الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحق واهل الذوق وقال القاشاني نزه الله وجرده عن شوب الغير بذلك الذي هو اسمه الأعظم الحاوي للاسماء كلها بان لا يظهر فى شهودك تلوين من النفس او القلب فحتجب برؤية الاثنينية او الأنانية والا كنت مشبها لا مسبحا روى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه قال خرجت يوما بمكة متعرضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته قد سبقنى الى المسجد فجئت فوقفت وراءه فافتتح سورة الحاقة فلما سمعت سرد القرآن قلت فى نفسى انه لشاعر كما يقول قريش حتى بلغ الى قوله انه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين ثم مر حتى انتهى الى آخر السورة فأدخل الله فى قلبى الإسلام تمت سورة الحاقة بعون الله تعالى فى السابع عشر من شهر رمضان من شهور سنة ست عشرة ومائة والف
تفسير سورة المعارج
اربع وأربعون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم
سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ من السؤال بمعنى الدعاء والطلب يقال دعا بكذا استدعاه وطلبه ومنه قوله تعالى يدعون فيها بكل فاكهة اى يطلبون فى الجنة كل فاكهة والمعنى دعا داع بعذاب واقع نازل لا محالة سوآء طلبه او لم يطلبه اى استدعاه وطلبه ومن التوسعات الشائعة فى لسان العرب حمل النظير على النظير وحمل النقيض على النقيض فتعدية سأل بالباء من قبيل التعدية بحمل النظير على النظير فانه نظير دعا وهو يتعدى بالباء لا من قبيل التعدية بالتضمين بأن ضمن سأل معنى دعا فعدى تعديته كما زعمه صاحب الكشاف لان فائدة التضمين على ما صرح به ذلك الفاضل فى تفسير سورة النحل إعطاء مجموع المعنيين ولا فائدة فى لجمع بين معنى سأل ودعا لان أحدهما يغنى عن الاخر والمراد بهذا السائل على ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما واختاره الجمهور هو النضر بن الحارث من بنى عبد الدار حيث قال إنكارا واستهزاء اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم وصيغة الماضي وهو واقع دون سيوقع للدلالة على تحقق وقوعه اما فى الدنيا وهو عذاب يوم بدر فان النضر قتل يومئذ صبرا واما فى الآخرة وهو عذاب النار وعن معاوية انه قال لرجل من اهل سبأ ما أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة قال أجهل من قومى قومك قالوا لرسول الله عليه السلام حين دعاهم الى الحق ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء ولم يقولوا ان كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له وقيل السائل هو الرسول عليه السلام استعجل بعذابهم وسأل أن يأخذهم الله أخذا شديدا ويجعله سنين كسنى يوسف وان قوله تعالى سأل سائل حكاية لسؤالهم المعهود على طريقة قوله تعالى يسألونك عن الساعة وقوله تعالى متى هذا الوعد ونحوهما إذ هو المعهود باوقوع على الكافرين لا ما دعا به النضر فالسؤال بمعناه
وهو التفتيش والاستفسار لان الكفرة كانوا يسألون النبي عليه السلام وأصحابه إنكارا واستهزاء عن وقوعه وعلى من ينزل ومتى ينزل والباء يمعنى عن كما فى قوله تعالى فاسأل به خبيرا اى فاسأل عنه لان الحروف العوامل يقوم بعضها مقام بعض باتفاق العلماء وعن الامام الواحدي ان الباء فى بعذاب زائدة للتأكيد كما فى قوله تعالى وهزى إليك بجذع النخلة اى عذابا واقعا كقولك سألته الشيء وسألته عن الشيء لِلْكافِرينَ اى عليهم فاللام بمعنى على كما فى قوله تعالى وان اسأتم فلها ان فعليها او بهم فاللام بمعنى الباء على كما فى قوله تعالى وان اسأتم فلها اى فعليها او بهم فاللام بمعنى الباء على ما ذهب بعضهم فى قوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله اى بأن يعبدوا الله او على معناه اى نازل لاجل كفرهم ومتعلقه على التقادير الثلاثة هو واقع قال بعض العارفين بهذا وصف اهل الأمل والظن الكاذب الذين يظنون انهم يتركون فى قبائح أعمالهم وهم لا يعذبون لَيْسَ لَهُ اى لذلك العذاب دافِعٌ مِنَ اللَّهِ اى من جهته تعالى إذا جاء وقته وأوجبب الحكمة وقوعه ذِي الْمَعارِجِ صفة لله لانه من الأسماء المضافة مثل فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا ونحوهما والمعارج جمع معرج بفتح الميم هنا بمعنى مصعد وهو موضع الصعود قال الراغب العروج ذهاب فى صعود والمعارج المصاعد ومعنا ذى المعارج بالفارسية خداوند در جهان بلند است. والمراد الافلاك التسعة المرتبة بعضها فوق بعض وهى السموات السبع والكرسي والعرش تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ المأمورون بالنزول والعروج دون غيرهم من المهيمين ونحوهم لان من الملائكة من لا ينزل من السماء أصلا ومنهم من لا يعرج من الأرض قطعا وَالرُّوحُ اى جبريل أفرده بالذكر لتميزه وفضله كما فى قوله تعالى تنزل الملائكة والروح فقد ذكر مع نزولهم فى آية وعروجهم فى اخرى إِلَيْهِ اى يعرجون من مسقط الأمر الى عرشه والى حيث تهبط منه أوامره كقول ابراهيم عليه السلام انى ذاهب الى ربى اى الى حيث أمرني ربى بالذهاب اليه فجعل عروجهم الى العرش عروجا الى الرب لان العرش مجلى صفة الرحمانية فمنه تبتدأ الاحكام والى حيث شاء الله تعالى تهبط الملائكة بأعمال بنى آدم الى الله تعالى والروح إليها ناظر في ذلك المشهد (فى يوم) متعلق بتعرج كألى (كان مقداره خمسين الف سنة) مما يعده الناس كما صرح به قوله تعالى فى يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون وقوله خمسين خبر كان وهو من باب التشبيه البليغ والأصل كمقدار مدة خمسين الف سنة.
واعلم ان تحقيق هذه الآية يستدعى تمهيد مقدمه وهى ان المبروج اثنا عشر على ما أفاده هذا البيت وهو قوله
چون حمل چون ثور و چون جوزا وسرطان واسد
…
سنبله ميزان وعقرب قوس وجدى ودلو وحوت
وكان مبدأ الدولة العرشية من الميزان ومنه الى الحوت أوجد الله فيه الأرواح السماوية والصور الاصلية الكلية التعينة فى جوف العرش ولكل برج يوم مخصوص به ومدة
هذه البروج السته وهى الميزان والعقرب والقوس والجدى والدلو والحوت أحد وعشرون الف سنة ومن الحمل الى برج السنبلة فى الحكم خمسون الف سنه ومدة دور السنبلة سبعة آلاف سنة وهى الآخرة وفى أول هذه الدورة التي هى دور السنبلة بموجب الأمر الإلهي الموحى به هناك ظهر النوع الإنساني وبعث نبينا عليه السلام فى الالف الآخر من السبعة وفى الاجزاء البرزخية بين احكام دور السنبلة ودور الميزان المختص بالآخرة فانه إذا تم دور البروج الاثني عشر ينتقل الحكم الى الميزان وهو زمان القيامة الكبرى فأخذنا كفة الالف الاولى للدنيا فى الدولة المحمدية والكفة الأخرى للآخرة والحشر اى أخذنا النصف الاول من الف الميزان الثاني لهذه النشأة والنصف الأخير منه للنشأة الآخرة ولهذا استقرت الاخبار فى قيام الساعة وامتدادها الى خمسمائة سنة بعد الالف وهى النصف الاول من الالف الثاني من الميزان الثاني ولم يتجاوز حد الدنيا ذلك عند أحد من علماء الشريعة فبعث النبي عليه السلام فى زمان امتزاج الدنيا بالآخرة كالصح الذي هو أول النهار المشرع ومنه الى طلوع الشمس نظر الزمان الذي هو من المبعث الى قيام الساعة فكما يزداد الضوء بعد طلوع الفجر بالتدريج شيأ بعد شىء كذلك ظهور احكام الآخرة من حين المبعث يزداد الى زمان طلوع الشمس من مغربها كما أشار عليه السلام اليه بقوله بعثت انا والساعة كفرسى رهان وبقوله لا تقوم الساعة حتى يكلم الرجل عذبة سوطه وحتى يحدثه فخذه بما يصنع اهله بعده وكذا يسمع جمهور الناس فى آخر الزمان نطق الجمادات والنباتات والحيوانات على ما ورد فى الاخبار الصحيحة فلليوم مراتب واحكام. فيوم كالآن وهو أدنى ما يطلق عليه الزمان ومنه يمتد الكل وهو المشار اليه بقوله تعالى كل يوم هو فى شأن فسمى الزمن الفرد يوما لان الشان يحدث فيه وهو أصغر الأزمان وأدقها والساري فى كل الأدوار سريان المطلق فى المقيد. ويوم كألف سنة وهو اليوم الإلهي ويوم الاخرة كمال قال تعالى وان يوما عند ربك كألف سنة وقال يدبر الأمر من السماء الى الأرض ثم يعرج اليه فى يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون. ويوم كخمسين الف سنة والى ما لا يتناهى كيوم اهل الجنة فلاحد لاكبر الأيام يوقف عنده فهذا اليوم الذي كان مقداره خمسين الف سنة هو يوم المعراج ويوم القيامة ايضا. در فتوحات آورده كه هر اسمى را از اسماء الهيه روزيست خاص كه تعلق بدو دارد ودر قرآن در روز از انها مذكور است يوم الرب كه هزار سالست ويوم ذى المعارج كه پنجاه هزار سالست. وكل الف سنة دورة واحدة تقع فيها القيامة الصغرى لاهل الدنيا بتبديل الاحكام والشرائع وأنواع الهياكل والنفوس وكل سبعة آلاف سنة دورة لنوع خاص كالانسان وكل خمسين الف سنة دورة ايضا تقع فيما القيامة الكبرى فيفنى العالم واهله وكان عروج الملائكة من الأرض الى السماء ونزولهم من السماء الى الأرض لاجراء احكام الله وإنفاذ امره فى مدة البروج الستة الآخر التي هى الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة وهى خمسون الف سنة كما سبق وعند العارفين يطلق على نزول الملائكة العروج ايضا وان كانت حقيقة العروج انما هى لطالب العلو
وذلك لان لله تعالى فى كل موجود تجليا ووجها خاصا به يحفظه فنزول الملائكة وعروجهم دائما الى الحق لعدم تحيزه وكل ما كان اليه فهو عروج وان كان فى السفليات لانه هو العلى الأعلى فهو صفة علو على الدوام وجعلت اجنحة الملائكة للهبوط عكس الطائر عبرة ليعرف كل موجود عجزه وعدم تمكنه من تصرفه فوق طاقته التي أعطاها الله له فالملائكة إذا نزلت نزلت بجناحها وإذا علت علت بطبعها والطيور بالعكس فاعلم ذلك وكذلك يكون عروجهم
ونزولهم اى يقع فى اليوم الطويل الذي هو يوم القيامة لاجراء احكام الله على ما شاء وإنفاذ امره على مقتضى علمه وحكمته وهو مقدار خمسين الف سنة من سنى الدنيا ودل على مدة هذا اليوم قوله عليه السلام ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدى منها حقها الا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها فى نار جهنم اى مرة ثانية ليشتد حرها فيكون بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له اى لمكيه الى نار جهنم فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله اما الى الجنة اى ان لم يكن له ذنب سوه او كان ولكن الله عفا عنه واما الى النار اى ان كان على خلاف ذلك رواه مسلم (وروى) ان للقيامة خمسين موقفا يسأل العبد فى كل منها عن امر من امور الدين فان لم يقدر على الجواب وقف فى كل موقف بمقدار اليوم الإلهي الذي هو الف سنة ثم لا ينتهى اليوم الى ليل اى يكون وقت اهل الجنة كالنهار ابدا ويكون زمان اهل النار كالليل ابدا إذ كما لا ظلمة لاهل النور كذلك لا نور لاهل الظلمة وفيه تذكير للعاقل على ان يوم القيامة إذا كان اوله مقدار خمسين الف سنة فماذا آخره ثم هذا الطول فى حق الكافر والعاصي لا المؤمن والمطيع لما روى ابو سعيد الخدري رضى الله عنه انه قيل لرسول الله عليه السلام ما أطول هذا اليوم فقال عليه السلام والذي نفسى بيده انه ليخف على المؤمن حتى يكون أخف من صلاة مكتوبة يصليها فى الدنيا وفى التمثيل بالصلاة اشارة الى وجه آخر لسر العدد وهو ان الكافر أضاع الصلاة وهى فى الأصل خمسون صلاة فكأنه عذب بكل واحدة منها الف سنة ولهذا السر يكلف يوم القيامة بالسجود لا بغيره ولا يلزم من وجود هذا اليوم بهذا الطول ومن عروج الملائكة فى اثنائه الى العرش أن يكون ما بين أسفل العالم وأعلى سرادقات العرش مسيرة خمسين الف سنة لان المراد بيان طول اليوم عروج الملائكة ونزولهم فى مثل هذا اليوم الى العرش ومنه لتلقى امره وتبليغه الى محله مرار او كرارا لا بيان طول المعارج لان ما بين مركز الأرض ومقعر السماء مسيرة خمسمائة عام وتخن كل واحدة من السموات السبع كذلك فيكون المجموع تسعة آلاف الى العرش اى بالنظر الظاهري والا فهى أزيد من ذلك بل من كل عدد متصور كما ستجيئ الاشارة اليه وقول من قال جعل ما بين الكرسي والعرش كما بين غيرهما غير موجه لما فى الحديث الصحيح ان فى الجنة مائة درجة أعدها الله للجاهدين فى سبيله كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض فيكون بين الكرسي الذي هو صحن الجنة وبين العرش الذي هو سقف الجنة خمسمائة سنة مائة مرة أولها من ارض الكرسي الى الدرجة السافلة
من العرش فيكون المجموع مقدار خمسين الف سنة تأمل تعرف ان كلامه ليس بصحيح من وجوه الاول ان المراد فى هذا المقام بيان الطول من أسفل العالم الى أعلاه وانه مقدار خمسين الف سنة لا من صحن الجنة الى سقفها لانه على ما ذكره من المسافة بين العرشين يزيد على ذلك المقدار بالنظر الى أسفل العالم زيادة بينة فلا يحصل المقصود ولثانى ان المراد النبي عليه السلام من التمثيل بما بين السماء والأرض ليس التحديد بل بيان مجرد السعة وطول الامتداد بما لا يعرفه الا الله كما يقتضيه المقام والثالث ان الحديث الذي أورده لا يدل على ان نهاية الدرجة الاخيرة من تلك الدرجات منتهة الى الدرجة السافلة من العرش بل هو ساكت عنه فيجوز أن يكون المقدار أزيد مما ذكره لان طبقات المجاهدين متفاوتة على ان سقف الجنة وان كان هو عرش الرحمن لكن المراد به ذروته وهى التي ينتهى دونها عالم التركيب وهى موضع قدم النبي عليه السلام ليلة المعراج وما بين أسفل الجنة من محدب الكرسي الى أعلاها من تلك الذروة التي هى محدب العرش لا حد له يعرف على ما سيجيئ فى سورة الأعلى ان شاء الله تعالى فاذا تحققت هذا البيان الشافي فى الآية الكريمة وهو الذي أشار اليه الحكماء الالهية فدع عنك القيل والقال الذي قرره اهل المراء والجدال فمنه ان قوله فى يوم بيان لغابة ارتفاع تلك المعارج وبعد مداها على منهاج التمثيل
والتخييل والمعنى من الارتفاع بحيث لو قدر قطعها فى ذلك لكان ذلك الزمان مقدار خمسين الف سنة من ستى الدنيا انتهى وفيه ان كونه محمولا على التمثيل انما يظهر إذا فسرت المعارج بغير السموات وهو خلاف المقصود ومنه ان معناه تعرج الملائكة والروح الى عرشه فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة اى يقطعون فى يوم من ايام الدنيا ما يقطعهه الإنسان فى خمسين الف سنة لو فرض ذلك القطع وذلك لغاية سرعتهم وقوتهم على الطيران وبالفارسية اگر يكى از بنى آدم خواهد كه سير كند از دنيا تا آنجا كه محل امر ملائكه است وايشان بيكروز ميروند او بدين مقدار سال تواند رفت انتهى. وفيه ان سير الملائكة لحظى فيصلون من أعلى الأوج الى أسفل الحضيض فى آن واحد فتقدير سيرهم باليوم المعلوم فى العرف غير واضح ومنه ان اليوم فى الآية عبارة عن أول ايام الدنيا الى انقضائها وانها خمسون ألف سنة لا يدرى أحدكم مضى وكم بقي الا الله تعالى انتهى وفيه ان ايام الدنيا تزيد على ذلك زيادة بينة كما لا يخفى على اهل الأخيار وعندى انها ثلاثمائة وستون ألف سنة بمقدار ايام السنة دل عليه قولهم ان عمر الإنسان جامعة من جمع الآخرة وقد اسلفناه فى موضعه ومنه ان المراد باليوم هو يوم من ايام الدنيا يعرج فيه الأمر من منتهى أسفل الأرضين الى منتهى أعلى السموات ومقدار ذلك اليوم خمسون ألف سنة واما اليوم الذي مقداره ألف سنة كما فى سورة الم السجدة فباعتبار نزول الأمر من السماء الى الأرض وباعتبار عروجه من الأرض الى السماء فللنزول خمسمائة وكذا للصعود والمجموع ألف وفيه انه زاد فى الطنبور نغمة اخرى حيث اعتبر العروج من أسفل الأرضين ليطول المسافة وظاهر انه لا يتم المقصود بذلك ومنه ان المراد تصعد الحفظة باعمال بنى آدم كل يوم الى محلى قربته
وكرامته وهو السماء فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة من سنى الدنيا لو صعد فيه غير الملك لان الملك يصعد من منتهى امر الله من أسفل السفل الى منتهى امره من فوق السماء السابعة فى يوم واحد ولو صعد فيه بنوا آدم لصعدوا فى خمسين ألف سنة انتهى وفيه ما فى السابق من تقدير اليوم فى حق الملائكة مع ان قصر الصعود على الصعود بمجرد العمل قصور لانه شأن الملائكة الحافظين والآية مطلقة عامة لهم ولغيرهم من المدبرات ومنه ان قوله فى يوم متعلق بواقع على أن يكون المراد به يوم القيامة والمعنى يقع العذاب فى يوم طويل مقداره خمسون الف سنة من سنى الدنيا فتكون جملة قوله تعرج الملائكة معترضة بين الظرف ومتعلقه انتهى وفيه انه من ضيق العطن لانه لا مانع من ارادة يوم القيامة على تقدير تعلقه بتعرج ايضا على ما عرف من تقديرنا السابق فان قلت لماذا وصف الله ذاته فى مثل هذا المقام بذي المعارج قلت للتنبيه على ان عروج الملائكة على مصاعد الافلاك ونزولهم منها انما هو للامر الإلهي كما قال تعالى يتنزل الأمر بينهن ومن امره إيصال اللطف الى أوليائه وإرسال القهر على أعدائه ففيه تحذير للكفار من عقوبة السماء النازلة بواسطة الملائكة كما وقعت للامم الماضية المكذبة وزجر لهم عما يؤدى الى المحاسبة الطويلة يوم القيامة هذا ما تيسر لى فى هذا المقام والعلم عند الله العلام وفى التأويلات النجمية فى ذى المعارج اى يصعد بتعذيب اهل الشهوات واللذات مرتبة فوق مرتبة ومصعدا فوق مصعد من معرج نفوسهم الى معرج قلوبهم ومنه الى معرج سرهم ومنه الى معرج روحهم يعذبهم فى كل مرتبة عذابا أشد من أول وفى قوله تعالى تعرج إلخ اى تعرج الخواطر الروحانية خصوصا خاطر جبريل الروح فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة من ايام الله وهى ايام السماء التي تحت حيطة الله الاسم الجامع فافهم قال القاشاني ذى المعارج اى المصاعد وهى مراتب الترقي من مقام الطبائع الى مقام المعادن بالاعتدال ثم الى مقام النبات ثم الى الحيوان ثم الى الإنسان فى مدارج الانتقالات المترتبة بعضها فوق بعض ثم فى منازل السلوك بالانتباه واليقظة والتوبة والانابة الى آخر ما أشار اليه اهل السلوك من منازل اليقين ومناهل القلب فى مراتب الفناء فى الافعال فى الذات مما لا يحصى كثرة فان له تعالى بإزاء كل صفة مصعدا بعد المصاعد المتقدمة
على مقام والصفات الى الفناء الفناء فى الصفات تعرج الملائكة من القوى الارضية والسمائية فى وجود الإنسان والروح الإنساني الى حضرته الذاتية الجامعة فى القيامة الكبرى فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة وهو يوم من ايام الله العلى بالذات ذى المعارج العلى وهى الأيام الستة السرمدية من ابتداء الأزل الى انتهاء الابد واما اليوم المقدار بألف سنة فى قوله وان يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون فهو يوم من ايام الرب المدبر الذي وقت به العذاب وانجاز الوعد فى قوله ويسعجلونك بالعذاب ولن بخلف الله وعده والتدبير فى قوله يدبر الأمر من السماء الى الأرض ثم يعرج اليه فى يوم كان مقدار الف سنة مما تعدون وذلك اليوم الأخير من الأسبوع الذي هو مدة الدنيا المنتهية بنبوة الخاتم صلى الله عليه وسلم والذي قال فيه ان استقامت أمتي فلها يوم وان لم تسبقم فلها نصف يوم مع قوله بعثت انا والساعة كهاتين
فهذا يوم من ايام الربوبية والتدبير واما اليوم الذي هو من الأيام الالوهية فهو مقدار ابتداء الربوبية بأسماء الله الغير المتناهية التي تندرج معها لا تناهيها فى الأسماء السبعة وهى الحي العالم القادر المريد السميع البصير المتكلم ولكل من هذه السبعة ربوبية مطلقة بالنسبة الى ربوبيات الأسماء المندرجة تحته ومقيدة بالنسبة الى ربوبية كل واحد من أخواته الى انتهائها بالتجلى الذاتي وكما ان هذا اليوم المذكور سع من ايام الدنيا فمدة الدنيا سبع من ذلك اليوم الإلهي الحاصل من ضرب ايام الدنيا فى عدد اسماء الربوبية وهى تسع وأربعون سنة وآخرة أول الخمسين الذي هو يوم واحد من ايام الله وهو يوم القيامة الكبرى فَاصْبِرْ يا محمد صَبْراً جَمِيلًا لا جزع فيه ولا شكوى لغير الله فان العذاب يقع فى هذه المدة المتطاولة التي تعرج فيها الملائكة والروح وعن الحسن الصبر الجميل هو المجاملة فى الظاهر وعن ابن بحر انتظار الفرج بلا استعجال وهو متعلق بسأل لان السؤال كان عن استهزاء وتعنت وتكذيب بالوحى وذلك ما يضجره عليه السلام او كان عن تضجر واستبطاء للنصر والمعونة إِنَّهُمْ اى اهل مكة يَرَوْنَهُ اى العذاب الواقع اى يزعمونه فى رأيهم بَعِيداً اى يستبعدونه بطريق الا حالة كما كانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا الآية من يحيى العظام وهى رميم فلذلك يسألون به وسبب استبعادهم عدم علمهم باستحقاقهم إياه يقول المرء لخصمه هذا بعيد رد الوقوعه وإمكانه وَنَراهُ اى نعلمه قَرِيباً لعلمنا باستحقاقهم إياه بحسب استعدادهم اى هينا فى قدرتنا غير بعيد علينا ولا متعذر فالمراد بالبعد هو البعد من الإمكان وبالقرب هو القرب منه وقال سهل رحمه الله انهم يرون المقضى عليهم من الموت والبعث والحساب بعيدا لبعد آمالهم ونرا قريبا فان كل كائن قريب والبعيد مالا يكون وفى الحديث ما الدنيا فيما مضى وما بقي الا كثوب شق باثنين وبقي خيط واحد ألا وكان ذلك الخيط قد انقطع قال الشاعر
هل الدنيا وما فيها جميعا
…
سوى طل يزول مع النهار
ما همچومسافريم در زير درخت
…
چون سايه برفت زود بردار درخت
ومن عجب الأيام انك قاعد
…
على الأرض فى الدنيا وأنت تسير
فسيرك يا هذا كسير سفينة
…
بقوم قعود والقلوب تطير
يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ وهو هاهنا خبث الحديد ونحوه مما يذاب على مهل وتدريج او دردى الزيت لسيلانه على مهل لثخانته وعن ابن مسعود كالفضة المذابة فى تلونها او كالقير والقطران فى سوادهما ويوم متعلق بقريبا اى يمكن ولا يتعذر فى ذلك اليوم اى يظهر إمكانه وإلا فنفس الإمكان لا اختصاص له بوقت او متعلق بمضمر مؤخر أي يوم تكون السماء كالمهل يكون من الأحوال والأهوال ما لا يوصف وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ العهن الصوف المصبوغ قال تعالى كالعهن المنفوش وتخصيص العهن لما فيه من اللون كما ذكر فى قوله تعالى فكانت وردة كالدهان والمعنى وتكون الجبال كالصوف المصبوغ ألوانا لاختلاف ألوان الجبال منها جدد بيض وحمر وغرابيب سود فاذا بست وطيرت فى الجو أشبهت العهن
المنفوش إذا طيرته الريح قال فى كشف الاسرار أول ما تنغير الجبال تصير رملا مهيلا ثم عهنا منفوشا ثم تصير هباء منثورا وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً اى لا يسأل قريب قريبا عن أحواله ولا يكلمه لابتلاء كل منهم بما يشغله عن ذلك وإذا كان الحال بين الأقارب هكذا فكيف يكون بين الأجانب والتنكير للتعميم يُبَصَّرُونَهُمْ استئناف كأنه قيل لعله لا يبصره فكيف يسأل عن حاله فقل يبصرونهم والضمير الاول لحميم أول والثاني للثانى وجمع الضميرين لعموم الحميم لكل حميمين لا لحميمين اثنين قال فى تاج المصادر التبصير بينا كردن. والتعريف والإيضاح ويعدى الى المفعول الثاني بالباء وقد تحذف الباء وعلى هذا يبصرونهم انتهى يعنى عدى يبصرونهم بالتضعيف الى ثان وقام الاول مقام الفاعل والشائع المتعارف تعديته الى الثاني بحرف الجر يقال بصرته به وقد يحذف الجار وإذا نسبت الفعل للمفعول به حذفت الجار وقلت بصرت زيدا وما فى الآية من هذا القبيل والمعنى يبصر الاحماء الاحماء يعنى بينا كرده شوند ايشان بخويشان خود. فلا يخفون عليهم ولا يمنعهم من التساؤل الا تشاغلهم بحال أنفسهم وليس فى القيامة مخلوق الا وهو نصب عين صاحبه فيبصر الرجل أباه وأخاه وأقرباءه وعشيرته ولكن لا يسأله ولا يكلمه لاشتغاله بما هو فيه قال ابن عباس رضى الله عنهما يتعارفون ساعة ثم يتناكرون يَوَدُّ الْمُجْرِمُ اى يتمنى الكافر وقيل كل مذنب لَوْ بمعنى التمني فهو حكاية لودادتهم يَفْتَدِي فدا دهد. وهو حفظ الإنسان عن التائبة بما يبذل عنه مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ اى من العذاب الذي ابتلوا به يوم إذ كان الأمر ما ذكر وهو بكسر الميم لاضافة العذاب اليه وقرئ يومئذ بالفتح على البناء للاضافة الى غير متمكن بِبَنِيهِ أصله بنين سقطت نونه بالاضافة وجمعه لان كثرتهم محبوبة مرغوب فيها وَصاحِبَتِهِ زوجته التي يصاحبها وَأَخِيهِ الذي كان ظهيرا له ومعينا والجملة استئناف لبيان ان اشتغال كل مجرم بنفسه بلغ الى حيث يتمنى أن يفتدى بأقرب الناس اليه واعلقهم بقلبه ويجعله فدآء لنفسه حتى ينجو هو من العذاب فضلا عن أن يهتم بحاله ويسأل عنها كأنه قيل كيف لا يسأل مع تمكنه من السؤال فقيل يود إلخ وَفَصِيلَتِهِ وهى فى الأصل القطعة المفصولة من الجسد وتطلق على الآباء الأقربين وعلى الأولاد لان الولد يكون مفصولا من الأبوين فلما كان الولد مفصولا منهما كانا مفصولين منه ايضا فسمى فصيلة لهذا السبب والمراد بالفصيلة فى الآية هو الآباء الأقربون والعشيرة الأدنون لقوله وبنيه الَّتِي تُؤْوِيهِ أوى الى كذا انضم اليه وآواه غيره كما قال تعالى آوى اليه أخاه اى ضمه الى نفسه فمعنى تؤويه تضمه إليها فى النسب او عند الشدائد فيلوذ بها وبالفارسية وخويشان خود را كه جاى داده اند او را در دنيا نزد خود يعنى پناگاه وى بوده اند وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً من الثقلين والخلائق ومن للتغليب ثُمَّ يُنْجِيهِ عطف على يفتدى اى يود لو يفتدى ثم ينجيه الافتداء وثم لاستبعاد الانجاء يعنى يتمنى لو كان هؤلاء جميعا تحت يده وبذلهم فى فدآء نفسه ثم ينجيه ذلك وهيهات أن ينجيه وفيه اشارة الى مجرم الروح المنصبغ بصبغة النفس فانه يود أن يفتدى من هول
عذاب يوم الفراق والاحتجاب بينى القلب وصفاته وصاحبة نفسه وأخي سره وفصيلته اى توابعه وشيعته ومن فى ارض بشريته جميعا من القوى الروحانية والجسمانية ثم ينجيه هذا الافتداء ولا ينفعه لفساد الاستعداد وفوات الوقت كَلَّا ردع للمجرم عن الودادة وتصريح بامتناع إنجاء الافتداء اى لا يكون كما يتمنى فانه بهيئته الظلمانية الحاصلة من الاجرام استحق العذاب فلا ينجو منه وفى الحديث يقول الله لأهون اهل النار عذابا يوم القيامة لو أن لك ما فى الأرض من شىء أكنت تفتدى به فيقول نعم فيقول أردت منك أهون من هذا وأنت فى صلب آدم ان لا تشرك بي وعن القرطبي ان كلا يكون بمعنى الردع وبمعنى حقا وكلا الوجهين جائز ان هنا فعلى الثاني يكون تمام الكلام ينجيه فيوقف عليه ويكون كلا من الجملة الثانية التي تليه والمحققون على الاول ومن ذلك وضع السجاوندى علامة الوقف المطلق على كلا إِنَّها اى النار المدلول عليها بذكر العذاب والمراد جهنم لَظى وهو علم للنار وللدرك الثاني منها منقول من اللظى بمعنى اللهب الخالص الذي لا يخالطه دخان فيكون فى غاية الإحراق لقوة حرارته النارية بالصفاء وهو خبر ان بمعنى مسماة بهذا الاسم ويجوز أن يراد اللهب الخالص على الأصل فيكون خبرا بلا تأويل (كما قال الكاشفى) بدرستى كه آتش دوزخ كه مجرم ازو فدا دهد زبانه ايست خالص (وفى كشف الاسرار) آن آتشى است زبانه زن نَزَّاعَةً لِلشَّوى نزع الشيء جذبه من مقره وقلعه والشوى الأطراف اى الأعضاء التي ليست بمقتل كالايدى والأرجل ونزاعة على الاختصاص للتهويل اى اعنى بلظى جذابة للاعضاء الواقعة فى أطراف الجسد وقلاعة لها بقوة الإحراق لشدة الحرارة ثم تعود كما كانت وهكذا ابدا والشوى جمع شواة وهى جلدة الرأس يعنى ان النار تنزع جلود الرأس وتقشر مما عنه وذلك لانهم كانوا يسعون بالاطراف للاذى والجفاء ويصرفون عن الحق الأعضاء الرئيسة التي تشتمل عليها الرأس خصوصا العقل الذي كانوا لا يعقلون به فى الرأس تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ اى عن الحق ومعرفته وهو مقابل اقبل ومعنى تدعو تجذب الى نفسها وتحضر فهو مجاز عن إحضارهم كأنها تدعوهم فتحضرهم (قال الكاشفى) زبانه ميزند وكافر را بخود ميكشد از صد ساله ودويست ساله راه چنانچهـ مقناطيس آهن را جذب ميكند. وتقول لهم الى الى يا كافر ويا منافق ويا زنديق فانى مستقرك او تدعو الكافرين والمنافقين بلفظ فصيح بأسمائهم ثم تلتقطهم كالتقاط الطير الحب ويجوز ان يخلق الله فيها كلاما كما يخلقه فى جلودهم وأيديهم وأرجلهم وكما خلقه فى الشجرة او تدعو زبانيتها على حذف المضاف او على الاسناد المجازى حيث أسند فعل الداعي الى المدعو اليه وَتَوَلَّى اى اعرض عن الطاعة لان من اعرض يولى وجهه وفى التأويلات النجمية من أدبر عن التوجه الى الحق بموافقات الشريعة ومخالفات الطبيعة وتولى عن الإقبال على الآخرة والأدبار عن الدنيا وقال القاشاني بمناسبة نفسه للجحيم انجر إليها إذا لجنس الى الجنس يميل ولظى نار الطبيعة السفلية ما استدعت الا المدبر عن الحق المعرض عن جناب القدس وعالم النور المقبل بوجهه الى معدن الظلمة المؤثر لمحبة الجواهر الفانية السفلية المظلمة فانجذب بطبعه الى مواد النيران الطبيعية واستدعته وجذبته
الى نفسها للجنسية فاحترق بنارها الروحانية المستولية على الافئدة فكيف يمكن الانجاء منها وقد طلبها بداعي الطبع ودعاها بلسان الاستعداد وَجَمَعَ المال حرصا وحبا للدنيا فَأَوْعى فجعله فى وعاء وكنزه ولم يؤد زكاته وحقوقه الواجبة فيه وتشاغل به عن الدين وتكبر باقتنائه وذلك لطول أمله وانعدام شفقته على عباد الله والا ما ادخر بل بذل وفى جمع الجمع مع الأدبار والتولي تنبيه على قباحة البخل وخساسة البخيل وعلى انه لا يليق بالمؤمن وفى الخبر يجاء بابن آدم يوم القيامة كأنه بذج بين يدى الله وهو بالفارسية بره. فيقول له أعطيتك وخولتك وأنعمت عليك فما صنعت فيقول رب جمعته وثمرته وتركته اكثر ما كان فارجعنى آتك به كله فاذا هو عبد لم يقدم خيرا فيمضى به الى النار وفى الخبر بصق عليه السلام يوما فى كفه ووضع عليها إصبعه فقال يقول الله لابن آدم تعجزنى وقد خلقتك من مثل هذه حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردين وللارض منك وئيد يعنى زمين را از تو آواز شديد بود. فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقى قلت أتصدق وأنى لوان الصدقة وفى التأويلات النجمية جمع الكمالات الانسانية من الأخلاق الروحانية والأوصاف الرحمانية ولم ينفق على الطلاب الصادقين العاشقين والمحبين المشتاقين بطريق الإرشاد والتعليم والتسليك إِنَّ الْإِنْسانَ اى جنس الإنسان خُلِقَ حال كونه هَلُوعاً مبالغة هالع من الهلع وهو سرعة الجزع عند مس المكروه بحيث لا يستمسك وسرعة المنع عند مس الخير يقال ناقة هلواع سريعة السير وهو من باب علم وقد فسره احسن تفسير على ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما قوله تعالى إِذا ظرف لجزوعا مَسَّهُ الشَّرُّ اى أصابه ووصل اليه الفقر او المرض او نحوهما جَزُوعاً مبالغة فى الجزع مكثرا منه لجهله بالقدر وهو ضد الصبر وقال ابن عطاء الهلوع الذي عند الموجود يرضى وعند المفقود يسخط وفى الحديث شر ما اعطى ابن آدم شح هالع وجبن خالع فالهالع المحزن يعنى اندوهگين كننده. والخالع الذي يخلع قلبه قال بعض العارفين انما كرهت نفوس الخلق المرض لانه شاغل لهم عن أداء ما كلفوا به من حقوق الله تعالى إذا لروح الحيواني حين يحس بالألم يغيب عن تدبير الجسد الذي يقوم بالتكليف وانما لم تكره نفوس العارفين الموت لما فيه من لقاء الله تعالى فهو نعمة ومنة ولذلك ما خير نبى فى الموت الا اختاره وَإِذا ظرف لمنوعا مَسَّهُ الْخَيْرُ اى السعة او غيرهما مَنُوعاً مبالغا فى المنع والإمساك لجهله بالقسمة وثواب الفضل وللصحة مدخل فى الشح فان الغنى قد يعطى فى المرض ما لا يعطيه فى الصحة ولذا كانت الصدقة؟؟؟ الصحة أفضل. ودر لباب از مقاتل نقل ميكند كه هلوع جانوريست در پس كوه قاف كه هر روز هفت صحرا از كياه خالى ميكند يعنى همه حشايش آنرا مى خورد وآب هفت دريا مى آشامد ودر كرما وسرما صبر ندارند وهر شب در انديشه آنست كه فردا چهـ خواهد خورد پس حق سبحانه وتعالى آدمي را در بى صبرى وانديشه روزى بدين دابه تشبيه ميكند
جانور يرا كه بجز آدميست
…
معده چو پر شد سبب بى غميست
آدميست آنكه نه سيرى برد
…
بر سر سيرى غم روزى خورد
خورد همه عمر چهـ بيش و چهـ كم
…
روزئ هر روزه ز خوان كرم
وز ره حرص واملش همچنان
…
هيچ غمى نيست بجز فكر نان
والأوصاف الثلاثة وهى هلوعا وجزوعا ومنوعا احوال مقدرة لان المراد بها ما يتعلق به الذم والعقاب وهو ما يدخل تحت التكليف والاختيار وذلك بعد البلوغ او محققة لانها طبائع جبل الإنسان عليها كما قال المتنبي الظلم من شيم النفوس فان تجد. ذاعفة فلعلة لا يظلم. ولا يلزم ان لا تفارقه بالمعالجات المذكورة فى كتب الأخلاق فانها كبرودة الماء ليست من اللوازم المهيئة للوجود بل انما حصولها فيه بوضع الله تعالى وخلقه وهو يزيلها ايضا بالأسباب التي سببها إذا أراد فان قيل فيلزم ان يكون له هلع حين كان فى المهد صبيا قلنا نعم ولا محذور الا يرى انه كيف يسرع الى الثدي ويحرص على الرضاع ويبكى عند مس الألم ويمنع بما وسعه إذا تمسك بشئ فزوحم فيه قال الراغب فان قيل ما الحكمة فى خلق الإنسان على مساوى الأخلاق قلنا الحكمة فى خلق الشهوة ان يمانع نفسه إذا نازعته نحوها ويحارب شيطانه عند تزيينه المعصية فيستحق من الله مثوبة وجنة انتهى يعنى كما انه ركب فيه الشهوة ركب فيه العقل الرادع وحصلت الدلالة الى الصراط السوي من الشارع قال بعض العارفين الشح فى الإنسان امر جبلى لا يمكن زواله ولكن يتعطل بعناية الله تعالى استعماله لا غير فلذلك قال ومن يوق شح نفسه فأثبت الشح فى النفس الا ان العبد يوقاه بفضل الله وبرحمته وقال ان الإنسان خلق هلوعا إلخ واصل ذلك كله ان الإنسان استفاد وجوده من الله فهو مفطور على الاستفادة لاعلى إفادة فلا تعطيه حقيقته ان يتصدق او يعطى أحدا شيأ ولذلك ورد الصدقة برهان يعنى دليل ان هذا الإنسان وقى بها شح النفس. يقول الفقير وعليه المزاح المعروف وهو أن بعض العلماء وقع فى الماء فكاد يغرق فقال له بعض الحاضرين يا سلطانى ناولنى يدك فقيل لا تقل هكذا فانه اعتاد الاخذ لا الا عطاء بل قل خذ بيدي وقال بعضهم الغضب والشره والحرص والجبن والبخل والحسد وصف جبلى فى لانسان والجان وما كان من الجبلة فمحال ان يزول الا بانعدام الذات الموصوفة به ولهذا عين الشارع صلى الله عليه وسلم لهذه الأمور مصارف فقال لا حسد الا فى اثنتين وامر بالغضب لله لا حمية جاهلية وقال ولا ثقل لهما أف ثم مدح من قال أف لكم ولما تعبدون من دون الله وقال ولا تخافوهم ثم قال وخافون فالكل يستعملون هذه الصفات استعمالا محمودا وكثير من الفقراء يظنون زوال هذه الصفات منهم حين يعطل الله استعمالها فيهم وليس كذلك. يقول الفقير ومنه يعلم صحة قول من قال ان النفس لامارة بالسوء وان كانت نفس الأنبياء على ما أسلفناه فى سورة يوسف والحاصل ان اصول الصفات باقية فى الكل لبقاء المحاربة مع النفس إذ لا يحصل الترقي الا بالمحاربة والترقي مستمر الى الموت فكذا المحاربة المبنية على بقاء اصول الصفات فأصل النفس امارة لكن لا يظهر اثرها فى الكاملين كما يظهر فى الناقصين فاعلم ذلك قال القاشاني ان النفس بطبعها معدن الشر ومأوى الرجس لكونها من عالم الظلمات فمن مال إليها بقلبه واستولى عليه مقتضى جبلته وخلقته ناسب الأمور السفلية واتصف
بالرذائل التي اردأها الجبن والبخل المشار إليهما بقوله وإذا مسه الشر إلخ لمحبة البدن ما يلائمه وتسببه فى شهواته ولذاته وانما كانا اردأ لجذبهما القلب الى أسفل مراتب الوجود وفى التأويلات النجمية يشير الى هلع الإنسان المستعد لقبول الفيض الإلهي ساعة فساعة ولحظة فلحظة وعدم صبره عن بلوغه الى الكمال فانه لا يزال فى طريق السلوك يتعلق باسم من الأسماء الالهية ويتحقق به ويتخلق ثم يتوجه الى اسم آخر الى ان يستوفى سلوك جميع الأسماء إذا مسه الشر الفترة الواقعة فى الطريق يجزع ويضطب ويتقلقل ولا يعلم ان هذه الفترة الواقعة فى طريقه سبب لسرعة سلوكه وموجب لقوة سيره وطيرانه وإذا مسه الخير من الواهب الذاتية والعطايا الاسمائية يمنع من مستحقيه ويبخل على طالبيه إِلَّا الْمُصَلِّينَ استثناء من الإنسان لانه فى معنى الجمع للجنس وهذا الاستثناء باعتبار الاستمرار أي ان المطبوعين على الصفات الرذيلة مستمرون عليها الا المصلين فانهم بدلوا تلك الطبائع واتصفوا بأضدادها الَّذِينَ هُمْ تقديم هم يقيد تقوية الحكم وتقريره فى ذهن السامع كما فى قولك هو يعطى الجزيل قصدا الى تحقيق انه يفعل إعطاء الجزيل عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ لا يشغلهم عنها شاغل فيواظبون على ادائها كما روى عن النبي عليه السلام انه قال أفضل العمل او دمه وان قل وقالت عائشة رضى الله عنها كان عمله ديمة قدم الصلاة على سائر الخصال لقوله عليه السلام أول ما افترض الله على أمتي الصلوات الخمس وأول ما يرفع من أعمالها الصلوات وأول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فان صلحت فقد أفلح وأنجح وان فسدت فقد خاب وخسر وانها آخر ما يجب عليه رعايته فانه يؤخر الصوم فى المرض دون الصلاة الا ان لا يقدر على التميم والإيماء ولذا ختم الله الخصال بها كما قال والذينهم على صلاتهم يحافظون وكان آخر ما اوصى به عليه السلام الصلاة وما ملكت ايمانكم وفى الآية اشارة الى صلاة النفس وهى التزكية عن المخالفات الشرعية وصلاة القلب وهى التصفية عن الميل الى الدنيا وشهواتها وزخارفها وصلاة السر وهي التخلية عن اثر كون الى المقامات العلية والمراتب السنية وصلاة الروح وهى بالمكاشفات الربانية والمشاهدات الرحمانية والمعاينات الحقانية وصلا الخفي وهى بالفناء فى الحق والبقاء به فالكمل يداومون على هذه الصلوات وَالَّذِينَ اى والا الذين فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ اى نصيب معين يستوجبونه على أنفسهم تقربا الى الله تعالى وإشفاقا على الناس من الزكاة المفروضة الموظفة لِلسَّائِلِ اى للذى يسأل ومن كان له قوت يوم لا يحل له السؤال واما حكم الدافع له عالما بحاله فكان القياس ان يأثم لانه اعانة على الحرام لكنه يجعله هبة ولا اثم فى الهية للغنى وله ان يرده برد جميل مثل ان يقول آتاكم الله من فضله وَالْمَحْرُومِ الذي لا يسأل اما حياء او توكلا فيظن انه غنى فيحرم وفيه اشارة الى أحول الحقائق والمعارف الحاصلة من رأس مال الأعمال الصالحة والأحوال الصادقة ففيها حق معلوم للسائل وهو المستعد للسلوك والاجتهاد فينبغى ان يفيض عليه ويرشده الى طلب الحق والمحروم هو المرمى الساقط على ارض العجز بسبب الأهل والعيال والاشتغال بأسبابهم فيسليهم ويطيب قلوبهم
برحمة الله وغفرانه ويفيض عليهم من بركات أنفاسه الشريفة لئلا يحرم من كرم الله وفيضه وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ اى بأعمالهم حيث يتعبون أنفسهم فى الطاعات البدنية والمالية طمعا فى المثوبة الاخروية بحيث يستدل بذلك على تصديقهم بيوم الجزاء فمجرد التصديق بالجنان واللسان وان كان ينجى من الخلود فى النار لكن لا يؤدى الى ان يكون صاحبه مستثنى من المطبوعين بالأحوال المذكورة قال القاشاني والذين يصدقون من اهل اليقين البرهاني او الاعتقاد الايمانى بأحوال الآخرة والمعاد وهم ارباب القلوب المتوسطون وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ خائفون على أنفسهم مع مالهم من الأعمال الفاضلة استقصارا لها واستعظاما لجنابه تعالى قال الكاشفى وعلامت ترس الهى اجتناب از ملاهى ومناهيست. وقال الحسن يشفق المؤمن ان لا تقبيل حسناته وتقديم من يحسن ان يكون للحصر امتثالا لأمره تعالى فارهبون مع جواز أن يكون للتقوية إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ كه عذاب خداوند ايشان نه آنست كه از ان ايمن باشند. وهو اعتراض مؤذن بانه لا ينبغى لاحد أن يأمن عذابه تعالى وان بالغ فى الطاعة والاجتهاد بل يكون بين الخوف والرجاء لانه لا يعلم أحد عافيته قال القاشاني والذين هم إلخ اى اهل الخوف من المتبدين فى مقام النفس السائرين عنه بنور القلب لا لوافقين معه او المشفقين من عذاب الحرمان والحجاب فى مقام القلب من السالكين او فى مقام المشاهدة من التلوين فانه لا يؤمن الاحتجاب ما بقيت بقية كما قال ان عذاب ربهم غير مأمون ومن العذاب إعجاب المرء بنفسه فانه من الموبقات الموقعات فى عذاب نار الجحيم وجحيم العقاب نسأل الله العافية وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ فرج الرجل والمرأة سوءاتهما اى قبلهما عبربه عنها رعاية للأدب فى الكلام وأدب المرء خير من ذهبه والجار متعلق بقوله حافِظُونَ من الزنى متعففون عن مباشرة الحرام فان حفظ الفرج كناية عن العفة إِلَّا عَلى بمعنى من كما فى كتب النحو أَزْواجِهِمْ نسائهم المنكوحات أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ من الجواري فى اوقات حلها كالطهر من الحيض والنفاس ومضى مدة الاستبراء عبر عنهن بما إجراء لهن لمملوكيتهن مجرى غير العقلاء اولا نوئتهن المنبئة عن القصور وإيراد ما ملكت الايمان يدل على المراد من الحافظين هنا الذكور وان كان الحفظ لازما للاناث ايضا بل أشد لانه لازم عليهن على عبيدهن وان كانوا مما ملكت ايمانهن ترجيحا لجانب الذكور فى صيانة عرضهم فَإِنَّهُمْ اى الحافظين غَيْرُ مَلُومِينَ على عدم حفظها منهن اى غير معيوبين شرعا فلا يؤاخذون بذلك فى الدنيا والآخرة وبالفارسية بجاى سرزنش نيستند. وفيه اشعار بأن من لم يحفظ تكفيه ملامة اللائمين فكيف العذاب فَمَنِ ابْتَغى پس هر كه طلب كند براى نفس خود وَراءَ ذلِكَ الذي ذكر وهو الاستمتاع بالنكاح وملك اليمين وحد النكاح اربع من الحرائر ولا حد الملك اليمين فَأُولئِكَ المبتغون هُمُ العادُونَ المتعدون لحدود الله الكاملون فى العدوان المتناهون لانه من عدا عليه إذا تجاوز الحد فى الظلم ودخل فيه حرمة وطئ الذكران والبهائم والزنى وقيل يدخل فيه الاستمناء ايضا روى ان العرب كانوا يستمنون
فى الاسفار فنزلت الآية وفى الحديث ومن لم يستطع اى التزوج فعليه بالصوم استدل به بعض المالكية على تحريم الاستمناء لانه عليه السلام ارشد عند العجز عن التزوج الى الصوم الذي يقطع الشهوة فلو كان الاستمناء مباحا لكان الإرشاد اليه أسهل وقد أباح الاستمناء طائفة من العلماء وهو عند الحنابلة وبعض الحنفية لاجل تسكين الشهوة جائز وفى رواية الخلاصة الصائم إذا عالج ذكره حتى امنى يحب عليه القضاء ولا كفارة عليه ولا يحل هذا الفعل خارج رمضان ان قصد قضاء الشهوة وان قصد تسكين شهوته أرجو أن لا يكون عليه وبال وفى بعض حواشى البخاري والاستمناء باليد حرام بالكتاب والسنة قال الله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون إلى قوله فاولئك هم العادون اى الظالمون المتجاوزون من الحلال الى الحرام قال البغوي الآية دليل على ان استمناء باليد حرام قال ابن جريج سألت ابن عطاء عنه فقال سمعت ان قوما يحشرون حبالى وأظنهم هؤلاء وعن سعيد بن جبير عذاب الله امة كانوا يعبثون بمذاكيرهم والواجب على فاعله التعزيز كما قال بعضهم نعم يباح عند أبى حنيفة واحمد إذا خاف على نفسه الفتنة وكذلك يباح الاستمناء بيد امرأته وجاريته لكن قال القاضي حسين مع الكراهة لانه معنى العزل وفى التاتار خانية قال أبو حنيفة احسبه ان يتجو رأسا برأس. يقول الفقير من اضطر الى تسكين شهوته فعليه ان يدق ذكره بحجر كما فعله بعض الصلحاء المتقين حين التوقان صيانة لنفسه عن الزنى ونحوه والحق أحق ان يتبع وهو العمل بالإرشاد النبوي الذي هو الصوم قان اضطر فالعمل بما ذكرناه اولى واقرب من افعال اهل الورع والتقوى وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ لا يخلون يشئ من حقوقها والامانة اسم لجنس ما يؤتمن عليه الإنسان سوآء من جهة الباري تعالى وهى أمانات الدين التي هى الشرائع والاحكام او من جهة الخلق وهى الودائع ونحوها والجمع بالنظر الى اختلاف الأنواع وكذا العهد شامل لعهد الله وعهد الناس وهو ما عقده الإنسان على نفسه لله او لعباده وهو يضاف الى المعاهد والمعاهد فيجوز هنا الاضافة الى الفاعل والمفعول وقال الجنيد قدس سره الامانة المحافظة على الجوارح والعهد حفظ القلب مع الله على التوحيد والرعاية القيام على الشيء بحفظه وإصلاحه وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيانة عند ائتمان والكذب عند التحديث والغدر عند المعاهدة والفجور عند المخاصمة من خصال المنافق
اگر مى بايد از آتش امانت
…
فرو مكذار قانون امانت
بهر عهدى كه مى بندى وفا كن
…
رسوم حق كزارى را ادا كن
قال بعض الكبار كل من اتصف بالامانة وكتم الاسرار سمع كلام الموتى وعذابهم ونعيمهم كما سمعت البهائم عذاب اهل القبور لعدم النطق وكذلك يسمع من اتصف بالامانة كلام أعضائه له فى دار الدنيا لانها حية ناطقة ولذلك تستشهد يوم القيامة فتشهد ولا يشهد إلا عدل مرضى بلا شك وفى التأويلات النجمية يشير الى الامانة المعروضة على السموات والأرض والجبال وهى كمال المظهرية وتمام المضاهاة الالهية والى عهد ميثاق ألست بربكم قالوا بلى ورعاية ذلك العهد أن لا يخالفه
بالمخالفات الشرعية والموفقات الطبيعية وقال بعضهم والذين هم لآماناتهم التي استودعوها بحسب الفطرة من المعارف العقلية وعهدهم الذي أخذ الله ميثاقه منهم فى لازل راعون بأن لم يدنسوا الفطرة بالغواشي الطبيعية والأهواء النفسانية وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ الباء متعلق بقوله قائِمُونَ سوآء كانت للتعدية أم للملابسة والجمع باعتبار انواع الشهادة اى مقيمون لها بالعدل ومؤدونها فى وقتها احياء لحقوق الناس فالمراد بالقيام بالشهادة أداؤها عند الاحكام على من كانت هى عليه من قريب او بعيد شريف او وضيع قال عليه السلام إذا علمت مثل الشمس فاشهد وإلا فدع وتخصيصها بالذكر مع اندرجها فى الأمانات لابانة فضلها لان فى إقامتها احياء الحقوق وتصحيحها وفى كتمها وتركها تضييعها وابطالها وفى الأشباه إذا كان الحق يقوم بغيرها او كان القاضي فاسقا او كان يعلم انها لا تقبل جاز الكتمان وفى فتح الرحمن تحمل الشهادة فرض كفاية وأداؤها إذا تعين فرض عين ولا يحل أخذ اجرة عليها بالاتفاق فاذا طلبه المدعى وكان قريبا من القاضي لزمه المشي اليه وان كان بعيدا اكثر من نصف يوم لا يأثم بتخلفه لانه يلحقه الضرر وان كان الشاهد يقدر على المشي فأركبه المدعى من عنده لا تقبل شهادته وان كان لا يقدر فأركبه لا بأس به ويقتصر فى المسلم على ظاهر عدالته عند أبى حنيفة رحمه الله الا فى الحدود والقصاص فان طعن الخصم فيه سأل عنه وقال صاحباه يسأل عنهم فى جميع الحقوق سرا وعلانية وعليه الفتوى وجعل بعضه شهادة التوحيد داخلة فيها كما قال سهل رحمه الله قائمون بحفظ ما شهدوا به من شهادة أن لا اله الا الله فلا يشركون به فى شىء من الافعال والأقوال وقال القاشاني فى الآية اى يعملون بمقتضى شاهدهم من العلم فكل ما شهدوه قاموا بحكمه وصدروا عن حكم شاهدهم لا غير وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ تقديم على صلاتهم يفيد الاختصاص الدال على ان محافظتهم مقصورة على صلاتهم لا تتجاوز الى امور دنياهم اى يراعون شرائطها ويكملون فرآئضها وسننها ومستحباتها وآدابها ويحفظونها من الإحباط باقتران الذنوب فالدوام المذكور اولا يرجع الى انفس الصلوات والمحافظة الى أحوالها وفى المفردات فيه تنبيه على انهم يحفظون الصلاة بمراعاة أوقاتها وأركانها والقيام بها فى غاية ما يكون من الطوق فان الصلاة تحفظهم بالحفظ الذي نبه عليه فى قوله ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وفى الحديث من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وابى بن خلف وهو الذي ضربه النبي عليه السلام فى غزوة أحد برمح فى عنقه فمات منه فى طريق مكة وكان أشد واطغى من أبى جهل دل عليه كونه مقتولا بيد النبي عليه السلام ولم يقتل عليه السلام بيده غيره وبعض العلماء جعل المحافظة شاملة للادامة على ما هو الظاهر من قوله تعالى حافظوا على الصلوات فيكون من قبيل التعميم بعد التخصيص لتتميم الفائدة وللاشعار بأن الصلاة أول ما يجب على العبد أداؤه بعد الايمان وآخر ما يجب عليه رعايته بعده كما سبق. وگفته اند دوام تعلق بفرائض دارد ومحافظت بنوافل. والحاصل ان
فى تكرير ذكر الصلاة ووصفهم بها اولا وآخرا باعتبارين للدلالة على فضلها وانا؟؟؟ فتها على سائر الطاعات وتكرير الموصولات لتنزيل اختلاف الصفات منزلة اختلاف الذوات إيذانا بأن كل واحدة من تلك الصفات حقيق بأن يفردلها موصوف مستقل لشأنها الخطير ولا يجعل شىء منها تتمة للاخرى قال بعضهم دلت هذه الآية على ان التغاير المفهوم من العطف ليس بذاتى بلى هو اعتباري إذ لا يخفى انه ليس المراد من الدائمين طائفة والمحافظين اخرى فالمقصود مدح المؤمنين بما كانوا عليه فى عهد رسول الله من الأخلاق الحسنة والأعمال المرضية ففيه ترغيب لمن يجيئ منهم الى يوم القيامة وترهيب عن المخالفة قال فى برهان القرآن قوله الا المصلين عد عقيب ذكرهم الخصال المذكورة أول سورة المؤمنين وزاد فى هذه السورة والذين هم بشهاداتهم قائمون لانه وقع عقيب قوله والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون واقامة الشهادة امانة يؤديها إذا احتاج إليها صاحبها لاحياء حق فهى إذا من جملة الامانة فى سورة المؤمنين وخصت هذه السورة بزيادة بيانها كما خصت باعادة ذكر الصلاة حيث يقول والذين هم على صلاتهم يحافظون بعد قوله الا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون انتهى وقال القاشاني والذين هم على صلاة القلب وهى المراقبة يحافظون او صلاة النفس على الظاهر وفى فتح الرحمن واتفق القراء على الافراد فى صلاتهم هنا وفى الانعام بخلاف الحرف المتقدم فى المؤمنين لانه لم يكتنفها فيهما ما كتفها فى المؤمنين قبل وبعد من عظيم الوصف المتقدم وتعظيم الجزاء فى المتأخر فناسب لفظ الجمع ولذلك قرأ به اكثر لقرآء ولم يكون ذلك فى غيرها فناسب الافراد أُولئِكَ المصوفون بما ذكر من الصفات الفاضلة فِي جَنَّاتٍ اى مستقرون فى جنات لا يقادر قدرها ولا يدرك كنهها مُكْرَمُونَ بالثواب الابدى والجزاء السرمدي اى سيكونون كذلك فكأن الإكرام فيها واقع لهم الآن وهو خبر آخر أو هو الخبر وفى جنات متعلق به قدم عليه لمراعاة الفواصل او بمضمر هو حال من الضمير فى الخبر أي مكرمون كأنيين فى جنات فَمالِ الَّذِينَ اى فما بال الذين كَفَرُوا وحرموا من الاتصاف بالصفات الجليلة المذكورة وما استفهامية للانكار فى موضع رفع بالابتداء والذين كفروا خبرها واللام الجارة كتبت مفصولة اتباعا لمصحف عثمان رضى الله عنه قال فى فتح الرحمن وقف ابو عمرو والكسائي بخلاف عنه على الالف دون اللام من قوله فمال هؤلاء فى النساء ومال هذا الكتاب فى الكهف ومال هذا الرسول فى الفرقان وفمال الذين فى سأل ووقف الباقون فى فمال على اللام اتباعا للخط بخلاف عن الكسائي قال ابن عطية ومنعه قوم جملة لانها حرف جر فهى بعض المجرور وهذا كله بحسب ضرورة وانقطاع نفس واما ان اختار أحد الوقف فيما ذكرناه ابتداء فلا انتهى قِبَلَكَ حال من المنوي فى للذين كفروا اى فمالهم ثابتين حولك مُهْطِعِينَ حال من المتمكن فى قبلك من الإهطاع وهو الاسراع اى مسرعين نحوك مادى أعناقهم إليك مقبلين بأبصارهم عليك عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ الجار متعلق بعزين لانه بمعنى مفترقين وعزين حال بعد حال من المنوي فى للذين اى فرقاشتى وبالفارسية كروه كروه
حلقه زدكان. جمع عزة وهى الفرقة من الناس وأصلها عزوة من العزو بمعنى الانتماء والانتساب كأن كل فرقة تعتزى الى غير من تعتزى اليه الاخرى اما فى الولادة او فى المظاهرة فهم مفترقون كان المشركون يتحلقون حول رسول الله حلقا حلقا وفرقا فرقا ويستهزئون بكلامه ويقولون ان دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد فلندخلنها قبلهم فنزت أَيَطْمَعُ الطمع نزوع النفس الى الشيء شهوة له واكثر الطمع من جهة الهوى كُلُّ امْرِئٍ هر مردى مِنْهُمْ اى من هؤلاء المهطعين أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ بالايمان اى جنة ليس فيها الا التنعم المحض من غير تكدر وتنغص كَلَّا ردع لهم عن ذلك الطمع الفارغ اى اتركوا هذا الطمع واقطعوا مثل هذا الكلام وبالفارسية نه اينچنين است وكافرانرا در بهشت راه نيست آن. قيل كيف يكون الطمع وهم قالوا ذلك استهزاء أجيب بأن الله عليم بأحوالهم فلعل منهم من كان يطمع والا فيكون المراد من الردع قطع وهم الضعفاء عن احتمال صدق قولهم لعل وجه إيراد يدخل مجهولا من الإدخال دون يدخل معلوما من الدخول مع انه الظاهر فى رد قولهم لندخلنها اشعار بأنه لا يدخل من يدخل الا بإدخال الله وامره للملائكة به وبأنهم محرومون من شفاعة تكون سببا للدخول وبأن اسناد الدخول اخبارا وإنشاء انما يكون للمرضى عنهم والمكرمين عند الله بايمانهم وطاعتهم كقوله تعالى أولئك يدخلون الجنة وقوله ادخلوا الجنة وفى تنكير جنة اشعار بأنهم مردودون من كل جنة وان كانت الجنان كثيرة وفى توصيفها بنعيم اشعار بأن كل جنة مملوءة بالنعمة وان من طرد من راحة النعيم وقع فى كدر الجحيم وفى إيراد كل اشعار بأن من آمن منهم بعد قولهم هذا وأطلع الله ورسوله حق له الطمع وتعميم للردع لكل منهم كائنا من كان ممن لم يؤمن إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ كما قال ولقد علمتم النشأة الاولى وهو كلام مستأنف ومن ذلك وضع السجاوندى علامة الطاء على كلالتمام الكلام عنده قد سيق تمهيدا لما بعده من بيان قدرته تعالى على أن يهلكهم لكفرهم بالبعث والجزاء واستهزائهم برسول الله وبما نزل عليه من الوحى وادعائهم دخو الجنة بطريق السخرية وينشئ بدلهم قوما آخرين فان قدرته تعالى على ما يعلمون من النشاة الاول من حال النطفة ثم العلقة ثم المضغة حجة بينة على قدرته تعالى على ذلك كما تفصح عنه الفاء الفصيحة فى قوله تعالى فلا أقسم وفى التأويلات النجمية انا خلقناهم من الشقاوة الازلية للعداوة الأبدية باليد اليسرى الجلالية القهرية كيف ينزلون مكان من خلقهم من السعادة الأزلية للمحبة الأبدية باليد اليمنى الجالية اللطفية هذا مما يخالف الحكمة الالهية والاردة السرمدية ولا عبرة بالنطفة والطين لاشتراك الكل فيهما وانما العبرة بالاصطفائية والخاصية فى المعرفة فمن عرف الله كان فى جوار الله لان ترابه من ترات الجنة فى الحقيقة وروحه من نور الملكوت ومن جهله كان فى بعد عنه لانه من عالم النار فى الحقيقة وكل يرجع الى أصله فَلا أُقْسِمُ اى أقسم كما سبق نظائره (وقال الكاشفى) فلا پس نه چنانست كه كفار ميكويند اقسم سوكند ميخورم بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ جمع
المشارق والمغارب اما لان المراد بهما مشرق كل يوم من السنة ومغربه فيكون لكل من الصيف والشتاء مائة وثمانون مشرقا ومغربا وبالفارسية بآفريدگار مشرقها كه آفتاب دارد وهر روز از نقطه ديكر طلوع مينمايد وبخداوند مغربها كه آفتاب راهست وهر روز بنقطه ديكر غروب ميكند او مشرق كل كوكب ومغربه يعنى مراد مشارق ومغارب نجومست چهـ هر يك از ايشان را محل شروق وغروب از دائرة أفق نقطه ديكرست. او المراد بالمشرق ظهور دعوة كل نبى وبالمغرب موته أو المراد انواع الهدايات والخذلانات إِنَّا لَقادِرُونَ جواب القسم عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ اى نبدلهم حذف المفعول الاول للعلم به وخيرا مفعوله الثاني بمعنى التفضيل على التسليم إذ لا خير فى المشركين او نهلكهم بالمرة حسبما تقتضيه جناياتهم ونأتى بدلهم بخلق آخرين ليسوا على صفتهم ولم تقع هذا التبديل وانما ذكر الله ذلك تهديدا لهم لكى يؤمنوا وقيل بدل الله بهم الأنصار والمهاجرين وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ بمغلوبين ان أردنا ذلك لكن مشيئتنا المبنية على الحكم البالغة اقتضت تأخير عقوباتهم وبالفارسية يعنى كسى بر ما پيشى نتواند كرفت اگر اراده امرى كنيم ومغلوب نتوان ساخت در اظهار آن.
وقيل عاجزين لان من سبق الى شىء عجز فَذَرْهُمْ فخلهم وشأنهم يَخُوضُوا ويشرعوا فى باطلهم الذي من جملته ما حكى عنهم وهو جواب الأمر وهو تهديد لهم وتوبيخ كقوله اعملوا ما شئتم وَيَلْعَبُوا فى الدنيا بالاشتغال بما لا ينفعهم وأنت مشتغل بمأمرت به وهذه الآية منسوخة بالسيف حَتَّى يُلاقُوا من الملاقاة بمعنى المعاينة يَوْمَهُمُ هو يوم البعث عند النفخة الثانية والاضافة لانه يوم كل الخلق وهم منهم أو لأن يوم القيامة يوم الكفار من حيث العذاب ويوم المؤمنين من جهة الثواب فكأنه يومان يوم للكافرين ويوم للمؤمنين الَّذِي يُوعَدُونَ الآن او على الاستمرار وهو من الوعد كقولهم متى هذا الوعد ويجوز أن يكون من الإيعاد وهو بالفارسية بيم كردن يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ بدل من يومهم ولذا حمل على يوم البعث جمع جدث وهو القبر سِراعاً حال من مرفوع يخرجون جمع سريع كظراف جمع ظريف اى مسرعين الى جانب الداعي وصوته وهو اسرافيل ينادى على الصخرة كما سبق كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ حال ثانية من المرفوع وهو كل ما نصب فعبد من دون الله وعن ابن عمر رضى الله عنهما هو شبكة يقع فيها الصيد فيسارع إليها صاحبها وأحد الأنصاب كما قال تعالى وما ذبح على النصب وكان للعرب حجارة تعبدها وتذبح عليها وقال الأخفش جمع نصب كرهن ورهن والأنصاب جمع الجمع يُوفِضُونَ من الايفاض وهو بالفارسية شتافتن. وأصله متعد أي يسرعون أيهم يستمله اولا وفيه تهجين لحالهم الجاهلية وتهكم بهم بذكر جهالتهم التي اعتادوها من الاسراع الى ما لا يملك نفعا ولا ضرا خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ حال من فاعل يوفضون وأبصارهم فاعلها على الاسناد المجازى يعنى وصفت أبصارهم بالخشوع مع انه وصف الكل لغاية ظهور آثاره فيها والمعنى ذليلة خاضعة لا يرفعون ما يتوقعون من العذاب تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ هو ايضا حال من فاعل يوفضون اى تغشاهم ذلة شديدة وحقارة عظيمة وهو بالفارسية خوارى ونكونسارى ذلِكَ