الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب العجائب
القاص وعاشق أيضاً فضحك فقلت له ما هذا؟ قال هو ما ترى وجه به صاحب اليمن إلى أمير المؤمنين، وما رآه بعد وكتب كتاباً لم أفضضه وأظن أنه في شأنه وحاله، وقد ذكر أن الهدهد يصر الماء تحت الارض وذكر ابن أبي حجله أن في بحر المغرب جبلاً وفيه كنيسة مشروط على من بها من الرهبان ضيافة الزوار في أعلاها قبة كبيرة وعليها غراب لا يبرح ولا يدري من أين يأكل؟ فإذا قدم الزوار أدخل رأسه في روزنة بأعلى القبة وصاح بِعددهم فإن كان واحداً صاح مرة وإن كانوا أكثر صاح بعددهم.
- وذكر ابن أبي حجلة: أن جبل الطير بصعيد مصر مطل على النيل فيه أعجوبة باقية وذلك أنه إذا كان آخر فصل الربيع قدم إليه في يوم معلوم طيور كثيرة بلق سود الأعناق مطوقات الحواصل سُودُ أطرافِ الأجنحةِ في زعاقها بحاجة يقال له: البح لها صياح يَسُدُّ الآفاق تقصد مكاناً في ذلك الجبل فيفرد منها طائِرٌ واحد فيضرب بنقاره في مكان مخصوص في شعب من الجبل عالٍ لا يمكن الوصول إليه فإن علق تفرقت الطيور عنه وإن لم يعلق يقدم غيره، وهكذا واحد بعد واحد إلى أن يعلق منهم واحد فيبقى مُعَلَّقاً بمنقاره حتى يموت فيضمحل إلى العام القابل ويسقط فتاتي الطيور على عادتها في السنة القابلة فتعمل ذلك.
وحكى بعضهم أنه رأى في بعض السنين طيراً تعلق بمنقاره وتفرقت عنه الطيور ثم اضطرب اضطراباً شديداً وأطلق نفسه والتحق بالطيور فدارت عليه وجعلت تنقره بمناقيرها إلى أن عاد وتعلق بمنقاره في ذلك الموضع.
وقيل إنه إذا كان سنة الجدب لم يعلق شَيْءٌ منها، وسنة الخصب يعلق الواحد والإثنان والثلاثة.
- ومن العجائب: مقياس نيل مصر وكان بعض الكهان عمل عليه بركة من نحاس عليها عقابان ذكر وأنثى، فإذا كان في أول شهر يزيد فيه بصفر أحد العقابين فإن كان الذكر كان الماء عالياً وإن كان الأنثى كان الماء ناقصاً.
ومن العجائب: مرآة منارة الإسكندرية التي كان يرى فيها بلاد الفرنج وترى القسطنطينية حتى كسرت من قريب.
وذكر ابن أبي حجلة أن بعض الكهان عمل مرآة من المعادن السبعه ينظر منها إلى الأقاليم السبعه فيعرف ما أَخْصَب منها وما أجدب وما حدث فيها من الحوادث، وعمل في وسطها صورة امرأة جالسه في حجرها صبي كأنها ترضعه فأي امرأة أصابها وجه في جسمها مسحت ذلك الموضع مِنْ جسد تلك المرأة فتبرأ من ساعتها.
ومن العجائب بركة طبرية وحمامها والأسرار التي فيها من الحرارة المحرقه وبعض البيض. وَبُرْءِ من دخله من صاحب علة وصخرة في وسط البركة فيها بيت نمل.
وذكر ابن رجب وغيره أن بين الهند والصين بطةمن نحاس على عمود من نحاس إذا كان يوم عاشوراء مدت منقارها فيفيض منه ما يكفيهم لزرعهم ومواشيهم إلى العام المقبل.
وذكر القزويني في عجائب المخلوقات عن بعض فقهاء الموصل أنه شَاهَدَ في الأكراد المحمدية إنساناً طوله تسعة أذراع وهو بعد صبي ما بلغ الحلم، وكان يأخذ بيده الرجل القوي ويرميه خلف ظهره، قلت وأمر عوج بن عنق مشهور.
وذكر عن الشافعي أنه قال: دخلت بلدة من بلاد اليمن فرأيت بها إنساناً من وسطه إلى أسفله بدن امرأة ومن وسطه إلى فوق بدنان متفرقان بأربع أَيْدٍ ورأسين ووجهين وهما يتقاتلان ويتلاطمان ويصطلحان ويأكلان ويشربان ثم غبت عنهما سنتين ورجعت قيل لي أحسن الله عزاءك في أحد الجسدين توفى وربط من أسفله بحبل وثيق وترك حتى ذبل ثم قطع فعهدي بالجسد الآخر في السوق ذاهباً وجائياً، ورأينا من الغنم ما له أربعة قرون وخمسة وستة وثمانية.
ورأينا غنماً بإليتين وجمالاً بسنامين ورأينا ديكاً بقرن.
وذكر في عجائب المخلوقات أنه أهدى إلى الفرج بن منصور الساماني قرش له قرنان ظاهران، وثعلب له جناحان من ريش إذا قرب النسان منه فَرشهما وإذا بعد ألصقهما، ودجاجة بأربعة أرجل.
وحكى أن بالهند ورد مكتوب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وذكر محمد بن علي الأنصاري أنه رأى بنهاوند ورداً أصفر في الوردة ألف ورقة.
قلت وقد كان عندي وردة صفراء بها ما يقارب الوردة خمسمائة ورقة وأكثر.
وذكر ابن فضل الله أنه رأى وردة نصفها أحمر ونصفها أصفر حتى أن القسمة ربما وقعت في الورقة الواحدة.
ودير الزرازير وأمره عجب وذلك أن برومية ديراً في يوم في السنة يقصده
كل زرزور في الدنيا ومع كل واحد ثلاث زيتونات واحدة في منقارة واثنتان في رجليه فيلقيهما فيه فيجمع ذلك ويعصر. فيكفيهم لأكلهم وسرجهم إلى العام الآتي.
ودير الخنافس بأرض الموصل في ليلة من السنة تجتمع فيه كل خنافس الدنيا فإذا طلع النهار لم يوجد له أثر.
ومن العجائب القيافة حتى أن بعض العرب سرقت نخلهم فعرفوا رِجْلَ من سرقها ثم سرقت ثانياً وطمست موضع الرجل فعرفوا أثر يده في الشمراخ وهذا أمر مشهور.
وعجائب المخلوقات كثيرة وإنما ذكرنا منها للتفكير والاتعاظ، ومن تفكر في خلق السموات والأرض والجبال شاهد من ذلك مافيه كفاية والله الموفق.
تم والحمد لله وحده
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وفرغ منه مؤلفه وجامعه:
يوسف بن حسن بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي يوم الأربعاء ثاني عشر من شهر
جمادي الآخرة سنة سبع وسبعين وثمان مائة
والحمد لله وحده
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم