المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في قنوت الوتر] - زاد المعاد في هدي خير العباد - ت الرسالة الثاني - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ]

- ‌[فَصْلٌ في ذكر ما اختار الله من مخلوقاته]

- ‌[الِاخْتِيَارُ دَالٌّ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ سُبْحَانَهُ]

- ‌[اخْتِيَارُهُ سبحانه وتعالى مِنَ الْأَمَاكِنِ وَالْبِلَادِ خَيْرَهَا وَأَشْرَفَهَا]

- ‌[تَفْضِيلُ بَعْضَ الْأَيَّامِ وَالشُّهُورِ عَلَى بَعْضٍ]

- ‌[مَزِيَّةُ وَقْفَةِ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ]

- ‌[فَصْلٌ فيما اختاره الله من الأعمال وغيرها]

- ‌[فَصْلٌ اضْطِرَارُ الْعِبَادِ إِلَى مَعْرِفَةِ الرَّسُولِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نَسَبِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِتَانِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي أُمَّهَاتِهِ صلى الله عليه وسلم اللَّاتِي أَرْضَعْنَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حَوَاضِنِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَبْعَثِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَوَّلِ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَرْتِيبِ الدَّعْوَةِ وَلَهَا مَرَاتِبُ]

- ‌[فَصْلٌ الْجَهْرُ بِالدَّعْوَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَسْمَائِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْحِ مَعَانِي أَسْمَائِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرَى الْهِجْرَتَيْنِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَوْلَادِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَعْمَامِهِ وَعَمَّاتِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَزْوَاجِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي سَرَارِيِّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَوَالِيهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي خُدَّامِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي كُتَّابِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي كُتُبِهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي كَتَبَهَا إِلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي الشَّرَائِعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كُتُبِهِ وَرُسُلِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُلُوكِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُؤَذِّنِيهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي أُمَرَائِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي حَرَسِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ كَانَ يَضْرِبُ الْأَعْنَاقَ بَيْنَ يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ كَانَ عَلَى نَفَقَاتِهِ وَخَاتَمِهِ وَنَعْلِهِ وَسِوَاكِهِ وَمَنْ كَانَ يَأْذَنُ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُعَرَائِهِ وَخُطَبَائِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُدَاتِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَحْدُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّفَرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي غَزَوَاتِهِ وَبُعُوثِهِ وَسَرَايَاهُ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ سِلَاحِهِ وَأَثَاثِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَوَابِّهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَلَابِسِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ في ذكر سراويله ونعله وخاتمه وغير ذلك]

- ‌[فَصْلٌ غَالِبُ لُبْسِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ الْقُطْنُ]

- ‌[فَصْلٌ هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الطَّعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ فِي النِّكَاحِ وَمُعَاشَرَتِهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ وَسِيرَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَوْمِهِ وَانْتِبَاهِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرُّكُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ في اتِّخَاذُ الْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْعُقُودِ]

- ‌[فَصْلٌ في مسابقته عليه السلام ومصارعته]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي مُعَامَلَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَشْيِهِ وَحْدَهُ وَمَعَ أَصْحَابِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي جُلُوسِهِ وَاتِّكَائِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِطْرَةِ وَتَوَابِعِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَصِّ الشَّارِبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي كَلَامِهِ وَسُكُوتِهِ وَضَحِكِهِ وَبُكَائِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خُطْبَتِهِ]

- ‌[فُصُولٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعِبَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْوُضُوءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي التَّيَمُّمِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ في إطالة الركعة الأولى وقراءة السور وغير ذلك]

- ‌[فَصْلٌ في عَدَمُ تَعْيِينِهِ صلى الله عليه وسلم سُورَةً بِعَيْنِهَا إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ في إِطَالَتُهُ صلى الله عليه وسلم الرَّكْعَةَ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ]

- ‌[فَصْلٌ في كيفية ركوعه صلى الله عليه وسلم والرفع منه]

- ‌[فَصْلٌ في كيفية سجوده صلى الله عليه وسلم والقيام منه]

- ‌[فَصْلٌ في التفاضل بين طول القيام وإكثار السجود]

- ‌[فَصْلٌ في الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ في جِلْسَةُ الِاسْتِرَاحَةِ]

- ‌[فَصْلٌ في وَضْعُ الْيَدِ فِي التَّشَهُّدِ]

- ‌[فَصْلٌ في كيفية سلامه صلى الله عليه وسلم في الصلاة]

- ‌[فَصْلٌ في أدعيته صلى الله عليه وسلم في الصلاة]

- ‌[فَصْلٌ في الْمَحْفُوظُ فِي أَدْعِيَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ في أنه صلى الله عليه وسلم كَانَ يُرَاعِي حَالَ الْمَأْمُومِينَ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[فَصْلٌ في مجموع ما حفظ عنه من سهوه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل في كراهة تغميض العينين في الصلاة]

- ‌[فصل فِيمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهُ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلَاةِ]

- ‌[فصل في السُّتْرَةُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ]

- ‌[فصل في اضطجاعه صلى الله عليه وسلم بَعْدَ سُنَّةِ الْفَجْرِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ]

- ‌[فصل هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي قِيَامِ اللَّيْلِ]

- ‌[فصل فِي سِيَاقِ صَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ وَوِتْرِهِ وَذِكْرِ صَلَاةِ أَوَّلِ اللَّيْلِ]

- ‌[فصل في الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْوِتْرِ]

- ‌[فصل في قُنُوتُ الْوِتْرِ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الضُّحَى]

- ‌[فصل في سُجُودُ الشُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجُمُعَةِ وَذِكْرِ خَصَائِصِ يَوْمِهَا]

- ‌[فصل فِي مَبْدَأِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فصل في خَوَاصُّ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَهِيَ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ]

- ‌[فصل في بَيَانُ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي سَاعَةِ الْإِجَابَةِ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خُطَبِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعِيدَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرِهِ وَعِبَادَتِهِ فِيهِ]

- ‌[فصل مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْفَرْضِ]

- ‌[فصل مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةُ التَّطَوُّعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ]

- ‌[فصل في الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فصل مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم عدم الْجَمْعُ رَاكِبًا فِي سَفَرِهِ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَاسْتِمَاعِهِ وَخُشُوعِهِ وَبُكَائِهِ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِيَادَةِ الْمَرْضَى]

- ‌[فصل فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَنَائِزِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَاتِّبَاعِهَا وَدَفْنِهَا]

- ‌[فَصْلٌ في الْإِسْرَاعُ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فصل مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم تَسْجِيَةُ الْمَيِّتِ]

- ‌[فصل أنه صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي عَلَى الْمَدِينِ]

- ‌[فَصْلٌ في الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ في التَّسْلِيمُ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

- ‌[فصل من مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم الصلاة على القبر]

- ‌[فصل مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةُ عَلَى الطِّفْلِ]

- ‌[فَصْلٌ في الصَّلَاةُ عَلَى الْمُنْتَحِرِ وَالْغَالِّ وَالْمَقْتُولِ حَدًّا]

- ‌[فَصْلٌ في أَبْحَاثُ الْمَشْيِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَالْإِسْرَاعِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ في الصَّلَاةُ عَلَى الْغَائِبِ]

- ‌[فَصْلٌ في الْقِيَامُ لِلْجِنَازَةِ]

- ‌[فَصْلٌ في حُكْمُ الدَّفْنِ وَسُنِّيَّةُ اللَّحْدِ]

- ‌[فَصْلٌ في تَعْلِيَةُ الْقُبُورِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا تُتَّخَذُ الْقُبُورُ مَسَاجِدَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ]

- ‌[فَصْلٌ في حُكْمُ التَّعْزِيَةِ وَعَدَمِ الِاجْتِمَاعِ لَهَا]

- ‌[فَصْلٌ في صَلَاةُ الْخَوْفِ]

الفصل: ‌[فصل في قنوت الوتر]

مَجْرَى سُنَّةِ الْمَغْرِبِ مِنَ الْمَغْرِبِ، فَإِنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ، وَالرَّكْعَتَانِ بَعْدَهَا تَكْمِيلٌ لَهَا، فَكَذَلِكَ الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ وِتْرِ اللَّيْلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[فصل في قُنُوتُ الْوِتْرِ]

فَصْلٌ

وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَنَتَ فِي الْوِتْرِ، إِلَّا فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ علي بن ميمون الرقي، حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سفيان، عَنْ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( «كَانَ يُوتِرُ فَيَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ» )

وَقَالَ أحمد فِي رِوَايَةِ ابْنِهِ عبد الله: أَخْتَارُ الْقُنُوتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْقُنُوتِ، إِنَّمَا هُوَ فِي الْفَجْرِ لَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَقُنُوتُ الْوِتْرِ أَخْتَارُهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ، وَلَمْ يَصِحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ شَيْءٌ. وَقَالَ الخلال: أَخْبَرَنِي محمد بن يحيى الكحال، أَنَّهُ قَالَ لأبي عبد الله فِي الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ. فَقَالَ: لَيْسَ يُرْوَى فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ، وَلَكِنْ كَانَ عمر يَقْنُتُ مِنَ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ.

وَقَدْ رَوَى أحمد وَأَهْلُ "السُّنَنِ" مِنْ حَدِيثِ الحسن بن علي رضي الله عنهما قَالَ: ( «عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ» )

ص: 323

زَادَ البيهقي وَالنَّسَائِيُّ: «وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ» ".

وَزَادَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَتِهِ " «وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ» ".

وَزَادَ الحاكم فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" وَقَالَ: ( «عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي وِتْرِي إِذَا رَفَعْتُ رَأْسِي وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا السُّجُودُ» ) . وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" وَلَفْظُهُ: ( «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو» ) .

قَالَ الترمذي: وَفِي الْبَابِ عَنْ علي رضي الله عنه، وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ أبي الحوراء السعدي، واسمه ربيعة بن شيبان، وَلَا نَعْرِفُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا. انْتَهَى.

وَالْقُنُوتُ فِي الْوِتْرِ مَحْفُوظٌ عَنْ عمر، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَالرِّوَايَةُ عَنْهُمْ أَصَحُّ مِنَ الْقُنُوتِ فِي الْفَجْرِ، وَالرِّوَايَةُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قُنُوتِ الْفَجْرِ، أَصَحُّ مِنَ الرِّوَايَةِ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ رَوَى أبو داود وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ وِتْرِهِ: ( «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ

ص: 324

بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» ) . وَهَذَا يَحْتَمِلُ، أَنَّهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهُ وَبَعْدَهُ، وَفِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنِ النَّسَائِيِّ: كَانَ يَقُولُ إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، وَتَبَوَّأَ مَضْجَعَهُ، وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ:( «لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ وَلَوْ حَرَصْتُ» ) .

وَثَبَتَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ، فَلَعَلَّهُ قَالَهُ فِي الصَّلَاةِ وَبَعْدَهَا.

وَذَكَرَ الحاكم فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" مِنْ «حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَوِتْرِهِ: ثُمَّ أَوْتَرَ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي يَوْمَ لِقَائِكَ نُورًا) »

قَالَ كريب: وَسَبَّعَ فِي الْقُنُوتِ، فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ وَلَدِ العباس، فَحَدَّثَنِي بِهِنَّ، فَذَكَرَ "لَحْمِي وَدَمِي، وَعَصَبِي وَشَعْرِي وَبَشَرِي"، وَذَكَرَ خَصْلَتَيْنِ، وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَكَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لمسلم فِي هَذَا الْحَدِيثِ: فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ يَعْنِي صَلَاةَ الصُّبْحِ، وَهُوَ يَقُولُ. . . فَذَكَرَ هَذَا الدُّعَاءَ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَيْضًا:( «وَفِي لِسَانِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي نَفْسِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» )، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ:( «وَاجْعَلْنِي نُورًا» )

ص: 325

وَذَكَرَ أبو داود، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ:( «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ، بِـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] وَ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ، فَإِذَا سَلَّمَ قَالَ: سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، يَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ فِي الثَّالِثَةِ وَيَرْفَعُ» ) وَهَذَا لَفْظُ النَّسَائِيِّ. زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ ( «رَبِّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ» )

وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَقْطَعُ قِرَاءَتَهُ، وَيَقِفُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ فَيَقُولُ:( «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَيَقِفُ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَيَقِفُ: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ» )

«وَذَكَرَ الزُّهْرِيُّ أَنَّ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ آيَةً آيَةً» ، وَهَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ، الْوُقُوفُ عَلَى رُءُوسِ الْآيَاتِ وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِمَا بَعْدَهَا، وَذَهَبَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ إِلَى تَتَبُّعِ الْأَغْرَاضِ وَالْمَقَاصِدِ، وَالْوُقُوفِ عِنْدَ انْتِهَائِهَا، وَاتِّبَاعُ هَدْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسُنَّتِهِ أَوْلَى. وَمِمَّنْ ذَكَرَ ذَلِكَ البيهقي فِي "شُعَبِ الْإِيمَانِ" وَغَيْرُهُ، وَرَجَّحَ الْوُقُوفَ عَلَى رُءُوسِ الْآيِ وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِمَا بَعْدَهَا.

وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُرَتِّلُ السُّورَةَ حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا، وَقَامَ بِآيَةٍ يُرَدِّدُهَا حَتَّى الصَّبَاحِ

ص: 326

وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْأَفْضَلِ مِنَ التَّرْتِيلِ وَقِلَّةِ الْقِرَاءَةِ، أَوِ السُّرْعَةِ مَعَ كَثْرَةِ الْقِرَاءَةِ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ.

فَذَهَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَغَيْرُهُمَا إِلَى أَنَّ التَّرْتِيلَ وَالتَّدَبُّرَ مَعَ قِلَّةِ الْقِرَاءَةِ أَفْضَلُ مِنْ سُرْعَةِ الْقِرَاءَةِ مَعَ كَثْرَتِهَا.

وَاحْتَجَّ أَرْبَابُ هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْقِرَاءَةِ فَهْمُهُ وَتَدَبُّرُهُ، وَالْفِقْهُ فِيهِ وَالْعَمَلُ بِهِ، وَتِلَاوَتُهُ وَحِفْظُهُ وَسِيلَةٌ إِلَى مَعَانِيهِ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ:(نَزَلَ الْقُرْآنُ لِيُعْمَلَ بِهِ، فَاتَّخَذُوا تِلَاوَتَهُ عَمَلًا) وَلِهَذَا كَانَ أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمُ الْعَالِمُونَ بِهِ، وَالْعَامِلُونَ بِمَا فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْفَظُوهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ.

وَأَمَّا مَنْ حَفِظَهُ وَلَمْ يَفْهَمْهُ وَلَمْ يَعْمَلْ بِمَا فِيهِ، فَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَإِنْ أَقَامَ حُرُوفَهُ إِقَامَةَ السَّهْمِ.

قَالُوا: وَلِأَنَّ الْإِيمَانَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ، وَفَهْمُ الْقُرْآنِ وَتَدَبُّرُهُ هُوَ الَّذِي يُثْمِرُ الْإِيمَانَ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ التِّلَاوَةِ مِنْ غَيْرِ فَهْمٍ وَلَا تَدَبُّرٍ، فَيَفْعَلُهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، وَالْمُؤْمِنُ وَالْمُنَافِقُ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:( «وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا مُرٌّ» )

وَالنَّاسُ فِي هَذَا أَرْبَعُ طَبَقَاتٍ: أَهْلُ الْقُرْآنِ وَالْإِيمَانِ، وَهُمْ أَفْضَلُ النَّاسِ. وَالثَّانِيَةُ: مَنْ عَدِمَ الْقُرْآنَ وَالْإِيمَانَ. الثَّالِثَةُ: مَنْ أُوتِيَ قُرْآنًا، وَلَمْ يُؤْتَ إِيمَانًا، الرَّابِعَةُ: مَنْ أُوتِيَ إِيمَانًا وَلَمْ يُؤْتَ قُرْآنًا.

قَالُوا: فَكَمَا أَنَّ مَنْ أُوتِيَ إِيمَانًا بِلَا قُرْآنٍ أَفْضَلُ مِمَّنْ أُوتِيَ قُرْآنًا بِلَا

ص: 327

إِيمَانٍ، فَكَذَلِكَ مَنْ أُوتِيَ تَدَبُّرًا، وَفَهْمًا فِي التِّلَاوَةِ أَفْضَلُ مِمَّنْ أُوتِيَ كَثْرَةَ قِرَاءَةٍ وَسُرْعَتَهَا بِلَا تَدَبُّرٍ.

قَالُوا: وَهَذَا هَدْيُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ كَانَ يُرَتِّلُ السُّورَةَ حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا، وَقَامَ بِآيَةٍ حَتَّى الصَّبَاحِ.

وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله: كَثْرَةُ الْقِرَاءَةِ أَفَضْلُ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ: الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ» ) . رَوَاهُ الترمذي وَصَحَّحَهُ.

قَالُوا: وَلِأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ، وَذَكَرُوا آثَارًا عَنْ كَثِيرٍ مِنَ السَّلَفِ فِي كَثْرَةِ الْقِرَاءَةِ.

وَالصَّوَابُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ ثَوَابَ قِرَاءَةِ التَّرْتِيلِ وَالتَّدَبُّرِ أَجَلُّ وَأَرْفَعُ قَدَرًا، وَثَوَابَ كَثْرَةِ الْقِرَاءَةِ أَكْثَرُ عَدَدًا، فَالْأَوَّلُ: كَمَنْ تَصَدَّقَ بِجَوْهَرَةٍ عَظِيمَةٍ، أَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا قِيمَتُهُ نَفِيسَةٌ جِدًّا، وَالثَّانِي: كَمَنْ تَصَدَّقَ بِعَدَدٍ كَثِيرٍ مِنَ الدَّرَاهِمِ، أَوْ أَعْتَقَ عَدَدًا مِنَ الْعَبِيدِ قِيمَتُهُمْ رَخِيصَةٌ.

وَفِي "صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " عَنْ قتادة قَالَ: «سَأَلْتُ أنسا عَنْ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: (كَانَ يَمُدُّ مَدًّا) »

وَقَالَ شعبة: حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي رَجُلٌ سَرِيعُ الْقِرَاءَةِ، وَرُبَّمَا قَرَأْتُ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:(لَأَنْ أَقْرَأَ سُورَةً وَاحِدَةً أَعْجَبُ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ الَّذِي تَفْعَلُ، فَإِنْ كُنْتَ فَاعِلًا وَلَا بُدَّ، فَاقْرَأْ قِرَاءَةً تُسْمِعُ أُذُنَيْكَ، وَيَعِيهَا قَلْبُكَ)

ص: 328

وَقَالَ إبراهيم: قَرَأَ علقمة عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ، فَقَالَ: رَتِّلْ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، فَإِنَّهُ زَيْنُ الْقُرْآنِ.

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: (لَا تَهُذُّوا الْقُرْآنَ هَذَّ الشِّعْرِ، وَلَا تَنْثُرُوهُ نَثْرَ الدَّقَلِ، وَقِفُوا عِنْدَ عَجَائِبِهِ، وَحَرِّكُوا بِهِ الْقُلُوبَ، وَلَا يَكُنْ هَمُّ أَحَدِكُمْ آخِرَ السُّورَةِ)

وَقَالَ عبد الله أَيْضًا: (إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 104] فَأَصْغِ لَهَا سَمْعَكَ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ تُؤْمَرُ بِهِ، أَوْ شَرٌّ تُصْرَفُ عَنْهُ) .

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى: دَخَلَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ وَأَنَا أَقْرَأُ (سُورَةَ هُودٍ) فَقَالَتْ: يَا عبد الرحمن: هَكَذَا تَقْرَأُ سُورَةَ هُودٍ؟! وَاللَّهِ إِنِّي فِيهَا مُنْذُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَمَا فَرَغْتُ مِنْ قِرَاءَتِهَا.

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ تَارَةً، وَيَجْهَرُ بِهَا تَارَةً، وَيُطِيلُ الْقِيَامَ تَارَةً، وَيُخَفِّفُهُ تَارَةً، وَيُوتِرُ آخِرَ اللَّيْلِ - وَهُوَ الْأَكْثَرُ - وَأَوَّلَهُ تَارَةً، وَأَوْسَطَهُ تَارَةً.

وَكَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ قِبَلَ أَيِّ جِهَةٍ تَوَجَّهَتْ بِهِ، فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ عَلَيْهَا إِيمَاءً، وَيَجْعَلُ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ، وَقَدْ رَوَى أحمد وأبو داود عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:( «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رَاحِلَتِهِ تَطَوُّعًا، اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَكَبَّرَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ خَلَّى عَنْ رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ صَلَّى أَيْنَمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ» ) . فَاخْتَلَفَ الرُّوَاةُ عَنْ أحمد: هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إِذَا قَدَرَ عَلَيْهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ: فَإِنْ أَمْكَنَهُ الِاسْتِدَارَةُ إِلَى الْقِبْلَةِ فِي صَلَاتِهِ كُلِّهَا مِثْلَ أَنْ يَكُونَ فِي مَحْمِلٍ أَوْ عِمَارِيَّةٍ وَنَحْوِهَا، فَهَلْ يَلْزَمُهُ، أَوْ

ص: 329