المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في الجمع بين الصلاتين] - زاد المعاد في هدي خير العباد - ت الرسالة الثاني - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ]

- ‌[فَصْلٌ في ذكر ما اختار الله من مخلوقاته]

- ‌[الِاخْتِيَارُ دَالٌّ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ سُبْحَانَهُ]

- ‌[اخْتِيَارُهُ سبحانه وتعالى مِنَ الْأَمَاكِنِ وَالْبِلَادِ خَيْرَهَا وَأَشْرَفَهَا]

- ‌[تَفْضِيلُ بَعْضَ الْأَيَّامِ وَالشُّهُورِ عَلَى بَعْضٍ]

- ‌[مَزِيَّةُ وَقْفَةِ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ]

- ‌[فَصْلٌ فيما اختاره الله من الأعمال وغيرها]

- ‌[فَصْلٌ اضْطِرَارُ الْعِبَادِ إِلَى مَعْرِفَةِ الرَّسُولِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نَسَبِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِتَانِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي أُمَّهَاتِهِ صلى الله عليه وسلم اللَّاتِي أَرْضَعْنَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حَوَاضِنِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَبْعَثِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَوَّلِ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَرْتِيبِ الدَّعْوَةِ وَلَهَا مَرَاتِبُ]

- ‌[فَصْلٌ الْجَهْرُ بِالدَّعْوَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَسْمَائِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْحِ مَعَانِي أَسْمَائِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرَى الْهِجْرَتَيْنِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَوْلَادِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَعْمَامِهِ وَعَمَّاتِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَزْوَاجِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي سَرَارِيِّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوَالِيهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي خُدَّامِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي كُتَّابِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي كُتُبِهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي كَتَبَهَا إِلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي الشَّرَائِعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كُتُبِهِ وَرُسُلِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُلُوكِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُؤَذِّنِيهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي أُمَرَائِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي حَرَسِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ كَانَ يَضْرِبُ الْأَعْنَاقَ بَيْنَ يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ كَانَ عَلَى نَفَقَاتِهِ وَخَاتَمِهِ وَنَعْلِهِ وَسِوَاكِهِ وَمَنْ كَانَ يَأْذَنُ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُعَرَائِهِ وَخُطَبَائِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُدَاتِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَحْدُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّفَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي غَزَوَاتِهِ وَبُعُوثِهِ وَسَرَايَاهُ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ سِلَاحِهِ وَأَثَاثِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَوَابِّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَلَابِسِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ في ذكر سراويله ونعله وخاتمه وغير ذلك]

- ‌[فَصْلٌ غَالِبُ لُبْسِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ الْقُطْنُ]

- ‌[فَصْلٌ هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الطَّعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ فِي النِّكَاحِ وَمُعَاشَرَتِهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ وَسِيرَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَوْمِهِ وَانْتِبَاهِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرُّكُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ في اتِّخَاذُ الْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْعُقُودِ]

- ‌[فَصْلٌ في مسابقته عليه السلام ومصارعته]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي مُعَامَلَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَشْيِهِ وَحْدَهُ وَمَعَ أَصْحَابِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي جُلُوسِهِ وَاتِّكَائِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِطْرَةِ وَتَوَابِعِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَصِّ الشَّارِبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي كَلَامِهِ وَسُكُوتِهِ وَضَحِكِهِ وَبُكَائِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خُطْبَتِهِ]

- ‌[فُصُولٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعِبَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ في إطالة الركعة الأولى وقراءة السور وغير ذلك]

- ‌[فَصْلٌ في عَدَمُ تَعْيِينِهِ صلى الله عليه وسلم سُورَةً بِعَيْنِهَا إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ في إِطَالَتُهُ صلى الله عليه وسلم الرَّكْعَةَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ]

- ‌[فَصْلٌ في كيفية ركوعه صلى الله عليه وسلم والرفع منه]

- ‌[فَصْلٌ في كيفية سجوده صلى الله عليه وسلم والقيام منه]

- ‌[فَصْلٌ في التفاضل بين طول القيام وإكثار السجود]

- ‌[فَصْلٌ في الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ في جِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ]

- ‌[فَصْلٌ في وَضْعُ الْيَدِ فِي التَّشَهُّدِ]

- ‌[فَصْلٌ في كيفية سلامه صلى الله عليه وسلم في الصلاة]

- ‌[فَصْلٌ في أدعيته صلى الله عليه وسلم في الصلاة]

- ‌[فَصْلٌ في الْمَحْفُوظُ فِي أَدْعِيَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ في أنه صلى الله عليه وسلم كَانَ يُرَاعِي حَالَ الْمَأْمُومِينَ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[فَصْلٌ في مجموع ما حفظ عنه من سهوه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في كراهة تغميض العينين في الصلاة]

- ‌[فصل فِيمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلَاةِ]

- ‌[فصل في السُّتْرَةُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ]

- ‌[فصل في اضطجاعه صلى الله عليه وسلم بَعْدَ سُنَّةِ الْفَجْرِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ]

- ‌[فصل هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي قِيَامِ اللَّيْلِ]

- ‌[فصل فِي سِيَاقِ صَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ وَوِتْرِهِ وَذِكْرِ صَلَاةِ أَوَّلِ اللَّيْلِ]

- ‌[فصل في الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْوِتْرِ]

- ‌[فصل في قُنُوتُ الْوِتْرِ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الضُّحَى]

- ‌[فصل في سُجُودُ الشُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجُمُعَةِ وَذِكْرِ خَصَائِصِ يَوْمِهَا]

- ‌[فصل فِي مَبْدَأِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فصل في خَوَاصُّ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَهِيَ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ]

- ‌[فصل في بَيَانُ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي سَاعَةِ الْإِجَابَةِ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خُطَبِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرِهِ وَعِبَادَتِهِ فِيهِ]

- ‌[فصل مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْفَرْضِ]

- ‌[فصل مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةُ التَّطَوُّعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ]

- ‌[فصل في الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فصل مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم عدم الْجَمْعُ رَاكِبًا فِي سَفَرِهِ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَاسْتِمَاعِهِ وَخُشُوعِهِ وَبُكَائِهِ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِيَادَةِ الْمَرْضَى]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَنَائِزِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَاتِّبَاعِهَا وَدَفْنِهَا]

- ‌[فَصْلٌ في الْإِسْرَاعُ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فصل مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم تَسْجِيَةُ الْمَيِّتِ]

- ‌[فصل أنه صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي عَلَى الْمَدِينِ]

- ‌[فَصْلٌ في الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ في التَّسْلِيمُ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[فصل من مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم الصلاة على القبر]

- ‌[فصل مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةُ عَلَى الطِّفْلِ]

- ‌[فَصْلٌ في الصَّلَاةُ عَلَى الْمُنْتَحِرِ وَالْغَالِّ وَالْمَقْتُولِ حَدًّا]

- ‌[فَصْلٌ في أَبْحَاثُ الْمَشْيِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَالْإِسْرَاعِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ في الصَّلَاةُ عَلَى الْغَائِبِ]

- ‌[فَصْلٌ في الْقِيَامُ لِلْجِنَازَةِ]

- ‌[فَصْلٌ في حُكْمُ الدَّفْنِ وَسُنِّيَّةُ اللَّحْدِ]

- ‌[فَصْلٌ في تَعْلِيَةُ الْقُبُورِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا تُتَّخَذُ الْقُبُورُ مَسَاجِدَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ]

- ‌[فَصْلٌ في حُكْمُ التَّعْزِيَةِ وَعَدَمِ الِاجْتِمَاعِ لَهَا]

- ‌[فَصْلٌ في صَلَاةُ الْخَوْفِ]

الفصل: ‌[فصل في الجمع بين الصلاتين]

مِنْهُمْ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَاحِلَتِهِ فَصَلَّى بِهِمْ يُومِئُ إِيمَاءً، فَجَعَلَ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ» .

قَالَ الترمذي: حَدِيثٌ غَرِيبٌ تَفَرَّدَ بِهِ عمر بن الرماح، وَثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ أنس مِنْ فِعْلِهِ

[فصل في الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]

فَصْلٌ

وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَالَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ) . وَكَانَ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَإِنِ ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعَصْرِ فَيُصَلِّيَهُمَا جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، لَكِنِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَمِنْ مُصَحِّحٍ لَهُ، وَمِنْ مُحَسِّنٍ، وَمِنْ قَادِحٍ فِيهِ، وَجَعْلِهِ مَوْضُوعًا كالحاكم، وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ، لَكِنْ رُمِيَ بِعِلَّةٍ عَجِيبَةٍ، قَالَ الحاكم: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أبي الطفيل، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ( «كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ

ص: 459

تَزِيغَ الشَّمْسُ، أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَجْمَعَهَا إِلَى الْعَصْرِ وَيُصَلِّيَهُمَا جَمِيعًا، وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ سَارَ، وَكَانَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْعِشَاءِ، وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ عَجَّلَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا مَعَ الْمَغْرِبِ» )

قَالَ الحاكم: هَذَا الْحَدِيثُ رُوَاتُهُ أَئِمَّةٌ ثِقَاتٌ، وَهُوَ شَاذُّ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ، ثُمَّ لَا نَعْرِفُ لَهُ عِلَّةً نُعِلُّهُ بِهَا. فَلَوْ كَانَ الْحَدِيثُ عَنِ الليث، عَنْ أبي الزبير، عَنْ أبي الطفيل، لَعَلَلْنَا بِهِ الْحَدِيثَ. وَلَوْ كَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أبي الطفيل، لَعَلَلْنَا بِهِ، فَلَمَّا لَمْ نَجِدْ لَهُ الْعِلَّتَيْنِ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَعْلُولًا، ثُمَّ نَظَرْنَا فَلَمْ نَجِدْ لِيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أبي الطفيل رِوَايَةً، وَلَا وَجَدْنَا هَذَا الْمَتْنَ بِهَذِهِ السِّيَاقَةِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ أبي الطفيل، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ رَوَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ غَيْرَ أبي الطفيل، فَقُلْنَا: الْحَدِيثُ شَاذٌّ.

وَقَدْ حَدَّثُوا عَنْ أبي العباس الثقفي قَالَ: كَانَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ يَقُولُ لَنَا: عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عَلَامَةُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وأبي خيثمة، حَتَّى عَدَّ قتيبة سَبْعَةً مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ كَتَبُوا عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَأَئِمَّةُ الْحَدِيثِ إِنَّمَا سَمِعُوهُ مِنْ قتيبة تَعَجُّبًا مِنْ إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ، ثُمَّ لَمْ يَبْلُغْنَا عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ ذَكَرَ لِلْحَدِيثِ عِلَّةً، ثُمَّ قَالَ: فَنَظَرْنَا فَإِذَا الْحَدِيثُ مَوْضُوعٌ، وقتيبة ثِقَةٌ مَأْمُونٌ، ثُمَّ ذُكِرَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى الْبُخَارِيِّ. قَالَ: قُلْتُ لِقُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ: مَعَ مَنْ كَتَبْتَ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ حَدِيثَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أبي الطفيل؟ قَالَ: كَتَبْتُهُ مَعَ خالد بن القاسم أبي الهيثم المدائني. قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَكَانَ خالد المدائني يُدْخِلُ الْأَحَادِيثَ عَلَى الشُّيُوخِ.

قُلْتُ: وَحُكْمُهُ بِالْوَضْعِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، فَإِنَّ أبا داود رَوَاهُ عَنْ

ص: 460

يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الرملي، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أبي الزبير، عَنْ أبي الطفيل، عَنْ معاذ فَذَكَرَهُ. . . " فَهَذَا المفضل قَدْ تَابَعَ قتيبة، وَإِنْ كَانَ قتيبة أَجَلَّ مِنَ المفضل وَأَحْفَظَ، لَكِنْ زَالَ تَفَرُّدُ قتيبة بِهِ، ثُمَّ إِنَّ قتيبة صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ فَقَالَ: حَدَّثَنَا وَلَمْ يُعَنْعِنْ، فَكَيْفَ يُقْدَحُ فِي سَمَاعِهِ، مَعَ أَنَّهُ بِالْمَكَانِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْأَمَانَةِ، وَالْحِفْظِ، وَالثِّقَةِ، وَالْعَدَالَةِ.

وَقَدْ رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ: حَدَّثَنَا شبابة، حَدَّثَنَا الليث، عَنْ عقيل، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أنس، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:( «كَانَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فَزَالَتِ الشَّمْسُ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، ثُمَّ ارْتَحَلَ» ) . وَهَذَا إِسْنَادٌ كَمَا تَرَى، وَشَبَابَةُ: هُوَ شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الثِّقَةُ الْمُتَّفَقُ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِهِ، وَقَدْ رَوَى لَهُ مسلم فِي " صَحِيحِهِ " عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَأَقَلُّ دَرَجَاتِهِ أَنْ يَكُونَ مُقَوِّيًا لِحَدِيثِ معاذ وَأَصْلُهُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ جَمْعُ التَّقْدِيمِ.

ثُمَّ قَالَ أبو داود: وَرَوَى هشام، عَنْ عروة، عَنْ حسين بن عبد الله، عَنْ كريب، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، نَحْوَ حَدِيثِ المفضل، يَعْنِي حَدِيثَ معاذ فِي الْجَمْعِ وَالتَّقْدِيمِ، وَلَفْظُهُ عَنْ حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عَنْ كريب، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي السَّفَرِ؟ كَانَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَهُوَ فِي مَنْزِلِهِ، جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الزُّوَالِ، وَإِذَا سَافَرَ

ص: 461

قَبْلَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ، أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْرِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ، قَالَ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مِثْلَ ذَلِكَ» ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابن أبي يحيى، عَنْ حسين، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَجْلَانَ بَلَاغًا عَنْ حسين.

قَالَ البيهقي: هَكَذَا رَوَاهُ الْأَكَابِرُ، هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَغَيْرُهُ، عَنْ حسين بن عبد الله. وَرَوَاهُ عبد الرزاق، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ حسين، عَنْ عكرمة، وَعَنْ كريب كِلَاهُمَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ أيوب، عَنْ أبي قلابة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا مَرْفُوعًا.

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سليمان بن مالك، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ كريب، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:( «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ فَرَاحَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ رَكِبَ فَسَارَ ثُمَّ نَزَلَ، فَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَإِذَا لَمْ يَرُحْ حَتَّى تَزِيغَ الشَّمْسُ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، ثُمَّ رَكِبَ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَ وَدَخَلَتْ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ، جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَبَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ» )

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ: رَوَى يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرِ، عَنِ الحجاج، عَنِ الحكم، عَنْ مقسم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:( «كَانَ رَسُولُ اللَّهُ صلى الله عليه وسلم إِذَا لَمْ يَرْتَحِلْ حَتَّى تَزِيغَ الشَّمْسُ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، فَإِذَا لَمْ تَزِغْ أَخَّرَهَا حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الْعَصْرِ» )

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَيَدُلُّ عَلَى جَمْعِ التَّقْدِيمِ جَمْعُهُ بِعَرَفَةَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لِمَصْلَحَةِ الْوُقُوفِ، لِيَتَّصِلَ وَقْتُ الدُّعَاءِ، وَلَا يَقْطَعُهُ بِالنُّزُولِ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ مَعَ إِمْكَانِ ذَلِكَ بِلَا مَشَقَّةٍ، فَالْجَمْعُ كَذَلِكَ لِأَجْلِ الْمَشَقَّةِ وَالْحَاجَةِ أَوْلَى.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَانَ أَرْفَقَ بِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ تَقْدِيمُ الْعَصْرِ لِأَنْ يَتَّصِلَ لَهُ الدُّعَاءُ، فَلَا يَقْطَعُهُ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ، وَأَرْفَقَ بِالْمُزْدَلِفَةِ أَنْ يَتَّصِلَ لَهُ الْمَسِيرُ، وَلَا يَقْطَعُهُ بِالنُّزُولِ

ص: 462