الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِعْلُ الْيَهُودِ، وَأَبَاحَهُ جَمَاعَةٌ وَلَمْ يَكْرَهُوهُ، وَقَالُوا: قَدْ يَكُونُ أَقْرَبَ إِلَى تَحْصِيلِ الْخُشُوعِ الَّذِي هُوَ رُوحُ الصَّلَاةِ وَسِرُّهَا وَمَقْصُودُهَا.
وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: إِنْ كَانَ تَفْتِيحُ الْعَيْنِ لَا يُخِلُّ بِالْخُشُوعِ، فَهُوَ أَفَضْلُ، وَإِنْ كَانَ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخُشُوعِ لِمَا فِي قِبْلَتِهِ مِنَ الزَّخْرَفَةِ وَالتَّزْوِيقِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يُشَوِّشُ عَلَيْهِ قَلْبَهُ، فَهُنَالِكَ لَا يُكْرَهُ التَّغْمِيضُ قَطْعًا، وَالْقَوْلُ بِاسْتِحْبَابِهِ فِي هَذَا الْحَالِ أَقْرَبُ إِلَى أُصُولِ الشَّرْعِ وَمَقَاصِدِهِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[فصل فِيمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلَاةِ]
فَصْلٌ
فِيمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلَاةِ، وَجُلُوسِهِ بَعْدَهَا، وَسُرْعَةِ الِانْتِقَالِ مِنْهَا، وَمَا شَرَعَهُ لِأُمَّتِهِ مِنَ الْأَذْكَارِ وَالْقِرَاءَةِ بَعْدَهَا
كَانَ إِذَا سَلَّمَ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا، وَقَالَ:( «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» ) .
وَلَمْ يَمْكُثْ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ إِلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ ذَلِكَ، بَلْ يُسْرِعُ الِانْتِقَالَ إِلَى الْمَأْمُومِينَ.
وَكَانَ يَنْفَتِلُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ:( «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ» ) .
وَقَالَ أنس: ( «أَكْثَرُ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْصَرِفُ عَنْ يَمِينِهِ» ) وَالْأَوَّلُ فِي
"الصَّحِيحَيْنِ". وَالثَّانِي فِي " مسلم ".
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: ( «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْفَتِلُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ فِي الصَّلَاةِ» ) .
ثُمَّ ( «كَانَ يُقْبِلُ عَلَى الْمَأْمُومِينَ بِوَجْهِهِ، وَلَا يَخُصُّ نَاحِيَةً مِنْهُمْ دُونَ نَاحِيَةٍ» )
( «وَكَانَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ، جَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» ) .
(وَكَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلَّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ: " «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا
مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» ".
وَذَكَرَ أبو داود عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ:(اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ، وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسَرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ، وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» )
هَذِهِ قِطْعَةٌ مِنْ حَدِيثِ علي الطَّوِيلِ الَّذِي رَوَاهُ مسلم فِي اسْتِفْتَاحِهِ عليه الصلاة والسلام، وَمَا كَانَ يَقُولُهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ.
ولمسلم فِيهِ لَفْظَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُهُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ.
وَالثَّانِي: كَانَ يَقُولُهُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَلَعَلَّهُ كَانَ يَقُولُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ: ( «اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَنَا شَهِيدٌ أَنَّكَ الرَّبُّ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، أَنَا شَهِيدٌ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، أَنَا شَهِيدٌ أَنَّ الْعِبَادَ كُلَّهُمْ إِخْوَةٌ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، اجْعَلْنِي مُخْلِصًا لَكَ وَأَهْلِي فِي كُلِّ سَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، اسْمَعْ وَاسْتَجِبِ، اللَّهُ أَكْبَرُ الْأَكْبَرُ، اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، اللَّهُ أَكْبَرُ الْأَكْبَرُ، حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، اللَّهُ أَكْبَرُ الْأَكْبَرُ» ) رَوَاهُ أبو داود.
وَنَدَبَ أُمَّتَهُ إِلَى أَنْ يَقُولُوا فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ: ( «سُبْحَانَ اللَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَذَلِكَ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ كَذَلِكَ، وَتَمَامُ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» )
وَفِي صِفَةٍ أُخْرَى: التَّكْبِيرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ فَتَتِمُّ بِهِ الْمِائَةُ.
وَفِي صِفَةٍ أُخْرَى: ( «خَمْسًا وَعِشْرِينَ تَسْبِيحَةً، وَمِثْلُهَا تَحْمِيدَةً، وَمِثْلُهَا تَكْبِيرَةً، وَمِثْلُهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ) .
وَفِي صِفَةٍ أُخْرَى: ( «عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ، وَعَشْرَ تَحْمِيدَاتٍ، وَعَشْرَ تَكْبِيرَاتٍ» ) .
وَفِي صِفَةٍ أُخْرَى: "إِحْدَى عَشْرَةَ" كَمَا فِي "صَحِيحِ مسلم " فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ( «وَيُسَبِّحُونَ وَيَحْمَدُونَ وَيُكَبِّرُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، إِحْدَى عَشْرَةَ وَإِحْدَى عَشْرَةَ وَإِحْدَى عَشْرَةَ، فَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ» ) وَالَّذِي يَظْهَرُ فِي هَذِهِ الصِّفَةِ، أَنَّهَا مِنْ تَصَرُّفِ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَتَفْسِيرِهِ، لِأَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ:( «يُسَبِّحُونَ وَيَحْمَدُونَ، وَيُكَبِّرُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ» ) وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِهَذَا أَنْ يَكُونَ الثَّلَاثُ وَالثَّلَاثُونَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ كَلِمَاتِ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ، أَيْ قُولُوا:"سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ" لِأَنَّ رَاوِيَ الْحَدِيثِ سُمَيٌّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، وَبِذَلِكَ فَسَّرَهُ أبو صالح قَالَ: " قُولُوا: ( «سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، حَتَّى يَكُونَ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ» )
وَأَمَّا تَخْصِيصُهُ بِإِحْدَى عَشْرَةَ فَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَذْكَارِ بِخِلَافِ الْمِائَةِ، فَإِنَّ لَهَا نَظَائِرَ، وَالْعَشْرُ لَهَا نَظَائِرُ أَيْضًا، كَمَا فِي السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ أبي ذر، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:( «مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ: لَا إِلَهَ إِلَا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ، كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ يَوْمَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي حِرْزٍ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَحُرِسَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلَمْ يَنْبَغِ لِذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَّا الشِّرْكَ بِاللَّهِ» )، قَالَ الترمذي: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَفِي "مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ " مِنْ حَدِيثِ أم سلمة، أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم، ( «عَلَّمَ ابْنَتَهُ فاطمة لَمَّا جَاءَتْ تَسْأَلُهُ الْخَادِمَ، فَأَمَرَهَا: أَنْ تُسَبِّحَ اللَّهَ عِنْدَ النَّوْمِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدَهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُكَبِّرَهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَإِذَا صَلَّتِ الصُّبْحَ أَنْ تَقُولَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَبَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، عَشْرَ مَرَّاتٍ» ) .
وَفِي "صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ " عَنْ أَبِي أَيُّوبٍ الْأَنْصَارِيِّ يَرْفَعُهُ: ( «مَنْ قَالَ إِذَا
أَصْبَحَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ، كُتِبَ لَهُ بِهِنَّ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَ عَنْهُ بِهِنَّ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ بِهِنَّ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكُنَّ لَهُ عِدْلَ عَتَاقَةِ أَرْبَعِ رِقَابٍ، وَكُنَّ لَهُ حَرَسًا مِنَ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُمْسِيَ، وَمَنْ قَالَهُنَّ إِذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ دُبُرَ صَلَاتِهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ حَتَّى يُصْبِحَ» )
وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الِاسْتِفْتَاحِ ( «اللَّهُ أَكْبَرُ عَشْرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَشْرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَشْرًا، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَشْرًا، وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَشْرًا، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي عَشْرًا، وَيَتَعَوَّذُ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَشْرًا» ) فَالْعَشْرُ فِي الْأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ كَثِيرَةٌ. وَأَمَّا الْإِحْدَى عَشْرَةَ، فَلَمْ يَجِئْ ذِكْرُهَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْبَتَّةَ إِلَّا فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ ذَكَرَ أبو حاتم فِي "صَحِيحِهِ" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنْ صَلَاتِهِ: ( «اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي جَعَلْتَهُ عِصْمَةَ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي جَعَلْتَ فِيهَا مَعَاشِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ نِقْمَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» )
وَذَكَرَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" عَنِ الحارث بن مسلم التميمي قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ( «إِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ، فَقُلْتَ قَبْلَ أَنْ تَتَكَلَّمَ: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ مِنْ يَوْمِكَ، كَتَبَ اللَّهُ لَكَ جِوَارًا مِنَ النَّارِ، وَإِذَا صَلَّيْتَ الْمَغْرِبَ، فَقُلْ قَبْلَ أَنْ تَتَكَلَّمَ: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ؛ فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ كَتَبَ اللَّهُ لَكَ جِوَارًا مِنَ النَّارِ» ) .
وَقَدْ ذَكَرَ النَّسَائِيُّ فِي "السُّنَنِ الْكَبِيرِ" مِنْ حَدِيثِ أبي أمامة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ» ) وَهَذَا الْحَدِيثُ تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيِّ، عَنْ أبي أمامة، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنِ الحسين بن بشر، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
حِمْيَرَ. وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُصَحِّحُهُ، وَيَقُولُ: الحسين بن بشر قَدْ قَالَ فِيهِ النَّسَائِيُّ: لَا بَأْسَ بِهِ. وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ثِقَةٌ. وَأَمَّا الْمُحَمَّدَانِ، فَاحْتَجَّ بِهِمَا الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" قَالُوا: فَالْحَدِيثُ عَلَى رَسْمِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ مَوْضُوعٌ، وَأَدْخَلَهُ أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، وَتَعَلَّقَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ حِمْيَرَ، وَأَنَّ أَبَا حَاتِمٍ الرَّازِيَّ قَالَ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْحُفَّاظِ، وَوَثَّقُوا محمدا، وَقَالَ: هُوَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ، وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ أَجَلُّ مَنْ صَنَّفَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَهُوَ الْبُخَارِيُّ، وَوَثَّقَهُ أَشَدُّ النَّاسِ مَقَالَةً فِي الرِّجَالِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ" أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عبد الله بن حسن عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، كَانَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ إِلَى الصَّلَاةِ الْأُخْرَى» ) . وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ أبي أمامة، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَفِيهَا كُلِّهَا ضَعْفٌ، وَلَكِنْ إِذَا انْضَمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ مَعَ تَبَايُنِ طُرُقِهَا وَاخْتِلَافِ مَخَارِجِهَا، دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ لَهُ أَصْلٌ وَلَيْسَ بِمَوْضُوعٍ.
وَبَلَغَنِي عَنْ شَيْخِنَا أبي العباس ابن تيمية قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا تَرَكْتُهَا عَقِيبَ كُلِّ صَلَاةٍ. وَفِي الْمُسْنَدِ وَالسُّنَنِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ» . وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِمٍ ابْنُ حِبَّانَ فِي