصيلا فى العين بعد تعلقه بها اجمالا فى العلم وليظهر احوال بعضهم لبعض من القبول والرد والسعادة والشقاوة فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً ليتمكن من استماع الآيات التنزيلية ومشاهدة الآيات التكوينية فهو كالمسبب عن الابتلاء اى عن إرادته فلذلك عطف على الخلق المقيد به بالفاء كأنه قيل انا خلقناه مريدين تكليفه فأعطيناه ما يصح معه التكليف والابتلاء وهو السمع والبصر وسائر آلات التفهيم والتمييز وطوى ذكر العقل لان المراد ذكر ما هو من أسبابه والآلة التي بها يستكمل فطريقه الاول لاكثر الخلق من السعداء السمع ثم البصر ثم تفهم العقل وفى اختيار صيغة المبالغة اشارة الى كمال إحسانه اليه وتمام انعامه وبصيرا مفعول ثان بعد ثان لجعلناه وفى التأويلات النجمية فجعلناه سميعا جميع المسموعات بصيرا جميع المبصرات كما قال كنت سمعه وبصره فبى يسمع وبي يبصر فلا يفوته شىء من المسموعات ولا من المبصرات فافهم جدا يا مسكين وقال أبو عثمان المغربي قدس سره ابتلى الله الخلق بتسعة أمشاج ثلاث فتانات هى سمعه وبصره ولسانه وثلاث كافرات هى نفسه وهواه وعدوه الشيطان وثلاث مؤمنات هى عقله وروحه وقلبه فاذا أيد الله العبد بالمعونة قهر العقل على
القلب فملكه واستأسر النفس والهوى فلم يجدا الى الحركة سبيلا فجانست النفس الروح وجانس الهوى العقل وصارت كلمة الله هى العليا قال الله تعالى قاتلوهم حتى لا تكون فتنة إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ مرتب على ما قبله من إعطاء الحواس فانه استئناف تعليلى لجعله سميعا بصيرا يعنى ان إعطاء الحواس الظاهرة والباطنة والتحلي بها متقدم على الهداية والمعنى أريناه وعرفناه طريق الخير والشر والنجاة والهلاك بانزال الآيات ونصب الدلائل كما قال وهديناه النجدين اى بيناله طريق الخير والشر فان النجد الطريق الواضح المرتفع فالمراد بالهداية مجرد الدلالة لا الدلالة الموصلة الى البغية كما فى بعض التفاسير إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً حالان من مفعول هديناه قال فى الإرشاد اى مكناه وأقدرناه على سلوك الطريق الموصل الى البغية فى حالتيه جميعا فاما التفصيل ذى الحال فانه مجمل من حيث الدلالة على الأحوال لا يعلم ان المراد هدايته فى حال كفره او فى حال إيمانه وبالتفصيل تبين انها تعلقت به فى كل واحدة من الحالين فالشاكر الموحد والكفور الجاحد لان الشكر الإقرار بالمنعم ورأس الكفر ان جحوده ويقال شاكر النعمة وكفورها قال الراغب الكفور يقال فى كافر النعمة وكافر الدين جميعا ويجوز أن يكون اما للتقسيم بأن يعتبر ذو الحال من حيث انه مطلق وهو اللفظ الدال على الماهية من حيث هى ويجعل كل واحد من مدخولى اما قيد اله فيحصل بالتقييد بكل منهما قسم منه اى مقسوما إليهما بعضهم شاكر بالاهتداء والاخذ فيه وبعضهم كفور بالاعراض عنه وإيراد الكفور لمراعاة الفواصل اى رؤوس الآي والاشعار بأن الإنسان قلما يخلو من كفران ما وانما المؤاخذ عليه الكفر المفرط والشكور قليل منهم ولذا لم يقل اما شكورا واما كفورا واما شاكرا واما كافرا والحاصل ان الشاكر والكفور كنايتان عن المثاب والمعاقب ولما لم يكن مجرد الكفران مستلزما للمواخذة لم يصح أن يجعل كناية عنها بخلاف مجرد الشكر فانه ملزوم الاثابة بمقتضى وعد الكريم فأدير أمر الاثابة على مطلق الشكر لا على المبالغة فيه كما ادير المؤاخذة على المبالغة فى الكفران لا على أصله وكل ذلك بمقتضى سعة رحمة الله وسبقها على غضبه وقرأ ابو السماك بفتح الهمزة فى اما وهى قراءة حسنة والمعنى اما كونه شاكرا فبتوفيقنا واما كونه كفورا فبسوء اختياره وفى التأويلات النجمية انا خير ناه فى الاهتداء الى سبيل الشكر المتعلق باليد اليمنى الجمالية او الى سبيل الكفر المتعلق باليد اليسرى الجلالية فاختار بعضهم سبيل الشكر من مقتضى حقائقهم واستعداداتهم الازلية واختار بعضهم سبيل الكفر من مقتضى حقائقهم وقابلياتهم الازلية ايضا كما قال هؤلاء اهل الجنة ولا أبالي وهؤلاء اهل النار ولا أبالي اى المدح والذم يتعلق بهم لا بي ولما ذكر الفريقين اتبعهما الوعيد والوعد فقال إِنَّا أَعْتَدْنا هيأنا فى الآخرة فان الاعتاد اعداد الشيء حتى يكون عتيدا حاضرا متى احتيج اليه لِلْكافِرِينَ من افراد الإنسان الذي هديناه السبيل سَلاسِلَ بها يقادون الى جهنم وفى كشف الاسرار اعتدنا للكافرين فى جهنم سلاسل كل سلسلة سبعون ذراعا وهو بغير تنوين فى قراءة حفص واما الوقف فبالالف تارة وبدونها اخرى وتسلسل الشيء اضطرب كأنه تصور
منه تسلسل وتردد فتردد لفظه تنبيه على تردد معناه ومنه السلسلة وفى القاموس السلسلة اى بالفتح إيصال الشيء بالشيء وبالكسر دائرة من حديد ونحوه وَأَغْلالًا بها يقيدون اهانة وتعذيبا لا خوفا من الفرار جمع غل بالضم وهو ما تطوق به الرقبة للتعذيب وقد سبق فى الحاقة مفصلا وَسَعِيراً نارا بها يحرقون يعنى وآتشى افروخته كه در ان پيوسته بسوزند.
وانما يجرون الى جهنم بالسلاسل لعدم انقيادهم للحق ويحقرون بأن يقيدوا بالاغلال لعدم تواضعهم لله ويحرقون بالنار لعدم احتراقهم بنار الخوف من الله تعالى وفيه اشارة الى ان الله تعالى أعد للمحجوبين عن الحق المشغولين بالخلق سلاسل التعلقات الظاهرة بحب الدنيا وطلبها وأغلال العوائق الباطنة بالرغبة إليها وفيها ونار جهنم البعد والطرد واللعن وتقديم وعيد الكافرين مع تأخرهم فى مقام الإجمال للجمع بينهما فى الذكر ولان الانذار أهم وأنفع وتصدير الكلام وختمه بذكر المؤمنين احسن على ان فى وصفهم تفصيلا ربما يخل تقديمه بتجاوب أطراف النظم الكريم إِنَّ الْأَبْرارَ شروع فى بيان حسن حال الشاكرين اثر بيان سوء حال الكافرين وإيرادهم بعنوان البر للاشعار بما استحقوا به ما نالوه من الكرامة السنية والأبرار جمع بركرب وأرباب او جمع بار كشاهد وإشهاد وهو من يبر خالقه اى يطيعه يقال بررته ابره كعلمته وضربته وعن الحسن رحمه الله البر من لا يؤذى الذر ولا يضمر الشر كما قيل
ولا تؤذ نملا ان أردت كمالكا
…
فان لما نفسها تطيب كمالكا
وفى المفردات البر خلاف البحر وتصور منه التوسع فاشفق منه البر اى التوسع فى فعل الخير وبر العبد ربه توسع فى طاعته ويشمل الاعتقاد والأعمال الفرائض والنوافل وقال سهل رحمه الله الأبرار الذين فيهم خلق من اخلاق العشرة الذين وعد لهم النبي عليه السلام بالجنة قال عليه السلام ان لله ثلاثمائة وستين خلقا من لقبه بخلق منها مع التوحيد دخل الجنة قال أبو بكر رضى الله عنه هل فى منها يا رسول الله قال كلها فيث يا أبا بكر وأحبها الى الله السخاء يَشْرَبُونَ فى الجنة والشرب تناول كل مائع ماء كان او غيره قال يشربون ابتداء كالمطيعين او انتهاء كالمعذبين من المؤمنين بحكم العدل مِنْ كَأْسٍ هى الزجاجة إذا كانت فيها خمر وتطلق على نفس الخمر ايضا على طريق ذكر المحل وارادة الحال وهو المراد هنا عند الأكثر حتى روى عن الضحاك انه قال كل كاس فى القرآن فانما عنى به الخمر فمن على الاول ابتدائية وعلى الثاني تبعيضية او بيانية كانَ بتكوين الله مِزاجُها اى ما تمزج تلك الكأس به يقال مزج الشراب خلطه ومزاج البدن ويمازجه من الصفراء والسوداء والبلغم والدم والكيفيات المناسبة لكل منها كافُوراً اى ماء كافور وهو اسم عين فى الجنة فى المقام المحمدي وكذا سائر العيون ماؤها فى بياض الكافور ورائحته وبرده دون طعمه وإلا فنفس الكافور لا يشرب ونظيره حتى إذا جعله نارا اى كنار والكافور طيب معروف يطيب به الأكفان والأموات لحسن رائحته واشتقاقه من الكفر وهو الستر لانه يغطى الأشياء برائحته وفى القاموس
الكافور طيب معروف يكون من شجر بجبال بحر الهند والصين يظل خلقا كثيرا وتألفه النمورة وخشبه أبيض هش ويوجد فى اجوافه الكافور وهو انواع ولونها احمر وانما تبيض بالتصعيد وعين فى الجنة انتهى والجملة صفة كأس عَيْناً بدل من كافورا يعنى كافور چشمه ايست. والعين الجارية ويقال لمنبع الماء تشبيها بها فى الهيئة وفى سيلان الماء فيها يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ صفة عين وعباد الله هنا الأبرار من المؤمنين لان اضافة التكريم الى اسمه الأعظم مختصة بالمؤمن فى الغالب كالاضافة الى كناية التكلم كقوله يا عبادى لرعايتهم حق الربوبية فمن لم يراعه فكأنه ليس بعبد له اى يشربون بها الخمر لكونها ممزوجة بها كما تقول شربت الماء بالعسل فيكون كناية عن قوتها فى لذتها وعلى هذا فيه اشارة الى ان المقربين الأقوياء يشربون شراب الكافور صرفا غير ممزوج والظاهر يشرب منها فالباء بمعنى من فان حروف العوامل ينوب بعضها مناب بعض ونظيره قوله تعالى فانزلنا به الماء اى أنزلنا من السحاب الماء صرح به الشيخ المكي رحمه الله فى قوت القلوب يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً التفجير والتفجيرة آب راندن. وفى المفردات الفجر شق الشيء شقا واسعا كفجر الإنسان السكر يقال فجرته فانفجر وفجرته فتفجر والمعنى يجرونها حيث شاؤا من منازلهم كما يفيده بناء التفعيل إذ التشديد للكثرة اجراء سهلا لا تمنع عليهم بل تجرى جريا بقوة واندفاع لان الأنهار منقادة لاهل الجنة كالاشجار وغيرها فتفجيرا مصدر مؤكد للفعل المتضمن معنى السهولة والجملة صفة اخرى لعينا وفى التأويلات النجمية يشير بالابرار الى عباد الله المخلصين المخصوصين بفيض الاسم الأعظم الشامل للاسماء الذين سقاهم ربهم المتجلى لهم باسمه الباسط بكأس المحبة طهور شراب العشق الممزوج بكافور برد اليقين المفجر الجاري فى انهار أرواحهم وأسرارهم وقلوبهم من فرط اثر حمة وشمول النعمة وقال القاشاني ان الأبرار السعداء الذين برزوا عن حجاب الآثار والافعال واحتجبوا بحجب الصفات غير واقفين معها بل متوجهين الى عين الذات مع البقاء فى عالم الصفات وهم المتوسطون فى السلوك يشربون من كأس محبة حسن الصفات لا صرفا بل كان فى شرابهم مزج من لذة محبة الذات وهى العين الكافورية المفيدة للذة يرد اليقين وبياض النورية وتفريح القلب المخترق بحرارة الشوق وتقويته فان للكافور خاصية التبريد والتفريج والبياض والكافور عين يشرب بها صرفة عباد الله الذين هم خاصته من اهل الوحدة الذاتية المخصوص محبتهم بعين الذات دون الصفات لا يفرقون بين القهر واللطف والرفق والعنف والنعمة والبلاء والشدة والرخاء بل تستقر محبتهم مع الاضداد وتستمر لذتهم فى النعماء والضراء والرحمة والزحمة كما قال أحدهم
هواى له فرض تعطف أم جفا
…
ومشربه عذب تكدر أم صفا
وكلت الى المحبوب امرى كله
…
فان شاء أحياني وان شاء اتلفا
واما الأبرار فلما كانوا يحبون المنعم واللطيف والرحيم لم تبق محبتهم عند تجلى القهار
والمبتلى والمنتقم بحالها ولا لذتهم بل يكرهون ذلك تفجرونها تفجير لانهم منابعها لا اثنينية ثمة ولا غيرية والا لم يكن كافور الظلمة حجاب الانانية واثنينيته وسواده انتهى.
قال بعضهم اختلفت أحوالهم فى الدنيا فاختلفت مشاربهم فى الآخرة فكل يسفى ما يليق بحاله كعيون الحياء وعيون الصبر وعيون الوفاء وغير ذلك ثم ان الكأس اما نفسانية شيطانية وهى ما تكون لاهل الفسق فى الدنيا وهى حرام وفى الحديث (إذا تناول العبد كأس الخمر ناشده الايمان بالله لا تدخلها على فانى لا أستقر أنا وهى فى وعاء واحد فان أبى وشربها نفر الايمان نفرة لا يعود اليه أربعين صباحا فان تاب تاب الله عليه ونقص من عقله شىء لا يعود اليه أبدا) واما جسمانية رحمانية وهى ما تكون للمؤمنين فى دار الآخرة عطاء ومنحة من الله الوهاب واما روحانية ربانية وهى ما تكون لاهل المحبة والشوق فى الدارين وهى ألذ الأقداح قال مولانا جلال الدين قدس سره.
ألا يا ساقيا انى نظمئان ومشتاق
…
أدر كأسا ولا تنكر فان القوم قد ذاقوا
خذ الدنيا وما فيها فان العشق يكفينا
…
لنا فى العشق جنات وبلدان وأسواق
يُوفُونَ بِالنَّذْرِ استئناف كأنه قيل ماذا يفعلون حتى ينالوا تلك الرتبة العالية فقيل يوفون بما اوجبوه على أنفسهم فكيف بما أوجبه الله عليهم من الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها فهو مبالغة فى وصفهم بالتوفر على أداء الواجبات والإيفاء بالشيء هو الإتيان به تاما وافيا والنذر إيجاب الفعل المباح على نفسه تعظيما لله بأن يقول لله على كذا من الصدقة وغيرها وان شفى مريضى أورد غائبى فعلى كذا واختلفوا فيما إذا علق ذلك بما ليس من وجوه البر كما إذا قال ان دخل فلان الدار فعلى كذا ففى الناس من جعله كاليمين ومنهم من جعله من باب النذور قيل النذر كالوعد الا انه إذا كان من العباد فهو تذرو إذا كان من الله فهو وعد والنذر قربة مشروعة ولا يصح الا فى الطاعة وفى الحديث (من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصى الله فلا يعصه) قال هرون بن معروف جاءنى فتى فقال ان أبى حلف على بالطلاق ان اشرب دوآء مع مسكر فذهبت به الى أبى عبد الله فلم يرخص له وقال قال عليه السلام كل مسكر حرام وإذا جمع الأطباء على ان شفاء المريض فى الخمر لا يشربها إذا كان له دواء آخر وإذا لم يكن يشربها ويتداوى بها فى قول ثم ان الاهتمام بما او جب الله على عبده ينبغى ان يكون أكمل مما أوجه العبد على نفسه ومن الناس من هو على عكس ذلك فانه يتهاون بما أوجبه الله عليه فان يؤدى الصلاة الواجبة مثلا وإذا نذر شيأ فى بعض المضايقات يسارع الى الوفاء وليس الا من الجهل وقال القاشاني اى الأبرار يوفون بالعهد الذي كان بينهم وبين لله صبيحة يوم الأزل بانهم إذا وجدوا التمكن بالآلات والأسباب ابرزوا ما فى مكا من استعداداتهم وغيوب فطرتهم من الحقائق والمعارف والعلوم والفضائل وأخرجوها الى الفعل بالتزكية والتصفية وَيَخافُونَ يَوْماً اى يوم القيامة كانَ شَرُّهُ اى هوله وشدته وعذابه مُسْتَطِيراً فاشيا منتشرا فى الأقطار غاية الانتشار بالغا أقصى المبالغ. يعنى بهمه كس
بهمه جا رسيده. من الاستطار الحريق اى النار وكذا الفجر قال فى القاموس المستطير الساطع المنتشر واستطار الفجر انتشر وهو ابلغ من طار بمنزلة استنفر من نفر واطلق الشر على اهوال القيامة وشدائدها المنتشرة غاية الانتشار حتى ملأت السموات والأرض مع انها عين حكمة وصواب لكونها مضرة بالنسبة الى من تنزل عليه ولا يلزم من ذلك ان لا يكون خيره مستطيرا ايضا فان ليوم القيامة أمورا سارة كما ان له أمورا ضارة وقال سهل رحمه الله البلايا والشدائد عامة فى الآخرة للعامة والملامة خاصة للخالصة ثم ان يوفون إلخ بيان لاعمالهم وإتيانهم لجميع الواجبات وقوله ويخافون إلخ بيان لنياتهم حيث اعتقدوا يوم البعث والجزاء فخافوا منه فان الطاعات انما تتم بالنيات وبمجموع هذين الامرين سماهم الله بالابرار قال بعض العارفين يشير الى ارباب السلوك فى طريق الحق وطلبه حيث أوجبوا على أنفسهم انواع الرياضات واصناف المجاهدات وتركوا الرقاد واهلكوا بالجوع الأجساد واحرقوا بالعطش الأكباد وسدوا الاذان من استماع كلام الأغيار وأعموا أبصارهم عن رؤية غير المحبوب الحقيقي وختموا على القلوب عن محبة غير المطلوب الأزلي خوفوا أنفسهم من يوم تجلى صفة القهر والسخط باستيلاء الهيئات المظلمة على القلب وهو نهاية مبالغ الشر فاجتهدوا حتى خلصهم الله مما خافوا وأدخلهم فى حرمه الآمن وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ اى كائنين على حب الطعام والحاجة اليه ونحوه لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون او على حب الإطعام فيطعمون بطيب النفس فالضمير الى مصدر الفعل كما فى قوله تعالى اعدلوا هو اقرب للتقوى او كائنين على حب الله او اطعاما كائنا على حبه تعالى وهو الأنسب لما سيأتى من قوله لوجه الله فالمصدر مضاف الى المفعول والفاعل متروك اى على حبهم لله ويجوز ان يضاف الى الفاعل والمفعول متروك اى على حب الله الإطعام والطعام خلاف الشراب وقد يطلق على الشراب ايضا لان طعم الشيء ذوقه مأكولا او مشروبا والظاهر الخصوص وان جاز العموم. واعلم ان مجامع الطاعات محصورة فى أمرين الطاعة لامر الله واليه الاشارة بقوله يوفون بالنذر والشفقة على خلق الله واليه الاشارة بقوله ويطعمون الطعام فان الطعام وهو جعل الغير طعاما كناية عن الإحسان الى المحتاجين والمواساة معهم بأى وجه كان وان لم يكن ذلك بالطعام بعينه الا ان الإحسان بالطعام لما كان اشرف انواع الإحسان عبر عن جنس الإحسان باسم هذا النوع كما فى حواشى ابن الشيخ وقال بعض اهل المعرفة اى يتجردون عن المنافع المالية ويزكون أنفسهم عن الرذائل خصوصا عن الشح لكون محبة المال أكثف الحجب فيتصفون بفضيلة الإيثار وسد خلة الغير فى حال احتياجهم او يزكون أنفسهم عن رذيلة الجهل فيطعمون الطعام الروحاني من الحكم والشرائع على حب الله من ذكر من قوله مِسْكِيناً فقيرا لا شىء له عاجزا عن الكسب وبالفارسية درويش بي مايه. وقال القاشاني المسكين الدائم السكون الى تراب البدن وَيَتِيماً طفلا لا أب له وَأَسِيراً الاسر الشد بالقد سمى الأسير بذلك ثم قيل لكل
مأخوذ مقيد وان لم يكن مشدودا بذلك والمعنى وأسيرا مأخوذا لا يملك لنفسه نصرا ولا حيلة اى أسير كان فانه عليه السلام كان يوتى بالأسير فيدفعه الى بعض المسلمين فيقول احسن اليه لانه يجب الطعام الأسير الكافر والإحسان اليه فى دار الإسلام بما دون الواجبات عند عامة العلماء الى ان يرى الامام رأيه فيه من قتل او من او فدآء او استرقاق فان القتل فى حال لا ينافى وجوب الإطعام فى حال اخرى ولا يجب إذا عوقب بوجه ان يعاقب بوجه آخر ولذا لا يحسن فيمن يلزمه القصاص ان يفعل به غير القتل او المعنى أسيرا مؤمنا فيدخل فيه المملوك عبدا او أمة وكذا المسبحون. يعنى مسبحون از اهل فقر كه در حقى از حقوق مسلمين حبس كرده باشند. وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الغريم أسيرا فقال غريمك أسيرك فأحسن الى أسيرك اى بالامهال والوضع عنه بعضا او كلا وهو كل الإحسان وفى الحديث (من أنظر معسرا او وضع له اظله الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله) اى حماه من حرارة القيامة وقيل الزوجة من الأسراء فى يد الأزواج لما قال عليه السلام اتقوا الله فى النساء فانهن عوانى عندكم والعاني الأسير وفى القاموس العوانى النساء لانهن يظلمن فلا ينتصرون وقال القاشاني الأسير المحبوس فى أسر الطبيعة وقيود صفات النفس وفى التأويلات النجمية ويطمعون طعام المعارف والحكم الالهية المحبوبة لهم مسكين السر لقرب انقياده تحت حكم الروح وذلته تحت عزته ويتيم القلب لبعد عهده ومكانه من أبيه الروح وأسير الأعضاء والجوارح المقيدين بقيود أحكام الشريعة وحبال آثار الطريقة انتهى إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ جز اين نيست كه ميخورانيم شما را اى طعامها براى رضاى خدا. على ارادة قول هو فى موقع الحال من فاعل يطعمون اى قائلين ذلك بلسان الحال او بلسان المقال ازاحة لتوهم المن المبطل للصدقة وتوقع المكافأة المنقصة للاجر
هر چهـ دهى مى ده ومنت منه
…
وآنچهـ بمنت دهى آن خود مده
منت ومزدى كه در احسان بود
…
وقت جزا موجب نقصان بود
وعن الصديقة رضى الله عنها انها كانت تبعث بالصدقة الى اهل بيت ثم تسأل الرسول ما قالوا فاذا ذكر دعاءهم دعت لهم بمثله ليبقى ثواب الصدقة لها خالصا عند الله والوجه الجارحة عبربه عن الذات لكونه اشرف الأعضاء وقال بعضهم الوجه مجاز عن الرضى لان الرضى معلوم فى الوجه وكذا السخط لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً على ذلك بالمال والنفس والفرق بين الجزاء والاجر أن الاجر ما يعود من ثواب العمل دنيويا كان او أخرويا ويقال فيما كان عن عقد وما يجرى مجرى العقد ولا يقال الا فى النافع واما الجزاء فيقال فيما كان عن عقد وغير عقد ويقال فى النافع والضار والمجازاة المكافأة وهى مقابلة نعمة بنعمة هى كفؤها وَلا شُكُوراً اى شكرا باللسان ومدحا ودعاء وهو مصدر على وزن الدخول والجملة تقرير وتأكيد لما قبلها قال القاشاني لا نريد منكم مكافأة وثناء لعدم الاحتجاب بالاعراض والأعواض وفى التأويلات النجمية لا نريد منكم جزاء بالذكر الجميل فى الدنيا ولا شكورا عن عذاب الآخرة إذ كل عمل يعمله العامل لثواب الآخرة لا يكون لوجه الله بل يكون لحظ نفسه كما قال تعالى
فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا وقال عليه السلام حكاية عن الله تعالى أنا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معى غيرى تركته وشركه والحاصل ان معاملة العبد المخلص انما هى مع الله فلا حق له على الغير فكيف يريد ذلك وفيه نصح لمن أراد النصيحة فان الإطعام ونحوه حرام بملاحظة الغير وحظ النفس فيجب ان يكون خالصا لوجه الله من غير شوب بالرياء وبحظ المنعم
ز عمرو اى پسر چشم اجرت مدار
…
چودر خانه زيد باشى بكار
إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً اى عذاب يوم وهو مفعول نخاف فمن ربنا حال متقدمة منه ولو أخر لكان صفة له او مفعوله قوله ربنا بواسطة الحرف على ما هو الأصل فى تعديته لانه يقال خاف منه فيكون يوما بدلا من محله بدون تقدير بناء على التعدية بنفسه او بتقدير نخاف آخر عَبُوساً من قبيل اسناد الفعل الى زمانه والمعنى تعبس فيه الوجوه. يعنى روزى كه رويها درو ترش كردد از شدت اهوال. كما روى ان الكافر يعبس يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران والعبوس قطوب الوجه من ضيق الصدر أو معنى عبوسا يشبه الأسد العبوس فى الشدة والضراوة اى السطوة والاقدام على إيصال الضرر بالعنف والحدة لكل من رآه فهو من المبالغة فى التشبيه فان العبوس الأسد كالعباس قَمْطَرِيراً شديد العبوس فلذلك نفعل بكم ما نفعل رجاء ان يقينا ربنا بذلك شره لا لارادة مكافأتكم فقوله انا نخاف إلخ بدل من انما نطعمكم إلخ فى معرض التعليل لا طعامهم يقال وجه قمطرير اى منقبض من شدة العبوس وفى الكشاف القمطرير العبوس الذي يجمع بين عينيه. واز امام حسن بصرى رحمه الله پرسيدند كه قمطرير چيست فرمود كه سبحان الله ما أشد اسمه وهو أشد من اسمه يعنى چهـ سخت است اسم روز قيامت واو سخت تر است از اسم خود فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ بسبب خوفهم وتحفظهم منه. يعنى نكاه داشت خداى تعالى ايشانرا از بدى ورنج وهول وعذاب آن روز. فشر مفعول ثان لوقى المتعدى الى اثنين وفى الحديث الصحيح قال رجل لم يعمل حسنة قط لأهله إذا مات فحرقوه ثم أذروا نصفه فى البر ونصفه فى البحر فو الله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذبا لا يعذبه أحدا من العالمين فلما مات الرجل فعلوا ما أمرهم فأمر الله البر فجمع ما فيه وأمر البحر فجمع ما فيه ثم قال لم فعلت هذا قال من خشيتك يا رب وأنت اعلم فغفر الله له اى بسبب خشيته وقوله لئن قدر الله بتخفيف الدال من القدرة اى لئن تعلقت قدرته يوم البعث بعذاب جسمه ظن المسكين انه بالفناء على الوجه المذكور يلتحق بالمحال وقدرة الله لا تتعلق بالمحال فلا يلزم منه الكفر فجمع رماده من البر والبحر محمول على جمع اجزائه الاصلية يوم القيامة ويجوز أن يحمل على حال البرزخ فان السؤال فيه للروح والجسد جميعا على ما هو المذهب الحق وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً اى أعطاهم بدل عبوس الفجار وحزنهم نضرة فى الوجوه يعنى تازكى وخوبرويى وسرورا فى القلوب يعنى شادى وفرح در دل فهما مفعولان ثانيان وفى تاج المصادر التلقية چيزى پيش كسى وا آوردن. وفى المفردات لقيته كذا إذا استقبلته به قال تعالى ولقاهم نضرة وسرورا وَجَزاهُمْ اعطى كل واحد
منهم بطريق الاجر والعوض بِما صَبَرُوا ما مصدرية اى بسبب صبرهم على مشاق الطاعات ومهاجرة هوى النفس فى اجتناب المحرمات وإيثار الأموال وفى الحديث (الصبر اربعة الصبر على الصدمة الاولى وعلى أداء الفرائض وعلى اجتناب المحارم وعلى المصائب جَنَّةً مفعول ثان لجزاهم اى بستانا يأكلون منه ما شاؤا وَحَرِيراً يلبسونه ويتزينون به وبالفارسية وجامه إبريسم بهشت بپوشند. فالمراد بالجنة ليس دار السعادة المشتملة على جميع العطايا والكرامات والا لما احتيج الى ذكر الحرير بعد ذكر الجنة بل البستان كما ذكرنا فذكرها لا يغنى عن ذكر الملبس ثم ان البستان فى مقابلة الإطعام والصبر على الجوع والحرير فى مقابلة الصبر على العرى لان إيثار الأموال يؤدى الى الجوع والعرى وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الحسن والحسين رضى الله عنهما مرضا فعادهما النبي عليه السلام فى ناس معه فقالوا لعلى رضى الله عنه لو نذرت
على ولديك نذرا يعنى اگر نذر كنى بر اميد عافيت وشفاى فرزندان مكر صواب باشد. فنذر على وفاطمة وفضة جارية لهما رضى الله عنهم ان برئا مما بهما ان يصوموا ثلاثة ايام تقربا الى الله وطلبا لمرضاته وشكرا له فشفيا فصاموا وما معهم شىء يفطرون عليه فاستقرض على من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصوع من شعير وهو جمع صاع وهو اربعة امداد كل مد رطل وثلث قال الداودي معياره الذي لا يختلف اربع حفنات بكفى الرجل الذي ليس بعظيم الكفين ولا صغير هما إذ ليس كل مكان يوجد فيه صاع النبي عليه السلام فطحنت فاطمة رضى الله عنها صاعا يعنى فاطمه زهرا از آن جويك صاع بآسيا دست آرد كرد. وخبزت خمسة أقراص على عددهم جمع قرص بمعنى الخبزة فوضعوا بين أيديهم وقت الإفطار ليفطروا به فوقف عليهم سائل فقال السلام عليكم يا اهل بيت محمد مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موآئد الجنة فآثروه يعنى حضرت على رضى الله عنه نصيب خود بدان مسكين داد وسائر اهل بيت موافقت كردند يعنى سخن درويش بسمع على رسيد روى فرا فاطمه كرد وكفت
فاطم ذات المجد واليقين
…
يا بنت خير الناس أجمعين
اما ترين البائس المسكين
…
قد قام بالباب له حنين
يشكو الى الله ويستكين
…
يشكو إلينا جائعا حزين
فاطمه رضى الله عنها او را جواب داد وكفت
أمرك يا ابن عم سمع طاعة
…
ما بي من لؤم ولا ضراعه
أرجو إذا أشبعت ذا مجاعه
…
ألحق بالأخيار والجماعه
وأدخل الخلد ولى شفاعه آنكه طعام پيش نهاده بودند جمله بدرويش دادند وبر كرسنكى صبر كردند. وبا توا لم يذوقوا الا الماء وأصبحوا صياما. فاطمه رضى الله عنها صاعى ديگر چوآرد كرد وأذان نان. فلما امسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فقال السلام عليكم يا أهل
بيت محمد يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والدي يوم العقبة أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة. حضرت على رضى الله عنه چون سخن آن يتيم شنيد روى فرا فاطمه كرد وكفت
انى لأعطيه ولا أبالى
…
واو ثر الله على عيالى
امسوا جياعا وهمو أشبالى
…
أصغرهم يقتل فى القتال
فاثروه يعنى همچنان طعام كه در پيش بود جمله بيتيم دادند وخود كرسنه خفتند ديكر روز آن صاع كه مانده بود فاطمه رضى الله عنها آنرا آرد كرد ونان پخت. فلما امسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم أسير فقال السلام عليكم اهل بيت النبوة أسير من الأسارى أطعموني أطعمكم الله من موآئد الجنة. آن طعام بأسير دادند وبجز آب نچشيدند وسه روز بر آن بگذشت. فلما أصبحوا فى اليوم الرابع أخذ على بيد الحسن والحسين رضى الله عنهم فأقبلوا على النبي عليه السلام فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال عليه السلام ما أشد ما يسوءنى ما أرى بكم وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة فى محرابها قد التصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها فساءه ذلك فنزل جبريل عليه السلام وقال خذ يا محمد هنأك الله فى أهل بيتك فاقرأه السورة ولا يلزم من هذا أن يكون المراد من الأبرار أهل البيت فقط لان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فيدخل فيه غيرهم بحسب الاشتراك فى العمل وقد ضعفت القصة بتضعيف الراوي الا انها مشهورة بين العلماء مسفورة فى الكتب قال الحكيم الترمذي رحمه الله هذا حديث مفتعل لا يروج الأعلى أحمق جاهل ورواه ابن الجوزي فى الموضوعات وقال لا شك فى وضعه ثم صحة الرواية تقتضى كون الآية مدنية لان إنكاح رسول الله فاطمة عليا كان بعد وقعة أحد وقد قال الجمهور ان السورة مكية هكذا قالوا سامحهم الله تعالى قال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة نقلا عن جمع من العلماء الكبار ان هل أتى على الإنسان من السور النازلة فى المدينة وكذا قال مجاهد وقتادة مدنية الا آية واحدة وهى ولا تطع منهم آثما او كفورا فانها مكية وكذا قال الحسن وعكرمة والماوردي مدنية الا قوله فاصبر لحكم ربك الى الآخر فانه مكى ودل على ذلك ان الأسير انما كان فى المدينة بعد آية القتال والأمر بالجهاد فضمت الآيات المكية الى الآيات المدنية فان شئت قلت انها اى السورة مكية وان شئت قلت انها مدنية على ان الآيات المدينة فى هذه السورة اكثر كمية من الآيات المكية فالظاهر أن تسمى مدنية لا مكية ونحن لا نشك فى صحة القصة والله اعلم مُتَّكِئِينَ فِيها اى فى الجنة عَلَى الْأَرائِكِ بر تختهاى آراسته. قوله متكئين حال من هم فى جزاهم والعامل فيها جزى قيد المجازاة بتلك الحال لانها ارفه الأحوال فكان غيرها لا يدخل فى الجزاء والأرائك هى السرور فى الحجال تكون فى الجنة من الدر والياقوت موضونة بقضبان الذهب والفضة وألوان الجواهر جمع اريكة كسفينة ولا تكون أريكة حتى تكون فى حجلة وهى بالتحريك واحدة حجال العروس وهى بيت مزين بالثياب والستور
والظاهر أن على الأرائك متعلق بمتكئين لان الاتكاء يتعدى بعلى اى مستقرين متمكنين على الأرائك كقوله متكئين على فرش ولا يبعد أن يتعلق بمقدر ويكون حالا من ضمير متكئين اى متكئين فيها على الوسائد او غيرها مستقرين على الأرائك فيكون الاتكاء بمعنى الاعتماد لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً اى حرارة ولا برودة كما يرون فى الدنيا لان الحرارة غالبة على ارض العرب والبرودة على ارض على ارض العجم والروم وهو حال ثانية من الضمير اى يمر عليهم هواء معتدل لا حار ولا بارد مؤذ يعنى ان قوله لا يرون إلخ كناية عن هذا المعنى والزمهرير شدة البرد واز مهر اليوم اشتد برده وفى الحديث هواء الجنة سجسج لا حرفيه ولا قر اى معتدل لا حرفيه ولا برد فان القر بالضم البرد وفى الخبر عن النبي عليه السلام انه قال اشتكت النار الى ربها فقالت أكل بعضى بعضا فنفسنى فاذن لها فى كل عام بنفسين نفس فى الشتاء ونفس فى الصيف فأشد ما تجدون من البرد من زمهرير جهنم وأشد ما تجدون من الحر من حرها وروى عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال فبينما اهل الجنة فى الجنة إذ رأوا ضوأ كضوء الشمس وقد أشرقت الجنان له فيقول اهل الجنة يا رضوان قال ربنا عز وجل لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا فيقول لهم رضوان ليست هذه بشمس ولا قمر ولكن هذه فاطمة وعلى رضى الله عنهما ضحكا ضحكا أشرقت الجنان من نور ضحكهما وفيهما انزل الله تعالى هل أتى على الإنسان حين من الدهر الى قوله وكان سعيكم مشكورا قال القاشاني لا يرون فى جنة الذات شمس حرارة الشوق إليها مع الحرمان ولا زمهرير برودة الوقوف مع الأكوان فان الوقوف مع الكون برد قاسر وثقل عاصر وفى التأويلات النجمية لا يرون فى جنة الوصال حر شمس المشاهدة المفنى للمشاهد بحيث لا يجد لذة الشهود لان سطوة المشاهدة تفنى المشاهد بالكلية فلا يجد لذة الشهود من المحبوب المعبود والى هذا المعنى أشار النبي عليه السلام فى دعائه اللهم ارزقنا لذة مشاهدتك لا زمهرير برد الحجاب والاستتار وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها عطف على ما قبلها حال مثلها والظلال جمع ظل بالكسر نقيض الضح وظلالها فاعل دانية من الدنو بمعنى القرب اما بحسب الجانب او بحسب السمك والضمير الى الجنة او أشجارها ومعناه ان ظلال الأشجار فى الجنة قربت من الأبرار من جوانبهم حتى صارت الأشجار بمنزلة المظلة عليهم وان كان لاشمس فيها مؤذية لتظلهم منها فقيه بيان لزيادة نعيمهم وكمال راحتهم فان الظل فى الدنيا للراحة وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا اى سخرت ثمارها لمتناوليها وسهل أخذها للقائم والقاعد والمضطجع تمام التسخير والتسهيل من الذل بالكسر وهو ضد الصعوبة والجملة حال من دانية اى تدنو ظلالها عليهم مذللة لهم قطوفها او معطوفة على دانية اى دانية عليهم ظلالها ومذللة قطوفها وهو جمع قطف بكسر القاف بمعنى العنقود وقطفت العنب قطعته وسمى العنقود قطفا لانه يقطف ويقطع وقت الإدراك وَيُطافُ يدر من طاف بمعنى دار والطواف والاطافة كلاهما لازم بالفارسية كرد چيزى بكشتن. وانما جاءب التعدية هنا من الباء فى بآنية عَلَيْهِمْ
اى على الأبرار إذا أرادوا الشرب والطائف الدائر هو الخدم كما يجيى بِآنِيَةٍ اوعية جمع اناء نحو كساء واكسية والأواني جمع الجمع كما فى المفردات واصل آنية أءنية بهمزتين مثل افعلة قال فى بعض التفاسير الباء فيها ان كانت للتعدية فهى قائمة مقام الفاعل لانها مفعول له معنى والا فالظاهر أن يكون القائم مقامه عليهم مِنْ فِضَّةٍ نسب لآنية وَأَكْوابٍ جمع كوب وهو الكوز العظيم المدور الرأس لا اذن له ولا عروة فيسهل الشرب منه من كل موضع ولا يحتاج عند التناول الى ادارته وهو مستعمل الآن فى بلاد العرب لما وصف طعامهم ولباسهم ومسكنهم وصف شرابهم وقدم عليه وصف الأواني التي يشرب بها وذكره بلفظ المجهول لان المقصود ما يطاف به لا الطائفون ثم ذكر الطائفين بقوله ويطوف إلخ كانَتْ قَوارِيرَا جمع قارورة بالفارسية آبگينه.
وفى القاموس القارورة ما قر فيه الشراب ونحوه قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ اى تكونت وحدثت جامعة بين صفاء الزجاجة وشفيفها ولين الفضة وبياضها يرى ما فى داخلها من خارجها فكان تامة وقوارير الاول حال من فاعل كانت على المبالغة فى التشبيه يعنى ان القوارير انما تتكون من الزجاج لا من الفضة فليس المعنى انها قوارير زجاجية متخذة من الفضة بل الحكم عليها بانها قوارير وانها من فضة من باب التشبيه البليغ لانها فى نفسها ليست زجاجا ولا فضة لما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال ليس فى الدنيا مما فى الجنة الا الأسماء فثبت ان آنية الجنة مباينة فى الحقيقة لقارورة الدنيا وفضتها ولان قارورة الدنيا سريعة الانكسار والهلاك وما فى الجنة لا يقبل ذلك وفضة الدنيا كثيفة الجوهر لالطافة فيها وما فى الجنة ليس كذلك وان شارك كل واحد منهما الآخر فى بعض الأوصاف فشبهت بالفضة فى بياضها ونقائها وبقائها وبالقارورة فى شفافيتها وصفائها فهى حقيقة مغايرة لهما جامعة لاوصافهما وذلك كاف فى صحة اطلاق اسم القارورة والفضة عليها وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان ارض الجنة من فضة وأواني كل ارض تتخذ من تربه تلك الأرض ويستفاد من هذا الكلام وجه آخر لكون تلك الأكواب من فضة ومن قوارير وهو ان اصل القوارير فى الدنيا الرمل واصل قوارير الجنة هو فضة الجنة فكما ان الله قادر على أن يقلب الرمل الكثيف زجاجة صافية فكذلك قادر على أن يقلب فضة الجنة قارورة صافية بالغرض من ذكر هذه الآية التنبيه على ان نسبة قارورة الجنة الى قارورة الدنيا كنسبة الفضة الرمل فكما انه لا نسبة بين هذين الأصلين فكذا بين القارورتين كذا فى حواشى ابن الشيخ قال بعضهم لعل الوجه فى اختيار كون كانت تامة مع إمكان جعلها ناقصة وقوارير الاول خبر بتكوين الله فيكون فيه تفخيم للآنية بكونها اثر قدرة الله تعالى وقوارير الثاني بدل من الاول على سبيل الإيضاح والتبيين اى قوارير مخلوقة من فضة والجملة صفة لاكواب وقرئ بتنوين قوارير الثاني ايضا وقرئا بغير تنوين وقرئ الثاني بالرفع على هى قوارير قال ابن الجزري وكلهم وقفوا عليه بالألف الا حمزة وورشا وانما صرفه من صرفه لانه وقع فى مصحف
الامام بالألف وانما كتب فى المصحف بالألف لانه رأس آية فشابه القوا فى والفواصل التي تزاد فيها الألف للوقف قَدَّرُوها تَقْدِيراً صفة لقوارير ومعنى تقدير الشاربين المطاف عليهم لها أنهم قدروها فى أنفسهم وأرادوا أن تكون على مقادير وإشكال معينة موافقة لشهواتهم فجاءت حسبما قدروها فان منتهى ما يريده الرجل فى الآنية التي يشرب منها الصفاء فقد ذكره الله بقوله كانت قوارير وايضا النقاء فقد ذكره الله بقوله من فضة وايضا الشكل والمقدار فقد ذكره الله بقوله قدروها تقديرا او قدروها بأعمالهم الحسنة فجاءت على حسبها وقيل الضمير للطائفين بها المدلول عليهم بقوله ويطاف عليهم اى قدروا شرابها على إضمار المضاف على قدر استروائهم وريهم من غير زيادة ولانقصان وهو ألذ للشارب لكونه على مقدار حاجته فان طرفى الاعتدال مذمومان كما قال مجاهد لا فيض فيها ولا غيض اى لا كثرة ولا قلة وقال الضحاك على قدر اكف الخدم وَيُسْقَوْنَ فِيها اى فى الجنة بسقى الله او بسقى الطائفين بأمر الله وفيه زيادة تعظيم لهم ليست فى قوله يشربون من كأس بصيغة المعلوم كَأْساً خمرا كانَ مِزاجُها ما تمزج به وخلط زَنْجَبِيلًا الزنجبيل عرق يسرى فى الأرض ونباته كالقصب والبردي وعلم منه ان ما كان مزاجها زنجبيلا غير ما كان مزاجها كافور او المعنى زنجبيلا اى ماء يشبه الزنجبيل فى الطعم وكان الشراب الممزوج به أطيب ما يستطيب العرب وألذ ما تستلذ به لانه يحذو اللسان ويهضم الطعام كما فى عين المعاني ولما كان فى تسمية تلك العين بالزنجبيل توهم ان ليس فيها سلاسة الانحدار فى الحق وسهولة مشاغها كما هو مقتضى اللذع والإحراق أزال ذلك الوهم بقوله عَيْناً بدل من زنجبيلا فِيها تُسَمَّى عند الملائكة من خازن الجنة واتباعه سَلْسَبِيلًا لسلاسة انحدارها فى الحلق وسهولة مساغها فكان العين سميت بصفاتها قال بعضهم يطلق عليها ذلك وتوصف به لا انه علم لها يعنى ان سلسبيل صفة لا اسم والا لامتنع من الصرف للعلمية والتأنيث ولم يقرأ به واحد من العشرة ويقال انما صرف مع انه اسم عين وهى مؤنث معنوى لرعاية رأس الآية قال فى الكواشي لفظ مفرد بوزن فعلليل كدرد بيس يقال شراب سلسل وسلسال وسلسبيل سهل الدخول فى الحلق لعذوبته وصفائه ولذلك حكم بزيادة الباء اى بعدم التفاوت فى المعنى بوجودها وعدمها والا فالباء ليست من حروف الزيادة وقيل زيدت الباء على السلسال حتى صارت كلمة خماسية للدلالة على غاية السلاسة والحلاوة وقال ابن المبارك من طريق الاشارة معنى السلسبيل سل من الله اليه سبيلا قال ابن الشيخ جعل الله مزاج شراب الأبرار اولا كافورا وثانيا زنجبيلا لان المقصود الأهم حال الدخول البرودة لهجوم العطش عليهم من حر العرصات وعبور الصراط وبعد استيفاء حظوظهم من أنواع نعيمها ومطعوماتها تميل طباعهم الى الأشربة التي تهيج الاشتهاء وتعيين على تهنئة ما تناولوه من المطعومات ويلتذ الطبع بشربها فلعل الوجه فى تأخير ذكرما يمزج به الزنجبيل عما يمزج به الكافور ذلك وفى التأويلات النجمية يشير بالزنجبيل الى شراب الوحدة الممزوجة بزنجبيل الكثرة المعقولة من مفهوم التوحيد وبالسلسبيل الى شراب الوحدة الصافية عن الامتزاج
بزنجبيل الكثرة وسميت سلسبيلا لسلاسة انحدارها وذلك لبساطتها وصرافتها وقال القاشاني كان مزاجها زنجبيل لذة الاشتياق فانهم لا شوق لهم ليكون شرابهم الزنجبيل الصرف الذي هو غابة حرارة الطلب لوصولهم ولكن لهم الاشتياق للسير فى الصفات وامتناع حصولهم على جميعها فلا تصفو محبتهم من لذة حرارة الطلب كما صفت لذة محبة المستغرفين فى عين جمع الذات فكان شرابهم العين الكافورية الصرفة والزنجبيل عين فى الجنة لكون حرارة الشوق عين المحبة لناشنة من منبع الوحدة مع الهجران تسمى سلسبيلا لسلاستها فى الحلق وذوفها فال العشاق المهجورين الطالبين السالكين سبيل الوصال فى ذوق وسكر من حرارة عشقهم لا بفأس به ذوق وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ اى يدور على الأبرار وِلْدانٌ فانهم أخف فى الخدمة جمع وليد وهو من قرب عهده بالولادة مُخَلَّدُونَ اى دائمون على ما هم عليه من الطراوة والبهاء لا يتغيرون ابدا وبالفارسية وبخدمت مى كردد بر ايشان غلامانى جون كودكان نوزاد جاويد مانده در حال طفوليت او مقربون يعنى پسران كوشواره دار. والخلد لقرط وفى التاج انه من لخلد وهو الروح كأنهم روحانيون لا جسم لهم إِذا رَأَيْتَهُمْ يا من شأنه الرؤية حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً جمعه اللألى وتلألأ الشيء لمع لمعان اللؤلؤ مَنْثُوراً متفرقا لحسهم وصفاء ألوانهم واشراق وجوههم وتفرقهم فى مجلس الخدمة عند اشتغالهم بأنواع لخدمة ولموافقهم على المخدومين مسارعين فى الخدمة ولو اصطفوا على وتيرة واحدة لشبهوا اللؤلؤ المنظوم واللؤلؤ إذا كان متفرقا يكون احسن فى المنظر من المنظوم لوقوع شعاع بعضه على بعض بغاية بياضه وبريقه فيكون مخالفا للمجتمع فيه والظاهر على ما ذهب اليه البعض منثورا اى متفرقا فى الجنة فهو احسن من القيد بمجلس الخدمة وشبهت الحور العين باللؤلؤ المكنون اى المخزون لانهن لا ينتشرن انتشار الولدان بل هن حور مقصورات فى الخيام قال فى عين المعاني وفيه اشارة الى ان الاستمتاع بظواهرهم يكون بخلاف الحور المشبهة بالبيض لانه يجمع بياض للون الى لذة العلم انتهى. ومنه يعلم أن لالواطة فى الجنة وان قول من جوزها مردود باطل على ما حققناه مرارا قال بعضهم منثورا من سلكه على البساط وعن المأمون انه ليلة زفت اليه بوران بنت الحسن بن سهل وهو على بساط منسوج بالذهب وقد نثرت عليه نساء دار الخلافة اللؤلؤ فنظر اليه منثورا على ذلك البساط فاستحسن المنظر وقال لله در ابى نواس كانه ابصر هذا حيث يقول
كان صغرى وكبرى من فقاقعها
…
حصباء در على ارض من الذهب
وقال بعضهم منثورا من صدفه يعنى انهم شبهوا باللؤلؤ الرطب إذ انثر من صدفه وهو غير مثقوب لانه احسن وأكثر ماء وبالفارسية مرواريد افشانده شده از صدف يعنى تر وتازه كه هنوز دست كس بدان نرسيده ودر رونق وآب داد شان قصورى پيدا نشده. قال فى كشف الاسرار ولدان مخلدون اى غلمان ينشئهم الله لخدمة المؤمنين انتهى فسمى الغلمان ولدانا لانهم على صورتهم على ان فى إطلاقهم عليهم خطابا بما يتعارفه الناس فلا يلزم ولادتهم فى الجنة
وقال فى عين المعاني قيل انهم ولدان الكفار يدخلون الجنة خدما لاهلها بدليل انهم سموا ولدانا ولا ولادة فى الجنة انتهى وفى اللباب اختلفوا فى الولدان فقيل انشأهم الله لاهل الجنة من غير ولادة لان الجنة لا ولادة فيها وهم الذين قال الله فيهم ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون اى مخزون مصون لم تمسه الأيدى عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما ما من أحد من اهل الجنة الا يسعى عليه الف غلام وكل غلام على عمل ما عليه صاحبه وروى ان الحسن رحمه الله لما تلا هذه الآية قال قالوا يا رسول الله الخادم كاللؤلؤ المكنون فكيف المخدوم فقال فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وروى عن على رضى الله عنه والحسن البصري رضى الله عنه ان الولدان هنا ولدان المسلمين الذين يموتون صغارا ولا حسنة لهم ولا سيئة لهم وعن سلمان الفارسي رضى الله عنه أطفال المشركين هم خدم اهل الجنة وعن الحسن رحمه الله لم تكن لهم حسنات يجازون بها ولا سيئات يعاقبون عليها فوضعوا هذا الموضع انتهى كلام اللباب فالله تعالى قادر على أن يجعل أموات الكفار الذين لا يليقون بالخدمة فى الدنيا لغاية صغرهم فى مرتبة للقابلية لها فى الآخرة بكمال قدرته وتمام رحمته قال النووي الصحيح الذي ذهب اليه المحققون انهم من اهل الجنة وقال الطيبي فى شرح المشكاة الحق التوقف اى لا الحكم بأنهم من اهل الجنة كما ذهب اليه البعض ولا بأنهم تبع لآبائهم فى النار كما ذهب اليه البعض الآخر فالمذاهب إذا فيهم ثلاثة وفى التأويلات النجمية ويطوف عليهم ولدان مخلدون اى تجليات ذاتية مقرطون بقرطة الأسماء والصفات إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤ منثورا من تشعشع أنوار الذات وتلألؤ أنوار الصفات والأسماء وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ و چون بنگرى ونظر كنى در بهشت. قال فى الإرشاد ليس له مفعول ملفوظ ولا مقدر ولا منوى بل معناه اى مآل المعنى ان بصرك أينما وقع فى الجنة رَأَيْتَ نَعِيماً كثيرا لا يوصف وهو ما يتنعم به وَمُلْكاً كَبِيراً اى واسعا وهنيئا كما فى الحديث أدنى اهل الجنة منزلة ينظر فى ملكه مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه والآية من باب الترقي والتعميم يعنى ان هناك أمورا آخر أعلى وأعظم من القدر المذكور. در فصول آمده كه نعيم راحت أشباح است وملك كبير لذت أرواح نعيم ملاحظه دارست وملك كبير مشاهده ديدار وداربى ديدار بهيچ كر نيابد الجار ثم الدار زاهدان فردوس ميجويند وما ديدار دوست. وفى التأويلات النجمية يعنى إذا تحققت بمقام التوحيد وحال الوحدة وصلت الى نعيم الشهود والملك المشهود والكبير فى ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله انتهى. فيكون المراد بالملك الكبير فى الدنيا هو الشهود الحاصل لاهل الجنة المعنويا والملك بالضم بالفارسية پادشاهى ولا سلطنة فوق سلطنة المعرفة والرؤية قال فى بعض التفاسير الملك بالضم هو التصرف فى المأمورين بالأمر والنهى ومنه الملك واما الملك بالكسر فهو التصرف فى الأعيان المملوكة بحسب المشيئة ومنه المالك والاول جامع للثانى لان كل ملك مالك ولا عكس عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ عاليهم ظرف على انه خبر مقدم وثياب مبتدأ مؤخر والجملة حال من ضمير عليهم اى يطوف عليهم ولدان عاليا للمعطوف عليهم ثياب إلخ اى فوقهم
وعلى ظهورهم ثياب سندس وهو الديباج الرقيق الفاخر الحسن واضافة الثياب الى السندس كاضافة الخاتم الى الفضة وبالفارسية بر بهشتيان يعنى لباس زبرين ايشان جامهاى ديباى نازك. ولم يرض الزجاج بكون عاليهم نصبا على الظرف بمعنى؟؟؟ قهم لانه لم يعرف فى الظروف وخضر جمع أخضر صفة ثياب كقوله ويلبسون ثيابا خضرا فالضمير للابرار لمطوف عليهم لان المقام مقام تعداد نعيمهم وكرامتهم فالمناسب أن تكون الثياب الموصوفة لهم لا للولدان الطائفين وعن لامام ان المراد فوق خيامهم المضروبة عليهم والمعنى ان حجالهم من الحرير والديباج وهذا من علامات الملك وَإِسْتَبْرَقٌ بالرفع عطفا على ثياب بحذف المضاف اى ثياب إستبرق وهو معرب استبره. بمعنى الغليظ سبق بيانه فى سورة الرحمن وهو قطع الهمزة لكونه اسما للديباج الغليظ الذي له بريق وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ عطف على ويطوف عليهم وهو ماض لفظا ومستقبل معنى وأساور مفعول ثان لحلوا بمعنى
ويحلون والتحليل التزيين بالحلى وبالفارسية با حلى زيور كردن. وفيه تعظيم لهم بالنسبة الى أن يقال وتحلوا وأساور جمع اسورة فى جمع سوار وسوار المرأة أصله دستواره وكان الملوك فى الزمان الاول يحلون بها ويسورون من يكرمونه ولا ينافى هذه الآية ما فى الكهف والحج من قوله من أساور من ذهب لامكان الجمع بين السوار الذهب والسوار الفضة فى أيديهم كما تجمع نساء الدنيا بين انواع الحلي وما احسن المعصم إذ يكون فيه سواران من جنسين وزيادة كالذهب والفضة واللؤلؤ وايضا لامكان المعاقبة فى الأوقات تارة يلبسون الذهب واخرى يلبسون الفضة وايضا لامكان التبعيض بأن يكون البعض ذهبا والبعض فضة فان حلى اهل الجنة يختلف حسب اختلاف أعمالهم فللمقربين الذهب وللابرار الفضة وايضا يعطى كل أحد ما يرغب فيه ويميل طبعه اليه فان الطباع مختلفة فرب انسان يكون استحسانه لبياض الفضة فوق استحسانه مسفرة الذهب وَسَقاهُمْ بياشاماند ايشانرا رَبُّهُمْ شَراباً هو ما يشرب طَهُوراً هذا الشراب الطهور نوع آخر يفوق النوعين السالفين كما يرشد اليه اسناد سقيه الى رب العالمين ووصفه بالطهورية لانه يطهر باطنهم عن الأخلاق الذميمة والأشياء المؤذية كالغش والغل والحسد وينزع ما كان فى أجوافهم من قذر وأذى وبه تحصل الصفوة المهيئة لانعكاس نور الجمال الإلهي فى قلوبهم وهى الغاية القاصية من منازل الصديقين فلذاختم بها مقالة ثواب الأبرار فالطهور بمعنى المطهر صيغة اسم الفاعل وقيل مبالغة الطاهر من حيث انه ليس بنجس كخمر الدنيا وما مسته الأيدى القذرة والاقدام الدنسة ولا يؤول الى أن يكون نجسا بل يرشح عرقا من أبدانهم له ريح كريح المسك (قال الكاشفى) يبايد دانست كه جوى كوثر در بهشت خاصه حضرت رسالت است وذكر آن در سوره كوثر خواهد آمد و چهار جوى ديكر از ان متقيانست آب وشير وخمر وعسل وشمه از صفات او در سوره محمد مرقوم رقم بيان شد ودو چشمه از ان اهل خشيت است فيهما عينان تجريان ودو چشمه از ان اهل يمين است فيهما عينان نضاختان واين چهار چشمه در سورة الرحمن آمد ديكر چشمه رحيق از ان ابرارست و چشمه تسنيم از آن مقربان واين هر دو در سوره مطففين مذكورند
ودو چشمه از ان اهل بيت است كافور وزنجبيل كه آنرا سلسبيل خوانند وشراب طهور نيز از ايشانست ومحققان آنرا شراب شهود كويند كه مرآت دل نوشنده را بلوامع أنوار قدم روشن ساخته پذير اى نقوش عكوس ازل وابد كرداند ووقت وحال او را چنان صافى سازد كه مطلقا شوآئب غيريه در مشارع وحدت نماند ورنك دوگانكى مبدل كردانيده جام مدامرا يك رنك سازد
همه جامست ونيست كويى مى
…
يا مدامست ونيست كويى جام
عارفى كفته اگر فردا بزم نشينان دار بقا را براى آنكه سرور شراب طهور خواهند چشانيد امروز باده نوشان خمخانه إفضال را بنقد از ان نصيبى تمام داده اند
از سقاهم ربهم بين جمله ابرار مست
…
در جمال لا يزالى هفت و پنج و چارمست
اى جوانمرد شراب آن شرابست كه دست غيب دهد در جام دل ريزد وعارف او را نوش كند قومى را شراب مست كرد وقومى را ديدار
وأسكر القوم دور كأس
…
وكان سكرى من المدير
بزركى را بخواب نمودند كه معروف كرخى رحمه الله كرد عرش طواف مى كرد ورب العزة فرشتكانرا مى كفت او را شناسيد كفتند نه كفت معروف كرخى است بمهر ما مست شده تا ديده او بر ما نيايد هشيار نكردد هر كرا امروز شراب محبت نيست فردا او را شراب طهور نيست. قال بعضهم صليت خلف سهل بن عبد الله العتمة فقرأ قوله تعالى وسقاهم ربهم شرابا طهورا فجعل يحرك فمه كأنه يمص فلم فرغ من صلاته قيل له أتقرأ أم نشرب قال والله لو لم أجد لذته عند قراءته كلذتى عند شربه ما قرأته وفى التأويلات النجمية قوله عاليهم إلخ يشير الى اتصاف اهل الجنة بملابس الصفات الالهية والأخلاق الربانية من خضر أي من الصفات الذاتية وإستبرق اى من الصفات الاسمائية والى تحليهم بحلي أساور الأسماء الذاتية والصفاتية الزاهرة الباهرة وسقاهم ربهم بكأس الربوبية والتربية شراب المحبا الذاتية الطاهرة عن شوب كدورة رقبة الأغيار إِنَّ هذا على إضمار القول اى يقال لهم ان هذا الذي ترونه من فنون الكرامات ويجوز أن يكون خطابا من الله فى الدنيا للابرار اى ان هذا الذي ذكر من انواع العطايا كانَ لَكُمْ جَزاءً عوضا بمقابلة أعمالكم الحسنة فان قيل كيف يكون جزاء لاعمالهم وهى مخلوقة لله عند اهل السنة وأجيب بأنها لهم كسبا عندهم ولله خلفا وَكانَ سَعْيُكُمْ وهست شتافتن شما در كار خير در دنيا مَشْكُوراً مرضيا مقبولا مقابلا بالثواب لخلوص نيتكم فيزداد بذلك فرحهم وسرورهم كما ان المعاقب بزداد غمه إذا قيل له هذا جزاء عملك الرديء فالشكر مجاز عن هذا المعنى تشبيها له بالشكر من حيث انه مقابل للعمل كما ان الشكر مقابل للنعم قال بعضهم أدنى الدرجات أن يكون العبد راضيا عن ربه واليه
الاشارة بقوله كان لكم جزاء وأعلاها كونه مرضيا له واليه الاشارة بقوله وكان سعيكم مشكورا ولما كان كونه مرضيا أعلى الدرجات ختم به ذكر مراتب الأبرار وفى التأويلات النجمية ان هذا كان لكم جزاء لاقتضاء استعداداتكم الفطرية وكان سعيكم مشكورا غير مضيع بسبب الرياء والسمعة إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا اى مفرقا منجما لحكم بالغة مفتضية له لا غيريا كما يعرب عنه تكرير الضمير مع ان فكأنه تعالى يقول ان هؤلاء الكفار يقولون ان ذلك كهانة وسحر فانا الملك الحق أقول على سبيل التأكيد ان ذلك وحي حق وتنزيل صدق من عندى فلا تكترث بطعنهم فانك أنت النبي الصادق المصدق فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ بتأخير نصرك على الكافرين فان له عاقبة حميدة ولا تستعجل فى امر المقابلة والانتقام فان الأمور مرهونة بأو فانها وكل آت قريب وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ اى من الكفار آثِماً أَوْ كَفُوراً او لاحد الشيئين والتسوية بينهما فاذا قلت فى الإثبات جالس الحسن او ابن سيرين كان المعنى جالس أحدهما فكلما إذ قلت فى النهى لا تكلم زيدا او عمرا كان التقدير لا تلكم أحدهما والأحد عام لكل واحد منهما فهو فى المعنى لا تكلم واحدا منهما فمآل المعنى فى الآية ولا تطع كل واحد من مرتكب الإثم الداعي لك اليه ومن الغالي فى الكفر الداعي اليه فاو للاباحة اى للدلالة على انهما سيان فى استحقاق العصيان اى عصيان المخاطب للداعى إليهما والاستقلال به والتقسيم الى الآثم والكفور مع ان الداعين بجمعهم الكفر باعتبار ما يدعونه اليه من الإثم والكفر لا باعتبار انقسامهم فى أنفسهم لى الآثم والكفور لانهم كانوا كفرة والكفر أخبث انواع الإثم فلا معنى للقسمة بحسب نفس كفرهم واثمهم وذلك ان ترتب النهى على الوصفين مشعر بعليتهما له فلا بد أن يكون النهى عن الاطاعة فى الاسم والكفر لا فيما ليس بإثم ولا كفر فالمراد بالإثم ما عدا الكفر إذ العام إذا قوبل بالخاص يراد به ما عدا ذلك الخاص وخص الكفر بالذكر تنبيها على غاية خبثه من بين انواع الإثم فكل كفور آثم وليس كل آثم كفورا ولا بعد أن يراد بالآثم من هو تابع وبالكفور من هو متبوع (وقال الكاشفى) آثما كناهكارى را كه ترا بإثم خواند چون عتبة بن ربيعه كه كفت از دعوت خود باز ايست تا دختر خود را بتو دهم او كفورا ونا سپاسى را كه ترا بكفر دعوت كند چون وليد بن مغيره كه كفت بدين اباء رجوع كن تا ترا توانكر سازم. وفى نهيه عليه السلام عن الاطاعة فيما يدعونه اليه مع انه ما كان يطيع أحدا منهم ولا يتصور فى حقه ذلك اشارة الى ان الناس محتاجون الى مواصلة التنبيه والإرشاد من حيث ان طبيعتهم التي جبلوا عليها ركب فيها الشهوة الداعية الى السهو والغفلة وان أحدا لو استغنى عن توفيق الله وإمداده وإرشاده لكان أحق الناس به هو الرسول المعصوم فظهر انه لا بد لكل مسلم أن يرغب الى الله ويتضرع اليه أن يحفظه من الفتن والآفات فى جميع أموره وقال القاشاني ولا تطع منهم آثما اى محتجبا بالصفات والأحوال او بذاته عن الذات او بصفات نفسه وهيئاتها عن الصفات او كفورا محتجبا بالافعال والآثار واقفا معها او بأفعاله ومكسوباته عن الافعال فتحجب بموافقتهم انتهى عصمنا الله وإياكم من موافقة الأعداء مطلقا وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً أول النهار وَأَصِيلًا
اى عشيا وهو آخر النهار اى وداوم على ذكره فى جميع لاوقات فاريد بقوله بكرة وأصيلا الدوام لانه عليه السلام كان آتيا ينفس الذكر المأمور به وانتصابهما على الظرفية أدوم على صلاة الفجر والظهر والعصر فان الأصل كما يطلق على ما بعد العصر الى المغرب فكذا يطلق على ما بعد الزوال فيتناول وقتى الظهر والعصر وقال سعدى المفتى التأويل بالدوام انما يحتاج اليه لو ثبتت فرضية الصلوات الخمس قبل نزولها والظاهر انه كذلك فانها فرضت ليلة المعراج. يقول الفقير وفيه ان الصلوات الخمس وان فرضت ليلة المعراج الا ان المعراج كان قبل الهجرة بسنة والتأريخ فى نزول الآية مجهول أهي نازلة قبل المعراج أم بعده فان كان الثاني ثبت مطلوبه والا فلا قال القاشاني واذكر ذلك الذي هو الاسم الأعظم من أسمائه بالقيام بحقوقه واظهار كمالاته فى المبدأ والمنتهى بالصفات الفطرية من وقت طلوع النور الإلهي بايجادها فى الأزل وإيداع كمالاته فيها وغروبه بتعينها واحتجابه بها وإظهارها مع كمالاتها وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وفى بعض الليل فضل له ولعله صلاة المغرب والعشاء. پس معنى چنين باشد كه بر پنج نماز مداومت نماى. وتقديم الظرف للاهتمام لما فى صلاة الليل من مزيد كلفة وخلوص وأفضل الأعمال أشقها وأخلصها من الرياء فاستحقت الاهتمام بشأنها وقدم وقتها لذلك ثم الفاء لافادة معنى الشرط كأنه قال مهما يكن من شىء فاسجد له ففيها وكادة اخرى لامرها وفى التأويلات النجمية واعبد ربك المطلق حق العبودية بالفناء فيه من ليل طبيعتك وغلس بشريتك إذ السجود صورة الفناء الذاتي والركوع صورة الفناء الصفاتى والقيام صورة الفناء الافعالى فافهم بعض اسرار الصلاة وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا اى صل صلاة التهجد لانه كان واجبا عليه فى طائفة طويلة من الليل ثلثيه او نصفه او ثلثه فقوله ليلا طويلا نصب على الظرفية فان قلت انتصاب ليلا على الظرفية وطويلا نعت له ومعناه سبحه فى الليل الطويل فمن أين يفهم ما ذكرت من المعنى قلت ظاهر أن توصيف الليل بالطول ليس للاحتراز عن القصير فان الأمر بالتهجد يتناوله ايضا فهو لتطويل زمان التسبيح وفى التعبير فى لتهجد بالتسبيح وتأخير ظرفه دلالة على انه ليس فى مرتبة ما قبله إِنَّ هؤُلاءِ اى كفار مكة عاد الى شرح احوال الكفار بعد شرح صدره عليه السلام بما ذكر من قوله انا نحن إلخ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ دوست ميدارند سراى شتابنده را يعنى دنيا را وينهمكون فى لذاتها العانية فهو الحامل لهم على الكفر والاعراض عن الاتباع لا اشتباه الخن؟؟؟ عليهم وَيَذَرُونَ يتركون وَراءَهُمْ اى أمامهم لا يستعدون فهو حال من يوما او ينبذون ورلء ضهورهم فهو ظرف ليذرون فوراء يستعمل فى كل من أمام وخلف والظاهر فى وجه الاستعمالين ان ورلء اسم للجهة المتوارية اى المستترة المختفية عنك واستتار جهة الخلف عنك ظاهر وما فى جهة الامام قد يكون متواريا عنك غير مشاهد ومعاين لك فيشبه جهة الخلف فى ذلك فيستعار له اسم الوراء يَوْماً ثَقِيلًا لا يعبأون به ويرما مفعول يذرون وثقيلا صفته ووصفه بالثقل مع انه من صفات الأعيان الجسمية لا الامتدادات الوهمية لتشبيه شدته
وهو له بثقل الحمل الثقيل ففيه استعارة تخييلية وفى الآية وعيد لاهل الدنيا ونعيمها خصوصا لاهل الظلم والرشوة نَحْنُ لا غيرنا خَلَقْناهُمْ من نطفة وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ اى أحكمنا ربط مفاصلهم بالاعصاب ليتمكنوا بذلك من القيام والقعود والاخذ والدفع والحركة وحق الخالق المنعم أن يشكر ولا يكفر ففيه ترغيب والاسر الربط ومنه اسر الرجل إذا أوثق بالقد وقدر المضاف وهو المفاصل (وفى كشف الاسرار) وآفرينش انسان سخت بستيم تا آفرينش واندامان بر جاى بود. فمعناه شددنا خلقهم وقال الراغب اشارة الى الحكمة فى تركيب الإنسان المأمور بتدبرها وتأملها فى قوله وفى أنفسكم أفلا تبصرون ونيل وشددنا مخرج البول والغائط إذا خرج الأذى انقبض او معناه انه لا يسترخى قبل الارادة وَإِذا شِئْنا تبديلهم بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ اى بدلناهم بأمثالهم بعد إهلاكهم والتبديل يتعدى الى مفعولين غالبا كقوله تعالى يبدل الله سيئاتهم حسنات يعنى يذهب بها ويأتى بدلها بحسنات تَبْدِيلًا بديعا لا ريب فيه وهو البعث كما ينبئ عنه كلمة إذا فالمثلة فى النشأة الاخرى انما هى فى شدة الاسر وباعتبار الجزاء الاصلية ولا ينافيها الغيرية بحسب العوارض كاللطافة والكثافة وبالفارسية و چون خواستيم بدل كنيم ايشانرا با مثال ايشان در خلقت يعنى ايشانرا بميرانيم ودر نشأت ثانيه بمانند همين صورت وهيأت برآريم. او المعنى وإذا شئنا بدلنا غيرهم ممن يطيع كقوله تعالى يستبدل قوما غيركم ففيه ترهيب فالمثلية باعتبار الصورة ولا ينافيها الغيرية باعتبار العمل والطاعة وإذا للدلالة على تحقق القدرة وقوة الداعية والا فالمناسب كلمة ان إذ لا تحقق لهذا التبديل قال القاشاني نحن خلقناهم بتعيين استعداداتهم وقويناهم بالميثاق الأزلي والاتصال الحقيقي وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا بأن نسلب أفعالهم بأفعالنا ونمحو صفاتهم بصفاتنا ونفنى ذواتهم بذاتنا فيكونوا ابدالا إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ اشارة الى السورة او الآيات القريبة اى عظة مذكرة لما لا بد منه فى تحصيل السعادة الابدية جعلت عين التذكرة مبالغة وفى عين المعاني تذكرة اى اذكار بما غفلت عنه عقولهم (وقال الكاشفى) يا معامله اهل بيت در بذل وإيثار عبرتيست مؤمنانرا تا بمثل آن عمل كنند واز مثل اين جزاها بهره يابند فَمَنْ پس هر كه شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا اى فمن شاء أن يتخذ اليه تعالى سبيلا اى وسيلة توصله الى ثوابه اتخذه اى تقرب اليه بالعمل بما فى تضاعيفها وقال ابن الشيخ فمن شاء النجاة من ثقل ذلك اليوم وشدته اختار سبيلا مقربا الى مرضاة ربه وهو الطاعة وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ تحقيق للحق وببيان أن مجرد مشيئتهم غير كافية فى اتخاذ السبيل كما هو المفهوم من ظاهر الشرطية وان مع الفعل فى حكم المصدر الصريح فى قيامه مقام الظرف والمعنى وما تشاؤن اتخاذ السبيل ولا تقدرون على تحصيله فى وقت من الأوقات الا وقت مشيئته تعالى تحصيله لكم إذ لا دخل لمشيئته العبد الا فى الكسب وانما التأثير والخلق لمشيئة الله تعالى غاية ما فى الباب ان المشيئة ليست من الافعال الاختيارية للعبد بل هى متوقفة على أن يشاء الله أياما وذلك لا ينافى كون الفعل الذي تعلقت به مشيئة العبد