المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في كيفية ركوعه صلى الله عليه وسلم والرفع منه] - زاد المعاد في هدي خير العباد - ت الرسالة الثاني - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ]

- ‌[فَصْلٌ في ذكر ما اختار الله من مخلوقاته]

- ‌[الِاخْتِيَارُ دَالٌّ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ سُبْحَانَهُ]

- ‌[اخْتِيَارُهُ سبحانه وتعالى مِنَ الْأَمَاكِنِ وَالْبِلَادِ خَيْرَهَا وَأَشْرَفَهَا]

- ‌[تَفْضِيلُ بَعْضَ الْأَيَّامِ وَالشُّهُورِ عَلَى بَعْضٍ]

- ‌[مَزِيَّةُ وَقْفَةِ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ]

- ‌[فَصْلٌ فيما اختاره الله من الأعمال وغيرها]

- ‌[فَصْلٌ اضْطِرَارُ الْعِبَادِ إِلَى مَعْرِفَةِ الرَّسُولِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نَسَبِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِتَانِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي أُمَّهَاتِهِ صلى الله عليه وسلم اللَّاتِي أَرْضَعْنَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حَوَاضِنِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَبْعَثِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَوَّلِ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَرْتِيبِ الدَّعْوَةِ وَلَهَا مَرَاتِبُ]

- ‌[فَصْلٌ الْجَهْرُ بِالدَّعْوَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَسْمَائِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْحِ مَعَانِي أَسْمَائِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرَى الْهِجْرَتَيْنِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَوْلَادِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَعْمَامِهِ وَعَمَّاتِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَزْوَاجِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي سَرَارِيِّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوَالِيهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي خُدَّامِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي كُتَّابِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي كُتُبِهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي كَتَبَهَا إِلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي الشَّرَائِعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كُتُبِهِ وَرُسُلِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُلُوكِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُؤَذِّنِيهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي أُمَرَائِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي حَرَسِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ كَانَ يَضْرِبُ الْأَعْنَاقَ بَيْنَ يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ كَانَ عَلَى نَفَقَاتِهِ وَخَاتَمِهِ وَنَعْلِهِ وَسِوَاكِهِ وَمَنْ كَانَ يَأْذَنُ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُعَرَائِهِ وَخُطَبَائِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُدَاتِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَحْدُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّفَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي غَزَوَاتِهِ وَبُعُوثِهِ وَسَرَايَاهُ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ سِلَاحِهِ وَأَثَاثِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَوَابِّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَلَابِسِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ في ذكر سراويله ونعله وخاتمه وغير ذلك]

- ‌[فَصْلٌ غَالِبُ لُبْسِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ الْقُطْنُ]

- ‌[فَصْلٌ هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الطَّعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ فِي النِّكَاحِ وَمُعَاشَرَتِهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ وَسِيرَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَوْمِهِ وَانْتِبَاهِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرُّكُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ في اتِّخَاذُ الْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْعُقُودِ]

- ‌[فَصْلٌ في مسابقته عليه السلام ومصارعته]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي مُعَامَلَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَشْيِهِ وَحْدَهُ وَمَعَ أَصْحَابِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي جُلُوسِهِ وَاتِّكَائِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِطْرَةِ وَتَوَابِعِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَصِّ الشَّارِبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي كَلَامِهِ وَسُكُوتِهِ وَضَحِكِهِ وَبُكَائِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خُطْبَتِهِ]

- ‌[فُصُولٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعِبَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ في إطالة الركعة الأولى وقراءة السور وغير ذلك]

- ‌[فَصْلٌ في عَدَمُ تَعْيِينِهِ صلى الله عليه وسلم سُورَةً بِعَيْنِهَا إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ في إِطَالَتُهُ صلى الله عليه وسلم الرَّكْعَةَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ]

- ‌[فَصْلٌ في كيفية ركوعه صلى الله عليه وسلم والرفع منه]

- ‌[فَصْلٌ في كيفية سجوده صلى الله عليه وسلم والقيام منه]

- ‌[فَصْلٌ في التفاضل بين طول القيام وإكثار السجود]

- ‌[فَصْلٌ في الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ في جِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ]

- ‌[فَصْلٌ في وَضْعُ الْيَدِ فِي التَّشَهُّدِ]

- ‌[فَصْلٌ في كيفية سلامه صلى الله عليه وسلم في الصلاة]

- ‌[فَصْلٌ في أدعيته صلى الله عليه وسلم في الصلاة]

- ‌[فَصْلٌ في الْمَحْفُوظُ فِي أَدْعِيَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ في أنه صلى الله عليه وسلم كَانَ يُرَاعِي حَالَ الْمَأْمُومِينَ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[فَصْلٌ في مجموع ما حفظ عنه من سهوه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في كراهة تغميض العينين في الصلاة]

- ‌[فصل فِيمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلَاةِ]

- ‌[فصل في السُّتْرَةُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ]

- ‌[فصل في اضطجاعه صلى الله عليه وسلم بَعْدَ سُنَّةِ الْفَجْرِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ]

- ‌[فصل هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي قِيَامِ اللَّيْلِ]

- ‌[فصل فِي سِيَاقِ صَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ وَوِتْرِهِ وَذِكْرِ صَلَاةِ أَوَّلِ اللَّيْلِ]

- ‌[فصل في الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْوِتْرِ]

- ‌[فصل في قُنُوتُ الْوِتْرِ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الضُّحَى]

- ‌[فصل في سُجُودُ الشُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجُمُعَةِ وَذِكْرِ خَصَائِصِ يَوْمِهَا]

- ‌[فصل فِي مَبْدَأِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فصل في خَوَاصُّ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَهِيَ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ]

- ‌[فصل في بَيَانُ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي سَاعَةِ الْإِجَابَةِ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خُطَبِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرِهِ وَعِبَادَتِهِ فِيهِ]

- ‌[فصل مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْفَرْضِ]

- ‌[فصل مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةُ التَّطَوُّعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ]

- ‌[فصل في الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فصل مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم عدم الْجَمْعُ رَاكِبًا فِي سَفَرِهِ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَاسْتِمَاعِهِ وَخُشُوعِهِ وَبُكَائِهِ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِيَادَةِ الْمَرْضَى]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَنَائِزِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَاتِّبَاعِهَا وَدَفْنِهَا]

- ‌[فَصْلٌ في الْإِسْرَاعُ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فصل مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم تَسْجِيَةُ الْمَيِّتِ]

- ‌[فصل أنه صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي عَلَى الْمَدِينِ]

- ‌[فَصْلٌ في الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ في التَّسْلِيمُ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[فصل من مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم الصلاة على القبر]

- ‌[فصل مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةُ عَلَى الطِّفْلِ]

- ‌[فَصْلٌ في الصَّلَاةُ عَلَى الْمُنْتَحِرِ وَالْغَالِّ وَالْمَقْتُولِ حَدًّا]

- ‌[فَصْلٌ في أَبْحَاثُ الْمَشْيِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَالْإِسْرَاعِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ في الصَّلَاةُ عَلَى الْغَائِبِ]

- ‌[فَصْلٌ في الْقِيَامُ لِلْجِنَازَةِ]

- ‌[فَصْلٌ في حُكْمُ الدَّفْنِ وَسُنِّيَّةُ اللَّحْدِ]

- ‌[فَصْلٌ في تَعْلِيَةُ الْقُبُورِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا تُتَّخَذُ الْقُبُورُ مَسَاجِدَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ]

- ‌[فَصْلٌ في حُكْمُ التَّعْزِيَةِ وَعَدَمِ الِاجْتِمَاعِ لَهَا]

- ‌[فَصْلٌ في صَلَاةُ الْخَوْفِ]

الفصل: ‌[فصل في كيفية ركوعه صلى الله عليه وسلم والرفع منه]

وَأَيْضًا فَإِنَّهَا لَمَّا نَقَصَ عَدَدُ رَكَعَاتِهَا جُعِلَ تَطْوِيلُهَا عِوَضًا عَمَّا نَقَصَتْهُ مِنَ الْعَدَدِ.

وَأَيْضًا فَإِنَّهَا تَكُونُ عَقِيبَ النَّوْمِ وَالنَّاسُ مُسْتَرِيحُونَ.

وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ لَمْ يَأْخُذُوا بَعْدُ فِي اسْتِقْبَالِ الْمَعَاشِ وَأَسْبَابِ الدُّنْيَا.

وَأَيْضًا فَإِنَّهَا تَكُونُ فِي وَقْتٍ تَوَاطَأَ فِيهِ السَّمْعُ وَاللِّسَانُ وَالْقَلْبُ لِفَرَاغِهِ وَعَدَمِ تَمَكُّنِ الِاشْتِغَالِ فِيهِ، فَيَفْهَمُ الْقُرْآنَ وَيَتَدَبَّرُهُ.

وَأَيْضًا فَإِنَّهَا أَسَاسُ الْعَمَلِ وَأَوَّلُهُ، فَأُعْطِيَتْ فَضْلًا مِنَ الِاهْتِمَامِ بِهَا وَتَطْوِيلِهَا، وَهَذِهِ أَسْرَارٌ إِنَّمَا يَعْرِفُهَا مَنْ لَهُ الْتِفَاتٌ إِلَى أَسْرَارِ الشَّرِيعَةِ وَمَقَاصِدِهَا وَحُكْمِهَا، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

[فَصْلٌ في كيفية ركوعه صلى الله عليه وسلم والرفع منه]

فَصْلٌ

وَكَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ سَكَتَ بِقَدْرِ مَا يَتَرَادُّ إِلَيْهِ نَفَسُهُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَبَّرَ رَاكِعًا وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ كَالْقَابِضِ عَلَيْهِمَا، وَوَتَّرَ يَدَيْهِ فَنَحَّاهُمَا عَنْ جَنْبَيْهِ، وَبَسَطَ ظَهْرَهُ وَمَدَّهُ وَاعْتَدَلَ، وَلَمْ يَنْصِبْ رَأْسَهُ وَلَمْ يَخْفِضْهُ، بَلْ يَجْعَلُهُ حِيَالَ ظَهْرِهِ مُعَادِلًا لَهُ.

وَكَانَ يَقُولُ: (سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ) وَتَارَةً يَقُولُ مَعَ ذَلِكَ أَوْ مُقْتَصِرًا

ص: 209

عَلَيْهِ (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي) وَكَانَ رُكُوعُهُ الْمُعْتَادُ مِقْدَارَ عَشْرِ تَسْبِيحَاتٍ وَسُجُودُهُ كَذَلِكَ. وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه ( «رَمَقْتُ الصَّلَاةَ خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ قِيَامُهُ فَرُكُوعُهُ فَاعْتِدَالُهُ فَسَجْدَتُهُ فَجَلْسَتُهُ مَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ» . فَهَذَا قَدْ فَهِمَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَانَ يَرْكَعُ بِقَدْرِ قِيَامِهِ، وَيَسْجُدُ بِقَدْرِهِ وَيَعْتَدِلُ كَذَلِكَ) وَفِي هَذَا الْفَهْمِ شَيْءٌ، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ بِالْمِائَةِ آيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِ (الْأَعْرَافِ)(وَالطُّورِ)(وَالْمُرْسَلَاتِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ لَمْ يَكُنْ قَدْرَ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أنس الَّذِي رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ أَنَّهُ قَالَ:( «مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا هَذَا الْفَتَى، يَعْنِي: عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: فَحَزَرْنَا فِي رُكُوعِهِ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ، وَفِي سُجُودِهِ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ» ) هَذَا مَعَ قَوْلِ أنس أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّهُمْ بِ (الصَّافَّاتِ) فَمُرَادُ البراء - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ صَلَاتَهُ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ مُعْتَدِلَةً، فَكَانَ إِذَا أَطَالَ الْقِيَامَ أَطَالَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، وَإِذَا خَفَّفَ الْقِيَامَ خَفَّفَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، وَتَارَةً يَجْعَلُ الرُّكُوعَ

ص: 210

وَالسُّجُودَ بِقَدْرِ الْقِيَامِ، وَلَكِنْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَحْيَانًا فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَحْدَهَا، وَفِعْلُهُ أَيْضًا قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَهَدْيُهُ الْغَالِبُ صلى الله عليه وسلم تَعْدِيلُ الصَّلَاةِ وَتَنَاسُبُهَا.

وَكَانَ يَقُولُ أَيْضًا فِي رُكُوعِهِ: ( «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ» ) وَتَارَةً يَقُولُ: ( «اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي، وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي) » وَهَذَا إِنَّمَا حُفِظَ عَنْهُ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ.

ثُمَّ كَانَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَائِلًا: (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ) كَمَا تَقَدَّمَ، وَرَوَى رَفْعَ الْيَدَيْنِ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ الثَّلَاثَةِ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثِينَ نَفْسًا، وَاتَّفَقَ عَلَى رِوَايَتِهَا الْعَشْرَةُ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ خِلَافُ ذَلِكَ الْبَتَّةَ، بَلْ كَانَ ذَلِكَ هَدْيَهُ دَائِمًا إِلَى أَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ حَدِيثُ البراء: ثُمَّ لَا يَعُودُ بَلْ هِيَ مِنْ

ص: 211

زِيَادَةِ يزيد بن زياد. فَلَيْسَ تَرْكُ ابْنِ مَسْعُودٍ الرَّفْعَ مِمَّا يُقَدَّمُ عَلَى هَدْيِهِ الْمَعْلُومِ، فَقَدْ تُرِكَ مِنْ فِعْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الصَّلَاةِ أَشْيَاءُ لَيْسَ مُعَارِضُهَا مُقَارِبًا وَلَا مُدَانِيًا لِلرَّفْعِ، فَقَدْ تَرَكَ مِنْ فِعْلِهِ التَّطْبِيقَ وَالِافْتِرَاشَ فِي السُّجُودِ وَوُقُوفِهِ إِمَامًا بَيْنَ الِاثْنَيْنِ فِي وَسَطِهِمَا دُونَ التَّقَدُّمِ عَلَيْهِمَا، وَصَلَاتُهُ الْفَرْضَ فِي الْبَيْتِ بِأَصْحَابِهِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ لِأَجْلِ تَأْخِيرِ الْأُمَرَاءِ، وَأَيْنَ الْأَحَادِيثُ فِي خِلَافِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِي الرَّفْعِ كَثْرَةً وَصِحَّةً وَصَرَاحَةً وَعَمَلًا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

وَكَانَ دَائِمًا يُقِيمُ صُلْبَهُ إِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَيَقُولُ: ( «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقِيمُ فِيهَا الرَّجُلُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» ) ذَكَرَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي " صَحِيحِهِ ".

وَكَانَ إِذَا اسْتَوَى قَائِمًا قَالَ: (رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ) وَرُبَّمَا قَالَ: (رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ) وَرُبَّمَا قَالَ: (اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ) صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُ. وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ " اللَّهُمَّ " وَ " الْوَاوُ " فَلَمْ يَصِحَّ.

وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ إِطَالَةُ هَذَا الرُّكْنِ بِقَدْرِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: ( «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ،

ص: 212

وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» )

وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِيهِ: ( «اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّنِي مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» )

وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَرَّرَ فِيهِ قَوْلَهُ: (لِرَبِّيَ الْحَمْدُ لِرَبِّيَ الْحَمْدُ، حَتَّى كَانَ بِقَدْرِ الرُّكُوعِ)

وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ يَمْكُثُ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: قَدْ نَسِيَ، مِنْ إِطَالَتِهِ لِهَذَا الرُّكْنِ. وَذَكَرَ مسلم عَنْ أنس رضي الله عنه: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَالَ: (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَامَ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَوْهَمَ، ثُمَّ

ص: 213

يَسْجُدُ، ثُمَّ يَقْعُدُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَوْهَمَ» )

وَصَحَّ عَنْهُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَنَّهُ أَطَالَ هَذَا الرُّكْنَ بَعْدَ الرُّكُوعِ حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنْ رُكُوعِهِ، وَكَانَ رُكُوعُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ. فَهَذَا هَدْيُهُ الْمَعْلُومُ الَّذِي لَا مُعَارِضَ لَهُ بِوَجْهٍ.

وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: ( «كَانَ رُكُوعُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسُجُودُهُ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ مَا خَلَا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ» ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، فَقَدْ تَشَبَّثَ بِهِ مَنْ ظَنَّ تَقْصِيرَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ وَلَا مُتَعَلِّقَ لَهُ، فَإِنَّ الْحَدِيثَ مُصَرَّحٌ فِيهِ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ وَبَيْنَ سَائِرِ الْأَرْكَانِ، فَلَوْ كَانَ الْقِيَامُ وَالْقُعُودُ الْمُسْتَثْنَيَيْنِ هُوَ الْقِيَامَ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَالْقُعُودِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لَنَاقَضَ الْحَدِيثُ الْوَاحِدُ بَعْضَهُ بَعْضًا، فَتَعَيَّنَ قَطْعًا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ قِيَامَ الْقِرَاءَةِ وَقُعُودَ التَّشَهُّدِ، وَلِهَذَا كَانَ هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فِيهِمَا إِطَالَتَهُمَا عَلَى سَائِرِ الْأَرْكَانِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَهَذَا بِحَمْدِ اللَّهِ وَاضِحٌ، وَهُوَ مِمَّا خَفِيَ مِنْ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صِلَاتِهِ عَلَى مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَتَقْصِيرُ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ مِمَّا تَصَرَّفَ فِيهِ أُمَرَاءُ بَنِي أُمَيَّةَ فِي الصَّلَاةِ وَأَحْدَثُوهُ فِيهَا، كَمَا أَحْدَثُوا فِيهَا تَرْكَ إِتْمَامِ التَّكْبِيرِ، وَكَمَا أَحْدَثُوا التَّأْخِيرَ

ص: 214