الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَانَتْ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ.
أَحَدُهَا - وَهُوَ أَكْثَرُهَا: صَلَاتُهُ قَائِمًا.
الثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَاعِدًا وَيَرْكَعُ قَاعِدًا.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ قَاعِدًا، فَإِذَا بَقِيَ يَسِيرٌ مِنْ قِرَاءَتِهِ، قَامَ فَرَكَعَ قَائِمًا، وَالْأَنْوَاعُ الثَّلَاثَةُ صَحَّتْ عَنْهُ.
وَأَمَّا صِفَةُ جُلُوسِهِ فِي مَحَلِّ الْقِيَامِ، فَفِي "سُنَنِ النَّسَائِيِّ "، عَنْ عبد الله بن شقيق، عَنْ عائشة قَالَتْ:( «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا» ) قَالَ النَّسَائِيُّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرَ أبي داود، يعني الحفري، وأبو داود ثِقَةٌ، وَلَا أَحْسَبُ إِلَّا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ خَطَأٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[فصل في الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْوِتْرِ]
فَصْلٌ
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ( «كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْوِتْرِ رَكْعَتَيْنِ جَالِسًا تَارَةً، وَتَارَةً يَقْرَأُ فِيهِمَا جَالِسًا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، قَامَ فَرَكَعَ» ، وَفِي "صَحِيحِ مسلم " عَنْ أبي سلمة قَالَ: « (سَأَلْتُ عائشة رضي الله عنها عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: (كَانَ يُصَلِّي
ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي ثَمَانَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ يُوتِرُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، قَامَ فَرَكَعَ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَالْإِقَامَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ) » وَفِي "الْمُسْنَدِ" عَنْ أم سلمة أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، ( «كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْوِتْرِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ» )
وَقَالَ الترمذي: رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ عائشة، وأبي أمامة، وَغَيْرِ وَاحِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَفِي "الْمُسْنَدِ" عَنْ أبي أمامة، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ( «كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ وَهُوَ جَالِسٌ، يَقْرَأُ فِيهِمَا بِـ {إِذَا زُلْزِلَتِ} [الزلزلة: 1] وَ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] » )
وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ أنس رضي الله عنه.
وَقَدْ أَشْكَلَ هَذَا عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، فَظَنُّوهُ مُعَارِضًا، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:( «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» ) . وَأَنْكَرَ مالك رحمه الله هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا أَفْعَلُهُ وَلَا أَمْنَعُ مَنْ فَعْلَهُ، قَالَ: وَأَنْكَرَهُ مالك وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا فَعَلَ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ، لِيُبَيِّنَ جَوَازَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوِتْرِ، وَأَنَّ فِعْلَهُ لَا يَقْطَعُ التَّنَفُّلَ، وَحَمَلُوا قَوْلَهُ:( «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» ) عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَصَلَاةَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَهُ عَلَى الْجَوَازِ.
وَالصَّوَابُ: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ تَجْرِيَانِ مَجْرَى السُّنَّةِ، وَتَكْمِيلِ الْوِتْرِ، فَإِنَّ الْوِتْرَ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَلَا سِيَّمَا إِنْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ، فَتَجْرِي الرَّكْعَتَانِ بَعْدَهُ