المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير سورة المعارج - روح البيان - جـ ١٠

[إسماعيل حقي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء العاشر

- ‌تفسير سورة التغابن

- ‌تفسير سورة الطلاق

- ‌تفسير سورة التحريم

- ‌سورة الملك مكية

- ‌تفسير سورة ن

- ‌تفسير سورة الحاقة

- ‌تفسير سورة المعارج

- ‌سورة نوح

- ‌تفسير سورة الجن

- ‌تفسير سورة المزمل

- ‌تفسير سورة المدثر

- ‌تفسير سورة القيامة

- ‌تفسير سورة الإنسان

- ‌تفسير سورة المرسلات

- ‌تفسير سورة النبأ

- ‌تفسير سورة النازعات

- ‌تفسير سورة عبس

- ‌تفسير سورة التكوير

- ‌تفسير سورة الانفطار

- ‌تفسير سورة المطففين

- ‌تفسير سورة الانشقاق

- ‌تفسير سورة البروج

- ‌تفسير سورة الطارق

- ‌تفسير سورة الأعلى

- ‌تفسير سورة الغاشية

- ‌تفسير سورة الفجر

- ‌تفسير سورة البلد

- ‌تفسير سورة الشمس

- ‌تفسير سورة الليل

- ‌تفسير سورة الضحى

- ‌تفسير سورة الم نشرح

- ‌تفسير سورة التين

- ‌تفسير سورة العلق

- ‌تفسير سورة القدر

- ‌تفسير سورة القيامة

- ‌تفسير سورة الزلزلة

- ‌تفسير سورة العاديات

- ‌تفسير سورة القارعة

- ‌تفسير سورة التكاثر

- ‌تفسير سورة العصر

- ‌تفسير سورة الهمزة

- ‌تفسير سورة الفيل

- ‌تفسير سورة الإيلاف

- ‌تفسير سورة الماعون

- ‌تفسير سورة الكوثر

- ‌تفسير سورة الكافرين

- ‌تفسير سورة النصر

- ‌تفسير سورة المسد

- ‌تفسير سورة الإخلاص

- ‌تفسير سورة الفلق

- ‌تفسير سورة الناس

الفصل: ‌تفسير سورة المعارج

الحق واهل الذوق وقال القاشاني نزه الله وجرده عن شوب الغير بذلك الذي هو اسمه الأعظم الحاوي للاسماء كلها بان لا يظهر فى شهودك تلوين من النفس او القلب فحتجب برؤية الاثنينية او الأنانية والا كنت مشبها لا مسبحا روى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه قال خرجت يوما بمكة متعرضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته قد سبقنى الى المسجد فجئت فوقفت وراءه فافتتح سورة الحاقة فلما سمعت سرد القرآن قلت فى نفسى انه لشاعر كما يقول قريش حتى بلغ الى قوله انه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين ثم مر حتى انتهى الى آخر السورة فأدخل الله فى قلبى الإسلام تمت سورة الحاقة بعون الله تعالى فى السابع عشر من شهر رمضان من شهور سنة ست عشرة ومائة والف

‌تفسير سورة المعارج

اربع وأربعون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم

سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ من السؤال بمعنى الدعاء والطلب يقال دعا بكذا استدعاه وطلبه ومنه قوله تعالى يدعون فيها بكل فاكهة اى يطلبون فى الجنة كل فاكهة والمعنى دعا داع بعذاب واقع نازل لا محالة سوآء طلبه او لم يطلبه اى استدعاه وطلبه ومن التوسعات الشائعة فى لسان العرب حمل النظير على النظير وحمل النقيض على النقيض فتعدية سأل بالباء من قبيل التعدية بحمل النظير على النظير فانه نظير دعا وهو يتعدى بالباء لا من قبيل التعدية بالتضمين بأن ضمن سأل معنى دعا فعدى تعديته كما زعمه صاحب الكشاف لان فائدة التضمين على ما صرح به ذلك الفاضل فى تفسير سورة النحل إعطاء مجموع المعنيين ولا فائدة فى لجمع بين معنى سأل ودعا لان أحدهما يغنى عن الاخر والمراد بهذا السائل على ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما واختاره الجمهور هو النضر بن الحارث من بنى عبد الدار حيث قال إنكارا واستهزاء اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم وصيغة الماضي وهو واقع دون سيوقع للدلالة على تحقق وقوعه اما فى الدنيا وهو عذاب يوم بدر فان النضر قتل يومئذ صبرا واما فى الآخرة وهو عذاب النار وعن معاوية انه قال لرجل من اهل سبأ ما أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة قال أجهل من قومى قومك قالوا لرسول الله عليه السلام حين دعاهم الى الحق ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء ولم يقولوا ان كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له وقيل السائل هو الرسول عليه السلام استعجل بعذابهم وسأل أن يأخذهم الله أخذا شديدا ويجعله سنين كسنى يوسف وان قوله تعالى سأل سائل حكاية لسؤالهم المعهود على طريقة قوله تعالى يسألونك عن الساعة وقوله تعالى متى هذا الوعد ونحوهما إذ هو المعهود باوقوع على الكافرين لا ما دعا به النضر فالسؤال بمعناه

ص: 153

وهو التفتيش والاستفسار لان الكفرة كانوا يسألون النبي عليه السلام وأصحابه إنكارا واستهزاء عن وقوعه وعلى من ينزل ومتى ينزل والباء يمعنى عن كما فى قوله تعالى فاسأل به خبيرا اى فاسأل عنه لان الحروف العوامل يقوم بعضها مقام بعض باتفاق العلماء وعن الامام الواحدي ان الباء فى بعذاب زائدة للتأكيد كما فى قوله تعالى وهزى إليك بجذع النخلة اى عذابا واقعا كقولك سألته الشيء وسألته عن الشيء لِلْكافِرينَ اى عليهم فاللام بمعنى على كما فى قوله تعالى وان اسأتم فلها ان فعليها او بهم فاللام بمعنى الباء على كما فى قوله تعالى وان اسأتم فلها اى فعليها او بهم فاللام بمعنى الباء على ما ذهب بعضهم فى قوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله اى بأن يعبدوا الله او على معناه اى نازل لاجل كفرهم ومتعلقه على التقادير الثلاثة هو واقع قال بعض العارفين بهذا وصف اهل الأمل والظن الكاذب الذين يظنون انهم يتركون فى قبائح أعمالهم وهم لا يعذبون لَيْسَ لَهُ اى لذلك العذاب دافِعٌ مِنَ اللَّهِ اى من جهته تعالى إذا جاء وقته وأوجبب الحكمة وقوعه ذِي الْمَعارِجِ صفة لله لانه من الأسماء المضافة مثل فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا ونحوهما والمعارج جمع معرج بفتح الميم هنا بمعنى مصعد وهو موضع الصعود قال الراغب العروج ذهاب فى صعود والمعارج المصاعد ومعنا ذى المعارج بالفارسية خداوند در جهان بلند است. والمراد الافلاك التسعة المرتبة بعضها فوق بعض وهى السموات السبع والكرسي والعرش تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ المأمورون بالنزول والعروج دون غيرهم من المهيمين ونحوهم لان من الملائكة من لا ينزل من السماء أصلا ومنهم من لا يعرج من الأرض قطعا وَالرُّوحُ اى جبريل أفرده بالذكر لتميزه وفضله كما فى قوله تعالى تنزل الملائكة والروح فقد ذكر مع نزولهم فى آية وعروجهم فى اخرى إِلَيْهِ اى يعرجون من مسقط الأمر الى عرشه والى حيث تهبط منه أوامره كقول ابراهيم عليه السلام انى ذاهب الى ربى اى الى حيث أمرني ربى بالذهاب اليه فجعل عروجهم الى العرش عروجا الى الرب لان العرش مجلى صفة الرحمانية فمنه تبتدأ الاحكام والى حيث شاء الله تعالى تهبط الملائكة بأعمال بنى آدم الى الله تعالى والروح إليها ناظر في ذلك المشهد (فى يوم) متعلق بتعرج كألى (كان مقداره خمسين الف سنة) مما يعده الناس كما صرح به قوله تعالى فى يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون وقوله خمسين خبر كان وهو من باب التشبيه البليغ والأصل كمقدار مدة خمسين الف سنة.

واعلم ان تحقيق هذه الآية يستدعى تمهيد مقدمه وهى ان المبروج اثنا عشر على ما أفاده هذا البيت وهو قوله

چون حمل چون ثور و چون جوزا وسرطان واسد

سنبله ميزان وعقرب قوس وجدى ودلو وحوت

وكان مبدأ الدولة العرشية من الميزان ومنه الى الحوت أوجد الله فيه الأرواح السماوية والصور الاصلية الكلية التعينة فى جوف العرش ولكل برج يوم مخصوص به ومدة

ص: 154

هذه البروج السته وهى الميزان والعقرب والقوس والجدى والدلو والحوت أحد وعشرون الف سنة ومن الحمل الى برج السنبلة فى الحكم خمسون الف سنه ومدة دور السنبلة سبعة آلاف سنة وهى الآخرة وفى أول هذه الدورة التي هى دور السنبلة بموجب الأمر الإلهي الموحى به هناك ظهر النوع الإنساني وبعث نبينا عليه السلام فى الالف الآخر من السبعة وفى الاجزاء البرزخية بين احكام دور السنبلة ودور الميزان المختص بالآخرة فانه إذا تم دور البروج الاثني عشر ينتقل الحكم الى الميزان وهو زمان القيامة الكبرى فأخذنا كفة الالف الاولى للدنيا فى الدولة المحمدية والكفة الأخرى للآخرة والحشر اى أخذنا النصف الاول من الف الميزان الثاني لهذه النشأة والنصف الأخير منه للنشأة الآخرة ولهذا استقرت الاخبار فى قيام الساعة وامتدادها الى خمسمائة سنة بعد الالف وهى النصف الاول من الالف الثاني من الميزان الثاني ولم يتجاوز حد الدنيا ذلك عند أحد من علماء الشريعة فبعث النبي عليه السلام فى زمان امتزاج الدنيا بالآخرة كالصح الذي هو أول النهار المشرع ومنه الى طلوع الشمس نظر الزمان الذي هو من المبعث الى قيام الساعة فكما يزداد الضوء بعد طلوع الفجر بالتدريج شيأ بعد شىء كذلك ظهور احكام الآخرة من حين المبعث يزداد الى زمان طلوع الشمس من مغربها كما أشار عليه السلام اليه بقوله بعثت انا والساعة كفرسى رهان وبقوله لا تقوم الساعة حتى يكلم الرجل عذبة سوطه وحتى يحدثه فخذه بما يصنع اهله بعده وكذا يسمع جمهور الناس فى آخر الزمان نطق الجمادات والنباتات والحيوانات على ما ورد فى الاخبار الصحيحة فلليوم مراتب واحكام. فيوم كالآن وهو أدنى ما يطلق عليه الزمان ومنه يمتد الكل وهو المشار اليه بقوله تعالى كل يوم هو فى شأن فسمى الزمن الفرد يوما لان الشان يحدث فيه وهو أصغر الأزمان وأدقها والساري فى كل الأدوار سريان المطلق فى المقيد. ويوم كألف سنة وهو اليوم الإلهي ويوم الاخرة كمال قال تعالى وان يوما عند ربك كألف سنة وقال يدبر الأمر من السماء الى الأرض ثم يعرج اليه فى يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون. ويوم كخمسين الف سنة والى ما لا يتناهى كيوم اهل الجنة فلاحد لاكبر الأيام يوقف عنده فهذا اليوم الذي كان مقداره خمسين الف سنة هو يوم المعراج ويوم القيامة ايضا. در فتوحات آورده كه هر اسمى را از اسماء الهيه روزيست خاص كه تعلق بدو دارد ودر قرآن در روز از انها مذكور است يوم الرب كه هزار سالست ويوم ذى المعارج كه پنجاه هزار سالست. وكل الف سنة دورة واحدة تقع فيها القيامة الصغرى لاهل الدنيا بتبديل الاحكام والشرائع وأنواع الهياكل والنفوس وكل سبعة آلاف سنة دورة لنوع خاص كالانسان وكل خمسين الف سنة دورة ايضا تقع فيما القيامة الكبرى فيفنى العالم واهله وكان عروج الملائكة من الأرض الى السماء ونزولهم من السماء الى الأرض لاجراء احكام الله وإنفاذ امره فى مدة البروج الستة الآخر التي هى الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة وهى خمسون الف سنة كما سبق وعند العارفين يطلق على نزول الملائكة العروج ايضا وان كانت حقيقة العروج انما هى لطالب العلو

ص: 155

وذلك لان لله تعالى فى كل موجود تجليا ووجها خاصا به يحفظه فنزول الملائكة وعروجهم دائما الى الحق لعدم تحيزه وكل ما كان اليه فهو عروج وان كان فى السفليات لانه هو العلى الأعلى فهو صفة علو على الدوام وجعلت اجنحة الملائكة للهبوط عكس الطائر عبرة ليعرف كل موجود عجزه وعدم تمكنه من تصرفه فوق طاقته التي أعطاها الله له فالملائكة إذا نزلت نزلت بجناحها وإذا علت علت بطبعها والطيور بالعكس فاعلم ذلك وكذلك يكون عروجهم

ونزولهم اى يقع فى اليوم الطويل الذي هو يوم القيامة لاجراء احكام الله على ما شاء وإنفاذ امره على مقتضى علمه وحكمته وهو مقدار خمسين الف سنة من سنى الدنيا ودل على مدة هذا اليوم قوله عليه السلام ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدى منها حقها الا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها فى نار جهنم اى مرة ثانية ليشتد حرها فيكون بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له اى لمكيه الى نار جهنم فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله اما الى الجنة اى ان لم يكن له ذنب سوه او كان ولكن الله عفا عنه واما الى النار اى ان كان على خلاف ذلك رواه مسلم (وروى) ان للقيامة خمسين موقفا يسأل العبد فى كل منها عن امر من امور الدين فان لم يقدر على الجواب وقف فى كل موقف بمقدار اليوم الإلهي الذي هو الف سنة ثم لا ينتهى اليوم الى ليل اى يكون وقت اهل الجنة كالنهار ابدا ويكون زمان اهل النار كالليل ابدا إذ كما لا ظلمة لاهل النور كذلك لا نور لاهل الظلمة وفيه تذكير للعاقل على ان يوم القيامة إذا كان اوله مقدار خمسين الف سنة فماذا آخره ثم هذا الطول فى حق الكافر والعاصي لا المؤمن والمطيع لما روى ابو سعيد الخدري رضى الله عنه انه قيل لرسول الله عليه السلام ما أطول هذا اليوم فقال عليه السلام والذي نفسى بيده انه ليخف على المؤمن حتى يكون أخف من صلاة مكتوبة يصليها فى الدنيا وفى التمثيل بالصلاة اشارة الى وجه آخر لسر العدد وهو ان الكافر أضاع الصلاة وهى فى الأصل خمسون صلاة فكأنه عذب بكل واحدة منها الف سنة ولهذا السر يكلف يوم القيامة بالسجود لا بغيره ولا يلزم من وجود هذا اليوم بهذا الطول ومن عروج الملائكة فى اثنائه الى العرش أن يكون ما بين أسفل العالم وأعلى سرادقات العرش مسيرة خمسين الف سنة لان المراد بيان طول اليوم عروج الملائكة ونزولهم فى مثل هذا اليوم الى العرش ومنه لتلقى امره وتبليغه الى محله مرار او كرارا لا بيان طول المعارج لان ما بين مركز الأرض ومقعر السماء مسيرة خمسمائة عام وتخن كل واحدة من السموات السبع كذلك فيكون المجموع تسعة آلاف الى العرش اى بالنظر الظاهري والا فهى أزيد من ذلك بل من كل عدد متصور كما ستجيئ الاشارة اليه وقول من قال جعل ما بين الكرسي والعرش كما بين غيرهما غير موجه لما فى الحديث الصحيح ان فى الجنة مائة درجة أعدها الله للجاهدين فى سبيله كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض فيكون بين الكرسي الذي هو صحن الجنة وبين العرش الذي هو سقف الجنة خمسمائة سنة مائة مرة أولها من ارض الكرسي الى الدرجة السافلة

ص: 156

من العرش فيكون المجموع مقدار خمسين الف سنة تأمل تعرف ان كلامه ليس بصحيح من وجوه الاول ان المراد فى هذا المقام بيان الطول من أسفل العالم الى أعلاه وانه مقدار خمسين الف سنة لا من صحن الجنة الى سقفها لانه على ما ذكره من المسافة بين العرشين يزيد على ذلك المقدار بالنظر الى أسفل العالم زيادة بينة فلا يحصل المقصود ولثانى ان المراد النبي عليه السلام من التمثيل بما بين السماء والأرض ليس التحديد بل بيان مجرد السعة وطول الامتداد بما لا يعرفه الا الله كما يقتضيه المقام والثالث ان الحديث الذي أورده لا يدل على ان نهاية الدرجة الاخيرة من تلك الدرجات منتهة الى الدرجة السافلة من العرش بل هو ساكت عنه فيجوز أن يكون المقدار أزيد مما ذكره لان طبقات المجاهدين متفاوتة على ان سقف الجنة وان كان هو عرش الرحمن لكن المراد به ذروته وهى التي ينتهى دونها عالم التركيب وهى موضع قدم النبي عليه السلام ليلة المعراج وما بين أسفل الجنة من محدب الكرسي الى أعلاها من تلك الذروة التي هى محدب العرش لا حد له يعرف على ما سيجيئ فى سورة الأعلى ان شاء الله تعالى فاذا تحققت هذا البيان الشافي فى الآية الكريمة وهو الذي أشار اليه الحكماء الالهية فدع عنك القيل والقال الذي قرره اهل المراء والجدال فمنه ان قوله فى يوم بيان لغابة ارتفاع تلك المعارج وبعد مداها على منهاج التمثيل

والتخييل والمعنى من الارتفاع بحيث لو قدر قطعها فى ذلك لكان ذلك الزمان مقدار خمسين الف سنة من ستى الدنيا انتهى وفيه ان كونه محمولا على التمثيل انما يظهر إذا فسرت المعارج بغير السموات وهو خلاف المقصود ومنه ان معناه تعرج الملائكة والروح الى عرشه فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة اى يقطعون فى يوم من ايام الدنيا ما يقطعهه الإنسان فى خمسين الف سنة لو فرض ذلك القطع وذلك لغاية سرعتهم وقوتهم على الطيران وبالفارسية اگر يكى از بنى آدم خواهد كه سير كند از دنيا تا آنجا كه محل امر ملائكه است وايشان بيكروز ميروند او بدين مقدار سال تواند رفت انتهى. وفيه ان سير الملائكة لحظى فيصلون من أعلى الأوج الى أسفل الحضيض فى آن واحد فتقدير سيرهم باليوم المعلوم فى العرف غير واضح ومنه ان اليوم فى الآية عبارة عن أول ايام الدنيا الى انقضائها وانها خمسون ألف سنة لا يدرى أحدكم مضى وكم بقي الا الله تعالى انتهى وفيه ان ايام الدنيا تزيد على ذلك زيادة بينة كما لا يخفى على اهل الأخيار وعندى انها ثلاثمائة وستون ألف سنة بمقدار ايام السنة دل عليه قولهم ان عمر الإنسان جامعة من جمع الآخرة وقد اسلفناه فى موضعه ومنه ان المراد باليوم هو يوم من ايام الدنيا يعرج فيه الأمر من منتهى أسفل الأرضين الى منتهى أعلى السموات ومقدار ذلك اليوم خمسون ألف سنة واما اليوم الذي مقداره ألف سنة كما فى سورة الم السجدة فباعتبار نزول الأمر من السماء الى الأرض وباعتبار عروجه من الأرض الى السماء فللنزول خمسمائة وكذا للصعود والمجموع ألف وفيه انه زاد فى الطنبور نغمة اخرى حيث اعتبر العروج من أسفل الأرضين ليطول المسافة وظاهر انه لا يتم المقصود بذلك ومنه ان المراد تصعد الحفظة باعمال بنى آدم كل يوم الى محلى قربته

ص: 157

وكرامته وهو السماء فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة من سنى الدنيا لو صعد فيه غير الملك لان الملك يصعد من منتهى امر الله من أسفل السفل الى منتهى امره من فوق السماء السابعة فى يوم واحد ولو صعد فيه بنوا آدم لصعدوا فى خمسين ألف سنة انتهى وفيه ما فى السابق من تقدير اليوم فى حق الملائكة مع ان قصر الصعود على الصعود بمجرد العمل قصور لانه شأن الملائكة الحافظين والآية مطلقة عامة لهم ولغيرهم من المدبرات ومنه ان قوله فى يوم متعلق بواقع على أن يكون المراد به يوم القيامة والمعنى يقع العذاب فى يوم طويل مقداره خمسون الف سنة من سنى الدنيا فتكون جملة قوله تعرج الملائكة معترضة بين الظرف ومتعلقه انتهى وفيه انه من ضيق العطن لانه لا مانع من ارادة يوم القيامة على تقدير تعلقه بتعرج ايضا على ما عرف من تقديرنا السابق فان قلت لماذا وصف الله ذاته فى مثل هذا المقام بذي المعارج قلت للتنبيه على ان عروج الملائكة على مصاعد الافلاك ونزولهم منها انما هو للامر الإلهي كما قال تعالى يتنزل الأمر بينهن ومن امره إيصال اللطف الى أوليائه وإرسال القهر على أعدائه ففيه تحذير للكفار من عقوبة السماء النازلة بواسطة الملائكة كما وقعت للامم الماضية المكذبة وزجر لهم عما يؤدى الى المحاسبة الطويلة يوم القيامة هذا ما تيسر لى فى هذا المقام والعلم عند الله العلام وفى التأويلات النجمية فى ذى المعارج اى يصعد بتعذيب اهل الشهوات واللذات مرتبة فوق مرتبة ومصعدا فوق مصعد من معرج نفوسهم الى معرج قلوبهم ومنه الى معرج سرهم ومنه الى معرج روحهم يعذبهم فى كل مرتبة عذابا أشد من أول وفى قوله تعالى تعرج إلخ اى تعرج الخواطر الروحانية خصوصا خاطر جبريل الروح فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة من ايام الله وهى ايام السماء التي تحت حيطة الله الاسم الجامع فافهم قال القاشاني ذى المعارج اى المصاعد وهى مراتب الترقي من مقام الطبائع الى مقام المعادن بالاعتدال ثم الى مقام النبات ثم الى الحيوان ثم الى الإنسان فى مدارج الانتقالات المترتبة بعضها فوق بعض ثم فى منازل السلوك بالانتباه واليقظة والتوبة والانابة الى آخر ما أشار اليه اهل السلوك من منازل اليقين ومناهل القلب فى مراتب الفناء فى الافعال فى الذات مما لا يحصى كثرة فان له تعالى بإزاء كل صفة مصعدا بعد المصاعد المتقدمة

على مقام والصفات الى الفناء الفناء فى الصفات تعرج الملائكة من القوى الارضية والسمائية فى وجود الإنسان والروح الإنساني الى حضرته الذاتية الجامعة فى القيامة الكبرى فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة وهو يوم من ايام الله العلى بالذات ذى المعارج العلى وهى الأيام الستة السرمدية من ابتداء الأزل الى انتهاء الابد واما اليوم المقدار بألف سنة فى قوله وان يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون فهو يوم من ايام الرب المدبر الذي وقت به العذاب وانجاز الوعد فى قوله ويسعجلونك بالعذاب ولن بخلف الله وعده والتدبير فى قوله يدبر الأمر من السماء الى الأرض ثم يعرج اليه فى يوم كان مقدار الف سنة مما تعدون وذلك اليوم الأخير من الأسبوع الذي هو مدة الدنيا المنتهية بنبوة الخاتم صلى الله عليه وسلم والذي قال فيه ان استقامت أمتي فلها يوم وان لم تسبقم فلها نصف يوم مع قوله بعثت انا والساعة كهاتين

ص: 158

فهذا يوم من ايام الربوبية والتدبير واما اليوم الذي هو من الأيام الالوهية فهو مقدار ابتداء الربوبية بأسماء الله الغير المتناهية التي تندرج معها لا تناهيها فى الأسماء السبعة وهى الحي العالم القادر المريد السميع البصير المتكلم ولكل من هذه السبعة ربوبية مطلقة بالنسبة الى ربوبيات الأسماء المندرجة تحته ومقيدة بالنسبة الى ربوبية كل واحد من أخواته الى انتهائها بالتجلى الذاتي وكما ان هذا اليوم المذكور سع من ايام الدنيا فمدة الدنيا سبع من ذلك اليوم الإلهي الحاصل من ضرب ايام الدنيا فى عدد اسماء الربوبية وهى تسع وأربعون سنة وآخرة أول الخمسين الذي هو يوم واحد من ايام الله وهو يوم القيامة الكبرى فَاصْبِرْ يا محمد صَبْراً جَمِيلًا لا جزع فيه ولا شكوى لغير الله فان العذاب يقع فى هذه المدة المتطاولة التي تعرج فيها الملائكة والروح وعن الحسن الصبر الجميل هو المجاملة فى الظاهر وعن ابن بحر انتظار الفرج بلا استعجال وهو متعلق بسأل لان السؤال كان عن استهزاء وتعنت وتكذيب بالوحى وذلك ما يضجره عليه السلام او كان عن تضجر واستبطاء للنصر والمعونة إِنَّهُمْ اى اهل مكة يَرَوْنَهُ اى العذاب الواقع اى يزعمونه فى رأيهم بَعِيداً اى يستبعدونه بطريق الا حالة كما كانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا الآية من يحيى العظام وهى رميم فلذلك يسألون به وسبب استبعادهم عدم علمهم باستحقاقهم إياه يقول المرء لخصمه هذا بعيد رد الوقوعه وإمكانه وَنَراهُ اى نعلمه قَرِيباً لعلمنا باستحقاقهم إياه بحسب استعدادهم اى هينا فى قدرتنا غير بعيد علينا ولا متعذر فالمراد بالبعد هو البعد من الإمكان وبالقرب هو القرب منه وقال سهل رحمه الله انهم يرون المقضى عليهم من الموت والبعث والحساب بعيدا لبعد آمالهم ونرا قريبا فان كل كائن قريب والبعيد مالا يكون وفى الحديث ما الدنيا فيما مضى وما بقي الا كثوب شق باثنين وبقي خيط واحد ألا وكان ذلك الخيط قد انقطع قال الشاعر

هل الدنيا وما فيها جميعا

سوى طل يزول مع النهار

ما همچومسافريم در زير درخت

چون سايه برفت زود بردار درخت

ومن عجب الأيام انك قاعد

على الأرض فى الدنيا وأنت تسير

فسيرك يا هذا كسير سفينة

بقوم قعود والقلوب تطير

يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ وهو هاهنا خبث الحديد ونحوه مما يذاب على مهل وتدريج او دردى الزيت لسيلانه على مهل لثخانته وعن ابن مسعود كالفضة المذابة فى تلونها او كالقير والقطران فى سوادهما ويوم متعلق بقريبا اى يمكن ولا يتعذر فى ذلك اليوم اى يظهر إمكانه وإلا فنفس الإمكان لا اختصاص له بوقت او متعلق بمضمر مؤخر أي يوم تكون السماء كالمهل يكون من الأحوال والأهوال ما لا يوصف وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ العهن الصوف المصبوغ قال تعالى كالعهن المنفوش وتخصيص العهن لما فيه من اللون كما ذكر فى قوله تعالى فكانت وردة كالدهان والمعنى وتكون الجبال كالصوف المصبوغ ألوانا لاختلاف ألوان الجبال منها جدد بيض وحمر وغرابيب سود فاذا بست وطيرت فى الجو أشبهت العهن

ص: 159

المنفوش إذا طيرته الريح قال فى كشف الاسرار أول ما تنغير الجبال تصير رملا مهيلا ثم عهنا منفوشا ثم تصير هباء منثورا وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً اى لا يسأل قريب قريبا عن أحواله ولا يكلمه لابتلاء كل منهم بما يشغله عن ذلك وإذا كان الحال بين الأقارب هكذا فكيف يكون بين الأجانب والتنكير للتعميم يُبَصَّرُونَهُمْ استئناف كأنه قيل لعله لا يبصره فكيف يسأل عن حاله فقل يبصرونهم والضمير الاول لحميم أول والثاني للثانى وجمع الضميرين لعموم الحميم لكل حميمين لا لحميمين اثنين قال فى تاج المصادر التبصير بينا كردن. والتعريف والإيضاح ويعدى الى المفعول الثاني بالباء وقد تحذف الباء وعلى هذا يبصرونهم انتهى يعنى عدى يبصرونهم بالتضعيف الى ثان وقام الاول مقام الفاعل والشائع المتعارف تعديته الى الثاني بحرف الجر يقال بصرته به وقد يحذف الجار وإذا نسبت الفعل للمفعول به حذفت الجار وقلت بصرت زيدا وما فى الآية من هذا القبيل والمعنى يبصر الاحماء الاحماء يعنى بينا كرده شوند ايشان بخويشان خود. فلا يخفون عليهم ولا يمنعهم من التساؤل الا تشاغلهم بحال أنفسهم وليس فى القيامة مخلوق الا وهو نصب عين صاحبه فيبصر الرجل أباه وأخاه وأقرباءه وعشيرته ولكن لا يسأله ولا يكلمه لاشتغاله بما هو فيه قال ابن عباس رضى الله عنهما يتعارفون ساعة ثم يتناكرون يَوَدُّ الْمُجْرِمُ اى يتمنى الكافر وقيل كل مذنب لَوْ بمعنى التمني فهو حكاية لودادتهم يَفْتَدِي فدا دهد. وهو حفظ الإنسان عن التائبة بما يبذل عنه مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ اى من العذاب الذي ابتلوا به يوم إذ كان الأمر ما ذكر وهو بكسر الميم لاضافة العذاب اليه وقرئ يومئذ بالفتح على البناء للاضافة الى غير متمكن بِبَنِيهِ أصله بنين سقطت نونه بالاضافة وجمعه لان كثرتهم محبوبة مرغوب فيها وَصاحِبَتِهِ زوجته التي يصاحبها وَأَخِيهِ الذي كان ظهيرا له ومعينا والجملة استئناف لبيان ان اشتغال كل مجرم بنفسه بلغ الى حيث يتمنى أن يفتدى بأقرب الناس اليه واعلقهم بقلبه ويجعله فدآء لنفسه حتى ينجو هو من العذاب فضلا عن أن يهتم بحاله ويسأل عنها كأنه قيل كيف لا يسأل مع تمكنه من السؤال فقيل يود إلخ وَفَصِيلَتِهِ وهى فى الأصل القطعة المفصولة من الجسد وتطلق على الآباء الأقربين وعلى الأولاد لان الولد يكون مفصولا من الأبوين فلما كان الولد مفصولا منهما كانا مفصولين منه ايضا فسمى فصيلة لهذا السبب والمراد بالفصيلة فى الآية هو الآباء الأقربون والعشيرة الأدنون لقوله وبنيه الَّتِي تُؤْوِيهِ أوى الى كذا انضم اليه وآواه غيره كما قال تعالى آوى اليه أخاه اى ضمه الى نفسه فمعنى تؤويه تضمه إليها فى النسب او عند الشدائد فيلوذ بها وبالفارسية وخويشان خود را كه جاى داده اند او را در دنيا نزد خود يعنى پناگاه وى بوده اند وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً من الثقلين والخلائق ومن للتغليب ثُمَّ يُنْجِيهِ عطف على يفتدى اى يود لو يفتدى ثم ينجيه الافتداء وثم لاستبعاد الانجاء يعنى يتمنى لو كان هؤلاء جميعا تحت يده وبذلهم فى فدآء نفسه ثم ينجيه ذلك وهيهات أن ينجيه وفيه اشارة الى مجرم الروح المنصبغ بصبغة النفس فانه يود أن يفتدى من هول

ص: 160

عذاب يوم الفراق والاحتجاب بينى القلب وصفاته وصاحبة نفسه وأخي سره وفصيلته اى توابعه وشيعته ومن فى ارض بشريته جميعا من القوى الروحانية والجسمانية ثم ينجيه هذا الافتداء ولا ينفعه لفساد الاستعداد وفوات الوقت كَلَّا ردع للمجرم عن الودادة وتصريح بامتناع إنجاء الافتداء اى لا يكون كما يتمنى فانه بهيئته الظلمانية الحاصلة من الاجرام استحق العذاب فلا ينجو منه وفى الحديث يقول الله لأهون اهل النار عذابا يوم القيامة لو أن لك ما فى الأرض من شىء أكنت تفتدى به فيقول نعم فيقول أردت منك أهون من هذا وأنت فى صلب آدم ان لا تشرك بي وعن القرطبي ان كلا يكون بمعنى الردع وبمعنى حقا وكلا الوجهين جائز ان هنا فعلى الثاني يكون تمام الكلام ينجيه فيوقف عليه ويكون كلا من الجملة الثانية التي تليه والمحققون على الاول ومن ذلك وضع السجاوندى علامة الوقف المطلق على كلا إِنَّها اى النار المدلول عليها بذكر العذاب والمراد جهنم لَظى وهو علم للنار وللدرك الثاني منها منقول من اللظى بمعنى اللهب الخالص الذي لا يخالطه دخان فيكون فى غاية الإحراق لقوة حرارته النارية بالصفاء وهو خبر ان بمعنى مسماة بهذا الاسم ويجوز أن يراد اللهب الخالص على الأصل فيكون خبرا بلا تأويل (كما قال الكاشفى) بدرستى كه آتش دوزخ كه مجرم ازو فدا دهد زبانه ايست خالص (وفى كشف الاسرار) آن آتشى است زبانه زن نَزَّاعَةً لِلشَّوى نزع الشيء جذبه من مقره وقلعه والشوى الأطراف اى الأعضاء التي ليست بمقتل كالايدى والأرجل ونزاعة على الاختصاص للتهويل اى اعنى بلظى جذابة للاعضاء الواقعة فى أطراف الجسد وقلاعة لها بقوة الإحراق لشدة الحرارة ثم تعود كما كانت وهكذا ابدا والشوى جمع شواة وهى جلدة الرأس يعنى ان النار تنزع جلود الرأس وتقشر مما عنه وذلك لانهم كانوا يسعون بالاطراف للاذى والجفاء ويصرفون عن الحق الأعضاء الرئيسة التي تشتمل عليها الرأس خصوصا العقل الذي كانوا لا يعقلون به فى الرأس تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ اى عن الحق ومعرفته وهو مقابل اقبل ومعنى تدعو تجذب الى نفسها وتحضر فهو مجاز عن إحضارهم كأنها تدعوهم فتحضرهم (قال الكاشفى) زبانه ميزند وكافر را بخود ميكشد از صد ساله ودويست ساله راه چنانچهـ مقناطيس آهن را جذب ميكند. وتقول لهم الى الى يا كافر ويا منافق ويا زنديق فانى مستقرك او تدعو الكافرين والمنافقين بلفظ فصيح بأسمائهم ثم تلتقطهم كالتقاط الطير الحب ويجوز ان يخلق الله فيها كلاما كما يخلقه فى جلودهم وأيديهم وأرجلهم وكما خلقه فى الشجرة او تدعو زبانيتها على حذف المضاف او على الاسناد المجازى حيث أسند فعل الداعي الى المدعو اليه وَتَوَلَّى اى اعرض عن الطاعة لان من اعرض يولى وجهه وفى التأويلات النجمية من أدبر عن التوجه الى الحق بموافقات الشريعة ومخالفات الطبيعة وتولى عن الإقبال على الآخرة والأدبار عن الدنيا وقال القاشاني بمناسبة نفسه للجحيم انجر إليها إذا لجنس الى الجنس يميل ولظى نار الطبيعة السفلية ما استدعت الا المدبر عن الحق المعرض عن جناب القدس وعالم النور المقبل بوجهه الى معدن الظلمة المؤثر لمحبة الجواهر الفانية السفلية المظلمة فانجذب بطبعه الى مواد النيران الطبيعية واستدعته وجذبته

ص: 161

الى نفسها للجنسية فاحترق بنارها الروحانية المستولية على الافئدة فكيف يمكن الانجاء منها وقد طلبها بداعي الطبع ودعاها بلسان الاستعداد وَجَمَعَ المال حرصا وحبا للدنيا فَأَوْعى فجعله فى وعاء وكنزه ولم يؤد زكاته وحقوقه الواجبة فيه وتشاغل به عن الدين وتكبر باقتنائه وذلك لطول أمله وانعدام شفقته على عباد الله والا ما ادخر بل بذل وفى جمع الجمع مع الأدبار والتولي تنبيه على قباحة البخل وخساسة البخيل وعلى انه لا يليق بالمؤمن وفى الخبر يجاء بابن آدم يوم القيامة كأنه بذج بين يدى الله وهو بالفارسية بره. فيقول له أعطيتك وخولتك وأنعمت عليك فما صنعت فيقول رب جمعته وثمرته وتركته اكثر ما كان فارجعنى آتك به كله فاذا هو عبد لم يقدم خيرا فيمضى به الى النار وفى الخبر بصق عليه السلام يوما فى كفه ووضع عليها إصبعه فقال يقول الله لابن آدم تعجزنى وقد خلقتك من مثل هذه حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردين وللارض منك وئيد يعنى زمين را از تو آواز شديد بود. فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقى قلت أتصدق وأنى لوان الصدقة وفى التأويلات النجمية جمع الكمالات الانسانية من الأخلاق الروحانية والأوصاف الرحمانية ولم ينفق على الطلاب الصادقين العاشقين والمحبين المشتاقين بطريق الإرشاد والتعليم والتسليك إِنَّ الْإِنْسانَ اى جنس الإنسان خُلِقَ حال كونه هَلُوعاً مبالغة هالع من الهلع وهو سرعة الجزع عند مس المكروه بحيث لا يستمسك وسرعة المنع عند مس الخير يقال ناقة هلواع سريعة السير وهو من باب علم وقد فسره احسن تفسير على ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما قوله تعالى إِذا ظرف لجزوعا مَسَّهُ الشَّرُّ اى أصابه ووصل اليه الفقر او المرض او نحوهما جَزُوعاً مبالغة فى الجزع مكثرا منه لجهله بالقدر وهو ضد الصبر وقال ابن عطاء الهلوع الذي عند الموجود يرضى وعند المفقود يسخط وفى الحديث شر ما اعطى ابن آدم شح هالع وجبن خالع فالهالع المحزن يعنى اندوهگين كننده. والخالع الذي يخلع قلبه قال بعض العارفين انما كرهت نفوس الخلق المرض لانه شاغل لهم عن أداء ما كلفوا به من حقوق الله تعالى إذا لروح الحيواني حين يحس بالألم يغيب عن تدبير الجسد الذي يقوم بالتكليف وانما لم تكره نفوس العارفين الموت لما فيه من لقاء الله تعالى فهو نعمة ومنة ولذلك ما خير نبى فى الموت الا اختاره وَإِذا ظرف لمنوعا مَسَّهُ الْخَيْرُ اى السعة او غيرهما مَنُوعاً مبالغا فى المنع والإمساك لجهله بالقسمة وثواب الفضل وللصحة مدخل فى الشح فان الغنى قد يعطى فى المرض ما لا يعطيه فى الصحة ولذا كانت الصدقة؟؟؟ الصحة أفضل. ودر لباب از مقاتل نقل ميكند كه هلوع جانوريست در پس كوه قاف كه هر روز هفت صحرا از كياه خالى ميكند يعنى همه حشايش آنرا مى خورد وآب هفت دريا مى آشامد ودر كرما وسرما صبر ندارند وهر شب در انديشه آنست كه فردا چهـ خواهد خورد پس حق سبحانه وتعالى آدمي را در بى صبرى وانديشه روزى بدين دابه تشبيه ميكند

جانور يرا كه بجز آدميست

معده چو پر شد سبب بى غميست

آدميست آنكه نه سيرى برد

بر سر سيرى غم روزى خورد

ص: 162

خورد همه عمر چهـ بيش و چهـ كم

روزئ هر روزه ز خوان كرم

وز ره حرص واملش همچنان

هيچ غمى نيست بجز فكر نان

والأوصاف الثلاثة وهى هلوعا وجزوعا ومنوعا احوال مقدرة لان المراد بها ما يتعلق به الذم والعقاب وهو ما يدخل تحت التكليف والاختيار وذلك بعد البلوغ او محققة لانها طبائع جبل الإنسان عليها كما قال المتنبي الظلم من شيم النفوس فان تجد. ذاعفة فلعلة لا يظلم. ولا يلزم ان لا تفارقه بالمعالجات المذكورة فى كتب الأخلاق فانها كبرودة الماء ليست من اللوازم المهيئة للوجود بل انما حصولها فيه بوضع الله تعالى وخلقه وهو يزيلها ايضا بالأسباب التي سببها إذا أراد فان قيل فيلزم ان يكون له هلع حين كان فى المهد صبيا قلنا نعم ولا محذور الا يرى انه كيف يسرع الى الثدي ويحرص على الرضاع ويبكى عند مس الألم ويمنع بما وسعه إذا تمسك بشئ فزوحم فيه قال الراغب فان قيل ما الحكمة فى خلق الإنسان على مساوى الأخلاق قلنا الحكمة فى خلق الشهوة ان يمانع نفسه إذا نازعته نحوها ويحارب شيطانه عند تزيينه المعصية فيستحق من الله مثوبة وجنة انتهى يعنى كما انه ركب فيه الشهوة ركب فيه العقل الرادع وحصلت الدلالة الى الصراط السوي من الشارع قال بعض العارفين الشح فى الإنسان امر جبلى لا يمكن زواله ولكن يتعطل بعناية الله تعالى استعماله لا غير فلذلك قال ومن يوق شح نفسه فأثبت الشح فى النفس الا ان العبد يوقاه بفضل الله وبرحمته وقال ان الإنسان خلق هلوعا إلخ واصل ذلك كله ان الإنسان استفاد وجوده من الله فهو مفطور على الاستفادة لاعلى إفادة فلا تعطيه حقيقته ان يتصدق او يعطى أحدا شيأ ولذلك ورد الصدقة برهان يعنى دليل ان هذا الإنسان وقى بها شح النفس. يقول الفقير وعليه المزاح المعروف وهو أن بعض العلماء وقع فى الماء فكاد يغرق فقال له بعض الحاضرين يا سلطانى ناولنى يدك فقيل لا تقل هكذا فانه اعتاد الاخذ لا الا عطاء بل قل خذ بيدي وقال بعضهم الغضب والشره والحرص والجبن والبخل والحسد وصف جبلى فى لانسان والجان وما كان من الجبلة فمحال ان يزول الا بانعدام الذات الموصوفة به ولهذا عين الشارع صلى الله عليه وسلم لهذه الأمور مصارف فقال لا حسد الا فى اثنتين وامر بالغضب لله لا حمية جاهلية وقال ولا ثقل لهما أف ثم مدح من قال أف لكم ولما تعبدون من دون الله وقال ولا تخافوهم ثم قال وخافون فالكل يستعملون هذه الصفات استعمالا محمودا وكثير من الفقراء يظنون زوال هذه الصفات منهم حين يعطل الله استعمالها فيهم وليس كذلك. يقول الفقير ومنه يعلم صحة قول من قال ان النفس لامارة بالسوء وان كانت نفس الأنبياء على ما أسلفناه فى سورة يوسف والحاصل ان اصول الصفات باقية فى الكل لبقاء المحاربة مع النفس إذ لا يحصل الترقي الا بالمحاربة والترقي مستمر الى الموت فكذا المحاربة المبنية على بقاء اصول الصفات فأصل النفس امارة لكن لا يظهر اثرها فى الكاملين كما يظهر فى الناقصين فاعلم ذلك قال القاشاني ان النفس بطبعها معدن الشر ومأوى الرجس لكونها من عالم الظلمات فمن مال إليها بقلبه واستولى عليه مقتضى جبلته وخلقته ناسب الأمور السفلية واتصف

ص: 163

بالرذائل التي اردأها الجبن والبخل المشار إليهما بقوله وإذا مسه الشر إلخ لمحبة البدن ما يلائمه وتسببه فى شهواته ولذاته وانما كانا اردأ لجذبهما القلب الى أسفل مراتب الوجود وفى التأويلات النجمية يشير الى هلع الإنسان المستعد لقبول الفيض الإلهي ساعة فساعة ولحظة فلحظة وعدم صبره عن بلوغه الى الكمال فانه لا يزال فى طريق السلوك يتعلق باسم من الأسماء الالهية ويتحقق به ويتخلق ثم يتوجه الى اسم آخر الى ان يستوفى سلوك جميع الأسماء إذا مسه الشر الفترة الواقعة فى الطريق يجزع ويضطب ويتقلقل ولا يعلم ان هذه الفترة الواقعة فى طريقه سبب لسرعة سلوكه وموجب لقوة سيره وطيرانه وإذا مسه الخير من الواهب الذاتية والعطايا الاسمائية يمنع من مستحقيه ويبخل على طالبيه إِلَّا الْمُصَلِّينَ استثناء من الإنسان لانه فى معنى الجمع للجنس وهذا الاستثناء باعتبار الاستمرار أي ان المطبوعين على الصفات الرذيلة مستمرون عليها الا المصلين فانهم بدلوا تلك الطبائع واتصفوا بأضدادها الَّذِينَ هُمْ تقديم هم يقيد تقوية الحكم وتقريره فى ذهن السامع كما فى قولك هو يعطى الجزيل قصدا الى تحقيق انه يفعل إعطاء الجزيل عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ لا يشغلهم عنها شاغل فيواظبون على ادائها كما روى عن النبي عليه السلام انه قال أفضل العمل او دمه وان قل وقالت عائشة رضى الله عنها كان عمله ديمة قدم الصلاة على سائر الخصال لقوله عليه السلام أول ما افترض الله على أمتي الصلوات الخمس وأول ما يرفع من أعمالها الصلوات وأول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فان صلحت فقد أفلح وأنجح وان فسدت فقد خاب وخسر وانها آخر ما يجب عليه رعايته فانه يؤخر الصوم فى المرض دون الصلاة الا ان لا يقدر على التميم والإيماء ولذا ختم الله الخصال بها كما قال والذينهم على صلاتهم يحافظون وكان آخر ما اوصى به عليه السلام الصلاة وما ملكت ايمانكم وفى الآية اشارة الى صلاة النفس وهى التزكية عن المخالفات الشرعية وصلاة القلب وهى التصفية عن الميل الى الدنيا وشهواتها وزخارفها وصلاة السر وهي التخلية عن اثر كون الى المقامات العلية والمراتب السنية وصلاة الروح وهى بالمكاشفات الربانية والمشاهدات الرحمانية والمعاينات الحقانية وصلا الخفي وهى بالفناء فى الحق والبقاء به فالكمل يداومون على هذه الصلوات وَالَّذِينَ اى والا الذين فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ اى نصيب معين يستوجبونه على أنفسهم تقربا الى الله تعالى وإشفاقا على الناس من الزكاة المفروضة الموظفة لِلسَّائِلِ اى للذى يسأل ومن كان له قوت يوم لا يحل له السؤال واما حكم الدافع له عالما بحاله فكان القياس ان يأثم لانه اعانة على الحرام لكنه يجعله هبة ولا اثم فى الهية للغنى وله ان يرده برد جميل مثل ان يقول آتاكم الله من فضله وَالْمَحْرُومِ الذي لا يسأل اما حياء او توكلا فيظن انه غنى فيحرم وفيه اشارة الى أحول الحقائق والمعارف الحاصلة من رأس مال الأعمال الصالحة والأحوال الصادقة ففيها حق معلوم للسائل وهو المستعد للسلوك والاجتهاد فينبغى ان يفيض عليه ويرشده الى طلب الحق والمحروم هو المرمى الساقط على ارض العجز بسبب الأهل والعيال والاشتغال بأسبابهم فيسليهم ويطيب قلوبهم

ص: 164

برحمة الله وغفرانه ويفيض عليهم من بركات أنفاسه الشريفة لئلا يحرم من كرم الله وفيضه وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ اى بأعمالهم حيث يتعبون أنفسهم فى الطاعات البدنية والمالية طمعا فى المثوبة الاخروية بحيث يستدل بذلك على تصديقهم بيوم الجزاء فمجرد التصديق بالجنان واللسان وان كان ينجى من الخلود فى النار لكن لا يؤدى الى ان يكون صاحبه مستثنى من المطبوعين بالأحوال المذكورة قال القاشاني والذين يصدقون من اهل اليقين البرهاني او الاعتقاد الايمانى بأحوال الآخرة والمعاد وهم ارباب القلوب المتوسطون وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ خائفون على أنفسهم مع مالهم من الأعمال الفاضلة استقصارا لها واستعظاما لجنابه تعالى قال الكاشفى وعلامت ترس الهى اجتناب از ملاهى ومناهيست. وقال الحسن يشفق المؤمن ان لا تقبيل حسناته وتقديم من يحسن ان يكون للحصر امتثالا لأمره تعالى فارهبون مع جواز أن يكون للتقوية إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ كه عذاب خداوند ايشان نه آنست كه از ان ايمن باشند. وهو اعتراض مؤذن بانه لا ينبغى لاحد أن يأمن عذابه تعالى وان بالغ فى الطاعة والاجتهاد بل يكون بين الخوف والرجاء لانه لا يعلم أحد عافيته قال القاشاني والذين هم إلخ اى اهل الخوف من المتبدين فى مقام النفس السائرين عنه بنور القلب لا لوافقين معه او المشفقين من عذاب الحرمان والحجاب فى مقام القلب من السالكين او فى مقام المشاهدة من التلوين فانه لا يؤمن الاحتجاب ما بقيت بقية كما قال ان عذاب ربهم غير مأمون ومن العذاب إعجاب المرء بنفسه فانه من الموبقات الموقعات فى عذاب نار الجحيم وجحيم العقاب نسأل الله العافية وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ فرج الرجل والمرأة سوءاتهما اى قبلهما عبربه عنها رعاية للأدب فى الكلام وأدب المرء خير من ذهبه والجار متعلق بقوله حافِظُونَ من الزنى متعففون عن مباشرة الحرام فان حفظ الفرج كناية عن العفة إِلَّا عَلى بمعنى من كما فى كتب النحو أَزْواجِهِمْ نسائهم المنكوحات أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ من الجواري فى اوقات حلها كالطهر من الحيض والنفاس ومضى مدة الاستبراء عبر عنهن بما إجراء لهن لمملوكيتهن مجرى غير العقلاء اولا نوئتهن المنبئة عن القصور وإيراد ما ملكت الايمان يدل على المراد من الحافظين هنا الذكور وان كان الحفظ لازما للاناث ايضا بل أشد لانه لازم عليهن على عبيدهن وان كانوا مما ملكت ايمانهن ترجيحا لجانب الذكور فى صيانة عرضهم فَإِنَّهُمْ اى الحافظين غَيْرُ مَلُومِينَ على عدم حفظها منهن اى غير معيوبين شرعا فلا يؤاخذون بذلك فى الدنيا والآخرة وبالفارسية بجاى سرزنش نيستند. وفيه اشعار بأن من لم يحفظ تكفيه ملامة اللائمين فكيف العذاب فَمَنِ ابْتَغى پس هر كه طلب كند براى نفس خود وَراءَ ذلِكَ الذي ذكر وهو الاستمتاع بالنكاح وملك اليمين وحد النكاح اربع من الحرائر ولا حد الملك اليمين فَأُولئِكَ المبتغون هُمُ العادُونَ المتعدون لحدود الله الكاملون فى العدوان المتناهون لانه من عدا عليه إذا تجاوز الحد فى الظلم ودخل فيه حرمة وطئ الذكران والبهائم والزنى وقيل يدخل فيه الاستمناء ايضا روى ان العرب كانوا يستمنون

ص: 165

فى الاسفار فنزلت الآية وفى الحديث ومن لم يستطع اى التزوج فعليه بالصوم استدل به بعض المالكية على تحريم الاستمناء لانه عليه السلام ارشد عند العجز عن التزوج الى الصوم الذي يقطع الشهوة فلو كان الاستمناء مباحا لكان الإرشاد اليه أسهل وقد أباح الاستمناء طائفة من العلماء وهو عند الحنابلة وبعض الحنفية لاجل تسكين الشهوة جائز وفى رواية الخلاصة الصائم إذا عالج ذكره حتى امنى يحب عليه القضاء ولا كفارة عليه ولا يحل هذا الفعل خارج رمضان ان قصد قضاء الشهوة وان قصد تسكين شهوته أرجو أن لا يكون عليه وبال وفى بعض حواشى البخاري والاستمناء باليد حرام بالكتاب والسنة قال الله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون إلى قوله فاولئك هم العادون اى الظالمون المتجاوزون من الحلال الى الحرام قال البغوي الآية دليل على ان استمناء باليد حرام قال ابن جريج سألت ابن عطاء عنه فقال سمعت ان قوما يحشرون حبالى وأظنهم هؤلاء وعن سعيد بن جبير عذاب الله امة كانوا يعبثون بمذاكيرهم والواجب على فاعله التعزيز كما قال بعضهم نعم يباح عند أبى حنيفة واحمد إذا خاف على نفسه الفتنة وكذلك يباح الاستمناء بيد امرأته وجاريته لكن قال القاضي حسين مع الكراهة لانه معنى العزل وفى التاتار خانية قال أبو حنيفة احسبه ان يتجو رأسا برأس. يقول الفقير من اضطر الى تسكين شهوته فعليه ان يدق ذكره بحجر كما فعله بعض الصلحاء المتقين حين التوقان صيانة لنفسه عن الزنى ونحوه والحق أحق ان يتبع وهو العمل بالإرشاد النبوي الذي هو الصوم قان اضطر فالعمل بما ذكرناه اولى واقرب من افعال اهل الورع والتقوى وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ لا يخلون يشئ من حقوقها والامانة اسم لجنس ما يؤتمن عليه الإنسان سوآء من جهة الباري تعالى وهى أمانات الدين التي هى الشرائع والاحكام او من جهة الخلق وهى الودائع ونحوها والجمع بالنظر الى اختلاف الأنواع وكذا العهد شامل لعهد الله وعهد الناس وهو ما عقده الإنسان على نفسه لله او لعباده وهو يضاف الى المعاهد والمعاهد فيجوز هنا الاضافة الى الفاعل والمفعول وقال الجنيد قدس سره الامانة المحافظة على الجوارح والعهد حفظ القلب مع الله على التوحيد والرعاية القيام على الشيء بحفظه وإصلاحه وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيانة عند ائتمان والكذب عند التحديث والغدر عند المعاهدة والفجور عند المخاصمة من خصال المنافق

اگر مى بايد از آتش امانت

فرو مكذار قانون امانت

بهر عهدى كه مى بندى وفا كن

رسوم حق كزارى را ادا كن

قال بعض الكبار كل من اتصف بالامانة وكتم الاسرار سمع كلام الموتى وعذابهم ونعيمهم كما سمعت البهائم عذاب اهل القبور لعدم النطق وكذلك يسمع من اتصف بالامانة كلام أعضائه له فى دار الدنيا لانها حية ناطقة ولذلك تستشهد يوم القيامة فتشهد ولا يشهد إلا عدل مرضى بلا شك وفى التأويلات النجمية يشير الى الامانة المعروضة على السموات والأرض والجبال وهى كمال المظهرية وتمام المضاهاة الالهية والى عهد ميثاق ألست بربكم قالوا بلى ورعاية ذلك العهد أن لا يخالفه

ص: 166

بالمخالفات الشرعية والموفقات الطبيعية وقال بعضهم والذين هم لآماناتهم التي استودعوها بحسب الفطرة من المعارف العقلية وعهدهم الذي أخذ الله ميثاقه منهم فى لازل راعون بأن لم يدنسوا الفطرة بالغواشي الطبيعية والأهواء النفسانية وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ الباء متعلق بقوله قائِمُونَ سوآء كانت للتعدية أم للملابسة والجمع باعتبار انواع الشهادة اى مقيمون لها بالعدل ومؤدونها فى وقتها احياء لحقوق الناس فالمراد بالقيام بالشهادة أداؤها عند الاحكام على من كانت هى عليه من قريب او بعيد شريف او وضيع قال عليه السلام إذا علمت مثل الشمس فاشهد وإلا فدع وتخصيصها بالذكر مع اندرجها فى الأمانات لابانة فضلها لان فى إقامتها احياء الحقوق وتصحيحها وفى كتمها وتركها تضييعها وابطالها وفى الأشباه إذا كان الحق يقوم بغيرها او كان القاضي فاسقا او كان يعلم انها لا تقبل جاز الكتمان وفى فتح الرحمن تحمل الشهادة فرض كفاية وأداؤها إذا تعين فرض عين ولا يحل أخذ اجرة عليها بالاتفاق فاذا طلبه المدعى وكان قريبا من القاضي لزمه المشي اليه وان كان بعيدا اكثر من نصف يوم لا يأثم بتخلفه لانه يلحقه الضرر وان كان الشاهد يقدر على المشي فأركبه المدعى من عنده لا تقبل شهادته وان كان لا يقدر فأركبه لا بأس به ويقتصر فى المسلم على ظاهر عدالته عند أبى حنيفة رحمه الله الا فى الحدود والقصاص فان طعن الخصم فيه سأل عنه وقال صاحباه يسأل عنهم فى جميع الحقوق سرا وعلانية وعليه الفتوى وجعل بعضه شهادة التوحيد داخلة فيها كما قال سهل رحمه الله قائمون بحفظ ما شهدوا به من شهادة أن لا اله الا الله فلا يشركون به فى شىء من الافعال والأقوال وقال القاشاني فى الآية اى يعملون بمقتضى شاهدهم من العلم فكل ما شهدوه قاموا بحكمه وصدروا عن حكم شاهدهم لا غير وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ تقديم على صلاتهم يفيد الاختصاص الدال على ان محافظتهم مقصورة على صلاتهم لا تتجاوز الى امور دنياهم اى يراعون شرائطها ويكملون فرآئضها وسننها ومستحباتها وآدابها ويحفظونها من الإحباط باقتران الذنوب فالدوام المذكور اولا يرجع الى انفس الصلوات والمحافظة الى أحوالها وفى المفردات فيه تنبيه على انهم يحفظون الصلاة بمراعاة أوقاتها وأركانها والقيام بها فى غاية ما يكون من الطوق فان الصلاة تحفظهم بالحفظ الذي نبه عليه فى قوله ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وفى الحديث من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وابى بن خلف وهو الذي ضربه النبي عليه السلام فى غزوة أحد برمح فى عنقه فمات منه فى طريق مكة وكان أشد واطغى من أبى جهل دل عليه كونه مقتولا بيد النبي عليه السلام ولم يقتل عليه السلام بيده غيره وبعض العلماء جعل المحافظة شاملة للادامة على ما هو الظاهر من قوله تعالى حافظوا على الصلوات فيكون من قبيل التعميم بعد التخصيص لتتميم الفائدة وللاشعار بأن الصلاة أول ما يجب على العبد أداؤه بعد الايمان وآخر ما يجب عليه رعايته بعده كما سبق. وگفته اند دوام تعلق بفرائض دارد ومحافظت بنوافل. والحاصل ان

ص: 167

فى تكرير ذكر الصلاة ووصفهم بها اولا وآخرا باعتبارين للدلالة على فضلها وانا؟؟؟ فتها على سائر الطاعات وتكرير الموصولات لتنزيل اختلاف الصفات منزلة اختلاف الذوات إيذانا بأن كل واحدة من تلك الصفات حقيق بأن يفردلها موصوف مستقل لشأنها الخطير ولا يجعل شىء منها تتمة للاخرى قال بعضهم دلت هذه الآية على ان التغاير المفهوم من العطف ليس بذاتى بلى هو اعتباري إذ لا يخفى انه ليس المراد من الدائمين طائفة والمحافظين اخرى فالمقصود مدح المؤمنين بما كانوا عليه فى عهد رسول الله من الأخلاق الحسنة والأعمال المرضية ففيه ترغيب لمن يجيئ منهم الى يوم القيامة وترهيب عن المخالفة قال فى برهان القرآن قوله الا المصلين عد عقيب ذكرهم الخصال المذكورة أول سورة المؤمنين وزاد فى هذه السورة والذين هم بشهاداتهم قائمون لانه وقع عقيب قوله والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون واقامة الشهادة امانة يؤديها إذا احتاج إليها صاحبها لاحياء حق فهى إذا من جملة الامانة فى سورة المؤمنين وخصت هذه السورة بزيادة بيانها كما خصت باعادة ذكر الصلاة حيث يقول والذين هم على صلاتهم يحافظون بعد قوله الا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون انتهى وقال القاشاني والذين هم على صلاة القلب وهى المراقبة يحافظون او صلاة النفس على الظاهر وفى فتح الرحمن واتفق القراء على الافراد فى صلاتهم هنا وفى الانعام بخلاف الحرف المتقدم فى المؤمنين لانه لم يكتنفها فيهما ما كتفها فى المؤمنين قبل وبعد من عظيم الوصف المتقدم وتعظيم الجزاء فى المتأخر فناسب لفظ الجمع ولذلك قرأ به اكثر لقرآء ولم يكون ذلك فى غيرها فناسب الافراد أُولئِكَ المصوفون بما ذكر من الصفات الفاضلة فِي جَنَّاتٍ اى مستقرون فى جنات لا يقادر قدرها ولا يدرك كنهها مُكْرَمُونَ بالثواب الابدى والجزاء السرمدي اى سيكونون كذلك فكأن الإكرام فيها واقع لهم الآن وهو خبر آخر أو هو الخبر وفى جنات متعلق به قدم عليه لمراعاة الفواصل او بمضمر هو حال من الضمير فى الخبر أي مكرمون كأنيين فى جنات فَمالِ الَّذِينَ اى فما بال الذين كَفَرُوا وحرموا من الاتصاف بالصفات الجليلة المذكورة وما استفهامية للانكار فى موضع رفع بالابتداء والذين كفروا خبرها واللام الجارة كتبت مفصولة اتباعا لمصحف عثمان رضى الله عنه قال فى فتح الرحمن وقف ابو عمرو والكسائي بخلاف عنه على الالف دون اللام من قوله فمال هؤلاء فى النساء ومال هذا الكتاب فى الكهف ومال هذا الرسول فى الفرقان وفمال الذين فى سأل ووقف الباقون فى فمال على اللام اتباعا للخط بخلاف عن الكسائي قال ابن عطية ومنعه قوم جملة لانها حرف جر فهى بعض المجرور وهذا كله بحسب ضرورة وانقطاع نفس واما ان اختار أحد الوقف فيما ذكرناه ابتداء فلا انتهى قِبَلَكَ حال من المنوي فى للذين كفروا اى فمالهم ثابتين حولك مُهْطِعِينَ حال من المتمكن فى قبلك من الإهطاع وهو الاسراع اى مسرعين نحوك مادى أعناقهم إليك مقبلين بأبصارهم عليك عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ الجار متعلق بعزين لانه بمعنى مفترقين وعزين حال بعد حال من المنوي فى للذين اى فرقاشتى وبالفارسية كروه كروه

ص: 168

حلقه زدكان. جمع عزة وهى الفرقة من الناس وأصلها عزوة من العزو بمعنى الانتماء والانتساب كأن كل فرقة تعتزى الى غير من تعتزى اليه الاخرى اما فى الولادة او فى المظاهرة فهم مفترقون كان المشركون يتحلقون حول رسول الله حلقا حلقا وفرقا فرقا ويستهزئون بكلامه ويقولون ان دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد فلندخلنها قبلهم فنزت أَيَطْمَعُ الطمع نزوع النفس الى الشيء شهوة له واكثر الطمع من جهة الهوى كُلُّ امْرِئٍ هر مردى مِنْهُمْ اى من هؤلاء المهطعين أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ بالايمان اى جنة ليس فيها الا التنعم المحض من غير تكدر وتنغص كَلَّا ردع لهم عن ذلك الطمع الفارغ اى اتركوا هذا الطمع واقطعوا مثل هذا الكلام وبالفارسية نه اينچنين است وكافرانرا در بهشت راه نيست آن. قيل كيف يكون الطمع وهم قالوا ذلك استهزاء أجيب بأن الله عليم بأحوالهم فلعل منهم من كان يطمع والا فيكون المراد من الردع قطع وهم الضعفاء عن احتمال صدق قولهم لعل وجه إيراد يدخل مجهولا من الإدخال دون يدخل معلوما من الدخول مع انه الظاهر فى رد قولهم لندخلنها اشعار بأنه لا يدخل من يدخل الا بإدخال الله وامره للملائكة به وبأنهم محرومون من شفاعة تكون سببا للدخول وبأن اسناد الدخول اخبارا وإنشاء انما يكون للمرضى عنهم والمكرمين عند الله بايمانهم وطاعتهم كقوله تعالى أولئك يدخلون الجنة وقوله ادخلوا الجنة وفى تنكير جنة اشعار بأنهم مردودون من كل جنة وان كانت الجنان كثيرة وفى توصيفها بنعيم اشعار بأن كل جنة مملوءة بالنعمة وان من طرد من راحة النعيم وقع فى كدر الجحيم وفى إيراد كل اشعار بأن من آمن منهم بعد قولهم هذا وأطلع الله ورسوله حق له الطمع وتعميم للردع لكل منهم كائنا من كان ممن لم يؤمن إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ كما قال ولقد علمتم النشأة الاولى وهو كلام مستأنف ومن ذلك وضع السجاوندى علامة الطاء على كلالتمام الكلام عنده قد سيق تمهيدا لما بعده من بيان قدرته تعالى على أن يهلكهم لكفرهم بالبعث والجزاء واستهزائهم برسول الله وبما نزل عليه من الوحى وادعائهم دخو الجنة بطريق السخرية وينشئ بدلهم قوما آخرين فان قدرته تعالى على ما يعلمون من النشاة الاول من حال النطفة ثم العلقة ثم المضغة حجة بينة على قدرته تعالى على ذلك كما تفصح عنه الفاء الفصيحة فى قوله تعالى فلا أقسم وفى التأويلات النجمية انا خلقناهم من الشقاوة الازلية للعداوة الأبدية باليد اليسرى الجلالية القهرية كيف ينزلون مكان من خلقهم من السعادة الأزلية للمحبة الأبدية باليد اليمنى الجالية اللطفية هذا مما يخالف الحكمة الالهية والاردة السرمدية ولا عبرة بالنطفة والطين لاشتراك الكل فيهما وانما العبرة بالاصطفائية والخاصية فى المعرفة فمن عرف الله كان فى جوار الله لان ترابه من ترات الجنة فى الحقيقة وروحه من نور الملكوت ومن جهله كان فى بعد عنه لانه من عالم النار فى الحقيقة وكل يرجع الى أصله فَلا أُقْسِمُ اى أقسم كما سبق نظائره (وقال الكاشفى) فلا پس نه چنانست كه كفار ميكويند اقسم سوكند ميخورم بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ جمع

ص: 169

المشارق والمغارب اما لان المراد بهما مشرق كل يوم من السنة ومغربه فيكون لكل من الصيف والشتاء مائة وثمانون مشرقا ومغربا وبالفارسية بآفريدگار مشرقها كه آفتاب دارد وهر روز از نقطه ديكر طلوع مينمايد وبخداوند مغربها كه آفتاب راهست وهر روز بنقطه ديكر غروب ميكند او مشرق كل كوكب ومغربه يعنى مراد مشارق ومغارب نجومست چهـ هر يك از ايشان را محل شروق وغروب از دائرة أفق نقطه ديكرست. او المراد بالمشرق ظهور دعوة كل نبى وبالمغرب موته أو المراد انواع الهدايات والخذلانات إِنَّا لَقادِرُونَ جواب القسم عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ اى نبدلهم حذف المفعول الاول للعلم به وخيرا مفعوله الثاني بمعنى التفضيل على التسليم إذ لا خير فى المشركين او نهلكهم بالمرة حسبما تقتضيه جناياتهم ونأتى بدلهم بخلق آخرين ليسوا على صفتهم ولم تقع هذا التبديل وانما ذكر الله ذلك تهديدا لهم لكى يؤمنوا وقيل بدل الله بهم الأنصار والمهاجرين وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ بمغلوبين ان أردنا ذلك لكن مشيئتنا المبنية على الحكم البالغة اقتضت تأخير عقوباتهم وبالفارسية يعنى كسى بر ما پيشى نتواند كرفت اگر اراده امرى كنيم ومغلوب نتوان ساخت در اظهار آن.

وقيل عاجزين لان من سبق الى شىء عجز فَذَرْهُمْ فخلهم وشأنهم يَخُوضُوا ويشرعوا فى باطلهم الذي من جملته ما حكى عنهم وهو جواب الأمر وهو تهديد لهم وتوبيخ كقوله اعملوا ما شئتم وَيَلْعَبُوا فى الدنيا بالاشتغال بما لا ينفعهم وأنت مشتغل بمأمرت به وهذه الآية منسوخة بالسيف حَتَّى يُلاقُوا من الملاقاة بمعنى المعاينة يَوْمَهُمُ هو يوم البعث عند النفخة الثانية والاضافة لانه يوم كل الخلق وهم منهم أو لأن يوم القيامة يوم الكفار من حيث العذاب ويوم المؤمنين من جهة الثواب فكأنه يومان يوم للكافرين ويوم للمؤمنين الَّذِي يُوعَدُونَ الآن او على الاستمرار وهو من الوعد كقولهم متى هذا الوعد ويجوز أن يكون من الإيعاد وهو بالفارسية بيم كردن يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ بدل من يومهم ولذا حمل على يوم البعث جمع جدث وهو القبر سِراعاً حال من مرفوع يخرجون جمع سريع كظراف جمع ظريف اى مسرعين الى جانب الداعي وصوته وهو اسرافيل ينادى على الصخرة كما سبق كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ حال ثانية من المرفوع وهو كل ما نصب فعبد من دون الله وعن ابن عمر رضى الله عنهما هو شبكة يقع فيها الصيد فيسارع إليها صاحبها وأحد الأنصاب كما قال تعالى وما ذبح على النصب وكان للعرب حجارة تعبدها وتذبح عليها وقال الأخفش جمع نصب كرهن ورهن والأنصاب جمع الجمع يُوفِضُونَ من الايفاض وهو بالفارسية شتافتن. وأصله متعد أي يسرعون أيهم يستمله اولا وفيه تهجين لحالهم الجاهلية وتهكم بهم بذكر جهالتهم التي اعتادوها من الاسراع الى ما لا يملك نفعا ولا ضرا خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ حال من فاعل يوفضون وأبصارهم فاعلها على الاسناد المجازى يعنى وصفت أبصارهم بالخشوع مع انه وصف الكل لغاية ظهور آثاره فيها والمعنى ذليلة خاضعة لا يرفعون ما يتوقعون من العذاب تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ هو ايضا حال من فاعل يوفضون اى تغشاهم ذلة شديدة وحقارة عظيمة وهو بالفارسية خوارى ونكونسارى ذلِكَ

ص: 170