الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل من مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم الصلاة على القبر]
فَصْلٌ
وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم ( «إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ» ) ، فَصَلَّى مَرَّةً عَلَى قَبْرٍ بَعْدَ لَيْلَةٍ، وَمَرَّةً بَعْدَ ثَلَاثٍ، وَمَرَّةً بَعْدَ شَهْرٍ، وَلَمْ يُوَقِّتْ فِي ذَلِكَ وَقْتًا.
قَالَ أحمد رحمه الله: مَنْ يَشُكُّ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ؟ ! وَيُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ الْجِنَازَةُ صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ مِنْ سِتَّةِ أَوْجُهٍ، كُلُّهَا حِسَانٌ، فَحَدَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الصَّلَاةَ عَلَى الْقَبْرِ بِشَهْرٍ، إِذْ هُوَ أَكْثَرُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى بَعْدَهُ، وَحَدَّهُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله بِمَا إِذَا لَمْ يَبْلَ الْمَيِّتُ، وَمَنَعَ مِنْهَا مالك وأبو حنيفة رَحِمَهُمَا اللَّهُ إِلَّا لِلْوَلِيِّ إِذَا كَانَ غَائِبًا.
وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَوَسَطَ الْمَرْأَةِ.
[فصل مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةُ عَلَى الطِّفْلِ]
فَصْلٌ
وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةُ عَلَى الطِّفْلِ، فَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ( «الطِّفْلُ يُصَلَّى
عَلَيْهِ» ) .
وَفِي " سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ " مَرْفُوعًا: ( «صَلُّوا عَلَى أَطْفَالِكُمْ، فَإِنَّهُمْ مِنْ أَفْرَاطِكُمْ» ) .
قَالَ أحمد بن أبي عبدة: سَأَلْتُ أحمد: مَتَى يَجِبُ أَنْ يُصَلَّى عَلَى السَّقْطِ؟ قَالَ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، لِأَنَّهُ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ.
قُلْتُ: فَحَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: ( «الطِّفْلُ يُصَلَّى عَلَيْهِ» ) ؟ قَالَ: صَحِيحٌ مَرْفُوعٌ، قُلْتُ: لَيْسَ فِي هَذَا بَيَانُ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَلَا غَيْرِهَا؟ قَالَ: قَدْ قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ابْنِهِ إبراهيم يَوْمَ مَاتَ؟ قِيلَ: قَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَرَوَى أبو داود فِي " سُنَنِهِ " عَنْ عائشة رضي الله عنها قَالَتْ:( «مَاتَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» )
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عمرة، عَنْ عائشة. . . فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ أحمد فِي رِوَايَةِ حنبل: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ جِدًّا، وَوَهَّى ابْنَ إِسْحَاقَ.
وَقَالَ الخلال: وَقُرِئَ عَلَى عبد الله: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا إسرائيل، قَالَ: حَدَّثَنَا جابر الجعفي، عَنْ عامر، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ:( «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا» ) .
وَذَكَرَ أبو داود عَنِ البهي، قَالَ:( «لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَقَاعِدِ» ) . وَهُوَ مُرْسَلٌ، والبهي اسْمُهُ عبد الله بن يسار كُوفِيٌّ.
وَذَكَرَ «عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ لَيْلَةً» . وَهَذَا مُرْسَلٌ وَهِمَ فِيهِ عطاء، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ تَجَاوَزَ السَّنَةَ.
فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَمَنَعَ صِحَّةَ حَدِيثِ عائشة، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: قَالُوا: وَهَذِهِ الْمَرَاسِيلُ، مَعَ حَدِيثِ البراء، يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَمِنْهُمْ مَنْ ضَعَّفَ حَدِيثَ البراء بجابر الجعفي، وَضَعَّفَ هَذِهِ الْمَرَاسِيلَ، وَقَالَ: حَدِيثُ ابْنِ إِسْحَاقَ أَصَحُّ مِنْهَا.
ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فِي السَّبَبِ الَّذِي لِأَجْلِهِ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: اسْتَغْنَى بِبُنُوَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قُرْبَةِ الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ شَفَاعَةٌ لَهُ، كَمَا اسْتَغْنَى الشَّهِيدُ بِشَهَادَتِهِ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: إِنَّهُ مَاتَ يَوْمَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَاشْتَغَلَ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ.