الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اختياريا له واقعا بمشيئته وان لم تكن مشيئته مستقلة فيه وهو وهو الجبر المتوسط الذي يقول به اهل السنة ويقولون الأمر بين الامرين اى بين القدر والجبر فال فى عين المعاني قوله تعالى فمن شاء إلخ حجة تكليف العبودية وقوله تعالى وما تشاؤن إلخ اظهار قهر الالوهية إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً بيان لكون مشيئته تعالى مبنية على أساس العلم والحكمة والمعنى انه تعالى مبالغ فى العلم والحكمة فيفعل ما يستأهله كل أحد فلا يشاء لهم الا ما يستدعيه علمه وتقتضيه حكمته قال القاشاني وما تشاؤن الا بمشيئتى بأن أريد فتريدون فتكون ارادتكم مسبوقة بإرادتي بل عين إرادتي الظاهرة فى مظاهرهم ان الله كان عليما بما أودع فيهم من العلوم حكيما بكيفيته ايداعها وإبرازها فيهم بإظهار كمالهم يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ بيان لاحكام مشيئته المرتبة على علمه وحكمته اى يدخل فى رحمته من يشاء ان يدخله فيها وهو الذي يصرف مشيئته نحو اتخاذ السبيل اليه تعالى حيث يوفقه لما يؤدى الى دخول الجنة من الايمان والطاعة وَالظَّالِمِينَ وهم الذين صرفوا مشيئتهم الى خلاف ما ذكر أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً اى متناهيا فى الإيلام قال الزجاج نصب الظالمين لان ما قبله منصوب اى يدخل من يشاء فى رحمته ويعذب الظالمين ويكون اعدلهم تفسيرا لهذا المضمر وفى الآية اشارة الى إدخال الله بعض عباده فى رحمة معرفته واما بعض عباده وهم الظالمون الواضعون الضلالة فى مقام الهداية والجهالة فى مقام المعرفة فان الله أعد لهم عذاب الحجاب المؤلم للروح والجسم وايضا عذابا بالوقوف على؟؟؟
لوقوفهم مع الغير ثم على النار لوقوفهم مع الآثار وحتم الله السورة بالعذاب المعد يوم البعث والحشر ففيه حسن الخاتمة لموافقته الفاتحة على ما لا يخفى على اهل النفر والفهم تمت سورة الإنسان بعون ذى الإحسان يوم الثلاثاء الرابع من شهر الله المحرم من شهور سنة سبع عشرة ومائة وألف
تفسير سورة المرسلات
خمسون آية مكية استثنى منها وإذا قيل لهم اركعوا لآية بسم الله الرحمن الرحيم
وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً وَالنَّاشِراتِ نَشْراً فَالْفارِقاتِ فَرْقاً فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً الواو للقسم والمرسلات بمعنى الطوائف المرسلات جمع مرسلة بمعنى طائفة مرسلة باعتبار ان ملائكة كل يوم او كل عام او كل حادثة طائفة وعرفا بمعنى متتابعة من عرف الفرس وهو الشعرات المتتابعة فوق عنقه فهو من باب التشبيه لبليغ بأن شبهت لملائكة المرسلون فى تتابعهم بشعر عرف الفرس وانتصابه على الحالية اى جاريات بعضها اثر بعض كعرف الفرس او العرف بمعنى المعروف والإحسان نقيض النكر بمعنى المنكر اى الشيء القبيح فانهم ان أرسلوا للرحمة فظاهر وان أرسلوا لعذاب الكفار فذلك معروف للانبياء والمؤمنين يعنى ان عذاب الأعداء احسان للاولياء فانتصابه على العلية وعصفت الريح اشتدت وعصفا مصدر مؤكد وكذا نشرا وفرقا والفاء للدلة على اتصال سرعة جريهن فى نزولهن
وهبوطهن بالإرسال من غير مهلة وهى لعطف الصفة على الصفة إذ الموصوف متحد والنشر بمعنى البسط والعدول الى الواو فى الناشرات لانها غير المرسلات فالقسم الاول وصفهم الله بوصفين يتعقب أحدهما على الآخر والقسم الثاني وصفهم بثلاثة أوصاف كذلك والفرق الفصل والإلقاء هنا بمعنى الإيصال والانزال لا الطرح وذكرا بمعنى الوحى مفعول الملقيات وترتيب الإلقاء على ما قبله بالفاء ينبغى ان يكون لتأويله بارادة النشر والفرق وسيأتى تمامه اقسم الله بطوائف من الملائكة أرسلهن بأوامره بنحو التدبير وإيصال الأرزاق بالتصرف فى الأمطار والرياح وكتابة اعمال العباد بالليل والنهار وقبض الأرواح فعصفهن فى مضيهن يعنى سخت رفتند. عصف الرياح مسارعة فى الامتثال بالأمر وبطوائف اخرى نشرن أجنحتهن فى الجو عند انحطاطهن بالوحى او نشرن الشرائع فى الأقطار اى فرقن واشعن او نشرن النفوس الموتى بالكفر والجهل اى احيين بما اوحين ففرقن بين الحق والباطل فألقين ذكرا الى الأنبياء عُذْراً لاهل الحق اى معذرة لهم فى الدنيا والآخرة لاتباعهم الحق أَوْ نُذْراً لاهل الباطل لعدم اتباعهم الحق وعذرا مصدر من عذر إذا محا الاساءة ونذرا اسم مصدر من انذر إذا خوف لا مصدر لانه لم يسمع فعل مصدرا من افعل وانتصابهما على البدلية من ذكرا قال ابن الشيخ ان كان الذكر المبدل منه بمعنى جميع الوحى يكون عذرا او نذرا بدل البعض من الكل فان ما يتعلق بمغفرة المطيعين وتخويف المعاندين بعض من جملة الوحى وان أريد بالذكر المبدل منه ما يتعلق بسعادة المؤمن وشقاوة الكافر خاصة يكون بدل الكل من الكل فان إلقاء ما يتعلق بسعادة المؤمن متحد بالذات مع إلقاء عذره ومحو إساءته وكذا إلقاء ما يتعلق بشقاوة الكافر متحد مع إلقاء إنذاره على كفره انتهى او انتهى او انتصابهما على العليه للصفات المذكورة او للاخيرة وحدها وهو الاولى بمعنى فاللاتى ألقين ذكرا لمحو ذنوب المعتذرين الى الله بالتوبة والاستغفار ولتخويف المبطلين المصرين وفى كشف الاسرار لاجل الاعذار من الله الى خلقه لئلا يكون لاحد حجة فيقول لما يأتنى رسول ولاجل إنذارهم من عذاب الله وعن ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله عذرا او نذرا قال يقول الله يا ابن آدم انما امرضكم لا ذكركم وامحص به ذنوبكم واكفر به خطاياكم وربكم اعلم ان ذلك المرض يشتد عليكم وأنا فى ذلك معتذر إليكم قال بعضهم المعنى ورب المرسلات إلخ وفى الإرشاد لعل نقديم نشر الشرائع ونشر النفوس والفرق على الإلقاء اى مع ان الظاهر ان الفرق بين الحق والباطل يكون مع النشر لا بعده وان إلقاء الذكر الى الأنبياء متقدم على نشر الشرائع فى الأرض واحياء النفوس الموتى والفرق بين الحق والباطل فلا يظهر التعقيب بينهما للايذان بكونها غاية للالقاء حقيقة بالاعتناء بها او للاشعار بأن كلا من الأوصاف المذكورة مستقل بالدلالة على استحقاق الطوائف الموصوفة بها للتفخيم والإجلال بالاقسام بهن ولو جيئ بها على ترتيب الوقوع لربما فهم ان مجموع الإلقاء والنشر والفرق هو الموجب لما ذكر من الاستحقاق هذا وقد قيل فى هذا المقام غير ذلك لكن الحمل على الملائكة
أوجه وأسد لما ذكرنا فى المدثر أن المحققين على انه من الملائكة المرسلات والناشرات والملقيات وغير ذلك (قال فى كشف الاسرار) در روزگار خلافت عمر رضى الله عنه مردى بيامد از اهل عراق نام او صبيع واز عمر ذاريات ومرسلات پرسيد صبيغ عادت داشت كه پيوسته ازين معضلات آيات پرسيدى يعنى تا كه مردم در وفرو مانند عمر او را دره زد وكفت لو وجدتك مخلوقا لضربت الذي فيه عيناك يعنى اگر من ترا سر سترده يافتم من ترا كردن زدم عمر رضى الله عنه اين سخن را از بهر آن كفت كه از رسول خدا عليه السلام شنيده بود در صفت خوارج كه سيماهم التحليق كفت در امت من قومى خوارج پيدا آيند نشان ايشان آنست كه ميان سر سترده دارند پس عمر نامه نبشت با موسى الأشعري وكان أميرا على العراق كه يكسال اين صبيغ را مهجور داريد با وى منشينيد وسخن مكوييد پس از يكسال صبيغ توبه كرد وعذر خواست وعمر رضى الله عنه توبه وعذر وى قبول كرد شافعى رحمه الله كفت حكمى فى اهل الكلام كحكم عمر فى صبيغ قال فى القاموس صبيغ كامير بن عسيل كان يعنت الناس بالغوامض والسؤالات فنفاه عمر الى البصرة انتهى إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ جواب للقسم اى ان الذي توعدونه من مجيئ القيامة كأن لا محالة فانما هذه ليست هى الحصرية بل ما فيها موصولة وان كتبت متصلة فى خط المصحف والموعود هو مجيئ القيامة لان المذكور عقيب هذه الآية علامات يوم القيامة وقال الكلبي المراد ان كل ما توعدون به من الخير والشر لواقع نظرا الى عموم لفظ الموصول وفى التأويلات النجمية انما توعدون من يوم قيامة الفناء الكلى فى الله لواقع حاصل بالنسبة الى اهل المعرفة والشهود وارباب الذوق والوجود واما بالنسبة الى اهل الحجاب والاحتجاب فسيقع ان كانوا مستعدين لرفع الحجاب وكشف النقاب والى هذا الوقوع المحقق أشار بقوله كل شىء هالك الا وجهه اى فى الحال وبقوله كل من عليها فان اى فان فى عين البقاء إذا لمقيد مستهلك فى اطلاق المطلق استهلاك نور الكواكب فى نور الشمس واستهلاك اعتبارات النصفية والثلثية والربعية فى الاثنين والثلاثة والاربعة ثم اخبر عن ظهور آثار يوم القيامة وحصول دلائلها لاهل الشقاوة بقوله فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ محيت ومحقت ذواتها فان الطمس محو الأثر الدال على الشيء وهو الموافق لقوله وإذا الكواكب انتثرت او ذهب بنورها والاول اولى لانه لا حاجة فيه الى الإضمار والنجوم مرتفعة بفعل يفسره ما بعده او بالابتداء وطست خبره والاول اولى لان إذا فيها معنى الشرط والشرط بالفعل اولى ومحل الجملة على الاعرابين الجر بإذا وجواب إذا محذوف والتقدير فاذا طمست النجوم وقع ما توعدون او بعثتم او جوزيتم على أعمالكم وحذف لدلالة قوله انما توعدون لواقع عليه وفيه اشارة الى محق نجوم الحواس العشر الظاهرة والباطنة عن ادراك الحقائق عند طلوع الشمس الحقيقة وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ صدعت من خوف الرحمن وشققت ووقعت فيها الفروج التي نفاها بقوله ومالها من فروج وفتحت فكانت أبوابا بالفرج الشق وكل مشقوق فرج وبالفارسية وآنگاه كه آسمان شكافته
كردد. وفيه اشارة الى صدع سماء الأرواح وشقها عند سطوات التجليات الجلالية وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ جعلت كالحب الذي ينسف بالمنسف وهو ما ينفض به الحب ويذرى ونحوه وبست الجبال بسا فالنسف والبس بالفارسية پراكنده كردن وداميدن.
وفيه اشارة الى تلاشى جبال الخيالات والأوهام الفاسدة الكاسدة عند بوادي المشاهدات وهوادى المعاينات وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ اى عين لهم الوقت الذي يحضرون فيه للشهادة على أممهم وذلك عند مجيئه وحضوره إذ لا يتعين لهم قبل حصوله فان علم ذلك الى الله تعالى يعنى ان تبيين وقت حضورهم لهم من جملة علامات القيامة من حيث ان ذلك التعيين والتبيين لم يكن حاصلا فى الدنيا لعدم حصول الوقت فيقال لهم عند حصوله احضروا للشهادة فقد جاء وقتها او المعنى وإذا الرسل بلغوا الميقات الذي كانوا ينتظرونه وهو يوم القيامة فان التوقيت كما يجيئ بمعنى تحديد الشيء وتعيين وقته فكذا يجيئ بمعنى جعل الشيء منتهيا الى وقته المحدود وعلى المعنى الاول لا يقع على الذوات يدون إضمار فان الموقت هو الأحداث لا الجثث فلا يقال زيد موقت الا ان يراد موقت حضوره وكذا توقيت الرسل انما هو بالنسبة الى حضورهم لا بالنسبة الى ذواتهم لان الذوات قارة لا يعتبر فيها تعيين بخلاف الزمانيات المتجددة هكذا قالوا وقال سعدى المفتى وفى وقوعه على المعنى الثاني على الجثث بدون إضمار بحث ظاهر وان ذهب اليه صاحب الكشف ونحوه وقرأ أبو عمرو وقتت على الأصل لانه من الوقت والباقون ابدلوا الواو همزة لان الضمة من جنس الواو فالجمع بينهما يجرى مجرى الجمع بين المثلين فيكون ثقيلا ولهذا السبب تستثقل الكسرة على الياء ولم تبدل فى نحو ولا تنسوا الفضل بينكم لان ضمة الواو ليست بلازمة فيه وفى كشف الاسرار الالف والواو لغتان والعرب تبدل الالف من الواو تقول وسادة واسادة وكتاب مورخ ومؤرخ وقوس موتر ومؤتر وفى الآية اشارة الى رسل القلب والسر وتعيين وقت شهادتهم على امة الأعضاء والجوارح لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ مقدر بقول هو جواب لاذا فى قوله وإذا الرسل أقتت اى يقال لاى يوم أخرت الأمور المتعلقة بالرسل اى بجمعهم وإحضارهم كما قال تعالى يوم يجمع الله الرسل والمراد تعظيم ذلك اليوم والتعجيب من هوله قال القاشاني وإذا الرسل اى ملائكة الثواب والعقاب عينت وبلغت ميقاتها الذي عين لها اما لايصال البشرى والروح والراحة واما لايصال العذاب والكرب والذلة ليوم عظيم أخرت عن معاجلة الثواب والعقاب فى وقت الأعمال ورسل البشر وهم الأنبياء عينت وبلغت ميقاتها الذي عين لهم فيه الفرق بين المطيع والعاصي والسعيد والشقي فان الرسل يعرفون كلا بسيماهم لِيَوْمِ الْفَصْلِ بيان ليوم التأجيل وهو اليوم الذي يفصل فيه بين الخلائق ويقضى بالحقوق ويحكم بين المحسن والمسيئ ويميز بين ارباب شهود الوحدة الذاتية وبين اصحاب شهود الكثرة الاسمائية والصفاتية وقال بعضهم يفصل فيه بين الحبيب وحبيبه الا من كان معاملته لله فى الله وبين الرسل وامه وأبيه وأخيه الا ان يكونوا متفقين على الحق والعدل وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ ما مبتدأ ادراك خبره
اى اى شىء جعلك داريا وعالما ما هو وما كنهه إذ لم تر مثله وكذا لم ير أحد قبلك شدته حتى تسمع منه (قال الكاشفى) و چهـ چيز دانا كرد ترا كه چيست روز فصل چهـ كنه او را نتوان دانست. فوضع موضع الضمير ليوم الفصل لزيادة تفظيع وتهويل على ان ما خبر ويوم الفصل مبتدأ لا بالعكس كما اختاره سيبويه لان محط الفائدة بيان كون يوم الفصل أمرا بديعا هائلا لا يقادر قدره ولا يكتنه كنهه كما يفيده خبرية ما لا بيان كون امر بديع من الأمور يوم الفصل كما يفيده عكسه وَيْلٌ واى يَوْمَئِذٍ اى فى ذلك اليوم الهائل لِلْمُكَذِّبِينَ بيوم يفصل فيه الرحمن بين الخلائق اى الويل والهلاك ثابت فيه لهم والويل فى الأصل مصدر منصوب ساد مسد فعل لا من لفظه فأصله أهلكه الله إهلاكا او هلك هو هلا كاعدل به الى الرفع للدلالة على ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه ويومئذ ظرفه او صفته ووضع الويل موضع الإهلاك او الهلاك فجاز وقوعه مبتدأ مع كونه نكرة فانه لما كان مصدرا سادا مسد فعله المتخصص بصدوره عن فاعل معين كانت النكرة المذكورة متخصصة بذلك الفاعل فساغ الابتداء بها لذلك كما قالوا فى سلام عليك وقال بعضهم الويل واد في جهنم لو أرسلت فيه الجبال لماعت من حره اى ذابت وقال الجنيد قدس سره الويل يومئذ لمن كان يدعى فى الدنيا الدعاوى الباطلة أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ كقوم نوح وعاد وثمود وغيرهم ممن هلكوا قبل بعثة سيد المرسلين عليه السلام وذلك لتكذيبهم بيوم الفصل وهو استئناف انكار لعدم الإهلاك اثباتا وتقريرا له لان نفى النفي يثبت الإثبات ويحقق الإهلاك فكأنه قيل لم يكن عدم الإهلاك بل قد أهلكناهم ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ وهم الذين كانوا بعد بعثته عليه السلام وهو بالرفع على ثم نحن نتبعهم الآخرين من نظرائهم السالكين لمسلكهم فى الكفر والتكذيب اى نجعلهم نابعين للاولين فى الإهلاك فليس الكلام معطوفا على ما قبله لان العطف يوجب ان يكون المعنى أهلكنا الأولين ثم اتبعناهم الآخرين فى الإهلاك وليس كذلك لان إهلاك الا آخرين لم يقع بعد فلذلك رفع نتبع على ان يكون مقطوعا عما قبله ويستأنف به الكلام على وجه الاخبار عما سيقع فى المستقبل بإضمار المبتدأ وفيه وعيد لكفار مكة كَذلِكَ اى فعلا مثل ذلك الفعل الذي اخبر به فمحل الكاف النصب على انه نعت لمصدر محذوف نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ بكل من أجرم اى سنتنا جارية على ذلك وفيه تحذير من عاقية الجرم وسوء اثره وَيْلٌ مكروهى بزرك يَوْمَئِذٍ يوم إذا هلكناهم لِلْمُكَذِّبِينَ بآيات الله وأنبيائه وليس فيه تكرير لما ان الويل الاول لعذاب الآخرة وهذا لعذاب الدنيا وفى برهان القرآن كررها فى هذه السورة عشر مرات لان كل واحدة منها ذكرت عقيب آية غير الاولى فلا يكون تكرارا مستهجنا ولو لم يكرر كان متوعدا على بعض دون بعض وقيل ان من عادة العرب التكرار والاطناب كما ان عادتهم الاقتصار والإيجاز ولان بسط الكلام فى الترغيب والترهيب ادعى الى ادراك البغية من الإيجاز وقد يجد كل أحد فى نفسه من تأثير التكرار ما لا خفاء به أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ اى ألم نحدثكم واتفق القراء على ادغام القاف فى لكاف فى هذا الحرف وذكر النقاش انه فى قراءة ابن كثير
ونافع برواية قالون وعاصم فى رواية حفص بالإظهار قاله فى الإيضاح مِنْ ماءٍ مَهِينٍ بهوان الحدوث والإمكان والابتذال اى من نطفة قذرة مهينة يعنى خوار وبى مقدار. والميم اصلية ومهانته قلته وخسته وكل شىء ابتذلته فلم تصنه فقد امتهنته اى خلقناكم منه ولذا عطف عليه قوله فَجَعَلْناهُ اى الماء وبالفارسية پس نكاه داشتيم آن آب را فِي قَرارٍ مَكِينٍ وهو الرحم بكسر الحاء المهملة اى وعاء الولد فى بطن الام يعنى در قرارگاه استوار كه رحم است. فالقرار موضع الاستقرار والمكين الحصين اى جعلنا ذلك الماء فى مقر حصين يتمكن فيه الماء محفوظا سالما من التعرض له فمكين من المكانة بمعنى التمكن لا منها بمعنى المنزلة والمرتبة من الكون يقال رجل مكين فى مكة اى متمكن فيها ومكين عند الأمير اى ذو منزلة ومرتبة عنده فيكون فعيلا لا مفيلا إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ اى مقدار معلوم من الوقت الذي قدره الله للولادة تسعة أشهر او اقل منها او اكثر وهو فى موضع الحال من الضمير المنصوب فى فجعلناه اى مؤخرا الى مقدار معلوم من الزمان فَقَدَرْنا اى فقدرناه والمراد تقدير خلقه وجوارحه وأعضائه وألوانه ومدة حمله وحياته ويدل على كون قدر المخفف لغة بمعنى قدر المشدد قراءة نافع والكسائي بالتشديد فَنِعْمَ الْقادِرُونَ اى نحن بمعنى المقدرون والى هذا المعنى ذهب ابن مسعود رضى الله عنه ويجوز ان يكون فقدرنا من القدرة بمعنى فقدرنا على ذلك اى على خلقه ونصويره كيف شئنا وأردنا من مثل تلك المادة الحقيرة على ان المراد بالقدرة ما يقارن وجود المقدور بالفعل ويعضده قوله فنعم القادرون حيث خلقناه بقدرتنا وجعلنا على أحسن الصور والهيئات وَيْلٌ بزركتر بلايى يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ اى بقدرتنا على ذلك او على الاعادة قال أبو الليث اى الشدة من العذاب لمن يرى الخلق الاول فانكر الخلق الثاني أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً عرفهم او لانعمه الانفسية لانها كالاصل ثم اتبعها النعم الآفاقية والكفت باهم آوردن. والكفات اسم ما يكفت اى يضم ويجمع من كفت الشيء إذا ضمه وجمعه كالضمام لما يضم والجماع لما يجمع نحو التقوى جماع كل خير والخمر جماع كل إثم وكفاتا مفعول ثان لنجعل لانه بمعنى ألم نصيرها كفاتا تكفت وتضم أَحْياءً كثيرة على ظهرها فهو منصوب بفعل مضمر يدل عليه كفاتا وهو تكفت والا فالاسماء الجامدة وكذا اسماء الزمان والمكان واصلة وان كانت مشتقة لا تعمل وفى اسم المصدر خلاف واما المصدر وجمع اسم الفاعل فهما من الأسماء العاملة فمن جعل الكفات مصدرا او جمع اسم الفاعل وهو كافت كصيام جمع صائم جعله عاملا ومن جعله اسما لمن بكفت او جمعا للكفت بمعنى الوعاء منعه من العمل غير الزمخشري فانه جعل كفاتا وهو اسم عاملا وقد طعن فيه وَأَمْواتاً غير محصورة فى بطنها ولهذا كانوا يسمون الأرض اما تشبيها لها بالأم فى ضمها للناس الى نفسها احياء وأمواتا كالام التي تضم أولادها إليها وتضبطهم ولما كانوا ينضمون إليها جعلت كأنها تضمهم وايضا كما ان الأرض كفات الاحياء بمعنى انهم يسكنون فيها كذلك انها كفات لهم بمعنى انها تكفت ما ينفصل من الاحياء من الأمور المستقذرة وتنكيرهما فى معنى التعريف الاستغراقى لا لافراد والنوعية ويجوز أن يقال الأرض
وان كانت كفاتا لجميع احياء الانس وأمواتهم لكن الاحياء والأموات غير منحصرة فيها لان بعض الحيوان يكفته الهولء والبعض الآخر يكفته الماء فلا تكون كفاتا للجميع بل للبعض فيصح التنكير ونقل عن القفال انه قال دلت الآية على وجوب قطع يد النباش من حيث انه تعالى جعل الأرض كفات الميت فتكون حرز او السارق من الحرز يجب عليه القطع وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ اى جبالا ثوابت يعلى وبيافريديم در زمين كوههاى استوار و پاى برجا. فمفعول جعلنا مقدر ورواسى صفة له من رسا الشيء يرسو اى ثبت والجبال ثوابت على ظهر الأرض لا نزول شامِخاتٍ صفة بعد صفة والشامخ العالي المرتفع اى طوالا شواهق يعنى بلند وسرفراز ومنه شمخ بأنفه عبارة عن الكبر وفى عين المعاني رواسى اى ثوابت الأصول رواسخ العروق شامخات اى مرتفعات الفروع ووصف جمع المذكر بجمع المؤنث فى غير العقلاء مطرد كاشهر معلومات ونحوه والتنكير للتفخيم او للاشعار بأن ما يرى على ظهر الأرض من الجبال بعض منها وان فى عداد الجبال ما لم يعرف ولم يرفان السماء فيها جبال ايضا بدلالة قوله تعالى من جبال فيها من برد وَأَسْقَيْناكُمْ وبياشامانيديم شما را ماءً فُراتاً اى عذبا جدا بأن خلقنا فيها أنهارا ومنابع اى جعلناه سقيا لكم ومكناكم من شربه وكذا من سقيه دوابكم ومزارعكم وسمى نهر الكوفة فراتا للذته وقال ابو الليث ماء عذبا من السماء ومن الأرض يقال الفرات للواحد والجمع وتاؤه اصل والتنكير للتفخيم او لافادة التبعيض لان فى السماء ماء فراتا ايضا بل هى معدنه ومصبه وَيْلٌ واد في جهنم يَوْمَئِذٍ در ان روز خطرناك لِلْمُكَذِّبِينَ بامثال هذه النعم العظيمة انْطَلِقُوا اى يقال يومئذ للمكذبين بطريق التوبيخ والتقريع انطلقوا واذهبوا والقائلون خزنة النار وزبانية جهنم إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ فى الدنيا من العذاب وبه متعلق بتكذبون قدم لرعاية نظم الآية انْطَلِقُوا خصوصا إِلى ظِلٍّ اى الى ظل دخان نار جهنم كقوله تعالى وظل من يحموم اى دخان غليظ اسود ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ جمع شعبة يعنى خداوند سه شاخ يتشعب لعظمه ثلاث شعب كما هو شأن الدخان العظيم تراه يتفرق ذوآئب فقوله ذى ثلاث شعب كناية عن كون ذلك الدخان عظيما بناء على ان التشعب من لوازمه وقيل يخرج لسان من النار فيحيط بالكفار كسرادق وهو ما يمد فوق صحن البيت ويتشعب من دخانها ثلاث شعب فتظلهم حتى يفرغ من حسابهم والمؤمنون فى ظل العرش قال القاضي أخذا من التفسير الكبير خصوصية الثلاث اما لان حجاب النفس عن أنوار القدس الحس والخيال والوهم أو لأن المؤدى الى هذا العذاب هو القوة الوهمية الشيطانية الحالة فى الدماغ المشوشة للنفس عن ادراك الحقائق والقوة الغضبية السبعية التي عن بمين القلب الدافعة للنفس عن القيام على حق الاعتدال والقوة الشهوية البهيمية التي عن يساره المانعة للنفس عن الاتصاف بالأوصاف الالهية ولذلك قيل تقف شعبعة فوق الكافر وشعبة عن يمينه وشعبة عن يساره فجميع ما يصدر عن الإنسان من العقائد الفاسدة والأعمال الباطلة لا ينشأ الا من هذه القوى الثلاث الواهمة والغضبية والشهوية فهذه الثلاث لما كانت منبع جميع الآفات الصادرة عن
الإنسان تشعبت شعب العذاب على حسبها. پس هر كه خواهد كه فردا ازين دخان كه ظل من يحموم اشارت بدانست ايمن كردد امروز بنور عقل متمسك شده از تيركى صفت شيطانى وسبعى وبهيمى ببايد كذشت
ز تاريكى خشم وشهوت حذر كن
…
كه از دود آن چشم دل تيره كردد
غضب چون در آمد رود عقل بيرون
…
هوى چون شود چيره جان خيره گردد
ويحتمل أن تكون الخصوصية لتضييعهم القوى الثلاث التي هى السمع والبصر والفؤاد كما قال تعالى وجعل لكم السمع والابصار والافئدة قليلا ما تشكرون فشكرها ودعابتها مبدأ السعادات وعدم محافظتها واتلافها منشأ الشقاوات. يقول الفقير عندى وجه آخر وهو أن الايمان عبارة عن التصديق والإقرار وللعمل فجعلت كل شعبة من الثلاث بمقابلة واحدة من هذه الأركان دل على هذا قوله تعالى انطلقوا الى ما كنتم به تكذبون فأورد التكذيب الذي هو صفة القلب فان القلب لكونه مدارة الأعضاء والقوى إذا فسد فسد اللسان وسائر الأركان فالتكذيب ظلمة باطنة للقلب ضوعفت بظلمة ترك الإقرار والعمل فلما تضاعفت الظلمات الباطنة فى الدنيا تضاعفت الظلمات الظاهرة فى الآخرة لان لكل عمل وصفة صورة شخصية جسدانية يوم القيامة لا ظَلِيلٍ أخذ من الظل للتأكيد كنوم نائم اى لا يظل من الحر وتوصيف الظل بأنه لا يظل من حر ذلك اليوم وهو حر النار للدلالة على ان تسمية ما يغشاهم من العذاب بالظل استهزاء بهم فان شأن الظل أن يدفع عمن يستظل به مقاساة شدة الحر وأنه ينفعه ببرده ونسيمه والذي أمروا بالانطلاق اليه يضاعف عليهم ما هم فيه من الحر والعذاب فضلا عن أن يستريحوا ببرده أورد لما أوهمه لفظ الظل من الاسترواح كما مر فى الواقعة وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ اى غير مغن لهم من حر اللهب كما يغنى ظل الدنيا من الحر فقوله لا ظليل فى موضع الجر على انه صفة لظل ولفظ غير مانع للصفتية اى ظل غير ظليل وغير مغن ومفعول بغنى محذوف هو شيأ ومن لبيانه ويغنى من اغنى عنى وجهه اى أبعده لان الغنى عن الشيء يباعده كما ان المحتاج اليه يقربه فصح أن يعبر باغناء شىء عن شىء عن ابعاده عنه فكان المعنى ان هذا الظل لا يظلكم من حر الشمس ولا يدفع عنكم لهب النار واللهب ما يعلو على النار إذا اضطرمت من أحمر وأصفر وأخضر وفى التأويلات النجمية ظل الروح وظل القلب ظل ظليل ممدود نفعه واثره وروحه لا ظل النفس والهوى وقال بعضهم ظل شجرة النفس الخبيثة المنقطعة عن نور الوحدة بظلمة ذاتها ليس بظليل كظل شجرة طوبى فلا يفيد الروح والراحة بخلاف صل شجرة النفس الطيبة المنورة بنور الوحدة الغير المنشعبة الى الشعب المختلفة المتضادة كالشيطانية والسبعية والبهمية إِنَّها اى الشعب لانها هى المذكورة لا النار تَرْمِي بِشَرَرٍ مى افكند در آن روز شرارها را كه هر شراره كَالْقَصْرِ مانند كوشكى عظيم. اى كل شررة كقصر من القصور فى عظمها كما دل على هذا التفسير قوله كأنه جمالة صفر فالشرر جمع شررة وهى ما تطاير من النار
فى الجهات متفرقا كالنجوم كما قال فى القاموس الشرار والشرر ككتاب وجبل ما يتطاير من النار واحدتهما بهاء انتهى وكالقصر فى موضع الصفة للشرر والقصر مفرد وهو البناء العالي ووصف به الجمع باعتبار كل واحد من آحاده والقصر ايضا الحطب الجزل ولذا قال ابن عباس رضى الله عنهما فى تفسير الآية هى الخشب العظام المقطعة وكنا نعمد الى الخشب فنقطعها ثلاثة اذرع وفوق ذلك ودونه تدخرها للشتاء فكنا نسميها القصر اى لكونها مقصورة مقطوعة من الممدودة الطويلة تأمل فى ان نارا دخانها وشررها هكذا فما بالك بحال أهلها كَأَنَّهُ اى الشرر وفى فتح الرحمن كأنه اى النار ثم رد الضمير الى لفظ النار دون معناها فقال كأنه جِمالَتٌ صُفْرٌ جمع جمل كحجارة فى جمع حجر والتاء لتأنيث الجمع او اسم جمع كالحجارة والجمل ذكر الإبل والناقة انثاه وإذا لم يكن فى جماعة الإبل أنثى يقال جمالة بالكسر والصفر جمع اصفر والصفرة لون من الألوان التي بين السواد والبياض وهى ان البياض أقرب ولذلك قد يعبر بها عن السواد والمعنى كأن كل شررة جمل أصفر أو كجمل اسود لان سواد الإبل يضرب الى الصفرة كما قيل لبعض الظباء آدم لان بياضها تعلوه كدرة ولان صفر الإبل يشوب رؤوس اشعارها سواد وفى الحديث (شرار جهنم اسود كالقير) فالاول وهو التشبيه بالقصر تشبيه فى العظم والثاني وهو التشبيه بالجمل فى اللون والكثرة والتتابع والاختلاط والحركة وفى المفردات قوله تعالى كأنه جمالة صفر قيل جمع أصفر وقيل بل أراد به الصفر المخرج من المعادن ومنه قيل للنحاس صفر وفى التأويلات النجمية كل صفة من الأوصاف البهيمية والسبعية والشيطانية بحسب الغلظة والشدة كالقصور المرتفعة والبروج المشيدة او كأنه جمالة صفر عظيمة لهيكل طويلة الأشر من شدة قوة النار فى ذلك الشرر وهى القوة الغضبية وَيْلٌ مشقت بسيار يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بأهوال يوم القيامة وأحوال العصاة فيه (وقال الكاشفى) مر دروغ زنانراست كه مشقت دوزخ وشرارهاى آنرا باور ندارند هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ اشارة الى وقت دخولهم النار ويوم مرفوع على انه خبر هذا اى هذا يوم لا ينطقون فيه بشئ لما ان السؤال والجواب والحساب قد انقضت قبل ذلك وايضا يوم القيامة يوم طويل له مواطن ومواقيت ينطقون فى وقت دون وقت فعبر عن كل وقت بيوم اولا ينطقون بشئ ينفعهم فان ذلك كلا نطق قال القاشاني لا ينطقون لفقدان آلات النطق وعدم الاذن فيه بالختم على الأفواه وقال بعضهم لا ينطقون من شدة تحيرهم وقوة دهشتهم وقال أبو عثمان رحمه الله أسكتهم هيبة الربوبية وحياء الذنوب كما قال الشيخ سعدى رحمه الله
سر ار جيب غفلت بر آور كنون
…
كه فردا نماند بخجلت نكون
وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ ودستورى ندهد مر ايشانرا در اعتذار فَيَعْتَذِرُونَ عطف على يؤذن منتظم فى سلك النفي اى لا يكون لهم اذن واعتذار متعقب له من غير أن يجعل الاعتذار مسببا عن الاذن كما لو نصب والنصب يوهم ان لهم عذرا وقد منعوا من ذكره
وهو خلاف الواقع إذ لو كان لهم عذر لم يمنعوا واى عذر لمن اعرض عن منعمه وكفر بأياديه ونعمه وَيْلٌ كرب واندوه يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ بهذه الاخبار وبما جاء من الحق الواقع البتة هذا اليوم الذي شاهدتم أهواله وأحواله يَوْمُ الْفَصْلِ بين الحق والباطل وقال البقلى هذا يوم مفارقة النفس والشيطان عن جوار قلب العارف وانفصال كل شىء عن كل محب غير محبوبه حيث استغرق فى جوده وشهوده ووجوده جَمَعْناكُمْ يا امة محمد وَالْأَوَّلِينَ من الأمم وهذا تقرير وبيان للفصل إذ الفصل بين المحق والمبطل والرسل لا يتحقق الا بجمع الكل فلا بد من إحضارهم لا سيما عند من لا يجوز القضاء على الغائب فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ حيلة تدفعون بها عنكم العذاب والظاهر أن هذا خطاب من الله للكفار فَكِيدُونِ أصله فكيدونى حذف ياء المتكلم اكتفاء بالكسرة والنون للوقاية وهو أمر من كاد يكيد كيدا وهو المكر والاحتيال والخديعة والمعنى واحتالوا لأنفسكم وتخلصوا من عذابى ان قدرتم فان جميع من كنتم تقلدونهم وتقتدون بهم حاضرون يعنى حيله با خداى پيش نرود وبمكر ودستان عذاب از خود دفع نتوانيد كرد
بمكر وحيله عذاب خداى رد نشود
…
نياز بايد واخلاص وناله سحرى
توان خريد بيك آه ملك هر دو جهان
…
از ان معامله غافل مشو كه حيف خورى
وهذا امر اهانة وخطاب تعجيز وتقريع لهم على كيدهم للمؤمنين فى الدنيا وتخجيل لهم بأنهم كانوا فى الدنيا يدفعون الحقوق عن أنفسهم ويبطلون حقوق الناس بضروب الحيل والمكايد والتلبيسات فخاطبهم الله حين علموا ان الحيل منقطعة والتلبيسات غير ممكنة بقوله فان كان لكم كيد فكيدون لما ذكر من التقريع والتخجيل ولاظهار عجزهم عن الكيد فان مثل هذا الكلام لا يتكلم به الا من تيقن بعجز مخاطبه عما هو بصدده وفى بعض التفاسير اى فان وجد كيد نافع لكم على ان لكم متعلق بكان او نافعالكم على انه حال من كيد وَيْلٌ غم وغصة يَوْمَئِذٍ در ان روز هولناك لِلْمُكَذِّبِينَ حيث ظهر أن لا حيلة لهم فى الخلاص من العذاب إِنَّ الْمُتَّقِينَ من الكفر والتكذيب لانهم فى مقابلة المكذبين ففيه رد على المعتزلة فِي ظِلالٍ جمع ظل كشعاب وشعب او ظلة كقباب وقبة اى فى ظلال ظليلة على الحقيقة كما يدل عليه الإطلاق يعنى لا كظل المكذبين وبالفارسية در سايهاى درختان بهشت باشند. قال بعضهم الظاهر انه اخبار عن كونهم تحت أشجار مثمرة لهم فى جنانهم. يقول الفقير الأظهر أن كونهم فى ظلال كناية عن راحتهم العظمى لان الظل للراحة وكذا قوله تعالى وندخلهم ظلا ظليلا ونحوه وانما ذكر الله الظل تشويقا للقلوب لان من البلاد ما هى حارة قليلة المباه والأشجار والظلال وَعُيُونٍ عذبة دافعة عنهم العطش وبالفارسية وبر كنار چشمهاى آب وَفَواكِهَ اى ألوان الفاكهة يعنى ودر ميان ميوها مِمَّا يَشْتَهُونَ
ويتمنون يعنى از آنچهـ آرزو كنند. فيتناولونها لا عن جوع وامتلاء بل عن شهوة وتلذذ والحاصل انهم مستقرون فى فنون الترفه وانواع التنعم خلاف ما عليه مخالفوهم كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ مقدر بقول هو حال من ضمير المتقين فى الخبر أي مقولا لهم كلوا من نعم الجنة وثمراتها واشربوا من مائها وشرابها أكلا وشربا هنيئا سائغا رافها بلا داء ولا تخمة بسبب ما كنتم تعملونه فى الدنيا من الأعمال الصالحة خصوصا الصيام كما مضى فى الحاقة وهذا أمر إكرام إظهارا للرضى عنهم والمحبة لهم تمسك القائلون بايجاب العمل للثواب بالباء السببية والجواب ان السببية انما هى بفضل الله ووعده الذي لا يخلف لا بالذات بحيث يمتنع عدمه او يوجب النقص او الظلم إِنَّا كَذلِكَ الجزاء العظيم نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ اى فى عقائدهم وأعمالهم لاجزاء أدنى منه وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ حيث نال أعداؤهم هذا الثواب الجزيل وهم بقوا فى العذاب المخلد الوبيل (وقال الكاشفى) جهل وقبح وذم مراهل تكذيب راست كه بنعيم بهشت نمى گروند. وفى التأويلات النجمية ان المتقين بالله عما سواه اى المتقين بنور الوحدة عن ظلمة الكثرة وبنور المعرفة عن ظلمية النكرة فى ظلال الأوصاف الالهية والأخلاق الربانية وعيون من مياه العلوم والحكم وفواكه مما يشتهون من التجليات الروحانية والتنزلات النورانية كلوا من أطعمة المواهب الهنية واشربوا من أشربة المشارب التوحيدية هنيئا بما كنتم تعملون من الأعمال الصالحة والافعال الحسنة انا كذلك نجزى المحسنين المشاهدين لجمالنا المطلق ويل يومئذ للمكذبين بإحسان الجزاء وجزاء الإحسان كُلُوا اى مكذبان از نعيم فانئ دنيا وَتَمَتَّعُوا تمتعا قَلِيلًا او زمانا قليلا يعنى عيشوا مدة قليلة الى منتهى آجالكم لان زمان الدنيا قليل كمتاعها وبالفارسية وبرخوردار شويد زمانى اندك إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ كافرون مستحقون للعذاب وبالفارسية بدرستى كه شما مشركانيد وعاقبت شما را عذاب دائمست. قوله كلوا إلخ مقدر بقول هو حال من المكذبين قال فى الكواشي لا أحب الوقف على المكذبين ان نصبت كلوا حالا منه والمعنى الويل ثابت لهم مقولالهم ذلك نذكيرا لهم بحالهم فى الدنيا بما جنوا على أنفسهم من إيثار المتاع الفاني عن قريب على النعيم الخالد فلا يرد كيف يقال لهم ذلك ولا تمتع لهم فيها يعنى ان هذا القول لهم فى الآخرة لا يكون لطلب الاكل والتمتع منهم بنعيم الدنيا حقيقة لعدم إمكانه بل انما يقال لهم للتذكير المذكور فيكون الأمر امر توبيخ وتحسير وتحزين وعلل ذلك باجرامهم دلالة على ان كل مجرم مآله هذا اى ليس له الا الاكل والتمتع أياما قلائل ثم البقاء فى الهلاك الابدى وَيْلٌ واى يَوْمَئِذٍ در ان روز جزا لِلْمُكَذِّبِينَ حيث عرضوا أنفسهم للعذاب الدائم بالتمتع القليل وفى التأويلات النجمية انكم مجرمون اى كاسبون الهيئات الردية والملكات الغير المرضية ويل يومئذ للمكذبين بأن الأوصاف الحميدة أفضل من الأخلاق الذميمة وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اى للمكذبين ارْكَعُوا اى أطيعوا الله واخشعوا وتواضعوا له بقبول وحيه واتباع دينه وارفضوا هذا الاستكبار والنخوة لان الركوع والانحناء لاحد تواضع له وتعظيم والسجود أعظم منه فى التواضع والتعظيم ومن ذلك قالوا
ان السجود لغير الله كفر ان كان للعبادة وخطر عظيم ان كان للتعظيم وفى حواشى ابن الشيخ لركوع فى اللغة حقيقة فى مطلق الانحناء الحسى وركوع الصلاة من جملة افراده وتفسيره بالاطاعة والخضوع مجاز لغوى تشبيها له بالانحناء الحسى لا يَرْكَعُونَ لا يخشعون ولا يقبلون ذلك ويصرون على ما هم عليه من الاستكبار وقيل إذا أمروا بالصلاة او بالركوع لا يفعلون إذ روى انه نزل حين امر رسول الله عليه السلام ثقيفا بالصلاة فقالوا انا لا نخر ولا نجبى اى لا نقوم قيام الراكع فانها سبة علينا اى ان هيئة التجبية هيئة تظهر وترفع فيها السبة وهى الاست اى الدبر وهو عار وعيب علينا فقال عليه السلام لا خير فى دين ليس فيه ركوع ولا سجود وفى بعض التفاسير كانوا فى الجاهلية يسجدون للاصنام ولا يركعون لها فصار الركوع من اعلام صلاة المسلمين لله تعالى وفيه دلالة على ان الكفار مخاطبون بالفروع فى حق المؤاخذة فى الآخرة كما سبق مرارا (قال الكاشفى) مراد آنست كه مسلمان نشوند چهـ ركن أعظم اسلام بعد از شهادتين نماز است. وفيه ذم عظيم لتارك الصلاة حيث لا يجيب داعى الله اى المؤذن فانه يدعو فى الأوقات الخمسة المؤمنين الى بيت الله واقامة الصلاة وقس عليه سائر الداعين وفى التأويلات النجمية وإذا قيل لهم اركعوا اى أفنوا عن اللذات الحيوانية وابقوا باللذات الروحانية إذ هى مناجاة الروح والسر مع الله ولا ألذ منها وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ نفرين آن روز بر دروغ زنانراست كه ركوع وسجود را تكذيب كنند وبشرف اسلام نمى رسند فَبِأَيِّ حَدِيثٍ اى خبر يخبر بالحق وينطق بما كان وما يكون على الصدق بَعْدَهُ اى بعد القرآن الناطق بأحاديث الدارين واخبار النشأتين على نمط بديع معجز مؤسس على حجج قاطعة وبراهين ساطعة يُؤْمِنُونَ إذا لم يؤمنوا به اى القرآن الجامع لجميع الأحاديث فقوله فبأى إلخ جواب شرط محذوف وكلمة بعد بمنزلة ثم فى إفادة التراخي الرتبى اى فاذا لم يؤمنوا به وهو موصوف بما ذكر فبأى كتاب يؤمنون ختم السورة بالتعجيب من الكفار لان الاستفهام للتعجيب وبين انهم فى أقصى درجات التمرد والعناد حيث لم ينقادوا لمثل هذا البرهان الباهر والدليل القاطع على حقية الدين القويم من حيث كونه فى ارفع درجات الفصاحة والبلاغة وفى أقصى طبقات الاعجاز. در خبر آمده كه بعد از خواندن اين آيت بايد كفت آمنا به استدل بعض المعتزلة على ان القرآن ليس بقديم بقوله تعالى حديث إذ الحديث ضد القديم لان الحدوث والقدم لا يجتمعان فى شىء واحد ورد بأن الحديث هنا بمعنى الخبر لا بمعنى الحادث ولو سلم فالعبارة لا تدل على ان القرآن محدث لاحتمال أن يكون المراد فبأى حديث بعد القديم يؤمنون ولو سلم فانما يدل على حدوث الألفاظ الدالة على المعاني ولا خلاف فيه وانما الخلاف فى قدم المعنى القائم بذاته تعالى روى ان المرسلات نزلت فى غار قرب مسجد الخيف بمنى يسمى غار والمرسلات. يقول الفقير قدزرته وقرأت فيه السورة المذكورة وفى الصخرة العالية من الغار داخله اثر رأس النبي عليه السلام يتبرك به الآن والحمد لله على افضاله وكثرة نواله وزيارة حرمه وحرم مصطفاء مظهر نور جماله وكماله تمت سورة المرسلات بعون خالق البريات فى عصر يوم عاشوراء المحرم من سنة سبع عشرة ومائة والف