المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تفسير سورة ن - روح البيان - جـ ١٠

[إسماعيل حقي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء العاشر

- ‌تفسير سورة التغابن

- ‌تفسير سورة الطلاق

- ‌تفسير سورة التحريم

- ‌سورة الملك مكية

- ‌تفسير سورة ن

- ‌تفسير سورة الحاقة

- ‌تفسير سورة المعارج

- ‌سورة نوح

- ‌تفسير سورة الجن

- ‌تفسير سورة المزمل

- ‌تفسير سورة المدثر

- ‌تفسير سورة القيامة

- ‌تفسير سورة الإنسان

- ‌تفسير سورة المرسلات

- ‌تفسير سورة النبأ

- ‌تفسير سورة النازعات

- ‌تفسير سورة عبس

- ‌تفسير سورة التكوير

- ‌تفسير سورة الانفطار

- ‌تفسير سورة المطففين

- ‌تفسير سورة الانشقاق

- ‌تفسير سورة البروج

- ‌تفسير سورة الطارق

- ‌تفسير سورة الأعلى

- ‌تفسير سورة الغاشية

- ‌تفسير سورة الفجر

- ‌تفسير سورة البلد

- ‌تفسير سورة الشمس

- ‌تفسير سورة الليل

- ‌تفسير سورة الضحى

- ‌تفسير سورة الم نشرح

- ‌تفسير سورة التين

- ‌تفسير سورة العلق

- ‌تفسير سورة القدر

- ‌تفسير سورة القيامة

- ‌تفسير سورة الزلزلة

- ‌تفسير سورة العاديات

- ‌تفسير سورة القارعة

- ‌تفسير سورة التكاثر

- ‌تفسير سورة العصر

- ‌تفسير سورة الهمزة

- ‌تفسير سورة الفيل

- ‌تفسير سورة الإيلاف

- ‌تفسير سورة الماعون

- ‌تفسير سورة الكوثر

- ‌تفسير سورة الكافرين

- ‌تفسير سورة النصر

- ‌تفسير سورة المسد

- ‌تفسير سورة الإخلاص

- ‌تفسير سورة الفلق

- ‌تفسير سورة الناس

الفصل: ‌تفسير سورة ن

‌تفسير سورة ن

مكية وآيها ثنتان وخمسون بالاتفاق بسم الله الرحمن الرحيم

ن اى هذه سورة ن او بحق ن وهى هذه السورة اقسم الله بها على سبيل التأكيد فى اثبات الحكم على ما عليه عادة الخلق مع ما فيه من بيان عظم شأن المقسم به والا فكما انه تعالى لا يليق القسم بشانه العالي فكذا لا يصح لغيره ان يكون مقسما به والنون حرف واحد فى الكتابة وثلاثة أحرف فى التلفظ وقد قال عليه السلام من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف بل الف حرف ولام حرف وميم حرف أراد عليه السلام بالحرف ما يتهجى به فيرجى أن يعطى الله بلفظ ن ثلاثين حسنة لانه مشتمل فى التلفظ على نونين بينهما واو وقال بعضهم هو مفتاح اسم النور والناصر أو قسم بنصرة الله المؤمنين اعتبارا بقوله تعالى وكان حقا علينا نصر المؤمنين وقال سهل قدس سره النون اسم من اسماء الله تعالى وذلك انه إذا اجتمعت أوائل هذه السور الثلاث الر وحم ون يكون الرحمن وقيل فيه إنه اسم من اسماء النبي عليه السلام كما فى التكملة لعل هذه القائل أشار الى قوله عليه السلام أول ما خلق الله نورى فيكون النور اسمه عليه السلام فان قلت فيلزم التكرار لان القلم أيضا من أسمائه كما قال أول ما خلق الله القلم قلت التغاير فى العنوان بمنزلة التغاير فى الذات فسمى عليه السلام باعتبار نورانيته نورا وباعتبار انه صاحب القلم قلما كما سمى خالدين وليد رضى الله عنه سيف الله المسلول لكونه صاحب سيف وقال بعضهم هو لوح من نور أو اسم نهر فى الجنة (وفى المفردات) النون الحوت العظيم ولذا قال عكرمة فى الآية اقسم الله بالحوت الذي لطخ سهم نمرود بدمه لان نمرود لما رمى السهم نحو السماء عاد السهم مختضبا بدم سمكة فى بحر معلق فى الهولء فأكرم الله ذلك الحوت بأن اقسم به وأحل جنسه من غير ذكاة فانه لا يحل الا ميتتان السمك والجراد وفى معناهما ما يستحيل من الاطعمة كدود الفتاح والجبن فان الاحتراز عنهما غير ممكن فاما إذا أفردت وأكلت فحكمها حكم الذباب والخنفساء والعقرب وكل ما ليس له نفس سائلة ولا سبب فى تحريمه الا الاستقذار ولو لم يكن لكان لا يكرء وان وجد شخص لا يستقذره لا يلتفت الى خصوص طبعه فانه التحق بالخبائث لعموم الاستقذار فيكره أكله كما لو جمع المخاط وشربه كره كما فى الاحياء يقال لو أريد به معنى الحوت كانت المناسبة بين المتعاطفين كما فى ما بين كم الخليفة والف باذنجانة. يقول الفقير المناسبة بينهما خفية لا يدركها الا اهل الحقائق وهى ان كبد الحوت غذآء اهل الجنة قبل كل شىء فيجدون بعد أكله حياة ابدية فى أبدانهم كما ان القلم يكتب به من العلوم ما فيه حياة باقية لارواحهم ولذا سمى جبريل روحا لانه كان يجيئ بالوحى الذي هو سبب لحياة القلوب والأرواح فيكون ن والقلم كالماء والعلم ولا شك فى ثبوت المناسبة التامة بينهما فالقياس الذي ذكره القائل باطل وقائل الباطل جاهل وقال بعضهم هو اسم الحوت الذي احتبس يونس عليه السلام فى بطنه ولذا سماء الله تعالى ذا النون وقال بعضهم هو الحوت الذي على ظهره الأرض وهو فى

ص: 100

بحر تحت الأرض السفلى اسمه ليوثا او يهموت بالياء المثناة التحتانية وفى عين المعاني لوثيا او برهوت كما قال على رضى الله عنه

مالى أراكم كلكم سكوتا

والله ربى خلق البر هوتا

(روى) ان الله تعالى لما خلق الأرض كانت تتكفأ كما تتكفأ السفينة اى تضطرب وتميل فبعث الله ملكا فهبط حتى دخل تحت الأرض فوضعها على كاهله وهو كصاحب ما بين الكتفين ثم اخرج يديه إحداهما بالمشرق والاخرى بالمغرب ثم قبض على الأرضين السبع فضبطها فاستقرت فلم يكن لقدمى الملك قرار فأهبط الله ثورا من الجنة له أربعون ألف قرن وأربعون الف قائمة فجعل قرار قدمى الملك على سنامه فلم تستقر قدماه على سنامه فبعث الله ياقوتة خضرآء من الجنة غلظها مسيرة كذا الف عام فوضعها على سنام الثور فاستقرت عليها قدما الملك وقرون الثور خارجة من أقطار الأرض مشبكة الى تحت العرش ومنخر الثور فى ثقبين من تلك الياقوتة الخضراء تحت البحر فهو يتنفس فى اليوم نفسين فاذا تنفس مد البحر وإذا رد النفس جزر البحر وهو ضد مد ولم

يكن لقوائمه قرار فخلق الله كمكاما من الرمل كغلظ سبع سموات وسبع ارضين فاستقر عليه قوائم الثور ثم لم يكن للكمكام مستقر فخلق الله حوتا يقال له برهو فوضع الكمكام على وبر الحوت والوبر الجناح الذي يكون فى وسط ظهره وذلك مزموم بسلسلة من القدرة كغلظ السموات والأرض مرار وانتهى إبليس لعنه الله الى ذلك الحوت فقال له ما خلق الله خلقا أعظم منك فلم لا تزيل الدنيا عن ظهرك فهم بشئ من ذلك فسلط الله عليه بقة فى انفه فشغلته وفى رواية بعث الله دابة فدحلت منخره فوصلت الى دماغه فعج الحوت الى الله تعالى منها فاذن لها فخرجت قال كعب فو الله الذي نفسى بيده انه لينظر إليها وانها لتنظر اليه ان هم بشئ من ذلك عادت كما كانت قبل وأنبت الله من تلك الياقوتة جبل قاف وهو من زمردة وله رأس ووجه وأسنان وأنبت من جبل قاف الجبال الشواهق كما نبت الشجر من عروق الشجر وزعم وهب ان الحوت والثور يبتلعان ما ينصب من مياه الأرض فى البحار فلذلك لا يؤثر فى البحار زيادة فاذا امتلأت أجوافهما من المياه قامت القيامة وزعم قوم ان الأرض على الماء والماء على الصخرة على سنام الثور والثور على كمكام من الرمل متلبدا والكمكام على ظهر الحوت والحوت على الريح العقيم الريح على حجاب من ظلمة والظلمة على الثرى وقد انتهى علم الخلائق الى الثرى ولا يعلم ما ورلء ذلك أحد الا الله الذي له ما فى السموات وما فى الأرض وما بينهما وما تحت الثرى وهذه الاخبار مما تزيد المرء بصيرة فى دينه وتعظيما لقدرة ربه وتحيرا فى عجائب خلقه فان صحت فما خلقها على الصانع القدير بعزيز وان تكن من اختراع اهل الكتاب وتنميق القصاص فكلها تمثيل وتشبيه ليس بمنكر كذا فى خريدة العجائب (وقال فى كشف الاسرار) بعض مفسران كفتند ماهيست بر آب زير هفت طبقه زمين ماهى از كرانئ بار زمين خم در خم كرديد بر مثال نون شد شكم بآب فرو برده وسر از مشرق بر آورده وذنب از مغرب وخواست كه از كران بارى بنالد جبريل بانك بروى زد چنان بترسيد كه كران بارئ زمين فراموش كرد وتا

ص: 101

بقيامت نيارد كه بجنبد ماهى چون بار برداشت ونناليد رب العالمين او را دو تشريف داد يكى آنكه بدو قسم ياد كرد محل قسم خداوند جهان كشت ديكر تشريف آنست كه كارد از حلق او برداشت همه جانوران را بكارد ذبح كنند واو را نكنند تا عالميان بدانند كه هر كه بار كشد رنج او ضايع نكنند اى جوانمرد اگر ماهى بار زمين كشيد بنده مؤمن بار امانت مولى كشيد كه وحملها الإنسان ماهى كه بار زمين برداشت از كار در عقوبت ايمن كشت چهـ عجب كه اگر مؤمن بار امانت برداشت از كارد قطيعت ايمن كردد وَالْقَلَمِ هو ما يكتب به والواو وللقسم على التقدير الاول وللعطف على الثاني والمراد قلم اللوح كما جاء فى الخبران أول ما خلق الله القلم ونظر اليه فانشق بنصفين ثم قال له اجر بما هو كائن الى يوم القيامة فجرى على اللوح المحفوظ بذلك من الآجال والأعمال والأرزاق وهو القدر الذي يجب ان يؤمن بخيره وشره ثم ختم على القلم فلم ينطق ولا ينطق الى يوم القيامة وهو قلم من نور طوله كما بين السماء والأرض وبعد ما خلق القلم خلق النون اى السمكة فدحا الأرض عليها فارتفع بخار الماء ففتق منه السموات واضطرب النون فمادت الأرض فأثبتت بالجبال وان الجبال لتفخر على الأرض الى يوم القيامة وقد عرفت المناسبة بين القلم وبين النون بمعنى السمكة وفى رواية الواحدي فى الوسيط أول چيزى كه خداى تعالى بيافريد قلم بود پس نون را بيافريد وآن دواتست وقلم از ان دوات نوشت آنچهـ بود وهست وباشد وبرين تقدير خداى تعالى قسم فرمود بدوات بقلم أعلى كه از نورست كما فى تفسير الكاشفى. وفى القاموس النون من حروف الزيادة والدواة والحوت انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان المراد بالقلم قلم الكرام الكاتبين او جنس القلم اقسم الله بالدواة والقلم لكثرة منافعهما وعظم فوائدهما فان التفاهم بالنطق والبيان انما يكون بين

الحاضرين واما بالنسبة الى من غاب وبعد من اهل عصر واحد ومن اهل الزمان الآتي فانما يكون بالكتابة كما قال بعضهم البيان اثنان بيان لسان وبيان بنان ومن فضل بيان البنان ان ما تثبة الأقلام باق على الأيام وبيان اللسان تدرسه الأعوام ولو لم يكن للقلم مزية سوى كونه آلة لتحرير كتب الله لكفى به فضلا موجبا لتعظيمه ومن تعظيمه تعظيم برايته فتوضع حيث لا تطأها الاقدام والا أورثت الآلام وعن بعض الحكماء قوام امور الدين والدنيا بشيئين القلم والسيف والسيف تحت القلم لولا القلم اما قام دين ولا صلح عيش قال بعضهم

ان يخدم القلم السيف الذي خضعت

له الرقاب ودانت خوفه الأمم

كذا قضى الله للاقلام مذبريت

ان السيوف لها مذأر هفت خدم

وقال بعضهم. إذا اقسم الابطال يوما بسيفهم

وعدوه مما يجلب المجد والكرم

كفى قلم الكتاب فخرا ورفعة

مدى الدهر ان الله اقسم بالقلم

وَما يَسْطُرُونَ ما موصولة والعائد محذوف والسطر الصف من الكتابة ومن الشجر المغروس ومن القوم الوقوف وسطر فلان كذا اى كتبه سطر اسطرا وضمير الجمع لاصحاب

ص: 102

القلم المدلول عليه بذكره والمعنى بالفارسية وديكر سوكند ياد فرمود بآنچهـ اصحاب قلم از آسمانيان وزمينيان مى نويسند از كتاب وكلام در تبيان از ابن هيضم رحمه الله نقل فرمود كه نون دهنست وقلم زبان وما يسطرون آنچهـ حفظه بر بنده مى نويسند حق تعالى بدينها سوكند فرموده. قال بعض العارفين النون نون الذات والقلم قلم الصفات وما يسطرون هى الافعال والشؤون الالهية يكتبونها على لوح القدرة والارادة حرفا حرفا. يقول الفقير فيه اشارة الى ان نون الجمع الذاتي اى دواته وهو أصل كتاب الوجود الذي هو أم الكتاب سمى بالنون لكونه مجتمع مداد مواد نقوش العالم وان شئت قلت الى نون النقطة التي هى مرتبة الاحدية وقد كان الامام على رضى الله عنه يقول فى خطبته على رؤوس الاشهاد انا نقطة باء بسم الله الذي فرطتم فيه أنا القلم وأنا اللوح المحفوظ وانا العرش وأنا الكرسي وانا السموات السبع والأرضون فاذا صحا وارتفع عنه تجلى الوحدة أثناء الخطبة يشرع معتذرا ويقر بعبوديته وضعفه وانقهاره تحت الاحكام الالهية وفى التأويلات النجمية يشير بكلمة ن الى العلم الإجمالي المندمج فى الاحدية الذاتية الجمعية وبالقلم الى العلم التفصيلي فى الوحدة الاسمائية وانما نسبنا الإجمالي الروحي الى ن والتفصيلي القلبي الى القلم لان هذه الدواة مشتملة بما فى بطنها على جميع الحروف المجردة والكلمات المركبة اشتمال النواة على الشجرة واندماج الشجرة المفصلة فى النواة المجملة فبا لقلم يسطر على لوح القلب بالتفصيل كل ما هو فى ضمير الدواة بالإجمال فاذا فهمت المقصود فاعلم ان الله تعالى اقسم بعلمه الإجمالي الكائن فى الاحدية وبعلمه التفصيلي الثابت فى الواحدية وبالتحقيق أقسم بأحدية ذاته المطلقة وبواحدية أسمائه الجمعية إذ العلم من حيث هو عين ذاته واقسم إذا بكل ما سطر قلمه الكريم من دواته القديم من الحروف الالهية المجردة العلوية والكلمات الربانية المركبة السفلية انتهى كما قال بعض الكبار فى بيان حروف كتاب الوجود الظلي وكلماته وآياته وسوره ان الشؤون الغيبة حروفه العاليات والأعيان الثابتة العلمية كلماته التامات والحقائق الارواحية والمثالية آياته المتعاليات والصور الحسية العينية سوره الكاملات واما كتاب الوجود الحقيقي فحروفه المجردة الأسماء الذاتية الاحدية وكلماته الأسماء الصفاتية الواحدية وآياته الأسماء الأفعالية الواحدية وصوره الأسماء الآثارية المظهرية وكل منها كتاب مبين انتهى وهكذا قال بعض الكبار القلم علم التفصيل والنون علم الإجمال وتلك الحروف التي هى مظاهر تفصيل القلم مجملة فى مداد الدواة ولا تقبل التفصيل ما دامت فيها فاذا انتقل المداد منها الى القلم تفصلت الحروف به فى اللوح وتفصل العلم بها لا الى غاية واما علم الإجمال المعبر عنه بالنون فان النون فى الرقم نصف دائرة محسوسة ونصف دائرة معقولة تشعر نقطتها فى الوسط بكونه مراد التتميم الدائرة الذاتية التي هى ظرف مداد الوجود ولذلك كان من الحروف الدورية عكسه كطرده فان النصف المحسوس ظرف مداد عالم الخلق والنصف المعقول ظرف مداد عالم الأمر والخط الفاصل بينهما وهو خط ألف قام بين تدوير النونين برزخ جامع وهو مستوى الصحف الالهية والكتب المتفرقة من حيطة الكتاب

ص: 103

المحيط بالمحيطات المقول فيه ما فرطنا فى الكتاب من شىء وهو كتاب ينطوى على العلوم الجمة المنطوى عليها ايضا مداد النون وتشتمل على مائة واربع عشرة سورة كما اشتمل النون على عدد يطابقها فان النونين والواو والالف الذي انتهى اليه اسم النون مائة وثلاثة عشر وكون مسماه حرفا واحدا متمم لاربعة عشر فاعلم ذلك فانه دقيق قل أن تجده فى كلام أحد انتهى وقال القاشاني ن هو النفس الكلية والقلم هو العقل الكلى والاول من باب الكناية بالاكتفاء من الكلمة باول حروفها والثاني من باب التشبيه إذ تنتقش فى النفس صور المو- جودات بتأثير العقلي كما تنتقش الصور فى اللوح بالقلم وما يسطرون من صور الأشياء وماهياتها وأحوالها المقدرة على ما تقع عليه وفاعل ما يسطرون الكتبة من العقول المتوسطة والأرواح المقدسة وان كان الكاتب فى الحقيقة هو الله تعالى لكن لما كان فى حضرة الأسماء نسب إليها مجازا اقسم بهما وبما يصدر عنهما من مبادى الوجود وصور التقدير الإلهي ومبدأ امره ومخزن غيره لشرفهما وكونهما مشتملين على كل الوجود فى أول مرتبة التأثير والتأثر ولمناسبتهما للمقسم عليه وهو قوله ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ جواب القسم والباء متعلقة بمضمر هو حال من الضمير فى خبر ما وهو مجنون والعامل فيها معنى النفي والجنون حائل بين النفس والعقل وجن فلان اى أصابه الجن او أصاب جنانه او حيل بين نفسه وعقله فجن عقله ذلك كأنه قيل انتفى عنك الجنون يا محمد وأنت بريئ منه ملتبسا بنعمة الله التي هى النبوة والرياسة العامة والمراد تنزيهه عليه السلام عما كانوا ينسبونه عليه السلام اليه من الجنون حسدا وعداوة ومكابرة مع جزمهم بأنه عليه السلام فى غاية الغايات من حصافة العقل ورزانة الرأى قال ابو حيان قوله بنعمة ربك قسم اعترض به بين المحكوم عليه والحكم على سبيل التأكيد والتشديد والمبالغة فى انتفاء الوصف الذميم عنه عليه السلام وذهب الى القسم ايضا حضرة الشيخ نجم الدين فى تأويلاته روى انه عليه السلام غاب عن خديجة رضى الله عنها الى حرآء فلم تجده فاذا هو قد طلع ووجهه متغير بلا غبار فقالت له مالك فذكر نزول جبرائيل عليه السلام وانه قال له اقرأ باسم ربك فهو أول ما نزل من القرآن قال ثم نزل بي الى قرار الأرض فتوضأ وتوضات ثم صلى وصليت معه ركعتين وقال هكذا الصلاة يا محمد فذكر عليه السلام ذلك الخديجة فذهبت خديجة الى ورقة بن نوفل وهو ابن عمها وكان قد حالف دين قريش ودخل فى النصرانية فسألته فقال ارسلينى الى محمد فأرسلته فأباه فقال هل أمرك جبرائيل ان تدعو أحد فقال لا فقال والله لئن بقيت الى دعوتك لانصرتك نصرا عزيزا ثم مات قبل دعاء الرسول عليه السلام ووقعت تلك الواقعة فى ألسنة كفار قريش فقالوا انه مجنون فأقسم الله تعالى على انه ليس بمجنون وهو خمس آيات من أول هذه السورة قال ابن عباس رضى الله عنهما أول ما نزل قوله سبح اسم ربك وهذه الآية هى الثانية وفى التأويلات النجمية ما أنت بنعمة ربك بمستور عما كان من الأزل وما سيكون الى الأبد لان الجن هو الستر وما سمى الجن جنا الا لاستتاره من الانس بل أنت عالم بما كان خبير بما سيكون ويدل على احاطة علمه قوله عليه السلام فوضع كفه على كتفى فوجدت

ص: 104

بردها بين ثديى فعلمت ما كان وما سيكون قال الامام القشيري قدس سره فى شرح الأسماء الحسنى نصرة الحق لعبده أتم من نصرة العبد لنفسه قال تعالى لنبيه عليه السلام ولقد نعلم انك يضيق صدرك بما يقولون ثم انظر بماذا سلاه وبأى شىء خفيف عليه تحمل أثقال الأذى حيث قال فسبح بحمد ربك يعنى إذا تأذيت بسماع السوء فيك منهم فاسترح بروح تنائك علينا ولذة التنزيه والذكر لنا فان ذلك يريحك ويشغلك عنهم ثم انه عليه السلام لما قبل هذه النصيحة وامتثل بأمر ربه تولى نصرته والرد عنه فلما قيل انه مجنون اقسم على نفى ذلك بقوله ن والقلم إلخ تحقيقا لتنزيهه لما اشتغل عنهم بتنزيه ربه ثم عاب الله القادح فيه بالجنون بعشر خصال ذميمة بقوله ولا تطع كل حلاف مهين الى قوله أساطير الأولين وكان رد الله عنه وذبه أتم من رده عن نفسه حيث كان من جملة القرآن باقيا على الألسنة الى يوم القيامة وَإِنَّ لَكَ بمقابلة مقاساتك ألوان الشدائد من جهتهم وتحملك لاعباء الرسالة لَأَجْراً لثوابا عظيما غَيْرَ مَمْنُونٍ مع عظمه كقوله تعالى عطاء غير مجذوذ اى غير منقوص ولا مقطوع ومنه قيل المنون للمنية لانها تنقص العدد وتقطع المدد وبالفارسية مزدى بردوا مكه هركز انقطاع بدان راه نيابد. ويقال اجر النبي مثل اجر الامة قاطبة غير منقوص ويجوز ان يكون معناه غير مكدر عليك بسبب المنة لانه ثواب تستوجبه على عملك وليس بتفضل ابتداء وانما تمت الفواضل لا الأجور على الأعمال كما فى الكشاف (وقال الكاشفى) غير ممنون منب نانهاده يعنى حق تعالى بي واسطه كسى كه ازو منت بايد داشد بتو عطا كرد. وفى اشارة الى ان أنوار المكاشفات والمشاهدات غير مقطوعة لكونها سرمدية فلا يزال العارف يترقى فى الشهود فى جميع المواطن ولا ممنونة لان الفتح والفيض انما يجيئ من عند الله لا من عند غيره فالله يمن على عباده لا العباد بعضهم على بعض وقال بعضهم اجره قبول شفاعته وهى غيره منقطعة عن اهل الكبائر من أمته لا يخيب الله رجاءه عليه السلام فى غفرانهم جميعا بلا عتاب ولا عذاب. يقول الفقير الظاهر أن اجره عليه السلام هو الله تعالى لانه عوض له عما سواه ولذا جاء اللهم أنت الصاحب فى السفر والخليفة فى الأهل والله تعالى مان لا ممنون والى هذا المقام يشير قول الصديق رضى الله عنه الله ورسوله اى أبقيت الله ورسوله حين ما قال له عليه السلام ما أبقيت لاهلك يا أبا بكر فالله تعالى عوض عن نفس الفاني عن نفسه وعن ولده وماله وهو الأجر العظيم لانه العظيم وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ لا يدرك شآوه أحد من الخلق ولذلك تحتمل من جهتهم ما لا يكاد يحتمله البشر قال بعضهم لكونك متخلقا بأخلاق الله واخلاق كلامه القديم ومتأيد بالتأييد القدسي فلا تتأثر بافترائهم ولا تتأذ بأذاهم إذ بالله تصبر لا بنفسك كما قال واصبر وما صبرك الا بالله والأحد أصبر من الله وكلمة على للاستعلاء فدلت على انه عليه السلام مشتمل على الأخلاق الحميدة ومستول على الافعال المرضية حتى صارت بمنزلة الأمور الطبيعية له ولهذا قال تعالى قل لا أسالكم عليه اجرا وما انا من المتكلفين اى لست متكلفا فيما يظهر لكم من اخلاقى لان المتكلف لا يدوم امره طويلا بل يرجع اليه الطبع وللانسان صورة ظاهرة لها هيئة

ص: 105

يشاهدها البصر الذي هو فى الرأس وهى عالم الملك وهى الشكل وصورة باطنة لها سيرة يشاهدها البصيرة التي هى فى القلب وهى من عالم الملكوت وهى الخلق فكما ان لهيئته الظاهرة حسنا او قبحا صوريا باعتبار أشكالها وأوضاعها وألوانها فكذلك لسيرته الباطنة حسن او قبح معنوى باعتبار شمائلها وطبائعها ومن ذلك قسموا الخلق الى المحمود والمذموم تارة والى الحسن والقبيح اخرى وكثيرا ما يطلق ويراد به المحمود فقط لانه اللائق بأن يسمى خلقا ومن هذا قوله تعالى خلق عظيم وعليه قول الامام الرازي الخلق ملكة نفسانية يسهل على المتصف بها الإتيان بالافعال الجميلة ونفس الإتيان بالافعال الجميلة شىء وسهولة الإتيان بها شىء آخر فالخالة التي باعتبارها تحصل تلك السهولة الخلق وسمى خلقا لانه لرسوخه وثباته صار بمنزلة الخلقة التي جبل عليها الإنسان وان احتاج فى

كونه ملكة راسخة الى اعتمال وطول رياضة ومجاهدة ولذا قالوا الخلق يتبدل بالمصاحبة والمعاملة فيكون الحسن قبيحا والقبيح حسنا على حال المصاحبين والمعاملين كما فى الحديث (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) وفى حديث آخر (لا تجالسوا اهل الأهواء والبدع فان لهم عرة كعرة الجرب) ومن ذلك كانت مصاحبة الأخيار مستحسنة مرغبا فيها ومصاحبة الأشرار مستقبحة مرهبا عنها وكذلك يتبدل بالسعي فى أسبابه ولذلك صنف أطباء الأرواح أبوابا فى علم الأخلاق لبيان ما هو صحة روحانية وما هو مرض روحانى كما ألف أطباء الأشباح فصولا فى علم الأبدان لبيان سبب كل مرض وعلاجه وانما أفرد الخلق ووصفه بالعظمة كما وصف القرآن بالعظيم لينبه على ان ذلك الحلق الذي هو عليه السلام عليه جامع المكارم الأخلاق أجتمع فيه شكر نوح وخلة ابراهيم واخلاص موسى وصدق وعد اسمعيل وصبر يعقوب وأيوب واعتذار داود وتواضع سليمان وعيسى وغيرها من اخلاق سائر الأنبياء عليهم السلام كما قال تعالى فبهداهم اقتده إذ ليس هذا الهدى معرفة الله تعالى لان ذلك تقليد وهو غير لائق بالرسول عليه السلام ولا الشرائع لان شريعته ناسحة لشرآئعهم ومخالفة لها فى الفروع والمراد منه الاقتداء بكل منهم فيما اختص به من الخلق الكريم لو كان كل منهم مختصا بخلق حسن غالب على سائر أخلاقه فلما امر بذلك فكأنه امر بجمع جميع ما كان متفرقا فيهم فهذه درجة عالية لم تتيسر لاحد من الأنبياء عليهم السلام فلا جرم وصفه الله بكونه على خلق عظيم كما قال بعض العارفين

لكل نبى فى الأنام فضيلة

وجملتها مجموعة لمحمد

ولم يتصف عليه السلام بمقضى قوته النظرية الا بالعلم والعرفان والإيقان والإحسان ولم يفعل بمقتضى قوته العملية الا ما فيه رضى الله من فرض او واجب او مستحب ولم يصدر منه حرام او مفسد او مكروه فكان هو الملك بل أعلى منه ويجمع هذا كله قول عائشة رضى الله عنها لما سئلت عن خلقه عليه السلام فقالت كان خلقه القرآن أرادت به انه عليه السلام كان متحليا بما فى القرآن من مكارم الأخلاق ومحاسن الأوصاف ومتخليا عما يزجر عنه من السيئات وسفساف الخصال وفى رواية قالت للسائل ألست تقرأ القرآن قد أفلح المؤمنون

ص: 106

يعنى اقرأ الآي العشر فى سورة المؤمنين فذلك خلقه وفيه تنبه للسعامعين على عظام أخلاقه من الايمان الذي هو اصل الأخلاق القلبية والصلاة التي هى عماد الأخلاق البدنية والزكاة التي هى رأس الأخلاق المالية الى آخر ما فى الآيات وفى سلسلة الذهب للمولى الجامى رحمه الله

بود هم بحر مكرمت هم كان

كوهرش كان خلقه القرآن

وصف خلق كسى كه قرآنست

خلق را نعت او چهـ امكانست

وفى التأويلات النجمية كان حلقه القرآن بل كان هو القرآن كما قال العارف بالحقائق

انا القرآن والسبع المثاني

وروح الروح لا روح الأوانى

محمد بن حكيم الترمذي قدس سره فرموده كه هيچ خلقى بزركتر از خلق حضرت محمد عليه السلام نبوده چهـ ز ميشت خود دست باز داشت وخود را كلى با حق كذاشت وامام قشيرى قدس سره كفته كه از بلا منحرف شد ونه از عطا منصرف كشت وكفته كه آن حضرت را هيچ مقصد ومقصودى جز خداى تعالى نبوده كما قال الجنيد قدس سره كان على خلق عظيم لجوده بالكونين

له همم لا منتهى لكبارها

وهمته الصغر اجلى من الدهر

وقال الحسين النوري قدس سره كيف لا يكون خلقه عظيما وقد تجلى الله لسره بانوار أخلاقه.

يقول الفقير كان خلقه عظيما لانه مظهر العظيم فكان خلق العظيم عظيما فافهم جدا وفى تلقيح الأذهان لحضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر اوتى عليه السلام جوامع الكلم لانه مبعوث لتتميم مكارم الأخلاق كما قال عليه السلام ولذلك قال الله تعالى وانك لعلى خلق عظيم وهو عين كونه صراط المستقيم قال صلى الله عليه وسلم ان لله ثلاثمائة وستين خلقا من لقيه بخلق منها مع التوحيد دخل الجنة قال ابو بكر رضى الله عنه هل فى منها يا رسول الله قال كلها فيك يا أبا بكر وأحبها الى الله السخاء انتهى ولذلك كان احسن اخلاق المرء فى معاملته مع الحق التسليم والرضى واحسن أخلاقه فى معاملته مع الخلق العفو والسخاء وانما قال مع التوحيد لانه قد توجد مكارم الأخلاق والايمان كما انه قد يوجد الايمان ولا اخلاق إذ لو كان الايمان يعطى بذاته مكارم الأخلاق لم يقل للمؤمن افعل كذا واترك كذا وللمكارم آثار ترجع على صاحبها فى اى دار كان كما ورد فى حق ابى طالب قال بعض الكبار من اراده ان يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لم يدركه من أمته فلينظر الى القرآن فانه لا فرق بين النظر فيه وبين النظر الى رسول الله فكأن القرآن انتشاء صورة جسدية يقال لها محمد بن عبد الله بن عبد المطلب والقرآن كلام الله وهو صفته فكأن محمدا عليه السلام خلعت عليه صفه الحق من يطع الرسول فقد أطاع الله وقال بعضهم من أراده ان يرى رسول الله فليعمل بسنته لا سيما فى مكان أميتت السنة فيه فان حياة رسول الله بعد موته هى حياة سنته ومن أحياها فكأنما احيى الناس جميعا لانه المجموع الأتم الأكمل صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم لم يبق بعد بعثة رسول الله سفساف اخلاق ابدا لانه صلى الله عليه وسلم أبان لنا عن مصارفها كلها

ص: 107

من حرص وحسد وشره وبخل وخوف وكل صفه مذمومة فمن أجراها على تلك المصارف عادت كلها مكارم اخلاق وزال عنها اسم الذم قال صلى الله عليه وسلم لمن ركع دون الصف زادك الله حرصا ولا تعد وقال لا حسد الا فى اثنتين وقال أكثروا من ذكر الله وقال تعالى فلا تخافوهم وخافون وقال تعافلا تقل لهما أف وقال أف لكم وغير ذلك من الآيات ولاخبار فما امر الله باجتناب بعض الأخلاق الا لمن يعتقد انها سفساف اخلاق وجهل معنى قوله عليه السلام بعثت لاتمم مكارم الأخلاق فمن الناس من علم ومنهم من جهل فالكامل لا يرى فى العالم الا اخلاق الله تعالى التي به وجدت وفى كشف الاسرار فى تفسير الآية عرض عليه مفاتيح العرض فلم يقبلها ورقاه ليلة المعراج وأراه جميع الملائكة والجنة فلم يلتفت إليها قال الله تعالى ما زاغ البصر وما طغى ما التفت يمينا وشمالا فقال تعالى انك لعلى خلق عظيم. اى جوانمرد قدر آن مهتر كه داند وكدام خاطر ببدايت عز او رسد صد هزار وبيست و چهار هزار نقطه نبوت كه رفتند در برابر درجات او كواكب بودند وبا آنكه او غائب بود همه نور نبوت ازو كرفتند چنانكه آفتاب اگر چهـ غائب باشد كواكب نور از وى كيرند ليكن چون آفتاب پيدا شود كواكب در نور او پيدا شوند همچنين همه انبيا نور ازو كرفتند ليكن چون محمد عليه السلام بعالم صورت در آمد ايشان هم كم شدند

كأنك شمس والملوك كواكب

إذا طلعت لم يبد منهن كوكب

وفى القصيدة البردية.

فاق النبيين فى خلق وفى خلق

ولم يدانوه فى علم ولا كرم

فانه شمس فضل هم كواكبها

يظهر أنوارها للناس فى الظلم

ومن أخلاقه عليه السلام ما أشار اليه قوله صل من قطعك واعف عمن ظلمك واحسن الى من أساء إليك فانه عليه السلام ما امر أمته بشئ قبل الائتمار به وفى الحديث (ان المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل صائم النهار) وروى عن على بن موسى الرضى عن أبيه موسى بن جعفر عن بيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد ابن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن أبيه على بن ابى طالب رضى الله عنهم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بحسن الخلق فان حسن الخلق فى الجنة لا محالة وإياكم وسوء الخلق فان سوء الخلق فى النار لا محالة فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ يقال أبصرته وبصرت به علمة وأدركته فان البصر يقال للجارحة الناظرة ولقوة القلب المدركة ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة وفى تاج المصادر الابصار ديدن بچشم وبدل. فالمعنى فستعلم ويعلمون يوم القيامة حين يتبين الحق من الباطل وقال القاشاني فستبصر ويبصرون عند كشف الغطاء بالموت وقال مقاتل هذا وعبد بعذاب بدر (ولذا قال الكاشفى) بدان وقت كه عذاب نازل شود بر ايشان معلوم كردد كه ديوانه توئى يا ايشان. وهو الأوضح ففيه وعد لرسول الله عليه السلام بغلبة الإسلام واهله وبالانتقام من الأعداء بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ اى أيكم الذي ابتلى بفتنة الجنون فأيكم مبتدأ والمفتون بمعنى المجنون خبره والباء مزيدة فى المبتدأ كما فى بحسبك زيد او بأيكم الجنون على ان المفتون مصدر بمعنى الفتون وهو الجنون كالمجلود بمعنى الجلادة والمعقول

ص: 108

بمعنى العقل كما فى قوله (حتى إذا لم يتركوا لعظامه لحما ولا لفؤاده معقولا) والباء للالصاق نحو به داء او بأى الفريقين منكم المجنون أبفريق المؤمنين أم بفريق الكافرين اى فى أيهما يوجد من يستحق هذا الاسم فالباء بمعنى فى والمفتون مبتدأ مؤخر والامة داخلة فى خطاب فستبصر بالتبعية لا يختص به عليه السلام كالسوابق وهو تعريض بأبى جهل من هشام الوليد ابن المغيرة واضرابهما كقوله تعالى سيعلمون غدا من الكذاب الأشر اى أصالح عليه السلام أم قومه إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ تعالى المؤدى الى سعادة الدارين وهام فى تيه الضلال متوجها الى ما يفضيه الى الشقاوة الأبدية وهذ هو المجنون الذي لا يفرق بين النفع والضر بل يحسب الضر نفعا فيؤثره والنفع ضرا فيهجره وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ الى سبيله الفائزين بكل مطلوب ناحين من كل محذور وهم العقلاء المراجيح فيجزى كلا من الفريقين حسبما يستحقه من العقاب والثواب وإعادة هو اعلم لزيادة التقدير وفى الآية اشعار بأن المجنون فى الحقيقة هو العاصي لا المطيع واشارة الى الضال عن سبيل الوصول الى حضرة المولى بسبب محبة الدنيا والميل الى شهواتها والمهتدى الى طريق التوحيد والوحدة بنور العناية الازلية والهداية الأبدية قال بعض الكبار وهو اعلم بالمهتدين اى القابلين للتوفيق فهدة البيان هم الرسل وهادى التوفيق هو الحق تعالى فللهادى الذي هو الله الإبانة والتوفيق وليس للهادى الذي هو المخلوق الا الإبانة خاصة ومن لا علم له بالحقائق بظن ان العبد إذا صدق فى الإرشاد والوعظ اثر ذلك القبول فى نفوس السامعين وإذا لم يصدق فى ذلك لم يؤثر وهذا من الوهم الفاسد فانه لا اقرب الى الله ولا اصدق فى التبليغ عنه ولا أحب للقبول لما جاء من عند الله تعالى من الرسل لغلبة لرحمة على قلوبهم ومع ذلك فاعم القبول فيمن سمعهم بل قال الرسول الصادق فى التبليغ انى دعوت قومى ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائى الا فرارا فلما لم يعم القبول مع تحققنا هذه المهمة العظيمة من أكابر اولى العزم من الرسل علمنا ان الهمة مالها اثر جملة واحدة فى المدعو وان الذي قبل من السامعين ليس هو من اثر همه الداعي الهادي الذي هو المبلغ وانما هو قوة الاستعداد فى محل القبول من حيث ما وهبه الله تعالى فى خلقه من مزاج يقتضى له قبولا مثل هذا وأمثاله وهو المزاج الخاص الذي لا يعلمه الا الله الذي خلقهم عليه وهو قوله تعالى وهو اعلم بالمهتدين قال الشيخ سعدى قدس سره

كفت عالم بكوش جان بشنو

ور نماند بگفتنش كردار

باطلست آنكه مدعى كويد

خفته را خفته كى كند بيدار

مرد بايد كه كيرد اندر كوش

ور نوشته است پند بر ديوار

فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ اى إذا تبين عندك ما تقدم فدم على ما أنت عليه من عدم طاعتهم فيما يدعونك اليه من الكف عنهم ليكفو عنك وتصلب فى ذلك امره عليه السلام بالتشدد مع قومه وقوى قلبه بذلك مع قلة العدد وكثرة الكفار فان هذه السورة من أوائل ما نزل دلت الآية على ان الا طاعة للعاصى عصيان والافتداء بالطاغي طغيان وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ لو للنمنى والادهان فى الأصل مثل التدهين واشتقاقهما من الدهن لكن جعل عبارة عن الملاينة

ص: 109

وترك الجد قال فى تاج المصادر الا دهان مداهنت كردن. والتركيب يدل على لين وسهولة وقلة والمعنى أحبوا لو تلاينهم وتسامحهم فى بعض الأمور وترك الدعوة فَيُدْهِنُونَ اى فهم يداهنونك حينئذ بترك الطعن (كما قال الكاشفى) فرمان مبر مشركان مكه را كه ترا بدين آباء دعوت مى نمايند ودوست مى دارند كه تو نرمى كنى با ايشان وسرزنشى نكنى بر شرك تا ايشان نير چرب ونرمى كنند وبر دين تو طعنه نزنند. فالفاء للعطف على تدهن فيكون يدهنون داخلا فى حيزلو ولذا لم ينصب يدهنون بسقوط النون جوابا للتمنى والفعل للاستقبال او الفاء للسببية فهو مسبب عن تدهن ويجوز أن يكون الفعل للحال على معنى ودوا ادهانك فهم الان يدهنون طمعا فى ادهانك فالتسبب عن التمني وتقدير المبتدأ لانه لولاه لكان الفعل منصوبا لاقتضاء التسبب عما فى حيز التمني ذلك قال بعضهم لا توافقهم فى الظاهر كما لا توافقهم فى الباطن فان موافقة الظاهر اثر موافقة الباطن وكذا المخالفة والا كان نفاقا سريع الزوال ومصانعة وشيكة الانقصاء وأما هم فلانهما كهم فى الرذائل وتعمقهم فى التلون والاختلاف لتشعب أهوائهم وتفرق أمانيهم يصانعون ويضمون تلك الرذيلة الى رذيلتهم طمعا فى مداهنتك معهم ومصانعتك إياهم قال بعضهم المداهنة بيع الدين بالدنيا فهى من السيئات والمداراة بيع الدنيا بالدين فهى من الحسنات ويقال الادهان الملاينة لمن لا ينبغى له ذلك وهو لا ينافى الأمر بالمداراة كما قال عليه السلام أمرت بمداراة الناس كما أمرت بالتبليغ قال الامام الغزالي رحمه الله فى احياء الفرق بين المداراة والمداهنة بالغرض الباعث على الإغضاء فان اغضيت للامة دينك ولما ترى فيه من إصلاح أخيك بالإغضاء فأنت مدار وان اغضيت لحظ نفسك واجتلاب شهواتك وسلامة جاهك فأنت مداهن قال ابو الدرداء رضى الله عنه إنا لنبش فى وجوه أقوام وان قلوبنا لتلعنهم وهذا معنى المداراة وهو مع من يخلف شره وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ كثير الحلف فى الحق والباطل لجهله حرمة اليمين وعدم مبالاته من الحنث لسوء عقيدته وتقديم هذا الوصف على سائر الأوصاف الزاجرة عن الطاعة لكونه أدخل فى الزجر قال فى الكشاف وكفى به مزجرة لمن اعتاد الحلف ومثله قوله تعالى ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم انتهى ودخل فيه الحلف بغير الله تعالى فانه من الكبائر واصل الحلف اليمين الذي يأخذ بعضهم من بعض بها الحلف اى العهد ثم عبربه عن كل يمين مَهِينٍ حقير الرأى والتدبير لانه لم يعرف عظمة الله ولذا اقدم على كثرته الحلف من المهانة وهى القلة والحقارة ويجوز أن يراد به الكذاب لانه حقير عند الناس هَمَّازٍ عياب طعان يعنى عيب كننده در عقب مردم يا طعنه زننده در روى با ايشان. قال الحسن رحمه الله يلوى شدقيه فى اقفية الناس وفيه اشارة الى من يعيب ويطعن فى اهل الحق فى رياضاتهم ومجاهداتهم وإنزوائهم وعزلتهم عن الناس (وفى الحديث لا يكون المؤمن طعانا ولا لعانا) وفى حديث آخر (طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس) يعنى من ينظر الى عيب نفسه يكون ذلك ما نعاله عن النظر الى عيب غيره وتعبيبه به وذلك لا يقتضى أن لا ينهى العاصي عن معصيته اقتداء بأمر الله تعالى بالنهى عن المنكر لا إعجابا بنفسه وازدراء لقدر غيره عند الله فاعانه العالم

ص: 110

ببواطن الأمور والهماز مبالغة هامز والهمز الطعن والضرب والكسر والعيب ومنه المهمز والمهماز بكسر الميم حديدة تطعن بها الدابة قيل لاعرابى أتهمز الفارة قال السنور يهمزها واستعير للمغتاب الذي يذكر الناس بالمكروه ويظهر عيوبهم ويكسر اعراضهم كأنه يضربهم بأذاه إياهم مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مضر به نقال للحديث من قوم الى قوم على وجه السعاية والإفساد بينهم فان النميم والنميمة السعاية واظهار الحديث بالوشاية وهو من الكبائر اما نقل الكلام بقصد النصيحة فواجب كما قال من قال يا موسى ان الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج انى لك من الناصحين وفى التعريفات النمام هو الذي يتحدث مع القوم فينم عليهم فيكشف ما يكره كشفه سوآء كرهه المنقول عنه او المنقول اليه او الثالث وسوآء كان الكشف بالعبارة او بالاشارة او بغيرهما وفى الحديث (لا يدخل الجنة تمام) اى ماش بالسعاية وهى بالفارسية غمز كردن. وفى التأويلات النجمية مشاء بنميم يحفظون كلام اهل الحق من هذه الطائفة الكريمة ثم يحكونه عند الجحال من اصحاب الحجب فيضحكون عليهم وينسبون ذلك الكلام الى السفسفة والسفه مَنَّاعٍ مبالغة مانع لِلْخَيْرِ اى بخيل والخير المال او مناع الناس من الخير الذي هو الايمان والطاعة والإتقان ولارباب السلوك من ارشاد الطالبين المسترشدين فذكر الممنوع منه دون الممنوع وكان للوليد بن المغيرة عشرة من البنين وكان يقول لهم ولاقاربه من تبع منكم دين محمد لا أنفعه شىء إبداء وكان الوليد موسرا له تسعة آلاف مثقال فضة وكانت له حديقة فى الطائف مُعْتَدٍ متجاوز فى الظلم اى يتجاوز الحق والحد بأن يظلم على الناس ويمكن حمله على جميع الأخلاق الذميمة فان جميعها تجاوز عن حد الاعتدال وفى التأويلات النجمية متجاوز فى الظلم على نفسه بانغماسه فى بحر الشهوات وانهماكه فى ظلمة المنهيات أَثِيمٍ كثير الإثم وهو اسم للافعال المبطعة عن الثواب (وقال الكاشفى) بسيار كناهكار زيانكار. وفى التأويلات النجمية كثير الآثام بالركون الى الأخلاق الرديئة والرغبة فى الصفات المردودة عُتُلٍّ جاف غليظ من عتله إذا قاده بعنف وغلظة قال الراغب العتل الاخذ بمجامع الشيء وجره بقهر كعتل البعير وبالفارسية كشدن بعنف (وقال الكاشفى) عتل يعنى سخت روى وزشت خوى انتهى. ومن كان جافيا فى المعاملة غليظ القلب والطبع بحيث لا يقبل الصفات الروحانية ولا يلين للحق اجترأ على كل معصة قال فى القاموس العتل بضمتين مشددة اللام الا كول المنبع الجافي الغليظ بَعْدَ ذلِكَ اى بعد ما عد من مقابحه زَنِيمٍ دعى ملصق بالقوم وملحق بهم فى النسب وليس منهم فالزنيم هو الذي تبناه أحد اى اتخذه ابنا وليس بابن له من نسبه فى الحقيقة قال تعالى وما جعل أدعياءكم ابناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم قال الراغب الزنيم والمزنم الزائد فى القوم وليس منهم اى المنتسب الى قوم وهو معلق بهم لا منهم تشبيها بالزنمتين من الشاة وهما المتدليتان من اذنها ومن الحلق وفى الكشاف الزنيم من الزنمة وهى الهنة من جلد الماعزة تقطع فتخلى معلقة فى حلقها لانه زيادة معلقة بغير أهله وفى القاموس الزنمة محركة شىء يقطع من اذن البعير فيترك معلقا

ص: 111

يفعل بكرامها والظاهر من قول ابن عباس رضى الله عنهما الحقيقة حيث قال انه لم يعرف حتى قيل زنيم فعرف انه كان له زنمة اى فى حلقه ويقال كان يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها قال العتبى لا نعلم ان الله وصف أحدا ولا ذكر من عيوبه ما ذكر من عيوب الوليد بن المغيرة فألحق به عار الا يفارقه ابدا وفى قوله بعد ذلك دلالة على ان دعوته أشد معايبه وأقبح قبائحه وكان الوليد دعيا فى قريش وليس من نسبهم وسنخهم اى أصلهم ادعاه أبوه المغيرة بعد ثمان عشرة سنة من مولده يعنى وليد هـژده ساله بود كه مغيره دعوى كرد كه من پدر اويم واو را بخود كرفت. فقوله بعد ذلك هاهنا نظير ثم فى قوله تعالى ثم كان من الذين آمنوا من حيث انها للتراخى رتبة وفى الحديث (لا يدخل الجنة جواظ ولا جعظرى ولا العتل الزنيم) فالجوظ الجموع المنوع والجعظري الفظ الغليظ والعتل كل رحيب الجوف أكول شروب غشوم ظلم وفى الحديث (ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضعف لو اقسم على الله لائره الى أخبركم بأهل النار كل عتل جواظ

مستكبر) وقيل بغت أم الوليد ولم يعرف حتى نزلت هذه الآية فمعنى زنيم حينئذ ولد الزنى وبالفارسية حرام زاده كه پدر او معلوم نباشد قال الشاعر

زنيم ليس يعرف من أبوه

بغى الام ذو حسب لئيم

در تفسير امام زاهد مذكور است كه چون حضرت رسول صلى الله عليه وسلم اين آيت در انجمن قريش بر وليد خواند بهر عيبى كه رسيد در خود بازيافت مكر حرام زادكى با خود كفت من سيد قريش و پدر من مردى معروفست وميدانم كه محمد دروغ نكويد چكونه اين مهم را بر سر آرم شمشير كشيده نزد ما در آمد القصة بعد از تهديد بسيار ازو اقرار كشيد كه پدر تو در قصه زنان جرأتى نداشت واو را برادر زادكان بودند چشم بر ميراث وى نهاده مرا رشك آمد غلام فلانرا بمزد كرفتم وتو فرزند اويى ودليل روشن بر صدق قول زن شدت خصومت وليدست وستيزه او بآن حضرت صلى الله عليه وسلم ودرين باب كفته اند

جرم وكناه مدعى از فعل مادرست

كو را خطاى مادر او خاكسار كرد

والغالب ان النطفة إذا خبثت خبث الولد الناشئ منها ومن ثمة قال رسول الله عليه السلام (لا يدخل الجنة ولد الزنى ولا ولده ولا ولد ولده) كما فى الكشاف وفى الحديث (لا تزال أمتي بخير ما لم يفش فيهم ولد الزنى فاذا فشافيهم ولد الزنى او السكران يعمهم الله بعذابه) وفى حديث آخر (ولد الزنى شر الثلاثة) قال الرهاوي فى شرح المنار هذا فى مولود خاص لأنا قد نشاهد ولد الزنى أصلح من ولد الرشدة فى امر الدين والدنيا ويستحق جميع الكرامات من قبول شهادته وعبادته وصحة قضائه وإمامته وغير ذلك فالحديث ليس على عمومه انتهى يقول الفقير إذا كان الرضاع بغير الطباع فان من ارتضع امرأة فالغالب عليه أخلاقها من خير وشر فما ظنك بالزنى ولا عبرة بالصلاح الظاهر والكرامات الصورية وفى الحديث (ولدت من نكاح لا من سفاح) وكذا سائر الأنبياء عليهم السلام وجميع الأولياء الكرام

ص: 112

قدس الله أسرارهم فالزنى أقبح من الكفر من وجه فان الله يخرج الحي من الميت اى المؤمن من الكافر بخلاف الرشيد من الزاني فولد الزنى لا يصلح للولاية الحقيقية وان كان صالحا للولاية الصورية وقيل نزلت الآية فى الأخنس ابن شريف واسمه ابى وكان ثقفيا مصطلقيا فى قريش فلذلك قال زنيم لا على جهة الذم لنسبه ولكن على جهة التعريف به ذكره السهيلي قال ابن عطية وظاهر اللفظ عموم من بهذه الصفة والمخاطبة بهذا المعنى مستمرة باقى الزمن لاسيما لولاة الأمور قال فى فتح الرحمن ثم هذا الترتيب انما هو فى قول الواصف لا فى حصول تلك الصفات فى الموصوف وإلا فكونه عتلا هو قبل كونه صاحب خير يمنعه وفى برهان القرآن قوله حلاف الى قوله زنيم أوصاف تسعة ولم يدخل بينهما واو العطف ولا بعد السابع فدل على ان ضعف القول بواو الثمانية صحيح أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ متعلق بقوله تعالى لا تطع على حذف الجار اى لا تطع من هذه مثالبه لان كان مثولا ذا مال كثير مستظهرا بالبنين إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ استئناف جار مجرى التعليل المنهي اى إذا تقرأ عليه آيات كلامنا القديم قال هى أحاديث لانظام لها اكتتبوها كذبا فيما زعموه لقوله اكتتبها فهى تملى عليه وبالفارسية افسانهاى پيشينيانست. وقال السدى اساجيع الأولين اى جعل مجازاة النعم التي خولناها من المال والبنين الكفر بآياتنا قال البرد الأساطير جمع اسطورة نحوا حدوثة وأحاديث وقد سبق غير هذا وفى التأويلات النجمية لا تطع الحلاف المهين الحقير فى نفسه بسبب ثروة اعماله المنسوبة الى الرياء والسمعة وبنين الأحوال المطعونة بالعجب والاعجاب إذا تتلى عليه آياتنا من الحقائق والد قائق قال أساطير الأولين ما سطره الصوفية المتقدمون وهى من ترهاتهم وخرافاتهم سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ أصله سنوسمه من الوسم وهو احداث السمة بالكسر اى العلامة وبالفارسية داغ كردن. والميسم بالكسر المكواة اى آلة الكي والخرطوم كزنبور الالف او مقدمه او ما ضممت عليه الحنكين كالخرطم كقنفذ كما فى القاموس والمعنى سنجعل له سمة وعلامة يعرف بها بالكي على أكرم مواضعه لغاية اهانته واذلاله إذ لا نف أكرم موضع من الوجه لتقدمه له ولذلك جعلوه مكان العز والحمية واشتقوا منه الانفة وقالوا الانف بالأنف وحمى انفه وفلان شامخ العرنين وقالوا فى الذليل جدع انفه ورغم انفه ولقد وسم العباس رضى الله عنه اباعره فى وجوهها فقال له رسول الله عليه السلام أكرموا الوجوه فوسمها فى جواعرها اى فى أدبارها وفى التعبير عن الانف بلفظ الخرطوم استهانة بصاحبه واستقباح له لانه لا يستعمل الا فى الفيل وخنزير وكلما كان الحيوان أخبث وأقبح كانت الاستهانة والاستقباح أشد واكثر قيل أصاب انف الوليد جراحة يوم بدر فبقيت علامتها قال صاحب الكشف هو ضعيف فان الوليد مات قبله فلم يوسم بوسم بقي اثره مدة حياته وقال الراغب نلزمه عارا لا ينمحي عنه كما قال صاحب الكشاف هو عبارة عن ان بذله غاية الاذلال وذلك لان الوجه أكرم موضع والانف أبين عضو منه فالوسم على الانف غاية الاذلال والاهانة لان الوسم على الوجه شين فكيف إذا كان على اظهر موضع منه وكما قال العتبى وصف الله الوليد بالحلف والمهانة والهمز والمشي بالنميمة والبخل والظلم

ص: 113

والإثم والجفوة والدعوة فألحق به عار الا يفارقه فى الدنيا والآخرة قال والذي يدل على هذا ما روى عن الشعبي فى قوله عتل حيث قال العتل الشديد والزنيم الذي له زنمة من الشر يعرف بها كما تعرف الشاة وقيل سنعلمه يوم القيامة بعلامة مشوهة يعلم بها من سائر الكفرة بأن نسود وجه غاية التسويد إذ كان بالغا فى عداوة سيد المرسلين عليه وعليهم الصلاة والسلام أقصى مراتب العداوة فيكون الخرطوم مجازا عن الوجه على طريق ذكر الجزء وارادة الكل وفى التأويلات النجمية نكوى خرطوم استعداده بكى نار الحجاب والبعد حتى لا يشم النفحات الالهية والنسمات الربانية إِنَّا بَلَوْناهُمْ يقال بلى الثوب بلى اى خلق بلوته اختبرته كأنى اخلقته من كثرة اختبارى له والبلايا اختبارات والمعنى انا ابتلينا اهل مكة بالقحط والجوع سبع سنين بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أكلوا الجيف والجلود والعظام والدم لتمردهم وكفرانهم نعم الله تعالى كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ اى ابتلاء مثل ابتلاء اصحاب الجنة المعروف خبرها عندهم واللام للعهد والكاف فى موضع النصب على انها نعت المصدر محذوف وما مصدرية والجنة البستان وبالفارسية باغ. واصحاب الجنة قوم من اهل ضنعاء وفى كشف الاسرار سه برادر بودند. كانت لأبيهم هذه الجنة دون صنعاء بفرسخين وقال السهيلي هى جنة بضروان وضروان على فراسخ من صنعاء وفى فتح الرحمن الجنة بستان يقال له ضروان باليمين وكان اصحاب هذه الجنة بعد رفع عيسى عليه السلام بيسير وكانوا بخلاء وكان أبوهم يأخذ منها قوت سنة ويتصدق بالباقي وكان ينادى الفقراء وقت الصرام ويترك لهم ما اخطأه المنجل وما فى أسفل الاكداس وما اخطأه القطاف من العنب وما بقي على البساط الذي يبسط تحت النخلة إذا صرمت (قال الكاشفى) وده از يك حاصل نيز بر ايشان قسمت كردى. فكان يجتمع لهم شىء كثير ويتزودون به أياما كثيرة فلما مات أبوهم قال بنوه ان فعلنا ما كان يفعل أبو ناضاق علينا الأمر ونحن أولوا عيال فحلفوا فيما بينهم وذلك قوله تعالى إِذْ أَقْسَمُوا ظرف لبلونا والاقسام سوكند خوردن يعنى سوكند خوردند وارثان باغ كه پنهان از فقرا لَيَصْرِمُنَّها الصرام والصرم قطع ثمار النخيل وبالفارسية بار خرما بريدن. من صرمه إذا قطعه اى ليقطعن ثمارها من الرطب والعنب ويجمعن محصولها من الحرث وغيره مُصْبِحِينَ اى داخلين فى الصباح مبكرين وسواد الليل باق قوله ليصرمنها جواب للقسم وجاء على خلاف منطوقهم ولو جاء على منطوقهم لقيل النصر منها بنون المتكلم ومصبحين حال من فاعل ليصرمنها وَلا يَسْتَثْنُونَ اى لا يقولون ان شاء الله وتسميته استثناء مع انه شرط من حيث ان مؤداه مؤدى الاستثناء فان قولك لأخرجن ان شاء الله ولا اخرج الا ان شاء الله بمعنى واحد والجملة مستأنفة او حال بعد حال لعل إيراده بعد إيراد اقسامهم على فعل مضمر لمقصودهم مستنكر عند ارباب المروة واصحاب الفتوة لتقبيح شأنهم بذكر السببين لحرمانهم وان كان أحدهما كافيا فيه لكن ذكر الاقسام على امر مستنكر اولا وجعل ترك الاستثناء حالا منه يفيد اصالته وقوته فى اقتضاء الحرمان والأظهر ان المعنى ولا يستثنون حصة المساكين اى لا يميزونها ولا يخرجونها كما كان يفعله

ص: 114

أبوهم وقال أبو حيان ولا ينثنون عما عزموا عليه من منع المساكين قال فى تاج المصادر الاستثناء ان شاء الله كفتن واستثنا كردن. والباب يدل على تكرير الشيء مرتين او جعله شيئين متواليين او متباينين والاستثناء من قياس الباب وذلك ان ذكره يثنى مرة فى الجملة ومرة فى التفصيل لانك إذا قلت خرج الناس ففى الناس زيد وعمرو فاذا قلت الا زيدا فقد ذكرت زيدا مرة اخرى ذكرا ظاهرا انتهى قال الراغب الاستثناء إيراد لفظ يقتضى رفع بعض ما يوجبه عموم لفظ متقدم او يقتضى رفع حكم اللفظ كما هو فمن الاول قوله تعالى قل لا أجد فيما اوحى الى محرما على ظاعم يطعمه الا ان يكون ميتة ومن الثاني قوله لأفعلن كذا ان شاء الله وعبده عتيق وامرأته طالق ان شاء الله فَطافَ عَلَيْها اى على الجنة اى أحاط بها طائِفٌ بلاء طائف كقوله واحيط بثمره وذلك ليلا إذ لا يكون الطائف الا بالليل وايضا دل عليه ما بعده من ذكر النوم وكان ذلك الطائف نارا نزلت من السماء فأحرقتها مِنْ رَبِّكَ مبتدئ من جهته تعالى قال الراغب الطواف الدوران حول الشيء ومنه الطائف لمن يدور حول البيت حافظا ومنه استعير الطائف من الجن والخيال والخادم وغيرها قال تعالى فطاف إلخ تعريضا بما نالهم من النائبة انتهى وَهُمْ نائِمُونَ غافلون عما جرت به المقادير او غافلون عن طوافه بالنوم الذي هو أخو الموت وبالفارسية وايشان خفتكان بودند. والنوم استرخاء اعصاب الدماغ برطوبات البخار الصاعد اليه أو أن يتوفى الله النفس من غير موت اى ان يقطع ضوء الروح عن ظاهر الجسد دون باطنه او النوم موت خفيف والموت نوم ثقيل وكل هذه التعريفات صحيحة فَأَصْبَحَتْ پس كشت جنت ايشان با آن بلا كَالصَّرِيمِ فعيل بمعنى مفعول اى كالبستان الذي صرمت ثماره لم بحيث لم يبق فيها شىء لان النار السماوية أحرقتها وقيل كالليل لان الليل يقال له الصريم اى لصارت سوداء كالليل لاحتراقها فَتَنادَوْا اى نادى بعضهم بعضا مُصْبِحِينَ حال كونهم داخلين فى الصباح أَنِ اغْدُوا اى اى اغدوا على ان ان مفسرة او بان اغدوا على انها مصدرية اى اخرجوا غدوة وأول النهار وبالفارسية بامداد بيرون آييد عَلى حَرْثِكُمْ بستانكم وضيعتكم وفى كشف الاسرار دران بستان هم زرع بود هم درخت انگور انتهى. يقول الفقير فالحرث يجوز أن يراد به الحاصل مطلقا وان يراد به الزرع خصوصا لانه أعز شىء يعيش به الإنسان وتعدية الغدو بعلى لتضمنه معنى الإقبال والاستيلاء وقال بعضهم انه يتعدى بعلى كما فى القاموس غدا عليه غدوا وغدوة بالضم واغتدى بكر قال الراغب الحرث إلقاء البذر فى الأرض وتهيئتها للزرع ويسمى المحروث حرثا قال تعالى ان اغدوا على حرثكم إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ قاصدين للصرم وقطع الثمرة وجمع المحصول اى فاغدوا فجوابه محذوف فَانْطَلَقُوا فمضوا إليها وبالفارسية پس برفتند بجانب باغ وَهُمْ يَتَخافَتُونَ التخافت با يكديكر پنهان راز كفتن. اى يتشاورون فيما بينهم بطريق المخافتة والسر كيلا يسمع أحد ولا يدخل عليهم أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا اى الجنة الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ من المساكين فضلا عن ان يكثروا

ص: 115

وبالفارسية امروز بر شما يعنى در باغ شما درويشى تا بهره بگيرد واز حصه ما كم نكردد. وان مفسرة لما فى التخافت من معنى القول بمعنى اى لا يدخلنها تفسيرا لما يتخافتون والمسكين هو الذي لا شىء له وهو أبلغ من الفقير والمراد بنهي المسكين عن الدخول المبالغة فى النهى عن تمكينه من الدخول كقولهم لا ارينك هاهنا فان دخول المسكين عليهم لازم لتمكينهم إياه من الدخول كما ان رؤية المتكلم المخاطب لازم لحضوره عنده فذكر اللازم لينتقل منه الى الملزوم (وَغَدَوْا) مشوا بكرة وبالفارسية وبامداد برفتند (عَلى حَرْدٍ) الحرد المنع عن حدة وغضب يقال نزل فلان حريدا اى ممتنعا من مخالطة القوم وحاردت السنة منعت قطرها والناقة منعت درها وحرد غضب (قادِرِينَ) حال مقدرة من فاعل غدوا فان القدرة مع الفعل عند اهل الحق والمعنى وخرجوا أول الصباح على امتناع من ان يتناول المساكين من جنتهم حال كونهم قادرين على نفعهم او على الاجتناء والصرم بزعمهم فلم يحصل الا النكد والحرمان وفى الكشاف وغدوا قادرين على نكد لا غير عاجزين عن النفع يعنى انهم عزموا ان ينكدوا على المساكين ويحرموهم وهم قادرون على نفعهم فغدوا بحال فقر وذهاب مال لا يقدرون فيها الا على النكد والحرمان وذلك انهم طلبوا حرمان المساكين فتعجلوا الحرمان والمسكنة (فَلَمَّا رَأَوْها) پس آن هنكام كه ديدند باغ را بخلاف آنچهـ كذاشته بودند (قالُوا) اى قال بعضهم لبعض (إِنَّا لَضَالُّونَ) اى طريق جنتنا وما هى بها لما رأوا من هلاكها بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قالوه بعد ما تأملوها ووقفوا على حقيقة الأمر وانها هى مضربين عن قولهم الاول اى لسنا ضالين بل نحن محرومون حرمنا خيرها ومنعنا نفعها بجنايتنا على أنفسنا بسوء نيتنا وهى ارادة حرمان المساكين وقصد منع حق الفقراء قالَ أَوْسَطُهُمْ اى رأيا أو سنا وفى الكشاف أعدلهم وخيرهم من قولهم فلان من وسطة قومه وأعطني من وسطات مالك ومنه قوله تعالى امة وسطا (وقال الكاشفى) كفت فاضلتر ايشان از روى عقل يا بزركتر بسن يا صائب تر براى. قال الراغب الوسط تارة يقال فيما له طرفان مذمومان كالجواد الذي بين البخل والسرف فيستعمل استعمال القصد المصون عن الافراط والتفريط فيمدح به نحو السواء والعدل ونحو وكذلك جعلناكم امة وسطا وعلى ذلك قال أوسطهم وتارة يقال فيما له طرف محمود وطرف مذموم كالخير والشر ويكنى به عن الرذل نحو قولهم وسط بين الرجال تنبيها على انه قد خرج من حد الخير أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ لولا تذكرون الله بالتسبيح والتهليل وتتوبون اليه من خبث نيتكم وقد كان قال لهم حين عزموا على ذلك اذكروا الله وانتقامه من المجرمين وتربوا اليه من هذه العزيمة الخبيثة من فوركم وسارعوا الى حسم شرها قبل حلول النقمة فعصوه فعيرهم وفى الآية دليل على ان العزم على المعصية مما يؤاخذ به الإنسان لانهم عزموا على ان يفعلوا فعوقبوا قبل فعلهم ونظيرها قوله تعالى ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم وعلى هذا قوله تعالى وذروا ظاهر الإثم وباطنه والعزم قوة قصد الفعل والجزم يه والمحققون على انه يؤاخذ به واما الهم وهو ترجيح قصد الفعل فمرفوع قالُوا معترفين بالذنب والاعتراف به يعد من التوبة سُبْحانَ رَبِّنا نزه ربنا عن كل سوء ونقصان سيما عن ان يكون ظالما

ص: 116

فيما فعل ابنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ بقصد حرمان المساكين اتباعا لشح النفس كأنهم قالوا نستغفر الله من سوء صنيعنا ونتوب اليه من خبث نيتنا حيث قصدنا عدم إخراج حق المساكين من غلة بستاننا ولو تكلموا بهذه الكلمة قبل نزول العذاب لنجوا من نزوله لكنهم تكلموا بها بعد خراب البصرة فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ پس روى آوردند بعضى از ايشان بر بعضى ديكر يَتَلاوَمُونَ اللوم الملامة وبالفارسية نكوهيدن يعنى خوار داشتن.

اى يلوم بعضهم بعضا على ما فعلوا فان منهم من أشار بذلك ومنهم من استصوبه ومنهم من سكت راضيا به ومنهم من أنكره وبالفارسية اين آنرا مى كفت تو چنين انديشيدى وآن عذر مى آورد كه تو هم بدين راضى بودى قالُوا يعنى بگناه خود اعتراف نمودند واز روى نياز كفتند يا وَيْلَنا اى واى بر ما ودر دزدكى إِنَّا كُنَّا طاغِينَ متجاوزين حدود الله تعالى وبالفارسية از حد برندكان در كنهكارى كه درويشانرا محروم ساختيم عَسى رَبُّنا شايد پروردگار ما كه از كرم او اميدواريم أَنْ يُبْدِلَنا ان يعطينا بدلا منها ببركة التوبة والاعتراف بالخطيئة خَيْراً مِنْها بهترى از ان باغ إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ راجعون العفو طالبون الخير والى لانتهاء الرغبة لان الله منتهى رجائهم وطلبهم او لتضمنها معنى الرجوع والا فالمشهور ان تتعدى الرغبة بكلمة فى او عن دون الى روى انهم تعاقدوا وقالوا ان أبدلنا الله خيرا منها لنصنعن كما صنع أبونا فدعوا الله وتضرعوا اليه فأبدلهم الله من ليلتهم ما هو خير منها قالوا ان الله أمر جبريل ان يقتلع تلك الجنة المحترقة فيجعلها بزعر من ارض الشام اى موضع قليل النبات ويأخذ من الشام جنة فيجعلها مكانها وقال ابن مسعود رضى الله عنه ان القوم لما أخلصوا وعرف الله منهم الصدق ابدلهم جنة يقال لها الحيوان فيها عنب يحمل البغل منه عنقودا قال أبو خالد اليماني دخلت تلك الجنة فرأيت كل عنقود منها كالرجل الأسود القائم يعنى در ان باغ خوشه انگور ديدم برابر مردى سياه بر پاى ايستاده محققان كفته اند هر كه ببلائي مبتلا كردد ومثال او عرضة تلف شود واو تأمل نمايد وداند كه باستحقاق برو نازل شده پس بگناه اعتراف نموده بحضرت عزت بازگشت كند بهتر وخوشتر از آنچهـ ازو بازستده بدو دهد چنانچهـ بوستان حيوان بعوض باغ ضروانى و پير رومى قدس سره ازين معنى خبر ميدهد آنجا ميفرمايد

اولم خم شكست وسركه بريخت

من نكويم كه اين زيانم كرد

صد خم شهد صافى از پى آن

عوضم داد وشادمانم كرد

وسئل قتادة عن أصحاب الجنة أهم من اهل الجنة أم من اهل النار فقال لقد كلفتنى تعبا وعن الحسن رحمه الله قول أصحاب الجنة انا الى ربنا راغبون لا أدرى ايمانا كان ذلك منهم او على حد ما يكون من المشركين إذا أصابتهم الشدة فتوقف فى أمرهم والأكثرون على انهم تابوا وأخلصوا حكاه القشيري قدس سره. يقول الفقير ان كان ذلك القول منهم على حد ما يصدر من المضطر فابدال الله أباهم جنة خيرا من جنتهم يكون من قبيل الاستدراج وان كان عن توبة واخلاص فذلك الابدال من آثار تحقيق التوبة ونتائج الإخلاص فان للاخلاص ثمرات عجبة وعن

ص: 117

الشيخ أبى الربيع المالقي رحمه الله قال سمعت بامرأة من الصالحات فى بعض القرى اشتهر أمرها وكان من دأبنا ان لا نزور امرأة فدعت الحاجة الى زيارتها للاطلاع على كرامة اشتهرت عنها وكانت تدعى بفضة فنزلنا القرية التي هى بها فذكر لنا ان عندها شاة تحلب لبنا وعسلا فاشترينا قدحا جديدا لم يوضع فيه شىء فمضينا إليها وسلمنا عليها ثم قلنا لها نريد أن نرى هذه البركة التي ذكرت لنا عن هذه الشاة التي عندكم فأعطتنا الشاة فحلبناها فى القدح فشربنا لبنا وعسلا فلما رأينا ذلك سألناها عن قصة الشاة فقالت نعم كانت لنا شويهة ونحن قوم فقراء ولم يكن لنا شىء فحضر العيد فقال لى زوجى وكان رجلا صالحا نذبح هذه الشاة فى هذا اليوم فقلت له لا نفعل فانه قدر خص لنا فى الترك والله يعلم حاجتنا إليها فاتفق ان استضاف بنا فى ذلك اليوم ضيف ولم يكن عندنا قراه فقلت له يا رجل هذا ضيف وقد أمرنا بإكرامه فخذ تلك الشاة فاذبحها قالت فخفنا ان يبكى عليها صغارنا فقلت له أخرجها من البيت الى ورلء الجدار فاذبحها فلما أراق دمها قفزت شاة على الجدار فنزلت الى البيت فخشيت ان تكون قد انفلتت منه فخرجت لا نظرها فاذا هو سلخ الشاة فقلت له يا رجل عجبا وذكرت له القصة فقال لعل الله قد أبدلنا خيرا منها وكانت تلك الشاة تحلب اللبن تحلب اللبن والعسل ببركة إكرامنا الضيف ثم قالت يا أولادي ان شويهتنا هذه ترعى فى قلوب المريدين فاذا طابت قلوبهم طاب لبنها وان تغيرت تغير لبنها فطيبوا قلوبكم قال اليافعي عنت بالمريدين نفسها وزوجها ولكن أطلقت لفظا ظاهره العموم مع ارادة التخصيص تسترا وتحريضا للمريدين على تطبيب قلوبهم إذ بطيب القلوب يحصل كل طيب محبوب من الأنوار والاسرار ولذة العيش بمنادمة الملك الغار والمعنى لما طابت قلوبنا طاب ما عندنا فطيبوا قلوبكم يطب لكم ما عندكم ولو لم يكن الأمر كذلك بل المراد عموم المريدين لكان بطيب اللبن من سائر الغنم ولو خبث قلبهما لما نقعهما طيب قلوب المريدين وإذا طاباهما لم يضرهما خبث قلوب المريدين كَذلِكَ الْعَذابُ جملة من مبتدأ وخبر مقدم لافادة القصر والالف واللام للعهد أي مثل الذي بلونا به اهل مكة واصحاب الجنة عذاب الدنيا وفى كشف الاسرار كذلك افعل بامتك إذا لم تعطف اغنياؤهم على فقرائهم بأن امنعهم القطر وأرسل عليهم الجوائح وأرفع البركة من زروعهم وتجارتهم ففيه وعيد لمانعى الزكاة والصدقة باهلاك المال وإنزال العذاب باى طريق كان

مكن بد كه بد بينى اى يار نيك

نيايد ز تخم بدى بار نيك

كسى نيك بيند بهر دو سراى

كه نيكى رساند بخلق خداى

وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ أعظم وأشد وبالفارسية بزركتر است چهـ اين عذاب زوال يابد وآن باقى باشد لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ انه اكبر لاحترزوا عما يؤديهم اليه ويطرحهم ويرميهم عليه إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ اى من الكفر والمعاصي عِنْدَ رَبِّهِمْ اى فى الآخرة وذكر عند للتشريف والتكريم وذلك لانه لا ملك فيها حقيقة وصورة الا لله فكأنها حاضرة عنده تعالى يتصرف فيها كيف يشاء وإلا فمحال كون عندية الجنة بالنسبة الى الله تعالى مكانية وهى ظرف معمول للاستقرار الذي تعلق به للمتقين ويجوز أن يكون

ص: 118

متعلقا بمحذوف منصوب على الحالية من المنوي فى قوله للمتقين ولا يجوز ان يكون حالا من جنات لعدم العامل والأظهر ان معنى عند ربهم فى جوار القدس فالمراد عندية المكانة المنزهة عن الجهة والتحيز لا عندية المكان كما فى قوله تعالى عند مليك مقتدر إذ للمقربين قرب معنوى من الله تعالى قال الراغب عند لفظ موضوع للقرب فتارة يستعمل فى المكان وتارة يستعمل فى الاعتقاد نحو عندى كذا وتارة فى الزلقى والمنزلة كقوله تعالى بل احياء عند ربهم وعلى ذلك قيل الملائكة المقربون جَنَّاتِ النَّعِيمِ جنات ليس فيها الا التنعم الخالص عن شائبة ما ينغصه من الكدورات وخوف الزوال كما عليه نعيم الدنيا واستفيد الحصر من الاضافة اللامية الاختصاصية فانها تفيد اختصاص المضاف اليه أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ كان صناديد قريش يرون وفور حظهم من الدنيا وقلة حظوظ المسلمين منها فاذا سمعوا بحديث الآخرة وما وعد الله المسلمين قالوا ان صح انا نبعث كما يرعم محمد ومن معه لم تكن حالنا وحالهم الأمثل ما هى فى الدنيا والألم يزيدوا علينا ولم يفضلونا وأقصى أمرهم أن يساوونا فردهم الله تعالى والهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام اى أنحيف فى الحكم فنجعل المؤمنين كالكافرين فى حصول النجاة والوصول الى الدرجات فالمراد من المجرمين الكافرون على ما دل عليه سبب النزول وهم المجرمون الكاملون الذين أجرموا بالكفر والشرك والا فالاجرام فى الجملة لا ينافى الإسلام نعم المسلم المطيع ليس كالمسلم الفاسق ففيه وعظ للعاقل وزجر للمتبصر ثم قيل لهم بطريق الالتفات لتأكيد الرد وتشديده ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ تعجيبا من حكمهم واستبعاد اله وإيذانا بأنه لا يصدر عن عاقل وما استفهامية فى موضع الرفع بالابتداء والاستفهام للانكار اى لانكار ان يكون لهم وجه مقبول يعتدبه فى دعواهم حتى يتمسك به ولكم خبرها والمعنى اى شىء ظهر لكم حتى حكمتم هذا الحكم القبيح كأن امر الجزاء مفوض إليكم فتحكمون فيه بما شئتم ومعنى كيف فى اى حال أفي حال العلم أم فى حال الجهل فيكون ظرفا او أعالمين أم جاهلين فيكون حالا وفى التأويلات النجمية أفنجعل المتقين لاحكام الشريعة وآداب الطريقة ورموز الحقيقة كالكاسبين للاخلاق الرديئة والأوصاف الرذيلة المخالفة للشريعة والطريقة والحقيقة ما لكم كيف تحكمون بهذا الظلم الصريح والقول القبيح أَمْ لَكُمْ اى بل ألكم وبالفارسية آيا شما راست كِتابٌ نازل من السماء فِيهِ متعلق بقوله تَدْرُسُونَ اى تقرءون قال فى المفردات درس الشيء معناه بقي اثره ودرست العلم تناولت اثره بالحفظ ولما كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبر عن ادامة القراءة بالدرس إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ تخير الشيء واختياره أخذ خيره قال الراغب الاختيار طلب ما هو خير فعله وقد يقال ما يراه الإنسان خيرا وان لم يكن خيرا وفى تاج المصادر التخير بركزيدن. والمعنى ما تتخيرونه وتشتهونه وأصله ان لكم بالفتح لانه مدروس فيكون مفعولا واقعا موضع المفرد فلا يكسر همزة ان ولكن لما جيئ باللام كسرت فان لام الابتداء لا تدخل على ما هو فى حيز أن المفتوحة وهذه اللام للابتدآء داخلة على اسم ان والمعنى تدرسون فى الكتاب ان لكم ما تختارونه لأنفسكم وأن

ص: 119

يكون العاصي كالمطيع بل ارفع حالا منه فائتوا بكتاب ان كنتم صادقين ويجوز أن يكون حكاية للمدروس كما هو كقوله تعالى وتركنا عليه فى الآخرين سلام على نوح فى العالمين فيكون الموقع من مواقع كسر ان لعدم وقوعها موقع المفرد حكاه الله فى القرآن بصورته والفرق بين الوجهين ان المدروس فى الاول ما انسبك من الجملة وفى الثاني الجملة بلفظها وقوله فيه لا يستغنى عنه بفيه اولا فقد يكتب المؤلف فى كتابه ترغيبا للناس فى مطالعته ان فى هذا الكتاب كذا وكذا قال سعدى المفتى لك أن تمنع كون الضمير للكتاب بل الظاهر انه ليوم القيام المعلوم بدلالة المقام أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا قوله علينا صفة أيمان وكذا بالغة اى عهود مؤكدة بالايمان بالِغَةٌ اى متناهية فى التوكيد والصحة لان كل شىء يكون فى نهاية الجودة وغاية الصحة يوصف بأنه بالغ يقال لفلان على يمين بكذا إذا ضمنت وكفلت له به وحلفت له على الوفاء به اى بل أضمنا لكم او أقسمنا بايمان مغلظة فثبت لكم علينا عهود مؤكدة بالايمان إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ متعلق بالمقدر فى لكم اى ثابتة لكم الى يوم القيامة لا نخرج عن عهدتها حتى نحكمكم يومئذ ونعطيكم ما تحكمون او ببالغة او ايمان تبلغ ذلك اليوم وتنتهى اليه وافرة لم تبطل منها يمين الى ان يحصل المقسم عليه الذي هو التحكيم واتباعنا لحكمهم إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ جواب القسم لان معنى أم لكم ايمان علينا أم اقسمنا لكم كما سبق سَلْهُمْ امر من سال يسال بحذف العين وهمزة الوصل وهو تلوين للخطاب وتوجيه له الى رسول الله صلى الله عليه وسلم باسقاطهم عن رتبة الخطاب اى سلهم مبكتا لهم يعنى بپرس اى محمد مشركانرا كه أَيُّهُمْ كدام ايشان بِذلِكَ الحكم الخارج عن العقول زَعِيمٌ اى قائم يتصدى لتصحيحه كما يقوم زعيم القوم بإصلاح أمورهم فقوله بذلك متعلق بزعيم والزعيم بمعنى القائم بالدعوى واقامة الحجة عليها قال الراغب قوله زعيم اما من الزعامة اى الكفالة او من الزعم بالقول وهو حكاية قول يكون مظنة للكذب وقيل للمتكفل والرئيس زعيم للاعنقاد فى قولهم انه مظنة للكذب أَمْ لَهُمْ آيا ايشا نراست شُرَكاءُ يشاركونهم فى هذا القول ويذهبون مذهبهم فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ پس بگو بياريد شريكان خود. فالباء للتعدية ويجوز أن تكون للمصاحبة إِنْ كانُوا صادِقِينَ فى دعواهم إذ لا اقل من التقليد يعنى انه كما ليس لهم دليل عقلى فى اثبات هذا المذهب وهو التسوية بين المحسن والمسيئ كما قال ما لكم كيف تحكمون ولا دليل نقلى وهو كتاب يدرسونه ولا عهود موثقة بالايمان فليس لهم من يوافقهم من العقلاء على هذا القول حتى يقلدوهم وان كان التقليد لا يفلح من تشبث بذيله فثبت ان ما زعموا باطل من كل الوجوه وفيه اشارة الى ان اللائق بالحاكم تحرى الصواب بقدر الوسع فيما ليس بحاضر عنده وان حكم بلا تحر فلا يخلو عن خطأ وان أصاب مصل صلى فى ارض لم يعلم القبلة فيها فانه ان صلى بتحر فصلاته صحيحة وان اخطأ القبلة وان صلى فيها بغير تحر فغير صحيحة وان أصابها وإذا كان الحكم بلا تجر خطأ فكيف الحكم بشئ والأدلة قائمة بخلافه يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ يوم منصوب باذكر المقدر وعن ساق قائم مقام الفاعل ليكشف والمراد يوم القيامة اى اذكر

ص: 120

يوم يشتد الأمر ويصعب الخطب وكشف الساق مثل فى ذلك ولا كشف ولا ساق ثمة كما تقول للاقطع الشحيح يده مغلولة ولا يدثمة ولا غل وانما هو مثل فى البخل بأن شبهت حال البخيل فى عدم تيسر الانفاق له بحال من غلت يده وكذا شبهت حال من اشتد عليه الأمر فى الموقف بالمخدرات اللاتي اشتد عليهن الأمر فاحتجن الى تشمير سوقهن فى الهرب بسبب وقوع امر هائل بالغ الى نهاية الشدة مع انهن لا يخرجن من بيوتهن ولا يبدين زينتهن لغير محارمهن لغاية خوفهن وزوال عقلهن من دهشتهن وفرارهن لخلاص انفسهن فاستعمل فى حق اهل الموقف من الأشقياء ما يستعمل فى حقهن من غير تصرف فى مفردات التركيب بل التصرف انما هو فى الهيئة التركيبية فكشف الساق استعارة تمثيلية فى اشتداد الأمر وصعوبته قال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة فالساق التي كشفت لهم عبارة عن امر عظيم من اهوال يوم القيامة تقول العرب كشفت الحرب عن ساقها إذا عظم أمرها وتقول لمن وقع

فى امر عظيم شديد يحتاج فيه الى جهد ومقاساة شمر عن ساقك وكذلك التفت الساق بالساق اى دخلت الأهوال والأمور العظام بعضها فى بعض يوم القيامة وقيل ساق الشيء أصله الذي به قوامه كساق الشجر وساق الإنسان فان ساق الشجر مثلا أصله والاغصان تنبت على ذلك الأصل وتقوم به فالمعنى حينئذ يوم يكشف عن اصل الأمر فتظهر حقائق الأمور وأصولها بحيث تصير عيانا وتنكيره على الوجه الاول للتهويل لان يوم القيامة يوم يقع فيه امر فظيع هائل منكر خارج عن المألوف وعلى الثاني للتعظيم وَيُدْعَوْنَ اى الكفار والمنافقون إِلَى السُّجُودِ توبيخا وتعنيفا على تركهم إياه فى الدنيا وتحسيرا لهم على تفريطهم فى ذلك لا على سبيل التكليف والتعبد لان يوم القيامة لا يكون فيه تعيد ولا تكليف وسيأتى غير هذا فَلا يَسْتَطِيعُونَ لزوال القدرة الحقيقية عليه وسلامة الأسباب والآلات وفيه دلالة على انهم يقصدون السجود فلا يتأتى منهم ذلك ابن مسعود رضى الله عنه تعقم أصلابهم اى ترد عظاما بلا مفاصل لا تنثنى عند الرفع والخفض فيبقون قياما على حالهم حتى تزداد حسرتهم وندامتهم على تفريطهم وفى الحديث (وتبقى أصلابهم طبعا واحدا) اى فقارة واحدة. ودر خبرست كه پشت كافر ومنافق چوق سرون كاويك مهره شود (كأن سفافيد الحديد فى ظهورهم) عن ابى بردة عن ابى موسى رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول إذا كان يوم القيامة مثل لكل قوم ما كانوا يعبدونه فى الدنيا فذهب كل قوم الى ما كانوا يعبدون فى الدنيا ويبقى اهل التوحيد فيقال لهم كيف بقيتم فيقولون ذهب الناس فيقولون ان لناربا كنا نعبده فى الدنيا ولم نره فيقال تعرفونه إذا رأيتموه فيقولون نعم فيقال لهم كيف ولم تروه قالوا الا يشبهه شىء فيكشف لهم الحجاب فينظرون الى الله تعالى فيخرون ن له سجدا ويبقى أقوام ظهورهم مثل صياصى البقر فيريدون السجود ولا يستطيعون كقوله تعالى يوم يكشف إلخ يقول الله يا عبادى ارفعوا رؤوسكم قد جعلت بدل كل رجل منكم رجلا من اليهود والنصارى فى النار قال ابو بردة فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز رحمه الله فقال والله الذي لا اله الا هو أحدثك أبوك بهذا الحديث فحلفت له بثلاث ايمان فقال

ص: 121

عمر ما سمعت من اهل التوحيد حديثا هو أحب الى من هذا الحديث وفى تفسير الفاتحة للفنارى رحمه الله يتجلى الحق فى ذلك اليوم فيقول لتتبع كل امة ما كانت تعبد حتى تبقى هذه الامة وفيها منافقوها فيتجلى لهم الحق فى ادنى صورة من الصور التي كان يتجلى لهم فيها قبل ذلك فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك نحن منتظرون حتى يأتينا ربنا فيقول لهم جل وعلا هل بينكم وبينه علامة تعرفونه بها فيقولون نعم فيتحول لهم فى الصورة التي عرفوه فيها بتلك العلامة فيقولون أنت ربنا فيأمرهم بالسجود فلا يبقى من كان يسجد لله الا سجد ومن كان يسجد اتقاء ورياه جعل ظهره طبقة نحاس كلما أراد ان يسجد خر على قفاه وذلك قوله تعالى يوم يكشف إلخ وقال ايضا يكون على الأعراف من تساوت كفتا ميزانه فهم ينظرون الى النار وينظرون الى الجنة ومالهم رجحان بما يدخلهم احدى الدارين فاذا دعوا الى السجود وهو الذي يبقى يوم القيامة من التكليف يسجدون فيرجح ميزان حسناتهم فيدخلون الجنة انتهى وكفته اند كه در ان روز نورى عظيم بنمايد وخلق بسجده در افتند. فيكون كشف الساق عبارة عن التجلي الإلهي كما ذهب اليه البعض وفى الحديث (يوم يكشف عن ساق) قيل عن نور عظيم يخرون له سجدا كما فى كشف الاسرار وفيه ايضا عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يأخذ الله عز وجل للمظلوم من الظالم حتى لا يبقى مظلمة عند أحد حتى انه ليكلف شائب اللبن بالماء ثم يبيعه أن يخلص اللبن من الماء فاذا فرغ من ذلك نادى مناد ليسمع الحلائق كلهم ألا ليلحق كل قوم بآلهتهم وما كانوا يعبدون من دون الله فلا يبقى أحد عبد شيأ من دون الله الا مثلث له آلهته بين يديه ويجعل الله ملكا من الملائكة على صورة عزير ويجعل ملكا من الملائكة على صورة عيسى بن مريم فيتبع هذا اليهود ويتبع هذا النصارى ثم تلويهم آلهتهم الى النار وهم الذين يقول الله لو كان

هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون وإذا لم يبق الا المؤمنون وفيهم المنافقون قال الله لهم ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون فيقولون والله ما لنا اله الا الله وما كنا نعبد غيره فينصرف الله عنهم فيمكث ما شاء أن يمكث ثم يأتيهم فيقول ايها الناس ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون فيقولون والله ما لنا اله الا الله وما كنا نعبد غيره فيكشف لهم عن ساق ويتجلى لهم من عظمته ما يعرفون به انه ربهم فيخرون سجدا على وجوههم ويخر كل منافق على قفاه وتجعل أصلابهم كصياصى البقر ثم يضرب الصراط بين ظهرانى جهنم انتهى. واعلم ان حديث التحول مجمع عليه وهو من آثار الصفات الالهية كرؤيته فى المنام فى الصورة الانسانية والا فالله تعالى بحسب ذاته منزه عن الصورة وما يتبعها ومن مشى على المراتب لم يعثر ثم ان الآية دلت على جواز ورود الأمر بتكليف مالا يطاق والقدرية لا يقولون بذلك ففيها حجة عليهم كما فى اسئلة المقحمة لكن ينبغى أن يعلم ان المراد بما لا يطاق هو المحال العادي كنظر الأعمى الى المصحف ولا نزاع فى تجويز التكليف به وكذا المحال العارضى كايمان أبى جهل فانه صار محالا بسبب عارض وهو اخبار الله

ص: 122

تعالى بانه لا يؤمن وقد أجاز الاشاعرة التكليف به ومنعه المعتزلة واما المحال العقلي وهو الممتنع لذاته كاعدام القديم فلم يذهب الى جواز التكليف به أحد خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ حال من مرفوع يدعون على ان أبصارهم مرتفع به على الفاعلية ونسبة الخشوع الى الابصار لظهور اثره فيها والا فالاعضاء ايضا خاشعة ذليلة متواضعة بل الخاشع فى الحقيقة هو القلب لكونه مبدأ الخشوع (وقال الكاشفى) يعنى خداوندان أبصار سر در پيش افكنده وشر منده باشد. قال ابو الليث وذلك ان المسلمين إذا رفعوا رؤوسهم من السجود صارت بيضاء كالثلج فلما نظر إليهم اليهود والنصارى والمنافقون وهم الذين لم يقدروا على السجود حزنوا واغتموا واسودت وجوههم كما قال تعالى تَرْهَقُهُمْ تلحقهم وتغشاهم فان الرهق غشيان الشيء الشيء ذِلَّةٌ شديدة تخزيهم كأنه تفسير لخشوع أبصارهم يقال ذل يذل ذلا بالضم وذلة بالكسر وهو ذليل يعنى خوار وَقَدْ كانُوا فى الدنيا يُدْعَوْنَ دعوة التكليف إِلَى السُّجُودِ اى اليه والإظهار فى الموضع الإضمار لزيادة التقرير أو لأن المراد به الصلاة او ما فيها من السجود وخص السجود بالذكر من حيث انه أعظم الطاعات قال بعضهم يدعون بدعوة الله صريحا مثل قوله تعالى فاسجدوا لله واعبدوا او ضمنا مثل قوله تعالى اقيموا الصلاة فان الدعوة الى الصلاة دعوة الى السجدة وبدعوة رسول الله عليه السلام صريحا كقوله عليه السلام اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فاكثروا الدعاء قالوا اى السجود او ضمنا كقوله عليه السلام صلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم وأطيعوا إذا أمركم تدخلوا جنة ربكم وبدعوة علماء كل عصر ومن أعظم الدعوة الى السجود إذ ان المؤذنين وإقامتهم فان قولهم حى على الصلاة دعوة بلا مرية فطوبى لمن أجاب دعوتهم بطوع لا بإكراه امتثالا لقوله تعالى أجيبوا داعى الله والجملة حال من ضمير يدعون وَهُمْ سالِمُونَ حال من مرفوع يدعون الثاني اى أصحاء فى الدنيا سلمت أعضاؤهم ومفاصلهم من الآفات والعلل متمكنون من أداء السجدة وقبول الدعوة أقوى تمكن اى فلا يجيبون اليه ويأبونه وانما ترك ذكره ثقة بظهوره وبالفارسية وايشان تندرست بودند وقادر بران چون فرصت فوت كردند درين روز جز حسرت وندامت بهره ندارند

مده فرصت از دست كر بايدت

كه كوى سعادت ز ميدان برى

كه فرصت عزيزست چون فوت شد

بسى دست حسرت بدندان برى

وفى الآية وعيد لمن ترك الصلاة المفروضة او تخلف عن الجماعة المشروعة قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ادع الله أن يرزقنى مرافقتك فى الجنة فقال اعنى بكثرة السجود وكان السلف يعزون أنفسهم ثلاثة ايام إذا فاتهم التكبير الاول وسبعة إذا فاتهم الجماعة قال ابو سليمان الداراني قدس سره أقمت عشرين سنة ولم أحتلم فدخلت مكة فأحدثت بها حدثا فما أصبحت الا احتلمت وكان الحديث ان فاتته صلاة العشاء بجماعة وقال الشيخ ابو طالب المكي قدس سره فى قوت القلوب ولا بد مق صلاة الجماعة سيما إذا سمع التأذين

ص: 123

او كان فى جوار المسجد وحد الجوار أن يكون بينه وبين المسجد مائة دار واولى المساجد التي يصلى فيها أقربها اليه الا أن يكون له نية فى الأبعد لكثرة الخطى او لفضل امام فيه فالصلاة خلف العالم الفاضل أفضل او يريد اى يعمر بيتا من بيوت الله بالصلاة فيه وان بعد وقال سعيد ابن المسيب رحمه الله من صلى الخمس فى جماعة فقد ملأ البر والبحر عبادة وقال ابو الدرداء رضى الله عنه خالفا بالله تعالى من أحب الأعمال الى الله ثلاثة امر بصدقة وخطوة الى صلاة جماعة وإصلاح بين الناس وفى الآية اشارة الى انه يرفع الحجاب ويبقى المحجوبون فى حجاب انانيتهم ويشتد عليهم الأمر ويدعون الى الفناء فى الله فلا يستطيعون لافساد استعدادهم الفطري بالركون الى الدنيا وشهواتها ذليلة أبصارهم متحيرة لذهاب قوتها النورية تلحقهم ذلة الحجاب وهو ان الاحتجاب وقد كانوا فى زمان استعدادهم يدعون الى سجود الفناء بترك اللذات والشهوات وهم نائمون فى نوم الغفلة لا يرفعون له رأسا الفساد استعداد مزاجهم بالعلل النفسانية والأمراض الهيولانية فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ من منصوب للعطف على ضمير المتكلم او على انه مفعول معه وهو مرجوع لا مكان العطف من غير ضعف اى وإذا كان حالهم فى الآخرة كذلك فدعنى ومن يكذب بالقرءان وخل بينى وبينه ولا تشغل قلبك بشأنه وتوكل على فى الانتقام منه فانى عالم بما يستحقه من العذاب ويطيق له وكافيك امره يقال ذرنى وإياه يريدون كله الى فانى أكفيك قال فى فتح الرحمن وعبد ولم يكن ثمة مانع ولكنه كما تقول دعنى مع فلان اى سأ عاقبه والحديث القرآن لان كل كلام يبلغ الإنسان من جهة السمع او الوحى فى يقظته او منامه يقال له حديث سَنَسْتَدْرِجُهُمْ يقال استدرجه الى كذا إذا استنزله اليه درجة درجة حتى يورطه فيه وفى تاج المصادر الاستدراج اندك اندك نزديك دانيدن خداى بنده را بخشم وعقوبت خود. والمعنى سنستنزلهم الى العذاب درجة فدرجة بالإحسان وادامة الصحة وازدياد النعمة حتى نوقعهم فيه فاستدراج الشخص الى العذاب عبارة عن هذا الاستنزال والاستدناء مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ اى من الجهة التي لا يشعرون انه استدراج وهو الانعام عليهم لانهم يحسونه إيثارا لهم وتفضيلا على المؤمنين وهو سبب لهلاكهم وفى الحديث (إذا رأيت الله ينعم على عبد وهو مقيم على معصيته فاعلم انه مستدرج) وتلا هذه الآية وقال امير المؤمنين رضى الله عنه من وسع عليه دنياه فلم يعلم انه قد مكر به فهو مخدوع عن عقله (وروى) ان رجلا من بنى إسرائيل قال يا رب كم أعصيك ولم أنت لا تعاقبنى فأوحى الله الى نبى زمانه ان قل له كم من عقوبة لى عليك وان لا تشعر كونها عقوبة ان جمود عينك وقساوة قلبك استدراج منى وعقوبة لو عقلت قال بعض المكاشفين من المكر الإلهي بالعبد أن يرزق العلم ويحرم العمل به او يرزق العمل ويحرم الإخلاص فيه فمن علم اتصافه بهذا من نفسه فليعلم انه ممكور به وأخفى ما يكون المكر الإلهي فى المتأولين من اهل الاجتهاد وغيرهم ومن يعتقد أن كل مجتهد مصيب يدعو الناس على بصيرة وعلم قطعى وكذلك مكر الله بالخاصة خفى مستور فى ابقاء الحال عليهم وتأييدهم

ص: 124

بالكرامات مع سوء الأدب الواقع منهم فتراهم يتلذذون بأحوالهم ويهجمون على الله فى مقام الإدلال وما عرفوا ما ادخر لهم من المؤاخذات نسأل الله العافية وقال بعض العارفين مكر الله فى نعمه أخفى منه فى بلائه فالعاقل من لا يأمن مكر الله فى شىء وأدنى مكر بصاحب النعمة الظاهرة او الباطنة انه يخطر فى نفسه انه مستحق لتلك النعمة وانها من أجل إكرامه خلقت ويقول ان الله ليس بمحتاج إليها فهى لى بحكم الاستحقاق وهذا يقع فيه كثيرا من لا تحقيق عنده من العارفين لان الله انما خلق الأشياء بالاصالة لتسبيح بحمده واما انتفاع عباده بها فبحكم التبعية لا بالأول وقال بعض المحققين كل علم ضرورى وجده العبد فى نفسه من غير تعمل فكر فيه ولا تدبر فهو عطاء من الله لوليه الخاص بلا واسطة ولكن لا يعرف ان ذلك من الله الا الكمل من الرجال ويحتاج صاحب مقام الفتوح الى ميزان دقيق لانه قد يكون فى الفتوح مكر خفى واستدراج ولذلك ذكره تعالى فى القرآن على نوعين بركات وعذاب حتى لا يفرح العاقل بالفتح قال تعالى ولو أن اهل الكتاب آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء وقال تعالى فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد وتأمل فول قوم عاد هذا عارض ممطرنا لما حجبتهم العادة فقيل لهم بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم. واعلم ان كل فتح اعطاك أدبا وترقيا فليس هو بمكر بل عناية من الله لك وكل فتح اعطى العبد أحوالا وكشفا وإقبالا من الحق فليحذر منه فانه نتيجة عجلت فى غيره موطنها فينقلب صاحبها الى الدار الآخرة صفر اليدين نسأل الله اللطف قال أبو الحسين رضى الله عنه المستدرج سكران والسكران لا يصل اليه ألم فجع المعصية الا بعد افاقته فاذا أفاقوا من سكرتهم خلص ذلك الى قلوبهم فانزعجوا ولم يطمئنوا والاستدراج هو السكون الى اللذات والتنعم بالنعمة ونسيان ما تحت النعم من المحن والاغترار بحلم الله تعالى وقال أبو سعيد الخراز قدس سره الاستدراج فقدان اليقين فالمستدرج من فقد فوائد باطنه واشتغال بظاهره واستكثر من نفسه حركاته وسعيه لغيبوبته عن المنه وقال بعضهم بالاستدراج تعرف العقوبة ويخاف المقت وبالانتباه تعرف النعمة ويرجى القرب وَأُمْلِي لَهُمْ الاملاء مهلت دادن. اى وامهلهم باطالة العمر وتأخير الاجل ليزدادوا اثما وهم يزعمون ان ذلك لارادة الخير بهم إِنَّ كَيْدِي اى أخذي بالعذاب مَتِينٌ قوى شديد لا يطاق ولا يدفع بشئ وبالفارسية وبدرستى كه عقوبت من محكم است بهر چيزى دفع نشود وكرفتن من سخت است كس را طاقت آن نباشد.

وفى الكشاف سمى إحسانه وتمكينه كيدا كما سماء استدراجا لكونه فى صورة الكيد حيث كان سببا للتورط فى الهلكة ووصفه بالمتانة لقوة اثر إحسانه فى التسبب للهلاك قال بعضهم الكيد اظهار النفع وابطان الضر للمكيد وفى المفردات الكيد ضرب من الاحتيال وقد يكون محمودا ومذموما وان كان يستعمل فى المذموم اكثر وكذلك الاستدراج والمكر ولكون بعض ذلك محمودا قال تعالى كذلك كدنا ليوسف قال بعضهم أراد بالكيد العذاب والصحيح انه الامهال المؤدى الى العذاب انتهى وفى التعريفات الكيد ارادة مضرة الغير خفية وهو من الخلق الحيلة السيئة ومن الله التدبير بالحق لمجازاة اعمال الخلق أَمْ تَسْأَلُهُمْ آيا مبطلى

ص: 125

از ايشان بر إبلاغ وارشاد ودعوت ايمان وطاعت. وهو معطوف على قوله أم لهم شركاء أَجْراً دنيويا فَهُمْ لاجل ذلك مِنْ مَغْرَمٍ اى من غرامة مالية وهى ما ينوب الإنسان فى ماله من ضرر لغير جناية منه مُثْقَلُونَ مكلفون حملا ثقيلا فيعرضون عنك اى لا تسأل منهم ذلك فليس لهم عذر فى اعراضهم وفرارهم أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ اى اللوح او المغيبات فَهُمْ يَكْتُبُونَ منه ما يحكمون من التسوية بين المؤمن والكافر ويستغنون به عن علمك فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وهو إمهالهم وتأخير نصرتك عليهم وَلا تَكُنْ فى التضجر والعجلة بعقوبة قومك وبالفارسية مباش در دلتنكى وشتاب زدكى. كَصاحِبِ الْحُوتِ اى يونس عليه السلام يعنى يونس كه صبر نكرد بر اذيت قوم وبي فرمانى الهى از ميان قوم برفت تا بشكم ماهى محبوس كشت إِذْ نادى داعيا الى الله فى بطن الحوت بقوله لا اله الا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين وَهُوَ مَكْظُومٌ مملوء غيظا وغما يقال كظم السقاء إذا ملأه وشد رأسه وبالقيد الثاني قال تعالى والكاظمين الغيظ بمعنى الممسكين عليه وعليه قول النبي صلى الله عليه وسلم من كظلم غيظا وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمنا وايمانا والجملة حال من ضمير نادى وعليها يدور النهى لانها عبارة عن الضجرة والمغاضبة المذكورة صريحا فى قوله وذا النون إذ ذهب مغاضبا لا على النداء فانه امر مستحسن ولذلك لم يذكر المنادى وإذ منصوب بمضاف محذوف اى لا يكن حالك كحاله وقت ندائه اى لا يوجد منك ما وجد منه من الضجرة والمغاضبة فتبتلى ببلائه وهو التقام الحوت او بنحو ذلك قال بعضهم فاصبر لحكم ربك بسعادة من سعد وشقاوة من شقى ونجاة من نجا وهلاك من هلك ولا تكن كصاحب الحوت فى استيلاء صفات النفس عليه وغلبة الطيش والغضب للاحتجاب عن حكم الرب حتى رد عن جناب القدس الى مقر الطبع فالتقمه حوت الطبيعة السفلية فى مقام النفس وابتلى بالاجتنان فى بطن حوت الرحم لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ ناله وبلغه ووصل اليه وبالفارسية اگر نه آنست كه دريافت او را نِعْمَةٌ رحمة كائنة مِنْ رَبِّهِ وهو توفيقه للتوبة وقبولها منه وحسن تذكير الفعل للفصل بالضمير وان مع الفعل فى تأويل المصدر مبتدأ خبره مقدر بمعنى ولولا تدارك نعمة من ربه إياه حاصل لَنُبِذَ اى طرح من بطن الحوت فان النبذ إلقاء الشيء وطرحه لقلة الاعتداد به بِالْعَراءِ اى بالأرض الخالية من الأشجار قال الراغب العراء مكان لا سترة به وَهُوَ مَذْمُومٌ مليم مطرود من الرحمة والكرامة لكنه رحم فنبذ غير مذموم بل سقيما من جهة الجسد ومليم من ألام الرجل بمعنى اتى ما يلام عليه ودخل فى اللوم فان قلت فسر المذموم بالمليم وقد أثبته الله تعالى بقوله فالتقمه الحوت وهو مليم أجيب على ذلك التفسير بأن الالامة حين الالتقام لا تستلزم الالامة حين النبذ إذ التدارك نفاها فالتفت على ما هو حكم لولا الامتناعية كما أشير اليه فى تصوير المعنى آنفا وهو حال من مرفوع نبذ عليها يعتمد جواب لولا لانها هى المنفية لا النبذ بالعراء كما فى الحال الاولى لانه نبذ غير مذموم بل محمود فَاجْتَباهُ رَبُّهُ عطف على مقدر اى فتداركته نعمة ورحمة من ربه فجمعه اليه وقربه بالتوبة عليه بأن در اليه الوحى وأرسله الى مائة ألف او يزيدون

ص: 126

يقال جبيت الماء فى الحوض جمعته والحوض الجامع له جابية والاجتباء الجمع على طريق الاصطفاء وقيل اشتباه ان صح انه لم يكون نبيا قبل هذه الواقعة ومن أنكر الكرامات والارهاص لابدان يختار القول الاول لان احتباسه فى بطن الحوت وعدم موته هناك لما لم يكون إرهاصا ولا كرامة لا بدان يكون معجزة وذلك يقتضى ان يكون رسولا قبل هذه الواقعة فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ من الكاملين فى الصلاح بأن عصمه من ان يفعل فعلا يكون تركه اولى روى انها نزلت بأحد حين هم رسول الله عليه السلام ان يدعو على المنهزمين فتكون الآية مدينة وقيل حين أراد أن يدعو على ثقيف. حق تعالى فرمود كه صبر كن وآن دعا در توقف دار كه كارها بصبر نيكو شود

كارها از صبر كردد دلپسند

خرم آن كز صبر باشد بهره مند

چون در افتادى بگرداب حرج

صبر كن والصبر مفتاح الفرج

دلت الآيات على فضيلة الصبر وعلى ان ترك الاولى يصدر من الأنبياء عليهم السلام والا لما كان يونس عليه السلام مليما وعلى ان الندم على ما فرط من العبد والتضرع الى الله لذلك من وسائل الإكرام وعلى ان توفيق الله نعمة باطنة منه وعلى ان الصلاح درجة عالية لا ينالها الا اهل الاجتباء وعلى ان فعل العبد مخلوق لله لدلالة قوله فجعله من الصالحين على ان الصلاح انما يكون بجعل الله وخلقه وان كان للعبد مدخل فيه بسبب الكسب بصرف إرادته الجزئية والمعتزلة يأولونه تارة بالأخبار بصلاحه وتارة باللطف له حتى صلح لكنه مجاز والأصل هو الحقيقة وَإِنْ مخففة واللام دليلها يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ يقال الزلقه ازل رجله يعنى بلغزانيد لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ لما ظرفية منصوبة بيزلقونك والمعنى انهم من شدة عداوتهم لك ينظرون إليك شزرا اى نظر الغضبان بمؤخر العين بحيث يكادون يزلون قدمك فيرمونك وقت سماعهم القرآن وذلك لاشتداد بغضهم وحسدهم عند سماعه من قولهم نظر الى نظر ايكاد يصرعنى اى لو أمكنه بنظره الصرع لفعله أو أنهم يكادون يصيبونك بالعين قال فى كشف الاسرار الجمهور على هذ القول روى انه كان فى بنى اسد عيانون والعيان والمعيان والعيون شديد الاصابة بالعين وكان الواحد منهم إذا أراد أن يعين شيأ يتجوع له ثلاثة ايام ثم يتعرض له فيقول تالله ما رأيت احسن من هذا فيتساقط ذلك الشيء وكان الرجل منهم ينظر الى الناقة السمينة او البقرة السمينة ثم بعينها ثم يقول للجارية خذى المكتل والدرهم فائتينا بلحم من لحم هذه فما تبرح حتى تقع فتنحر والحاصل انه لا يمر به شىء فيقول فيه لم ار كاليوم مثله إلا عانه وكان سببا لهلاكه وفساده فسأل الكفار من قريش من بعض من كانت له هذه الصفة ان يقول فى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيت مثله ولا مثل حججه. تا پرتو جمال آن حضرت بآسيب عين الكمال از ساحت عالم محو سازد. فقال فعصمه الله تعالى الحسن البصري قدس سره دوآء الاصابة بالعين ان تقرأ هذه الآية (كما قال الحافظ)

حضور مجلس انس است دوستان جمعند

وان يكاد بخوانيد ودر فراز كنيد

ص: 127

وفى الاسرار المحمدية قد قيل ان فى هذه الآية خاصية لدفع العين تعليقا وغسلا وشربا انتهى وفى الحديث (العين حق) اى اثرها فى المعين واقع قالوا ان الشيء لا يعان الا بعد كماله وكل كامل فانه يعقبه النقض بقضاء ولما كان ظهور القضاء بعد العين أضيف ذلك إليها ولما خاف يعقوب عليه السلام على أولاده من العين لانهم من العين لانهم كانوا اعطوا جمالا وقوة وامتداد قامة وكانوا ولد رجل واحد قال يا بنى لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة فأمرهم ان يتفرقوا فى دخولها لئلا يصابوا بالعين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين فيقول أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ويقول هكذا كان يعوذ ابراهيم اسمعيل واسحق عليهم السلام وعن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال دخلت على رسول الله عليه السلام فى أول النهار فرأيته شديد الوجع ثم عدت اليه آخر النهار فوجدته معافى فقال ان جبريل أتاني فرقانى فقال بسم الله أرقيك من كل شىء يؤذيك ومن كل عين وحاسد الله يشفيك قال عليه السلام فأفقت والرقية بالفارسية افسون كردن. يقال رقاه الراقي رقيا ورقية إذا عوذه ونفث فى عوذته قالوا وانما تكره الرقية إذا كانت بغير لسان العرب ولا يدرى ما هو ولعله يدخله سحر او كفر واما ما كان من القرآن او شىء من الدعوات فلا بأس به كما فى المغرب للمطرزى ولا تختص العين بالانس بل تكون فى الجن ايضا وقيل عيونهم انفذ من أسنة الرماح وعن أم سلمة رضى الله عنها ان النبي عليه السلام رأى فى بيتها جارية تشتكى وفى وجهها صفرة فقال استرقوا لها فان بها النظرة وأراد بها العين أصابتها من الجن كما فى شرح المصابيح وفى الحديث (لو كان شىء يسبق القدر لسبقة العين) اى لو كان شىء مهلكا او مضرا بغير قضاء الله وقدره لكان العين اى أصابتها لشدة ضررها

وعنه عليه السلام ان العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر ومما يدفع العين ما روى ان عثمان رضى الله عنه رأى صبيا مليحا فقال دسموا نونته لئلا تصيبه العين اى سودوا نقرة ذقنه قالوا ومن هذا القبيل نصب عظام الرؤوس فى المزارع والكروم ووجهه ان النظر الشؤم يقع عليها اولا فتنكسر سورته فلا يظهر اثره ومن الشفاء من العين ان يقال على ماء فى اناء نظيف ويسقيه منه ويغسله عنس عابس بشهاب قابس رددت العين من المعين عليه والى أحب الناس اليه فارجع البصر هل ترى من فطور والفاتحة وآية الكرسي وست آيات الشفاء وهى ويشف صدور قوم مؤمنين شفاء لما فى الصدور فيه شفاء للناس وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين وإذا مرضت فهو يشفين قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء. ومن الشفاء ان يؤمر العائن فيغتسل او يتوضأ بماء ثم يغتسل به المعين قيل وجه إصابة العين ان الناظر إذا نظر الى شىء واستحسنه ولم يرجع الى الله والى رؤية صنعه قد يحدث الله فى المنظور علة بجناية نظره على غفلة ابتلاء لعباده ليقول المحق انه من الله وغيره من غيره فيؤاخذ الناظر لكونه سببها ووجهها بعض بأن العائن قد ينبعث من عينه قوة سمية تتصل بالمعين فيهلك او يفسد كما قيل مثل ذلك فى بعض الحيات

ص: 128

قال فى الاسرار المحمدية ذوات السموم تؤثر بكيفياتها الخبيثة الكامنة فيها بالقوة فمتى قابلت عدوها انبعثت منها قوة غضبية وتكيفت نفسها بكيفية خبيثة مؤذية ومنها ما تشتد كيفيتها وتقوى حتى تؤثر فى إسقاط الجنين ومنها ما يؤثر فى طمس البصر ومنها ما يؤثر فى الإنسان كيفيتها بمجرد الرؤية من غير اتصال به لشدة خبث تلك النفس وكيفيتها الخبيثة المؤثرة والتأثير غير موقوف على الاتصالات الجسمية بل بعضه بالمقابلة والرؤية كما اشتهر عن نوع من الأفاعي انها إذا وقع بصرها على الإنسان هلك فهو من هذا الجنس ولا يستعبد ان تنبعث من عين يعض الناس جواهر لطيفة غير مرئية فتتصل بالمعين وتتخلل مسام جسمه اى ثقبه كالغم والمنخر والاذن فيتضرر به وإذا كانت النفوس مختلفة فى جواهرها وماهياتها لم يمتنع ايضا اختلافها فى لوازمها وآثارها فلا يستبعد ان يكون لبعض النفوس خاصية التأثير المذكور وبه يحصل الجواب عمن أنكر إصابة العين وقال انها لا حقيقة لها لان تأثير الجسم فى الجسم لا يعقل الا بواسطة المماسة ولا مماسة هاهنا فامتنع حصول التأثير انتهى وعقلاء الأمم على اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفع امر العين ولا تنكره وبعض النفوس لا تحتاج الى المقابلة بل بتوجه الروح ونحوه يحصل الضرر فربما يوصف الشيء للاعمى فتؤثر نفسه فيه بالوصف من غير مقابلة ورؤية وإذا قتلت ذوات السموم بعد لسعها خفّ اثر لسعها لان الجسد تكيف بكيفية الاسم وصار قابلا للانحراف فما دامت حية فان نفسها تمده بامتزاج الهولء بنفسها وانتشاق الملسوع به قال الجاحظ علماء الفرس والهند وأطباء اليونانيين ودهاة العرب واهل التجربة من المعتزلة وحذاق المتكلمين كانوا يكرهون الاكل بين يدى السباع يخافون عيونها لما فيها من النهم والشره لما ينحل عند ذلك من أجوافها من البخار الرديء وينفصل من عيونها ما إذا خالط الإنسان نقصه وأفسده وكانوا يكرهون قيام الخدم بالمذاب والاشربة على رؤسهم مخافة العين وكانوا يأمرون اتباعهم قبل ان يأكلوا ان يطردوا الكلب والسنور او يشغلوه بما يطرح له ومن هذا يعرف بعض اسرار قوله عليه السلام من أكل وذو عينين ينظر اليه ولم يواسه ابتلا بداء لا دوآء له وفائدة الرقى ان الروح إذا تكيفت به وقويت واستعانت بالنفث والتفل قابلت ذلك الأثر الذي حصل من النفوس الخبيثة والخواص الفاسدة فأزالته والحاصل ان الرقية بما ليس بشرك مشروعة لكن التحرز من العين لازم وانه واجب على كل مسلم أعجبه شىء ان يبرك ويقول تبارك الله احسن الخالقين اللهم بارك فيه فانه إذا دعا بالبركة صرف المحذور لا محالة ومن عرف باصابة العين منع من مداخلة الناس دفعا لضرره قال بعض العلماء يأمره الامام بلزوم بيته وان كان فقيرا رزقه ما يقوم به معاشه ويكف أذاه عن الناس وقيل ينفى والاحتياط الأمر بلزوم بيته دون الحبس والنفي وبهذا التقرير

يعرف حال المجذومين ولذا اتخذوا لهم فى بعض البلاد مكانا مخصوصا بحيث لا يخالطون الناس ولا يشاركونهم فى محلاتهم وذكر الجاحظ ان اعجب ما فى الدنيا ثلاثة اليوم لا تظهر بالنهار خوفا ان تصيبها العين لحسنها قال فى حياة الحيوان ولما تصور فى نفسه انه احسن الحيوان لم يظهر الا بالليل

ص: 129