المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير سورة الأعلى - روح البيان - جـ ١٠

[إسماعيل حقي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء العاشر

- ‌تفسير سورة التغابن

- ‌تفسير سورة الطلاق

- ‌تفسير سورة التحريم

- ‌سورة الملك مكية

- ‌تفسير سورة ن

- ‌تفسير سورة الحاقة

- ‌تفسير سورة المعارج

- ‌سورة نوح

- ‌تفسير سورة الجن

- ‌تفسير سورة المزمل

- ‌تفسير سورة المدثر

- ‌تفسير سورة القيامة

- ‌تفسير سورة الإنسان

- ‌تفسير سورة المرسلات

- ‌تفسير سورة النبأ

- ‌تفسير سورة النازعات

- ‌تفسير سورة عبس

- ‌تفسير سورة التكوير

- ‌تفسير سورة الانفطار

- ‌تفسير سورة المطففين

- ‌تفسير سورة الانشقاق

- ‌تفسير سورة البروج

- ‌تفسير سورة الطارق

- ‌تفسير سورة الأعلى

- ‌تفسير سورة الغاشية

- ‌تفسير سورة الفجر

- ‌تفسير سورة البلد

- ‌تفسير سورة الشمس

- ‌تفسير سورة الليل

- ‌تفسير سورة الضحى

- ‌تفسير سورة الم نشرح

- ‌تفسير سورة التين

- ‌تفسير سورة العلق

- ‌تفسير سورة القدر

- ‌تفسير سورة القيامة

- ‌تفسير سورة الزلزلة

- ‌تفسير سورة العاديات

- ‌تفسير سورة القارعة

- ‌تفسير سورة التكاثر

- ‌تفسير سورة العصر

- ‌تفسير سورة الهمزة

- ‌تفسير سورة الفيل

- ‌تفسير سورة الإيلاف

- ‌تفسير سورة الماعون

- ‌تفسير سورة الكوثر

- ‌تفسير سورة الكافرين

- ‌تفسير سورة النصر

- ‌تفسير سورة المسد

- ‌تفسير سورة الإخلاص

- ‌تفسير سورة الفلق

- ‌تفسير سورة الناس

الفصل: ‌تفسير سورة الأعلى

دعوه حتى يموت فلما أفاق امر له بجائزة فقيل له انه قال كذا فسأله الرشيد عن ذلك فقال يا أمير المؤمنين اى شىء أحسن من ان يقال ان أمير المؤمنين مات من خشية الله فاستحسن كلامه واحترمه (قال الحافظ)

بمهلتى كه سپهرت دهد زراره مرو

ترا كه كفت كه اين زال ترك دستان كرد

فطوبى لمن قصر أمله وطال عمره وحسن عمله والله نسأل ان لا يجعلنا من المغترين تمت سورة الطارق باعانة خالق النجوم البوارق يوم الأحد الرابع عشر من شهر ربيع الاول من سنة سبع عشرة ومائة وألف

‌تفسير سورة الأعلى

تسع عشرة آية مكية عند الجمهور بسم الله الرحمن الرحيم

سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى التسبيح التنزيه واسم الله لا يصح أن يطلق عليه بالنظر الى ذاته او باعتبار صفة من صفاته السلبية كالقدوس او الثبوتية كالعليم او باعتبار فعل من أفعاله كالخالق ولكنها توقيفية عند بعض العلماء وقد سبق والأعلى صفة للرب ويجوز أن يكون صفة للاسم والاول أظهر ومعنى علوه تعالى أن يعلو عن أن يحيط به وصف الواصفين بل علم العارفين ومعنى أعلويته ان له الزيادة المطلقة فى العلو قال بعضهم ليس علوه علو جهة ولا كبره كبر جثة سبحانه عن ذلك بل علو استحقاق لنعوت الجلال والكبرياء فمن عرف علوه وكبرياءه تواضع وتذلل بين يديه عباده الصالحين والمعنى نزه اسمه عن الإلحاد فيه بالتأويلات الزائغة نحو أن يجعل الأعلى من العلو فى المكان لا من العلو فى الكمال وأن يؤخذ الاستواء بمعنى الاستقرار لا بمعنى الاستيلاء وكذا نزهه عن إطلاقه على غيره بوجه يشعر بتشاركهما فيه كان يسمى الصنم والوثن بالرب والإله ومنه تسمية العرب مسيلمة الكذاب برحمان اليمامة وكذا نرهه عن ذكره لا على وجه الإعظام والإجلال ويدخل فيه أن يذكر اسمه عند التثاؤب وحال الغائط وكذا بالغفلة وعدم الوقوف على معناه وحقيقته ومنه إكثار القسم بذكر اسمه من غير مبالاة وقال جرير فى الآية ارفع صوتك بذكره اى بذكر اسمه فان ذكر المدلول انما هو بذكر الاسم الدال عليه فظهر من هذا التقرير أن الاسم غير مقحم وقال بعضهم الاسم والمسمى هنا واحد اى نزه ذاته عما يدخل فى الوهم والخيال وفى الحديث لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم قال عليه السلام اجعلوها فى ركوعكم فلما نزل سبح اسم ربك الأعلى قال اجعلوها فى سجودكم وكانوا يقولون فى الركوع اللهم لك ركعت وفى السجود اللهم لك سجدت وفى الحديث دلالة على ان لفظ الاسم مقحم قاله سعدى المفتى وعلى ان الامتثال بالأمر يحصل بأن يقول سبحان ربى العظيم والأعلى بدون قراءة النظم ولذا قرأ على وابن عمر رضى الله عنهم سبحان ربى الأعلى الذي إلخ فان قوله سبح أمر بالتسبيح فلا بد وأن يذكر ذلك التسبيح وما هو إلا قول سبحان ربى الأعلى ومثله سبحان ربك العزة فان معناه نزه ربك العزة فيحصل الامتثال بان يقول سبحان ربنا رب العزة على معنى

ص: 402

تنزه ربنا رب العزة وقس على ذلك سائر المواقع المأمور بها وسر اختصاص سبحان ربى العظيم بالركوع والأعلى بالسجود ان الاول اشارة الى مرتبة الحيوان والثاني اشارة الى مرتبة النبات والجماد فلا بد من الترقي فى التنزيه وكان عليه السلام وجبوشه إذا علوا الثنايا كبروا وإذا هبطوا سبحوا فوضعت الصلاة على ذلك قال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره فى شرح الحديث اعلم ان الرفعة والارتفاع استعلاء وانه من التكبر فان كان الاستعلاء ظاهرا فهو صورة من صور التكبر وان كان باطنا فهو معنى التكبر ولما كان الكبرياء لله وحده وكان فى الصعود على الثنايا ضرب من الاستعلاء موجود وشبيه به ايضا لذلك سن التكبير فيه اى ان الله اكبر وأعلى من أن يشارك فى كبريائه وان ظهرنا بصورة حال يوهم الاشتراك واما الأمر بالتسبيح فى الهبوط فهو من أجل سر لمعية المشار إليها بقوله تعالى وهو معكم أينما كنتم فاذا أمنا انه معنا أينما كنا فحال كوننا فى هبوط يكون معنا وهو يتزه عن التحت والهبوط لانه سبحانه فوق التحت كما الفوق انه فوق ونسبة الجهات اليه على السواء لنزاهته عن التقيد بالجهات واحاطته بها فلهذا شرع التكبير فى الصعود والتسبيح فى الهبوط على الوجه المنبه عليه انتهى وأول من قال سبحان ربى الأعلى ميكائيل عليه السلام وذلك انه خطر بباله عظمة الرب تعالى فقال يا رب أعطني قوة حتى انظر الى عظمتك وسلطانك فأعطاه قوة أهل السموات فطار خمسة آلاف سنة حتى احترق جناحه من نور العرش ثم سأل القوة فأعطاه قوة ضعف ذلك وجعل يطير ويرتفع عشرة آلاف سنة حتى احترق جناحه وصار فى آخره كالفرخ ورأى الحجاب والعرش على حاله فخر ساجدا وقال سبحان ربى الأعلى ثم سأل ربه أن يعيده الى مكانه والى حالته الاولى ذكره أبو الليث فى تفسيره وقال النبي عليه السلام يا جبرائيل أخبرني عن ثواب من قال سبحان ربى الأعلى فى صلاته او فى غير صلاته فقال يا محمد ما من مؤمن ولا مؤمنة يقولها فى سجوده او فى غير سجوده الا كانت له فى ميزانه أثقل من العرش والكرسي وجبال الدنيا ويقول الله صدق عبدى أنا الأعلى وفوق كل شىء وليس فوقى شىء اشهدوا يا ملائكتى انى قد غفرت لعبدى وأدخلته جنتى فاذا مات زاره ميكائيل كل يوم فاذا كان يوم القيامة حمله على جناحه فيوقفه بين يدى الله فيقول يا رب شفعنى فيه فيقول قد شفعتك فيه اذهب به الى الجنة ذكره ابن الشيخ فى حواشيه وفى الحديث (سبحان الله والحمد لله يملآن ما بين السموات والأرض) اى لاشتمال هاتين الكلمتين على كمال الثناء والتعريف بالصفات الذاتية والفعلية الظاهرة الآثار فى السموات والأرض وما بينهما وقال القاشاني اسمه الأعلى والأعظم هو الذات مع جميع الصفات اى نزه ذاتك بالتجرد عما سوى الحق وقطع النظر عن الغير ليظهر عليها الكمالات الحقانية بأسرها وهو تسبيحه الخاص به فى مقام الفناء لان الاستعداد التام القابل لجميع الصفات الالهية لم يكن الا له فذاته هو الاسم الأعلى عند بلوغ كماله ولكل شىء تسبيح خاص يسبح به اسما خالصا من اسماء ربه الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى صفة أخرى للرب على الوجه الاول ومنصوب على المدح على الثاني لئلا يلزم الفصل بين الموصوف والصفة غيره اى خلق

ص: 403

كل شىء فسوى خلقه بأن جعل له ما به يتأتى كماله ويتسنى معاشه وقال القاشاني انشأ ظاهرك فعدل بنيتك على وجه قبلت بمزاجه الخاص الروح الأتم المستعد لجميع الكمالات وفى التأويلات النجمية خلق كل شىء بحسب الوجود فسوى تسوية بها يصل الفيض الإلهي المعد له بحسب استعداده الفطري وقال بعضهم خلق الخلق فسوى بينهم فى الخلقة وميزينهم باختصاص بعضهم بالهداية وَالَّذِي قَدَّرَ معطوف على الموصول الاول اى قدر أجناس الأشياء وأنواعها وافرادها ومقاديرها وصفاتها وأفعالها وآجالها كما قال عليه السلام ان الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة اى جعل أجناس الأشياء وكذا اشخاص كل نوع بمقدار معلوم وكذا جعل مقدار كل شخص فى جثته وأوضاعه وسائر صفاته كالحسن والقبح والسعادة والشقاوة والهداية والضلالة والألوان والاشكال والطعوم والروائح والأرزاق والآجال وغير ذلك بمقدار معلوم كما قال وان من شىء الا عندنا خزآئنه وما ننزله الا بقدر معلوم فَهَدى فوجه كل واحد منها الى ما يصدر عنه وينبغى له طبعا او اختيارا ويسره لما خلق له بخلق الميول والهامات ونصب الدلائل وإنزال الآيات ولو تتبعت أحوال النباتات والحيوانات لرأيت فى كل منها ما يحار فيه العقول (يحكى) ان الأفعى إذا بلغت ألف سنة عميت وقد ألهمها الله أن تمسح عينيها بورق الرازيانج الغض فيرد إليها بصرها فربما كانت عند عروض العمى لها فى برية بينها وبين الريف مسافة طويلة فتطويها على طولها وعلى عماها حتى تهجم فى بعض البساتين على شجرة الرازيانج لا تخطئها فتحك عينيها بورقها وترجع باصرة بإذن الله تعالى (ويحكى) ان التمساح لا يكون له دبر وانما يخرج فضلات ما يأكله من فيه حيث قيض الله له طائرا قدر الله غذآءه من ذلك فاذا رآه التمساح يفتح فمه فيدخله الطائر فيأكل ما فيه وقد خلق الله له من فوق منقاره ومن تحته قرنين لئلا يطبق عليه التمساح فمه والتمساح خلق كالسلحفاة ضخم يكون بنيل مصر وبنهر مهران فى السند كما فى القاموس ويختطف البهائم والآدميين وربما بلغ طوله عشرين ذراعا وهو يبيض فى البر فما وقع من ذلك فى الماء صار تمساحا وما بقي صار سقنقورا وهى دابة بمصر شكلها كالوزغة على عظم خلقته وهو أنفس ما يهدى لملوك الهند فانهم يذبحونه بسكين من الذهب ويحشونه من ملح مصر ويحملونه كذلك الى أرضهم فاذا وضعوا مثقالا من ذلك على بيض او لحم وأكل نفع ذلك نفعا بليغا والسقنقور والضب والسلحفاة للذكر منها ذكران وللانثى فرجان ومن عجائب هداياته تعالى ان القطا وهو طائر يترك فراخه ثم يطلب الماء من مسيرة عشرة ايام واكثر فيرده فيما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس ثم يرجع فلا يخطئ لا ذهابا ولا إيابا والجمل والحمار إذا سلكا طريقا فى الليلة الظلماء ففى المرة الثانية لا يخطئان والدبة إذا ولدت ولدها رفعته فى الهولء يومين خوفا من النمل لانها تضعه قطعة لحم غير متميزة الجوارح ثم يتميز اولا فأولا وإذا جمع العقرب والفأرة فى اناء زجاج قرضت الفأرة ابرة العقرب فتسلم منها (وحكى) ان ابن عرس تبع فأرة فصعدت شجرة ولم يزل يتبعها حتى انتهت الى رأس الغصن ولم يبق مهرب فنزلت على ورقة وعضت طرفها وعلقت نفسها فعند ذلك صاح ابن

ص: 404

عرس فجاءته زوجته فلما انتهت الى تحت الشجرة قطع ابن عرس الورقة التي عضتها الفأرة فسقطت فاصطادها ابن عرس الذي كان تحت الشجرة والفأرة تدخل ذنبها فى قارورة الدهن ثم تلحسه والثعلب إذا اجتمع فى جلده البق الكثير والبعوض يأخذ بفيه قطعة جلد من الحيوان فينغمس فى الماء فاذا اجتمعت فى الفر وألقاه فى الماء وخرج سالما والعنكبوت تبنى بيتها على وجه عجيب غير مقدور والبشر لا يقدر على بناء البيت المسدس الا بالبركار والمسطر والنحل تبنى تلك البيوت من غير آلة والنمل تسعى لاعداد الذخيرة لنفسها فاذا أحست بنداوة المكان تشق الحبة نصفين لئلا تنبت وإذا وصلت النداوة إليها تخرجها الى الشمس لتجف قال بعضهم رأيت غواصا وهو طائر غاص وطلع بسمكة فغلبه الغراب عليها فأخذها منه فغاص مرة أخرى فطلع فأخذها منه الغراب وفى الثالثة كذلك فلما اشتغل الغراب بالسمكة وثب الغواص فأخذ برجل الغراب وغاص به تحت الماء حتى مات الغراب وخرج هو من الماء وفى الحديث لا تشوبوا اللبن بالماء فان رجلا كان فيمن كان قبلكم يبيع اللبن ويشوبه بالماء فاشترى قردا وركب البحر حتى إذا لجج فيه ألهم الله القرد فأتى صرة الدنانير فأخذها وصعد الدقل وهو سهم السفينة ففتح الصرة وصاحبها ينظر اليه فأخذ دينارا ورمى به فى البحر ودينارا فى السفينة حتى قسمها نصفين فالقى ثمن الماء فى الماء وفى عجائب المخلوقات ان شخصا قتل شخصا بأصفهان وألقاه فى بئر وللمقتول كلب يرى ذلك فكان يأتى كل يوم الى رأس البئر وينحى التراب عنها وإذا رأى القاتل نبح عليه فلما تكرر منه ذلك حفروا الموضع فوجدوا القتيل ثم أخذوا الرجل فاقر فقتل به ومن عجيب شجرة النخل ان يعرض لها العشق وهى أن تميل الى الى نخلة أخرى فيخف حملها وتهزل وعلاجها أن يشد بينها وبين معشوقها الذي مالت اليه بحبل او يعلق عليها سعفة منه او يجعل فيها من طلعه وأمثال هذا لا تحيط بها العبارة والتحرير كثرة وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى اى أنبت بكمال قدرته ما ترعاه الدواب غضا طريا من بين أخضر واصفر وأحمر وأبيض وقال ابن عباس رضى الله عنه المرعى الكلأ الأخضر وفى الصحاح الرعي بالكسر الكلأ وبالفتح المصدر والمرعى الرعي والمصدر فَجَعَلَهُ بعد ذلك غُثاءً اى درينا وهو كأمير يبيس كل حطام حمض او شجر او بقل قال الجوهري الغثاء بالضم والمد ما يحمله السيل من القماش والقمش جمع الشيء من هاهنا وهاهنا وذلك الشيء قماش ما على وجه الأرض من فتات الأشياء حتى يقال لرذالة الناس قماش وبالفارسية خشك و پژمرده أَحْوى اسود من الحوة بمعنى السواد وذلك ان الكلأ إذا جف ويبس اسود سواء كان جفافه واسوداده بتأثير حرارة الشمس او برودة الهولء الفاء التعقيبية اشارة الى قصر مدة الحضرة ورمز الى قصر مدة العمر وسرعة زوال الدنيا ونعيمها يعنى محققان از مضمون اين آيت فهم كرده اند كه چراگاه متمتعان دنيا اگر چهـ در أول تازه وسيراب وسبز وخرم نمايد اما اندك وقتى را بسبب هبوب رياح خزان حوادث تيره وبى طراوت خواهد بود.

ص: 405

اگر چهـ خرم وتازه است كلبن دنيا

ولى بنكبت باد خزان نمى ارزد

بكرده خورى وقرص قمر ز جاى مرو

كه خوان چرخ نيك تاى نان نمى ارزد

وفيه اشارة الى زينة الحياة الدنيا ومنافعها ومآكلها ومشاربها فانها مرعى النفس الحيوانية ومرتع بهائم القوى جعلها الله سريعة الفناء وشيكة الزوال كالهشيم والحطام البالي المسود فينبغى أن لا يلتفت إليها ولا يشغل بها فانها مانعة عن التسبيح الخاص وهو تنزيه الذات وتجريدها عن العلائق وبها يحصل الاحتجاب عن الكمال المقدر فى حق كل أحد سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى بيان لهدايته تعالى الخاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم أثر بيان هدايته العامة لكافة مخلوقاته وهى هدايته عليه السلام لتلقى الوحى وحفظ القرآن الذي هو هدى للغالمين وتوفيقه عليه السلام لهداية الناس أجمعين قال الراغب فى المفردات اخبار وضمان من الله تعالى أن يجعله بحيث لا ينسى ما يسمعه من الحق انتهى والسين اما للتأكيد واما لان المراد أقراء ما أوحى اليه حينئذ وما سيوحى اليه بعد ذلك فهو وعد كريم باستمرار الوحى فى ضمن الوعد بالإقراء يقال قرأ القرآن فهو قارئ وأقرأه غيره فهو مقرئ اى علمه إياه فهو معلم وفى تاج المصادر الإقراء قرآن كوش فرا داشتن وخواننده كردن. ومنه سنقرئك انتهى والمعنى سنقرئك ما نوحى إليك الآن وفيما بعد على لسان جبرائيل فلا تنسى أصلا من قوة الحفظ والإتقان وفى كشف الاسرار سنجمع حفظ القرآن فى قلبك وقراءته فى لسانك حتى لا تنسى كقوله ان علينا جمعه وقرآنه إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ استثناء مفرغ من أعم المفاعيل اى لا تنسى شيأ من الأشياء مما تقرأه الا ما شاء الله أن تنساه ابدا بأن نسخت تلاوته فان النسخ نوع من الانساء وطريق من طرقه فكأنه بالنسخ محى من الصحف والصدور فالمراد بالنسيان هو النسيان الكلى الدائم بحيث لا يعقبه التذكر بعده ويجوز بأن يراد به النسيان المتعارف الذي يعقبه الذكر بعده وهو النسيان فى الجملة على القلة والندرة اى فلا تنسى الا ما شاء الله نسيانه ثم لا يبقى المنسى منسيا دائما بل يعقبه الذكر كما هو المفهوم من المقام ويؤيد هذا المعنى ما روى انه عليه السلام أسقط آية فى قراءته فى الصلاة فحسب أبى رضى الله عنه انها نسخت فسأله ققال عليه السلام نسيتها (وروى) ان بعض الصحابة رضى الله عنهم كان يقرأ القرآن فى الليل فقال عليه السلام لقد أذكرنى آية أنسيتها ومن هذا كان عليه السلام يقول فى دعائه اللهم ارحمني بالقرءان العظيم واجعله لى اماما ونورا وهدى رحمة اللهم ذكرنى منه ما نسيت وعلمنى منه ما جهلت وارزقني تلاوته آناء الليل وأطراف النهار واجعله حجة لى يا رب العالمين وكان عليه السلام يقول انما أنا بشر انسى كما تنسون فاذا نسيت فذكرونى وقال تعالى واذكر ربك إذا نسيت ودل الكل على جواز طريان النسيان عليه وان لم يكن سهوه ونسيانه من قبيل سهو الامة ونسيانهم فانه اهل الحضور الدائم روى عن جعفر الصادق رضى الله عنه انه عليه السلام كان يقرأ من الكتاب وان كان لا يكتب وفيه معجزة له عليه السلام فانه كان أميا وقد جعله الله قارئا ثم انه كان يقرأ من الحفظ

ص: 406

ومن الصحيفة ايضا من غير تعلم الخط وكان منبع الكمالات كلها حتى انه علم الكتاب الخط وقوانينه وأصحاب الحرف دقائق حرفتهم إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى تعليل لما قبله وما موصولة وكل من الجهر والإخفاء شامل لما كان من قبيل القول والعمل والإخفاء والإخفاء لما فى الضمائر من النيات اى يعلم ما ظهر وما بطن من الأمور التي من جملتها ما أوحى إليك فينسى ما يشاء انساءه ويبقى محفوظا ما يشاء إبقاءه لما نيط بكل منهما من مصالح دينكم وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى عطف على نقرئك واليسرى فعلى من اليسر وهو السهولة ويسرت كذا سهلت وهيأت وضمن نيسرك معنى التوفيق ولذا عدى بدون اللام والا فالعبارة المعتادة أن يقال جعل الفعل الفلاني ميسرا لفلان لا أن يقال جعل فلان ميسرا للفعل الفلاني كما فى الآية فانه قيل ونيسرك لليسرى لا ونيسر اليسرى لك وقال بنون العظمة لتكون عظمة المعطى دليلا على عظمة العطاء وفى الإرشاد تعليق التيسير به عليه السلام مع ان الشائع تعليقه بالأمور المسخرة للفاعل كما فى قوله تعالى ويسر لى أمرى للايذان بقوة تمكينه عليه السلام من اليسرى والتصرف فيها بحيث صار ذلك ملكة راسخة له كأنه عليه السلام جبل عليها كما فى قوله عليه السلام اعملوا فكل ميسر لما خلق له والمعنى ونوفقك توفيقا مستمرا توفيقا للطريقة اليسرى اى التي هى أيسر وأسهل فى كل باب من أبواب الدين علما وتعليما واهتداء وهداية فيندرج فيه نيسير طريق تلقى الوحى والإحاطة بما فيه من احكام الشريعة السمحة والنواميس الالهية مما يتعلق بتكميل نفسه عليه السلام وتكميل غيره كما يفصح عنه الفاء فى قوله تعالى فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى اى فذكر الناس حسبما يسرناك له بما يوحى إليك واهدهم الى ما فى تضاعيفه من الاحكام الشرعية كما كنت تفعله ان نفع التذكير والعظمة والنصيحة وتقييد التذكير بنفع الذكرى لما ان رسول الله عليه السلام طالما كان يذكرهم ويستفرغ فيه جهده حرصا على ايمانهم وكان لا يزيد ذلك بعضهم الا كفرا وعنادا فأمر عليه السلام بأن يخص التذكير بمدار النفع فى الجملة بأن يكون من يذكره كلا او بعضا ممن يرجى منه التذكر ولا يتعب نفسه فى تذكير من لا يزيده التذكير الا عتوا ونفورا من المطبوع على قلوبهم كما فى قوله تعالى فذكر بالقرءان من يخاف وعبد فحرف الشك راجع الى النبي عليه السلام لا الى الله وفى كشف الاسرار ان تجيئ فى العربية مثبتة لا لشرط فتكون بدل قد كقوله وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين وقد علم عليه السلام ان الذكرى تنفع لا محالة اما فى ترك الكفر او ترك المعصية او فى الاستكثار من الطاعة فهو حث على ذلك وتنبيه على انها تنفع الا أن يكون مطبوعا على قلبه غير مستعد للقبول فالنفع مشروط بشرط الاستعداد

زمين شوره سنبل بر نيارد

درو تخم عمل ضايع مكردان

والحاصل ان التذكير خاص بالمنتفع وذلك فى النهاية واما فى البداية فعام وما على الرسول الا البلاغ

من آنچهـ شرط بلاغست با تو ميكويم

تو خواه از سخنم پند كير وخواه ملال

ص: 407

قال القاشاني أجمل فى قوله ان نفعت الذي ثم فصل بقوله سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى اى سيتذكر بتذكيرك يعنى زود باشد كه پند پذيرد. من من شأنه أن يخشى الله حق خشيته او من يخشى الله فى الجملة فيزداد ذلك بالتذكير فيتفكر فى امر ما تذكر به فيقف على حقيقته فيؤمن به وفى التفسير الكبير الناس فى أمر المعاد على ثلاثة أقسام منهم من قطع بصحته ومنهم من جوز وجوده ولكنه غير قاطع فيه لا بالنفي ولا بالاثبات ومنهم من أصر على إنكاره والقسمان الأولان ينتفعون بالتذكير بخلاف الثالث يَتَجَنَّبُهَا

اى يتبعد من الذكرى ولا يسمعها سماع القبولْ َشْقَى

اى الزائد فى الشقاوة من الكفرة لتوغله فى عداوة النبي عليه السلام مثل الوليد بن المغيرة وأبى جهل ونحوهما او الأشقى هو الكافر مطلقا لانه أشقى من الفاسق وروى ان من يخشى هو عثمان بن عفان رضى الله عنه والأشقى رجل من المنافقين وذلك ان المنافق كانت له نخلة مائلة فى دار رجل من الأنصار فسقط ثمرها فى داره فذكر ذلك لرسول الله عليه السلام فارسل الى المنافق ولم يكن يعلم بنفاقه فسأله ان يعطى النخلة للانصارى على ان يعطيه نخلة فى الجنة فقال أبيع عاجلا بآجل لا افعل فأعطاه عثمان رضى الله عنه حائط نخل له فنزلت الآية كما فى التكملة ونظيره ان رجلا قضى للنبى عليه السلام حاجة فقال ائتنى بالمدينة فأتاه فقال أيما أحب إليك ثمانون من الضأن او أدعو الله ان يجعلك معى فى الجنة قال بل ثمانون من الضأن قال أعطوه إياها ثم قال ان صاحبة موسى عليه السلام كانت أعقل منك وذلك ان عجوزا دلته على عظام يوسف عليه السلام فقال لها موسى أيما أحب إليك اسأل الله ان تكون معى فى الجنة او مائة من الغنم قالت الجنة

هر كه بيند مر عطارا صد عوض

زود دربازد عطا را زين غرض

آرزوى كل بود كل خواره را

كلشكر نكوارد آن بيچاره را

الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى اى يدخل الطبقة السفلى من طبقات النار. وآتش آن از آتش دركات ديكر تيزتر وسوزنده تر است وآن جاى آل فرعون ومنافقان ومنكران مائده عيسى عليه السلام باشد ونار صغرى در طبقه عليا كه چاى كنهكاران امت محمد مصطفاست عليه السلام. فالكبرى اسم تفصيل لانه تأنيث الأكبر والمفضل هو ما فى أسفل دركات جهنم من النار التي هى نصيب الكفار كما قال تعالى ان المنافقين فى الدرك الأسفل من النار والمفضل عليه ما فى الدركات التي فوقها فان لجهنم نيرانا ودركات متفاضلة كما ان فى الدنيا ذنوبا ومعاصى متفاضلة فكما ان الكفار أشقى العصاة كذلك يصلون أعظم النيران وقيل الكبرى نار جهنم والصغرى نار الدنيا يعنى ان المفضل نار الآخرة والمفصل عليه نار الدنيا لقوله عليه السلام ناركم هذه جزء من سبعين جزأ من نار جهنم وقد غمست فى ماء البحر مرتين ليدنى منها وينتفع بها ولولا ذلك ما دنوتم منها ويقال انها تتعوذ بالله من جهنم وان ترد إليها.

يقول الفقير الظاهر ان المراد بالنار الكبرى هو العذاب الأكبر فى قوله تعالى فيعذبه الله العذاب

ص: 408

الأكبر وهو عذاب الآخرة واما العذاب الأصغر فهو عذاب الدنيا وعذاب البرزخ فانه يصغر بالنسبة الى عذاب الآخرة قال بعض الحكماء علامة الشقاوة أشياء كثيرة الاكل والشرب والنوم والإصرار على الذنب وقساوة القلب وكثرة الذنب ونسيان الرب والوقوف بين يدى الملك الجبار فهذا هو الأشقى الذي يدخل النار الكبرى وفى التأويلات النجمية النار ناارن نار حجاب الدنيا بالاشتغال بالشهوات والذات وهى الصغرى ونار حجاب الآخرة وهو الابتلاء بالخذلان والخسران والطرد والهجران كما قال تعالى ومن كان فى هذه أعمى فهو فى الآخرة أعمى وأضل سبيلا لفوات الاستعداد وقال القاشاني النار الكبرى هى نار الحجاب عن الرب بالشرك والوقوف مع الغير ونار القهر فى مقام الصفات ونار الغضب والسخط فى مقام الافعال ونار جهنم الآثار فى المواقف الاربعة من موقف الملك والملكوت والجبروت وحضرة اللاهوت أبد الآبدين فما اكبر ناره ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها حتى يستريح وَلا يَحْيى حياة تنفعه كما يقال لمن ابتلى بالبلاء الشديد لا هو حى ولا هوميت وثم للتراخى من مراتب الشدة لان التردد بين الموت والحياة أفظع من نفس الصلى وقال ابن عطاء لا يموت فيستريح من غم القطعية ولا يحيى فيصل الى روح الوصلة وفى التأويلات النجمية لا يموت نفسه بالكلية ليستريح من عقوبات الحجاب والاحتجاب ولا يحيى قلبه بحياة الايمان لكونه فى دار الجزاء لا فى دار التكليف وقال القاشاني لا يموت لامتناع انعدامه ولا يحيى بالحقيقة لهلاكه الروحاني اى يتعذب دائما سرمدا فى حالة يتمنى عندها الموت وكلما احترق وهلك أعيد الى الحياة وعذب فلا يكون ميتا مطلقا ولا حيا مطلقا. يقول الفقير لا يموت لان الموت يذبح فلا موت ولا يحيى لان المغموم كالميت فيبقى فى العذاب الروحاني كما يبقى فى العذاب الجسماني قال بعض الكبار لا حياة الا عن موت ولا موت إلا عن رؤية حى فمن مات غير هذا الموت فلا يحيى ومن حى غير هذه الحياة فهى حياة حيوانية لا حياة انسانية قَدْ أَفْلَحَ اى نجا من المكروه وظفر بما يرجوه مَنْ تَزَكَّى اى تطهر من الكفر والمعاصي بتذكره واتعاظه بالذكرى او تكثر من التقوى والخشية من الزكاء وهو النماء وكلمة قد لما أن عند الاخبار بسوء حال المتجنب عن الذكرى فى الآخرة يتوقع السامع الاخبار بحسن حال المتذكر فيها وينتظره وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ بقليه ولسانه فَصَلَّى اقام الصلوات الخمس كقوله أقم الصلاة لذكرى اى كبر تكبيرة الافتتاح فصلى فالمراد بالذكر تكبيرة الافتتاح لكن لا يختص الذكر عند الحنفية بان يقول الله اكبر لعموم الذكر ودل العطف بالفاء التعقيبية على عدم دخول الكبير فى الأركان لان العطف يقتضى المغايرة بين المعطوفين قال الامام مراتب اعمال المكلف ثلاث فاولاها ازالة العقائد الفاسدة عن القلب وهى المرادة بالتزكى والثانية استحضار معرفة الله بذاته وصفاته وأسمائه وهى المرادة بالذكر لان الذكر بالقلب ليس الا المعرفة والثالثة الاشتغال بالخدمة والطاعة وهى المرادة بالصلاة فانها عبارة عن التواضع والخشوع فمن استنار قلبه بمعرفة جلال الله لا بد وأن يظهر فى جوارحه وأعضائه اثر الخضوع والخشوع قال بعضهم خلق الله وجها يصلح للسجدة وعينا تصلح للعبرة وبدنا يصلح للخدمة وقلبا يصلح للمعرفة وسرا يصلح للمحبة فاذكروا نعمة الله

ص: 409

عليكم حيث زين ألسنتكم بالشهادة وقلوبكم بالمعرفة وأبدانكم بالعبادة (روى) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى قال الله سبحانه ان لى مع المصلين ثلاث شرائط احداها تنزل الرحمة من عنان السماء الى مفرق رأسه مادام فى صلاته والثانية حفته الملائكة بأجنحتها والثالثة أناجى معه كلما قال يا رب أقول لبيك ثم قال عليه السلام لو علم المصلى من يناجى ما التفت (وروى) عن ابن عمر رضى الله عنه ان المراد بالتزكى إخراج صدقة الفطر قبل المضي الى المصلى وبالذكر ان يكبر فى الطريق حين خروجه الى المصلى وبالصلاة ان يصلى صلاة العيد بعد ذلك مع الامام وهذه السورة وان كانت مكية بالإجماع ولم يكن بمكة عيد ولا صدقة فطر الا انه لما كان فى علمه ان ذلك سيكون اثنى الله على من فعل ذلك فانه تعالى قد يخبر عما سيكون وفى الآية اشارة الى تطهير النفس عن المخالفات الشرعية وتطهير القلب عن المحبة الدنيوية بل عن ملاحظة الغير والتوجه الى الله تعالى بقدر الاستعداد إذ لا يكلف الله نفسا الا وسعها بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا إضراب عن مقدر ينساق اليه الكلام كأنه قبل اثر بيان ما يؤدى الى الفلاح لا تفعلون ذلك بل تختارون اللذات العاجلة الفانية فتسعون لتحصيلها والخطاب اما للكفرة فالمراد بايثار الحياة الدنيا هو الرضى والاطمئنان بها والاعراض عن الآخرة بالكلية كما فى قوله تعالى وان الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها الآية او للكل فالمراد بايثارها ما هو أعم مما ذكر وما لا يخلو عنه الناس غالبا من ترجيح جانب الدنيا على الآخرة فى السعى وترتيب المبادي والالتفات على الاول لتشديد التوبيخ وعلى الثاني كذلك فى حق الكفرة ولتشديد العتاب فى حق المسلمين وفى فتح الرحمن فالكافر يؤثرها إيثار كفر يرى ان لا آخرة والمؤمن يؤثرها إيثار معصية وغلبة نفس الا من عصم الله وفى عين المعاني خطاب للامة إذ كل يميل الى الدنيا اما رغبة فيها او ادخار الثواب الآخرة (وفى كشف الاسرار) مصطفى عليه السلام أول قلم فتوى.

در حق دنيا اين راند كه حلالها حساب وحرامها عذاب آنكه برو لعنت كرد كه. الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ذكر الله

اگر دينت همى بايد زدنيا دار پى بگسل

ورت دنيا همى بايد بده دين وببر دنيا

ور از دوزخ همى ترسى بمالى پس مشو غره

كه اينجا صورتش مالست وآنجا شكلش اژدرها

چهـ مانى بهر مردارى چوزاغان اندرين پستى

قفص بشكن چوطاوسان يكى بر پر بزين بالا

وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى حال من فاعل تؤثرون مؤكدة للتوبيخ والعتاب اى تؤثرونها على الآخرة والحال ان الآخرة خير فى نفسها لما ان نعيمها مع كونه فى غاية ما يكون من اللذة خالص عن شائبة الغائلة أبدى لا انصرام له وعدم التعرض لبيان تكدر نعيم الدنيا بالمنغصات وانقطاعه عما قليل لغاية ظهوره وفيه اشارة الى ان ظواهر الأشياء بالنسبة الى حقائقها كالقشر بالنسبة الى اللب واللب خير من القشر وأبقى لان لب الحب يحفظ زمانا طويلا وقشره إذا سلخ من اللب يطرح فى النار او يرمى بالمزابل فيفنى بعد اليومين او اكثر فأرباب

ص: 410

القشر يؤثرون الأمور الظاهرة الخسيسة الدنية الفانية على الأمور الباطنة المعنوية الشريفة العزيزة الباقية لكونهم محجوبين عن الآخرة وارباب اللب يختارون الآخرة بل الله الآخر كما قال قل الله ثم ذرهم ويقال قد أفلح من تزكى اى من تاب من الذنوب وذكر اسم ربه يعنى إذا سمع الاذان خرج الى الصلاة ثم ذم تارك الجماعة لاجل اشتغاله بالدنيا فقال بل تؤثرون الحياة الدنيا يعنى تختارون عمل الدنيا على عمل الآخرة وعمل الآخرة خير وأبقى من عمل الدنيا والاشتغال بها وبزينتها إِنَّ هذا اشارة الى ما ذكر من قوله تعالى قد أفلح من تزكى لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى جميع صحيفة وهى الكتاب قال الراغب الصحيفة المبسوط من كل شىء كصحيفة الوجه والصحيفة التي كان يكتب فيها والمصحف ما جعل جامعا للصحف المكتوبة والمعنى لثابت فيها يعنى ان تطهير النفس عما لا ينبغى وتكميل الروح بالمعارف وتكميل الجوارح بالطاعة والزجر عن الالتفات الى الدنيا والترغيب فى الآخرة وفى ثواب الله فى دار كرامته لا يجوزان يختلف باختلاف الشرائع صُحُفِ جدك إِبْراهِيمَ الخليل عليه السلام وَصحف أخيك مُوسى الكليم عليه السلام بدل من الصحف الاولى (روى) ان جميع ما انزل الله من كتاب مائة واربعة كتب انزل على آدم عليه السلام عشر صحف حروف التهجي صحيفة منها وعلى شيت عليه السلام خمسين صحيفة وعلى إدريس عليه السلام ثلاثين صحيفة وعلى ابراهيم عليه السلام عشر صحائف والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان فصحف موسى هى الألواح التي كتبت فيها التوراة كذا قال الامام وفى التيسير صحف شيت وهى ستون وصحف ابراهيم وهى ثلاثون وصحف موسى قبل التوراة وهى عشر والتوراة والإنجيل والزبور والقرآن وكان فى صحف ابراهيم ينبغى للعاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله ان يكون حافظا للسانه عارفا بزمانه مقبلا على شانه وايضا الخروج عما سوى الله بنعت التجريد كما قال انى بريئ مما تشركون والإقبال على الله لقوله انى وجهت وجهى للذى فطر السموات والأرض ونقل من صحف موسى يقول الله يا ابن آدم اعمل لنفسك قبل نزول الموت بك ولا تغرنك المطية فان على آثارها السفر ولا تلهينك الحياة وطول الأمل عن التوبة فانك تندم على تأخيرها حين لا ينفعك الندم يا ابن آدم إذا لم تخرج حقى من مالى الذي رزقتك إياه ومنعت منه الفقراء حقوقهم سلطت عليك جبارا يأخذه منك ولا أثيبك عليه وفى صحف موسى ايضا سرعة الشوق الى جماله والندم على الوقوف فى المقامات عند تعريف الصفات لقوله انى تبت إليك وأنا أول المؤمنين وفى التيسير دل الكلام على قول الامام الأعظم رحمه الله ان قراءة القرآن بالفارسية فى الصلاة صحيحة وهو قرآن بأى لسان قرئ لانه جعل هذا المذكور مذكورا فى تلك الصحف ولذلك قال وانه لفى زبر الأولين ولا شك انه لم يكن فيها بهذا النظم وبهذه اللغة وكان قرءانا لان العبرة بالمعاني والألفاظ ظروف وقوالب لها انتهى وفيه تأييد لمن جوز نقل الحديث بالمعنى وعن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الركعتين اللتين يوتر بعدهما بسبح اسم ربك الأعلى وقل

ص: 411