الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُقْرَأَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. وَلَا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ. قَالَ شَيْخُنَا: لَا تَجِبُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، بَلْ هِيَ سُنَّةٌ. وَذَكَرَ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ.
وَرَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، فَقَالَ:(أَنَا وَاللَّهِ أُخْبِرُكَ: تَبْدَأُ فَتُكَبِّرُ ثُمَّ تُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَتَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّ عَبْدَكَ فُلَانًا كَانَ لَا يُشْرِكُ بِكَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ، إِنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إِحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ) .
[فَصْلٌ في الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ]
فَصْلٌ
وَمَقْصُودُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ: هُوَ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ، لِذَلِكَ حُفِظَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنُقِلَ عَنْهُ مَا لَمْ يُنْقَلْ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم.
فَحُفِظَ مِنْ دُعَائِهِ ( «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ، وَاعَفُ عَنْهُ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ
النَّارِ» ) .
وَحُفِظَ مِنْ دُعَائِهِ: ( «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ» ) .
وَحُفِظَ مِنْ دُعَائِهِ: ( «اللَّهُمَّ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ فِي ذِمَّتِكَ وَحَبْلِ جِوَارِكَ، فَقِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، فَأَنْتَ أَهْلُ الْوَفَاءِ وَالْحَقِّ، فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» ) .
وَحُفِظَ مِنْ دُعَائِهِ أَيْضًا: ( «اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبُّهَا، وَأَنْتَ خَلَقْتَهَا، وَأَنْتَ رَزَقْتَهَا، وَأَنْتَ هَدَيْتَهَا لِلْإِسْلَامِ، وَأَنْتَ قَبَضْتَ رُوحَهَا، وَتَعْلَمُ سِرَّهَا وَعَلَانِيَتَهَا، جِئْنَا شُفَعَاءَ فَاغْفِرْ لَهَا» ) .
وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِإِخْلَاصِ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ، وَكَانَ يُكَبِّرُ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ. وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَبَّرَ خَمْسًا، وَكَانَ الصَّحَابَةُ بَعْدَهُ يُكَبِّرُونَ أَرْبَعًا وَخَمْسًا وَسِتًّا، فَكَبَّرَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ خَمْسًا، وَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَهَا ذَكَرَهُ مسلم.
(وَكَبَّرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ سِتًّا، وَكَانَ
يُكَبِّرُ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ سِتًّا، وَعَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ خَمْسًا، وَعَلَى سَائِرِ النَّاسِ أَرْبَعًا) ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّهُ قَالَ: كَانُوا يُكَبِّرُونَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ خَمْسًا وَسِتًّا وَسَبْعًا. وَهَذِهِ آثَارٌ صَحِيحَةٌ، فَلَا مُوجِبَ لِلْمَنْعِ مِنْهَا، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَمْنَعْ مِمَّا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ، بَلْ فَعَلَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ.
وَالَّذِينَ مَنَعُوا مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ، مِنْهُمْ مَنِ احْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ آخِرَ جِنَازَةٍ صَلَّى عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ أَرْبَعًا. قَالُوا: وَهَذَا آخِرُ الْأَمْرَيْنِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْآخِرِ، فَالْآخِرُ مِنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا. وَهَذَا الْحَدِيثُ، قَدْ قَالَ الْخَلَّالُ فِي " الْعِلَلِ ": أَخْبَرَنِي حرب قَالَ: سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ حَدِيثِ أبي المليح، عَنْ ميمون، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. فَقَالَ أحمد: هَذَا كَذِبٌ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ، إِنَّمَا رَوَاهُ محمد بن زياد الطحان وَكَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ.
وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ مَيْمُونَ بْنَ مِهْرَانَ رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمَّا صَلَّتْ عَلَى آدَمَ عليه الصلاة والسلام كَبَّرَتْ عَلَيْهِ أَرْبَعًا، وَقَالُوا: تِلْكَ سُنَّتُكُمْ يَا بَنِي آدَمَ) . وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ قَالَ فِي الأثرم: جَرَى ذِكْرُ محمد بن معاوية النيسابوري الَّذِي كَانَ بِمَكَّةَ، فَسَمِعْتُ أبا عبد الله قَالَ: رَأَيْتُ أَحَادِيثَهُ مَوْضُوعَةً، فَذَكَرَ مِنْهَا عَنْ أبي المليح، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:(أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمَّا صَلَّتْ عَلَى آدَمَ كَبَّرَتْ عَلَيْهِ أَرْبَعًا) ، وَاسْتَعْظَمَهُ أبو عبد الله، وَقَالَ أبو المليح كَانَ أَصَحَّ حَدِيثًا وَأَتْقَى لِلَّهِ مِنْ أَنْ يَرْوِيَ مِثْلَ هَذَا.